مجلة مغرب القانونالقانون العاميوسف اديب: الرقابة على قرارات نقل الموظف العمومي أمام قاضي الإلغاء

يوسف اديب: الرقابة على قرارات نقل الموظف العمومي أمام قاضي الإلغاء

يوسف اديب دكتور في القانون العام جامعة مولاي إسماعيل، بمكناس


 مقدمة:

 لقد تضمن الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 بمثابة النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية كما تم تغييره وتتميمه[1]، مجموعة من المقتضيات تم بموجبها توسيع مجال حركية الموظفين بين الإدارات العمومية والجماعات الترابية، وذلك من خلال مجموعة من الآليات، منها نقل الموظفين[2]. وتعتبر الفصول 38 مكرر و38 مكرر مرتين و64 من النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية، ومرسوم رقم 2.13.436  الصادر في 5 أغسطس 2015 بتحديد كيفية تطبيق الفصل 38 المكرر من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 24 فبراير 1958 في شأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المتعلق بنقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الإدارات[3]، بمثابة الإطار الأساسي المنظم لحركية الموظفين العموميين بناء على آلية النقل.

 ويتضح من خلال المقتضيات أعلاه، أن المشرع جعل من قاعدة النقل الأساس الذي يقوم عليه نظام الحركية وإعادة الانتشار، حيث يمكن نقل الموظف إما بناء على طلبه، وإما بشكل تلقائي بمبادرة من الإدارة عندما تقتضي حاجيات المصلحة ذلك،[4] كما يمكن نقل الموظف تلقائيا في حالة تحويل مصالح من إدارة عمومية إلى أخرى أو في حالة لا تركيز أو لامركزية إحدى المصالح الإدارية.

تبعا لذلك، يمكن اعتبار نقل الموظف[5] حقا وواجبا، فهو حق مقيد للموظف إن بني على طلبه، وواجب عليه إن كان تلقائيا من طرف الإدارة وللمصلحة العامة، وفي كلتا الحالتين، فإن الآثار المترتبة عن رفض طلب النقل أو رفض الموظف نقله بمبادرة من الإدارة، خاصة على مستوى وضعه الاجتماعي أو الاقتصادي أو الصحي…، إذ يمكن أن يؤدي ذلك إلى انصراف الوضع إلى مستوى التظلم الإداري، وقد يتعداه إلى مرحلة المنازعة القضائية في قرار رفض النقل أو القرار القاضي بالنقل.

وبما أن القرارات المتعلقة بنقل الموظف تعتبر قرارات إدارية، فإنها تخضع على غرار باقي القرارات الإدارية للطعن بالإلغاء بسبب تجاوز السلطة. فالبديهي في إطار رقابة قاضي الإلغاء على قرارات الإدارة المتعلقة بنقل الموظف، إما في ظل الحركية وإعادة الانتشار أو حتى في حالة الرفض بناء على طلبه، إن تبين له أن القرار موضوع الطعن يتسم بعيب من عيوب المشروعية، فإنه يقضي بإلغائه مع ترتيب الآثار القانونية.[6]

لكن، وبعلة انصراف القرارات الإدارية أعلاه إلى قائمة القرارات التي تدخل ضمن السلطة التقديرية، أي من ضمن الاختصاصات التي ترك القانون تقديرها للإدارة، تمارسه متى شاءت وتمتنع عن ممارسته متى أرادت، وذلك في حدود المصلحة العامة طبعا، فإن الطعن بالإلغاء في قرارات نقل الموظف ممن يختص قضاء الإلغاء بالبت في طلباتهم، فإنه شكل في سياق ذلك، موضوع اجتهادات قضائية وآراء فقهية مختلفة في شأن إمكانية قبول طلبات إلغاء قرارات النقل، وحدود رقابة القضاء الإداري عليها.[7]

وبما أن نقل الموظف العمومي يعتبر إحدى المظاهر الجوهرية للسلطة التي تتمتع بها الإدارة، باعتباره وسيلة أساسية لتحقيق المصلحة العامة وضمان السير المنتظم للمرفق العام. وتستمد الإدارة هذه السلطة من صلاحياتها الإدارية التي تخول لها إعادة توزيع مواردها البشرية وفق ما تقتضيه حاجات العمل، وبما يكفل استمرارية تقديم الخدمات العمومية.

ومع ذلك، فإن موضوع النقل يظل من القضايا الإدارية الشائكة، إذ تتمتع الإدارة فيه بسلطة تقديرية واسعة قد تفتح المجال للتعسف في استعمال هذه السلطة، كأن يستعمل النقل لتحقيق غايات غير تلك التي خصص لها، أو بدوافع شخصية أو انتقامية. وقد تلجأ الإدارة، في بعض الحالات، إلى تبرير قراراتها بذرائع المصلحة العامة للمرفق العمومي، في حين يكون الهدف الحقيقي مخالفا لذلك، مما قد يعقد إمكانية إخضاع القرار لرقابة القضاء الإداري. ومن ثم، تبرز الحاجة الملحة إلى إيجاد توازن بين السلطة التقديرية للإدارة وحقوق الموظف، بما يضمن أن يكون النقل مؤسسا على أسباب مهنية مشروعة، بعيدا عن أي اعتبارات غير قانونية أو مساس بمبدأ المشروعية وحماية الحقوق الفردية.

وفي هذا الإطار، يتبين أن لقاضي الإلغاء دور بارز في بسط رقابته على قرارات نقل الموظفين العموميين، ساعيا إلى إيجاد حلول وابتكار نظريات تمكنه من ممارسة هذه الرقابة حتى في ظل ما تتمتع به الإدارة من سلطة تقديرية واسعة. ويثير هذا الوضع إشكالا جوهريا يتمثل في مدى قدرة قاضي الإلغاء على الموازنة بين السلطة التقديرية للإدارة في اتخاذ قرار النقل، باعتبارها سلطة عامة تستهدف تحقيق المصلحة العامة، وبين ضمان حقوق الموظف العمومي وحمايته من أي تعسف محتمل في هذا الإطار.

وبناء على ما سبق، سنحاول في هذا الجانب استعراض أبرز صور رقابة قاضي الإلغاء على قرارات نقل الموظفين العموميين، مقتصرين على الرقابة على ركن الغاية أو ما يعرف بعيب الانحراف في استعمال السلطة (المطلب الأول)، ثم الرقابة على ركن السبب (المطلب الثاني)، باعتبارهما أكثر العيوب التي تؤسس عليها دعاوى إلغاء قرارات النقل.

المطلب الأول: طعن قرار نقل الموظف للانحراف في استعمال السلطة

وراء إصدار أي قرار إداري نتيجة يسعى مصدر القرار إلى تحقيقها، والأصل أن الإدارة عندما تفصح عن إرادتها فإنها تفعل ذلك هادفة إلى تحقيق المصلحة العامة، لأن هذه الأخيرة، هي الإطار الذي يحدد الغاية من إصدار القرار، وفي حدود هذا الإطار بالنسبة لركن الغاية تتم مراقبة القاضي الإداري للإدارة.[8]

لكن الأخذ بالمفهوم الواسع للمصلحة العامة، سيجعل من الإدارة في موضع عدم القيد، وسيبيح لها وبكامل الحرية أن تتصرف بالكيفية التي تريد، وبالتالي، وحتى لا يؤخذ من عمومية المصلحة العامة واتساع مفهومها، بالشكل الذي قد يفسح المجال للإدارة لتقدير غاية القرار الإداري، وهي بصدد نقل موظفيها، وجب تقييد ذلك عن طريق الرقابة القضائية تفاديا لأي انحراف محتمل في استعمال سلطتها[9].

