تأثير الرأي العام الرقمي على السياسة التشريعية بالمغرب

 نور أوعلي باحث في القانون ووسائل الإعلام

Digital Public Opinion’s Impact on Legislative Policy in Morocco


ملخص الورقة:

تتناول الورقة البحثية موضوع تأثير الرأي العام الرقمي على السياسة التشريعية في المغرب، وهو موضوع نادرا ما يتم التطرق إليه مقارنة بالرأي العام التقليدي. فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي بشكل واسع، على اعتبار أن أكثر من 60٪ من المغاربة يحصلون على أخبارهم من وسائل الإعلام الرقمية، أصبح للرأي العام الرقمي تأثير قوي على العملية الديمقراطية وصنع القرار السياسي، حيث يعبر المواطنون عن آرائهم ومخاوفهم وينظمون حملات للتغيير من خلال هذه الشبكات الاجتماعية، مما يضغط على المشرع وصانع القرار في آن واحد لاتخاذ إجراءات سريعة.

الكلمات المفتاحية: الرأي العام الرقمي – السياسة التشريعية – المغرب


Summary of the paper:

The paper addresses the topic of digital public opinion’s influence on legislative policy in Morocco, a subject that is rarely explored in comparison to traditional public opinion. With the widespread use of social media, as more than 60% of Moroccans get their news from digital media, digital public opinion has gained a strong impact on the democratic process and political decision-making. Citizens express their views and concerns, organize campaigns for change through these social networks, thus putting pressure on policymakers and lawmakers alike to take swift action.

Keywords: Digital Public Opinion’s, Legislative Policy, Morocco


مقدمة:

يعد موضوع الرأي العام الرقمي وتأثيراته على السياسات التشريعية قليل التناول والمعالجة -خصوصا في المغرب- مقارنة بالكم الكبير الذي كتب حول الرأي العام التقليدي. وعلى اعتبار انتشار وسائل التواصل الاجتماعي واستخدام الأنترنت على نطاق واسع، فإنه يعتبر موضوعا مثيرا للاهتمام وذو آثار مهمة على العملية الديمقراطية في بلادنا، سيما وقد أصبح للرأي العام الرقمي صوت أقوى من أي وقت مضى، مما يؤثر على صنع القرار السياسي وتشكيل السياسات العامة وممارسة الضغط على المشرع.

ويشير الرأي العام الرقمي إلى التعبير عن الآراء والمواقف عبر المنصات الرقمية، مثل وسائل التواصل الاجتماعي، والمنتديات، ومواقع الأخبار، وغيرها. حيث أصبح الرأي العام الرقمي قوة مؤثرة لا يمكن تجاهلها، فهو يوفر مساحة للمواطنين للتعبير عن آرائهم ومخاوفهم، ومناقشة القضايا السياسية والاجتماعية، وتنظيم الحملات من أجل تغيير واقع معين.

ووفقا لدراسة أجرتها “الجمعية المغربية للصحافة الرقمية” سنة 2018، فإن أكثر من 60٪ من المغاربة يحصلون على أخبارهم ومعلوماتهم من وسائل الإعلام الرقمية، مع كون وسائل التواصل الاجتماعي المنصة الأكثر شعبية. وهذا يعني أن السياسيين وصناع القرار أصبحوا على دراية متزايدة بأهمية الرأي العام الرقمي وتأثيره المحتمل على نتائج الانتخابات والسياسات العامة.[1]

وعليه، يمكن رؤية أحد الأمثلة على تأثير الرأي العام الرقمي على السياسة التشريعية في المغرب من خلال الاستجابة الحكومية لعدد من القضايا المرتبطة بسياق جائحة كوفيد-19. فخلال الجائحة، استخدم العديد من المغاربة وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن مخاوفهم بشأن القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مثل فقدان الوظائف والوصول إلى الخدمات الصحية. وقد استجابت الحكومة من خلال تقديم التحفيز الاقتصادي وتفعيل تدابير الدعم الاجتماعي، مع الإعلان عن هذه المبادرات عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وإن دل هذا على شيء فإنه يدل على أن الحكومة تستمع إلى مخاوف المواطنين المعبر عنها عبر المنصات الرقمية[2] وتعيرها انتباهها وتستجيب لها في كثير من الأحيان، وذلك بشكل مطرد مع حجم الضغط.

