مشروع قانون رقم 18-32 للحد من ظاهرة الاستيلاء على العقارات
مباشرة بعد صدور القانون رقم 69.16 الذي عدلت بمقتضاه المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، والذي جاء استجابة للشكاوى التي وردت على الديوان الملكي من طرف مواطنين حول تنامي ظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير، أعلنت الحكومة مواصلة محاربة هذه الظاهرة من خلال بوابة التشريع عبر اعتماد مشروع القانون رقم 18-32 الذي سيتم بموجبه تعديل المسطرة الجنائية، وهو المشروع الذي أعده وزير العدل وصادق عليه المجلس الحكومي.
وسبق للملك محمد السادس أن أثار انتباه الحكومة إلى خطورة هذه الظاهرة، ودعاها إلى مواجهتها بخطة حازمة ومتكاملة، واتخاذ ما يلزم من تدابير تشريعية وتنظيمية وعملية، مطالبا بوضع خطة عمل عاجلة للتصدي للظاهرة والقضاء عليها، والسهر على تنفيذها شاملة بتدابير تؤمن الإعمال الحازم للمساطر القانونية والقضائية في مواجهة المتورطين فيها.
وتأتي هذه المصادقة على مشروع القانون رقم 18-32 القاضي بتغيير وتتميم القانون رقم 01-22 المتعلق بالمسطرة الجنائية تنفيذا لتعليمات الملك المضمنة في رسالته الموجهة إلى وزير العدل بتاريخ 30 دجنبر 2016، والتي طالب فيها بالانكباب على وضع خطة عمل عاجلة للتصدي لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير.
ويهدف مشروع القانون الذي سيحال على البرلمان إلى سد الفراغ التشريعي فيما يخص صلاحية السلطات القضائية المختصة، من نيابة عامة وقضاء تحقيق وهيئات الحكم، في الأمر عبر اتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة لمنع التصرف في أي عقار محل اعتداء، إما عن طريق التزوير أو استعمال وسائل تدليسية.
ويهدف المشروع الحكومي، حسب مذكرته التقديمية، إلى إضفاء الشرعية الإجرائية بعدما كانت بعض السلطات القضائية تلجأ إليه في إطار أبحاث جنائية، لكنها كانت تعارض بسبب غياب إطار قانوني ناظم له، مشيرا إلى منح وكيل الملك صلاحية الأمر باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة لحماية أي ملكية عقارية موضوع اعتداء.
وفي هذا الصدد سيكون من مهام وكيل الملك تجميد العقار، ومنع التصرف فيه طيلة مدة سريان مفعول الأمر الصادر بشأنه، حيث أشار المشروع إلى أنه تم منح المحكمة، إما تلقائيا أو بناء على ملتمس من النيابة العامة أو بطلب من الأطراف، صلاحية الأمر باتخاذ الإجراءات التحفظية اللازمة، بما في ذلك تجميد العقار، إذا تعلق الأمر باعتداء على الملكية العقارية.
وتم التنصيص على منح المحكمة صلاحية البت في الإجراءات التحفظية المتخذة، بما في ذلك الأمر الصادر بتجميد العقار خلال كافة مراحل القضية. كما تم التأكيد على استمرار الإجراءات التحفظية المتخذة، بما في ذلك الأمر الصادر بتجميد العقار في حالة تصريح المحكمة بعدم الاختصاص، لكون الفعل يكتسي صبغة جنائية، وكذلك تفاديا للفراغ الذي يمكن أن يسجل في هذه الحالة.
وإلى جانب ذلك، سبق أن صدر في 14 سبتمبر 2017 القانون رقم 16-69 المعدل للمادة 4 من القانون رقم 08-39 المتعلق بمدونة الحقوق العينية، الذي سيكون له الأثر الفعال في المساهمة في وضع حد لظاهرة الاستيلاء على عقارات الغير ومحاصرة المافيات المشتغلة في هذا المجال، إذ نص على إلزامية تحرير “الوكالة” بموجب محرر رسمي أو من طرف محام مؤهل لذلك تفاديا لإبرام التصرفات العقارية بناء على وكالات مزورة التي شكلت إحدى أبرز الثغرات التي كانت مافيا العقار تستغلها لقضاء مآربها.
يذكر أن المعطيات الرسمية لوزارة العدل تفيد بأن القضاء تداول في 37 قضية من هذا النوع، 25 منها لا تزال أمام أنظاره بالدوائر القضائية لمحاكم الاستئناف، و4 ملفات أمام قضاء التحقيق، و6 ملفات أمام الغرف الجنائية الابتدائية، و10 ملفات أمام الغرفة الجنائية الاستباقية، بالإضافة إلى 5 ملفات أحيلت أو في طور الإحالة على محكمة النقض.
هسبريس