إن عيب الانحراف في استعمال السلطة كحالة موجبة لإلغاء قرار نقل الموظف ، لا يمكن حصر وجوده في مجانبة الغاية أو المصلحة العامة، بل عمل الفقه[10] والقضاء أيضا على تفكيك هذا العيب إلى صور متعددة لمحاولة ضبطه من حيث الإثبات، فالقاضي يعمل على التأكد من عدم انحراف القرار الإداري عن المصلحة العامة (الفقرة الأولى) كما ينظر في انضباطه للغاية المخصصة وللإجراءات التي خصصها المشرع لبلوغ هذه المصلحة العامة (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: انحراف قرار نقل الموظف عن المصلحة العامة

الأصل أن نقل الموظف العمومي يكون للمصلحة العامة، ويدخل ذلك في خانة حسن تدبير المرافق العمومية، لكن، في بعض الأحيان قد يكون النقل ذاته وسيلة يرمي من خلالها المسؤول الإداري إلى تحقيق مصالح شخصية (منافع ذاتية) أو أغراض سياسية أو حزبية…، وقد تكون بالمقابل بمثابة مجال يسمح بالاستجابة لقرارات انتقال الموظفين التابعين للإدارة، وذلك بناء على الأسباب المذكورة ذاتها.[11]

بمعنى أخر، أنه إذا “كانت علاقة الموظف بإدارته هي علاقة تنظيمية تحكمها نصوص قانونية، فإن الوظيفة في الأصل خلقت لتأمين المصلحة العامة، وتبعا لذلك فإن مركز الموظف في ظل هذه العلاقة يبقى قابلا للتغيير تماشيا مع متطلبات هذه المصلحة، وليس للموظف إزاءها حق مكتسب في البقاء في وظيفته بعينها تأسيسا على أنه لم يطلب نقله منها، ذلك أن قرارات نقل وتوزيع الموظفين تدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة تحقيقا للمصلحة العامة من جهة، وضمانا لحسن سير المرفق الإداري من جهة أخرى…”[12].

 إلا أن هذه السلطة التقديرية في نقل الموظف، وما يستتبعها من غايات وأهداف، ولأجل ضبطها ومراقبتها، فقد عمل قاضي الإلغاء على رسم حدود لها، خصوصا على معيار المصلحة العامة كمعيار كلاسيكي للرقابة على غاية القرار.

وفي هذا الصدد، اتجهت المحكمة الإدارية بالرباط في حكمها عدد 471 بتاريخ 21/02/2022، إلى اعتبار قرارات النقل للمصلحة العامة، كونها تصرفات أحادية تؤسس على سلطة الإدارة التقديرية، كما أنها تندرج ضمن الأعمال الضرورية لسير المرافق العامة، لكن، لا يمكن أن تكون بمعزل عن رقابة القاضي الإداري وصلاحيته في إلغائها، إن ثبت له خروج القرار موضوع الطعن عن الغاية المحددة له.

ومما جاء في تعليلات الحكم: “…ذلك أن قرارات نقل وتوزيع الموظفين تدخل في نطاق السلطة التقديرية للإدارة تحقيقا للمصلحة العامة من جهة، وضمانا لحسن سير المرفق الإداري من جهة أخرى، وهذا الأصل قد ترد عليه استثناءات كما إذا كان قرار النقل اتخذ ستارا لتحقيق مآرب أخرى غير المصلحة العامة أو اتخذ انتقاما من موظف بذاته دون غيره، وفي نازلة الحال، فإن تعيين الطاعن كرئيس… بــ…، بعد أن كان يشغل منصب… بالمديرية الجهوية لــ…، ليس فيه ما يدل على وجود نية للإدارة لاستهدافه شخصيا دون غيره، من خلال نقله إلى مكان آخر، ذلك أن القرار وكما يتضح من وثائق الملف ناتج عن الخصاص الذي يعرفه القطاع…، ومادام لم يقع المساس بالحقوق الأساسية للمعني بالأمر المتصلة بوضعيته الإدارية والمالية، فإن وجه المصلحة العامة في ذلك القرار يبقى قائما”[13]

كما ذهبت الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرار لها بتاريخ 07/02/2019 تحت عدد 134 إلى الاعتراف بالسلطة التقديرية للإدارة في نقل الموظف، وفي ذات الآن بأحقية قاضي الإلغاء بالرقابة على الغاية والتحقق من مدى وجود المصلحة العامة في النقل، ومما جاء في القرار: “فالفصل 64 من القانون الأساسي للوظيفة العمومية قد أعطى للإدارة سلطة نقل الموظفين كلما اقتضت ذلك المصلحة العامة ومصلحة المرفق العمومي وتدبير الموارد البشرية، وفي النازلة فإن الإدارة قد اتخذت قرارها المطعون فيه بنقل المطلوب في النقض من مدينة…إلى مدينة…تحقيقا للمصلحة العامة بالدرجة الأولى والأخيرة دون أن يكون للإدارة هدف آخر، وفي إطار التوزيع المعقلن للموارد البشرية وسد الخصاص في المدينة التي نقل إليها”[14]

وهو ذات التوجه الذي سبق وأن قضت به نفس المحكمة في قرار لها عدد 809 بتاريخ 13/11/2003، والذي من ضمن ما جاء فيه: “حيث إن الإدارة تتوفر على السلطة التقديرية لتسيير المصالح الإدارية التابعة لها وفق ما تمليه المصلحة العامة ولا شيء يثبت أن مقرر نقل الطاعنة مشوب بأي انحراف في استعمال السلطة ولا أي خطأ في التقدير لاسيما وأن النقل كان من مؤسسة لأخرى بنفس المدينة”[15].

إذا كانت رقابة قاضي الإلغاء في هذا السياق، تنصرف بالأساس إلى رقابة مدى تحقق فكرة المصلحة العامة وهي الصورة الشائعة في ذلك، فإن رقابته تنصرف أيضا إلى الرقابة على انحراف القرار الإداري عن الغاية المخصصة له وكذا سلامة الإجراء، وذلك من خلال البحث عن مسألة نية صاحب القرار،[16] وهي الحالات التي سيتطرق إليها في الفقرة الموالية أدناه.

الفقرة الثانية: انحراف قرار نقل الموظف عن المسطرة والغاية المخصصة

يقصد بالانحراف في الإجراءات والمسطرة “اتخاذ القرارات الإدارية عن طريق مسطرة وإجراءات مبسطة للحصول على نفس الغاية التي لا يمكن الحصول عليها قانونيا إلا باستعمال مسطرة أكثر تعقيدا”[17] كما تم تعريفها هذه الوضعية بأنـها “خرق مسطري سافر تتخذه الإدارة إراديا باستبدال إجراء مسطري قانوني بأخر أكثر سرعة لا ينطبق على الحالة المعروضة عليها بهدف تفادي تمكين المعني بالأمر من الضمانات والحقوق المخولة له قانونا”[18]

بعض الباحثين اختلفوا في شأن ترتيب انحراف قرار النقل للمصلحة المخصصة، والتي يقصد بها “قيام مصدر القرار بتوخي هدف مغاير للهدف المخصص من قبل المشرع، ولو كان القرار في النهاية يحقق المصلحة العامة، وذلك لعدم احترام الإدارة لإدارة المشرع بشأنها”[19] حيث هنالك من اعتبره الصورة الثانية في عيب الانحراف عن الغاية، والتي تجمع بين الانحراف بالسلطة لغاية تجنب المصلحة العامة والانحراف عن الغاية المخصصة (تخصيص الأهداف)،[20] وهنالك من حاول أن يربط بشكل أو بآخر انحراف القرار الإداري عن الهدف أو الغاية المخصصة وانحراف القرار الإداري عن الإجراء المسطري.

