حكيم وردي: كأس من VAR
حكيم وردي : باحث قانوني
تسعف القراءة السريعة لقوانين الجمعية الدولية لكرة القدم ( IFAB) كما تم تعديلها سنتي 2019/ 2018 ومدونة السلوك التي وضعتها الفيدرالية الدولية لكرة القدم (فيفا ) على القول بتوافر أسانيد قانونية قوية تسمح على الأقل بإعادة مباراة الوداد والترجي، هذا إن لم يسفر التحقيق المجرى عقب دعوى مرفوعة عن إثبات تلقي الحكام ( بمن فيهم الحكام المساعد المكلف بالفيديو ) لرشاوى على النحو الذي يستتبع إلغاء نتيجة المباراة ومنح اللقب للوداد ( المواد 10 و27 و 66 من مدونة السلوك الصادرة عن الفيفيا طبعة 2017 )، وتحريك الدعوى العمومية.
وبعيدا عن منطق الهواية يتعين على الجهاز المسير أن يبادر في أقرب وقت إلى استشارة مكتب دولي للمحاماة مختص وممارس للقوانين الموضوعية والإجرائية المؤطرة لكرة القدم ومطلع على السوابق القضائية الصادرة عن الهيئات المختصة ( اللجنة التأديبية، محكمة التحكيم الرياضية TAS) قادر على ضمان سلوك المساطر الكفيلة على الأقل بإعادة المباراة مادام أنه أمام فداحة الضرر لا يتصور تعويضا له الاكتفاء باستصدار قرار توقيف غاساما ومن معهأوتدبيج بيانات الاستنكار.
وبصرف النظر على الوثائق الرسمية للمباراة ( تقارير الحكام الستة عند الاقتضاء: الرسمي، المساعدين، الرابع،حكم تسجيل التحفظات، وحكم الفيديو، والسجل الممسوك من طرف الحكم المكلف بتقنية الفار)التي قد يتم الضغط في اتجاه تحريف مضمونها لينسجم والنتيجة المعلن عنها بالأمس فإن مبدأ حرية الاثبات ( المادة 96 من مدونة السلوك/الفيفا ) يستوجب منذ الآن تجميع كل المستندات ( وثائق مكتوبة أو صور أو تسجيلات سمعية بصرية أو شهادة الشهود، خبرات التصريح الرسمي باعتماد تقنية على فيديو الفار ) كفيلة بإثبات التوقيف النهائي للمباراة قبل اختتام وقتها القانوني لضمان إمكانية إعادتها.( الفقرة 5 من القانون رقم 07 ).
فالثابت أن الوداد لم يخسر المباراة بشكل جزافي ( فورفي ) حتى ولو اعتبر الحكم أن لاعبيه امتنعوا عن مواصلة اللعب مادامت النتيجة التي بقيت مسجلة إلى حين الإعلان عن النهاية هي 1-0 وليست 3-0 التي تعتبر العقوبة المنصوص عليها في المادة 31 من مدونة السلوك عند اعلان هزيمة الفريق بشكل ج3افي ( فورفي).
والثابت أيضا أن لاعبي فريق الوداد احترموا الإجراءات المنصوص عليها في برتكول المباديء، المقتضيات العملية والمساطر الخاصة بتقنية الفار و التعديلات المدخلة على القانون رقم 01 الخاص بالملعب بموجب الفقرات 14 والفقرة 4 من القانون رقم 05 وما يليها المتعلقة جميعها بالاستعانة بالفيديو عند التحكيم حيث احتج عميد الفريق ومعه باقي اللاعبين مطالبين باللجوء إلى الفار وأنه لا دليل على أنهم غادرو الملعب رفضا لمواصلة اللعب، وأن كل ما قاموا به هو تعليق مواصلة اللعب على شرط استكمال إجراءات تقنية الفار.ليفاجأ الجميع بالحكم يعلن عن النهاية بفوز الترجي.
