صفقة القرن وأثرهـــا على العلاقات الدوليـــــة: قراءة على ضوء القانون الدولي
مصطفى درويش باحث في القانون العام والعلاقات الدولية -تخصص الجيوبوليتيكا-
لا شك أن المتتبع للشأن الدولي الحالي يدرك أنه ثمة متغيرات تعصف بالجغرافيا السياسية –الجيوبولتيكا – للشرق الأوسط وتغير من تركيبتها الحالية في تواطؤ مع قوى محلية وأجنبية بغية المسح الكلي للساكنة الأصلية وتأهيلها بسكان جدد وعقيدة جديدة كما هو الحال في سوريا وفلسطين ، كل ذلك من أجل تحقيق مشروع إسرائيل الكبير الذي تنوي إقامته من نهري دجلة والفرات بالعراق وسوريا إلى نهر النيل بالسودان ومصر . وما المساهمة في تقسيم السودان وتدمير العراق وسوريا ومحاولة الانقلاب الفاشلة في إثيوبيا ثم الانقلاب على الشرعية في مصر ما هي إلا تحصيل حاصل للسيطرة على منابع المياه ، فأول من يدرك بالحروب المستقبلية هم الساسة الاسرائليين ، فحسب نظريتهم التنبؤية أن يمتلك المياه يملك العالم .
إذن فالحرب المقبلة حرب مياه بالأساس ، باعتبار الماء مورد اقتصادي وطاقي حيوي مهم ، لذلك تسارع إسرائيل الزمن بغية توسيع مشروعها الكبير وتعيين حلفاء لها مع ضمان بقائهم في الحكم من أجل خدمة أهدافها التوسعية .
لقد تنبأ مؤسس الجيوبولتيكا فريدريك راتزل (1844-1904) في كتابه الجغرافيا السياسية بمستقبل الدول ، واعتبر أن الدولة تسعى إلى امتصاص الأقاليم ذات القيمة السياسية ، كما أن الدولة – حال الكيان الاسرائلي – تستمر في النمو حتى تصل إلى عملية الضم وذلك بإضافة وحدات صغرى إليها ( الضفة الغربية وقطاع غزة )، فما يقع اليوم من صراع إقليمي ومحلي ما هو إلا تنفيذ لسياسة إسرائيل التوسعية أو ما يصطلح عليه حاليا بصفقة القرن التي تعرف لدى الساسة الأمريكيين بعملية السلام في الشرق الأوسط ، لكن عمليا هي حرب جديدة وطويلة الأمد لم ولن تنتهي إلا بانصهار أجزاء من الدول في دول أخرى وإعادة رسم الخريطة السياسة للعالم الجديد حسب المخطط الصهيو-أمريكي، هذه المعادلة العكسية تجعل التحليل لهذا الوضع يصعب حله لأنه حمال لأوجه ، فلم تجد الولايات المتحدة الأمريكية حلا له إلا باعتماد صفقة القرن التي جاء بها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ، فما جذور هذه الصفقة ؟ وما تأثير ذلك على العلاقات الدولية ؟
المقاربة المنهجية لهذا الموضوع المستعصي تقتضي الوقوف على أبرز الأهداف المتوخاة من الصفقة المتجلية أساسا في الانتهاكات الصريخة للقانون الدولي (المحور الأول ) ثم تأثير الصراع الشرق الأوسطي على الجيوبولتيكا الجديدة ( المحور الثاني ) :
المحور الأول : صفقـــــــة القـــرن ، انتهاك صريخ للقــــــانون الدولـــــي:
تحمل صفقة القرن بنودا لا علاقة لها بحقوق الإنسان الكونية وضوابط الشرعية الدولية[1] ، بل تتضمن حمولة تجارية ترامبية ( نسبة لدونالد ترامب رئيس الو م أ ) ودلالات لها ارتباط بمنطق الصفقات ومنطق الربح والخسارة ، أما في الدلالة العملية لهذه الصفقة فهي تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية عبر شطب قضية اللاجئين وضم مدينة القدس ، وتمكين الاحتلال الاسرائلي من بناء جديد للمستوطنات واستصدار أراضي أخرى مما تبقى من الأراضي المحتلة ، ثم تفكيك الوحدة الفلسطينية عن طريق فصل فلسطينيي الشتات عن فلسطينيي الداخل ، وأخيرا فصل قطاع غزة عن الضفة الغربية ، ونزع سلاح المقاومة الفلسطينية ، والاعتراف بدولة إسرائيل ، كل ذلك يتم عن طريق ضخ مليارات الدولارات من دول الخليج لتنزيل الصفقة مقابل حمايتهم وضمان بقائهم في الحكم .