ولكون قرارات النقل في مادة الوظيفة العمومية، تشكل أحد الأمثلة التقليدية التي يستحضرها أغلب الباحثين في أبحاثهم ذات الصلة بموضوع الرقابة على السلطة التقديرية للإدارة وإشكالية التأديب، ويقومون بربطها بفكرة الانحراف بالسلطة عن الإجراءات أو المسطرة، فقد ذهب أحد الباحثين، إلى تبني الانصراف الكلي لقرارات التأديب المبطنة في صورة نقل الموظف للمصلحة العامة، حيث صنف هذه الحالة، ومن باب الاستدلال والتمثيل، ضمن حالات الانحراف عن المصلحة العامة بهدف الانتقام، وتارة ضمن حالات الانحراف عن قاعدة التخصيص في غياب عنصر الإثبات، وتارة أخرى ضمن الانحراف في الإجراءات والمسطرة ولو بتعليل غياب عنصر الإثبات أيضا.[21]

مقال قد يهمك :   عبد العلي حفيظ: منظـــــــومة الإكراه البدني في القانـــــون المغربي (تحميل)

بناء على ذلك، وارتباطا بموضوع رقابة قاضي الإلغاء على انحراف قرار نقل الموظف عن المسطرة والغاية المخصصة، فإن قرار النقل ذاك، في حالة ألبس بالمصلحة العامة المتمثلة في إعادة انتشار الموارد البشرية وحسن سير المرفق العمومي، في حين أنه قرار يخفي قرارا آخرا بعدم رغبة الإدارة مصدرة القرار في اتباع الإجراءات المتعلقة بتأديبه، حالة ارتكابه لمخالفة مهنية، وبغض النظر عن التفصيل في الأسباب أو الدوافع في ذلك[22]، يعتبر في نظرنا:

  • قرارا متصفا بالانحراف بالسلطة عن الإجراءات: مادام أنه كان بالإمكان سلك مسطرة التأديب كما هو منصوص عليها في التشريعات الجاري بها العمل؛
  • قرارا متصفا بالانحراف عن قاعدة تخصيص الأهداف: حيث تم الخروج بمسطرة النقل وغاياتها في تطوير الإدارة وحسن تسييرها إلى مسطرة فعلية أو واقعية خاصة بالتأديب؛
  • وأخيرا قرارا منحرفا عن المصلحة العامة: وذلك بتجنب تأديب الموظف بما يحقق المصلحة العامة المتمثلة في تخليق المرفق العمومي في حالة إدانته أو تبرئته في حالة عدم ثبوت الفعل ضده، وبالتالي تكريس مبدأ الشفافية ومبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة كإحدى مبادئ الحكامة الجيدة في تدبير المرافق العمومية.

وبالنظر إلى خطورة انحراف قرار نقل الموظف عن المسطرة والغاية المخصصة، فقد دفع ذلك بقاضي الإلغاء إلى محاولة كبح جماح هذه التصرفات وآثارها السلبية بالنسبة للموظف، خاصة على مستوى تبطين قرار التأديب في صورة قرار للنقل، حيث لم يمتنع القضاء الإداري بالحكم بإلغاء القرارات الإدارية متى أثبت الطاعن؛ انحراف قرار نقله عن الغاية المخصصة أو عن الإجراءات والمساطر الجاري بها العمل.

وفي هذا الصدد، ذهبت محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط في قرار لها عدد 1299 بتاريخ 19/11/2008 إلى أن ” تزامن طلب الطاعن الرامي إلى ممارسة حق نقابي باعتباره الكاتب العام للنقابة، مع اتخاذ قرار النقل المتخذ في حقه يجعل هذا الأخير متسما بتجاوز السلطة لعيب الانحراف باعتباره قرارا تأديبيا في حقيقته رغم أنه مغلف ظاهريا بالمصلحة العامة”[23]

أما على مستوى إثبات الانحراف بالسلطة عن الإجراءات وباقي صور الانحراف عن استعمال السلطة، فإنه يقع على عاتق الطاعن، وهو ما ذهبت إليه الغرفة الإدارية بمحكمة النقض في قرار لها عدد 23 بتاريخ 08 يناير 2015، ومما جاء في تنصيصات القرار: “ونفس الأمر ينطبق على قرار نقل المطلوب في النقض إلى مدينة … الذي اعتبرته المحكمة غير مشروع لعدم إثبات الإدارة للخصاص بتلك المدينة والحال أنها تمسكت بضرورة المصلحة العامة وكونها لا تتوفر بتلك المدينة إلا على مهندس واحد، وأن المستقر عليها فقها وقضاء كون السلطة التقديرية للإدارة في مجال نقل موظفيها تبقى مرتبطة ارتباطا وثيقا بحاجيات المرفق العمومي، إلا إذا ثبت انحرافها في استعمال تلك السلطة، والذي يتحمل من يدعيه عبء إثباته، وهو الأمر غير الثابت في النازلة”[24]

المطلب الثاني: الرقابة على ركن السبب في قرار نقل الموظف العمومي

يقصد بأسباب القرار الإداري “العناصر المادية والقانونية التي تدفع السلطات الإدارية لاتخاذ قرارتها، إذ أن الإدارة ترتكز عند اتخاذ القرار على قاعدة أو قواعد قانونية، وفي نفس الوقت على واقعة أو وقائع مادية، ويكون قرارها نتيجة لهذين النوعين من الأسباب”[25]، في حين عرفت المحكمة الإدارية بالرباط سبب القرار الإداري بأنه “الحالة الواقعية أو القانونية التي تسوغ تدخل الإدارة لإصدار القرار بقصد إحداث أثر قانوني، ولا تمتلك الإدارة سلطة تقديرية فيما يتعلق بركن السبب وخاصة ما تعلق بوجود الوقائع من الناحية القانونية والمادية”[26]

لذلك، يمكن القول –مبدئيا- أن كل قرار إداري يشترط في وجوده لسبب موضوعي وحقيقي أدى إلى وجوده، تحت طائلة تعرض القرار للطعن بالشطط في استعمال السلطة، رغم أن الإدارة ليست ملزمة بذكر أسباب تدخلها وإصدارها للقرارات الإدارية، وإن كانت لهذه القاعدة استثناءات تفرضها بعض القوانين التي تتطلب ذكر السبب.[27]

ولكون أسباب القرارات الإدارية تتكون من وقائع أو عناصر مادية وأخرى قانونية، فهي تشكل بذلك عنصر خارجي دافع إلى التدخل، بالرغم من أن الإدارة ليست ملزمة بالتدخل الدائم بمجرد ظهور السبب، وإنما تتمتع في ذلك بسلطة تقديرية، سواء بالتدخل أو تأجيله أو بعدم التدخل، إلا في الحالات الخاصة التي يلزم فيها القانون الإدارة باتخاذ قرار ما تتوفر أسباب معينة.[28]

تبعا لذلك، فإن السبب يعتبر مجالا هاما يمكن الإدارة من التدخل لممارسة سلطتها التقديرية، بحيث يبقى دور قاضي الإلغاء متوقفا عن رقابة القرار الإداري موضوع الطعن من منظور مبدأ الشرعية. لكن، من خلال ما سيتم التطرق له، سيتضح أن القاضي الإداري وكما هو الشأن في رقابة على ركن الغاية، فإنه أصبح يمارس رقابته أيضا على سبب القرار الإداري بناء على خلفيات الملاءمة لا المشروعية فحسب.

تأسيسا على ما سبق، وبما أن قرارات نقل الموظف تعتبر قرارات إدارية صرفة وتتأسس على عناصر مادية وأخرى واقعية، وهي عناصر تخضع في جانب منها لسلطة الإدارة التقديرية، وبما أن قاضي الإلغاء وسع من نطاق رقابته على ركن السبب –من المشروعية إلى الملاءمة- فإنه لكل موظف أن ينازع قرار النقل إما في وقائعه المادية (الفقرة الأولى) أو في وقائعه القانونية من خلال التأكد من الخطأ في الوجود القانوني للوقائع أو الخطأ في تكييفها القانوني (الفقرة الثانية).

