قرار حديث لمحكمة النقض يؤكد شرعية واجبات الانخراط التي تفرضها هيآت المحامين بالمغرب
موقع مغرب القانون : من الرباط
أصدرت محكمة النقض (الغرفة الإدارية : القسم الثاني ) في جلستها العلنية بتاريخ 20 دجنبر 2018 في الملف الإداري عدد 2018/2/4/822 بين طالب النقض ب.ب ومجلس هيئة المحامين بوجدة في شخص السيد نقيب الهيئة الكائن مقره بمحكمة الاستئناف بوجدة بصفته مطلوبا في النقض وبحضور الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف بوجدة قرارا قضائيا أكد مشروعية واجبات الانخراط التي تفرضها هيئات المحامين للتسجيل في جدول الهيئة.
وجاء في حيثيات هذا الملف :
” حيث يؤخذ من أوراق الملف ومن القرار المطلوب نقضه الصادر عن غرفة المشورة بمحكمة الاستئناف بوجدة بتاريخ 2018/91/9 في الملف عدد 2017/1124/187 أن الطالب تقدم بطلب إلى السيد نقيب هيئة المحامين بوجدة التمس فيه عرض ملفه على مجلس الهيئة من أجل تسجيله بها لاستيفائه جميع الشروط، فطلب منه أداء واجب الانخراط واستكمال شروط البت في طلبه طبقا المادة 20 من القانون رقم 28.08 المنظم لمهنة المحاماة الأمر الذي عارضة الطالب والتمس من السيد النقيب صرف النظر عن هذا الإجراء واعتبار ملفه جاهزا ومستوفيا للشروط المنصوص عليها في المادة الخامسة من قانون 20 أكتوبر 2008 والأمر تبعا لذلك بتسجيله كمحام رسمي بعلة أن المجلس لا يملك صلاحية فرض هذا الرسم.
وبعد الاستماع إليه من طرف أعضاء المجلس المذكور وتأكيده لجوابه المذكور صدر قرار برفض طلب تسجيله بالجدول لعدم أداء واجب الانخراط وهو القرار الذي طعن فيه أمام غرفة المشورة المذكورة التي بعد تجهيزيها للملف وإتمام الإجراءات المسطرية قضت بتأييد المقرر المذكور وهو القرار المطعون فيه بالنقض.”
و في شأن وسائل الطعن مجتمعة جاء في قرار محكمة النقض :
” حيث يعيب الطالب القرار المطعون فيه بخرق القانون الداخلي وقواعد الاختصاص وانعدام التعليل وفساده الموازي لانعدامه، ذلك أن المحكمة مصدرته اعتبرت أن أحقية الجهة المطلوبة في تحديد واجب الانخراط مستمدة من الفصلين 20 و 91 من قانون 28.08 والفصل الرابع من النظام الداخلي لهيئة المحامين بوجدة رغم أن تحديد واجب الانخراط هو شأن تشريعي يتولاه المشرع بنفسه أو يفوض أمر تحديده إلى هيئات المحامين بنص صريح. والقرار المطعون فيه فيه خرق لقانون المالية الذي يعتبر المطالبة بأية ضريبة مباشرة أو غير مباشرة غير تلك المأذون بها جريمة غدر، وفيه خرق كذلك لقواعد قانون الالتزامات والعقود التي تؤكد أنه لا يحق لأحد أن يلزم غيره أو يشترط لصالحه إلا إذا كانت له سلطة النيابة عنه. وأنه رغم التماسه فحص مشروعية القرار القاضي بتحديد واجب الانخراط لما يشوبه من انحراف وغلو واخلال بمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص إلا أن المحكمة تجنبت مناقشة ذلك وعمدت إلى تحوير النزاع بجعله منحصرا فقط في الدفع بانعدام الأساس القانوني المبرر لشرط أداء واجب الانخراط.
