نقاش في المغرب حول “قوانين التمييز” بسبب تخصيص ربع الوظائف العمومية لأبناء المقاومين
في وقت تستعد فيه الإدارة المغربية لفتح مباريات التوظيف المتعلقة بالمناصب المالية الجديدة المحددة في 23 ألفا و168 منصب شغل، تجدد النقاش في المغرب حول القوانين التمييزية، خصوصا في ظل وجود مرسوم يعود إلى ستينات القرن المنصرم، يحدد النظام المتعلق بولوج مناصب الإدارات العمومية المحتفظ بها للمقاومين[1].
- مرسوم يحدث للمقاومين نظاما خصوصيا للتعيين في الوظائف:
جذور المشكلة تعود الى فترة الستينات من القرن العشرين حينما صدر مرسوم[2] ينص في مادته الأولى على إفراد المقاومين بنظام خصوصي للتعيين في المناصب العمومية، يتجلى في استفادتهم وذويهم[3] من عدة امتيازات استثنائية، أهمها :
-تخصيص نسبة قدرها 25 في المائة للمقاومين من المناصب الواجب شغلها في جميع المباريات العامة التي تنظمها إدارات الدولة والبلديات والمؤسسات العمومية[4]؛ مع ضرورة تضمين جميع القرارات الوزارية المتعلقة بتنظيم المباريات على بنود خاصة تسمح بتطبيق هذه المقتضيات؛
-إقرار ترتيب انفرادي للمرشحين المتبارين برسم المناصب المحتفظ بها وكذا قبولهم المتميز في حدود المناصب المخصصة بهم[5]؛ وفي حالة بقاء المناصب المذكورة شاغرة فإنها تخصص لفائدة باقي المرشحين الآخرين المرتبين في درجة ملائمة[6].
-استفادة المرشحين المقاومين من الأسبقية المطلقة في التعيين في حالة ما إذا كان القبول في منصب بإدارات الدولة والبلديات والمؤسسات العمومية يتوقف على شهادات أو لا يتوقف على أي شرط خصوصي.[7]
- مرسوم 1964 قانون يؤسس للتمييز بين المواطنين:
بعد صدور دستور 2011 وفتح نقاش عمومي حول العديد من القوانين التي أضحى من اللازم تعديلها لملاءمتها مع الدستور الجديد[8]، عاد الجدل ليحتدم من جديد حول مدى دستورية مرسوم 1964/10/14. ففي تصريح لرئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية مصطفى كرين أدلى به لعدد من وسائل الاعلام، أكد أن هذا المرسوم “خطير”، فتخصيص 25 بالمائة من مناصب التشغيل للمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير، في ظرفية أصبح التشغيل فيها حالة مستعصية على التدبير الحكومي وذلك منذ مدة طويلة، فضلا عن استفادة “المرشحين المقاومين من الأسبقية المطلقة في التعيين في حالة ما إذا كان القبول في منصب بإدارات الدولة والبلديات والمؤسسات العمومية يتوقف على شهادات أولا يتوقف على أي شرط خصوصي”، يجعلنا أمام حالة تمييز بين المواطنين في الولوج إلى الوظيفة العمومية، يضرب مبدأ المساواة والعدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص عرض الحائط“.[9]
- مبادرة للترافع أمام البرلمان والمطالبة بإلغاء مرسوم 1964:
رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية أكد أن المرصد سيقوم بتعبئة المجتمع المغربي، من أجل الضغط على المؤسسات التشريعية في أفق تعديل القانون المتعلق بالتمييز في منح مناصب الشغل لأبناء المقاومين، والذي يخصص لهم 25 في المائة في إطار خاص، داعيا منظمات المجتمع المدني الى رصد الترسانة القانونية والممارسات التي تخل بالعدالة بين المواطنين، وتكافؤ الفرص، والمساواة بينهم، والاستفادة من مقتضيات الدستور الجديد الذي أقر بالحق في الطعن بعدم دستورية القوانين.
[1]– عرف الفصل الأول من ظهير 11-03-1959 مفهوم المقاوم حيث نص على أنه : تخول صفة مقاوم قديم ولو بعد الوفاة لكل شخص يثبت في حقه أنه فيما بين تاريخ 15 غشت (أغسطس) 1953 وتاريخ 07 أبريل (نيسان) 1965.
اما كافح ضمن وحدة جيش التحرير؛ واما قد أعدم أو قتل أو جرح أو أسر من جراء مشاركته بالسلاح لغاية وطنية في الحوادث التي جرت في التاريخ المذكور؛ واما قد قام بانجاز عمل أو أعمال للمقاومة _وذلك ضمن تشكيلة للمقاومة المسلحة أو اتصال بها_ من شأنها أن تساعد بكيفية فعالة على تحرير البلاد واعادة اقرار سيادتها.
ومن جهة أخرى تمنح ايضا صفة مقاوم قديم ولو بعد الوفاة لكل شخص ثبت انه كافح ضمن فرقة لجيش التحرير لصحراء المغرب خلال الفترة المتراوحة بين 8 أبريل (نيسان) 1956 وفاتح أبريل (نيسان) 1960.
– ظهير رقم 076-59-1 الصادر بتاريخ ( 11 مارس 1959) المتعلق بمنح صفة مقاوم، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2421 بتاريخ 20 مارس 1959.
[2]– يتعلق الأمر بمرسوم رقم 389-64-2 صادر بتاريخ (19 أغسطس 1964) بتحديد النظام المتعلق بولوج مناصب الإدارات العمومية المحتفظ بها للمقاومين (ج. ر. عدد 2711 بتاريخ 14 أكتوبر 1964).
[3]– تم تمديد هذه الامتيازات الى أبناء قدماء المقاومين وجيش التحرير من خلال عدة قوانين أهمها، ظهير بمثابة قانون رقم 534-76-1 صادر بتاريخ (12 أغسطس 1976) يخول بموجبه تعويض اجمالي لبعض قدماء المقاومين و قدماء أعضاء جيش التحرير ولذوى حقوقهم (ج. ر. عدد 3329 18 أغسطس 1976، فضلا عن ظهير رقم 076-59-1 الصادر بتاريخ ( 11 مارس 1959)، وتعديلاته.
[4]– الفصل 2 من مرسوم 1964.
[5]– الفصل 3 من مرسوم 1965
[6]– الفصل 4 من مرسوم 1964.
[7]– الفصل 5 من مرسوم 1964.
[8]– لمزيد من التفاصيل، أنظر:
-أنس سعدون: منهجية تنزيل الدستور في المغرب، تأملات على ضوء تجربة دستور 2011، دراسة للمفكرة القانونية بتعاون مع مبادرة المساحة المشتركة، سلسلة حوارات السياسات-العالم العربي/7، سنة 2015.
[9]– تصريح رئيس المرصد الوطني للعدالة الاجتماعية، وهي منظمة غير حكومية بالمغرب، أدلى به لعدد من المواقع الالكترونية من بينها “هسبريس“ و“بالواضح “بتاريخ 2017/09/19.