مجلة مغرب القانونالمنبر القانونيخصوصيات طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ

خصوصيات طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ

  • صبير عادل حاصل على شهادة الماستر(تخصص المعاملات العقارية) بالكلية متعددة التخصصات تازة.

تقديم :

تقوم غاية مراجعة الأحكام القضائية على إحقاق الحق والعدالة،[1] لأن القضاء عمل بشري مجبول على الخطأ بالفطرة، ونازع إلى المجاملة بالتمدن والمؤانسة، وموسوم بالاختلاف تبعا لقدرات الفهم والإدراك والدفاع المتفاوتة بين الناس،[2] ولا تقوم هذه المراجعة إلا بممارسة وسيلة أطلق على تسميتها بطرق الطعن.

ويقصد بطرق الطعن تلك الوسائل القضائية التي ينظمها قانون المسطرة المدنية لمصلحة المتضرر من الأحكام الصادرة، للاعتراض على الحكم الصادر ضده، وتشكل أهم الضمانات الممنوحة له، تضمن له نزاهة القاضي، وعدالة الحكم الذي يصدر عنه، وقد نظم قانون المسطرة المدنية[3] خمس طرق للطعن، وهي التعرض[4] والاستئناف،[5] كطرق عادية للطعن، وتعرض الغير الخارج عن الخصومة[6] وإعادة النظر،[7] والطعن بالنقض،[8] كطرق استثنائية للطعن، غير أنه بالرجوع إلى ظهير التحفيظ العقاري[9]، يلاحظ أنه سمح لممارسة الطعن في الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ بطريقين فقط، الاستئناف والنقض،[10] واشترط أن يمارسا ضمن خصوصيات ظهير التحفيظ العقاري، حيث خص الطعن بالاستئناف بشكليات معينة تختلف عن تلك الواردة في قانون المسطرة المدنية، أما فيما يتعلق بالطعن بالنقض، وإن تمت الإحالة على قانون المسطرة المدنية بخصوص الأجل، فإن الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري لم يحل على نفس القانون بخصوص المسطرة الواجب اتباعها، الأمر الذي يطرح  إمكانية الاستعانة بمقتضيات هذا الأخير في هذا الإطار.

وعلى ضوء هاته الملامح العامة للموضوع نطرح تساؤل عريض يدور حول مامدى خصوصيات طرق الطعن ضد الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ العقاري ؟

وتتفرع عن هذا التساؤل أسئلة فرعية نوردها على المنوال التالي:

  • ماهي طرق الطعن المسموح بممارستها في إطار ظهير التحفيظ العقاري ؟
  • أسباب استبعاد طرق الطعن الأخرى ؟
  • مدى إمكانية الاستعانة بقواعد قانون المسطرة المدنية في حالة سكون ظهير التحفيظ العقاري عن تنظيم إجراء يخص طرق الطعن المسموح بها ؟

 ويقتضي منا دراسة هذا الموضوع في إطار ظهير التحفيظ العقاري وقانون المسطرة المدنية تناوله في فرعين على الشكل التالي:

الفرع الأول: طرق الطعن الممكن ممارستها في نزاع التحفيظ العقاري

الفرع الثاني: طرق الطعن المستبعدة في نزاع التحفيظ العقاري

الفرع الأول: طرق الطعن الممكن ممارستها في نزاع التحفيظ

قلص المشرع في ظهير التحفيظ العقاري من نطاق طرق الطعن، وسمح بالاستئناف والنقض كطريقين للطعن في الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ، وخص كل واحد منهما بخصوصيات شكلية وإجرائية.

أولا: الطعن بالاستئناف.

الاستئناف كطريق من طرق الطعن في الأحكام يهدف إلى إتاحة الفرصة لمن يتضرر من القضاء الصادر ضده من محكمة أول درجة، أن يعيد طرح النزاع مرة ثانية أمام محكمة الاستئناف.[11]

إعادة طرح النزاع تهدف إلى فحصه مرة ثانية بواسطة قاضي أكثر أهمية من قاضي أول درجة، بهدف إصلاح القضاء الصادر من أول درجة، بفرض أن هذا القضاء كان معيبا في إجراءاته أو مخطئا فيما قام به من تقدير للوقائع أو أعمال للقانون.[12]

وقد نظم قانون المسطرة المدنية الطعن بالاستئناف في الفصول من 134 إلى 146 منه، كما أن ظهير التحفيظ العقاري نظم بدوره هذا الطعن، وأحال كذلك في بعض فصوله على نفس القانون، كما أن سكوته عن بعض الشكليات خلق تضاربا قضائيا، ولبحث خصوصيات قواعد استئناف الأحكام الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري يجب التطرق للنقط التالية:

فبخصوص شكليات المقال الاستئنافي الذي نظم المشرع بياناته في الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية، وهي بيانات تتعلق بالأطراف والوقائع، وكذا أسباب الاستئناف، نجد ظهير التحفيظ العقاري، من خلال الفصل 41 منه في فقرته الثانية، أحال على الفصل 141 من قانون المسطرة المدنية، ولم يحيل على مقتضيات الفصل 142 من نفس القانون، الأمر الذي يطرح إمكانية تطبيق مقتضيات هذا الأخير؟

