سابقة: حـــكم إدارية وجــدة القاضي بإلــغاء قرار جامعـة محمد الأول بفــرض رســوم التسجيل بسلك الدكتوراه

|
المملكة المغربية محكمة الاستئناف الإدارية بـفاس المحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة قسم: قضاء الإلغاء الموضوع: تجاوز السلطة حكم عدد: 259 صادر بتاريخ: 17/12/2025 ملف رقم: 257/7110/2025 |
|
أصل الحكم محفوظ بكتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة. باسم جـلالـة المـلـك وطـبـقـا للـقـانـون بـتاريخ 17 دجنبر 2025 أصدرت المحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة في جلستها العلنية، وهي تبت في القضايا الإدارية الحكم الآتي نصه: بين: …….. محل المخابرة معه بمكتب نائبه الأستاذ مراد زبـوح محام بهيئة المحامين بوجدة. من جهة وبين: -جامعة محمد الأول بوجدة، في شخص رئيسها بمكاتبه برئاسة جامعة محمد الأول بشارع محمد السادس، حي القدس، وجدة. -كلية الآداب والعلوم الإنسانية، في شخص عميدها بمكتبه بمقر الكلية، بوجدة. -الدولة في شخص رئيس الحكومة بمكاتبه، بمقر رئاسة الحكومة، الرباط. – وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار في شخص وزيرها بمكاتبه، الرباط. -قطب الدراسات في الدكتوراه في شخص ممثله بمقر الكلية بوجدة. -الوكيل القضائي للمملكة بمكاتبه بوزارة الاقتصاد والمالية، الرباط. من جهة أخرى |
|
القاعدة: – الحق في التعليم ليس امتياز بل حق أساسي من حقوق الإنسان المضمونة بموجب المواثيق الدولية ودستور المملكة المغربية والتشريعات الوطنية. – فرض مجلس الجامعة لرسوم عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه على الطلبة الأجراء والموظفين… تكليف عام… نعم… البرلمان هو الجهة المختصة بإحداثه… نعم – إقامة تمييز بين المواطنات والمواطنين من أجل ولوج التعليم العالي على أساس اجتماعي أو مهني دون سند قانوني… خرق لمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص… نعم – فرض رسوم سنوية خلال مدة إعداد شهادة الدكتوراه التي قد تستغرق خمس سنوات مقابل تكوينين أساسيين خلال السنة الأولى أو الثانية يفتقد للمبرر الواقعي والموضوعي… نعم
|
الــــــــــوقـــــــــائــــــــع:
بناء على مقال الطعن المقدم من طرف الطاعن بواسطة نائبه بكتابة ضبط هذه المحكمة بتاريخ 10/11/2025 والمعفى مـن أداء الرسم القضائي بقوة القانون، عرض فيه بأنه ترشح لمتابعة الدراسة بسلك الدكتوراه، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بوجدة، بناء على إعلان الكلية فتح باب الترشح لسلك الدكتوراه للموسم الجامعي 2025/2026، وعلى إثر قبوله لمتابعة تكوينه ودراسته للحصول على شهادة الدكتوراه، بادر إلى تقديم طلبه من أجل تسجيله لكنه تفاجأ برفض تلقي طلبه من طرف الموظف المتواجد بالشباك الخاص بالتسجيل، بعلة عدم إرفاقه بوصل الأداء الذي يثبت أداء مصاريف التسجيل السنوية بسلك الدكتوراه والمحددة في 15.000،00 درهم، بالنسبة للطلبة الموظفين والأجراء، وهي الرسوم التي تم فرضها بناء على القرار الصادر عن مجلس جامعة محمد الأول بوجدة بتاريخ 01/10/2025، وهو القرار المطعون فيه بالإلغاء استنادا للأسباب الآتية:
- صدور القرار عن جهة غير مختصة: لأن السلطة التشريعية هي الجهة المختصة بإقرار هذه الرسوم، وليس هناك أي سند قانوني يسمح للجامعة بتحديدها.
- اتسام القرار بالانحراف في استعمال السلطة.
- انعدام التعليل: لعدم تضمين القرار المطعون فيه الأسباب القانونية والواقعية الداعية لاتخاذه.
- مخالفة القرار المطعون فيه للقانون وانعدام السبب: لافتقاد إجراء الأداء للسند القانوني أو التنظيمي، سواء في النظام الأساسي للتعليم العالي، أو النصوص التنظيمية لسلك الدكتوراه التي لم تنص على أي واجبات مالية خاصة بالطلبة الموظفين، ومساسه بحق التعلم المكفول بموجب دستور المملكة المغربية، والمواثيق الدولية، سيما الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والمواطن، والعهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وكل هذه النصوص الوطنية والدولية تكفل مجانية التعلم في جميع المراحل، وتمنع تقييد هذا الحق، أو فرض عقبات من أجل الولوج له. مما يجعل من فرض الإدارة لرسوم مالية على الموظفين والأجراء من أجل متابعة دراستهم الجامعية بمثابة تقييد غير مشروع للحق في التعليم، وهو التوجه الذي كرسته محكمة النقض في مجموعة من القرارات الصادرة عنها.
- خرق مبدأ المساواة وتكافؤ الفرص بين المترشحين في ولوج التكوين الجامعي: وذلك لكون قرار فرض الرسوم على ولوج الموظفين والأجراء والمستخدمين للتعليم العالي يضع تمييزا بينهم وبين الطلبة غير الموظفين، وهذا فيه تمييز وخرق لمبدأ المساواة بين المواطنين.
