محكمة النقض: تضمين الشيك توقيعا غير صحيح يشكل احتيالا ونصبا
قرار محكمة النقض عدد : 1054/1
المؤرخ في : 25/12/2013
ملف جنحي
عدد : 5185/2013
القاعدة:
إن تعمد الظنين تسليم المطالب بالحق المدني شيكا لا يتضمن توقيعه المطابق للنموذج المودع لدى البنك يشكل احتيالا ونصبا عن طريق تأكيدات خادعة قصد الحصول على منفعة مالية وحرمان الطرف المدني من استخلاص قيمة الشيك المذكور.
مادام أن الظنين هو الساحب للشيك موضوع المتابعة، وافادت الشهادة البنكية انه تعذر الأداء، فإن جنحة عدم توفير مؤونة شيك قصد الأداء عند التقديم تكون قائمة الأركان .
بناء على طلب النقض المرفوع من طرف المسمى عبدالغني قيدوح بن الطاهر، بمقتضى تصريح أفضى به بواسطة الأستاذ المنصوري محمد الركراكي بتاريخ 30 نوفمبر 2012 لدى كتابة الضبط بمحكمة الاستئناف بالدارالبيضاء، والرامي إلى نقض القرار الصادر حضوريا بتاريخ 21 نوفمبر 2012 عن غرفة الجنح الاستئنافية بها في القضية ذات العدد 1964/1/12 والقاضي بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من مصادرة الكفالة لفائدة الخزينة العامة والحكم من جديد بإرجاعها للظنين ـ الطاعن ـ بعد خصم المبالغ المحكوم بها لفائدة المطالب بالحق المدني والغرامة والصائر وبتأييده مبدئيا فيما قضى به من إدانته بجنحتي النصب وعدم توفير مؤونة شيك قصد الأداء عند التقديم ومعاقبته بستة أشهر حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 28800,00 درهم. وفي الدعوى المدنية بإلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من عـدم قبولها شكلا والحكم من جديد بأدائه لفائـدة المطالب بالحق المدني مبلغ الشيك وقدره 115000,00 درهم وتعويضا مدنيا قدره (15000,00) درهم وبتحميله الصائر مجبرا في الأدنى .
إن محكمة النقض/
بعد أن تلت السيدة المستشارة جميلة الزعري التقرير المكلفة به في القضية.
و بعد الإنصات إلى السيد عبدالكافي ورياشي المحامي العام في مستنتجاتـه.
و بعد المداولة طبقا للقانون،
نظرا لمذكرة بيان وسائل الطعن المدلى بها من لدن الطالب، الممضاة في إسم الأستاذين المنصوري محمد الركراكي وعزوزي المصطفى، المحاميين بهيئة المحامين بالدارالبيضاء المقبولين للترافع أمام محكمة النقض.
في شأن وسائل النقض الثلاث المستدل بها مجتمعة، المتخذة أولاها من عدم الارتكاز على أساس وخرق مقتضيات الفصل 288 من قانون المسطرة الجنائية والفصلين 401 و 443 من قانون الالتزامات والعقود:
ذلك أن الطالب أنكر التهمة المنسوبة إليه في كافة المراحل مؤكدا أنه لم يسبق أن سلم الشيك موضوع النازلة إلى المشتكي أو سبق أن تعامل معه، بل إن هذا الشيك كان موضوع تصريح بالضياع مؤرخ في 29/11/2011، وغير محرر بخط يده ولا يحمل توقيعه ولذلك التمس إجراء خبرة خطية عليه، إلا أن القرار المطعون فيه استبعد دفوعه تلك وقضى بمؤاخذته مستندا إلى القول بأن :<< إنكاره تكذبه شهادة المسمى مصطفى الطنجري الذي أكد بعد أدائه اليمين القانونية أنه عاين الظنين عندما سلم شيكا بمبلغ 115.000,00 درهم إلى المدعو الطاهر … فضلا عن اعتراف الظنين أمام السيد قاضي التحقيق بعد مواجهته بالمسمى مصطفى الطنجري بكون صورة الشيك عدد 360448 والذي سلمه إلى هذا الأخير يحمل توقيعه >>. ويلاحظ على هذا التعليل أن شهادة الشاهد التي اعتمدها القرار لا تهدف إلى إثبات واقعة مجردة وإنما إلى إثبات التزام إذ شهد بتسليم مبلغ 115.000,00 درهم بواسطة شيك يفترض فيه إنهاء التزام من طرف العارض اتجاه المشتكيين بالقيمة المذكورة، في حين أن الطالب ينكر أصلا معاملته مع المشتكيين والالتزام المزعوم.
