كريم هيباوي : المسؤولية المدنية في المجال البيئي
- من إعداد : كريم هيباوي طالب باحث في ماستر القانون المدني الإقتصادي.
مقدمة :
تعد البيئة[1] الوسط الطبيعي أو المحيط الحيوي الذي يعيش فيه الإنسان و باقي الكائنات الحية، و لقد ارتبطت حياة الإنسان منذ ان وجد على الأرض ، كما ارتبط تطوره الحضاري باستغلاله لإمكانيتها و طاقاتها ، إلا ان هذا الاستغلال كان محدودا في العصور الأولى ، فلم تكن البيئة تثير أي إشكالات وذلك راجع إلى بساطة المكونات و الحاجيات الإنسانية.[2]
غير ان الإخلال بالتوازن البيئي الناتج عن التدهور المستمر للعناصر المكونة للبيئة ، و ازدياد مظاهر التلوث بمختلف أشكالها التي تلحق الإنسان جراء الأنشطة المضرة و المزعجة و المقلقة للراحة، فضلا عن التشوه العمراني و المساس بالطابع الجمالي[3] ، و بالموروث الثقافي و التاريخي. ان كل ذلك أدى الى تزايد الاهتمام بالمجال.لذلك تعالت الأصوات بين شعوب العالم[4] تنادي بضرورة المحافظة على البيئة و حمايتها، إيمانا بان الحماية الوقائية للبيئة من التلوث خير من حمايتها العلاجية المتمثلة في تعويض اضراره بعد وقوعها .ومن تم فإن الدول المتقدمة صناعيا هي اول من شعر بالآثار البيئية السيئة الناشئة عن تطبيق بعض أنواع التكنولوجيا ، فكانت الولايات المتحدة الامريكية ثم بعدها الدول الأوربية كما لا ننسى كذلك دول اسيا التي اهتمت بدورها بهذا المجال من خلال إنشاء جمعيات تهدف إلى المحافظة على البيئة .[5] الشيء الذي دفع المشرع المغربي بدوره من خلال وضع العديد من النصوص القانونية المتعلقة من جهة، بحماية و استصلاح البيئة [6] و تدبير العناصر الطبيعية[7]،من خلال وضع اطار قانوني عام ينظم من جهة اخرى المسؤولية المدنية بشأنها ، الى جانب ارسائه لأنظمة خاصة بالمسؤولية المدنية في عدة مجالات بيئية كالأنشطة النووية ( القانون رقم 12.02) و استغلال المقالع ( القانون رقم 08.01) و تدبير النفايات و التي يمكن ان تترتب عنها اضرار بالنسبة لسكينة الجوار و للبيئة .[8]
عموما إن نظام المسؤولية المدنية بوجه عام عرف تطورا مهما نتيجة التحولات الاقتصادية و الاجتماعية الهائلة التي عرفها المجتمع في النصف الثاني من القرن الماضي و بداية هذا القرن.
و بطبيعة الحال التي أدت إلى تحول مهم في المفاهيم الأساسية للمسؤولية المدنية كما هو الشأن في المجال البيئي كون أن قواعد المسؤولية المدنية عجزت في عدة محطات خاصة في هذا المجال نظرا لما أصبح يتعرض له الإنسان من مخاطر لاسيما المتعلقة باكتشاف واستعمال الطاقة النووية و تزايد الأنشطة الصناعية الذي انعكس على صحة الإنسان وعلى البيئة بوجه عام الشيء الذي دفع المشرع المغربي بدوره الاهتمام بهذا المجال باعتباره من[9]الحقوق المضمونة وفق الدستور المغربي لسنة 2011. وتأثره بالقضاء الفرنسي الشيء الذي دفعه بوضع مجموعة من النصوص الخاصة من أجل تنظيم هذا المجال مما جعل هذا النوع من المسؤولية مسؤولية موضوعية لحماية ضحايا الأضرار البيئية على غرار التشريعات الأخرى التي تحاول قدر الإمكان منح المضرورين تعويضا كاملا. ومن هذا المنطلق أصبحت البيئة محمية بحكم القانون،ومن تم فإن كل نشاط يسبب ضررا بيئيا، أصبح معه بالإمكان اللجوءإلى القضاء للمطالبة بالتعويض عنه عبر نظام المسؤولية،و الضمانات القانونية و القضائية المؤيدة له[10].والواقع أن موضوع المسؤولية البيئية يكتسي أهمية بالغة.
*الأهمية القانونية [11]: التعرف من خلالها على دور المشرع في مجال المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي و ذلك من خلال معالجة اساس هذه المسؤولية و مختلف انواعها ،و الاثار المترتبة عنها في حماية المكونات الطبيعية ، و مدى تفاعل الفقه و القضاء مع هذه المعطيات في وضع حدود و تعريفات موحدة للضرر البيئي.
*الاهمية الاقتصادية: تكمن في التسابق للسيطرة على الثروات و الموارد الطبيعية التي يتيحها الوسط البيئي
*الاهمية الاجتماعية: إن البيئة هو الوسط الذي يعيش فيه الانسان ظلت محل تغيير بفعل انشطة هذا الاخير التي تحكمها حاجياته الحياتية
*الاهمية القضائية: دور الاجتهاد القضائي في تكريس طابع حمائي للبيئة من مختلف الاضرار البيئية، ومساير لهذا النوع الجديد والخاص من المخاطر، و تحديث قواعد المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي مع ملائمة حماية حقوق المتضررين بيئيا و تحقيق التنمية المستدامة في ابعادها الشمولية.
ومن هنا يمكن طرح الاشكالية التالية :إلى أي حد استطاع كل من المشرع والقضاء المغربي على غرار باقي الأنظمة المقارنة من وضع نظام قانوني حمائي في المجال البيئي في ظل التحولات الاقتصادية والتكنولوجية ؟
عموما الإجابة عن هذا الموضوع نقترح من خلالها مناقشته وفق التصميم التالي :
- المبحث الأول : تطور النظام القانوني للمسؤولية البيئية
- المطلب الأول : نظرية الخطأ الثابت كأساس قانوني للمسؤولية البيئية
- المطلب الثاني : المسؤولية الموضوعية عن الضرر البيئي
- المطلب الثالث : الأنظمة البيئية الخاصة في إطار الاتفاقيات الدولية
- المطلب الرابع : مبادئ القانون البيئة
- المبحث الثاني : دعوى المسؤولية البيئية في التشريع المغربي
- المطلب الأول : قواعد الاختصاص وشروط قبول الدعوى في المجال البيئي
- المطلب الثاني : اثار المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية
- المطلب الثالث: دفع وتقادم المسؤولية المدنية
المبحث الأول : تطور النظام القانوني للمسؤولية البيئية
كما هو معلوم أن هدف المسؤولية المدنية بوجه عام هو تعويض نظرا ما يصيبهم من أضرار ، غير أن الأساس التي تقوم عليه المسؤولية المدنية يجعلنا نتساءل عن مدى إمكانية استيعابها للإشكالات الناتجة عن التطور التكنولوجي وتقدم المجتمعات.
المطلب الأول : نظرية الخطأ الثابت كأساس قانوني للمسؤولية البيئية
بالرجوع إلى الفصلين 77 و78 منق.ل.ع المقابل بمقتضى المادة 1382 من القانون الفرنسي السابق و1240 حاليا ، حيث أن الفصل 77 يحدد الأركان الأساسية لقيام المسؤولية المدنية:
كل فعل ارتكبه الإنسان عن بينة واختيار من غير أن يسمح به القانون.
وقد أحسن المشرع صنعا عندما استعمل مصطلح كل فعل بدل كل خطأ مثلا ، حتى يتمكن من استيعاب جميع الأفعال التي قد تظهر في المستقبل شريطة أن تكون مخالفة للقانون ، وقد عرف الفصل 78 من ق.ل.ع الخطأ بأنه ” هو ترك ما كان يجب فعله أو فعل ما كان يجب الإمساك عنه وذلك من غير قصد إحداث الضرر ” .
ومن هنا يمكن أن نلاحظ على أن نظرية الخطأ الثابتالتي أسسها المشرع المغربي في الفصل 77 و78 من ق.ل.ع ، قد ألقت عبئ الإثبات على عاتق المتضرر ، وهذا ما يصعب تحقيقه من الناحية العملية وخصوصا في مجال الأضرار البيئية .حيث نجد أن الملوث المسؤول عن الأضرار الناتجة عن أفعاله لا تظهر إلا بعد مرور مدة معينة ، أي أن العلاقة السببية يصعب إثباتها مادام فعل الملوث المسؤول لا يحدث أثاره التي تهدد صحة الإنسان إلا بعد مرور مدة من الزمن . وعلى هذا الأساس يجب الاعتراف بأنه من النادر جدا تأسيس مسؤولية الملوث على أساس الخطأ الثابت ، لأن المضرور لا يمكن له الحصول على تعويض ما أصابه من أضرار التلوث إلا بإثبات كل عناصر لقيام المسؤولية المدنية بوجه عام من خطأ وضرر وعلاقة سببية.
وبالرجوع إلى الفصل 94 من قانون الالتزامات و العقود ” لا محل للمسؤولية المدنية، إذا فعل شخص بغير قصد الإضرار ما كان له الحق في فعله.
غير أنه إذا كان من شأن مباشرة هذا الحق أن تؤدي إلى إلحاق ضرر فادح بالغير وكان من الممكن تجنب هذا الضرر أو إزالته، من غير أذى جسيم لصاحب الحق، فإن المسؤولية المدنية تقوم إذا لم يجر الشخص ما كان يلزم لمنعه أو إيقافه”ويكاد يجمع الفقه[12] الأساس القانوني لنظرية التعسف في استعمال الحق هو الخطأ. فالتعسف في استعمال الحق ليس سوى صورة من صور الخطأ التقصيري ويخضع بالتالي لنفس المعيار الذي يحكم الخطأ وهو معيار الانحراف عن سلوك الشخص العادي، باعتبار أن من يتعسف في استعمال حقه ويضر بغيره يخل بالمبدأ العام الذي يقضي بوجوب الامتناع عن الإضرار بالغير[13].وفي هذا الصدد كانت محكمة “كولمار” الاستئنافية بفرنسا أول من اقر في حكم قديم لها بتاريخ 2 ماي 1855 بوجوب مساءلة صاحب منزل تعسف في استعمال حقه بقصد الاضرار بجاره و ذلك عبر اقدامه على بناء مدخنة بسطح منزله في مواجهة نافذة جاره قصد إيذائه[14]، و هكذا فالمالك يكون متعسفا اذا أنه اقام حائطا في حدود ملكه و كان من شانه حجب النور و التهوية عن جاره دون أن يكون له نفع ظاهر من هذا البناء وقد ذهب الفقه، إلى أن نظرية التعسف في استعمال الحق يمكن أن يكون لها نصيب في منازعات التلوث البيئي ويمكن أن تكون تلعب دورا كبيرا في تلك المنازعات، بيد أن ذلك مقرون بتوافر الضوابط التي أوردها المشرع المغربي. وعلى ذلك فإن هذه النظرية قد تكون قاصرة عن أن تستوعب كافة منازعات التلوث البيئي لعدم توافر تلك الضوابط في كافة المنازعات . وعليه للحديث عن نظرية التعسف في إستعمال الحق ينبغي توفر الشروط التالية :
-أن تكون ممارسة الحق بقصد الإضرار بالغير.
-أن يكون بالإمكان تجنب الضرر وإزالته من غير أذى جسيم لصاحب الحق، أو ما يعرف بشرط عدم التناسب بين المصلحة والضرر.
عدم مشروعية المصلحة التي يهدف إلى تحقيقها صاحب الحق.
وهذه الشروط هي نفسها التي أكدت عليها محكمة النقض في أحد قراراتها[15].
إن إثبات قصد الإضرار بالغير من الأمور التي يختص بها قضاء الموضوع، وغالبا ما يعتمد على القرائن القضائية في إثبات ذلك، مثل انعدام مصلحة صاحب الحق التي تكشف عن سوء نية الجار في الإضرار بجاره، وتفاهة المنفعة التي يمكن أن يحققها الجار من استعماله لحقه. فإذا استعمل المالك حقه بهدف تحقيق مصلحة لا تتناسب مع الضرر الكبير أصاب الغير، فإنه يعتبر متعسفا في استعمال حقه الشيء الذي يستوجب مسؤوليته في هذا صدد نعرض بعض القرارات القضائية :
-ثبوت مسؤولية مستغل المخابز عن الروائح الكريهة الناجمة عن مادة ” المازوت”، والتي ترتب عنها ضرر بيئي لمؤسسة فندقية، تمثل في انصراف النزلاء وتغييرهم لوجهتهم نحو فنادق أخرى[16].
-إقرار مسؤولية صاحب منشأة صناعية عن الغازات المنبعثة، أدت إلى قتل العديد من العناصر الطبيعية: نباتات ومزروعات، متواجدة بالقرب من المنشأة[17].