- خرق مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية: حيث تم فتح باب الترشيحات للتسجيل القبلي الإلكتروني بسلك الدكتوراه برسم الموسم الجامعي 2025/2026 من 18 إلى 26 شتنبر 2025، ما يعني أن التسجيل سيكون وفقا لشروط وقرارات صادرة قبل هـذا التاريخ لأننا أمام تعاقد إداري، وهو الإعلان الذي لم يتضمن أي ملاحظة تفيد أن التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه بالنسبة للموظفين والأجراء مقيد بالأداء، لكن الطاعن تفاجأ بعد قبول ملفه وإعلان اسمه ضمن لائحة الناجحين لمتابعة تكوينهم بسلك الدكتوراه، بتاريخ 25/10/2025 بملاحظة صادرة عن الإدارة تفيد أن الموظفين والمستخدمين والأجراء ملزمون بأداء واجب الرسوم عند التسجيل النهائي، وبعد البحث عن سند هذا القرار سيتم نشر إعلان أنه بناء على قرار مجلس الجامعة المنعقد في 01/10/2025، وهو ما يؤكد أن هذا القرار تم تطبيقه بأثر رجعي، بتاريخ سابق على دخوله حيز التنفيذ، وهذا ما يمس بمبدأ استقرار الأوضاع والحقوق المكتسبة.
لهذه الأسباب التمس الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس جامعة محمد الأول بوجدة، القاضي بحرمان الطاعن من استكمال إجراءات التسجيل في سلك الدكتوراه، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك، وشمول الحكم بالنفاذ المعجل.
وأرفق مقاله ب: بصور شمسية ل: 1- محضر معاينة لمفوض قضائي بتاريخ 29-10-2025، إعلان عن فتح باب الترشيح بسلك الدكتوراه للموسم الجامعي 2025/2026، نتائج الانتقاء الأولي، لائحة الطلبة الناجحين لمتابعة الدراسة في سلك الدكتوراه، دفتر الضوابط العلمية والبيداغوجية الوطنية لسلك الدكتوراه، القانون-الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، إعلان على صدور قرار مجلس الجامعة بفرض 15000 درهم كرسوم على الطلبة المأجورين المسجلين بسلك الدكتوراه، ملف التسجيل الخاص بالطاعن، قرارات قضائية لمحكمة النقض.
وبناء على المذكرة الجوابية المدلى بها من طرف الجهة المطلوبة في الطعن بواسطة نائبها دفع فيها بعدم الاختصاص الوظيفي للمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة للبت في الطعن، لفائدة محكمة النقض، عملا بأحكام المادة التاسعة من القانون رقم 90.41 المحدث بموجبه محاكم إدارية، لكون القرار المطعون فيه يتعدى نطاق تنفيذه دائرة الاختصاص المحلي للمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة، ويمتد لدائرة الاختصاص المحلي للمحكمة الابتدائية الإدارية بفاس، باعتبار أن مدينة جرسيف خاضعة لنفوذ جامعة محمد الأول، وتخرج مكانيا عن نفوذ اختصاص هذه المحكمة. ولا يمكن الطعن في قرار تحديد الرسوم إلا أمام محكمة النقض.
ومن حيث الشكل: تمسك بوجود دعوى موازية لكون الطلب يهدف إلى إلغاء رسوم؛ لكون أساس الدعوى يتعلق بمشروعية فرض وتحصيل رسم من الرسوم، يندرج ضمن الرسوم المشار إليها في المادة الثانية من القانون رقم 15.97 بمثابة مدونة تحصيل الديون العمومية، والمنازعات المنصبة على الضرائب والرسوم تكون أمام القضاء الشامل، ولا تستوعبها دعوى الإلغاء. وتبعا لذلك يتعين أداء الرسوم القضائية على المقال الافتتاحي طبقا للقانون المنظم للمصاريف القضائية في القضايا المدنية والتجارية والإدارية.
وأثار أن المطعون فيه هو عمل مادي، يتمثل حسب ما تضمنه محضر المفوض القضائي في امتناع الموظف عن استلام طلب الطاعن بعلة أنه لا يتضمن من بين وثائقه وصل إيداع رسوم التسجيل، والأعمال والتصرفات المادية لا تقبل الطعن بالإلغاء. كما أن قرار رئيس الجامعة، هو قرار تأكيدي، للقرار المتخذ من طرف مجلس جامعة محمد الأول بوجدة في اجتماعه المنعقد بتاريخ 01 أكتوبر 2025، وللقرار المشترك بين وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار والوزير المنتدب لدى وزير الاقتصاد والمالية المكلف بالميزانية الصادر بتاريخ 18 غشت 2025، وهو القرار الذي يتعين الطعن فيه.
وأضاف من حيث الشكل؛ بكون مقال الطاعن مخالف للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، لعدم تضمينه عنوان الطاعن، وتوجيه الطعن ضد غير ذي صفة، لكون قرار فرض الرسوم، صدر عن مجلس الجامعة، الذي يعتبر هيئة مستقلة لا يمثلها الرئيس، وليس عن الجامعة في شخص رئيسها، الذي يبقى عضوا من أعضاء المجلس.
ومن حيث الموضوع؛ أجاب بأن الرسوم المفروضة على الطلبة لها سندها في القانون، سيما المادة 18 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، التي تنص على أن ميزانية الجامعة تشمل الرسوم المحصل عليها برسم التكوين المستمر، وهذه الرسوم لا علاقة لها بالتكاليف العمومية المنصوص عليها في الفصل 39 من الدستور، نظرا لطبيعتها وارتباطها بالخدمة المرفقية الاستثنائية والتمييزية لهذه الفئة، وغايتها تيسير الاستفادة من خدمات التعليم خارج أوقات العمل، كما سمحت المادة المذكورة للجامعات بحق إدراج المحاصيل المختلفة والموارد المختلفة ضمن ميزانيتها السنوية ومن ذلك تحصيل رسوم عن خدمات التوقيت الميسر الذي يستفيد منه الموظفون والأجراء، وبذلك يكون قرار فرض الرسوم مشروع، وله أساس تشريعي، وقضائي كذلك، بناء على أحكام وقرارات قضائية للمحكمة الابتدائية الإدارية بالرباط، ومحكمة الاستئناف الإدارية بالرباط. لهذه الأسباب التمس أساسا عدم قبول الطعن، واحتياطيا رفضه.