علاوة على ذلك، كان للرأي العام الرقمي دور في تعزيز الشفافية والمساءلة في العملية التشريعية، وذلك عبر زيادة الوعي العام بالقضايا السياسية، الذي نقل المواطنين من حالة الخمول إلى النشاط في مراقبة عمل البرلمانيين والضغط من أجل مزيد من الشفافية. وقد أدى ذلك إلى مبادرات لزيادة بث جلسات البرلمان على الهواء مباشرة، ونشر مشاريع القوانين للتشاور العام عبر الإنترنت،[3] وتفعيل المقاربة التشاركية بشكل أوسع نطاقا.

إذن، فإن تأثير الرأي العام الرقمي على السياسة التشريعية في المغرب هو جانب متطور وديناميكي من جوانب الديمقراطية في المملكة، وليس سبة أو نقصا لأي جهة حكومية أو رسمية، لأنه يوفر منبرا للمواطنين للمشاركة في العملية السياسية، والتأثير على صنع القرار، وتعزيز الشفافية، وهذه هي الديمقراطية الحديثة كما نؤمن بها. ومع ذلك، من المهم أيضا الإشارة إلى أن الرأي العام الرقمي يمكن أن يكون عرضة للتلاعب والتضليل، مما يؤثر على دقته وشرعيته. وبالتالي، فإن التعامل معه يتطلب نهجا متوازنا، مع الاعتراف بفوائده المحتملة، وفي الوقت نفسه إدارة مخاطره وتحدياته.

فكيف يمكن للرأي العام الرقمي أن يكون قوة مؤثرة على السياسة التشريعية في المغرب؟

ومن خلال التأطير العام للمقال، واستحضار الإشكال الرئيس، سنعمل على طرح الأسئلة الفرعية التالية:

  • ما هو مفهوم الرأي العام الرقمي والسياسة التشريعية؟
  • ما هي الآليات التي يستخدمها الرأي العام الرقمي للتأثير على السياسة التشريعية؟
  • كيف يستجيب المشرع المغربي لضغوط الرأي العام الرقمي؟
  • ما هي الإيجابيات والسلبيات المحتملة لتأثير الرأي العام الرقمي على العملية التشريعية؟
  • كيف يمكن تحقيق توازن بين الاستجابة لضغوط الرأي العام الرقمي والحفاظ على استقرار السياسات التشريعية؟

وعلى هذا الأساس، فإن المنهج المتبع في معالجة تلكم الإشكالات أعلاه يتمثل في المنهج الوصفي والتحليلي لفهم وتقييم تأثير الرأي العام الرقمي على السياسة التشريعية في المغرب. وسوف نعتمد على البيانات الكمية والنوعية، بما في ذلك الدراسات والتقارير الإخبارية، والمنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي، لتحليل التفاعلات بين الرأي العام الرقمي والمشرع المغربي، على أن يتم استخدام الأمثلة الواقعية لتوضيح النقاط وشرحها بطبيعة الحال.


تصميم المقال:

المبحث الأول: الإطار التاريخي والمفاهيمي للرأي العام الرقمي والسياسة التشريعية

  • المطلب الأول: مفهوم الرأي العام الرقمي وسياق نشأته وتطوره
  • المطلب الثاني: تعريف السياسة التشريعية والسياق التاريخي لبروزها

المبحث الثاني: الرأي العام الرقمي والمشرع المغربي -دراسة في التفاعل بين آليات التأثير والرضوخ للضغوط-

  • المطلب الأول: آليات الرأي العام الرقمي في التأثير على السياسة التشريعية والتحديات المرتبطة به
  • المطلب الثاني: ضغط الرأي العام الرقمي بين الانتشار الواسع والتأثير القوي

المبحث الأول: الإطار التاريخي والمفاهيمي للرأي العام الرقمي والسياسة التشريعية

لا شك في أن ظهور العصر الرقمي قد غير بشكل جذري الطريقة التي نتواصل ونتبادل من خلالها المعلومات، إذ مع تزايد استخدام منصات التواصل الاجتماعي والأنترنت، برز مفهوم جديد وهو “الرأي العام الرقمي”، حيث يشير هذا المفهوم إلى التفاعلات والآراء الجماعية التي تتشكل وتنتشر عبر الفضاء الإلكتروني، مما يؤثر بشكل مباشر على المجتمعات والقرارات السياسية. وهذا ما يستدعي البحث عن الجوانب التاريخية والمفاهيمية للرأي العام الرقمي (المطلب الأول)، بالإضافة إلى محاولة إيجاد تعريف دقيق لمفهوم السياسة التشريعية ورصد تطورها (المطلب الثاني).