-إقرار المسؤولية عن تلويث الهواء نتيجة لحرق وترميد المخلفات المنزلية بطريقة اعتيادية دون أخذ الاحتياطات اللازمة[18].إذ الغالب أن يستعمل صاحب الحق حقه دون قصد الإضرار بالغير مبتغيا من وراء هذا الاستعمال لحقه تحقيق مصلحة جدية ومشروعة يقرها القانون. ومع ذلك يحدث أن ينتج عن ممارسته لحقه حصول مضار وتلوث للغير يتجاوز الحد المتسامح فيه، لنفترض أن صاحب مصنع أقام مصنعه وقام بكل ما يلزم من التدابير والاحتياطات التي يتخذها الرجل الحريص، ومع ذلك نشأ ضرر للغير بسبب إقامة هذا المصنع من التلوث المنبعث منه، فهل يلزم مع ذلك بالتعويض؟
عموما يستحيل القول بإمكانية تقرير مسؤولية صاحب المصنع في التلوث عما ينجم من أضرار للغير، استنادا إلى نظرية التعسف في استعمال الحق، لعدم توافر أي ضابط من الضوابط السابقة المنصوص عليها في الفصل 94 ق.ل.ع.
ويترتب عن ذلك نتائج ثلاثة:
*الأولى: إفلات صاحب الحق المتسبب في التلوث من المسؤولية عن تعويض الغير المضرورين من التلوث، رغم هو المتسبب في حصول هذا الأخير.
*الثانية: ترك المضرورين دون تعويض عما لحقهم من أضرار وبالتالي فإنهم يتحملون وحدهم عبء الضرر الناجم عن التلوث الذي لم يكن لأفعالهم إي دخل في حصول. وليس من شك أن ذلك مما يتنافى وقواعد العدالة.
*الثالثة: الإضرار بالبيئة ذاتها وإفساح المجال لتلويثها وعدم المحافظة عليها وحمايتها، إذ طالما أن صاحب الحق لن تتقرر مسؤوليته في مثل تلك الأحوال السابقة، فإنه لن يكترث بالمحافظة على البيئة أو منع تلوثها طالما أنه يمارس حقه ممارسة مشروعة.
وكما هو معلوم أن المشرع المغربي نص في ق.ل.ععلى نظرية مضار الجوار في الفصلين 91 و 92، كما أوردها في مدونة الحقوق العينية قانون 39.08 في المادة 21، وأفرد لها مكانة خاصة، في حين لم يقررها المشرع الفرنسي بنصوص تشريعية وبقيت نظرية من صنع القضاء الفرنسي، وكانت بداية ميلاد هذه النظرية في القضاء الفرنسي سنة 1844م،[19] حين عرض على محكمة النقض الفرنسية دعوى تتعلق بالتعويض عن الأضرار التي أصابت الجيران من جراء التلوث الصناعي الناجم عن إحدى المنشآت الصناعية، وأصدرت فيها حكمها الشهير في 27 نوفمبر 1844 والذي قرر نظرية مضار الجوار، حيث قررت محكمة النقض هذا الحكم مبدأ بمقتضاه يمكن للجار المضرور أن يطالب بالتعويض عن المضار غير المألوفة التي تحملها رغم أن فاعل هذه المضار لم يقترف أي خطأ وفقا لمعيار الرجل المعتاد، وأعلنت صراحة مبدأ مسؤولية الجار عن المضار التي يشكو منها الجيران متى كانت هذه المضار تتجاوز من شدتها واستمراريتها أعباء الجوار الواجب تحملها بغض النظر عما إذا كان الجار أخذ أو لم يأخذ الاحتياطات اللازمة.[20]من خلال قرار”دوناي” حيث تتلخص وقائعها في ان مالك مدرسة تضرر من الضجيج المنبعث من محل للحدادة يبعد بعشرينمتر، حيث كان يصعب على التلاميذ التركيز اثناء القاء الدروس من طرف المدرسين[21] ). و هو ما يستشف من خلال الفصلين 91 و92 منق.ل.ع اللذين يكرسان لهذه النظرية [22] أيضا جاء في قرار لمحكمة النقض الغرفة الإدارية:” ان المحكمة لما ثبت لها من عناصر ومعطيات النزاع ومن تقرير الخبير، تحقق قيام مسؤولية الإدارة عن الاضرار التي نتجت عن الفيضانات من خلال عدم اخدها بعين الاعتبار جميع العوامل عند إقامة الحاجز وانشاء القناة لتصريف المياه، وتبعا لذلك عدم اتخاده قبل ذلك الاحتياطات اللازمة من اجل تفادي وقوع مثل هذه الحوادث بإعداد دراسات تقنية وهندسية معمقة …. وبالتالي فان، فإنها تكون قد عللت قرارها تعليلا سليما وسائغا مما يستوجب معه تأييده وجعل الصائر على رافعه” قرار محكمة النقض عدد 2680 الصادر بتاريخ 15.05.2014 غير منشور.[23]
و من جهة قيام العلاقة السببية بين الخطأ و الضرر البيئي كان للمحكمة الابتدائية بمكناس يوم 6/6/2015 السبق من خلال حكمها الاستعجالي المشمول بالنفاذ المعجل مع التنفيذ على الاصل الذي قضى بإذانة شركة ” اتصالات المغرب ” في قضية تنصيب لاقط هوائي فوق سطح منزل احد السكان و استندت في تعليلها :” … ان مبدأ الحيطة و الحذر يقتضي اتخاد تدابير احترازية و امتناعية عند الاقتضاء كلما كان هناك سبب كاف للاعتقاد بان أي نشاط او منتج قد يسبب اضرار جسيمة بشكل غير قابل للتدارك على صحة الانسان دونما الحاجة الى إقامة الدليل القاطع و الملموس على وجود علاقة سببية بين هذا النشاط او المنتج و الاضرار الوخيمة التي قد يترتب عنه مستقبلا .
وإذا كانت الأضرار البيئية تنتج عن الروائح الكريهة التي تضر بالصحة العامة، وعن المياه الملوثة التي تلحق الضرر بالتربة والإنتاج الزراعي، فان القضاء المغربي لم يتردد في تحميل الإدارة عما نجم عن نشاطها في تسيير المرفق العام وتشغيله من أضرار بيئية، حيث قضى بمسؤولية بلدية بوزنيقة عن الأضرار البيئية بسبب مطرح النفايات الذي تنبعث منه روائح كريهة ومياه ملوثة ألحقت أضرار بيئية بالغير، [24] كما أن الانسياب الطبيعي لمياه ملوثة يسبب أضرار بيئية في محيط الجوار ويعطي الحق للمتضرر بالمطالبة برفع هذا الضرر، وفي هذا الإطار قضت محكمة النقض في أكثر من قرار بمسؤولية شركة ريضال عن التلوث البيئي الناتج عن مياه الصرف الصحي التي ألحقت ضررا بيئيا بالجوار نتج عنه تلويث التربة الزراعية ومياه الآبار.[25]
ومن المسلم به أيضا أن الأضرار التي تنجم عن تلوث مياه آبار الجوار تخضع كذلك لمبدأ التعويض طبقا لنظرية مضار الجوار، لأن الإنسان في نشاطه اليومي يعتمد على وجود مياه نظيفة وصالحة للاستعمال، وان تلوثها يعطي للجار الحق في طلب التعويض عن الضرر البيئي الذي أصابه من جراء تلوث المياه، وتطبيقا لذلك قضت محكمة النقض بمسؤولية المكتب الشريف للفوسفاط في شخص ممثله القانوني بمسؤوليته عن تلوث مياه بئر الجار نتيجة نشاطه الصناعي الذي يزاوله بجوار المضرور.[26]
ومن ثمة إذا كانت نظرية مضار الجوار من النظريات الرائدة التي اعتمد عليها الفقه والقضاء كأساس قانوني لجبر الأضرار البيئية كلما توافرت شروط تطبيقها، فإنها تبقى مع ذلك غير قادرة على حماية كل المحيط البيئي من أضرار التلوث البيئي وذلك ما سنعالجه في ثانيا.
المطلب الثاني : المسؤولية الموضوعية عن الضرر البيئي
بالعودة إلى القانون 11.03 نلاحظ ملاحظة أساسية وهي أن المشرع المغربي على غرار باقي التشريعات المقارنة حاول قدر المستطاع تخفيف عبئ الإثبات واتجه نحو المسؤولية الموضوعية وهذا ما يتبين لنا من خلال المادة 63 من القانون رقم 11.03 التي جاء فيها ما يلي: ” يعتبر مسؤولا دون الحاجة إلى إثبات خطأ ما، كل شخص مادي أو معنوي يخزن أو ينقل أو يستعمل محروقات أو مواد مضرة وخطيرة، وكذا كل مستغل لمنشأة مصنفة كما يحددها النص التطبيقي لهذا القانون، تسببت في إلحاق ضرر جسدي أو مادي له علاقة مباشرة بممارسة الأنشطة المشار إليها أعلاه”.
ومن أهم الحالات التي افترض فيها المشرع الخطأ في جانب الشخص المسؤول، المسؤولية في حراسة الشيء التي نص عليها الفصل 88 من ق.ل.ع المغربي التي تقابلها المادة 1242 من القانون المدني الفرنسي الجديد وحتى نتمكن من الوقوف على معالم قواعد هذه المسؤولية المدنية المفترضة في حراسة الشيء ومدى إعمالها في مجال الأضرار البيئية، يتعين علينا الإشارة إلى شروط مسؤولية حراسة الشيء المضر بالبيئة. حيث يقصد بالحراسة السيطرة الفعلية على الشيء قصدا واستقلالا سواء استندت هذه السيطرة إلى حق مشروع أو لم تستند. فالحارس هو من له السيطرة على الشيء في الاستعمال والتوجيه والرقابة لحساب نفسه، وهذا التعريف أخذت به محكمة النقض الفرنسية، كما عرفت محكمة النقض المغربية الحراسة بأنها السلطة الفعلية في الرقابة والتوجيه والتصرف في الشيء المتسبب في الضرر ولو لم تكن له الحيازة المادية على الشيء.[27]فسلطة الاستعمال تعني سلطة الشخص في استخدام الشيء في أحد الأغراض التي خصص لها، ويكفي القول بهذه السلطة ووجودها دون اشتراط مباشرتها بالفعل، وتتحقق سلطة التوجيه عندما يملك الحارس سلطة الأمر التي ترد على استعمال الشيء لتحديد طريقة استعماله في الزمان والمكان والغرض منه، حيث تظل هذه السلطة مرتبطة بالشخص رغم ابتعاده عن الشيء. أما سلطة الرقابة فإنها تتحقق بالإشراف على الشيء بحيث يكون في إمكان الحارس أن يقوم بالإجراءات اللازمة لتجنب وقوع أي ضرر يمكن أن يحدث عن استخدام الشيء أو توجيهه، وذلك لضمان صلاحيته للاستعمال الذي خصص له، والأصل أن المالك هو الحارس للشيء إلى أن يثبت أن الحراسة انتقلت منه إلى شخص أخر وقت وقوع الحادث.[28]ومن تم يجب لقيام المسؤولية عن الأشياء أن يتدخل الشيء في إحداث الضرر، سواء كان هذا الشيء مواد ملوثة أو زيوت مستعملة أو نفايات صلبة أو سائلة…،فان لم يكن للشيء أي دور في حصوله فان حارسه لا يمكن أن يسأل طبقا للفصل 88 من ق.ل.ع المغربي، وضرورة تدخل الشيء في حدوث الضرر لا تتطلب أن يكون هناك اتصال أو احتكاك مادي بين الشيء والشخص المضرور أو المال الذي أصابه تلف، ولا يمكن اعتبار الشيء أحدث ضررا إلا إذا كان له دور ايجابي في حدوثه، بمعنى أن يكون هو السبب المنتج للضرر، كما لو دهست سيارة أحد المارة أثناء تحركها، ويمكن القول أن الشيء تدخل ايجابيا في إحداث الضرر إذا كان هذا الشيء في وضع يسمح عادة بأن يحدث ضرر طبقا للمجرى العادي لسير الأمور.[29]وخلاصة القول أن أي تدخل من جانب الشيء الخاضع للحراسة في حدوث الضرر لا يكفي لتوافر رابطة السببية، بل يجب أن يكون هذا التدخل ايجابيا وليس سلبيا وهذا ما أقرته محكمة النقض المغربية في قرار صادر عنها بتاريخ 21/03/1984.[30]وقد اعتبر الفقه وأيده في ذلك القضاء، أن الروائح الكريهة والأدخنة السوداء الخانقة والضوضاء المفرطة الناتجة عن تشغيل الآلات، والغازات السامة المترتبة عن سير العمل في المنشآت الصناعية، وغيرها من الأشياء غير الملموسة والمسببة لأضرار التلوث البيئي من الأشياء الممكن حيازتها والسيطرة عليها، وبالتالي تدخل في مضمون النص الخاص بحراسة الأشياء.