     الفقرة الأولى: رقابة قاضي الإلغاء على الوقائع المادية في قرار نقل الموظف

إذا كانت الوقائع المادية تكتسي أهمية بالغة في تكوين سبب القرار الإداري كقرارات نقل موظفي الإدارة، باعتباره ركنا أساسيا مكون له، خاصة في المجال التقديري للإدارة، التي تكون لها حرية تحديد الوقائع وأهميتها لانتفاء أية رابطة قانونية مسبقة بين الوقائع ومحل القرار الإداري، بخلاف سلطتها المحدودة في حال السلطة المقيدة، إذ يكون المشرع قد حدد وقائع القرار الإداري، وتكون مخالفة ذلك أقرب إلى عيب مخالفة القانون منه إلى عيب السبب.[29]

 وبناء على ذلك، فقد كانت ولازالت الرقابة على صحة الوقائع المادية لقرارات النقل أحد المظاهر الرقابية على عيب السبب، فالقرار الإداري الذي يقضي بنقل موظف عمومي، قد يكون غير مشروع إذا ما بني على وقائع مادية غير صحيحة، وهو ما يخول لقاضي الإلغاء بسط رقابته على صحة قيام الواقعة التي اعتمدتها الإدارة كأساس لإصدار قرار النقل، فإذا ثبت أن القرار الإداري متسما بالتجاوز في استعمال السلطة من هذه الناحية، قضى بإلغائه.[30]

ولأن من شأن ترك السلطة التقديرية للإدارة في شأن تقدير الوقائع التي تتأسس عليها قرارات النقل، أن يترتب عنها إضرار بحقوق وحريات الموظف وغيره من الأفراد، فإن القضاء الإداري اتجه نوع تقييد هذه السلطة عن طريق ممارسة أوجه الرقابة القضائية عليها:

الاستناد كلما سنحت الفرصة لذلك على إجراءات تحقيق دعوى إلغاء قرار النقل، سواء عن طريق إجراء خبرة أو بحث وغير ذلك من إجراءات التحقيق، والهدف من وراء ذلك، هو التأكد من صحة الوقائع المادية للقرار، من كون أن السبب الذي أقيم عليه واتخذ في ضوئه لا يحتمل الشبهة أو الغموض.

حيث ذهبت في هذا الصدد، المحكمة الإدارية بفاس بموجب حكم لها رقم 2153 بتاريخ 08/12/2004 إلى إعمال إجراءات تحقيق الدعوى بواسطة البحث، وذلك من أجل التأكد من صحة الوقائع المادية التي بني عليها قرار نقل موظف من وإلى مقر العمل الجديد، من خلال حت الإدارة بتبيان أسباب النقل وإثبات النقص الحاصل في عدد العاملين بالوحدة الإدارية المعنية من الأطر العامة والمتخصصة لتبرير نقل الطاعن.

ومما جاء في تعليلات الحكم: “وحيث أن المحكمة من خلال جلسة البحث المجراة بواسطة القاضي المقرر قد كلفت السيد الوكيل القضائي للمملكة باعتباره نائبا عن جهة الإدارة المطلوبة في الطعن بتبيان أوجه المصلحة العامة والإدلاء بما يفيد أسباب نقل وإثبات النقص الحاصل في عدد العاملين ب بــ…من الأطر العامة والمتخصصة لتبرير نقل الطاعن لهذا المركز.”[31]

رغم أن التوجه القضائي أعلاه، وعدد من التوجهات القضائية المتواترة، تتشدد في ثبوت وقائع القرار الإداري، ولو في الحالات التي تدلي بها الإدارة بما يثبت الوقائع المذكورة، إذ أن قاضي الإلغاء يتدخل في نطاق الإثبات وإجراءاته من خلال إجراء بحث وتحقيق بين أطراف المنازعة الإدارية أو الاستعانة بخبير لأجل إجراء خبرة ليتأكد بنفسه من الوجود المادي للوقائع حسب طبيعة ومضمون القرار المطعون فيه، غير أنه وفي حالات عدة ما يجابه هذا التوجه، بحجية تقارير ومستندات الإدارة التي تبقى لها صفة الرسمية، ومالكة لقيمة ثبوتية وحجية في إثبات الوقائع المادية موضوع التحقيق.

وفي ظل استمرارية القضاء الإداري في عدم تردده بالبت في مدى مشروعية القرار الإداري من حيث ركن السبب مع تقدير وقائعه المادية، والحكم بإلغائه متى ثبت للمحكمة عيب الخطأ في التقدير المادي للوقائع، فإنه وعلى ضوء ذلك، ذهبت إدارية فاس أيضا إلى الحكم بإلغاء نقل الموظف موضوع النازلة أعلاه، معللة ذلك بــ “وحيث أنه وأمام عدم إثبات جهة الإدارة مصدر القرار المطعون فيه لأوجه المصلحة العامة المستهدفة من إصدار قرار نقل الطاعن والأسباب الباعثة على ذلك، يبقى القرار مفتقدا لركن السبب ومشوبا بتجاوز السلطة ويتعين الحكم بإلغائه”[32]

أما في حالة عدم الاستناد على ما يثبت عدم صحة الوقائع المادية لقرار النقل، فإن النتيجة المترتبة عن ذلك هو رفض طلب الإلغاء، وهو ما قضت به محكمة النقض في قرار لها تحت عدد 498 بتاريخ 09/07/2020 ومما جاء في تنصيصات القرار “والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بالنقض لما استندت في تعليل قضائها إلى أن قرار النقل يندرج ضمن منظومة التدابير شملت مجموعة من الأعوان لتحقيق الأهداف المسطرة في إطار حركية التنقيل الرامية إلى النهوض بمصالح الإدارة، واعتبرت أن الأسباب التي اعتمدها الطالب المستأنف عليه في طعنه لقرار نقله غير مرتكزة على أساس لتأسيسه على متطلبات إدارية تستقل الإدارة لوحدها بتقديرها…”  

ومن أجل سلامة الإجراءات والقيام بالمساطر القانونية للتأكد من الوقائع المادية للقرار الإداري، وذلك قبل اتخاذه، فقد أوجبت محكمة النقض في عدد من النوازل ذات الصلة، بضرورة مراعاة الإدارة للأسس القانونية للوقائع المادية قبل إصدار قراراتها.[33]

إذن، هكذا يتبين ولو بإيجاز، أن القاضي الإداري ومن باب حماية حقوق الموظفين وحرياتهم وعمله أيضا على ضبط المراكز القانونية للأطراف، فقد وسع من رقابته على الجوانب التقديرية للإدارة في شأن الوقائع المادية لقرارات النقل، بالرغم من إثارة هذا الجانب لمجموعة من الإشكالات القانونية، يتعلق أغلبها بوضعية القرار الذي أسس على مجموعة أسباب، فصح بعضها وبطل “عاب” بعضها الآخر، إضافة إلى إشكالية عدم ثبوت صحة وقائع القرار واتضاح سبب أخر يعلل إصدار ذات القرار…الخ.

الفقرة الثانية: رقابة قاضي الإلغاء على الوقائع القانونية في قرار نقل الموظف

يقصد برقابة المحاكم الإدارية على الوقائع القانونية في قرار نقل الموظف، رقابة القاضي الإداري على الأساس القانوني للحالة الدافعة إلى اتخاذ القرار[34]، كما ينصرف نفس المدلول إلى رقابته على التكييف القانوني للوقائع[35]. أي أن رقابة القاضي الإداري على قرارات نقل الموظف، تنصرف إلى مسألتين: التثبت من الوجود القانوني للوقائع، والتأكد أيضا من مدى صحة تكييفها القانوني.

إذا كان للقاضي الجنائي بناء على مبدأ لا جريمة ولا عقوبة –ومن باب المقارنة- أن يقضي ببراءة المتهم من الفعل المنسوب إليه بتعليل “عدم وجود نص يجرمه” فإنه وتبعا لذلك، يبدو أن اختصاصه ذاك، يتقاطع مع رقابة القاضي الإداري على الوقائع القانونية للقرارات الإدارية، فمتى اتضح لهذا الأخير، عدم تأسيس القرار على سند قانوني موضوع الطعن إلا وأمر بإلغائه.