المطلب الأول: مفهوم الرأي العام الرقمي وسياق نشأته وتطوره

شهد العالم في العقود الأخيرة ثورة غير مسبوقة في مجال التكنولوجيا والاتصالات، والتي كان لها تأثير عميق على العديد من الجوانب الاجتماعية والسياسية والثقافية. ومن بين هذه التأثيرات، برز ما يسمى بالرأي العام الرقمي كقوة مؤثرة وذات دور متزايد في تشكيل الرأي العام التقليدي والتأثير على صنع القرار.

فما هو سياق نشأة وتطور الرأي العام الرقمي؟ (الفقرة الأولى)، وكيف نحدد له تعريفا كمفهوم حديث؟ (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: سياق نشأة وتطور الرأي العام الرقمي

يمكن القول إن بذور الرأي العام الرقمي بدأت مع ظهور الصحافة المطبوعة وانتشارها على نطاق واسع، فمنذ اختراع المطبعة في القرن الخامس عشر، أصبحت الصحف والمنشورات وسيلة مهمة لنشر المعلومات والأفكار، مما مكن الناس من مشاركة آرائهم ووجهات نظرهم مع جمهور أوسع. وقد أدى هذا إلى ظهور مفهوم “الرأي العام” كما نعرفه اليوم بشكله الكلاسيكي.[4]

ومع ذلك، فإن التطور الأعمق والجذري الذي أدى إلى نشأة الرأي العام الرقمي كما نعرفه اليوم هو ظهور الأنترنت وانتشارها. فمع تطور الشبكة العالمية في التسعينيات، أصبحت المعلومات أكثر سهولة في الوصول إليها، وظهرت أشكال جديدة من وسائل الإعلام والتواصل.[5] وهنا أدرك الباحثون والنقاد آنذاك الإمكانات الهائلة للأنترنت كمنصة لتشكيل الآراء وتبادل الأفكار.[6]

ومع تطور الأنترنت كما أسلفنا، شهد العالم ظهور ما يسمى بــ “ويب 2.0” (Web 2.0)، وهو مصطلح صاغته شركة “أوريلي ميديا” (O’Reilly Media) سنة 2004 لوصف الجيل الجديد من خدمات الأنترنت التي تركز على المستخدمين والتعاون والتفاعل.[7] وقد مكن هذا النوع الجديد من الويب الأفراد من المشاركة بنشاط في إنشاء المحتوى ونشره، بدلا من كونهم مجرد مستهلكين سلبيين للمعلومات. حيث شملت منصات ويب 2.0 المدونات ومواقع الشبكات الاجتماعية بما تضمنه من مشاركة لكافة أنواع المعلومات (فيديو، صور، كتابات، ملفات… وغيرها).[8]

إذن، فقد أحدث ويب 2.0 ثورة في طبيعة الرأي العام، لينقلها من كونها عملية أحادية الاتجاه، إلى عملية تفاعلية ومتعددة الاتجاهات، حيث لم يعد الأفراد مجرد متلقين للمعلومة، بل أصبحوا أيضا ينتجونها ويشاركونها على نطاق واسع. وقد أدى هذا التحول إلى تمكين الناس من التعبير عن آرائهم إيصالها للجمهور العالمي، مما أسفر عنه ظهور مفهوم “المواطن الرقمي”.[9]