تطبيقا لهذا التصور الواسع الذي يشمل عمليات التلوث التي تحدث بفعل الأشياء غير الحية وغير الملموسة، قضت محكمة النقض الفرنسية بمسؤولية شركة الكيماويات عن الأضرار الناتجة عن تسرب الغازات السامة من الأنابيب الموجودة في باطن الأرض والتي أدت إلى موت أحد الأشخاص على أساس المسؤولية عن حراسة الشيء الخطر، والتي لا تشترط بدورها أن يكون الشيء موجودا على سطح الأرض وذلك من أجل انعقاد المسؤولية بناء على نص المادة 1242من القانون المدني الفرنسي بل يكفي أن يكون الشيء قد شارك في إحداث الأضرار بغض النظر عما إذا كان موجودا على سطح الأرض أو في باطنها، كما قضت بمسؤولية مستغل الطائرة عن الأصوات المزعجة الصادرة عن محركات الطائرات الأسرع من الصوت والتي أدت إلى تهدم بعض المنازل تأسيسا على المسؤولية عن حراسة الأشياء الخطرة.[31]كما اعتمد الفقه المغربي نفس الأساس القانوني القائم على المسؤولية المفترضة في حراسة الشيء في مجال المسؤولية البيئية طبقا للفصل 88 من ق.ل.ع، من أجل المطالبة بالتعويض الكامل عن الأضرار البيئية التي لحقت بالمتضررين دون أن يكلفوا بإثبات خطأ المسؤول الملوث، وأيده في ذلك القضاء،[32] حيث قضت محكمة النقض بمسؤولية المكتب الوطني للكهرباء عن الأضرار الناجمة عن إقامته أعمدة كهربائية ذات ضغط عالي ألحقت بالغير أضرارا بيئية،[33] وفي نازلة أخرى نقضت قرار محكمة الاستئناف الذي قضى برفض إزالة لاقط الهاتف المحمول الذي كان فوق سطح إحدى الفيلات يصدر ضجيجا مستمرا بدون انقطاع يقلق راحة الساكنة بعلة أن المحكمة عندها اعتمدت فقط على الضرر المتعلق بالصحة ولم تبحث في أوجه الأضرار الأخرى ولم تجب عنها لا سلبا ولا إيجابا فيكون قرارها مشوبا بنقصان التعليل الموازي لانعدامه ومعرضا للنقض والإبطال.[34] وفي قرار أخر قضت بمسؤولية شركة ريضال عن الأضرار البيئية الناتجة عن مياه الصرف الصحي التي ألحقت ضررا بالتربة الفلاحية ومياه الآبار.[35] ومن ثم كانت الغاية الأساسية من الأخذ بنظرية الخطأ المفترض كأساس للمسؤولية البيئية، هو معالجة عيوب نظرية الخطأ الثابت وتعويض المتضررين دون حاجة إلى إثبات الخطأ البيئي وتعد هذه النظرية أحد صور المسؤولية الموضوعية ومن أفضل الأسس القانونية التي أخد بها القضاء لضمان حماية شاملة لمضروري التلوث البيئي.[36]وبالتالي رغم أهمية المسؤولية البيئية على نظرية الخطأ المفترض في حراسة الشيء فإنها لا تغطي معظم الأضرار البيئية التي تتنوع مصادرها.
المطلب الثالث : الأنظمة البيئية الخاصة في إطار الاتفاقيات الدولية
ان الأنظمة البيئية الخاصة لم تكتف باعتماد المسؤولية الموضوعية، وانما اقرت قواعد خاصة تتلاءم مع طبيعة المخاطر الاستثنائية التي تنجم عن استعمال مواد خطرة في ذاتها كالمواد المشعة والتي تقتضي لمعالجة الاثار الضار المترتبة عنها استخدام قواعد استثنائية مقارنة مع الاليات التقليدية للمسؤولية.
هذا و نظرا للطابع الدولي الذي تكتسيه بعض حوادث التلوث البيئي، قد انصب اهتمام المنتظم الدولي من خلال العديد من المعاهدات الدولية [37] على وضع أنظمة قانونية موحدة لمشاكل المسؤولية المدنية عن اضرار الناجمة عن بعض الانشطة و التي من شانها ان تحدث كوارث بيئية قد شكلت هذه الأنظمة نموذجا اعتمدته التشريعات الوطنية للعديد من الدول كما هو الشأن في مجال تنظيم المسؤولية عن المخاطر النووية و اضرار التلوث بالمحروقات .ولعل التوجهات الأساسية لهذه الاتفاقيات تتلقى في معظمها مه الكتاب الأبيض الذي اعتمدته لجنة المجموعة الاوربية بتاريخ 9/2/2000 la commission des communautés européenne حول المسؤولية البيئية والذي يقترح تبني مذكرة اطار تعتمد نظام المسؤولية الموضوعية عن الاضرار الناتجة عن الأنشطة الخطرة المقننة على الصعيد الأوربي و تركيز المسؤولية على عاتق المستغل للنشاط. و تسهيلا لمأمورية الضحايا فان الكتاب الأبيض يعفي الضحية من اثبات علاقة السببية بين الحادث و الضرر، فهي تبقى مفترضة و على المستغل نفي الرابطة السببية بين النشاط الذي يزاوله و الضرر محل الادعاء و هو ما ترجمته مختلف التشريعات البيئية ،و في هذا السياق نجد المشرع المغربي تعزيزا لآليات ومؤشرات الحكامة في التدبير البيئي المعتمد عالميا اصدر نصوص قانونية منظمة للعديد من القطاعات البيئية تتضمن احكاما خاصة للمسؤولية البيئية بشأنها ،مع سن اطار ينظم احكام المسؤولية البيئية بشكل عام و نقعني به القانون رقم11.03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة ،فضلا عن تناول الميثاق الوطني للبيئة نظام المسؤولية عن الضرر البيئي.وقوانين أخرى الهدف منها حماية العناصر المكونة للبيئة. وللإشارة فان عمل المغرب في مجال التنوع البيولوجي لا تؤطره فقط اتفاقية التنوع البيولوجي، بل هناك مجموعة من الاتفاقيات الدولية والإقليمية التي انظم إليها نذكر منها:
*الاتفاقية الدولية لحماية النباتات الموقعة بتاريخ 6 دجنبر 1951 والتي أنظم اليها المغرب سنة 1971
* الاتفاقية الإفريقية لحفظ الطبيعة والموارد الطبيعية الموقعة بالجزائر العاصمة سنة 1968 والتي صادق عليها المغرب في 19 شتنبر 1977.
هذه الاتفاقيات تثبت رغبة المغرب في المساهمة في الجهود المبذولة على الصعيد العالمي من أجل الحفاظ على التنوع البيولوجي بجميع مكوناته.
أما اتفاقية التغيرات المناخية، ثم توقيعها بالولايات المتحدة الأمريكية سنة 1992 ودخلت حيز التنفيذ دوليا سنة 1994، وبموجب هذه الاتفاقية ستعمل الدول اختياريا على خفض نسبة انبعاث غازات الاحتباس الحراري خاصة ثنائي أكسيد الكربون، وأدرجت هذه الاتفاقية وسائل عمل لمقاومة الآثار السلبية للتغيرات المناخية، و ألقت على عاتق جميع الدول الأطراف التزاما عاما يقضي بتتبع مراحلها مع تقديم تقارير بالإجراءات التي تتخذ لتنفيذ مقتضيات الاتفاقية. وقامت هذه الاتفاقية بتقسيم الدول الي مجموعتين:
-دول المرفق الأول : الدول الصناعية، وغير دول المرفق الأول وتشمل جميع الدول النامية.
وقد صادق المغرب أيضا على هذه الاتفاقية في 28 دجنبر 1995، ودخلت حيز التنفيذ بتاريخ 27 مارس 1996، كما شاك في أشغال المؤتمر الثالث للأطراف المنعقد بمدينة كيوطو، ووقع على بروتوكول كيوطو حول التغيرات المناخية الذي انتهى العمل به في 2012. وقد عقدت الدورة الثانية والعشرون لمؤتمر الأطراف[38] في الاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (COP22) بمراكش ما بين 07 و18 نونبر 2016والدي جاء بعد الاعتماد التاريخي للاتفاق العالمي الأول بشان المناخ في مؤتمر الأطراف COP 21في باريس. ولقد شكل مؤتمر مراكش ، برأي العديد من الخبراء في مجال البيئة والتغيرات المناخية، فرصة لتجديد المبادرات في مجال التكيف والتخفيض من انعكاسات التغيرات المناخية، . وكان مناسبة لإبراز جهود المغرب في ما يتعلق بالتخفيض والتكيف مع التغيرات المناخية، بعد إعلان صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه خلال الجلسة الافتتاحية لكوب 21، أن هدف بلوغ نسبة42 بالمائة من الطاقات المتجددة لسد الحاجيات الوطنية في أفق سنة2020، قد تم رفعه مؤخرا إلى 52 بالمائة بحلول سنة 2030. [39]
. وثم إصدار ثلاث وثائق دولية وهي: إعلان ريو حول البيئة والتنمية، أجندة القرن 21 لحماية البيئة، و إعلان المبادئ حول الغابات.
وقد حرص واضعوا إعلان ريو على تبني المبادئ التي جاء بها إعلان ستوكهولم. وعملوا على جعلها ملائمة للتطورات التي عرفها المجال البيئي، كما ركز إعلان ريو على دور الدول في إطار سيادتها الوطنية في تكريس هذه المبادئ وترجمتها إلى قواعد قانونية فعالة و ملزمة ضمن تشريعاتها الداخلية. وثم بالفعل التركيز على مجموعة من المبادئ الواجب اعتمادها للحفاظ على التوازن البيئي، من بينها مبدأ الوقاية والاحتياط، مبدأ الاستغلال العقلاني للموارد الطبيعية، مبدأ التعاون والتضامن، مبدأ المسؤولية عن الأضرار…كل هذه المبادئ تبناها المجتمع الدولي على أساس فكرتين محوريتين:
==>حق الإنسان في العيش في بيئة سليمة، كحق من حقوق الإنسان يولد مجموعة من الحقوق و كذلك مجموعة من الالتزامات لدى الأفراد و الجماعات.
==>ضرورة التوفيق بين التنمية الاقتصادية و المحافظة على مكونات البيئة للوصول إلى تحقيق تنمية مستدامة تلبي حاجيات الأجيال الحاضرة دون التفريط في حاجيات الأجيال المقبلة.
وفي سنة 1982 ثم وضع الميثاق العالمي حول الطبيعة، و تحث جل مواده كافة الدول على التعاون من أجل حماية البيئة، كما أبرمت اتفاقية قانون البحار في نفس السنة، التي اعتبرت أعماق البحار تراثا مشتركا للإنسانية و ألزمت الدول بحماية المحيطات ضد التلوث و ضد استنزاف موادها الطبيعية، وثم إبرام بروتوكول مدريد الملحق باتفاقية حماية مناطق القطب الجنوبي بتاريخ 4 أكتوبر 1991.
و بخصوص الوقاية ضد التلوث، ثم إبرام معاهدة جنيف حول التلوث الجوي العابر لحدود الدول سنة 1972. و معاهدة فيبنا حول الإخبار السريع حول الحوادث النووية الموقعة في 26 شتنبر [40]1986..
المطلب الرابع : مبادئ القانون البيئي
ان الاعتراف بالبيئة كقيمة ذات مصلحة عامة سيكون له تبعات قانونية ، و ذلك من خلال اعتبارها ضمن الحقوق و المبادئ الأساسية التي ينبغي مراعاتها عند سن النصوص التشريعية المنظمة للمجال البيئي ،كما ان صفة النفع العام ستجعل القضاء يبسط رقابته على كل اجراء تتخده الإدارة ابتغاء المنفعة العامة و ذلك اعمالا لنظرية الموازنة بين المنفعة المرجوة و متطلبات حماية البيئة [41].