 لقاضي الإلغاء وهو يبت في طلب إلغاء قرار النقل أن يبحث في مدى الوجود القانوني للوقائع، فمتى ثبت له عدم تأسيس قرار نقل الموظف على أساس قانوني إلا وقضى بإلغائه، بمعنى آخر أن طعن قرار النقل من زاوية الخطأ في الوجود القانوني أو الحالة القانونية للوقائع المشكلة لسبب قرار النقل، يفترض من قاضي الإلغاء في هذا الجانب، إن عرض عليه النزاع،[36] أن يبث في مدى توفر الأساس القانوني لقرار نقل الطاعن.

مقال قد يهمك :   القيود الموضوعية الواردة على سلطة تعديل الدستور المغربي (ج1)

أما فيما يتعلق بالتكييف القانوني للوقائع، فإن القاضي الإداري لا يقف عند حدود التحقق من الوجود القانوني والمادي للوقائع، بل يمتد إلى سلطته لرقابة التكييف القانوني الذي تعطيه الإدارة لهذه الوقائع.[37]  حيث إذا كان للبحث في تحقق الوجود المادي للوقائع أهمية قصوى في تحديد بداية انطلاق مسار القرار الإداري، مما جعل القاضي الإداري يحرص على رقابة تقدير الوقائع من طرف الإدارة، وذلك من أجل التأكد من المسار السليم لهذه القرارات، فإن تدخل الإدارة من أجل توجيه محل القرار عبر إيجاد قالب قانوني لتلك الوقائع وتكييفها القانوني، قد يزيد حسب بعض الباحثين[38] من سلطتها التقديرية في التحكم في القرار الإداري، وهو ما دفع بالقضاء الإداري إلى محاولة تأطير هذه الرقابة نحو المشروعية.

وعلى مستوى التعريف بمفهوم التكييف القانوني للوقائع في أسباب القرار الإداري، فقد ذهب البعض إلى اعتباره بمثابة “إدراج عملية واقعية معينة داخل إطار فكرة قانونية، بحيث يمكن أن يحمل القرار المتخذ عليها باعتبارها دافعا مشروعا لاتخاذه”[39] أو هو “إجراء مقابلة بين الحالة الواقعية ونصوص القانون”[40] في عرفه أيضا الباحثين أيضا بأنه “تلك العملية الذهنية لرجل الإدارة لتوصيف الوقائع الماثلة أمامه في ظرف معين، استنادا لسلطته التقديرية- توصيفا قانونيا من أجل ترتيب آثر قانوني مباشر عليها والمتمثل في محل القرار الإداري”[41]

وعلى مستوى الاجتهاد القضائي في الرقابة على التكييف القانوني للوقائع، فقد ذهبت المحكمة الإدارية العليا بمصر في حكم لها بتاريخ 13/01/1965 إلى أن “الرقابة التي للقضاء الإداري في ذلك، تجد حدها الطبيعي في التحقق فيما إذا كانت النتيجة التي انتهى إليها القرار مستمدة من أصول موجودة، وما إذا كانت هذه النتيجة مستخلصة استخلاصا سائغا من أصول تنتجها ماديا أو قانونيا أو لا، إذ يتوقف على وجود هذه الأصول أو عدم وجودها، وعلى سلامة استخلاص النتيجة التي انتهى إليها القرار وعلى صحة التكييف القانوني للوقائع بفرض وجودها ماديا أو عدم صحة هذا التكييف، يتوقف على هذا كله قيام أو عدم قيام ركن السبب في القرار الإداري ومطابقته أو عدم مطابقته للقانون”[42]

 أما بخصوص القضاء الإداري المغربي، فقد ذهبت محكمة النقض في قرار لها عدد 596 بتاريخ 20/04/2000 وهي تبث في قضية يدعي من خلالها الطاعن أن نقله جاء من أجل تأديبيه لا نقله للمصلحة العامة، حيث قضت بتأييد الحكم المستأنف انطلاقا من إعمال قواعد المطابقة بين الوقائع والقانون في اتخاذ القرار، ليتسنى لها التأكد من صحة تكييف الإداري القانوني من عدمه[43].

وقد اتجهت محاكم الموضوع الإدارية في ذات المنحى، لما اعتبرت أن قيام حالة قانونية أو واقعية تبرر صدور القرار الإداري، تعتبر من شروط صحته، وأن انعدام السبب أو كونه غير صحيح أو مبني على وقائع غير ثابتة أو كان تكييفه لا يؤدي إلى نتيجة، فإن القرار يكون فاقدا لركن من أركان انعقاده، وهو ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بأكادير – على سبيل المثال – في حكم لها تحت عدد 210 بتاريخ 31/05/2007، إذ جاء فيه ما يلي: “…إن انعدام هذا السبب أو كونه غير صحيح أو مبني على وقائع غير ثابتة في وثائق الملف، أو كان تكييف وقائعه – على فرض وجودها المادي – لا يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها القرار، فإن هذا الأخير يعتبر فاقدا لركن من أركان انعقاده وهو ركن السبب، ويكون بذلك معيبا ومخالفا للقانون وحق التعويض عنه إذا توافرت باقي الشروط اللازمة لاستحقاق التعويض”[44]

تجدر الإشارة إلى أن قاضي الإلغاء صحيح أن له رقابة ممتدة على سبب القرار الإداري القاضي بنقل الموظف، من خلال البحث في صحة وقائع القرار المادية والقانونية، ومراقبة مدى حسن تكييف الإدارة للوقائع بالقانون، إلا أن النقاش الذي طرح تعلق بطبيعة هذه الرقابة، أهي رقابة مشروعية أم رقابة ملاءمة؟ وهو الإشكال الذي ترتب عنه اتجاهين: الأول يرى بأن الرقابة القضائية في هذا السياق تعتبر رقابة مشروعية في حين رأى آخرين أنها رقابة ملاءمة، وبتعليلات مختلفة ومتباينة.

طبقا لذلك، إذا كانت السلطة التقديرية للإدارة تعتبر –مبدئيا- مانعا من بسط القاضي الإداري لرقابته على مشروعية القرارات الإدارية المتخذة في شأنها، إلا أن القضاء الإداري ورغبة منه في تأسيس مبادئ عادلة ومنصفة بين مراكز الأطراف المتنازعة في دعاوى الإلغاء، فقد أسس لنفسه منهج رقابة الملاءمة، إذ يقوم هذا الصنف الرقابي على تجاوز رقابة مدى احترام القرار الإداري للشرعية إلى مراقبة مدى ملاءمة القرار نفسه للقانون والواقع معا، فلو كان من حق الإدارة اتخاذ قرار إداري في إطار سلطتها التقديرية دون أن يمس من طرف القضاء، فإن هذا المنطق تم تجاوزه بمبادئ ونظريات، اختلف في مرجعيتها[45]، كنظرية التناسب أو الخطأ البين في التقدير  ونظرية الموازنة بين المنافع والمضار.

لقد عمل القضاء الإداري على ابتداع نظريات توسع من مجال الرقابة القضائية على جوانب عدة من سلطة الإدارة التقديرية، من ذلك خلقه لنظرية الخطأ الظاهر في التقدير أو الخطأ البين في التقدير أو الغلو في التقدير، وهي النظرية ذاتها التي أضحى يصطلح عليها أحيانا برقابة التناسب أو الملاءمة[46]، وبالرغم من اختلاف التسميات، فإن الفكرة الأساسية للنظريات المذكورة، تتركز في الرقابة على تناسب المحل بالسبب في القرارات الإدارية.

