سابقة بأمريكا: أشهر الولايات الأمريكية تمرر مشروع قانون يمنع الإجهاض نهائيا
تسعى ولاية ألاباما الأمريكية لتقييد عمليات الإجهاض L’avortement عن طريق تمرير مشروع قانون لحظر الإجهاض في جميع الحالات تقريبا. ويتضمن القانون المقترح فرض حظر على الإجهاض حتى في حالات الاغتصاب أو زنا المحارم.
ويقول المؤيدون إنهم يتوقعون أن لا يُمرر هذا القانون في المحكمة لكنهم يأملون في أن يُعرض للاستئناف أمام المحكمة العليا la Cour suprême. ويريد المؤيدون من المحكمة، التي تتألف حاليا من أغلبية محافظة، أن تبطل تشريع عام 1973 الذي يجيز الإجهاض.
كما تسعى 16 ولاية أخرى إلى فرض قيود جديدة على الإجهاض. في وقت سابق من هذا العام، منعت المحكمة العليا تنفيذ قيود الإجهاض الجديدة في لويزيانا. غير أن الحكم صدر بهامش ضئيل ومن المقرر إعادة النظر في القضية في وقت لاحق من هذا العام.
ويتوقع مهندسو مشروع القانون أن يفشل في المحاكم الابتدائية، لكنهم يأملون في تقديمه في نهاية المطاف إلى المحكمة العليا.
وقد شجعهم على هذه الخطوة انضمام قاضيين محافظين رشحهما ترامب، هما نيل جورش وبريت كافانو، يمنحان المحكمة المكونة من تسعة أعضاء أغلبية محافظة.
ويهدف هؤلاء، على حد قولهم، إلى تقويض التشريع الصادر عام 1973 والمعروف بـ رو فيرسيس وايد، والذي يخص مادة في دستور الولايات المتحدة متعلقة بكفالة “الحفاظ على خصوصية الحياة الخاصة للفرد”.
وقال الملازم ويل أينسورث حاكم ولاية ألاباما: “يجب تحدي تشريع رو فيرسيس وايد، وأنا فخور بأن ولاية ألاباما تقود هذا الحراك”.
وقال إريك جونستون، الذي أسس “تحالف ألاباما المؤيد للحياة” الذي ساعد في صياغة مشروع القانون:
“لقد تغير القضاة، وحدثت الكثير من التغييرات خلال ذاك الوقت، وأعتقد أننا وصلنا إلى النقطة التي نحتاج فيها لاتخاذ خطوة أكبر وأكثر جرأة”.
تفاصيل مشروع قانون ألاباما:
وافق مجلس شيوخ الولاية على القانون بأغلبية 25 صوتا مقابل ستة أصوات، ورفض الاستثناءات في حالات الاغتصاب أو زنا المحارم(سفاح الأقارب) ne prévoit pas d’exception en cas de viol ou d’inceste . ولاحظ بعض المراقبين أن جميع الذين صوتوا لمشروع القانون كانوا من الرجال.
ويسمح مشروع القانون بالإجهاض فقط في الحالات التي تكون فيها حياة الأم في خطر كبير. ويمكن أن يواجه الأطباء 10 سنوات في السجن لمحاولتهم إجهاض امرأة و 99 عاما لإجراء عملية الإجهاض بالفعل.ولا يُحمّل القانون المرأة التي تجهض أي مسؤولية جنائية.
ويقول نص مشروع القانون إن عمليات الإجهاض التي أجريت في الولايات المتحدة منذ تشريع رو فيرسيس وايد عام 1973، فاق عدد الأشخاص الذين قُتلوا في “معسكرات النازية في ألمانيا، وعمليات التطهير الصينية، ومعسكرات ستالين في الاتحاد السوفييتي السابق، وحقول القتل الكمبودية، والإبادة الجماعية الرواندية ” مجتمعة.
وينتظر الآن أن يعرض مشروع القانون، الذي يعد الأكثر صرامة في الولايات المتحدة، على الحاكم الجمهوري، كاي آيفي، للموافقة عليه.
القيود القانونية التي تفرضها الولايات الأخرى:
في وقت سابق من هذا العام، وقع حكام أربع ولايات هي جورجيا، وكنتاكي ، ومسيسيبي وأوهايو، مشاريع قوانين تحظر الإجهاض إذا أمكن رصد نبضات قلب جنينية. لكن المعارضين يقولون إن هذا يرقى إلى حظر الإجهاض لأن نشاط القلب لدى الجنين يمكن رصده في الأسبوع السادس من الحمل، أي في وقت مبكر قد لا تكون المرأة نفسها أدركت أنها حامل.