إن المتأمل في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المتعلق باعتراف الو م أ بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إليها ، يجد نفسه أمام مساءلات مصيرية حادة حول طبيعة ومستلزمات الموقف العربي الفلسطيني الذي يتناسب مع هذا القرار المشؤوم كتجربة أولية لصفقة القرن .
فمن المنظور الدولي فإن هذه الصفقة غير قانونية وتنطوي على مخالفات قانونية جسيمة ،وتتناقض مع قرارات مجلس الأمن منها قرار رقم 242[2] ،وقرار حـــديث عدد 2334 صادر بتاريخ 2016 القاضي بإنهاء المستوطنات بالأراضي الفلسطينـية.
فهذه الصفقة ترتكز على القوة وعدم الالتزام بالقانون الدولي ومواثيقه خاصة حق تقرير المصير والتحرر من الاستعمار وحظر العنصرية والتمييز وعدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالقوة والعدوان ، واعتبار الاحتلال لأراضي الغير حالة مؤقتة تنتهي بانتهاء الاحتلال ، ولا تبطل سيادة الشعب بل توقفها مؤقــــــتا.
وبتصفحنا لبنود الصفقة فنجدها تتضمن إبعاد الفلسطينيين من أراضيهم إلى صحراء سيناء ، لذلك شاهدنا وما زلنا نشاهد كيف دمر عبد الفتاح السيسي منازل أهالي سيناء تحت ذريعة القضاء على الإرهابيين واجتثاث أوكارهم في غياب تام لأي قرار يدين عدم احترام مبدأ التناسبية بين الفل ورد الفعل[3] ، هذا التدبير الممنهج يجعلنا أمام وجه جديد من وجوه التهجير القسري الذي يعرفه القانون الدولي في المادة الثانية بأنه ” ممارسة ممنهجة تنفذها حكومات أو قوى شبه عسكرية أو مجموعات متعصبة تجاه مجموعات عرقية أو دينية أو مذهبية بهدف إخلاء أراض معينة وإحلال تجمعات سكانية أخرى مكانها “
كما عرفته اتفاقية جنيف الأربع المؤرخة في 12 غشت 1949 ، وكذا البرتوكولان الملحقان بها لسنة 1977[4] بأنه انتهاكات جسيمة للقواعد الموضوعية إذا تعلق الأمر بالتهجير القسري ، فالمادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 حظرت النقل القسري الجماعي أو الفردي للأشخاص ، أو نفيهم من مناطق سكناهم إلى أرض أخرى ، إلا في حال أن يكون هذا في صالحهم بهدف تجنيبهم مخاطر النزاعات المسلحة .
وبالرجوع لنظام روما الأساسي الخاص بالمحكمة الجنائية الدولية وخاصة المادة السابعة في بندها (د) الذي جاء فيه :” إبعاد السكان أو النقل القسـري للســـــكان ،متى ارتكب في إطار هجوم واسع، أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين ، يشكل جريمة ضد الإنسانية ” فإننا نكون أمام جريمة ضد الإنسانية تسائلنا جميعا.
وبموجب المواد 6 و 7 و 8 من نظام روما الأساسي ، فإن الإبعاد أو النقل غير المشروعين يشكلان جريمة حرب ، وإذا تمت هذه الصفقة بما هو مدون في مضامينها فإننا سنكون أمام انتهاك صريخ للقانون الدولي واعتبار المعاهدات والاتفاقيات الدولية مجرد حبر على ورق .
بالإضافة إلى ذلك ، فإن تهجير الفلسطينيين من أراضيهم في إطار هذه الصفقة ، يشكل مسح للهوية وثقافة الأوطان التي تعتبر من الحقوق الثقافية لحقوق الإنسان بموجب القانون الدولي وقواعده ، حيث نجد الإعلان العالمي لحقوق الإنسان يقرر أنه لكل شخص الحق في تأمين حقوقه الثقافية ، ويعزز هذه الحقوق العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الذي ينص على أنه لجميع الشعوب الحق في تقرير مصيرها بنفسها.