كما أن القرار المطعون فيه أكد على أحقية الجهة المطلوبة في تحديد واجب الانخراط استنادا إلى أن المادتين 5 و 91 لم تردا على سبيل الحصر دون توضيح الأساس القانوني الذي اعتمدته فهناك إعراض عن جوهر النقاش الذي يتعلق بماهية الاشتراك ومقداره ومن له الصلاحية في تحديده ونص المادة 20 فيه اجمال والقاعدة أن الإجمال لا يزال إلا من المجمل وهو المشرع. وأن الوكيل العام إذا لم يمارس حقه في إثارة دعوى البطلان المنصوص عليها في المادة 92 من قانون 28.08 فإن مقتضيات المادة 94 واضحة الدلالة في أحقية جميع الأطراف المعنية في الطعن في المقررات الصادرة عن مجلس الهيئة وأن ما هو مطلوب من المحكمة ليس هو لإلغاء القرار المحدد لواجب الانخراط بل عدم العمل به بعد فحص شرعيته والتأكد من توفرها من عدمه والمحكمة بعدم مراعاتها لكل ذلك جعلت قرارها عرضة للنقض. “
وجاء تعليل قرار محكمة النقض على الشكل الآتي :
” لكن حيث إن الفصل في أحقية فرض أداء واجب الانخراط من عدمه ومن له الصلاحية في تحديده يتطلب الاحتكام إلى القانون المنظم لمهنة المحاماة وما ارتبط بها من أنظمة داخلية. وبالرجوع إلى القانون المذكور وخاصة مقتضيات المادة 20 منه نجدها تنص على أنه:
(يبت مجلس الهيئة في طلبات التسجيل في الجدول بعد استكمال عناصر البحث داخل أربعة أشهر من تاريخ إيداع الطلب وأداء واجبات الانخراط) وهذه المقتضيات صريحة وواضحة في أن من شروط التسجيل في هيئة المحامين اداء واجبات الانخراط كما أن تحديد هذه الواجبات للانخراط يتم بمقتضى النظام الداخلي للهيئة الذي يعتبر قرارا تنظيميا يسري على جميع الأشخاص المنتمين إلى الهيئة الصادر عنها والذين يرغبون في الانخراط في تلك الهيئة، وبذلك فإن أداء واجب الانخراط ابتداء من طرف الراغب في الانضمام إلى هيئة المحامين يشكل شرطا قانونيا ملزما له وان تحديد مبلغه بمقتضى النظام الداخلي للهيئة يجد سنده في القانون رقم 28.08.
والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه لما عللت قضاءها بما جاءت به من أن:
« شرط أداء واجب الانخراط قدرته المادة 20 من القانون رقم 08-28 المتعلق بتعديل القانون المنظم المهنة المحاماة الواردة في الفرع الرابع المتعلق بالتسجيل في الجدول، أما الشروط الواردة في المادة 5 فهي غير واردة على سبيل الحصر، وإنما وردت في الفرع الأول المنظم للشروط العامة، وهما فرعان واردان في الباب الثاني الذي ينظم شروط الانخراط في المهنة، لذلك فأداء واجب الانخراط شرط لاحق ينضاف إلى الشروط العامة المذكورة إذ أن العام لا يبقى على عمومه إذا ورد نص خاص يقيده وعدم تحديد واجب الانخراط لا يعني تعليق العمل بالنص الذي أقره إذ أنه أمر موكول لمجلس الهيئة في ظل ما اسند له في إطار مقتضيات المادة 91 التي أسندت إليه الاختصاصات في كل ما يتعلق بممارسة المهنة» تكون قد راعت مجمل ما ذكر واستندت على مقتضيات قانون 28.08 الذي أصبحت مقتضياته تعتبر واجب الانخراط شرط من شروط قبول الترشيح لولوج مهنة المحاماة.
ولا مجال للقول بأن المحكمة لم تجب على كل الدفوع المثارة وتجنبت مناقشتها مادام أن ما انتهت إليه هو استبعاد لها ورفض لها والوسائل على غير أساس.
لهذه الأسباب قضت محكمة النقض برفض الطلب وابقاء الصائر على رافعه. وبه صدر القرار وتلي في الجلسة العلنية المنعقدة بالتاريخ المذكور أعلاه بقاعة الجلسات العادية بمحكمة النقض بالرباط، وكانت الهيئة الحاكمة متركبة من رئيس الغرفة الإدارية (القسم الثاني) السيد سعد غزيول برادة رئيسا، والمستشارين السادة : سلوى الفاسي الفهري مقررة وسعاد المديني ومحمد بوغالب وأحمد البوزيدي أعضاء وبمحضر المحامي العام السيد حسن تایب،وبمساعدة كاتب الضبط السيد رشيد الزهري.