مبدأ الوقاية principe de prévention يعتبر من اهم المبادئ التي يقوم عليها القانون البيئي و الذي يقتضي اعماله تفاديا لعواقب كل نشاط ضار بالبيئة . و يكمن هذا المبدأ في تفادي الاضرار التي منى شأنها المساس بالعناصر الطبيعية و الأنظمة البيئية و القضاء على التوازن البيئي، فضلا عم جودة حياة و عيش الانسان و ذلك عبر اتخاد كل الوسائل الكفيلة بتفادي و قوع مخاطر مرتبطة بمزاولة بعض الأنشطة الخطرة بطبعتها على البيئة ،و تجنب تكاليف عاجها و اصلاحها. فهو يترجم الإجراءات الوقائية و الإصلاحية التي يتعين اتخادها اعتمادا على مقاييس و معايير تأخذ في الاعتبار التأثيرات المحتملة على البيئة لأي نشاط او مشروع ،و من خلاله ينبثق مبدا الإجراءات المتخذة في المنع[42] الذي يهدف الى الحد من الانبعاثات الضارة بالوسط البيئي . و قدتم التأكيد على هذا المبدأ في اعلان “ريو حيث نص المبدأ 15 من على: أن الدول تأخذ على نطاق واسع بالنهج الوقائي حسب قدرتها”. و على الصعيد الوطني نجد التشريعات البيئية تضمنت العديد من المقتضيات الجديدة المترجمة لهذا المبدأ و التي من شانها تفعيل نظام المسؤولية البيئية عبر مجموعة من الاليات و الإجراءات القانونية .وقد سار المشرع المغربي في هذا الاتجاه،و وسع من مفهوم تلوث البيئة ليشمل:
” كل تأثير أو تغيير مباشر أو غير مباشر للبيئة ناتج عن أي عمل أو نشاط بشري أو عامل طبيعي من شأنه أن يلحق ضررا بالصحة و النظافة العمومية وأمن و راحة الأفراد،أو يشكل خطرا على الوسط الطبيعي و الممتلكات و القيم وعلى الاستعمالات المشروعية للبيئة “.
ونص على إخضاع كل المشاريع التي يحتمل أن تكون لها تأثيرات سلبية عللى الوسط الإحيائي و الفيزيائي و البشري لدراسات التأثير على البيئة بشكل مسبق.و قد اعتبر المشرع هذا النوع من الدراسات واجبا ضروريا و ملزما مما يؤكد تكريسه لهذا المبدأ.
مبدأ الاحتياط principe de précaution يعتبر احد المبادئ الكبرى المحددة لطبيعة القانون البيئي و المشكلة لإحدى اهم خصوصياته و التي تساهم في رسم معالم السياسة التشريعية البيئية ، و شكلت للقضاء مرجعا لتقدير مشروعية الاعمال و تدخلات مختلف أجهزة الضبط البيئي ، بل ذهب بعض الفقه الى حد اعتباره أساسا جديدا يقوم عليه نظام المسؤولية المدنية يعزز و ظيفتها الوقائية و الاستباقية في
اما في المغرب فإن القانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة والذي يتضمن القواعد والمبادئ الأساسية التي توجه السياسة الوطنية في مجال حماية البيئة فانه لم ينص على اعمال مبدا الاحتياط لمواجهة المخاطر الغير مؤكدة طبقا للمعطيات العلمية والتقنية. فالمادة الثانية من هذا القانون و التي تناولت المبادئ العامة التي ترتكز عليها تنفيذ احكامه، اشارت فقط في الفقرة الأخيرة من هذه المادة الى احترام المواثيق الدولية المتعلقة بالبيئة و مراعاة مقتضياتها عند وضع المخططات و البرامج التنموية و اعداد التشريع البيئي ، مما دفع بالقضاء الإداري علة وجه الخصوص الى الرجوع الى المواثيق الدولية لاعتماد المبدأ و ذلك ما ذهبت اليه المحكمة الإدارية بالدار البيضاء في حكمها الصادر في 17/12/2003 و الذي جاء فيه ” حيث انه بعد القيام بكافة الإجراءات مع الشركة المصدرة من هولندا (بشان استيراد مادة الخميرة الحيوانية ) صادفت قرار وزير الفلاحة رقم 97/1054 بتاريخ 17/6/1997 يجعل هولندا ضمن الدول المحضورة استيراد الحيوانات الحية و المنتوجات الحيوانية منها بعد ظهور مرض جنون البقر ،و ان هذا القرار و ان كان يستهدف حماية المواطنين المغاربة و ينشد الصالح العام فان من شانه ان يرتب مسؤولية السلطة العامة عن الاضرار اللاحقة بالمدعية اذ لا يمكن تحميل هذه الأخيرة عبئا خاصا ياسم الصالح العام و القول بخلاف ذلك سيؤدي الى انكسار مبدا المساواة امام الأعباء العامة و بالتالي امام القانون ….. و لعل المحكمة هنا و بعد ان اقرت صلاحية وزير الفلاحة في اتخاد قرار الحضر اعمالا لمبدأ الاحتياط و بناء على مصدر المكتب الدولي اللجوء لإعلان يضيف هولندا ضمن الدول المشمولة الممنوعة بالمنع فإنها اقرت مسؤولية الدولة عن الاضرار اللاحقة بالمدعية تطبيقا لمبدا المساواة امام الأعباء العامة ” [43] أيضا هنالك مبدأ الملوث يؤدي ظهورهذا المبدأ في السبعينات من القرن الماضي و بشكل أساسي في النظام الأمريكي،حيت ارتكز على التفكير في الية لتمويل تدابير حماية البيئة و التكفل بهذه التكاليف الجماعية لا سيما بعد تبوث عدم ملائمة اليات نظام المسؤولية المدنية لتدبير هذه الظواهر الجماعية للأضرار البيئية ،وعرف تطورا مهما في باقي دول العالم بعد لقاء ستوكهولم 1972 م ،حيت اعتبر الاقتصاديون ان القيام بصرف مواد ملوثة في الهواء و المياه و التربة هو استعمال مجاني للعناصر الطبيعية و البيئية التي يتم إدخالها ضمن تكاليف الإنتاج، اذ بدون الأداء عن استعمال تلك العناصر ستكون معرضة للتدبير و التدهور الامر الذي يقتضي التخلي عن ” مجانية استعمال عناصر الطبيعة “،وأعطى هذا المبدأ نفسا جديدا لوضع أنظمة خاصة للمسؤولية المدنية للأضرار البيئة كماسنرى لاحقا بحيث ساهم إلى حد كبير في اعتماد قاعدة المسؤولية المدنية بدون خطأ و أيضا في اعتماد صناديق للتعويض ممولة من قبل الملوثين المستقبلين. هذا المبدأ الاقتصادي تقابله قاعدة معروفةفي الفقه الإسلامي والتي تقضي بأن الغرم بالغنم[44]،فمن يقوم بتلويث البيئة عليه أن يقوم بإصلاحها،كما أعطى هذا المبدأ للدولة دورا أساسيا حيث ينبغي الرجوع إليها لمعرفة الحد الأدنى المسموح به من الأضرار البيئية و تحديد التدابير التي ينبغي اتخاذها لاحترام هذا الحدالأدنى.
المبحث الثاني : دعوى المسؤولية البيئية في التشريع المغربي
كما تم التأكيد مند البداية بأن نظام المسؤولية المدنية بوجه عام عرف تطورا مهما نتيجة التحولات الاقتصادية و الاجتماعية الهائلة التي عرفها المجتمع في النصف الثاني من القرن الماضي وبداية هذا القرن وبطبيعة الحال التي أدت إلى تحول مهم في المفاهيم الأساسية للمسؤولية المدنية كما هو الشأن في المجال البيئي كون أن قواعد المسؤولية المدنية عجزت في عدة محطات خاصة في هذا المجال نظرا لما أصبح يتعرض له الإنسان من مخاطر لاسيما المتعلقة باكتشاف و استعمال الطاقة النووية و تزايد الأنشطة الصناعية الذيانعكسعلى صحة الإنسان وعلى البيئة بوجه عام الشيء الذي دفع المشرع المغربي بدورها الاهتمام بهذا المجال باعتباره من [45]الحقوق المضمونة وفق الدستور المغربي لسنة 2011 و تأثره بالقضاء الفرنسي الشيء الذي دفعه بوضع مجموعة من النصوص الخاصة من أجل تنظيم هذا المجال مما جعل هذا النوع من المسؤولية مسؤولية موضوعية لحماية ضحايا الأضرار البيئية على غرار التشريعات الأخرى التي تحاول قدر الإمكان منح المضرورين تعويضا كاملا ومن تم سنعالج من خلال هذا المطلب مختلف الاثار والإشكالات القانونية للمسؤولية المدنية عن الضرر البيئي سواء تعلق الأمر بالنزاع البيئي بقواعد الاختصاص وكذلك القواعد المسطرية التي ينبغي إتباعها من أجل إثبات الضرر البيئي وماهي التوجهات الحديثة للتشريع المغربي في مجال الضرر البيئي وماهو النظام القانوني لإعادة الحال كما كان عليه وماهي أشكال التعويض عن الضرر البيئي والصعوبات التي يواجهها المتضرر للحكم له بالتعويض ثم كيف تعامل القضاء مع الأضرار الإيكولوجية وأخيرا دور التأمين في هذا المجال وماهي الأضرار الغير القابلة للتأمين في مجال المسؤولية البيئية .عموما إن المسؤولية البيئية لتحققها لابد من تحقق نفس العناصر الموجودة في المسؤولية التقصيرية من خطأ و ضرر و علاقة سببية والجدير بالذكر أن المسؤولية البيئية اتجهت نحو نظرية المخاطر نظرا للأضرار التي أصبحت تضر بالإنسان وهذا ما نلاحظه من خلال القانون رقم 11.03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة إذ أنه قبل تبني هذا القانون كان أساس المسؤولية مبنية على الخطأ الواجب الإثبات ومن تم على المتضرر إثبات هذا الخطأ في جاني الشخص الذي يرفع عليه دعوى المسؤولية إلا انه من خلال الواقع العملي صعوبة إثبات الخطأ ومن ثم أصبحت التوجهات الفقهية و القضائية في تقليص دور الخطأ وبتعبير الفقيه “مارتا” بأن تأسيس المسؤولية البيئية على عنصر الخطأ يعد إخلالاللقواعد القانونيةكون من الصعب على المضرور إثبات هذا النوع من المسؤولية الأمر الذي يشوب قصور هذه القوانين الخاصة الشيء الذي دفع مختلف التشريعات بجعلها مسؤولية مفترضة نظرا للخصوصية الذييتميز به هذا النوع من المسؤولية وبالرجوع إلى التشريع المغربي من خلال المادة الثالثة من القانون 11.03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة أخذ بالضرر الغير المباشر وكذا الضرر المباشر.وهو ما اعتبره الفقيهان الفرنسيان سالي و جوسران بجعل هذه المسؤولية تقوم حول نظرية المخاطر لاسيما في ظل التحولات الاقتصادية و الاجتماعية و التكنولوجية ومن تم استبعاد عنصر الخطأ و الاستناد فقط على ركن الضرر[46]الشيء الذي جعل القضاء بدوره يلعب دورا مهما وأسهم في خلق قواعد قانونية جديدة وبدأ يأخذ بفكرة الخطأ الموضوعي ومنه يستشف الاتجاه نحو نظرية المخاطر إلا أنه الإشكال الذي يطرح وهو صعوبة إثباث العلاقة السببية في المجال البيئي سواء تعلق الأمر بنظرية السبب المنتج أو نظرية تعادل الأسباب والجدير بالذكر أن هذه النظرية تقضي بفكرة التضامن لكنها غير كافة لأنه دائما عليه إثبات العلاقة السببية ولكن رغم ذلك القضاء يميل إلى الأخذ بالفكرة الثانية لأنها أكثر مرونة وهو ما قضت به محكمة الاستئناف باريس في العديد من المناسبات حينما أقرت أنه إذا تدخلت عوامل متعددة في حدوث الضرر بحيث كانت كلها ضرورية لوقوعه فإن كل منها يعتبر سببا وهو [47].Vietchmanreteransنفس الأمر الذي قضى به القضاء الأمريكي في قضية
وقد تبين للقضاء عجز المدعي في تقديم الدليل نظرا لصعوبة إثبات العلاقة السببية الفعلية بين هذه المبيدات و الأمراض الشيء الذي جعل الفقه الأمريكي ينتقد الأخذ بمعيار السببية كون القواعد التقليدية للمسؤولية لن تتمكن من بتحقيق أي حماية للمتضرر في مقابل ذلك نجد المشرع السويدي ذهب بعيدا في إطار العلاقة السببية القائمة على الاحتمال و الظن وهو ما قضت به في قضية موت الأسماك فأمام صعوبة وقوفها على السبب المؤدي إلى ذلك اقتنعت بالسبب لذي قدمه المدعي رغم أنه احتماليوقد تم تبني هذا التوجه من قبل فيلندا فقط بمجرد تقديم المدعي دليلا احتماليا وبالرجوع إلى المادة 63 من القانون 11.03 ” يعتبر مسؤولا بدون حاجة إلى إثباث خطأ ما . . . “
المطلب الأول : قواعد الاختصاص وشروط قبول الدعوى في المجال البيئي
الفقرة الأولى : قواعد الاختصاص في المجال البيئي
إن الأضرار البيئية تتميز بنوع من الخصوصية ليس كباقي الأضرار لاسيما إذ تعلق الأمر بأضرار الإيكولوجية بالرغم من حداثة اهتمام الفقه و القضاء في هذا المجال لذلك وجب إعادة النظر في اليات التعويض عن الضرر الإيكولوجي باعتبار هذا الأخير هو ضرر عام يصيب الأوساط الطبيعية غير مملوكة لأحد؛ يتيح الفرصة للعديد من الأشخاص للمطالبة بالتعويض ومن تم يطرح أول تساؤل حول من هو القضاء المختص في النزاعات البيئية لأنه أحيانا يمكن أن يكون أمام المحاكم الزجرية و أحيانا أمام المحاكم المدنية كما أنه أحيانا يمكن أن تكون مسؤولية الإدارة في حالة الترخيص لاستغلال نشاطات ملوثة في حالة مخالفتها للشروط القانونية كما يمكن إثارتها من قبل القضاء الاجتماعي من خلال تدخل نقابات عمومية وقد يكون من قبل المحاكم التجارية ومن تم يصعب تحديد مضمون النزاع بدقة لذلك يبقى الاختصاص من خلال بيان الطلبات المقدمة من قبل الأطراف ويتحدد الاختصاص المكاني للمحاكم في النزاع البيئي طبقا لموطن المدعى عليه إلا أنه أحيانا قد تثار مجموعة من الصعوبات في حالة إذ كان الانتشار غير محدود مما قد تشمل الاختصاص المكاني أكثر من جهة قضائية ومن تم الضرر يكون ليس من مصدر واحد وإنما كان نتيجة لاختلاطه سواء في الهواء أو غير ذلك مما أفرز هذا الضرر الشيء الذي يجعل من الصعوبة تحديد الجهة المختصة و لا يمكن تطبيق قاعدة الاختصاص المكاني لأنه وجود مجموعة من المؤسسات التي ساهمت في حدوث هذا الضرر لذلك نجد المشرع المغربي قد نص من خلال القانون [48]12.02 المتعلق بالمسؤولية المدنية عن أضرار النووية جعل الجهة المختصة في مثل هذه الدعاوى هي المحكمة الابتدائية بالرباط [49]والحالة التي يكون الضرر نتيجة عدم احترام الترخيص الإداري فقد أتثبت الممارسة أن القضاء المدني يتوقف عن الفصل بالتعويض إلى حين أن يفصل القضاء الإداري للتأكد من مدى مطابقة النشاط للترخيص والشروط القانونية والتنظيمية بل أكثر من ذلك القاعدة المعمولة بها أن ” الجنائي يعقل المدني ” لا يعمل بها في هذا المجال وأن القضاء الجنائي بدوره يتوقف في تطبيق أو عدم تطبيق العقوبة وكون القاضي الجنائي غير متخصص بالمسائل الفنية في النزاعات البيئية فإنه من المنطق توقف القضاء الجنائي في الفصل في القضية إلى حين الفصل القضاء الإداري.