هذه الانتهاكات الصريخة للقانون الدولي ستجعل مجلس الأمن الدولي مجردا من الأهداف السامية التي خلق من أجلها المتمثلة أساسا في ضمان الأمن والسلم الدوليين ، مما سيؤدي إلى تغيير الخريطة السياسية للشرق الأوسط وسط فشل دول المنطقة التي وافقت على تمرير صفقة القرن بعد اجتماع المنامة يومي 25 و26 يونيو 2019 والمسماة ب: ” ورشة البحرين من أجل الازدهار ” ،التي دعا إليها صهر الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر لمناقشة الشق الاقتصادي المتعلق بها .
المحور الثاني : أثر صفقة القـــــــــــرن على الجيوبولتيــــــــــكا
إن آثار صفقة القرن تنطوي منذ الظهور الأول لها (سنة 2017 ) على مكون دولي واضح وأساسي يبدأ أولا بتصفية القضية الفلسطينية لتنتهي بآثار جانبية خطيرة في المنتظم الدولي والعلاقات الدولية ، حيث تبنى على الإرادة الأحادية لأطراف النزاع دون مشاركة الفلسطيننين في صنعه ، باعتبارهم أصحاب الأرض المعنيين الحقيقيين بمآل الصفقة ، مما يفيد ارتكازها ضمنيا على معايير القوة والسيطرة وليس معايير القانون الدولي .
فإذا كان العالم العربي معني بهذه الصفقة لما له من تأثير مباشر على الجغرافية السياسة للشرق الأوسط فإن آثارها ستبيح حق الغزو وفقا لمعايير القوة وشريعة الغاب حيث يأكل القوي الضعيف ، دونما اعتبار للمعايير القانونية والأخلاقية ، لذلك نجد تباين المواقف بين المؤيدين والمعارضين لها .
ففيما يخص الموقف العربي فإن ما تم تسريبه ، هو الموافقة التامة لبعض الدول العربية على الصفقة خائفين من الضغط الأمريكي المتواصل خاصة في جزئها الاقتصادي ، ولورشة البحرين الاقتصادية وحضور الزعماء العرب خير دليل على تواطئهم ورضاهم بالذل والهوان مقابل ضمان بقائهم في السلطة وتوريثها لأبنائهم ، لذلك نجزم بأن صفقة القرن هي محو تاريخي لهوية المنطقة العربية الضاربة في القدم ، وتغير جغرافيتها السياسية إثر التنازلات المتلاحقة للدول العربية .
فكما هو معروف أن مصر قامت بالتطبيع الكلي مع الكيان الصهيوني وكانت من الدول الداعمة لهذه الصفقة عن طريق بيعها لجزيرتي تيران وصنافير للسعودية مقابل دعم اسرائيل لبقاء عبد الفتاح السيـــسي للحكم مدى الحياة وتـــوريثه لعائلته، بالإضافة إلى إخلاء سيناء من سكانها الأصليين ومسحها الكلي والممنهج بغية ترحيل أهالي غزة إليها وإقامة مشاريع لهم هناك، حيث ستمول الإمارات والسعـــودية وبعـــــض الدول الأخرى هذه الصفقة مقابل بقاء بنسلمان في الحكم وانتزاع السلطة من منافسيه أبناء عبد العزيز ، كما أن الأمير محمد بنسلمان يظهر نفسه أنه صاحب الزعامة في المنطقة ، جاء ليحد من الخطر الشيعي الإيراني والنفوذ التركي الذي يحاول أردوغان إحيائه وإعادة تركيا لعهدها الغابر والمجيد ، ويهدف بنسلمان كذلك – حسب رؤيته – لإخراج السعودية من الانغلاق والمحافظة إلى مظاهر التفتح والتبرج خدمة للمصالح الأمريكية والإسرائيلية ذات الأبعاد الاقتصادية والجيو-استراتيجية عن طريق نفي وسجن معارضيه والدعاة المعتدلين ، لكن السعودية بتوجهاتها هاته ، قد فتحت على نفسها مجموعة من الحروب والأزمات بدءا من الصراع الحوثي باليمن الذي فتك بكل مظاهر الحضارة اليمنية والبنية التحتية وقتل الآلاف من المدنيين وسط صمت دولي رهيب ، فلا الحرب ربحتها ولا النفوذ الإيراني حدت من قوته ، بل إن قوة الحوثي تطورت بشكل مذهل حتى أصبحت صواريخهم تصل إلى قلب الرياض .