رجحت محكمة النقض عدم إلزامية ذكر البيانات الواردة في الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية، بحجية أن هذه البيانات يتضمنها مطلب التحفيظ المحال على المحكمة، وبالتالي لا مجال لتطبيق القواعد العامة في هذا الشأن، حيث جاء في إحدى قراراتها[13] “إن ظهير 12 غشت 1913 المعتبر بمثابة قانون التحفيظ العقاري سن قواعد خاصة للطعن بالاستئناف تضمنها الفصل 42 منه، ومع وجود هاته القواعد الخاصة لا يمكن تطبيق القواعد العامة المنصوص عليها في الفصل 142 من ق م م”.

كما جاء في قرار آخر لمحكمة النقض[14] أنه “لكن حيث أنه فضلا على أن الطاعنين لم يبينوا أسماء المستأنفين والمستأنف عليهم الذين لم يشملهم المقال والذين لم تذكر صفتهم، فإنه لا مجال للاستدلال بمقتضيات الفصلين 32 و142 من ق م م في النازلة، مادام أن الأمر يتعلق بمسطرة التحفيظ العقاري المطبقة بشأنه مسطرته الخاصة، والمنصوص عليها في ظهير 12 غشت 1913 وبالخصوص الفصلين 41 و42 من هذا القانون”.

والحقيقة أن ما ستقر عليه القضاء من عدم وجوب التقيد بالشكليات المنصوص عليها في الفصل 142 من قانون المسطرة المدنية بشأن الاستئناف، هو موقف جدير بالتأييد، لانسجامه من جهة مع مقتضيات الفصل 41 من ظهير التحفيظ العقاري، الذي لا يوجب احترام قواعد قانون المسطرة المدنية، عند تقديم المقال الاستئنافي، وكذا لتوافقه من جهة أخرى، مع خصوصية مسطرة التحفيظ العقاري التي تحصر اختصاص محكمة الموضوع في البت في موضوع النزاع على اعتبار أن الملف ثم تحضيره مسبقا من طرف المحافظ من حيث أطرافه، وموضوعه ووثائق ومستندات أطرافه.

ويرى الفقيه الفرنسي جاك كايي،[15] أن المرونة الإجرائية التي تتسم بها القواعد الإجرائية المنظمة للطعن بالاستئناف، تساهم في جعل دعاوى التحفيظ تسير بالسرعة اللازمة دون أن تغرق في الشكليات المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية والتي من شأنها إطالة أمد النزاع.

وإذا كان مقال الاستئناف يعتبر صحيحا ولو لم يتضمن أسماء الأطراف أو بيانات أخرى، استنادا إلى الفقرة الثانية من الفصل 41 من ظهير التحفيظ العقاري، فهل يمكن تقديمه دون الإدلاء بأسباب الاستئناف؟

يقتضي الطعن في الحكم عموما ارتكاز المستأنف على وسائل استئناف تبين النقط القانونية التي يرى من خلالها أن الحكم الصادر معيبا ويطلب إلغائه، وبالتالي فعدم ذكر أوجه الاستئناف أو غموض محتواها لا يسعف المحكمة في الجواب على المقال الاستئنافي، وهذا سبب يدفع المحكمة لإنذار المستأنف لتدارك النقص الذي يعتري استئنافه،[16] إلا أن القضاء أخذ هذا الإجراء بنوع من المرونة في قضايا التحفيظ، حيث استند في ذلك أن المشرع نص في الفصل 42 من ظهير التحفيظ العقاري على أن المستشار المقرر ينذر المستأنف بالإدلاء بأسباب استئنافه ووسائل دفاعه فقط، دون أن يرتب أي جزاء عن تخلف المستأنف عن تقديم أسباب استئنافه، ومن جهة أخرى ثم الاستناد على مقتضيات الفصل 45 من نفس القانون الذي يقضي بأن محكمة الاستئناف تبت ضمن الحدود وطبق الكيفية المرسومة لقضاة الدرجة الأولى في الفصل 37 من ظهير التحفيظ العقاري، ولا حاجة للإدلاء بأسباب الاستئناف، وإنما يمكنها أن تبت بناء على ما هو موجود في الملف، حيث جاء في قرار[17] محكمة النقض أنه “حيث صح ما عابه الطاعن على القرار، ذلك أنه اقتصر في تعليل قضائه على أن المستأنف أدلى بطلب استئنافه مؤرخ في 8/6/03 غير مستوف للشروط المتطلبة قانونا وخاصة مبررات أوجه الاستئناف، وأن المحكمة أنذرت نائبه بالإدلاء بمذكرة بيان أوجه الاستئناف وتوصل بتاريخ 26/62003 حسب شهادة التسليم عدد 1122 ولم يدل بشيء رغم فوات الأجل القانوني” في حين أن الأمر يتعلق بمسطرة التحفيظ المنصوص عليها بظهير 12/8/1913 المطبق في النازلة والتي لا ترتب مقتضياتها على عدم بيان أسباب الاستئناف عدم قبول هذا الأخير، وإنما توجب في الفصل 45 منه على محكمة الاستئناف أن تبت ضمن الحدود وطبق الكيفيات المرسومة لقضاة الدرجة الأولى في الفقرتين الثانية والثالثة من الفصل 37 منه، والتي هي البت في وجود الحق المدعى به من قبل المتعرض ونوعه ومحتواه ومداه، الأمر الذي يعتبر معه القرار معللا تعليلا ناقصا وفاسدا يوازي انعدامه مما عرضه بالتالي للنقض والإبطال”.