وصدر أول حظر من هذا النوع في نورث داكوتا في عام 2013، تلاه حظر في أيوا في عام 2018. ويقول معهد غوتماكر، الذي ينظم حملات مدافعة عن حقوق الإنجاب، إنه لم يسر أي حظر حتى الآن. لكن تقديم الحظر هو جزء من الاستراتيجية لتقديم القضايا أمام المحكمة العليا للنظر فيها.
وهناك 28 ولاية تدرس حاليا تشريعات تحظر الإجهاض بطرق مختلفة، وفقا لمعهد غوتماكر، وتشمل هذه التشريعات:
- إطلاق الحظر بشكل تلقائي إذا ألغي تشريع عام 1973
- حظر الإجهاض في مرحلة معينة أثناء الحمل، مثل 6 أو 18 أو 20 أسبوعا
- حظر الإجهاض بناء على صفات الجنين مثل الجنس أو العرق أو الإعاقة
- حظر أساليب إجراء أنواع معينة من عمليات الإجهاض
أهم ردود الفعل حول القانون الجديد:
قال السناتور الديمقراطي في ولاية ألاباما، بوبي سينغلتون، إن مشروع القانون “يجرم الأطباء” وهو بمثابة محاولة من قبل الرجال “للإملاء على النساء بما يجب عليهن فعله بأجسادهن”.
وقال رودجر سميثرمان، وهو سيناتور ديمقراطي آخر من ولاية ألاباما: “وكأننا نقول لفتاة تبلغ من العمر 12 عاما، قد تكون حملت من خلال سفاح القربى أو الاغتصاب، إنها ليس لديها خيار”.
ووصفت المنظمة الوطنية للمرأة الحظر بأنه “غير دستوري” وقالت إنه “جهد واضح لحشد الدعم السياسي للمرشحين المناهضين للإجهاض في الانتخابات المقبلة”.
ووصفت مؤسسة ستاسي فوكس للمحاماة في تنظيم الأسرة في جنوب شرق البلاد القرار بأنه “يوم مظلم للنساء في ولاية ألاباما وفي البلاد كلها”.
وقالت في بيان لها إن سياسيي ألاباما “سيعيشون إلى الأبد في حالة من العار بسبب التصويت وسنتأكد من أن كل امرأة تدرك تماما على من ينبغي أن تلقي اللوم”.
إمكانية الإجهاض في الولايات المتحدة:
يوجد حاليا ثلاث عيادات إجهاض في ألاباما، بعد أن كان الرقم يصل إلى أكثر من 20 عيادة في تسعينيات القرن الماضي، وفقا لما يقوله نشطاء مؤيدون لحق النساء في الاختيار.
وشهدت ولايات أخرى انخفاضات مماثلة في عدد عيادات الإجهاض، وفي عام 2017 ، ورد أن ست ولايات لديها عيادة واحدة فقط للإجهاض.
وتسعى في نفس الوقت ولايات ذات أغلبية ليبرالية إلى تحقيق ضمانات للحق في الإجهاض في دساتيرها.
لكن فشل في ولاية فرجينيا مشروع قانون برعاية الديمقراطيين، كان من شأنه أن يسمح بإجراء عمليات الإجهاض في أي وقت من عمر الحمل.
وفي عام 2018 كشف استطلاع للرأي أجراه مركز بيو للأبحاث، أن نحو 58 في المئة من سكان الولايات المتحدة يرون أن الإجهاض يجب أن يكون قانونيا في جميع الحالات أو معظمها، في حين يرى 37 في المئة أنه يجب أن يكون غير قانوني في جميع الحالات أو معظمها.
مقترح “التقدم والاشتراكية” لتقنين الإجهاض بالمغرب
سبق للمجموعة النيابية للتقدم والاشتراكية بمجلس النواب أن تقدمت بمقترح قانون يتعلق بتنظيم التوقيف الطبي للحمل على أنظار لجنة القطاعات الاجتماعية، والهادف إلى تقنين الإجهاض في العديد من الحالات التي تأخذ موافقة الطبيب.
وأكد المقترح البرلماني أن الهدف من مقترح القانون سالف الذكر هو تجاوز النظرة الضيقة لمفهوم الإجهاض كما هو منصوص عليه في الباب الثامن المتعلق بالجنايات والجنح ضد نظام الأسرة والأخلاق العامة من مجموعة القانون الجنائي، داعيا إلى تأطير الإجهاض على المستوى التشريعي في حالات معينة، بناء على ترخيص أو إذن قانوني، وفق شروط محددة وصارمة وإجراءات دقيقة، للحد من هذه الظاهرة ولو جزئيا.
ويأتي المقترح المذكور، وفقا لمذكرته التقديمية، في انسجام تام مع التوصية المرفوعة إلى الملك في 16 ماي 2015 والتي جاءت بعد مشاورات واسعة النطاق بين السلطات الدينية والقضائية والحقوقية، واتجهت إلى السماح بالتوقيف الإرادي والطبي للحمل في حالات معينة.