واستنادا لمقتضيات الفصلين 401 و 443 من قانون الالتزامات والعقود التي تظل واجبة التطبيق أمام القضاء الزجري تطبيقا للمادة 288 من قانون المسطرة الجنائية التي تنص على أنه << إذا كان ثبوت الجريمة يتوقف على دليل تسري عليه أحكام القانون المدني أو أحكام خاصة، تراعي المحكمة في ذلك الأحكام المذكورة>>، فإن القرار المطعون فيه لما اعتد بشهادة الشاهد في إثبات تسليم شيك بمبلغ 115.000 درهم من طرف العارض بما يثبت التزامه أصلا بمبلغه، واستبعد دفوعه رادا ملتمسه الرامي إلى إجراء خبرة خطية يكون قد جاء غير مرتكز على أساس وخرقا للفصول المشار إليها أعلاه، مما يعرضه للنقض والإبطال.
والمتخذة ثانيتها من عدم الارتكاز على أساس والاستناد إلى وقائع محرفة ونقصان التعليل بما يوازي انعدامه واستبعاد وسائل إثبات دون مناقشتها:
ذلك أنه تم الاستناد في الفقرة الثانية من التعليل ـ المنقول بالوسيلة الأولى ـ إلى كون الظنين اعترف أمام قاضي التحقيق بكون صورة الشيك رقم 360448 تحمل توقيعه، إلا أنه بالرجوع إلى تصريحات العارض أثناء مرحلة التحقيق يتبين أن الأمر يتعلق بالشيكين عدد 3604428 وعدد 9251684 اللذين سبق أن سلمهما للشاهد وليس بالشيك عدد 3604438 الذي يؤكد أنه ضاع منه، مما يشكل تحريفا للوقائع. كما أنه لإثبات أقواله أدلى بمحضر الاستماع المؤرخ في 29/11/2010 تحت عدد 1090/10 الذي يثبت تصريحه بالتاريخ المذكور بضياع شيكين من بينهما الشيك موضوع الدعوى عدد 3604438، والقرار المطعون فيه عندما أغفل مناقشة هذه الوثيقة جاء ناقص التعليل الموازي لانعدامه ومعرضا للنقض.
والمتخذة ثالثتها من عدم الارتكاز على أساس والاستناد إلى شهادة ذي مصلحة :
ذلك أن الشاهد مصطفى الطنجري عند الاستماع إليه ادعى أنه دائن للطالب بمبلغ 120.000,00 درهم، ومدين للمشتكيين بمبلغ 115.000,00 درهم، وأنه اتفق مع الطالب على خصم مبلغ 5000 درهم من دينه على أن يقوم هذا الأخير بتسليم مبلغ 115.000,00 درهم للمشتكيين وهو المبلغ المضمن بالشيك الذي يشهد بكون العارض سلمه لهما تنفيذا للاتفاق المزعوم معه شخصيا، ويتبين من هذه التصريحات أن الأمر لا يتعلق بشهادة وإنما بادعاءات تحتاج إلى الإثبات لأن الشاهد المستند إلى شهادته هو نفسه في موقع المدعى، ومصلحته واضحة في موضوع هذه الادعاءات، ولذا فإن اعتماد القرار المطعون فيه على تصريحاته واعتبارها شهادة يجعله غير مرتكز على أساس وناقص التعليل المنزل منزلة انعدامه ومعرضا للنقض .
حيث من جهة أولى فإن التعليل الذي أوردته الوسيلة ونسبته إلى القرار المطعون فيه لا يتعلق به.