الفقرة الثانية : شروط قبول الدعوى في المجال البيئي
عموما إن المنازعات المتعلقة بأضرار الإيكولوجية تخضع لنفس القواعد الإجرائية التي وضعت لحماية الملكية الخاصة والتي اتضح أنها لا تلائم الدفاع عن العناصر الخارجية عن التعامل نتيجة لرفض الدعاوى المتعلقة بها في أغلب الأحيان من حيث الشكل ولتحقق الضرر البيئي
أولا : الشروط المتطلبة في الشروط الشخصية للتقاضي
-أهم شرط ينبغي توفره وهو شرط المصلحة ومع نذرة لأحكام وقرارات القضاء المغربي في المجال البيئي فالحل هو الاستعانة بما جرى به العمل لا سيما في الأضرار الإيكولوجية لذلك نجد القضاء الفرنسي لا يمكن ممارسة أي دعوى بدون مصلحة الشيء نفسه في المجال البيئي وقياسا على ذلك لا يمكن أن تقبل دعوى شخص عابر أو سائح لأنه لا يستطيع إثبات استعمال قانوني ثابث وقد أكد القضاء الفرنسي أن المصلحة اللاحقة وقد أيدت محكمة النقض الفرنسية رفض محكمة الإستئناف في وجود مصلحة شخصية في دعوى تقدم بها أحد الصيادين ورفع الدعوى باسمه خاص وبالرغم من إنتمائه بصفة قانونية إلى جمعية الصيد بسبب أن لم يستطع وجود ضرر شخصي بالرغم من أنه عضو في الجمعية وهذا من أجل إستبعاد المصالح المبهمة و المشكوك فيها . لكن إذا تم تطبيق هذا الشرط بعذا الصارمة فكيف يمكن حماية الأضرار الإيكولوجية الغير المملوكة لأحد.
-أيضا نجد شرط [50]الصفة الذي يعد شرطا لقبول الدعوى وبالرجوع إلى العديد من القرارات القضائية نجد القضاء المغربي كان مرنا قيما يتعلق بالصفة والمصلحة كون الضرر البيئي له خصوصية لأنه يصيب مجموعة من العناصر البيئية المشتركة وهذا الضرر يلحق المجتمع ككل وليس فردا معينا ومن تك فإن المصلحة جماعية ومن تم فإن شرط المصلحة لا يعد شرطا لقبول الدعوى إذا كانت الأسباب جدية .
ثانيا : الشروط المتطلبة للدفاع عن المصالح الجماعية
كما سبق القول أن القضاء المغربي يشهد نقصا شديدا في المنازعات البيئية لا سيما التي تكون فيها الجمعيات طرفا متضرراوقدأثبتث المقارنة في التشريعات المقارنة بعدم قبول الدعوى في الشكل لإنعدام الصفة .لكن سرعان ما تراجع عن موقفه بعد مرور وقت طويل
و إعترف بمقتضاه للجمعيات البيئية في التدخل كطرف مدني وفي هذا الإطار قضت محكمة ” الفرنسية بتاريخ 17 أكتوبر 1940 بتعويضات في إيطار الدعوى المدنية.rennes “
لفائدة إحدى الجمعيات ضد المشروع الصناعي الذي يعالج نفايات السيارات وعلى مستوى الوطني نجد القضاء المغربي سلك نفس التوجه إعترف بالصفة في التقاضي لفائدة جميع الجمعيات ذات المنفعة العامة وهذا ما أكدته محكمة النقض المغربية وقضت لجمعية أفق للمحافظة على البيئة بحقها في المطالبة بالتعويض عن الأضرار الجماعية التي أنشئت من أجل الدفاع عنها . وفي قرار اخر إعترفت لإحدى الوداديات السكنية بالحق في التقاضي للدفاع عنها بشأن الأضرار البيئية التي لحقت بها .لكن بالرجوع إلى بعض القرارات الأخرى لمحكمة النقض نجدها ضد هذا التوجه باعتبارها تدافع عن مصالح فردية وليست مصالح جماعية حيث جاء في أحد قراراتها ” لا يمكن للجمعية المدنية ولو كانت تتمتع بصفة المنفعة العامة إقامة الدعوى العمومية نيابة عن الغير و إنما يمكنها فقط أن تنصي طرفا مدنيا إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية. وللحسم في هذه المسألة فإن للجمعيات فنجد الجواب في المادة 7 من قانون المسطرة الجنائية يمكن للجمعيات المعلن عنها ذات المنفعة العامة أن تنتصب طرفا مدنيا ؛ إذا كانت قد تأسست بصفة قانونية منذ أربع سنوات على الأقل قبل ارتكاب الفعل الجرمي؛ وذلك في حالة إقامة الدعوى العمومية من قبل النيابة العامة أو الطرف المدني بشأن جريمة تمس مجال إهتمامها المنصوص عليها في القانون الأساسي”ومن تم يكون المشرع المغربي قد أكد حق الجمعيات البيئية بالشروط أعلاه في اللجوء إلى القضاء الجنائي للمطالبة بالتعويض وبمفهوم المخالفة أن المشرع المغربي لم يعط لجمعيات حماية البيئة الحق في المطالبة بالتعويض عن الأضرار البيئية أمام القضاء المدني
المطلب الثاني : اثار المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية
الفقرة الأولى : أشكال التعويض عن الضرر البيئي
إن التعويض في الأضرار البيئية لا يمكن أن يتحقق إلا توفرت أركان المسؤولية من ضرر وعلاقة سببية ويبقى التعويض من الأمور الصعبة بدءا من صعوبة إعادة الحال على مكان عليه قبل حدوث الضرر البيئي الذي يعتبر الأصل في التعويض وبين صعوبة تقدير التعويض النقدي ومن ثم لقاضي الموضوع الحق في أن يختار بين التعويض العيني و النقدي كما له الحق في الجمع بينهما
عموما إن التعويض العيني عن الضرر البيئي يعد هو الأصل لأنه يهدف إلى إزالة التلوث وإعادة الحالة على ما كانت عليه ولا يجوز اللجوء إلى التعويض النقدي إلا إذا استحال التعويض العيني وقد أقر القضاء الفرنسي حق المضرور في طلب التعويض العيني ومن تم نجد الفقه الفرنسي يقول بأن التعويض العيني هو الأصل في حين جانب اخر يعتبر يجب ترك الأمر للقاضي حسب أحوال كل نازلة .
إذن ماهي الاليات التي يستند لها القاضي للحكم بالتعويض العيني عن الضرر البيئي ؟ فمن خلال بحثنا في هذا الموضوع إتضخ لنا أن القاضي يأمر إما بإزالة النشاط الملوث للبيئة أي إعادة الحال كما كانت عليه أو القيام ببعض التدابير والاحتياطات اللازمة لمنع وقوع التلوث في المستقبل وأحيانا الحكم بالتعويض النقدي وبالرجوع إلى بعض القرارات القضائية إتضح لنا أن لقاضي الموضوع كامل السلطة و لا رقابة عليه من طرف محكمة النقض أنه يمكن للقاضي فرض غرامة تهديدية باعتبارها وسيلة من وسائل الإجبار على التنفيذ وهو ما سارت عليه محكمة باريس حيث قضت بغرامة تهديدية قدرها مائتي فرانك فرنسي عن كل يوم تأخير عن عدم هدم جزء من الحائط مصدر الضرر في العقار الذي يمنع عن المتضرر أشعة الشمس ولم يتأخر القضاء المغربي عن السير على نفس الطريقة وهو ما قضت به المحكمة الابتدائية بسلا بإغلاق معمل الفلين الكائن مقره بتابريكت سلا ونفس الشيء ماقضت به محكمة الاستئناف بالحسيمة بتاريخ بتاريخ 21/05/2013 بإزالة آلات النجارة التي تشتغل بالتيار الكهربائي العالي القوة من المحلات التجارية الخاصة بالنجارة بدلا من إغلاق المحل وأيدت هيئة قضائية هذا التوجه [51]وقضت محكمة النقض برفع الضرر البيئي وإغلاق محل النجارة و أيدت ماجاءت به محكمة الاستئناف تحت طائلة غرامة تهديدية قدرها 100 درهم عن كل يوم تأخير عن التنفيذ
وأيضا حكم الابتدائية التجارية بوجدة بتاريخ 22/8/2014 ضد شركة “اتصالات المغرب” حيث قضت بإيقاف اشغال لاقط هوائي فوق سطح الإقامة رقم 404 بزنقة فالونسيان المطلة على زنقة اسبانيا بمدينة بركان، و كان الحكم مشمولا بالنفاذ المعجل على الأصل تحت غرامة تهديدية قدرها 500درهم عن كل يوم تأخير في حق الشركة. و اكد رئيس المحكمة في تعليله المثير و الذي يعد سابقة من نوعه في المغرب ان الضرر المستقبلي او الاحتمالي قد لا يمكن اعتماده في بعض المواضيع المادية الصرفة ، أما اذا تعلق الامر بالصحة العامة البدنية للشخص و خاصة صحة الأطفال فانه يتعين اخدها في الاعتبار ، لان الصحة البدنية لا يمكن ارجاعها الى حالتها الأولى اذا ما أصابها ضرر ما خاصة اذا كان سببه الاشعاع المغناطيسي الذي لم يجرؤ العلماء في هذا المجال على كشفه لتصادم ذلك مع القوة الاقتصادية الهائلة للشركة المستعملة في هذا الميدان ،وذلك على حساب صحة الأنسان و عليه فان الضرر من هذا النوع يجب وضع حد له في أي مرحلة تم فيها تحديده بسببه و لو كان مستقبليا او احتماليا. [52]
للتابع الاجتهادات القضائية بعد ذلك واضعة لتصور قضائي جديد لمفهوم الخطأ البيئي، والضرر البيئي حيث قضت محكمة النقض (ملف تجاري) عدد 148 بتاريخ 27/1/2011 غير منشور ” …. و حيث ان المحكمة التجارية لما ثبت لها ان التحاليل المخبرية اكدت ان مياه بئر المدعي ملوثة و تضم بكتريا غائطية و لم تعد صالحة للشرب ، و ان التربة و الاغراس تضررت بسبب تلوث بكتري ،و الكل راجع لقيام شركة “ريضال” بتصريف المياه العادمة بمحاذاة عقاره، التي في حالة ضخ كمية مهمة او تساقط الامطار فان تلك المياه تطفو على السطح و تغمر واجهة المنزل و البئر فتكون (المحكمة) قد قررت مسؤولية الشركة عما لحق بالمدعي من اضرار بشكل يقينين استنادا لتحاليل مخبرية اثبتت تسرب المياه الملوثة للعقار موضوع النزاع و محيطه اعتمادا منها على حقيقة ارتفاع منسوب المياه بسقوط الامطار ، و على كون ضخ المياه العادمة قد يرتفع او يقل حسب الاحوال ، و بدلك جاء قرارها معللا بشكل سليم مما يعني رفض الطلب و تحميل الطالبة الصائر”.أما إذا كان التلوث الذي يشكو منه المتضرر راجعا إلى مخالفة القوانين الجاري بها العمل كعدم حصول المحل مصدر التلوث على رخصة إدارية . فإن للقاضي بناء على طلب المتضرر سلطة مطلقة في رفع الضرر وإزالته وتطبيقا لذلك قضت محكمة الاستئناف بتاريخ 07/01/2013 برفع الضرر وهدم البراكةالقصديرية التي تنبعث منها روائح كريهة ألحقت ضررا بيئيا بالغير ونفس الحكم قضت به محكمة النقض الفرنسية حينما قضت بإزالة حضيرة كبيرة مخصصة لتربية الطيور لأنها تنبعث منها روائح كريهة ألحقت ضررا بالجوار وتم إنشاؤها دون ترخيص إداري .ومن تم إذا كان للقضاء كامل السلطة في الحكم بإزالة إغلاق المنشأة فإن الفقه يرى العكس بأنه لا يجوز للقاضي قطع مضار التلوث كليا إعمالا للقاعدة الفقهية “الضرر الأشد يزال بالضرر الأخف” وأيدته في ذلك محكمة النقض الفرنسية حينما كان المتضرر يشكو من الجار نتيجة حرمانه من الشمس بسبب قيام جاره ببناء عمارة عالية الارتفاع ومن تم كان من الصعب على القاضي الحكم بهدم هذه العمارة لأنه يعد أمرا مستحيلا نتيجة الأضرار الجسيمة التي تصيب مالك العمارة ومن ثم عمل القاضي الحكم بهدم جزء من العمارة فقط.بل أكثر من ذلك الدولة بدورها أصبحت تسأل بدورها وهو ما يستشف من خلال القرار الإداري الصادر بتاريخ 04/02/2012 أن المحكمة لماثبت لها من عناصر و معطيات النزاع ومن تقرير الخبير،تحقق قيام مسؤولية الإدارةعن الأضرار التي نتجت عن الفيضانات من خلال عدم أخذها بعين الاعتبار جميع العوامل عند إقامة الحاجز و انشاء القناة لتصريف المياه، و تبعا لذلك عدم اتخاذها قبل ذلك الاحتياطات اللازمة من أجل تفادي وقوع مثل هذه الحوادث بإعداد دراسا تتقنية و هندسية معمقة و ضعف تصريف المياه المتجمعة و عدم قدرة القناة الملبسة بالخرسانة على ذلك، و كذا قوة عامل المد البحري الذي قد يحد من سرعة التصريف و يقف حاجزا أمامه، وقضت بالتعويض لفائدة الشركة المتضررة، فإنها تكون قد عللت قرارها تعليلا سليما و سائغا ولم تتبن من خلاله تعليل حكم المحكمة الإدارية بهذا الخصوص وإنما أسست قضاءها على علة جديدة،فكان بذلك ما تمسك به الطرف الطاعن من فساد تعليل الحكم المستأنف وتحريف للوقائع من طرف المحكمة التي أصدرته ورد المحكمة التي أصدرت القرار المطعون فيه على ما أثير بخصوص هدو نأثر على ما عللت به هذه الأخيرة قرارها بخصوص ثبوت مسؤولية الدولة عن الأضرار اللاحقة بالمطلوبة في النقض.