لكن رغم ذلك ، فإن اللوبي السعودي قوي ومؤثر داخل هيئة الأمم المتحدة المعروف اختصارا ب ( سابراك ) والذي يتخذ من واشنطن مقرا له ، حيث يحسن صورة السعودية داخل المنتظم الدولي ، بالإضافة إلى أنها تمتلك أكبر ثروة نفطية احتياطية في العالم ، إذ تحتل المرتبة الثانية بعد فنزويلا ، هذا الأخير تستعمله كوسيلة ضغط من أجل الدفاع عن توجهاتها متى رأت أن مصالحها مهددة .
أما الملاحظ للجبهة المصرية ، يرى أن الحملة العسكرية التي شنها الجيش المصري منذ أشهر خلت على شمال سيناء لم تكن للقضاء على الإرهاب كما يزعم الإعلام المصري والموالين للسيسي وإنما تمهيدا لتنفيذ عملية صفقة القرن ، فالسيسي يدرك تماما أن من يضمن له الأمن هم الاسرائليين الذين جاؤوا به مقابل خدمة مصالحهم والتطبيع النهائي معهم ، باعتبار الجيش المصري حارس حدود إسرائيل ، انطلاقا من الاتفاقية التاريخية المتعلقة بالسلام بين مصر وإسرائيل سنة 1979.
فهكذا تدير إسرائيل علاقتها وتنسج شبكة من الروابط والعلاقات التي تخدم مصالحها ورؤاها ، بعيدا عن العواطف ودغدغة مشاعر الجماهير ، فهي تبنى على أسس مصلحية واقعية ، فحسب الدراسات الإسرائيلية التي قام بها المعهد الأورشلمي للشــــــؤون العامـــــة والدولــــــة فإن أفضل شخص لقيادة مصر بالنسبة لمصالح إسرائيل هو عبد الفتاح السيسي ، مشيرة إلى أن مصلحة إسرائيل تكمن في بقائه في منصبه.
في مقابل ذلك ، فإن الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط ستتغير نهائيا مما ينذر بحروب طويلة في المنطقة .
فطوال التاريخ البشري رأينا أنه كلما تغيرت الجغرافيا كلما نشبت الحروب ، فما نشاهده اليوم من انزلاق خطير يشهده العالم سيؤدي بلا محالة لقيام تصادم قوي في بلدان الشرق الأوسط وسط تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية والمذهبية .
فبمجرد إلقاء نظرة خاطفة عن مصر، نجدها مقبلة على تنازلات كبرى ، حيث ستفقد ما يناهز 770 كيلومتر مربع من أراضي سيناء لصالح الدولة الفلسطينية المحتملة ، مقابل إيجاد حل لمشكلة المياه بمصر، حيث العالم سيضخ استثمارات كبرى في مصر خاصة في المشروعات الضخمة لتحلية وتنقية المياه ، وذلك عبر البنك الدولي والمؤسسات الدولية المانحة مما سيزيد من تأزيم أوضاع الشعب المصري المتأزمة أصلا….
وفي الأخير لا يسعني إلا التذكير بما قاله الجنرال هاركابي المنسق العام السابق لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية : ” لا بد من إدماج العرب في المشروع الصهيوني وتوظيفهم لخدمته ، وهذا ممكن من خلال التعامل السياسي ( وليس العسكري ) مع العرب ، لأنهم قوم لا يتحلون بالمثابرة والصبر والدأب ، وسرعان ما يـــدب فيهم الملل والضجر والاختلاف ويسلمون أمورهم حتى لأعدائهم في سبيل الغلبة في معاركم وخلافاتهم الداخلية “.
ولما كانوا قصيري النفس كثيري الملل والضجر ، كما وصفهم هاركابي ، سهل عليهم أن يمارسوا علينا أدوارا مختلفة في مسيرة التطبيع ، فكان قضم الأراضي الفلسطينية وانتظار هضمها ، ثم الاتصالات السرية والعلنية مع إسرائيل ، بالاضافة الى دخول صفقة القرن حيز التنفيذ العلني ، فإنهم أصبحو دمية في أيادي اللوبي الصهيو-أمريكي ، يستغلونهم لقضاء مآربهم وعند انتهاء مدة صلاحيتهم يرمونهم في مزبلة التاريخ ، وما اختيار عاصمة البحرين المنامة بعبث ، بل جاء مناسبا لحال العرب اليوم فهم في نوم غارقون ، كأنهم الذين عتاهم أبو العتاهية بقوله :
دار يريــــــــــد الدهر نقلة أهلها وكأنــــــــــهم عما يراد بهم نيــــــــام .