مقال قد يهمك :   واقع وآفاق الجريمة المعلوماتية بالمغرب

وقد اعتبر أحد الفقه[18] أن هذا التوجه يحقق ضمانة للمتقاضين الذين قد يستأنفون الأحكام الابتدائية، بمجرد تبليغها لهم في انتظار إعداد أسباب الاستئناف أو تعيين محام، فيكون من المجحف في حقهم ومضيعة لحقوقهم إلغاء استئنافهم لعلة عدم تقديم مذكرة بيان أوجه الاستئناف في الأجل المحدد.

وعموما فهذه هي مجمل الخصوصيات التي تميز استئناف الأحكام الصادرة في قضايا التحفيظ العقاري، بالمقارنة مع ما هو وارد في قانون المسطرة المدنية.

وبمجرد صدور القرار الاستئنافي يبقى خاضع هو الآخر للطعن بالنقض باعتباره الطريق الثاني المسموح به في نزاع التحفيظ العقاري.

ثانيا: الطعن بالنقض

إن الطعن بالنقض لا يعتبر درجة ثالثة للتقاضي، نظرا لكونه لا يعيد طرح النزاع مرة أخرى أمام محكمة النقض باعتباره محكمة قانون، فقط تقتصر مهمتها على التطبيق والتأويل الموحد لنصوص القانون، دون أن تمتد رقابتها إلى وقائع النزاع[19]، والطعن بالنقض[20] كطريق غير عادي للطعن في القرارات الاستئنافية، سمح به المشرع في إطار ظهير التحفيظ العقاري، بعدما كانت هذه القرارات الاستئنافية الصادرة في مادة التحفيظ العقاري غير قابلة لهذا الطعن، إلا من طرف النيابة العامة ولفائدة القانون، وذلك قبل تاريخ 27 شتنبر 1957، كتاريخ لإحداث المجلس الأعلى[21] (محكمة النقض حاليا)، حيث كان لزاما على المشرع أن يتدخل لتعديل الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري بواسطة ظهير 28 مايو 1958، وبالتالي سمح بالطعن بالنقض في قرارات محاكم الاستئناف من قبل أطراف دعوى التحفيظ العقاري[22].

وقد اكتفى الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري بالإشارة إلى حق الطعن في القرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف، دون أن يحدد مسطرة خاصة بذلك، خلافا لما فعله المشرع في المرحلة الابتدائية والمرحلة الاستئنافية، والسبب في ذلك هو الصفة الخاصة التي تتميز بها محكمة النقض، بحيث لا تعتبر درجة ثالثة من درجات التقاضي، وهي لا تنظر في القضية نفسها، ولكن في الحكم المطعون فيه، ولهذا قيل بأن النقض هو النظر في الحكم لا في الدعوى.[23]

ولهذا فإن مسطرة الطعن في قضايا التحفيظ، ستكون تطبيقا من تطبيقات القواعد العامة باستثناء بعض الخصوصيات تهم قضايا التحفيظ العقاري خاصة ما يتعلق بآثار النقض، وأخرى تم حسمها بمقتضى القانون رقم 07-14 المعدل والمتمم لظهير التحفيظ العقاري.

تجدر الإشارة أنه لابد أن نذكر أنه قبل تعديل الفصل 47 من ظهير التحفيظ العقاري في صيغته القديمة، كان أجل النقض محدد في شهرين، خلافا لما هو عليه الأمر في القواعد العامة، التي تحدد أجل النقض في شهر واحد، وكانت مدة هذا الأجل تعتبر خصوصية من خصوصيات قضايا التحفيظ، إلى أن تدخل مشرع القانون رقم 07-14 المتمم والمعدل لظهير التحفيظ العقاري الذي أحال بشأنه على قانون المسطرة المدنية، حيث أصبح هذا الأجل موحدا.

وكما هو معلوم أن الطعن بالنقض لدى محكمة النقض لا يترتب عنه من حيث المبدأ توقيف التنفيذ، ولا يمكن لهذا الطعن أن يمنع القيام بتنفيذ الحكم المطعون فيه أو توقيفه ولو أدى ذلك التنفيذ إلى نتائج غير قابلة للإصلاح، فهل تدخل قضايا التحفيظ العقاري في هذا النطاق، أم أنها مستثناة من ذلك؟

لقد أتى المشرع باستثناءات لهذا المبدأ ونص عليها في الفصل 361 من قانون المسطرة المدنية[24] ومن بينها قضايا التحفيظ العقاري،[25] حيث جاء فيه أنه “لا يوقف الطعن أمام المجلس الأعلى التنفيذ إلا في الأحوال الآتية:

  • في الأحوال الشخصية؛
  • في الزور الفرعي؛
  • التحفيظ العقاري؛

…”

وعليه يتضح أن استثناء قضايا التحفيظ من سريان التنفيذ في حقها لو تم الطعن بالنقض، يعد استثناء من القاعدة العامة التي تقضي بأن الأحكام قابلة لتنفيذها فور صدورها.