وبناء على الأوراق الأخرى المدرجة بالملف.
وبنــــــــاء على الإعـــــــــلام بإدراج القضية بالجلسة العلنية المنعقدة بتاريخ 10/12/2025 حضر الأستاذ أحمد اليزيد عن الأستاذ مراد زبوح نيابة عن الطاعن، وحضرت الأستاذة هاجر عزاوي عن الأستاذ نبيل تقني نيابة عن الجهة المطلوبـة في الطعن، فقررت المحكمة اعتبار القضية جاهزة، وأعطيت الكلمة للسيد المفوض الملكي للدفاع عن القانون والحق الذي اقترح الحكم بإلغاء القرار المطعون فيه، فتم إدراج القضية للمداولة والنطق بالحكم لجلسة 17/12/2025. وخلال فترة المداولة أدلى نائب الطاعن بمذكرة تعقيب مؤشر عليه من طرف نائب الجهة المطلوبة في الطعن، التمس فيها رد جميع الدفوع المثارة والحكم وفقا لمقاله.
وبـــــعــــد المـــداولـــــة طــــبــقـــا لـــلقــــانــــون:
في الدفع بعدم الاختصاص الوظيفي: حيث دفع نائب الجهة المطلوبة في الطعن بعدم الاختصاص الوظيفي للمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة للبت في الطعن، لفائدة محكمة النقض، عملا بأحكام المادة التاسعة من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، لكون القرار المطعون فيه يتعدى نطاق تنفيذه دائرة الاختصاص المحلي للمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة، ويمتد ليشمل الطلبة الموظفين المنحدرين من مدينة جرسيف، وهي المدينة الخاضعة لنفوذ الاختصاص المحلي للمحكمة الابتدائية الإدارية بفاس.
وحيث إن الأصل في قواعد الاختصاص المحلي بالنسبة لطلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة أنها ترفع إلى المحكمة الإدارية التي يوجد موطن طالب الإلغاء داخل دائرة اختصاصها أو التي صدر القرار بدائرة اختصاصها، حسب ما تنص عليه المادة العاشرة من القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية، واستثناء من هذه القاعدة تظل محكمة النقض مختصة بالبت ابتدائيا وانتهائيا في طلبات الإلغاء بسبب تجاوز السلطة المتعلقة بقرارات السلطات الإدارية التي يتعدى نطاق تنفيذها دائرة الاختصاص المحلي لمحكمة إدارية. حسب ما تنص عليه المادة التاسعة من القانون المشار إليه.
وحيث إن المقصود بنطاق التنفيذ المشار إليه في المادة التاسعة، هو مكان التطبيق الفعلي للقرار، والمجال الترابي لسريان آثاره، وليس مكان إقامة أو عنوان المخاطبين به، وبما أن القرار موضوع الطعن تم إصداره من طرف مجلس جامعة محمد الأول بوجدة، ويتم تنفيذه من طرف المصالح الإدارية والمالية التابعة لجامعة محمد الأول بوجدة، التي تتواجد داخل النفوذ الترابي للمحكمة الابتدائية الإدارية بوجدة، فإنه لا مجال للدفع بمقتضيات المادة التاسعة أعلاه، لأنها تشكل استثناء على القواعد العامة للاختصاص المحلي، ويتعين تفسير مقتضياتها تفسيرا ضيقا، دون توسع أو قياس، حتى لا يتعارض ذلك مع فلسفة إحداث القضاء الإداري ومبدأ تقريب العدالة من المتقاضين، ومن ثم فإن امتداد فئة المخاطبين بالقرار لمدن مغربية أخرى، أو حتى دول أخرى لأن الجامعات المغربية تستقبل طلبة من دول مختلفة، لا يعني أن القرار موضوع الطعن يتعدى نطاق تنفيذه محكمة إدارية واحدة، لأن العبرة بمكان تنفيذ القرار وليس المخاطبين به، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في قرارها عدد 462 الصادر بتاريخ 14/04/2022 في الملف الإداري عدد 639/4/1/2021 الذي جاء فيه:”…. وحيث إن البين أن الطلب يهدف إلى إلغاء ما أسماه الطاعن بالقرار الإداري – تصميم النمو الخاص بالجماعة المعنية والمصادق عليه بـقرار عامل إقليم بنسليمان وقرار لوزير الداخلية، وأنه بموجب الفصل 3 من الظهير الشريف رقم 1.60.063 بشأن توسيع نطاق العمارات القروية، فإن تصميم توسيع نطاق العمارات القروية يصادق عليه بموجب قرار يصدره العامل، وينشر في الجريدة الرسمية بعد موافقة وزير الداخلية. ولـما كان الأمر يتعلق بقرار إداري ينفذ في النفوذ الترابي للجماعة المعنية التابعة ترابيا لاختصاص المحكمة الإدارية، فإنه يبقى قراراً إدارياً عاديا تختص به نوعيا المحاكم الإدارية طبقا لمقتضيات المادة 8 من القانون المحدثة بموجبه محاكم إدارية، وغير مندرج ضمن مقتضيات المادة 9 من نفس القانون، ولا يقبل بالتالي الطعن فيه مباشرة أمام محكمة النقض”. وتبعا لذلك يكون الدفع المثار غير مؤسس ويتعين رده.
في الشكل: حيث دفعت الجهة المطلوبة في الطعن بعدم قبول الطعن للأسباب الآتية:
1- توجيه الطعن ضد غير ذي صفة؛ لكون قرار فرض الرسوم، صدر عن مجلس الجامعة، الذي يعتبر هيئة مستقلة لا يمثلها الرئيس، وليس عن الجامعة في شخص رئيسها، الذي يبقى عضوا من أعضاء المجلس.