قبل الحديث عن التعويض فإننا لا بد أن نناقش أهم إشكالية بخصوص المسؤولية البيئية وهي إثبات العلاقة السببية حيث بالرجوع إلى القرار الصادر بتاريخ 2013 عن المحكمة الابتدائية بمحمدية قضت برفض الدعوى لانعدام إثبات واقعة تسرب الغازات علما أن هذه الواقعة لا يمكن إثباتها من طرف العارضة باعتبارها مسألة علمية وتقنية . وأن الدخان المتناثر من مداخن المنشآت كان باديا للعيان فضلا على إعلان ذلك وطنيا و دوليا في الصحف و الإذاعات . كما أن المحكمة قضت برفض الدعوى لافتقارها الإثبات القانوني رغم إدلاء العارضة بجميع الوثائق التي تثبت مسؤولية الإدارة خاصة و أن المحكمة سبق لها أن قضت في عدة ملفات بإجراء خبرة فلاحية على الأراضي المجاورة و مدى تلوثها بالغازات السامة ملتمسة إلغاء الحكم المستأنف وإجراء خبرة طبية عليها .ومن تم لا بد طرح إشكالية في غاية الأهمية ماهي الصعوبات التي يوجهها القاضي للحكم بالتعويض ؟
1-التعويض بين الحماية البيئية والهاجس الاقتصادي
إن أول صعوبة يمكن أن يواجهها القاضي من أجل الحكم بالتعويض العيني عن الضرر البيئي وهي في حالة تلك المنشأة التي تسبب ضررا للغير تحتل مكانة اقتصادية و اجتماعية فإن ذلك يدفع القاضي إلى تجنب الحكم بالتعويض العيني أي وهو إغلاق المؤسسة ومن ثم الحكم بالتعويض النقدي وهو نفس التوجه الذي سار في اتجاه القضاء الفرنسي من خلال القضية الشهير “نايس” وتم الحكم أنه ليس للمحكمة السلطة بمنع استغلال المطار رغم الضوضاء التي يتسبب فيها للجيران نظرا لمصالح الإقتصادية و الاجتماعية للمجتمع ومن تم إكتفت المحكمة بمنح المضرور تعويض نقدي عن الضرر البيئي الذي أصابه .ومن تم نجد القضاء الفرنسي بعدم الحكم بالتعويض العيني في ثلاث حالات:[53]
-إذا كانت المنشأة ذات أهمية اقتصادية و إجتماعية
-في حالة إذا كان التعويض العيني يلحق خسارة كبيرة بالملوث
-في حالة الضرر البيئي لا يصل إلى درجة الحكم بالتعويض العيني
لكن بالرجوع إلى التشريع المغربي نجد لقاضي الموضوع السلطة التقديرية الواسعة من خلال [54]الفصل 91 من قانون الالتزامات و العقود للجيران الحق في إقامة دعوى على أصحاب المحلات المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة بطلب، إما إزالة هذه المحلات، وإما إجراء ما يلزم فيها من التغيير لرفع الأضرار التي يتظلمون منها. ولا يحول الترخيص الصادر من السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى.ونجد في مقابل ذلك بعض التشريعات كما هو للتشريع الألماني عمل بإعطاء القاضي الحق بالحكم بالتعويض العيني حتى ولو تجاوزت تكلفته القيمة التجارية للمال ومن تم فإنه عند وجود المصلحة العامة كما هو الشأن في قضية “نايس” فإنه لا يمكنه الحكم بالتعويض العيني يكتفي الحمم بالتعويض النقدي وعليه فإن القاضي هو دائما مقيد بالموازنة بين المصلحة العامة والخاصة للمضرور وفقه بدوره يؤيد هذا الاتجاه وهذه القاعدة نجدها أيضا في الفقه الإسلامي “أن الضرر الخاص يتحمل لدفع الضرر العام”
2-التعويض النقدي عن الضرر البيئي
إن التعويض النقدي هو الحل في حالة تعذر الحكم بالتعويض النقدي ومن تم تبقى لقاضي الموضوع كامل السلطة في تقدير التعويض النقدي عن ضرر البيئي ونظرا لأهمية المجال الصناعي والاقتصادي تدخل المسرع بسن قواعد خاصة تتعلق بالتعويض النقدي عن الضرر البيئي حتى لا تصبح القواعد العامة للمسؤولية بمثابة عائق يحول دون تقدم الصناعي و التجاري لذلك نجد التشريعات حددت مقدار التعويض وبالرجوع إلى [55]المادة 63 من قانون 11.03للجيران الحق في إقامة دعوى على أصحاب المحلات المضرة بالصحة أو المقلقة للراحة بطلب، إما إزالة هذه المحلات، وإما إجراء ما يلزم فيها من التغيير لرفع الأضرار التي يتظلمون منها. ولا يحول الترخيص الصادر من السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى.غير أنه يمكن أن تنتفي المسؤولية عموما إن مقدار التعويض حسب ما قضت به المحكمة الإدارية بفرنسا أن التعويض عن تلف و إبادة الأسماك نتيجة التلوث يشمل مالحق الدائن من خسارة من تلف الأسماك ومت فاته من كسب بسبب عدم استغلال النهر في ممارسة حق الصيد ويبقى تقدير التعويض النقدي من اختصاص محاكم الموضوع و لا رقابة عليه من محكمة النقض شريطة تعليل الحكم تعليلا كافيا و سليما من الناحية الواقعية و القانونية ولتقدير التعويض نجد طرقتين طريقة التقدير الموحد للضرر البيئي على أساس الخسارة الحقيقية وأخرى جزافية بالاعتماد على جداول وقد ذهب بعض الفقهاء الفرنسيون إلى عدم أخذ بهذه النظرية لكن نجد المشرع الفرنسي أخذ بها في بعض المجالات كما هو الشأن في المجال الغابي نجدها حتى في التشريع الأمريكي لا سيما في مجال الصيد تقوم بتحديد مسبق لتقدير التعويض في حالة المخالفة وهذه الطريقة وجدت ترحيبا من بعض الفقه على أساس أنه لا يتم تجاوز أي ضرر بيئي وإلا ويتم التعويض عنه . لكن في مقابل ذلك وجدت هذه الفكرة بعض الانتقادات لأنه من الصعب معرفة الحالة التي كان عليها ذلك العنصر قبل حدوثه [56].لكن في مقابل ذلك نجد التعويض النقدي يواجه مجموعة من الصعوبات لا سيما على مستوى تقديره وصعوبة المعيار التي ينبغي إتباعه من طرف قاضي الموضوع ولتجاوز هذا الإشكال فإنه عوض تحديد الحد الأقصى لمسؤولية الملوث المالية تم تحديد الحد الأدنى حتى يستطيع المتضرر الحصول على تعويض عادل ومناسب وفي نفس الوقت الحفاظ على المنشأة وتشجيع الاستثمار . لكن الصعوبة تزداد في حالة التقدير النقدي للأضرار الإيكولوجية باعتبارها عناصر بيئية غير مملوكة لأحد لأنه لا يمكن تعويض اختفاء مخلوق أو إتلاف أسماك نادرة نتيجة التلوث أو تهدم أثار تاريخية ومن تم يبقى الإشكال مطروح بخصوص الأضرار الإيكولوجية كيف يمكن التعويض عنها ؟
[57]بالرجوع إلى القضاء الفرنسي نجده ولأول مرة تم الحكم بالتعويض بخصوص الأضرار الإيكولوجية من خلال القضية الشهيرة “إريكا” التي تسببت ناقلة النفط إريكا 12 سبتمبر 1999 في تلوث بحري و تعد قضية إريكا من أعظم الكوارث البيئية التي حدثت في فرنسا وفي 30 مارس 2010 ،أكدت محكمة باريس الاستئنافية قناعاتهابتلوث مجموعة توتال وفي 25 سبتمبر 2012 ،صدقت محكمةالنقض،في حكمها،على إدانة جنائية لجرحى التلوث البحري من توتال الذي تلقى الغرامة القصوى 375000 يورو.[58]ويبقى التضامن من بين الحلول التي يتم اللجوء لها من طرف القضاء في حالة تعدد المتسببين في إحداث الضرر
الفقرة الثانية :التأمين في مجال المسؤولية البيئية
يعتبر التأمين من التقنيات القانونية المكملة للمسؤولية المدنية لأنه يساهم في ضمان إصلاح الضرر لذا أضحى لازما تكملة المسؤولية الموضوعية عن الضرر البيئي بنظام التـأمين الإجباري ومن خلال الممارسة نجده حقق مزايا كثيرة من خلال حماية المتضرر في الحالات التي يعجز فيها المتضرر وتنبغي الإشارة أنه عند الحديث عن المسؤولية البيئية ينبغي ربطها بالمسؤولية النووية و بالرجوع إلى [59]المادة 22 القانون 12.02 المتعلق بالمسؤولية المدنية عن الضرر النووي نجد المشرع حدد سقف التعويض في مائة مليون وفي حالة عدم كفاية مبلغ التأمين والضمانة المالية للجهة المستغلة تقوم الدولة بأداء الباقي ولكن في حدود دائما مائة مليون ولكن إذا كان الضرر أكثر من مائة مليون من سيتحمل المبلغ المتبقي ؟
نظرا للتطور التكنولوجي تم ابتكار ما يعرف بنظام صناديق التعويض نظرا لعدم قدرة شركات التأمين وحدها بتعويض المتضرر ودور هذه الصناديق أنها لا تتدخل إلا بصفة احتياطية وهو ما عمل عليه المشرع المغربي بدوره من خلال [60]المادة 60 من قانون 11.03.وبالعودة إلى مدونة التأمينات نجدها تتجاهل تأمين الأخطار الإيكولوجية باعتبارها من الصعوبة على شركات التأمين قياس الضرر الإيكولوجي كما أن التعويض غالبا مايكون باهض مما قد يؤدي إلى عجز شركات التأمين عن التعويض
المطلب الثالث: دفع وتقادم المسؤولية المدنية
يمكن للملوث دفع مسؤوليته إما بوجود قوة قاهرة أو حادث فجائي أو خطأ من المتضرر
أولا : لقد أقرت محكمة النقض الفرنسية في العديد من المناسبات أن الملوث لايمكنها الاستفادة من القوة القاهرة أو الحادث الفجائي من أجل التخلص المؤسسة من مسؤولية مضار الجوار لتوفير حماية أكبر للمتضررين كما يعتبر الفقه أن الحوادث المتعلقة بأضرار البيئية هي بحد ذاتها حوادث مفاجئة لا سيما في الحادث النووي لذلك فإذا أخذنا بهذا الدفع هنا فلا يبقى هناك إمكانية لتعويض المتضررين
ثانيا : خطأ الغير حسب بعض الفقه الفرنسي أن الملوث لا يمكنه التذرع بخطأ الغير في مجال البيئة وهو ما أقرته محكمة النقض الفرنسية بمسؤولية المالك عن الأضرار التي يشكو منها الجيران رغم أن الخطأ يعود إلى المقاول الذي يشتغل بمعزل عن علاقة التبعية ورفضا طلب إعفائه رغم أن الآلات في حراسة المقاول