وارتباطا بالتجربة المغربية على مستوى قضائها الإداري، فإنه وبالنظر إلى مجموعة من التطورات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية…، واقتضاء بالتجربة القضائية للقضاء الإداري المقارن، خاصة على مستوى القضاء الإداري الفرنسي[47]  والمصري[48]، وبسبب الإحساس بخطورة إطلاقية سلطة الإدارة في اتخاذها لقرارات إدارية، وقد كان أن ترتب عن بعضها جزاءات لا تتناسب وحجم الوقائع المادية والقانونية ولا تكييفها القانوني، وهو ما حدا بالقاضي الإداري المغربي إلى محاولة بسط رقابته على مسألة التناسب، بالرغم من تسجيل نوع من التوجس الذي طبع مسار رقابة القاضي الإداري في بدايته على السلطة التقديرية للإدارة.[49]

حيث صدر عن القضاء الإداري عدد من الأحكام والقرارات القضائية التي استعان فيها بنظرية الخطأ البين في التقدير لاستظهار تناسب المحل بسبب القرار موضوع الطعن، إذ بالرغم من سابقية موقف محكمة النقض في استبعادها لإمكانية طعن قرارات النقل للمصلحة العامة، باعتبارها قرارات قائمة سلطة تقديرية للإدارة، ولا يمكن منازعتها لا بعيب الانحراف عن استعمال السلطة ولا بالخطأ البين أو الظاهر في التقدير، وهو ما قضت به في  قرارها عدد 601 بتاريخ 08/07/1999 والذي جاء من ضمن تعليلاته ما يلي: “حيث أن الإدارة تتوفر على سلطة تقديرية في مجال نقل موظفيها وإعادة انتشارهم على مختلف المصالح والمرافق التابعة لها وأن الأصل أن تكون تلك القرارات قد صدرت بدافع المصلحة العامة ولا تجوز المنازعة فيها بالانحراف في استعمال السلطة أو الخطأ البين في التقدير”[50]

إلا أن ذات المحكمة عادت لتقرر عكس ما تبنته في موقفها السابق، حينما اعتبرت أن قرارات نقل الموظفين تخضع للسلطة التقديرية للإدارة ولا يمكن طلب إلغائها إلا ثبت عيب من العيوب الدافعة لذلك، كإثبات خطأ الإدارة البين أو الفادح في تقدير القرار موضوع الطعن. وهو ما أخذت به في قرارها عدد 927 بتاريخ 18/12/2003، والذي جاء فيه: “وحيث أن قرارات نقل الموظفين تخضع للسلطة التقديرية للإدارة ولا يمكن طلب إلغائها إلا إذا ثبت أن الإدارة انحفرت في استعمال سلطتها أو أخطأت خطأ بينا في التقدير وفي النازلة أكدت الإدارة أنها نقلت المعنية بالأمر إلى…لذلك فلم يكن مقررها متسما بأي شطط في استعمال السلطة”[51]

أما بخصوص نظرية الموازنة أو الحوصلة بين المنافع والمضار la théorie du bilan التي يقصد بها تقدير القاضي الإداري لمدى صحة ركن غاية القرار الإداري موضوع الطعن، ليتسنى له التأكد من منافع القرار ومضاره، فإن كان الضرر الناتج عنه أكبر من نفعه، قضى بإلغائه ولو حمل على السلطة التقديرية للإدارة.[52]

ويرى بعض الباحثين أن نظرية الموازنة بين المنافع والمضار يعود أصلها التاريخي إلى القضاء الإنجليزي (الموحد)[53]، ليتم بعد ذلك، الأخذ بها في عدد من الأنظمة القضائية الفرنكوفونية تباعا (القضاء الإداري الفرنسي، القضاء الإداري المصري، ثم القضاء الإداري المغربي). وإذا كان من باب الممارسة القضائية أن تم الأخذ بنظرية الموازنة بين المنافع والمضار بشكل كبير في مجال نزع الملكية لأجل المنفعة العامة، وذلك لأسباب تاريخية واقتصادية وسياسية أيضا، فإن مجال تطبيقها عرف نوعا من الاتساع ليشمل مجال الوظيفة العمومية.

رغم إمكانية إعمال نظرية الخطأ البين في التقدير ونظرية الموازنة بين المنفعة والمضرة، ولو في نفس النازلة مع عدم الجمع بينهما طبعا، مادام أن النظرية الأولى تنصرف إلى تقدير التفاوت الحاصل بين سبب القرار ومحله أي مطابقة الأثر الناتج عن القرار مع أهمية وقائعه، فإن النظرية الثانية تنصرف إلى تقدير مدى تحقيق محل القرار الإداري لغاية ذات القرار، من خلال مقابلة النتائج المحتملة من منافع ومضار، ومن تم الخروج بقرار الإلغاء من عدمه بناء على الحاصل بينهما.

ومن التطبيقات القضائية التي طبق فيها القاضي الإداري لنظرية الموازنة بين المنافع والمضار، نجد حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 193 بتاريخ 12/09/2001 وهي تبث في نازلة تتعلق برفض نقل موظف (قرار سلبي) بعلة عدم وجود من يخلف مهامها، بالرغم من إثباتها للإدارة أن طلبها للانتقال إلى مدينة أخرى جاء لأسباب مرضية قاهرة.

ومن ضمن ما جاء في الحكم المذكور: “وحيث وقائع النزاع أن الطاعنة موظفة بمدينة…ونظرا لظروفها الصحية المتمثلة في إصابتها (مرض مزمن) فقد تقدمت بطلب نقلها إلى مدينة…نظرا لعدم توفر مكان عملها على مصلحة طبية متخصصة في المرض المذكور إلا أن الإدارة رفضت طلبها من خلال القرار المطعون فيه بعلة عدم توفر الخلف. لكن حيث إن مقررات النقل الإيجابية أو السلبية يتعين أن تراعى كذلك الموازنة بين المصلحة العامة ومصلحة الموظف المتمثلة في الأخذ بعين الاعتبار ظروفه الاجتماعية والصحية”[54]

وهنالك قرار شهير للغرفة الإدارية بمحكمة النقض يتعلق بقضية “السيدة خديجة جليزم” حيث اتجه قاضي النقض إلى إلغاء القرار الإداري القاضي بنقلها، بعلة عدم مراعاته للظروف الصحية والعائلية للطاعنة، وكونه قرار اتخذ في وقت غير ملائم، وأن من شأن تنفيذه أن يترتب عنه نفعا أقل من المضار التي ستتعرض لها المعنية بالقرار المطعون فيه.[55] 

تبعا لذلك، فإن اتخاذ الإدارة لقرارات إدارية تتعلق بموظفيها، إن حمل على عيب الغاية، فمن شأنه أن يتعرض للطعن بالإلغاء أمام الجهة القضائية المختصة، مع إمكانية إخضاعه لنظرية النفع والضرر، وبالتالي إن تبين للقاضي الإداري أن ضرره أكبر من نفعه، جاز له الحكم بإلغائه، مع أنه لا مانع من تطبيق نظرية الغلو في التقدير، للتأكد من سلامة تطابق القرار الإداري مع محله.

خاتمة:

هكذا إذن، يتبين أن قاضي الإلغاء يعتبر الركيزة الأساسية في الرقابة القضائية على قرارات نقل الموظفين العموميين، إذ يعمل على تحقيق التوازن بين سلطة الإدارة وحماية الحقوق الفردية للموظفين. وتتمثل مهمته في ضمان أن تصدر هذه القرارات وفق القوانين والضوابط الإجرائية، بما يحول دون أي تعسف أو تجاوز للسلطة. وفي الوقت ذاته، يراعي المصالح العامة، بما يضمن استمرار السير السليم للمرفق العام.