لكن، حيث إنه بالاطلاع على القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، سيما المواد 9 و11 و12 يتبين بأن مجلس الجامعة، عبارة عن هيئة تداولية، تتولى إدارة الجامعة، وتحديد التوجهات العامة لها، ويرأس هذا المجلس رئيس الجامعة، الذي يتولى تحضير قرارات المجلس وتنفيذها، (المادة 16 من القانون رقم 01.00) وبذلك فإن هذه الهيئة تبقى تابعة للجامعة، التي تعتبر مؤسسة عمومية تتمتع بالشخصية المعنوية والاستقلال الإداري والمالي (المادة 4 من القانون رقم 01.00) ويمثلها أمام القضاء رئيس الجامعة، وهو المؤهل لرفع الدعاوى والدفاع باسمها (المادة 16 من القانون رقم 01.00) أمام مجلس الجامعة فلا يتمتع بشخصية معنوية مستقلة عن الجامعة، وقراراته تنسب للجامعة، باعتبارها كيانا مستقلا، ومادام أن الطعن الحالي موجه ضد الجامعة في شخص رئيسها فإنه مقدم ضد ذي صفة ومصلحة، وما أثارته الجهة المطلوبة في الطعن غير جدير بالاعتبار ويتعين رده.
2- المطعون فيه هو قرار تأكيدي صادر عن رئيس الجامعة، للقرار المتخذ من طرف مجلس جامعة محمد الأول بوجدة في اجتماعه المنعقد بتاريخ 01 أكتوبر 2025. كما أنه يندرج ضمن الأعمال المادية التي لا تقبل الطعن بالإلغاء، ويتمثل في امتناع الموظف عن استلام طلب الطاعن بعلة أنه لا يتضمن من بين وثائقه وصل إيداع رسوم التسجيل.
لكن، حيث إنه من جهة؛ فالمطعون فيه ليس هو ما صدر عن الموظف المكلف بمصلحة التسجيل من امتناع عن تسلم ملف الطاعن، كما أن الطعن لا يخاطب قرار رئيس الجامعة برفض تسجيله بسلك الدكتوراه، ولكن الطعن ينصب على قرار صريح عبرت عنه الجامعة في إعلاناتها سواء تلك الموجهة للطلبة الناجحين بسلك الدكتوراه بصفة عامة، أو تلك الموجهة بشكل خاص للطلبة الموظفين والأجراء والمستخدمين، التي تضمنت فرض رسوم عليهم عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه، بناء على قرار مجلس الجامعة المطعون فيه، والجهة المطلوبة في الطعن تقر صراحة بإصدارها لهذا القرار ولا تنازع في ذلك.
وحيث إنه من جهة ثانية؛ ولـما كان القرار الإداري هو كل عمل قانوني نهائي صادر عن الإدارة بإرادتها المنفردة، وفي إطار ما لها من سلطة عامة وفي الشكل الذي يتطلبه القانون، بقصد إنشاء أو تعديل أو إلغاء حق أو التزام قانوني معين، مـتى كان ذلك ممكنا أو جائزاً قانوناً، أي مؤثراً في المركز القانوني للمعني بـه، وذي صبغـة نهائية وتنفيذية، قرار الغرفة الإدارية بـمحكمة النقض عدد 243/1 الصادر بتاريخ 02/03/2023 في الملف الإداري عدد 921/4/1/2022. فإن القرار المطعون فيه الصادر عن مجلس جامعة محمد الأول بوجدة، بصفته هيئة تداولية، تابعة لهذه الجامعة، كما سبق توضيح ذلك، استهدف فرض رسوم تسجيل على الطلبة الموظفين والأجراء والمستخدمين، لأول مرة في تاريخ هذه الجامعة، وهو قرار نهائي وتنفيذي، لا يتوقف نفاذه على إجازة أو ترخيص من أية سلطة إدارية أعلى، كما أنه مؤثر في المركز القانوني للمخاطبين به، وهذه الميزة هي ما تميزه عن العمل المادي الذي يستهدف قصدا خاصا ولا يكون الغرض منه إحداث أثر قانوني، الأمر الذي يجعل من الطعن موجـهاً ضد قرار إداري مكتمل الأركان ومستجمعٍ لجميع شروط ومقومات القرار الإداري، وبذلك يتعين رد الدفعين المثارين لعدم جديتهما.
3- وجود دعوى موازية لكون الطلب يندرج ضمن المنازعات المنصبة على الضرائب والرسوم ويتعين تقديمه أمام القضاء الشامل، وأداء الرسوم القضائية عنه، ولا تستوعبه دعوى الإلغاء.