النقاش الدائر هو يتعلق بمدى شرعية فرض واجبات الانخراط على المرشح للتمرين بغرض تسجيله في كمحام متمرن
بينما القرار يتعلق بتسجيله كمحام رسمي
وعليه، فإن العنوان يحمل بين طياته مغالطات (قرار حديث لمحكمة النقض يؤكد شرعية واجبات الانخراط التي تفرضها هيآت المحامين بالمغرب).
جميل، إن المسألة الفصل، في هذا الموضوع و حسب هذا القرار، هي كون المشرع ذكر واجب الإنخراط في المادة 20 من ق 08-28 و كون هذا النص، من ناحية تموقعه داخل القانون، جاء في فرع خاص به فبالتالي يكون شرط خاص ينضاف إلى الشروط العامة الواردة في الفرع الأول و كل دفع بكون واجب الإنخراط لم يرد ضمن شروط التقييد في “الجدول” يكون مصيره الرفض، حقا جميل.
لكن، ملاحظتين وجب الإشارة إليهما (في الحقيقة أمرين بديهيين لا يحتاجا لا دقة في الملاحظة و لا جهد في التفكير). هذا على فرض أن القرار المذكور يهم التقييد في لائحة التمرين (و هو أمر جد مستبعد، لاكن الملاحظتين موجهتين لمن يستدلون به في غير محله و يدعون أن قرارا جديدا لمحكمة النقض قد أفتى بتحليل واجبات الإنخراط و بالتالي يكون قرار 2010 الذي سبق و أن حرمها لاغيا ):
١- بما أن أنصار إلزامية واجب الإنخراط (بالنسبة لمن يريد التقييد في لائحة التمرين) يرتكزون على المادة 20 و الفرع الرابع (مسألة الفروع و موضوع كل فرع على حدة)، أوليس الفرع المحتج به تمت عنونته ب “الجدول” ( و هو ما سأشير له في النقطة الثالية) فمن المعلوم أن مجموع المواد الواردة في الفرع تشكل وحدة متراصة و تصب في نفس الموضوع، بناءا عليه المادة 19 (التي تسبق المادة 20 بطبيعة الحال و التي تم إغفالها عند التفسير و الاجتهاد) تشير من البداية إلى أن الأمر يتعلق بالمحامي إما المعفى من التمرين و إما الذي قضى مدة التمرين و يريد التسجيل في الجدول، لتأتي بعدها المادة 20، المحتج بها، و ما بعدها للتفصيل فيما أسست له المادة السابقة (وحدة الموضوع بالنسبة للفرع الرابع بأكمله)
٢- النقطة الثانية هي المتعلقة بالجداويل في ق 08-28 ، الملاحظ من جهة أولى أن المشرع قد ميزبين الجدول و اللائحة، فالأول هو الذي سبقت الإشارة إليه، أما الثانية فهي التي تهم الحاصلين على شهادة الأهلية (موضوع الساعة) و التي شروط التقييد فيها هي نفس الشروط العامة الواردة في الفرع الأول (كما أشار إلى ذلك القرار) بالإضافة إلى بعض الشروط الخاصة الأخرى (و التي تأتي مصاحبة للبح التي يقوم به المجلس حول المترشح)، فعلا المشرع لم يذكر فيها أداء أي واجبات (واجبات الإنخراط لم يتم ذكرها إلا إبتداءا من المادة 19 أي الفرع الرابع بالمعنى الذي سبق ذكره).
أعتقد أن المهتمين بهذا الشأن قلما يستحضرون التمييز بين الجدول و اللائحة، و كثيرا ما يسقطون شروط الأول على الثانية و هو ما وقع فيه هذا القرار…..
صراحة الموضوع هذا أصبح من المواضيع المستهلكة، فقط رفقا بالقانون يا أهل القانون لا داعي لخرق أو تشويه القانون من أجل إقرار إلزامية واجبات الانخراط بالنسبة لمن يريد التقييد في لائحة التمرين، أنا عن نفسي أفضل تبريرها من الناحية الاقتصدية فالمبالغ المدفوعة تسهم في تمويل الهيئة…. لاكن لا يمكن بأي حال من الأحوال تبرير الإرتفاع المهول الذي ….