وسبق للمجموعة النيابية أن أكدت ضمن مقترحها المعروض على أنظار اللجنة، “أنها تصبو من خلاله إلى الحد من ظاهرة الإجهاض السري المنتشرة بشكل كبير في المغرب”، نبهت إلى أن “الإحصائيات تشير إلى إجراء المئات من حالات الإجهاض يوميا، في ظروف عشوائية وغير سليمة”، معتبرة أن تلك العمليات غير القانونية “تشكل خطرا على صحة المجهضات، علاوة على عدد مهول من حالات المواليد المهملين الذين يتخلى عنهم في الشوارع، أو ترمى أشلاؤهم في حاويات الأزبال، وتسجيل حالات من جرائم الشرف والانتقام”.
ويقصد بالتوقيف الطبي للحمل، حسب المقترح ذاته، “أن يقوم به طبيب مؤهل أو طبية مؤهلة لذلك، على أن يتم في المؤسسات الصحية ومستشفيات القطاع العام والخاص، مع ضمان متطلبات الرعاية والسلامة الصحية وكذا الإجراءات الصارمة”، داعيا إلى ضرورة احترام الكرامة الإنسانية الوطنية المتعلقة بالأخلاقيات البيوطبية التي تبنتها المملكة.
وشدد واضعو المقترح على أن الهدف هو تعزيز الترسانة القانونية بشكل شفاف، للقيام بعمليات التوقيف الطبي للحمل بما يحترم مقومات السلامة الصحية، موضحين أنه يأتي لتفعيل مضامين دستور 2011، التي أقرت منظومة متكاملة من الحقوق والحريات تروم إرساء دعائم دولة الحق والقانون والمؤسسات وتوسيع مجال ممارسة هذه الحقوق والحريات، الفردية منها والجماعية.
الدين ودعوات تقنين الإجهاض بالمغرب:
يشار إلى أن المغرب قد عرف في السنوات الأخيرة نقاشا محتدما بين المختصين حول تقنين الإجهاض حيث يرفض علماء الشريعة أية دعوة لتقنين الإجهاض، ويمكن في هذا الصدد تسجيل موقف الدكتور مصطفى بنحمزة رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة، الذي يؤكد رفضه لتقنين الإجهاض على اعتبار أن ذلك قد يؤدي إلى تزايده في ربوع المملكة حيث يرى الدكتور بنحمزة أن الفقهاء “لا يريدون إحراج المرأة بقتل النفس”، مستدلا بالآية التي تتحدث عن بيعة النساء للرسول صلى الله عليه وسلم والتي تتضمن عبارة “لا يقتلن أولادهن”، تشير إلى الإجهاض، مشددا على أن ” حماية النفس والمحافظة على الحياة من الكليات الخمس للإسلام”.ودعا على هذا الأساس في الكثير من اللقاءات العلمية إلى أن يتوجه النقاش حول الإجهاض في إطار “التسديد والمقاربة وجمع الناس حول وجهات النظر المختلفة”.
ويستغرب الدكتور بنحمزة من استعمال البعض لمصطلح “الحمل غير المرغوب فيه”، وذلك على أساس “أننا لسنا في الدنيا برغبة أحد، فلو كان الأمر بيد الناس لما كان الكثيرون على قيد الحياة” وفي ما يتعلق بالإجهاض في حالات زنا المحارم، اعتبر بنحمزة أن إباحة الإجهاض في هذه الحالة قد يمثل “ضوءا أخضر” يؤدي إلى تزايده، متسائلا في هذا السياق عن ذنب الجنين في هذه الحالات، متحدثا عن كون ذلك قد يمثل بمثابة إفلات من العقاب بإزالة “المشكل” لمرتكب هذه الجريمة، حسب ما ذهب إليه الدكتور بنحمزة.
ويرد رئيس المجلس العلمي المحلي بوجدة على دعوات إباحة الإجهاض في حالات التشوهات الجنينية، على اعتبار أن الأمر يتعلق في هذا الصدد باعتبارات “جمالية” قد تحرم الحياة لكثير من الفئات بفتح الباب لإنهاء حياة الجنين بناء على الظن، مشيرا إلى تواجد حالات ولد فيه الأطفال أسوياء خلافا لما توقع الأطباء من تشوهات خلال فترة الحمل، متسائلا “هل نبطل حياة الانسان بالظن؟ وهل يمكن اعتبار الأقوام مثلا مشوهين؟ اذا هل نقول لمجموعة من الناس أنكم جئتم للدنيا خطأ؟ ” وعليه فإن إزالة المانع القانوني يتسبب في تزايد حالات الإجهاض “بالتأكيد”، حسب ما تشير إليه الإحصائيات العالمية.