لكن، حيث إنه من جهة؛ فالطاعن لا ينازع في مشروعية الرسم المفروض من طرف مجلس الجامعة من عدمه، ولكنه يطعن بالإلغاء في قرار المجلس القاضي بفرض هذا الرسم، وهو بذلك يجادل في مشروعية القرار في إطار دعاوى تجاوز السلطة، التي تظل مستثناة من نطاق فرض الرسوم القضائية بصريح نص المادة 22 من القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبـه محاكم إدارية، ومن جهة ثانية؛ فإن شروط تطبيق الدعوى الموازية في النازلة غير متوفرة، لعدم تحقق عنصرين مهمين وهما: إمكانية تحقيق الطاعن لنفس المزايا والغايات من دعوى الإلغاء، بموجب دعوى قضائية أخرى ضمن ولاية القضاء الشامل، عن طريق محو وإزالة الآثار القانونية للقرار المطعون فيه، أو أن تكون هذه الأخيرة (دعوى الإلغاء) قاصرة على تحقيق المبتغى، وعليه فإن مجال المنازعة الطبيعي هـو دعوى الإلغاء لتجاوز السلطة، وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في مجموعة من القرارات الصادرة عنها نذكر منها، القرار عدد 716/1 الصادر بتاريخ 05/07/2018 في الملف الإداري عدد 3444/4/1/2017 الذي ورد في إحدى حيثياته: “لكن، حيث أوردت محكمة الاستئناف للرد على الدفع المثار من خرق الفقرة الأخيرة من المادة 23 من القانون رقم 41.90 المحدث للمحاكم الإدارية بأن شرط الدعوى الموازية يفترض وجود دعوى قضائية مستقلة يمكن لطالب الإلغاء سلوكها أمام القضاء الشامل، وتحقق له نفس المزايا والنتائج التي تحققها دعوى الإلغاء أي أن تفضي إلى محو وإزالة الآثار القانونية للقرار الإداري المطعون فيه، وأن لجـوء المدعي إلى القضاء الشامل لن يخوله اقتضاء حقوقه بالنظر لإلزامية الإدلاء بمحضر محاولة الصلح تحت طائلة عدم قبول دعواه، تكون بذلك قد أعطت للمقتضى القانوني المحتج بخرقه التأويل الصحيح، إذ إن وجود الدعوى الموازية التي تمنح المدعي من سلوك دعوى الإلغاء هي حصوله على نفس الحقوق التي تحققها دعوى القضاء الشامل، الأمر الذي يبقى في النازلة غير متوفر، فكانت الوسيلة على غير أساس”. وتبعا لذلك يكون الدفع المتمسك به غير مؤسس ويتعين استبعاده.
4- مقال الطعن مخالف للفصل 32 من قانون المسطرة المدنية، لعدم تضمينه عنوان الطاعن.
لكن، حيث إنه لئن كان الطاعن لم يذكر عنوانه الحقيقي في ديباجة مقاله فإنه اختار عنوان مكتب نائبه كعنوان للتخابر معه، وهو ما ينسجم مع مقتضيات الفصل 32 من قانون المسطرة المدنية الذي ينص على ما يلي:” يجب أن يتضمن المقال أو المحضر الأسماء العائلية والشخصية وصفة أو مهنة وموطن أو محل إقامة المدعى عليه والمدعي…” فهذا الفصل يخير المدعي بين اختيار موطن له أو محل إقامته، كما نص الفصل 33 من قانون المسطرة المدنية على أنه:” يعتبر تعيين الوكيل اختيارا لمحل المخابرة معه بموطنه.” وهذا ما أقرته محكمة النقض في قرارها عدد 169 الصادر بتاريخ 09 مارس 2021 في الملف المدني عدد 1812/1/5/2019 الذي جاء فيه بأن:” اختيار المتقاضي لمحاميه وكيلا عنه يعتبر اختيارا لمحل المخابرة معه بواسطة هذا الوكيل طبقا للفصل 33 من قانون المسطرة المدنية” كما جاء في قرارها رقم 761/10 الصادر بتاريخ 13-10-2022 في الملف المدني رقم 698/1/10/2022 بأن” المطلوب لما اختار في مقاله الاستئنافي مكتب محاميه للمخابرة معه وباشر هذا الأخير إجراءات الدعوى أمام المحكمة المذكورة، فإن هذا يغني عن ذكر موطنه الحقيقي.”، مما يبقى معه الدفع المثار غير مؤسس ويتعين رده.
وحيث إنه وتأسيسا على ما ذكر، تبقى الدفوع بعدم القبول والإخلالات الشكلية المثارة من قبل نائب الجهة المطلوبة في الطعن غير مؤسسة ويتعين استبعادها.
وحيث إن الطعن مقدم من ذي صفة ومصلحة، وضد ذي صفة ومصلحة، ووفقا للشروط والآجال القانونية المتطلبة ويتعين قبوله من هذه الناحية.
في الموضوع: حيث يهدف الطعن إلى الحكم بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس جامعة محمد الأول بوجدة، بتاريخ فاتح أكتوبر 2025، القاضي بفرض رسوم عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه في مواجهة الطلبة الموظفين والمستخدمين والأجراء، ومن ضمنهم الطاعن، برسم السنة الجامعية 2025/2026، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
وحيث أسس الطاعن طعنه على اتسام القرار المطعون فيه بالتجاوز في استعمال السلطة؛ لصدوره عن جهة غير مختصة، وللانحراف في استعمال السلطة، وانعدام التعليل، ومخالفته للقانون، ولمبدأ المساواة وتكافؤ الفرص، ولقاعدة عدم رجعية القرارات الإدارية، وانعدام السبب.
وحيث إن بسط القضاء الإداري لرقابته على مشروعية القرارات الإدارية وفحص مدى مطابقتها للقانون، يستند إلى الفقرة الثانية من الفصل 118 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 التي نصت على أنه: “كل قرار اتخذ في المجال الإداري سواءً كان تنظيميا أو فرديا، يمكن الطعن فيه أمام الهيئة القضائية الإدارية المختصة”، كما أبرزت المادة 20 من القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية عيوب المشروعية الموجبة للطعن بالإلغاء بالتنصيص على أن: “كل قرار إداري صدر من جهة غير مختصة، أو لعيب في شكله، أو لانحراف في السلطة أو لانعدام التعليل أو لمخالفة القانون، يشكل تجاوزاً في استعمال السلطة، يحق للمتضرر الطعن فيه أمام الجهة القضائية الإدارية المختصة”.
فيما يخص الوسيلة المرتبطة بصدور القرار المطعون فيه عن جهة غير مختصة: حيث إن الثابت فقها وقضاء أن القرار الاداري يكون معيبا بعيب عدم الاختصاص إذا كان صادرا عن شخص أو هيئة أو سلطة لا تملك القدرة القانونية على إصداره طبقا للقواعد المنظمة لاختصاص الهيئات العامة وما يتفرع عنها من أجهزة مختلفة، ومن تم فإن عيب عدم الاختصاص هو عيب عضوي يراد به عدم القدرة قانونا على مباشرة عمل إداري معين جعله المشرع من اختصاص سلطة أو هيئة أخرى أو فرد آخر، لذلك فإن الاختصاص يجد مصدره في القانون وكذا المبادئ العامة للقانون.