الفرع الثاني: طرق الطعن المستبعدة في نزاع التحفيظ

ظهير التحفيظ العقاري نص صراحة على إمكانية ممارسة طريقين للطعن ضد الأحكام والقرارات الصادرة في نزاع التحفيظ، وهما الإستئناف والنقض، دون طرق الطعن الأخرى، الأمر الذي يجعلنا نتساءل حول الغاية من استبعادها في نزاع التحفيظ؟

أولا:  منع الطعن بالتعرض ضد الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ

يعد التعرض طريق عادي من طرق الطعن يلجأ إليه المحكوم عليه من أجل الاعتراض على الحكم الصادر ضده غيابيا، ويترتب عنه في حالة قبوله إرجاع القضية للمحكمة المصدرة للحكم المطعون فيه من أجل البت فيها من جديد بحضور طالب التعرض[26]

وعليه فالأحكام الابتدائية تخضع كقاعدة عامة لإمكانية التعرض شريطة أن تصدر في غيبة الطرف المحكوم عليه[27]، وأن لا تكون قابلة للاستئناف[28].

وبالرجوع إلى ظهور التحفيظ العقاري، نجد المشرع ينص على أن جميع الأحكام الابتدائية قابلة للاستئناف بغض النظر عن قيمة نزاع التحفيظ، وذلك بموجب الفقرة الأولى من الفصل 41 منه، وبالتالي واستنادا إلى القاعدة العامة المشار إليها أعلاه والتي تشترط لقبول الطعن بالتعرض أن يكون الحكم غير قابل للاستئناف، يكون هذا الطعن غير مسموح به في مسطرة التحفيظ العقاري.

أما بالنسبة للقرارات الاستئنافية الصادرة في نزاع التحفيظ العقاري فإن المشرع نص صراحة على عدم قبولها للطعن بالتعرض[29]، وذلك خلافا للقرارات الصادرة في القضايا العادية التي يسري عليها القواعد المطبقة على الأحكام الابتدائية بشأن هذا الطعن[30].

إلا أنه ما يلاحظ أنه كان على المشرع أن يكتفي بالفصل 109 من ظهير التحفيظ االعقاري الذي لم يعطي الحق في سلوك الطعن بالتعرض، دون تكرار ذلك في الفصل 45 من نفس القانون،

ثانيا:  عدم جواز تعرض الغير الخارج عن الخصومة ضد الحكم الصادر في نزاع التحفيظ

 تعرض الغير الخارج عن الخصومة طريق طعن غير عادي في الأحكام يلجأ إليه كل شخص من الغير مس بحقوقه حكم لم يكن طرفا ولا ممثلا فيه،[31] من أجل الحصول على مراجعة الحكم المطعون فيه، وهذا النوع من الطعن نظمه المشرع بموجب الفصول من 303 إلى 305 من قانون المسطرة المدنية،

إلا أنه إذا كان قانون المسطرة المدنية قد نظم تعرض الغير الخارج عن الخصومة، فإن ظهير التحفيظ العقاري منعه صراحة بموجب الفصل 109 منه، وقد سبق لمحكمة النقض أن رفضت هذا النوع من الطعن في القرارات الصادرة في نزاع التحفيظ العقاري، حيث جاء في إحدى قراراتها[32] “لكن ردا على الوسائل أعلاه مجتمعة لتداخلها فإن القرار المطعون فيه بتعرض الغير الخارج عن الخصومة، قد صدر في قضية تتعلق بمسطرة التحفيظ المطبقة بشأنه مسطرته الخاصة المنصوص عليها في ظهير التحفيظ العقاري، وأن استدعاء المتدخلين في الدعوى لا يعني قبول طلب إدخالهم مادام أن أطراف النزاع في قضايا التحفيظ محددة من طرف المحافظ، وأن المحكمة ملزمة بالبث في النزاع كما أحيل عليها من طرف المحافظ”.

 فالواقع أن ما قضى به هذا التوجه القضائي يلائم خصوصيات مسطرة التحفيظ ذلك أن تعرض الغير الخارج عن الخصومة يقترب كثيرا من التدخل الهجومي في الدعوى، لأنهما يخلقان معا مركزا دعائيا جديدا لا تتضمنه مسطرة التحفيظ ولا يتماشى مع آليات المنازعة طبقا لقواعد وإجراءات التحفيظ الخاصة، وبالتالي فإن منع ممارسة هذا النوع من الطعن لا يحتاج إلى نص خاص، مادامت خصوصيات المسطرة كفيلة بذلك.