ومن جهة ثانية فـإن سكوت المحكمة عن طلب إجـراء خبرة خطية على التوقيع يعتبر بمثابة رفض ضمني له.
وحيث إنه من جهة ثالثة فقد علل القرار المطعون فيه ما قضى به في حق العارض بما يلي:
<< حيث توبع الظنين بجنحتي النصب وعدم توفير مؤونة شيك قصد الأداء عند التقديم استنادا إلى ما جاء في شكاية المطالب بالحق المدني من كون الظنين وعلى إثر معاملة تجارية بينهما سلمه شيكا تحت عدد 3604438 يتضمن مبلغ 115.000 درهم مسحوب على البنك الشعبي إلا أنه لم يتمكن من استخلاص قيمته لعدم مطابقة التوقيع.
<< وحيث أنكر الظنين أمام هيئة الحكم الأفعال المنسوبة إليه موضحا بأنه لم يسبق له أن سحب الشيك موضوع الشكاية لفائدة الطرف المدني.
<< لكن حيث إن الثابت من شهادة المسمى مصطفى الطنجري أن الظنين سلم الشيك المذكور للمطالب بالحق المدني لتصفية الديون العالقة بينهما.
<< وحيث إن تعمد الظنين تسليم المطالب بالحق المدني شيكا لا يتضمن توقيعه المطابق للنموذج المودع لدى البنك يشكل احتيالا ونصبا عن طريق تأكيدات خادعة قصد الحصول على منفعة مالية وحرمان الطرف المدني من استخلاص قيمة الشيك المذكور.
<<وحيث إنه مادام أن الظنين هو الساحب للشيك المشار إليه أعلاه، وأن الثابت من الشهادة البنكية بأنه تعذر الأداء فإن جنحة عدم توفير مؤونة شيك قصد الأداء عند التقديم تكون قائمة الأركان في حقه.
<< وحيث يتعين التصريح استنادا لما ذكر بأن الحكم الابتدائي المستأنف جـاء مصادفا للصواب فيما قضى به …..>>.
وحيث مما علل به الحكم الابتدائي المؤيد قضاءه ما يلي:
<< وحيث إن إنكاره هذا تكذبه شهادة المسمى مصطفى الطنجري الذي أكد بعد أدائه اليمين القانونية بأنه عاين الظنين عندما سلم شيكا بمبلغ 115000 درهم إلى المدعو الطاهر، فضلا عن اعتراف الظنين أمام السيد قاضي التحقيق بعد مواجهته بالمسمى مصطفى الطنجري بكون صورة الشيك عدد 3604438 والذي سلمه إلى هذا الأخير تحمل توقيعه وإن كان مخالفا وهو ما تؤكده شهادة البنك التي تفيد عدم مطابقة توقيع الساحب مع النموذج المودع لديه وزيادة على ذلك، ادعى بأن الشيك موضوع النزاع ضاع منه في ظروف عامضة وأدلى بتصريح بالضياع، إلا أن المحكمة بعد اطلاعها على التصريح المذكور تبين لها بأنه لا يتضمن رقم الشيك عدد 3604438 وإنما يتعلق بشيكين يحملان أرقاما مخالفة >>.
وحيث يتجلى من هذا التعليل أن المحكمة أبرزت عناصر الجنحتين اللتين أدانت بهما العارض وفق فصول القانون المنطبقة عليهما، وعللت قرارها في هذا الشأن تعليلا كافيا من الناحيتين الواقعية والقانونية، ولم تخرق المقتضيات القانونية المستدل بها في شيء أما ماعدا ذلك مما نعاه العارض على القرار المذكور فلا يخرج عن كونه مجادلة في حجج الإثبات التي حظيت بقبول قضاة الزجر في حدود سلطتهم التقديرية التي لا تخضع لرقابة محكمة النقض، مما تكون معه الوسائل الثلاث غير مرتكزة على أساس.
من أجـلــه:
قضت برفض الطلب المقدم من عبد الغني قيدوح بن الطاهر