وحيث أقر دستور المملكة المغربية لسنة 2011 في ديباجته مجموعة من المبادئ الأساسية منها مبدأ فصل السلط، واستقلالها، وتوازنها، والغاية المثلى من ذلك تعزيز دولة الحق والقانون، وحماية الحقوق والحريات.
وحيث إن ممارسة الاختصاصات التشريعية، وسن القوانين، يبقى حكرا على البرلمان، بموجب الفصل 71 من دستور المملكة المغربية، وهو الذي يملك صلاحية إحداث التكاليف العمومية، وتوزيعها، بموجب الفصل 39 من نفس الدستور.
وحيث إن قرار مجلس جامعة محمد الأول، القاضي بفرض رسوم على الطلبة الموظفين والمستخدمين والأجراء، عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه، يعتبر تكليفا عاما، موجها لشريحة واسعة من المرتفقين، تنتمي لمدن وجهات مغربية متعددة، ويحمل هذا التكليف طابع الإلزام، بحيث تم منعهم من التسجيل رغم نجاحهم دون أداء هذه الرسوم، والغاية من هذه الرسوم حسب ما صرح به وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خلال تقديم مشروع الميزانية الفرعية لوزارته، بتاريخ 3 نونبر 2025، هو ” تغطية كلفة تشغيل الجامعة، من قبيل فواتير الكهرباء، وتجهيزات القاعات، وأداء أجور الأساتذة والإداريين وأعوان الأمن والنظافة، الذين سيشتغلون خارج أوقات عملهم الرسمية”، أي أن هذه الرسوم مخصصة للمرفق العام، وليست مجرد مقابل عن خدمات عمومية، وبالتالي فإن الذي يملك سلطة إحداثها هو البرلمان، وليس هناك أي مقتضى قانوني أو تنظيمي يسمح لمجلس الجامعة بفرض هذه الرسوم، مما يجعل القرار المطعون فيه صادر عن جهة غير مختصة، والوسيلة المثارة جديرة بالاعتبار ويتعين اعتمادها.
بخصوص الوسيلتين المتصلتين بمخالفة القرار المطعون فيه للقانون وانعدام السبب للارتباط:
حيث إن الحق في التعليم ليس امتيازا بل هو حق من حقوق الإنسان الأساسية، لكونه دعامة أساسية للتنمية البشرية، والتطوير الاجتماعي والاقتصادي، وتعزيز رفاهية الأفراد والجماعات، ولذلك نجد بأن المواثيق الدولية اهتمت بضمانه، وحمايته، بدءا بالإعلان العالمي لحقوق الإنسان الصادر بتاريخ 10/12/1948 الذي نص في المادة 26 منه على أنه: ” لكل شخص الحق في التعليم، ويجب أن يكون التعليم في مراحله الأولى والأساسية على الأقل بالمجان، وأن يكون التعليم الأولي إلزاميا، وينبغي أن يعمم التعليم المهني والفني، وأن ييسر القبول للتعليم العالي على قدم المساواة التامة للجميع وعلى أساس الكفاءة” كما أن العهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية الصادر بتاريخ 03/01/1976 نص في مادته 13 على أنه: “1- تقر الدول الأطراف في هذا العهد بحق كل فرد في التربية والتعليم…2- وتقر الدول الأطراف في هذا العهد بأن ضمان الممارسة التامة لهذا الحق يتطلب: أ…ب…ج- جعل التعليم العالي متاحاً للجميع على قدم المساواة، تبعا للكفاءة بكافة الوسائل المناسبة.” ونظرا لأن المغرب ملتزم بدسترة كافة حقوق الإنسان، كما هو متعارف عليها عالميا، بكل آليات حمايتها وضمان ممارستها، وجعلها تسمو على التشريعات الوطنية، فقد كان من الضروري أن يهتم دستور المملكة المغربية بالحق في التعليم أيضا، من خلال مجموعة من النصوص منها الفصل 31 من الدستور الذي حمل الدولة والمؤسسات العمومية والجماعات الترابية، مسؤولية تعبئة كل الوسائل المتاحة، لتيسير أسباب استفادة المواطنات والمواطنين، على قدم المساواة من الحق في الحصول على تعليم عصري ميسر الولوج، “وهذا هو نفس التوجه التي كرسه القانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي، في المادة 45 منه التي جاء فيها:” تضمن الدولة مجانية التعليم العمومي في جميع أسلاكه وتخصصاته وتعمل على تعبئة وضمان كل الإمكانات المتاحة لجعله في متناول كافة المواطنات والمواطنين على قدم المساواة.
لا يحرم أحد من متابعة الدراسة لأسباب مادية محضة، إذا ما استوفى الكفايات والمكتسبات اللازمة.”
وحيث تنص المادة الأولى من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي أن هذا الأخير يرتكز على مجموعة من المبادئ الأساسية، من ضمنها أنه يفتح في وجه جميع المواطنين المتوفرين على الشروط المطلوبة على أساس تكافؤ الفرص.