 ومع ذلك، لا يمكن إغفال الملاحظة المتعلقة بعدم ثبات قضاء الإلغاء على اجتهاد واحد في هذا الصدد، فبالرغم من ابتداعه لنظريات تهدف إلى توسيع نطاق رقابته ليشمل مجال التقدير الإداري، لكن من خلال الممارسة القضائية يتضح –أن قاضي الإلغاء- لا يستجيب أحيانا لطلبات الطعن مع تغليب فكرة المصلحة العامة، بناء على تعليل فحواه أن سلطة الإدارة التقديرية في قرار النقل تعتبر مانعا للرقابة على هذا الأخير، وهو ما يجعل من موضوع منازعات إلغاء قرارات نقل الموظفين في نهاية المطاف من المواضيع المتجددة باستمرار.


الهوامش:

[1] – ظهير شريف رقم 1.58.800 بتاريخ 4 شعبان 1377 (25 فبراير 1958) يحتوي على القانون الأساسي العام للوظيفة العمومية، الجريدة الرسمية عدد 2372 بتاريخ 21 رمضان 1377 (11 أبريل 1958)، الصفحة: 914، كما تم تتميمه وتغييره.

مقال قد يهمك :   مختصون بوجدة يقاربون المستجدات التشريعية لأراضي الجموع وسؤال التنمية المستدامة

[2] – تضمن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية مجموعة من المقتضيات، التي تم بموجبها توسيع مجال حركية الموظفين، وهي: الوضع رهن الإشارة، الإلحاق وإدماج الملحقين ثم النقل، وذلك وفق الشروط القانونية المقررة لذلك.

[3] – مرسوم رقم 2.13.436 صادر في 19 من شوال 1436 (5 أغسطس 2015) بتحديد كيفية تطبيق الفصل 38 المكرر من الظهير الشريف رقم 1.58.008 الصادر في 4 شعبان 1377 (25 فبراير 1958) في شأن النظام الأساسي العام للوظيفة العمومية المتعلق بنقل الموظفين المنتمين إلى الهيئات المشتركة بين الإدارات، الجريدة الرسمية عدد 6386 الصادرة بتاريخ 27 شوال 1436 (13 أغسطس 2015)، الصفحة: 7056.

[4] – جاء في قرار محكمة النقض عدد 61 الصادر بتاريخ 09/01/2020 في الملف الإداري رقم 909/4/1/2019 ما يلي”…في حين أن التنقيل هو إجراء تدبيري وليس بأي حال عقوبة تأديبية…” (غير منشور)

[5] – عرف أستاذ القانون الإداري الفرنسي André de Laubadère – – النقل بأنه “تغيير العمل ومكان الإقامة الذي تفرضه الإدارة على الموظف بإرادتها المنفردة”.

– André de Laubadère, Traité de droit administratif, Librairie Générale de Droit et de Jurisprudence, paris, T2, A1981. P 129.

[6] – رغم أن قاضي الإلغاء يقف دوره عند الحكم بإلغاء القرار الإداري موضوع الطعن أو الحكم برفض الطلب بناء على تقدير قواعد مشروعية القرار، فإن أغلب القضاة الإداريين، يعملون على إضافة عبارة “مع ترتيب الآثار القانونية” وهي وإن كان الهدف منها حماية مصالح الطاعن باعتباره الطرف الضعيف مبدئيا في النزاع، فإنها تشكل من زاوية أخرى، خروجا عن مبادئ قضاء الإلغاء، والتي تفرض عليه عامة، إلغاء القرار أو برفض الطلب. ثم إنه من جهة ثانية، عدم تحديد هذه الآثار في المقرر القضائي يترتب عنه إشكالات عدة أثناء مرحلة التنفيذ، كطبيعة هذه الآثار ومدلول الأثر نفسه، وهو ما يستوجب تفصيلها من قبل الهيئة القضائية المعنية بالفصل في الملف.

[7] – خاصة وأن قاضي الإلغاء كان يمتنع –ابتداء- عن رقابة ملاءمة القرارات الإدارية الصادرة عن الإدارة، وذلك بعلة أن مبدأ الفصل بين السلطات la séparation des pouvoirs يجعل من قاضي الإلغاء يقتصر على رقابة مدى قانونية أعمال الإدارة وتصرفاتها دون أن يمتد ذلك إلى رقابة مدى ملاءمة هذه التصرفات في إطار إعمالها لسلطتها التقديرية:

للتوسع أكثر في هذا الإطار، راجع:

– هشام العقراوي، رقابة التناسب في القرارات الإدارية وتقييد السلطة التقديرية للإدارة –دراسة تحليلية في توجهات الفقه والقضاء الإداريين المغربي والمقارن، مجلة القضاء المغربي، العدد 17 و18، سنة 2021.

– عبد المجيد مليكي، الرقابة القضائية على سلطة تقدير الإدارة للقرار الإداري، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة المولى إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية: 2017/2018.

– Aboughzi Abdelmajid, Etat de droit et droit administratif au Maroc changement et permanence, thèse pour l’obtention du doctorat d’état en Faculté des sciences juridiques économiques et sociale, Université Cadi Ayyad Marrakech, 2020/2021.

[8] – أحمد أجعون، القضاء الإداري، طبع وتوزيع مطبعة سجلماسة – مكناس، السنة 2016.

[9] – يوسف دياب، نقل الموظف العمومي بالمغرب بين السلطة التقديرية للإدارة ورقابة قاضي الإلغاء، رسالة لنيل شهادة الماستر في القانون الإداري وعلم الإداري، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 2022/2023، الصفحة: 72.

[10] – عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحة: 225.

[11] – أحمد أجعون، قرارات نقل وانتقال الموظفين بين سلطة الإدارة ورقابة القضاء الإداري، المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 43، السنة 2003، الصفحة: 238.

[12] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 471/2022 الصادر بتاريخ 21/02/2022 في الملف الإداري عدد 765/7110/2020. (غير منشور)

[13] – حكم المحكمة الإدارية بالرباط عدد 471/2022 الصادر بتاريخ 21/02/2022 في الملف الإداري عدد 765/7110/2020. (غير منشور)

[14] – قرار محكمة النقض عدد 134 الصادر بتاريخ 07 فبراير 2018 في الملف الإداري عدد 505/4/1/2018، أشير إليه لدى يوسف دياب، مرجع سابق، الصفحة: 76.

[15] – قرار محكمة النقض عدد 809 الصادر بتاريخ 13/11/2003 في الملف الإداري رقم 1272 و1309/4/1/2001، أشير إليه لدى يوسف دياب، مرجع سابق، الصفحة: 76.

[16] – علق الأستاذ حسن صحيب على تحويل  الإدارة للسلطة بأنها: ” بمثابة ابتعاد الإدارة عن الهدف الذي من أجله منحت لها السلطة، فالادعاء بتحويل السلطة يطرح مسألة نية صاحب القرار. راجع، حسن صحيب، القضاء الإداري المغربي، سلسلة دراسات وأبحاث في الإدارة والقانون، ع الثالث، المطبعة والوراقة الوطنية – مراكش، الطبعة 2، السنة 2019، الصفحة: 316. راجع في ذلك أيضا:

– El yaagoubi Mohamed, Le détournement du pouvoir dans la jurisprudence administrative au Maroc, REMALD, série thèmes actuels, N°6, P : 181.

[17] – عبد الله حداد، القضاء الإداري المغربي على ضوء القانون المحدث للمحاكم الإدارية، منشورات عكاظ، الطبعة 1، السنة 1994، الصفحتين: 18 و19.

[18] – De David Beauregarde Berthier, le contrôle du détournement de procédure en matière, d’élaboration des lois, RFDC, N° 79, P : 474.

[19] – عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحة: 233.

[20] – أحمد أجعون، القضاء الإداري، مرجع سابق، الصفحتين: 134 و135.

[21] – انظر على سبيل المثال، عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحات: 229 و235 و236 و240.

[22] – كانعدام إثبات الفعل الموجب للتأديب أو بدافع الانتقام أو لأي سبب شخصي.

[23] – قرار محكمة الاستئناف الإدارية بالرباط عدد 1299 الصادر بتاريخ 19/11/2008 في الملف رقم 05/07/176، أشير له لدى يوسف دياب، مرجع سابق، الصفحة: 83.