جاءت ورشة المنامة تتويجا لعقود جرى فيها التطبيع ليجنيه الصهاينة مجانا من حكام العرب ، فجميعنا شاهدنا وزير خارجية البحرين يصرح بأن : ” إسرائيل وجدت لتبقى ، وأن لها الحق لتعيش داخل حدود آمنة ، وأن بلاده وبلدان عربية أخرى تريد التطبيع معها ” فهذا الكلام ليس الأول من نوعه بل سمعناه منذ زمن نظرا لعدم انعكاسه على إرادة الشعوب التي لا تقهر ، فقط يذركنا بما ورد في سورة يوسف عليه السلام حينما باعوه إخوته ، يقول عز من قائل في سورة يوسف الآية 20 : ” وشروه بثمن بخس دراهم معدودة وكانوا فيه من الزاهدين ” فكذلك هي صفقة القرن في شقها الاقتصادي الذين اتفقوا على بيع فلسطين خلالها بخمسين مليار دولار على مدى عشرة أعوام للتنمية الاقتصادية كما يدعي جاريد كوشنر. بينما ترامب حصد في أقل من أربعة وعشرين ساعة ما يزيد عن 450 مليار دولار من السعودية ؟
لكن رغم ذلك ، فإن هذه الصفقة تعرف عدة إخفاقات يمكن إجمالها في النقط الآتية :
- أولا : مشروع صفقة القرن لن يكتب له النجاح لأنه مبني على الظلم والاستكبار وتجاهل تام لحقائق التاريخ.
- ثانيا : أن رعاة الصفقة خاصة دول الخليج ، بدأت الشكوك تنتابهم إثر المعارضة الشديدة من شعوبهم ، لأنهم يدركون أن إرادة الشعوب قوية ، فإذا خرجوا إلى الشوارع ، فلا القوة سترهبهم ولا الاعتقالات ستخيفهم ( النموذج : فلسطين ،مصر، السودان وسوريا …) وكذلك المعارضة الشديدة لها من الرأي العام الفلسيطيني والدولي.
- ثالثا : أن السلام المفروض بالقوة والاكراه ،التضليل ثم الاغراء . لا يتوافر على مقومات النجاح ، لذلك لا يختلف مصيره عن الحرب المفروضة التي تفقد عنصر الانتصار وان وفقت في امتلاكها للمال والسلاح.
الهوامش:
[1] من بين مبادئ الشرعية الدولية مبدأ تقرير المصير ، حيث جاء في المادة 55 من ميثاق الأمم المتحدة لسنة 1951 على أن ” من حق الشعوب سواء كانت كبيرة أو صغيرة في أن تقرر مصيرها بيده دون تدخلات خارجية ن وإقامة دولة مستقلة محررة من أي استعمار لأراضيها ومواردها …”
[2] – قرار مجلس الأمن تمت المصادقة عليه إبان هزيمة العرب في حرب 1967 ومن أهم بنوده الانسحاب الإسرائيلي من الأراضي التي احتلها إبان هذه الحرب .
[3] – يعرف الفقيه فيري مبدأ التناسب بأنه مبدأ يهدف إلى الحد من الضرر الناجم عن العمليات العسكرية ، بحيث يقضي بأن تكون أثار وسائل وأساليب الحرب المستخدمة متناسبة مع الميزة العسكرية المنشودة ، لمزيد من التفصيل يراجع : بيترو فيري ، قاموس القانون الدولي للنزاعات المسلحة ، دليل الأواسط الأكاديمية ، (دون ذكر عدد الطبعة ومكان الطبع والنشر ) ، سنة 2006 .
[4] -اتفاقيات جنيف الأربع وبروتوكولاتها الإضافية معاهدات دولية تضم أكثر القواعد أهمية للحد من همجية الحروب . وتوفر الاتفاقيات الحماية للأشخاص الذين لا يشاركون في الأعمال العدائية ( المدنيون ، الاطباء…) والذين توقفوا عن المشاركة في الحرب وكذا أسرى الحرب .