وحيث إنه من جهة أولى؛ فالقراءة الشمولية لهذه النصوص سواء المشار إليها في المواثيق الدولية، أو دستور المملكة المغربية، أو باقي التشريعات الوطنية، تؤكد بأنها لا تميز عند حديثها عن ولوج التعليم العالي بين الطالب الموظف أو الأجير والطالب غير الموظف، بل تتحدث عن الأفراد والمواطنات والمواطنين بشكل عام، ويتم تيسير الولوج للتعليم العالي أمام الجميع على أساس الكفاءة، والاستحقاق، دون تمييز بسبب الوضع المهني أو الاجتماعي، وعليه فإن إثقال الطلبة الموظفين والأجراء بتكاليف مالية من أجل الاستفادة من متابعة دراستهم بسلك الدكتوراه، دون غيرهم من الطلبة، يشكل تمييزا غير مباشر، وقيد غير موضوعي، يمس حقهم في التعلم، وينطوي على خرق لمبدأ المساواة المنصوص عليه في الفصل 154 من دستور المملكة المغربية لسنة 2011 الذي جاء فيه : “يتم تنظيم المرافق العمومية على أساس المساواة بين المواطنات والمواطنين في الولوج إليها، والإنصاف في تغطية التراب الوطني، والاستمرارية في أداء الخدمات”.
وحيث إنه من جهة ثانية؛ فمجلس الجامعة لم يستند في قرار فرض واجبات التسجيل على طلبة سلك الدكتوراه الموظفين والأجراء والمستخدمين لأي نص قانوني، فالقانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي لم يشترط لا صراحة ولا ضمنا ما يفيد وجوب أداء رسوم لقاء توفير تكوين أساسي لفائدة الطلبة الموظفين، ونفس الأمر بالنسبة لقرار وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار رقم 1886.23 الصادر بـتاريخ فاتح غشت 2024 المتعلق بالمصادقة على دفتر الضوابط العلمية والبيداغوجية الوطنية لسلك الدكتوراه، لا سيما الضابطة الخامسة منه المحددة لكيفيات الولوج والتسجيل بـهذا السلك، نجد أنه لـم يتضمن أي مقتضى يشترط أداء مبالغ مالية مقابل متابعة الدراسة على مستوى سلك الدكتوراه، كما لم يرتب أي التزام مالي على عاتق الطلبة المأجورين سواء موظفين أو مستخدمين أو أجراء بسبب تسجيلهم أو متابعتهم للدراسة بالسلك المذكور، ولم يضع تمييزاً بين التوقيت العادي والتوقيت الميسر. وبخصوص المادة 18 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي التي يتمسك بها نائب الجهة المطلوبة في الطعن، فهي تشير إلى أن ميزانية الجامعة في شق مواردها تشتمل على مجموعة من المداخيل التي قصرها المشرع على الرسوم التي تقوم باستخلاصها التي تخص التكوين المستمر، دون فرض أي رسوم على التكوين الأساسي، الذي قدم الطاعن في إطاره طلبه قصد متابعة دراسته بسلك الدكتوراه، وبالتالي فإنه لا يجب تفسير المادة المذكورة تفسيرا واسعا لا يحتمله النص.
وحيث إن هذا التوجه، هو الذي تواتر عليه قضاء محكمة النقض، في مجموعة من القرارات الصادرة عنها، نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر: القرار عدد 976/1 المؤرخ في 04-10-2018 ملف إداري رقم 677/4/1/2018، وقرارها عدد 1107/1 المؤرخ في 25-10-2018 ملف إداري رقم 699/4/1/2018، وقرارها عدد 16/1 المؤرخ في 03/01/2019 ملف إداري رقم 700/4/1/2018، وقرارها رقم 786/1 المؤرخ في 20-06-2019 ملف إداري رقم 704/4/1/2018، كل هذه القرارات أكدت من خلالها محكمة النقض على مجانية التعليم وحق الجميع في الولوج إليه دون فرض أي تكاليف، وهكذا جاء في تعليلها بأن:” كفالة الدستور لحق التعليم إنما جاء انطلاقا من حقيقة أن التعليم يعد من أهم وظائف الدولة، والحق في التعليم الذي أرسى الدستور أصله، فحواه أن يكون لكل مواطن الحق في أن يتلقى قدراً من التعليم يتناسب مع قدراته، وذلك كله وفق القواعد التي يتولى المشرع وضعها تنظيما لهذا الحق، بـما لا يؤدي إلى مصادرته أو الانتقاص منه، والمحكمة مصدرة القرار المطعون فيه بالنقض لما استندت في تعليل قضائها إلى ما نصت عليه المادة 18 من القانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي من كون ميزانية الجامعة في شق مواردها تشتمل على مجموعة من المداخيل التي قصرها المشرع بخصوص الرسوم التي تقوم باستخلاصها على تلك التي تخص التكوين المستمر، دون فرض أي رسوم على التكوين الأساسي الذي في إطاره قدم المطلوب طلب تسجيله في سلك الدكتوراه، واعتبرت تحميله تكاليف الحصص المقدمة خارج أوقات العمل الرسمية، التي تتمسك بـه الجامعة لفرض الرسوم، لا يشفع لها في إقرار شرط جديد ينتفي سنده في القانون، كما يتنافى مع طبيعة مهمة الجامعة التي تهدف إلى تحقيق المصلحة العامة، ويحدد القانون مواردها المالية لتغطية مصاريفها، والتي لا يخضع لها التكوين الأساسي، وخلصت إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي بإلغاء قرار مجلس الجامعة بفرض رسوم التسجيل في مواجهة الطلبة والموظفين الراغبين في التسجيل بسلك الدكتوراه، تكون قد عللت قرارها تعليلاً كافياً وسليماً، وما بالوسيلة على غير أساس”.