ثالثا: خطأ المضروريعد خطأ المضرور سببا من إعفاء من المسؤولية سواء أكان الإعفاء كليا أو جزئيا وأيد القضاء الفرنسي هذا الإتجاه حيث قضت محكمة النقض أن قاضي الموضوع الذي إعتبر التهاون من قبل المضرور ضررا بيئيا في بناء عمارة قرب كم مطار ” نايس ” الذي كان موجودا من قبل دون أخذ الاحتياطات اللازمة و الأكثر حداثة كاستخدام المواد العازلة الصوت ومن تم من حق الملوث دفع المسؤولية بناء على خطأ المضرور عموما في المجال البيئي نجد قاعدة معمول بها وهي الأسبقية في الاستغلال لدفع المسؤولية وبالرجوع إلى القضاء الفرنسي أكد إعفاء المسؤول من مسؤوليته عن الأضرار البيئية متى كانت المنشأة مصدر التلوث ذات طابع اقتصادي وهو ما قضت به محكمة “ليون” الفرنسية برفض طلب التعويض عن أضرار التلوث الناتجة عن تشغيل منشأة صناعية عل أساس أن المنشأة مصدر التلوث كانت موجودة قبل قيام الجار ببناء مسكن له على أرضه وتم أخذ بهذا التوجه من قبل القضاء المغربي و اعتبر أن الجار الجديد ليس له حق التشكي من مضايقات مضار الجوار ولو كانت غير مألوفة وبالرجوع إلى قرار محكمة النقض ” الضرر القديم لا يؤمر برفعه لكون الجار الحديث دخل على ضرر و لاحق له في طلب إزالته ” وفي قرار أخر “الأضرار التي تصيب شاغلي العمارة بسبب المضايقات الناجمة عن الأنشطة الزراعية و الصناعية والحرفية والتجارية لا تولد أي حق في التعويض عندما يكون ترخيص البناء قد طلب في تاريخ لاحق على وجود الأنشطة بعد التأكد من ممارسة هذه الأنشطة طبقا للترخيص الإداري ” . وقبل الختام لا بد أن نشير إلى نقطة في غاية الأهمية وهي التقادم في مجال المسؤولية البيئية لم يعالجه أي نص خاص ومن تم فهو يخضع للقواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 106 من قانون الالتزامات والعقود وهو ما جاء في محكمة النقض ” دعوى التعويض هي دعوى شخصية تدخل في باب الالتزامات الناشئة عن الجرائم وأشباه الجرائم وهي لهذا تتقادم وفق مقتضيات الفصل 106 وليس الفصل 387″ وجاء في قرار لمحكمة النقض سنة 2005 ” إن إعمال التقادم الخمسي المنصوص عليه في الصب 106 لابد من توفر عنصرين أولهما العلم بالضرر و ثانيهما العلم بالمسؤول وإلا يرفع إلى عشرين سنة ابتداء من تاريخ الحادث.والملاحظة التي ينبغي الوقوف عنها أن كل من المسؤولية البيئية و النووية لهما قانونين مستقلين إلا أنهما من حيث الواقع مترابطين كون أن أغلب الأضرار التي تصيب البيئية نووية والدليل على ذلك أن المشرع المغربي لم ينص على التقادم في مجال حماية البيئة إلا بعد صدور القانون رقم 12.02 المتعلق بالمسؤولية المدنية في مجال الأضرار النووية والتي جعلها تخضع للقواعد العامة بمرور 5 سنوات ابتداء من الوقت الذي يعلم فيه المضرور بالضرر و المسؤول عنه و بمرور عشرين سنة تبتدئ من وقت حدوث الضرر بل أكثر من ذلك بالرجوع إلى [61]المادة 31 من القانون 12.02 حدد بعض الخصوصية للتقادم في المجال النووي
وتنبغي الإشارة إلى أن الدعوى المدنية لاتسقط في المجال البيئي إذا سقطت الدعوى العمومية وهو مأ كدت عليه محكمة الاستئناف بالدار البيضاء.
” إذا كان المحكمة الزجرية تنظر في الدعوى العمومية و الدعوى المدنية معا فإن وقوع حوادث مسقطة للدعوى العمومية يترك الدعوى المدنية قائمة وتبقلا خاضعة إلى اختصاص المحكمة الزجرية”.
la responsabilité civile du préjudice environnemental est une responsabilité complexes et on particulier la responsabilité objective qui repose sur deux conditions : le dommage et le lien de causalité .Et le but principale dans le cadre responsabilité objective du dommage à l’environnement c’est protéger les victimes. Partant du fait que l’auteur du dommage peur souvent obtenir toutes les autorisations administratives pour exercer son activité ; et donc être en mesure d’échapper à la responsabilité en prouvant qu’il n’a pas commis d’erreur ; ce qui nuirait à l’environnement et à ses éléments naturels ; en plus de la perte du droit à une indemnisation équitable à la victime. Alors la théorie du risques la bonne aidé sur la domaine de la responsabilité environnemental .A ce effet ; le législateur serait contraint de suivre les nouveautés juridiques dans la plupart des aspects de la vie effectives à travers la modernisation du système judiciaire et le développement de nouveaux mécanismes pour résoudre les conflits environnementaux et simplifier les procédures judiciaires en matières de dommages à l’environnement.
الهوامش :
[1]_ selon le dictionnaire encyclopédique de l’écologie et des sciences de l’environnement ( l’environnement désigne tout ce qui entoure une entité spatiale abiotique ou vivante) BOUCHRA NADIR . Domanialité et environnement cas des eaux et forêts page19. 1 er édition imprimerie el maar if al jadidaidexinv 343.02l NBD
[2] _ رسالة نيل شهادة الدكتوراه في القانون الخاص «المسؤولية المدنية عن الاضرار البيئية و دور التامين”، بوفلجة عبد الرحمان ، جامعة ابو بكر بلقايد تلمسان الجزائر السنة الجامعية 2015/2016
[3]_يقول ابن خلدون في مقدمته:”اعلم ان المدن قرار تتخذه الامم عند حصول الغاية المطلوبة من الترف و دواعيه، و لما كان ذلك القرار و المأوى و جب ان يراعى فيه دفع المضار بالحماية من طوارقها …. و المدن التي لم يراع فيها طيب الهواء كثيرة الامراض في الغالب” الصفحة 321 الطبعة الاولى المكتبة العصرية.
[4]_ Au Québec, les citoyens réalisent aujourd’hui que l’industrialisation massive des dernières décennies n’a pas eu que des effets bénéfiques pour la société. ..pourtant plus question de baisser les bras devant ces dommages environnements ,malgré le chômage , la dette publique et et les autres problèmes sociaux auxquels il faudrait aussi remédier”HELENE TRAUDEAU . ARTICLE SUR LES CAHIER DE DROIT * LA RESPONSABILIT2 CIVIL DU POLLUEUR: de la théorie de l’abus de droit au principe du pollueur _ payeur
[5]_ بوفلجة عبد الرحمان رسالة الدكتوراه، المرجع السابق الصفحة 2
[6] _ يتعلق الامر بالقانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة الصادر بمقتضى الظهير الشريف رقم 1.30.59 في 12 ماي 2003 الجريدة الرسمية عدد 5118 الصادرة بتاريخ 19 يونيو 2003.
[7]_ القانون رقم 10.95 المتعلق بالماء الصادر بتنفيذه بتاريخ 16 غشت 1995 ج ر عدد 4325 بتاريخ 20 شتنبر 1995
القانون المتعلق بالمناطق المحمية الصادر بتاريخ 16يوليوز 2010 ج ر 5861 بتاريخ 02 غشت 2010
القانون المتعلق بمكافحة تلوث بوفلجة عبد الرحمان رسالة الدكتوراه، المرجع السابق الصفحة 2
[7] _ يتعلق الامر الهواء الصادر بتاريخ 12 ماي 2003 ج ر 5118 بتاريخ 19 يونيو2003
القانون المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها الصادر بتاريخ 22 نونبر 2006 ج ر عدد 5480 بتاريخ 7 دجنبر 2006
[8]_ ” و قد بلور المغرب التزاماته الدولية في هذا الشأن بوضع منظومة تشريعية و طنية تضمنت على الخصوص القانون الاطار حول حماية البيئة و النهوض بها و القانون المتعلق بدراسة ما تتعرض له البيئة من تأثيرات سلبية القانون المتعلق بالحفاظ على الهواء” من خطاب صاحبة السمو الملكي للاحسناء بمناسبة احتضان المغرب للدورة الرابعة و العشرين للجمع العام لمؤسسة التربية على البيئة
Bouchra Nadir :Le Droit à L’environnement, Nouveau Fondement à la Réparation du Dommage Ecologique en Droit Positif Marocain.October 2013.le site web
L’article 19 de la nouvelle constitution déclare que : « L’homme et la femme jouissent, à égalité, des droits et libertés à caractère civil, politique, économique, social, culturel et environnemental, énoncés dans le présent titre et dans les autres dispositions de la constitution, ainsi que dans les conventions et pactes internationaux dûment ratifiés par le Royaume et ce, dans le respect des dispositions de la constitution, des constantes et des lois du Royaume»:
[9]
[10]نور الدين الرحالي، المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي في المغرب، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمـد الخامس-السويسي-، الرباط ، 2015. ص: 2.
[11]_ “تصادف موضوع الاهمية لقانونية للمسؤولية البيئية عن الضرر البيئي في المغرب مع النقاشات القانونية و الاكاديمية بمناسبة الذكرى المئوية لقانون الالتزامات و العقود المغربي في سياق تاريخي يواجه فيه المغرب تطورات هامة مست معظم مناحي الحياة الفكرية و السياسية و الثقافية و البيئية ،و اصبح معه من الضروري التفكير في مختلف الاشكالات التي يواجهها الممارسون بخصوص المقتضيات القانونية المنظمة لمختلف الالتزامات القانونية المرتبطة بالمحافظة على البيئة من التصرفات و السلوكيات التي تضر بالاشخاص و العناصر الطبيعية “
نور الدين الرحالي ، اطروحة لنيل الدكتوراه المسؤولية المدنية عن الضررالبيئي في المغرب، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية السويسي ،السنة الجامعية 2014/2015 ، اطروحة رقم 17 مركز الدكتوراه: القانون و الاقتصاد ، مكتبة الكلية السويسي رقم تاريخ الوصول 11/11/2015 رقم 39824
[12]P. Malaurie et L. Aynés, cours de droit civil, les biens. 4e éd, 1998.
- Chevallier et L. Bach, droit civil, tom.1, 12e éd. 1995 sirey, p. 424.
[13]عطا سعد محمـد حواس، المسؤولية المدنية عن أضرار التلوث البيئي في نطاق الجوار (دراسة مقارنة)، دار الجامعة الجديدة، الإسكندرية، 2011، ص: 199.