غير أن هذا المنع قد يطرح إشكال في بعض الحالات كما هو الحال بالنسبة للشفيع الذي ألزمته المادة 305 من مدونة الحقوق العينية بتقديم تعرضه، علما أن أجل التعرض قد ينتهي قبل انتهاء أجل الشفعة، وكذلك نفس الأمر بالنسبة للمتعرض على الحقوق المودعة طبقا للفصل 84 من ظهير التحفيظ، الذي أعطاه الفصل 24 إمكانية التعرض دون أن يأخذ بعين الاعتبار أن الحق المودع قد ينشأ بعد انتهاء أجل التعرضات، وعليه فإن المشرع إذا منع التدخل الهجومي، فكان لابد أن يعطي إمكانية الطعن بالتعرض الخارج عن الخصومة لتفادي ضياع حقوق هؤلاء الأطراف.

مقال قد يهمك :   إبراهيم البعلي : عنصر الضرر في دعوى المطالبة بالشرط الجزائي بين إشكالية تحققه و الإكتفاء بافتراضه

ثالثا:  منع الطعن بإعادة النظر في نزاع التحفيظ

الطعن بإعادة النظر هو طريق غير عادي يستطيع بواسطته أحد الخصوم في الدعوى أن يسلكه في حالات معينة للطعن في الأحكام الإنتهائية غير القابلة للتعرض والاستئناف، وذلك أمام نفس المحكمة التي أصدرت الحكم المطعون فيه، ابتغاء رجوع هذه المحكمة عنه والقيام بالتحقيق في القضية من جديد تلافيا لخطأ غير مقصود كان يشوب الحكم المطلوب إعادة النظر فيه[33].

وقد نظم المشرع الطعن بإعادة النظر في قانون المسطرة المدنية بموجب الفصول من 402 إلى 410 منه، والفصول 379، 371، 372، 375 من نفس القانون، إلا أنه بالرجوع إلى ظهير التحفيظ العقاري، نجده قد استبعد هذا النوع من الطعن[34]، مما يجعلنا نتساءل عن ما إذا كانت هناك أسباب وجيهة لاستبعاد الطعن بإعادة النظر في قضايا التحفيظ ؟

فإذا كان المشرع استبعد مثلا التعرض ضد الأحكام الصادرة في منازعات التحفيظ العقاري وهذا أمر بديهي لأن الأحكام الصادرة في التحفيظ، تكون دائما حضورية، وقابلة للاستئناف، واستبعد تعرض الغير الخارج عن الخصومة لأن المتعرض في هذه الحالة سيحدث مركزا ادعائيا جديدا، وهذا غير مقبول في مسطرة التحفيظ، حيث كان عليه أن يتدخل خلال المرحلة الإدارية للتحفيظ، وأنه خلال هذه الرحلة تحدد المراكز القانونية للأطراف، ويتضح المدعي من المدعى عليه، ويقفل باب المطالبة في أي وجه كان، بالرغم مما يثيره هذا المنع من إشكالات كما سبق أن أشرنا إليها، فإنه بالنسبة للطعن بإعادة النظر ضد أحكام المحاكم الابتدائية في منازعات التحفيظ، نجد مبرر استبعاده في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية، الذي نص على أنه يمكن أن تقبل الطعن بإعادة النظر تلك الأحكام غير قابلة للطعن بالتعرض والاستئناف، ومادامت الأحكام الصادرة في نزاع التحفيظ تبقى دائما قابلة للطعن بالاستئناف، فبالتالي فهي غير قابلة للطعن بإعادة النظر.

أما في ما يخص استبعاد الطعن بإعادة النظر في القرارات الاستئنافية وتلك الصادرة عن محكمة النقض، فلا يوجد هناك مبرر مقنع لاستبعاد هذا النوع من الطعن، خاصة وأن هذا الطعن لا يستدعي الطعن في قرارات المحكمة بقدر ما يساعدها على تلافي نتائج الحكم المطعون فيه، خاصة وأن هذا النوع من الطعن يعيد الملف إلى نفس الهيئة القضائية التي أصدرت الحكم المطعون فيه.[35]

فيرى في هذا الصدد أحد الباحثين،[36] أن قرارات محكمة النقض الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري يمكن أن تصدر دون احترام لمقتضيات الفصل 379 من قانون المسطرة المدنية ودون مراعاة لأحكام المواد 371 و372 و375 من نفس القانون، بمعنى أن هذه القرارات من الممكن أن تصدر في غياب إحدى الشكليات المتطلبة في الحكم أو القرارات بصورة عامة كما أنه بالإمكان أن تصدر غير معللة، وبالتالي يضيف نفس الباحث أنه ليس من العدالة والمنطق أن يصدر قرار عن محكمة النقض في نزاع التحفيظ، وترد فيه إحدى العيوب المشار إليها، ونقول بعدم إمكانية الطعن ضده بإعادة النظر، لأن ذلك من جهة فيه مس بحقوق الطرف المتضرر، خاصة وأن من آثار إعادة النظر رجوع الأطراف والقضية إلى الحالة ما قبل صدور القرار المطعون فيه، ومن زاوية أخرى إكساب نوع من التحصين لقرارات محكمة النقض، رغم ما قد يشوبها من انعدام للتعليل أو اختلالات قد تكون شكلية أو موضوعية، فقضاة محكمة النقض بشر، والبشر معرض للخطأ ولو دون قصد.