وإذا كانت إحدى المبادئ الأساسية لقوانين كرة القدم ( لاسيما القانون 05 ) أن يقع احترام قرارات الحكم حتى عند خطئها وقت المباراة، فإن الضغوط الشديدة التي مورست على كاساما والرغبة في تتويج المضيف ربما خشية الانفلاتات الأمنية المحتملة أو لأسباب حتما ستتبدى عند البحت كلها عوامل أوقعته في أخطاء قاتلة، وخروقات جيمة لقوانين الكرة دوليا ليس أقلها خرقه واضطرابه إزاء المقتضيات القانونية المنظمة لتقنية الفار ولاسيما البرتكول المحدد للمساطر والمقتضيات الخاصةخصوصا وأنه أعطى الإشارة بوضع يده على أدنه إيدانا ببدء تواصله مع الحكم المساعد المكلف بالفار دون أن يواصل الإجراءات التي يلزمه بها القانون وهي مشاهدة وتحليل الفيديو لاستخلاص النتيجة الصحيحة، وأنه إذا صح ما أشيع من كونه أشعر بكون الفار أصابه عطب فقد كان عليه طبقا للفقرة 7 من المادة 5 أن يعلن توقيف المباراة بشكل نهائي على أساس أن اعتماد الفار في المباراة يكون بترخيص كتابي من الفيفا والجامعة الدولية لكرة القدم ( المادة 4 من القانون 05 ) بعد استيفاء الشروط التقنية المتطلبة من طرف منظم المباراة لاعتماد هذه التقنية، مما يجلعه من ضمن التجهيزات الأساسية للملعب التي متى اختلت معاييرها التقنية دخلت في مجال المسؤوليات الأساسية للحكم للقولبتوقيفها.وبالتالي إعادتها في وقت لا حق.
وإذن فحتى لو كان البروتكول والمساطر العملية لتقنية الفار يجعل اللجوء إليه اختياريا ومكملا وليس إلزاميا، وأنه لا يمكن اعتماده بشكل قاطع لإلغاء قرار حكم نهائي أو لرفض نتيجة مباراة، فإن القول بوجوب إعادة مباراة الأمس يالتأسس على كون التسليم بالطابع الاختياري للفار من طرف الحكم لا يمنع عند تقرير الاستعانة به والوقوف على اصابته بعطب أن يتم إعلان توقيف المباراة في انتظار إعادتها من جديد بدقائقها التسعين ودونما اعتبار للنتيجة المسجلة. وهو ما سارت عليه العديد من اللوائح والقوانين المنظمة للمباريات والدوريات.
على أنه ينبغي أن يظل مستبعدا لاعتبارات قانونية وأخلاقية صرفة أن تكون الكونفدرالية الافريقية لكرة الجهة المختصة للبت في دعوى الإلغاء المنتظرة، وأنه وحده التحقيق المعمق من طرف لجنة التأديب بالفيفا كفيل بترتيب الأثر القانوني على اضطرابات غاساما وتوقيفه النهائي للمباراة قبل انتهاء مدتها القانونية المنصوص عليه في الفقرة 5 من القانون رقم 07 الصادر عن الفيفا والقول بوجوب إعادتها.
وقبل هذا وذاك ماذا لو التزم فريق الترجي بشرف اللعبة، ورفض انتصارا مكللا بالعار وأعطاب الVAR مضمخا بالفضيحة.
وأعلن استعداده لإعادة المباراة دون انتظار إرغامه على ذلك بقرار قضائي قد تطول مساطر استصداره وقد تتشعب ولكنه حتما سيعيد لكرة القدم الإفريقية رشدها المفقود في مباراة الأمس. وإلى حين ذلك سيحتفظ تاريخ القدم لفريق الترجي بيوم فاتح يونيو 2019ذكرى كأس مسروقة يخنق برائحته النتنة خزانته الكروية.