[14]Arrêt de la Cour d’appel de Colmar du 2 mai 1855, « arrêt de la fausse cheminée » Cours d’introduction au droit et au droit civil.: le devenir des droits subjectifs
[15]قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 9/10/1987 تحت عدد 2611 في الملف المدني عدد 3713/87 منشور بمجلة المحامي، عدد 12، ص:113.
[16]Cass civ: 30.11.1961.D.1962. 108. Et Trib Nancy. 12.4.1923.G.P.1923.1.743.
[17]Cass. Civ: 20.10.1976.B. Civ.76.N. 280.P.220.
[18]V. Trib.Nancy: 13.3.1986.J.C.P.1988;N.48.
[19] – ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية “، أطروحة محمد العواد، مرجع سابق، الصفحة 125.
[20] – ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ودور التأمين”، بوفلجة عبد الرحمان، مرجع سابق، الصفحة 93 و 94.
[21] _ اذ استقر الاجتهاد القضائي الفرنسي بعدها على التمييز بين الاضرار الناشئة عن الالتزامات العادية للجوار والتي ينبغي تحملها باعتبارها اضرار مألوفة بين الجيران لا يمكن تجنبها، غير انه متى تجاوزت هذه الاضرار الحد المألوف للجوار فان المسؤولية تقع على محدث الضرر حتى مع انتفاء خطأ في جانبه الامر الذي اضفى على هذه المسؤولية طابعا متميزا. مصطفى الخطيب المرجع السابق الصفحة 212
[22]_ الفصل 91 من ق. ل.ع: للجيرانن الحق في رفع دعوى على أصحاب المحلات المضرة بالصحة او المقلقة للراحة بطلب اما إزالة هذه المحلات واما اجراء ما يلزم فيها من التغيير لرفع الاضرار التي يتظلمون منها ولا يحول الترخيص الصادر من السلطات المختصة دون مباشرة هذه الدعوى.”
[23]_ مقال للباحث ياسين الكعيوش ، خصوصية المسؤولية التقصيرية عن الضرر البيئي ، تخصص قانون البيئة بفاس منشور بموقع منتدى الاوراس القانوني بتاريخ الأربعاء 9/8/2017 على الساعة 9:44
[24] – قرار إداري صادر عن محكمة النقض عدد 307، بتاريخ 13/05/2009، ملف إداري رقم 774/4/2/2008، غير منشور.
[25] – قرار صادر عن محكمة النقض، عدد 154/1 ، بتاريخ 20/03/2014، ملف تجاري، عدد 500/13/2012، غير منشور.
[26] – قرار صادر عن محكمة النقض، العدد 1007/1، بتاريخ 07/11/2013، ملف إداري، عدد 2790/04/01/2013، غير منشور.
[27]– ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ” محمد العواد، مرجع سابق ، الصفحة 107.
[28]– ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ” محمد العواد، مرجع سابق ، الصفحة 107 و 108.
[29]– ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ودور التأمين”، بوفلجة عبد الرحمان، مرجع سابق، الصفحة 89.
[30]– قرار محكمة النقض الصادر بتاريخ 21/03/1984 ، منشور بمجلة القضاء والقانون، العددان 133 و 134 الصفحة 57.
[31] – ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ودور التأمين”، بوفلجة عبد الرحمان، مرجع سابق، الصفحة 90.
[32] – ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ” محمد العواد، مرجع سابق ، الصفحة 115 و 116.
[33]– قرار صادر عن محكمة النقض تحت عدد 4597 مؤرخ في 16/12/2009، ملف مدني، القسم الخامس عدد 2373/1/5/2008، غير منشور.
[34] – قرار صادر عن محكمة النقض عدد60/05 بتاريخ 29/01/2013، ملف مدني، القسم الخامس، عدد 2939/1/05/2012، غير منشور.
[35] – قرار صادر عن محكمة النقض عدد 148 بتاريخ 27/01/2011، ملف رقم 1000/03/01/2010 ، غير منشور.
[36] – ” المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية ” محمد العواد، مرجع سابق ، الصفحة 117.
[37]_ من ذلك اتفاقية باريس لسنة 1960 الخاصة عن الاضرار النووية
[38]-مؤتمر الأطراف هو الهيئة التقريرية العليا للاتفاقية الإطار للأمم المتحدة بشأن التغيرات المناخية، ويعرف كذلك بمؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، تم التوقيع عليه في مؤتمر قمة الأرض في ريو دي جانيرو عام 1992، ودخل حيز التنفيذ عام 1994
COP تعني مؤتمر الأطراف باللغة الفرنسية و الانجليزية. اعتمدت الأمم المتحدة على هذه الآلية لوضع إطار عمل لمكافحة ظاهرة الاحتباس الحراري.
ولقد تم تقسيم فضاء مؤتمر الأطراف 22 إلى منطقتين:
– المنطقة الزرقاء، وهي تحت السلطة المباشرة لهيئة الأمم المتحدة، وخصصت للشخصيات المعتمدة من طرف السكرتارية العامة للاتفاقية الإطار لهيئة الأمم المتحدة للمناخ. وتضم المدخل الخاص برؤساء الدول والحكومات: فضاءات مفتوحة، 30 قاعة للندوات والاجتماعات للمفاوضين و10 قاعات مخصصة للملاحظين. وهناك فضاءات أخرى مخصصة للنقاشات والعروض والاستقبال والأمن، والمربع الخاص بالضيوف الكبار ومكاتب هيئة الأمم المتحدة ووسائل الإعلام والخدمات والمطاعم.
-المنطقة الخضراء، خصصت للزوار الذين سبق لهم التسجيل عبر الموقع الالكتروني فقط الذي وضعته اللجنة المكلفة بالتحضير لكوب22 ، الفضاء الثاني خصص للجمعيات غير الحكومية مجهزة بشبكات الاتصالات والتجهيزات الضرورية لإقامة الأروقة بالإضافة إلى فضاء الابتكار. ويضم عدة قاعات للندوات وفضاءات أخرى داخل الرواق للنقاش، ويمكن متابعة الندوات بلغات مختلفة بفضل توفير خدمة الترجمة الفورية.
[39]– ياسين الكعيوشي، تقرير حول كوب 22، مقال وارد في الوقع التالي: https://www.marocdroit.com/ تاريخ الزيارة: 1/5/2018. الساعة: 3. و02 دقيقة
[40]–بنقدور الأمين ، حماية البيئة بين القانون و الواقع، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا للجامعة في المهن القضائية و القانونية، السنة الجامعية 2009/2010،، ص 65
[41]_ مصطفى الخطيب ،المرجع السابق الصفحة 51
[42]_ إبراهيم كزمغار ،اليات الوقاية و التمويل لحماية البيئة على ضوء القوانين البيئية الجديدة ،المجلة الغربية للإدارة المحلية و التنمية عدد 66/67 يناير ابريل 2006 ص 115
[43]_ حكم رقم 928 ملف 294/2000 منشور بمجلة الملف عدد 8/3/2006 صفحة 389
[44]_ عبد الرحمان الشرقاوي، المرجع السابق الصفحة 228
Bouchra Nadir :Le Droit à L’environnement, Nouveau Fondement à la Réparation du Dommage Ecologique en Droit Positif Marocain.October 2013.le site web
L’article 19 de la nouvelle constitution déclare que : « L’homme et la femme jouissent, à égalité, des droits et libertés à caractère civil, politique, économique, social, culturel et environnemental, énoncés dans le présent titre et dans les autres dispositions de la constitution, ainsi que dans les conventions et pactes internationaux dûment ratifiés par le Royaume et ce, dans le respect des dispositions de la constitution, des constantes et des lois du Royaume»:
[45]
[46]MARTIN GILLET . J. La responsabilité civile du fait des déchets en droit français p 66
[47] JOHN E. BONNE AND THOMAS O .MCGARITY . the Law of environnemental protection 1992 . p735.
[48]-القانون رقم 12.02 المتعلق بالمسؤولية المدنية عن الأضرار النووية
[49]نور الدين الرحالي أطروحة لنيل الدكتوراه المسؤولية المدنية عن الضرر البيئي في المغرب جامعة محمد الخامس بالرباط السويسي الصفحة 220 السنة الدراسية 2014-2015
[50]-الفصل 1 من قانون المسطرة المدنية ” أنه لا يصح التقاضي إلا ممن له الصفة و الأهلية و المصلحة لإثباث حقوقه
[51]-قرار صادر عن محكمة النقض باريخ 08/04/2014 تحت عدد 193/5 ملف مدني القسم الخامس عدد 4100/1/5/2013 غير منشور
[52]_ للتوالى بعد الاحكام القضائية الجريئة مثال حكم ابتدائية مكناس يوم 6/6/2015 المشمول بالنفاذ المعجل مع التنفيذ على الأصل ، بإدانة شركة الاتصالات المغرب في قضية تنصيب لاقط هوائي فوق سطح منزل احد السكان بنفس المدينة و استندت في تعليلها : ان مبداء الحيطة و الحذر يقتضي اتخاد تدابير احترازية و امتناعية كان الاعتقاد بان أي نشاط او منتج قد يتسبب في اضرار جسيمة بشكل غير قابل للتدارك على صحة الانسان دونما الحاجة الى إقامة الدليل القاطع و الملموس على ودود علاقة سببية بين هذا النشاط او المنتج و الاضرار الوخيمة التي قد تنتج عنه مستقبلا.
[53]محمد العواد المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص –أكدال- السنة الجامعية 2017
[54] الفصل 91 من قانون الإلتزامات و العقود
القانون رقك 11.03 المتعلق بحماية و استصلاح البيئة الصادر في الجريدة الرسمية بتاريخ 5118 بتاريخ 19 يونيو 2003[55]
-أنور جمعة علي الطويل دعوى المسؤولية المدنية عن الأضرار البيئية الطبعة 2013 دار الفكر و القانون للنشر و التوزيع الصفحة 356[56]
[57] l’affaire du naufrage de l’Erika dans le site web :http://www.afcan.org/dossiers_juridiques/arret_erika.html 13/04/2018 23:10
Lors du procès de l’ E rika , J.-L. Borloo, ministre de l’Écologie, a rappelé que « la notion de responsabilité est au cœur du développement durable ». Le principe du pollueur payeur, intégré en droit français, pourrait être complété par la reconnaissance des préjudices écologiques.
[58]الفصل 99 من قانون الإلتزامات و العقود إذا وقع الضرر من أشخاص متعددين عملوا متواطئين، كان كل منهم مسؤولا بالتضامن عن النتائج، دون تمييز بين من كان منهم محرضا أو شريكا أو فاعلا أصليا.
يطبق الحكم المقرر في الفصل 99، إذا تعدد المسؤولون عن الضرر وتعذر تحديد فاعله الأصلي، من بينهم، أو تعذر تحديد النسبة التي ساهموا بها في الضر
[59]-المادة 22 من القانون 12.03 المتعلق بالمسؤولية المدنية عن الضرر البيئي
[60]ﻴﻨﺸﺄ ﺼﻨﺩﻭﻕ ﺨﺎﺹ ﺒﺤﻤﺎﻴﺔ ﻭ ﺍﺴﺘﺼﻼﺡ ﺍﻟﺒﻴﺌﺔ .ﺒﻤﻭﺠﺏ ﻭ ﻴﺤﺩﺩ ﻨﺹ ﺘﻁﺒﻴﻘﻲﺍﻹﻁﺎﺭ ﺍﻟﻘﺎﻨﻭﻨﻲ ﻟﻬﺫﺍ ﺍﻟﺼﻨﺩﻭﻕ ﻭﻤﻬﺎﻤﻪ ﻭ ﻤﻭﺍﺭﺩﻩ ﻭ ﻨﻔﻘﺎﺘﻪ.
[61]تتقادم الدعوى القضائية الرامية إلى الحصول على التعويض عن ضرر نووي المقامة بمقتضى هذا القانون إذا لم يتم رفعها :
أ) بسبب الوفاة أو الإصابة الشخصية بأضرار، بما في ذلك الآثار الجينية المباشرة، بمضي ثلاثين سنة ابتداء من تاريخ وقوع الحادث النووي ؛
ب)بسبب أي ضرر نووي أخر، بمضي عشر سنوات ابتداء من تاريخ وقوع الحادث النووي.
غير أن أجل التقادم يحدد في ثلاث سنوات، تبتدئ من تاريخ علم الضحية اليقيني بالأضرار وكذا التعرف على هوية الجهة المستغلة المسؤولة عن الضرر، وذلك مع مراعاة عدم تجاوز الآجال المحددة في الفقرة الأولى أعلاه.
يمكن لكل شخص أكد تعرضه لضرر نووي وأقام دعوى قضائية للحصول على تعويض خلال الأجل المعمول به بموجب هذه المادة أن يعدل طلبه الأصلي عند تفاقم الضرر، ولو بعد انقضاء هذا الأجل، ما لم يصدر حكم قضائي يحوز قوة الشيء المقضي به