معاذ العروجي: الـتدخل فــي الـحـجـز -دراسة مقارنة- (مؤلف حديث)

المغرب/ وجدة

يستعرض هذه المؤلف الموسوم بِ :” التدخل في الحجز” (دراسة مقارنة) لمؤلفه معاذ العروجي بالتفصيل نظام تعدد الحجوز التنفيذية على ذات المال ( عقارا أو منقولا ). فالحجز التنفيذي معلوم أنه يندرج ضمن وسائل التنفيذ الجبري الذي تجريه السلطة العامة تحت إشراف القضاء بناء على طلب الحاجز التنفيذي الأول بلغة الأرقام؛ و الذي يكون مستوف لشروط خاصة حتى يتسنى له استيفاء حقه الثابت في السند من المدين قهرا.

إلا أن مدينه هذا قد يكون مدين بديون أخرى عالقة بذمته، و لدائنيه طلب الحصول عليها و استخلاصها عملا بقاعدة أموال المدين ضمان عام لدائنيه؛ فنكون بصدد تعدد على مستوى الدائنين الحاجزين التنفيذيين، الأمر الذي يسقونا لطرح تساؤل مؤداه؟ كيف السبيل للحجز تنفيذيا على مال سبق الحجز تنفيذيا عليه ؟لا يخفى أن الفقه الإجرائي تسوده قاعدة مسطرية مفادها” الحجز على الحجز لا يجوز” ؛ “Saisie sur saisie ne vaut”.

غير أن المقصود منها ليس هو توقيع حجز تنفيذي يمنع من توقيع حجز تنفيذي آخر؛ و إنما تعني أنه لا يجوز تعدد إجراءات الحجز التنفيذي على نفس المال؛ بمعنى أدق إذا تعدد الحاجزون فإن الإجراءات لا يباشرها إلا حاجزا واحدا؛ و يكون تدخل باقي الدائنين في إجراءات الحجز كافيا لحماية مصالحهم طبقا للفصل 466 من ق م م، الذي يتيح أيضا مراقبة الإجراءات و طلب متابعتها إن لم يقم بذلك الحاجز الأول متى تباطىء أو تواطىء أو تنازل عن حجزه التنفيذي القائم .

ما يجعل موضوع التدخل في الحجز يحظى بأهمية بالغة و مكانة قصوى سواء من الناحية الاقتصادية أو الاجتماعية إذ أن تمكين صاحب الحق من حقوقه هو أسمى تجليات العدالة التي يَنشدها القانون و معه كل من يخدم العدالة .

و لعل ما يتوجب علينا الآن هو بسط إشكالية هذا البحث و المتمثلة في التساؤل عن: مدى كفاية التنظيم التشريعي الحالي لإجراء التدخل في الحجز التنفيذي من أجل ضمان التوازن في مراكز الحاجزين سواء بين من باشر إجراءات الحجز أو الحاجز الثاني اللاحق المغتنم للحجز التنفيذي القائم؟

لمقاربة هذه الاشكالية يستوجب طرح التساؤلات الاتية: كيف يسمح المشرع بتوقيع حجز ثان على مال سبق مباشرة حجز تنفيذي عليه ؟ ما الأساس التشريعي لإجراء التدخل في الحجز التنفيذي؟ ما شروط و اجراءات هذا التدخل في الحجز ؟ ما الاثار الناجمة عن التدخل في الحجز على مستوى دفتر التحملات و الإعلان عن المزاد العلني و تلقي العروض و السمسرة ؟.

الأمر الذي اقتضى من المؤلف تبيان المفاهيم التي يرتكز عليها التدخل في الحجز و أساسه التشريعي و الفني، ناهيك عن فرزه عن النظم التي تشتَبه به في المعنى لكن مع اختلاف في الأثر كالتعرض على الحجز الذي يعد تدخلا في التوزيع، لا في إجراءات الحجز، ناهيك عن توضيح حالة ضم الحجوز بدل التدخل في الحجز متى اختلف محل الحجزين التنفيذين الواقعين على نفس أموال المدين؛ بالاضافة إلى وضع حد فاصل للتدخل في الحجز عن الحلول في الحجز، و ذلك حتى يتم رفع الغموض و اللبس عن هذه النظم التي تتشابه دون أن تكون هي نفسها، فلا يقع خلط و مزج بينهم نظرا للتقارب في الغاية و الاختلاف في المعنى و الأثر .

إلى جانب كشف معالم التيار القائل أن التدخل على وجه التعرض هو صورة من صور الحجز لدى الغير؛ و الغير هنا كتابة الضبط؛ و هو ما تطلب بسط هذه الرؤى بالتحليل.

و بعد تمييز النظم التي تقترب منه خضت في شروط تحقق تعدد الحجوز التنفيذية التي تختلف عن شروط الحجز التنفيذي الأول؛ فإذا كان الحجز عامة يتطلب التوفر على سند فالحاجز الثاني إلى جانب ذلك يلزمه وُجوب وُجود حجز سابق إلى جانب استغراقه كل أموال المحجوز عليه و إلا اقترب من مباشرة حجز مستقل و الذي قد يخول سلوك إجراء ضم الحجوز أكثر منه التدخل في الحجز؛ إذ تتوفر شروط ضم الحجوز أكثر منه شروط التدخل في الحجز .

ثم تناول المؤلف إجراءات التدخل في الحجز و الجهة المتاحة لها ذلك مع لفت الانتباه إلى كيف يتصرف المحافظ العقاري الذي يمنع عليه تقييد أي حجز بعد الحجز التنفيذي الأول، مع الاشارة لكل ما تطرحه هذه الاشكاليات عبر اظهار مكامن النقص و القصور التي تعتري هذه الاجراءات عبر تخصيص مطلب بأكمله لهذه الأوجه انطلاقا من العلاقة بين هذه الحجوز المتعددة و المتعاصرة .

ليخوص في الفصل الثاني غِمار آثار هذا التدخل بدءا بتوحيد طلبات مباشرة إجراءات البيع ثم توحيد إجراءات إعداد دفتر التحملات ثم توحيد الاعلان عن يوم البيع مع توحيد مكان البيع، فتوحيد إجراءات السمسرة .

لتأتي اجراءات التوزيع بين هؤلاء الدائنين الذي سبق أن قدموا سنداتهم و قد يظهر متدخلين آخرين في إجراءات التوزيع فنكون بصدد تدخل في إجراءات الحجز التنفيذي و ما يرافقها من عمليات، ثم تدخل في إجراءات التوزيع ؛ ما يجعل المؤلف يتسائل عن الحد أو السقف الذي نميز فيه بين كل صنف من هؤلاء الدائنين؛ لما في كشف ذلك من آثار مهمه أبرزها ظهور دائن ممتاز يبتغي حقه بالاولوية بدل دائن باشر و حول المال إلى نقود عبر سلوك إجراءات عديدة حتى بيع المال فيباغت بأن هناك من سينال نصيبه بيسر و سلاسلة بينما الحاجز الاول غير الممتاز نال التعب و التحضير للبيع فقط؛ الأمر الذي تطلب الوقوف عند هذا الحيف قصد ابراز معالمه و الحد منه .

لتخلص الدراسة في الأخير لوضع اقتراحات و أفكار قد تكون من شأنها فتح النقاش و المجال أمام الباحثين في موضوع قل و نَدر الخوض فيه.