ويضيف أحد الباحثين[37] أن استبعاد هذا الطعن، سيعرض حقوق القاصرين العقارية للضياع، إذ أن المشرع نص في الفصل 402 من قانون المسطرة المدنية على أنه “يمكن أن تكون الأحكام التي لا تقبل الطعن بالتعرض والاستئناف موضوع إعادة النظر مما كان طرفا في الدعوى أو ممن استدعي بصفة قانونية للمشاركة فيها، وذلك في الأحوال الآتية مع مراعاة المقتضيات الخاصة المنصوص عليها في الفصل 379 المتعلقة بالمجلس الأعلى:…7- إذا لم يقع الدفاع بصفة صحيحة على حقوق إدارات عمومية أو حقوق قاصرين” خاصة في حالة ما إذا لم ينصب نائب القاصر محام للدفاع عن هذا الأخير، وصدر حكم ليس لصالحه.

ويضيف كذلك أن إجازة الطعن بإعادة النظر في نزاعات التحفيظ يمنح لقضاء التحفيظ فرصة المساهمة بشكل فعلي في تمكين المحافظ من تأسيس رسوم عقارية لفائدة المالكين الحقيقيين، ويتناسب مع أبرز أساس يقوم عليه النظام الخاص بالتحفيظ وهو نهائية قرار التحفيظ العقاري.

وبالتالي فإن حصر المشرع لطرق الطعن في مادة التحفيظ العقاري، لا يوفر ضمانة حقيقية للمتقاضين خاصة أمام الحجية المطلقة لقرار التحفيظ.

فما يؤكد أن استبعاد الطعن بإعادة النظر ليس في محله في نزاعات التحفيظ هو أنه لازال الأطراف المتضررين يمارسون هذا الطعن بواسطة دفاعهم في القرارات الصادرة عن محكمة النقض، رغم ما للدفاع من إلمام بالنص التشريعي الذي يمنع صراحة الطعن، حيث يأمل أن تصدر اجتهاد قضائي يجيز هذا الطعن، وهذا ما يتضح من قرار حديث صادر عن محكمة النقض في سنة 2014،[38] يمنع صراحة هذا الطعن بالاستناد إلى الفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري.

خاتمة :

يتضح مما سبق، أن المشرع المغربي قد حسم الأمر فيما يتعلق بطرق الطعن المسموح بممارستها ضد الأحكام والقرارات الصادرة في نزاعات التحفيظ العقاري بمقتضى نص صريح، مما يتلائم ذلك مع مايستلزمه الأمر من السرعة في البت في هذا النوع من النزاعات في أفق تسوية الوضعية بعد إحالة الملفات المنتهية على أنظار المحافظ لتنفيذ الأحكام،

إلا أنه إذا كانت بعض طرق الطعن لها مايبرر استبعادها في منازعات التحفيظ، فإن استبعاد بعض طرق الطعن- كالطعن بإعادة النظر- يشكل خسارة لأطراف نزاع التحفيظ العقاري،

بحيث أنه ليس من المنطق أن يصدر قرار عن محكمة النقض في نزاع التحفيظ ويرد غير معلل أو مختل شكلا من حيث بياناته…، ونقول بعدم إمكانية الطعن ضده بإعادة النظر، لأن ذلك من جهة سيعطي حصانة للقرارات الصادرة عن محاكم الاستئناف ومحكمة النقض رغم ماقد يشوبها من إخلالات، ومن جهة أخرى أنه فيه مس بحقوق الطرف المتضرر خاصة وأن من اَثار إعادة النظر رجوع الأطراف والقضية إلى الحالة ماقبل صدور القرار المطعون فيه.


الهوامش :

[1] – فكرة العدالة هنا لا يقصد بها العدالة النظرية ولا العدالة المثالية، ولا العدالة المطلقة، وإنما يقصد بها العدالة النسبية، والعدالة النسبية هي العدالة التي يصل إليها القاضي العادي، في نظره للنزاع العادي في الظروف العادية، حسن الفكهاني، موسوعة القضاء والفقه للدول العربية، الجزء المائة، النظرية العامة للطعن بالاستئناف في المواد المدنية والتجارية، الدار العربية للموسوعات، طبعة 1980، ص: 9.

[2]عبد العزيز حضري، استئناف الأحكام المدنية في التشريع المغربي، الجزء الأول، حق الاستئناف، مطبعة الأمنية- الرباط، الطبعة الأولى 2009، ص: 3.

[3]  – ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 الصادر بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية، منشور بالجريدة الرسمية عدد 2303 مكرر بتاريخ 30 شتنبر 1974، ص 2741.