وبالتالي، صعدت وسائل التواصل الاجتماعي كقوة مؤثرة مع تطور ويب 2.0، حيث ظهرت المنصات الاجتماعية كلاعب رئيس في تشكيل الرأي العام الرقمي. إذ من خلال منصات مثل “فيسبوك” و”إكس” و”إنستغرام”، أصبح الأفراد قادرين على التواصل والمشاركة مع الآخرين بطرق لم تكن متاحة من قبل. وقد أدى الطابع الاجتماعي لهذه المنصات إلى تسهيل تبادل الأفكار والآراء على نطاق منداح، مما أدى إلى ظهور “القبائل أو العشائر الرقمية” أو “الجماعات ذات الاهتمامات المشتركة”.[10]

كما أدركت الحكومات والشركات بسرعة قوة وسائل التواصل الاجتماعي كأداة للتأثير على الرأي العام، فبدأت الحملات السياسية في استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للوصول إلى الناخبين، واعتمدت الشركات على “التسويق المؤثر” لتعزيز منتجاتها. ناهيك عن أن وسائل التواصل الاجتماعي صارت منصة قوية لتنظيم الحركات الاجتماعية والاحتجاجات، كما رأينا في الربيع العربي وحركة “حياة السود مهمة”.[11]

وفي الوقت الراهن، أصبح الرأي العام الرقمي قوة لا يستهان بها، حيث يتمتع بقدرة هائلة في التأثير على الرأي العام الكلاسيكي وتشكيله، خصوصا مع انتشار الهواتف الذكية والاتصال بالأنترنت عالي الصبيب، جعل العالم أكثر ترابطا من أي وقت مضى، بل جعل العالم يقترب من تشكيل وعي جمعي قوي يصعب زحزحته، وهذا ناتج عن أن الأفكار والآراء يمكن أن تنتشر بسرعة البرق.[12]

وفي نفس السياق، فإن منصات وسائل التواصل الاجتماعي أضحت أكثر تطورا وتعقيدا، حيث تستخدم خوارزميات متقدمة لتوصيل المحتوى المستهدف إلى المستخدمين. وقد أدى هذا إلى خلق ما يسمى بــ “الفقاعات الترشيحية”، التي قد تأتيك في شكل إعلانات أو منشورات مقترحة، حيث يتعرض الأفراد بشكل أساسي للأفكار والآراء التي تتوافق مع معتقداتهم القائمة، مما قد يؤدي إلى تعزيز الانقسامات السياسية والاجتماعية وتصنيفها وتمييزها.[13]

الفقرة الثانية: مفهوم الرأي العام الرقمي

الرأي العام الرقمي هو مجموعة الآراء والمواقف والتوجهات التي يعبر عنها الأفراد والجماعات عبر الأنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي، حيث يتم تشكيل هذا الرأي من خلال التفاعل الرقمي بين المواطنين والمناقشات التي تجري على هذه المنصات. ويمكن أن يشمل الرأي العام الرقمي قضايا سياسية، اجتماعية، اقتصادية، وثقافية، متميزا بسرعة انتشاره وقدرته على التأثير في السياسات العامة وصناعة القرار.[14]

وقد وردت عدد من التعريفات لمتخصصين حول مفهوم الرأي العام الرقمي، حيث سنعرضها من خلال بعض مستوياتها لأنه كما يبدو ليس هناك ثمة إجماع على تعريف ثابت وموحد. لنجد الآتي:

الرأي العام الرقمي كتعبير جماعي: هو مجموعة الآراء والمواقف التي يعبر عنها جمهور المستخدمين عبر الأنترنت، سواء من خلال الشبكات الاجتماعية أو المنتديات أو المدونات أو التعليقات على الأخبار والمقالات.[15]

الرأي العام الرقمي كمنصة للتواصل: هو الوسيلة التي تتيح للأفراد التعبير عن آرائهم ومواقفهم بشكل مباشر وسريع، والتفاعل مع الأحداث والقضايا المختلفة من خلال منصات التواصل الاجتماعي والوسائط الرقمية.[16]

الرأي العام الرقمي كأداة للتأثير: هو القوة التي يمكن أن يستخدمها المواطنون للتأثير على القرارات والسياسات الحكومية من خلال الحملات الرقمية والمشاركة في النقاشات العامة عبر الأنترنت.[17]

الرأي العام الرقمي كمرآة للمجتمع: هو انعكاس لمواقف وتوجهات المجتمع في الفضاء الرقمي، حيث يعبر الأفراد عن اهتماماتهم وقضاياهم المشتركة ويناقشونها بشكل علني.[18]

الرأي العام الرقمي كحقل دراسي: هو مجال دراسة يتناول تحليل السلوكيات والاتجاهات العامة للمستخدمين عبر الأنترنت، وكيفية تأثير تلك السلوكيات على السياسات العامة والقرارات السياسية[19] والتشريعات القانونية.