وحيث إنه من جهة ثالثة؛ فإن فرض رسوم قصد التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه على الطلبة الموظفين يفتقد للمبرر الواقعي، لأن سلك الدكتوراه وحسب دفتر الضوابط العلمية والبيداغوجية الوطنية لسلك الدكتوراه المشار إليه سابقا، هو مسار للبحث العلمي والتكوين، يتوج بشهادة الدكتوراه، وهذه الشهادة هي محور هذا المسار من البحث والتكوين، الذي لا يتكون من فصول دراسية، ولا يخضع التكوين فيه لإجبارية الحضور، ما عدا خلال السنة الأولى أو الثانية، لاستيفاء تكوينين أساسيين فقط يتعلقان بمنهجية البحث، ومدخل للذكاء الاصطناعي والملكية الفكرية والابتكار، ولئن كان هذين التكوينين لا يبرران فرض رسوم تصل إلى 15.000 درهم سنويا، فإنهما يقتصران على السنة الأولى أو الثانية، أما إعداد شهادة الدكتوراه، فيستغرق ثلاث سنوات، ويمكن بصفة استثنائية تمديد هذه المدة، لسنة واحدة أو سنتين على الأكثر، مما يعني بأن الطالب الموظف بسلك الدكتوراه الذي استغرق بحثه خمس سنوات، سيكون ملزما بأداء مبلغ 15.000 درهم عن كل سنة، للجامعة، مع أن التكوينات الأساسية التي استفاد منها تقتصر على السنة الأولى أو الثانية، مما يجعل من العلة التي تتمسك بها الإدارة في فرض هذه الرسوم والمتمثلة في تغطية كلفة تشغيل الجامعة، وأداء أجور الأساتذة والإداريين وأعوان الأمن والنظافة، الذين سيشتغلون خارج أوقات عملهم الرسمية، علة غير واقعية وغير موضوعية.
وحيث إنه من جهة رابعة وأخيرة، بخصوص الشق من الوسيلة – المرتبط بمخالفة القانون-، المستمد من خرق القرار موضوع الطعن لمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، فإنه من المبادئ العامة المستقر عليها في القانون الإداري هو مبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، ومفهومه أن القرار الإداري لا يسري ولا ينتج آثاره القانونية إلا ابتداءً من تاريخ صدوره أو نشره أو تبليغه، ولا يجوز أن يمتد أثره إلى الماضي، وهو مبدأ يستمد أساسه من احترام الحقوق المكتسبة وضمان استقرار الأوضاع القانونية.
وحيث إن الثابت من وثائق الملف أن إعلان الكلية عن فتح باب الترشيحات للتسجيل القبلي الإلكتروني بسلك الدكتوراه، برسم الموسم الجامعي 2025/2026 خلال الفترة الممتدة من 18 إلى 26 شتنبر 2025، لم يتضمن أي ملاحظة تفيد أن الطلبة الموظفين ملزمون بأداء رسوم عن التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه، كما أن إعلان نتائج الانتقاء الأولي بتاريخ 14-10-2025 لم يتضمن هو الآخر أي إشارة لهذا القرار، ليتفاجأ الطاعن بعد إعلان لائحة الناجحين لمتابعة الدراسة بسلك الدكتوراه بملاحظة تفيد أن الطلبة الموظفين والمستخدمين والأجراء ملزمون بأداء واجب الرسوم عند التسجيل النهائي، وتم بعد ذلك إصدار إعلان من طرف جامعة محمد الأول بوجدة، يفيد بأن الطلبة المأجورين مدعوون من أجل استكمال إجراءات تسجيلهم بأداء رسوم سنوية عن التسجيل محددة في 15.000،00 درهم، بناء على قرار مجلس جامعة محمد الأول بوجدة المتخذ خلال دورته المنعقدة بتاريخ فاتح أكتوبر 2025، علما أن هذا القرار لم يتم الإعلان عنه بتاريخ صدوره، ولم تكشف عنه الإدارة إلا بعد إعلان نتائج الناجحين بسلك الدكتوراه، وهو ما يشكل تعديلاً لاحقاً لشروط الترشح وإضافة التزام مالي لم يشر إليه ابتداءً، مما ينطوي على مساس بمبدأ عدم رجعية القرارات الإدارية، وما نتج عنه من استقرار للمراكز القانونية المكتسبة، والوسيلة المعتمدة في الطعن جديرة بالاعتبار، ويتعين اعتمادها.
وحيث إنـه وترتيبا على ما تقدم، وبغض النظر عن مناقشة باقي الوسائل، فإن القرار المطعون فيه يبقى مشوب بعيب الاختصاص، ومخالفة القانون، وانعدام السبب، ويتعين الحكم بإلغائه للتجاوز في استعمال السلطة.
وتطبيقا لمقتضيات دستور المملكة المغربية، وللمواد من 3 إلى 8 وللمادة 20 وما يليـها من القانون رقم 41.90 المحدثة بموجبه محاكم إدارية، وللقانون رقم 01.00 المتعلق بتنظيم التعليم العالي، وللقانون الإطار رقم 51.17 المتعلق بمنظومة التربية والتكوين والبحث العلمي. وللفصول 1و3 و31 و32 و50 و360 من قانون المسطرة المدنية.
لــــــهـــــــذه الأســـــبـــــــاب
حكمت المحكمة الابتدائية الإدارية علنيا ابتدائيا وحضوريا:
في الشكل: بقبول الطعن.
في الموضوع: بإلغاء القرار الإداري الصادر عن مجلس جامعـة محمد الأول بوجدة بتاريخ 01 أكتوبر 2025 القاضي بفرض رسوم عند التسجيل النهائي بسلك الدكتوراه في مواجهة الطلبة الموظفين والمستخدمين والأجراء، ومن ضمنهم الطاعن، برسم السـنة الجامعية 2025/2026، مع ترتيب الآثار القانونية على ذلك.
بهذا، صدر الحكم في اليوم والشهر والسنة أعلاه، وكانت الهيئة مكونة من:
السيدة نفيسة شكراد…………………………………………………………………….رئيساً
السيد عصام عطياوي………………………………………………………………….عضواً مقرراً
السيد أيوب الغواتي……………………………………………………………………..عضواً
بحضور السيد أشرف البراهمي………………………………………………………مفوضا ملكيا للدفاع عن القانون والحق
وبمساعدة السيدة أشواق مـهدي………………………………………………….كاتبة الضبط
الرئيس(ة) المقرر كاتب(ة)الضبط