– وقد عرف قانون المسطرة المدنية  في سنة 2011عدة تعديلات، كالقانون رقم 10_42 المتعلق بتنظيم قضاء القرب وتحديد اختصاصاته، والقانون رقم 11_33 القاضي بتعديل الفصول 32 و37 و 38 و 39 و 63 و 431 من قانون المسطرة المدنية، وكذا القانون رقم 10_35 المغير والمتمم لقانون المسطرة المدنية المؤرخ في 28/9/1974، قوانين منشورة بالجريدة الرسمية عدد 5975 بتاريخ 6 شوال 1432 (5 سبتمبر 2011)، ص 4386 وما بعدها.

[4] – الفصول من 130 إلى 133 من قانون المسطرة المدنية.

[5] – الفصول من 134 إلى 146 من قانون المسطرة المدنية.

مقال قد يهمك :   الحكومة المغربية وصندوق المقاصة .. إلى أين؟

[6] – الفصول من 303 إلى 305 من قانون المسطرة المدنية.

[7]–  الفصول من 402 إلى 410 من قانون المسطرة المدنية.

[8] – الفصول من 353 إلى 385 من قانون المسطرة المدنية.

[9]  – ظهير شريف صادر في 9 رمضان 1331 (12 غشت 1913) المغير والمتمم بالظهير الشريف رقم 1.11.77 بمثابة قانون رقم 14_07 الصادر بتاريخ 25 ذي الحجة 1432 ( 22 نوفمبر 2011)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5998 بتاريخ 27 ذي الحجة 1432 (24 نوفمبر 2011)، ص 5575. ( كإشارة سوف نكتفي بذكر هذا التعديل في هذا الهامش فقط دون تكراره على طول متن هذه المقالة).

[10] –  الفصل 109 من ظهير التحفيظ العقاري.

[11] – حسن الفكهاني، الجزء المائة، مرجع سابق، ص: 9.

[12] – حسن الفكهاني، الجزء المائة، مرجع سابق، ص: 9.

[13] – قرار عدد 76 صادر بتاريخ 9/1/91 في الملف عدد 438، أشارت إليه سمرة محدوب، الازدواجية الإجرائية أمام قضاء التحفيظ العقاري، على ضوء الاجتهاد القضائي ومستجدات القانون رقم 14.07،  أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الاول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، السنة الجامعية 2012/2013، ص: 226.

[14] – قرار عدد 2489 صادر بتاريخ 02/07/2008، (لم تتم الإشارة إلى رقم الملف)، أورده يوسف مختري، حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ، مطبعة المعارف الجديدة بالرباط، الطبعة الأولى ، ص: 436.

    – في نفس التوجه سار قرار محكمة النقض عدد 827 الصادر بتاريخ 3 أبريل 1985 في الملف المدني عدد 745/18 أشار إليه جيلالي بوحبص، دور القضاء في مسطرة التحفيظ العقاري من خلال اجتهادات المجلس الأعلى مقال منشور بمجلة المرافعة العدد 13، دجنبر 2002، ص: 95.

[15] – Jacques caillé , la procédure judiciaire de l’immatriculation foncière au Maroc, op. cite. p : 114.

-أوردته سمرة محدوب، مرجع سابق، ص: 227

[16] – يوسف مختري، مرجع سابق، ص: 437.

[17] – قرار عدد 3133، مؤرخ في 3/11/2004 في الملف المدني عدد 3861/1/1/2003، أورده عمر أزوكار،مستجدات التحفيظ العقاري في ضوء قانون 14/07 ومدونة الحقوق العينية، منشورات دار القضاء بالمغرب، الطبعة  الأولى 1433-2012، ص: 227.

[18] – محمد ابن أحمد بونبات، نظام التحفيظ العقاري، دراسة في القوانين المرتبطة بنظام التحفيظ العقاري في المغرب، المطبعة والوراقة الوطنية مراكش سلسلة آفاق القانون 11،  الطبعة الثانية، السنة 2005، ص: 57-58.

[19] – محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية، مطبعة النجاح الجديدة، البيضاء (دون ذكر المطبعة) الطبعة الأولى، ص: 92 وما بعدها أشار إليه، عبد اللطيف الشاوي، خصوصية المنازعات القضائية في ضوء 07-14 المتعلق بنظام التحفيظ العقاري، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون المنازعات، جامعة مولاي اسماعيل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، مكناس السنة الجامعية 2012/2013 ص: 112

[20] – نظمه المشرع بالفصول 353 إلى 385 من قانون المسطرة المدنية.

[21] – بمقتضى الظهير رقم 223/57/1 الصادر بتاريخ 02 ربيع الأول 1377 (27/9/1957) منشور بالجريدة الرسمية عدد 2347 بتاريخ 18/10/1957.

[22] – عمر أزوكار، مرجع سابق، ص: 243.

[23] –  محمد خيري، التعرضات أثناء التحفيظ العقاري في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون، جامعة الحسن الثاني، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بالدارالبيضاء، السنة الجامعية 1980،  ص: 288.

[24]–  لابد أن نشير إلى نقطة مهمة في هذا الإطار، وهي أن ظهير التحفيظ العقاري إن كان قانون موضوع وشكل وهو من يحدد الإجراءات الخاصة بمسطرته، فإنه  في هذه النقطة فالخصوصية يعترف بها قانون المسطرة المدنية نفسه دون الحاجة للتنصيص عليها في ظهير التحفيظ العقاري.