الرأي العام الرقمي كوسيلة للشفافية والمساءلة: هو الأداة التي يمكن أن تساهم في تعزيز الشفافية والمساءلة من خلال إتاحة الفرصة للمواطنين لمراقبة والإبلاغ عن أي تجاوزات أو فساد عبر الأنترنت.[20]

إذن، نجد أن هذه التعريفات مجتمعة تعكس أبعادا مختلفة للرأي العام الرقمي وكيفية تفاعله مع المجتمعات والسياسات في كل مستوى على حدة.

مقال قد يهمك :   خبراء يناقشون آثار العنف الزوجي وسبل الحماية والوقاية منه

المطلب الثاني: تعريف السياسة التشريعية والسياق التاريخي لبروزها

تمثل السياسة التشريعية ركيزة أساسية في أي نظام حكم ديمقراطي، فهي العملية التي من خلالها تضع الدولة القواعد والقوانين التي تنظم حياة مواطنيها.

فما هو السياق التاريخي لبروز السياسة التشريعية وتطورها على مستوى الأنظمة السياسية الحديثة؟ (الفقرة الأولى)، وهل في إمكاننا إيجاد تعريف جامع مانع لها؟ (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: السياق التاريخي لبروز السياسة التشريعية

يمكن تتبع أصول السياسة التشريعية منذ العصور القديمة، عندما بدأت المجتمعات الأولى في إنشاء قواعد وقوانين لتنظيم حياتها. فمن قانون “حمورابي” في بابل إلى قوانين “أثينا” القديمة، سعى البشر دائما إلى إنشاء أنظمة تحكم سلوكهم وتحافظ على الاستقرار الاجتماعي.[21]

ومع ذلك، فإن مفهوم السياسة التشريعية كما نعرفه اليوم له جذوره في عصر التنوير والثورة الصناعية. فخلال عصر التنوير، ازدهرت الأفكار الليبرالية التي تؤكد على أهمية الحرية الفردية والحقوق الطبيعية. وقد دعا فلاسفة مثل “جون لوك” و”جان جاك روسو” إلى إنشاء حكومات تمثل إرادة الشعب وتحمي حقوقه الأساسية.[22]

كما تزامن هذا التحول الفكري مع الثورة الصناعية التي غيرت المجتمعات الأوروبية بشكل جذري. فمع ظهور الاقتصادات الرأسمالية ونمو المدن وازدهارها، أصبحت هناك حاجة ملحة إلى قوانين جديدة تنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية الناشئة.[23]

وقد كانت إحدى النتائج الرئيسة لعصر التنوير والثورة الصناعية هي ظهور البرلمانات كهيئات تشريعية. ففي إنجلترا مثلا، تطورت السلطة التشريعية من خلال البرلمان الذي كان يضم مجلسي اللوردات والعموم، حيث أدى الكفاح من أجل الحقوق والحريات إلى إنشاء الوثيقة العظمى سنة 1215، والتي كانت بمثابة أساس للحقوق الدستورية والتمثيل التشريعي.[24]

علاوة على ذلك، شهدت هذه الفترة صياغة الدساتير المكتوبة التي حددت صلاحيات الحكومات وضمنت حقوق المواطنين. ففي الولايات المتحدة مثلا، تم اعتماد دستور سنة 1787 الذي أنشأ حكومة فيدرالية وفصل السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، حيث أثرت هذه التطورات بشكل كبير على الأنظمة السياسية في جميع أنحاء العالم، على اعتبار أن البرلمانات والدساتير أضحت ركائز أساسية للحكم الديمقراطي.[25]