[24] – قرار محكمة النقض عدد 23 الصادر بتاريخ 8 يناير 2015 في الملف الإداري عدد 443/4/1/2013، منشور بالمجلة المغربية للدراسات في القانون والاقتصاد والتنمية المستدامة، العدد الأول، السنة 2022، الصفحة: 202.

[25] – محمد الأعرج، القانون الإداري المغربي، سلسلة مواضيع الساعة، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، مطبعة البيضاوي – سلا، السنة 2019، الصفحة: 313 (بتصرف).

[26] – حكم صادر عن المحكمة الإدارية بالرباط عدد 1294 بتاريخ 12/04/2012 في الملف عدد 187/05/2010. حكم أشير إليه من طرف جهاد العسري، الوضعية الفردية في القضاء الإداري المغربي، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمراكش، السنة الجامعية 2022/2023، الصفحة: 229. راجع كذلك حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 234 بتاريخ 12/10/2011 منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، العدد 108، السنة 2013، الصفحة: 143.

[27] – أحمد أجعون، القضاء الإداري، مرجع سابق، الصفحة: 138.

[28] – أحمد أجعون، النشاط الإداري: وظائف الإدارة ووسائلها، مرجع سابق، الصفحة: 108.

[29] – عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحة: 62 (بتصرف)

[30] – جهاد العسري، مرجع سابق، الصفحة: 231 (بتصرف)

[31] – حكم المحكمة الإدارية بفاس عدد 2153/2004 الصادر بتاريخ 8 دجنبر 2004. أورده يوسف دياب، مرجع سابق، الصفحة: 99.

[32] – قرار محكمة النقض عدد 498 الصادر بتاريخ 9 يوليوز 2020 في الملف الإداري عدد 2473/4/1/2018، تم تحميل القرار بواسطة الرابط الآتي http://www.juris.courdecassation.ma/ (تم حصر الموقع في 23/08/2024)

[33] – انظر في ذلك، عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحة: 78 (بتصرف)

[34] – وهي الحالة التي يعبر عنها بالخطأ في الوجود القانوني للوقائع.

[35] – وهي الحالة التي يعبر عنها بالخطأ في التكييف القانوني للوقائع.

[36] – يمكن عرضه على القضاء الشامل إن اقترن بطلبات تتجاوز مسألة الإلغاء إلى طلب التعويض عن الضرر مثلا.

[37] – أحمد أجعون، القضاء الإداري، مرجع سابق، الصفحة: 141.

[38] – عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحة: 90.

[39] – جمال الدين سامي، قضاء الملاءمة والسلطة التقديرية للإدارة، دار النهضة العربية، القاهرة، السنة 1992، الصفحة 172.

[40] – علي مجيدي، السلطة التقديرية للإدارة ورقابة القضاء، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1998/1999، الصفحة: 289.

[41] – عبد المجيد مليكي، مرجع سابق، الصفحة: 92.

[42] – حكم المحكمة الإدارية العليا (بدون ذكر العدد) الصادر بتاريخ 13/01/1965 في القضية عدد 1351 س 8، أورده ماهر أو العينين، ضوابط مشروعية القرارات الإدارية وفقا للمنهج القضائي، الطبعة 1، المركز القومي للإصدارات القانونية، القاهرة، السنة 2013، الصفحة: 891 وما بعدها.

[43] – قرار محكمة النقض عدد 596 الصادر بتاريخ 20/04/2000 في الملف الإداري عدد 102/5/5/1/1998.

[44] – حكم المحكمة الإدارية بأكادير عدد 210 الصادر بتاريخ 31/05/2007 في الملف عدد 550/2005.

[45] – بمعنى هل ترتبط تلك النظريات برقابة القاضي الإداري على المشروعية أو الشرعية أم يتعلق الأمر برقابة الملاءمة.

[46] – رغم الاختلاف الدلالي بين مفهوم التناسب ومفهوم الملاءمة، إذ التناسب في رأينا يظل خاضعا لمراقبة المشروعية، وتأسيس حكم بالإلغاء على أساس التناسب، فإنه لا يبتعد عن إثارة عيب من عيوب المشروعية.

[47] – للمزيد حول  بعض المعطيات المتعلقة بالأصل التاريخي لنظرية التناسب أو الغلو في التقدير في التجربة الفرنسية، انظر:

– Renald DRAGO, Nécrologie : Maxime Letourneur (1906/1980), Rev internationale de droit comparé, Année 1981, V 33, N° 1 : p 115 et 116.

[48] – بعد امتناع القضاء الإداري المصري في شأن قبول طلبات الطعن بالإلغاء في القرارات الإدارية المتصلة بالتقدير الإداري، بعلة خروج السلطة التقديرية للإدارة عن رقابة القاضي الإداري المصري، من ذلك ما جاء في حكم المحكمة الإدارية العليا الصادر بتاريخ 8/12/1926 والذي جاء فيه “لما كان المشرع لم يحدد في قانون…عقوبة معينة لكل فعل تأديبي بذاته بحيث تتقيد الإدارة بالعقوبة المقررة له وإلا وقع قرارها مخالفا للقانون، فإن تقدير تناسب الجزاء مع الذنب الإداري في نطاق تطبيق هذا القانون يكون من الملاءمات التي تنفرد الإدارة بتقديرها والتي تخرج عن رقابة القضاء الإداري” ليعود بعدها القضاء نفسه إلى الأخذ بنظرية التناسب من خلال إصداره لعدد من القرارات القضائية المتواترة، والتي أعمل من خلالها للنظرية المذكورة لتحديد مصير القرار الإداري المطعون فيه. للتعمق: راجع عصام بنجلون، السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية عليها، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، السنة الجامعية 2005/2006، الصفحة: 311 وما بعدها.

[49] – يعتبر صدور قرار محكمة النقض عدد 136 في الملف الإداري رقم 289/5/1/1996 في قضية أجدع رشيد ضد وزير الداخلية، بمثابة بداية لرقابة قضائية على الملاءمة في القرار الإداري.

[50] – قرار محكمة النقض عدد 601 الصادر بتاريخ 08/07/1999، أشير إليه لدى عصام بنجلون، السلطة التقديرية للإدارة والرقابة القضائية عليها، أطروحة لنيل شهادة الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، السنة الجامعية 2005/2006، الصفحة: 321.

[51] – قرار محكمة النقض عدد 927 الصادر بتاريخ 18/12/2003 في الملف الإداري عدد 1273/4/1/2001.

[52] – رغم أن نظرية المنافع والمضار لم تعرف قضائيا، وإنما تم الاستناد على تحديد تعريف لها بناء على ما أنتج القضاء الإداري من تعليلات وحيثيات في قراراته، ومن أبرز ما يستند عليه –عمليا- لتحديد مفهوم النظرية المذكورة، هو قرار مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 28 ماي 1971 في القضية المشهورة بـ “المدينة الشرقية الجديدة” والتي عمق من خلالها مجلس الدولة مراقبة المنفعة العامة عن طريق نظرية الموازنة أو التناسب أو الحوصلة la théorie du bilan.

[53] – عمر محمد مرشد الشريكي، رقابة القضاء على قرارات الإدارة العامة في إنجلترا، رسالة لنيل شهادة الدكتوراه في الحقوق، جامعة القاهرة، السنة 1988، الصفحة: 310.

[54] – حكم المحكمة الإدارية بوجدة عدد 193 الصادر بتاريخ 12/09/2001 في الملف الإداري رقم 104، أورده يوسف دياب، مرجع سابق، الصفحتين:  113 و114.

[55] – قرار محكمة النقض عدد 25 الصادر بتاريخ 05/02/1975، أورده محمد مرغيني، المبادئ العامة للقانون الإداري المغربي، مكتبة الطالب، الرباط، الطبعة 3، السنة 1982، الصفحة: 475.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]