[25] – كان مصطلح التحفيظ العقاري يثير اختلافا فقهيا وقضائيا حول ما المقصود به، وكان التوجه الغالب منه يرى أن المقصود به كل ما يهم مسطرة التحفيظ دون ما عداها من المساطر اللاحقة على تأسيس الرسم العقاري، وكان هذا الخلاف قائم إلى حين صدور القانون رقم 07-14 المعدل والمتمم لظهير التحفيظ العقاري، الذي حسمه بموجب المادة الأولى منه واعتبر أن التحفيظ يقصد به المرحلة السابقة على تأسيس الرسم العقاري والمرحلة اللاحقة لتأسيسه،

– أنظر عبد القادر البنحياتي، مستجدات قانون التحفيظ العقاري (القانون 07-14) مقال منشور بمجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء

العقاري، مستجدات قانون التحفيظ العقاري بين النص القانوني والعمل القضائي، العدد الأول 2013.

[26] – حسن الفكهاني، التعليق على قانون المسطرة المدنية المغربي في ضوء الفقه والقضاء، الجزء الثاني، الطبعة الأولى: 1983، مطبعة  الدار العربية للموسوعات، ص: 549.

[27]– تجدر الإشارة أنه ينبغي التمييز في الحكم الغيابي ين الذي انبنى على عدم حضور المدعى عليه أمام المحكمة، وبين عدم تقديمه لمذكرات دفاعه للمحكمة، فالبنسة للحالة الأولى يتحقق الغياب بتخلف المدعى عليه شخصيا لأن المسطرة شفوية، أما بالنسبة للثانية، فلا يتحقق الحضور أو الغياب بحضور الشخص أو بغيابه وإنما بتقديم المذكرات التي تعبر عن حضوره وهذا بالنسبة للمسطرة الكتابية.

يراجع في هذا الصدد:

– عبد الكريم الطالب، الشرح العملي لقانون المسطرة المدينة، دراسة في ضوء مستجدات مسودة مشروع 2015، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، الطبعة الأولى، 1436 هـ/2015م، ص: 246.

[28]–  الفصل 130 من قانون المسطرة المدنية .

[29] – ينص الفصل 45 من ظهير التحفيظ العقاري أنه “تبت محكمة الاستئناف في القضية إما في الحين أو بعد المداولة سواء حضر الأطراف أو تخلفوا دون أن يقبل أي تعرض ضد القرار الصادر…”

[30] – الفصل 352 من قانون المسطرة المدنية.

[31] – ينص الفصل 303 من قانون المسطرة المدنية على أنه “يمكن لكل شخص أن يتعرض على حكم قضائي يمس بحقوقه إذا كان لم يستدع هو أو من ينوب عنه في الدعوى”.

[32] – قرار عدد 3177 الصادر بتاريخ 2 غشت 2011 في الملف المدني عدد 593/1/1/2009، منشور بمجلة ملفات عقارية عدد 1، ص: 74.

[33] – الحسن أولياس، لماذا استبعد المشرع المغربي من الطعون: الطعن بإعادة النظر ضد قرارات محكمة النقض الصادرة في منازعات التحفيظ العقاري، مقال منشور بسلسلة فقه القضاء العقاري- العدد الثالث 2017 مطبعة الأمنية- الرباط ص: 112 نقلا عن إدريس العلوي العبدلاوي، طرق الطعن في الأحكام، المطبعة الإقليمية، مراكش 1984 ص: 109.

[34] – تجدر الإشارة أنه قبل صدور قانون 07-14 المعدل والمتمم لظهير التحفيظ العقاري، قد اختلف الفقه والقضاء على حد سواء حول قبول هذا النوع من الطعن من عدمه، تارة نجد اتجاه يمنع هذا الطعن بعلة أن الظهير لم ينص على ذلك ولم يحيل على قانون المسطرة المدنية، وتارة نجد اتجاه يرفض هذا المنع بعلة عدم إعطاء قرارات محكمة النقض حصانة رغم ما قد تحمله من عيوب توجب إعادة النظر، وتارة نجد اتجاه ثالث يرفض الطعن بالنسبة للقرارات الاستئنافية ويبيحه بالنسبة لقرارات محكمة النقض،/ مواقف فقهية وقضائية تطرقت لها حنان سعيدي في مقالها مدى جواز الطعن بإعادة النظر في نزاعات التحفيظ العقاري، منشور بالمجلة المغربية للمنازعات القانونية، عدد مزدوج 10/11/2010.

[35] –  الفصل 406 من قانون المسطرة المدنية.

[36] –  الحسن أولياس، لماذا استبعد المشرع المغربي من الطعون: الطعن بإعادة النظر… مرجع سابق، ص: 114.

[37] – حنان سعيدي، مدى جواز الطعن بإعادة النظر في نزاعات التحفيظ العقاري، مرجع سابق، ص: 306-307.

[38] –  قرار عدد 5/1 مؤرخ في 07/01/2014 في الملف المدني عدد 1683/1/1/2013، (غير منشور).

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]