وفي القرن العشرين، عرف مجال السياسة التشريعية تطورات مهمة، حيث أصبحت الدول أكثر تعقيدا وتداخلا. فبعد الحربين العالميتين، برزت الحاجة إلى إنشاء منظمات دولية لتعزيز التعاون وحل النزاعات، وقد أدى ذلك إلى إنشاء الأمم المتحدة وصياغة الإعلان العالمي لحقوق الإنسان سنة 1948، والذي كان ولا زال معيارا عالميا لحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية.[26]

أيضا، شهد القرن العشرين صعود ما يسمى بــ “دولة الرفاهية”، التي تهدف إلى توفير الخدمات الاجتماعية والاقتصادية لمواطنيها بشكل يرفه عيشهم. وقد تطلبت هذه السياسات توسعا كبيرا في التشريعات التي تنظم التعليم والرعاية الصحية والضمان الاجتماعي.[27]

بالإضافة إلى ذلك، تزايدت أهمية القانون الدولي والمعاهدات الدولية في القرن العشرين. فبعد إنشاء محكمة العدل الدولية سنة 1945، أصبحت الدول قادرة على حل النزاعات بشكل سلمي من خلال التحكيم الدولي.[28]  كما أن المعاهدات الدولية، مثل اتفاقيات جنيف لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، اعتد بها كمصادر مهمة للقانون والسياسة التشريعية،[29] بل عدد كثير من الدول اعتبرها أسمى من الدستور وقوانينها المحلية، والمغرب واحد من بين هذه الدول.

وعلى ذكر المغرب -مثل العديد من الدول الأخرى- فإن السياسة التشريعية عرفت تطورات مهمة منذ الاستقلال إلى الوقت الحاضر. فبعد الحصول على الاستقلال سنة 1956، بدأ المغرب في إنشاء مؤسساته التشريعية الخاصة، حيث تميزت هذه الفترة بالجهود المبذولة لتوحيد البلاد وتحديثها تحت قيادة الملك محمد الخامس.[30]

وفي سنة 1962، تم اعتماد أول دستور للمغرب، والذي أنشأ نظاما ملكيا دستوريا وبرلمانا مكونا من مجلسين، حيث نص الدستور على الحقوق الأساسية للمواطنين، بما في ذلك حرية التعبير والتجمع والدين.[31]

ومع ذلك، فقد اتسمت العقود التالية بالتوتر السياسي والصراع على السلطة. ففي سنة 1970، تم تعليق البرلمان بعد محاولة انقلاب فاشلة، ولم يتم إجراء انتخابات تشريعية حتى سنة 1977.[32] كما شهدت هذه الفترة أيضا إعلان حالة الاستثناء، والتي تم خلالها تعليق الحقوق الدستورية كافة.[33]

وتجدر الإشارة، إلى أن الإصلاحات الديمقراطية والتطور التشريعي الحقيقي في المملكة بدأ منذ التسعينيات، لنجد في سنة 1992 إجراء انتخابات تشريعية حرة ونزيهة، مما أدى إلى تشكيل حكومة ائتلافية، حيث تبع ذلك إصلاحات دستورية مهمة، بما في ذلك إنشاء محكمة دستورية مستقلة سنة 1996.[34]

كما شهد المغرب خلال هذه الفترة تطورا تشريعيا مهما، حيث تم اعتماد قوانين جديدة في مجالات مختلفة. فعلى سبيل المثال، تم إصدار قانون مدونة الأسرة سنة 2004[35] -بدل قانون الأحوال الشخصية- والذي عزز حقوق المرأة والطفل،[36] على أن تعديل هذه المدونة قادم في الطريق بعد مرور 19 عاما على إقرارها، حيث منح جلالة الملك محمد السادس الحكومة مهلة 6 أشهر منتصف سنة 2024 لتقديم تعديلات أكثر حداثة ومواكبة للعصر بخصوص قانون الأسرة. كما تم إجراء إصلاحات في مجال حقوق الإنسان، بما في ذلك إنشاء هيئة الإنصاف والمصالحة للتعامل مع انتهاكات حقوق الإنسان في الماضي،[37] وما اصطلح عليه بسنوات الجمر والرصاص.

وفي هذا الصدد، لا يخلو القرن 21 من تحديات معاصرة تتطلب استجابات تشريعية مبتكرة، فمع تزايد العولمة والتحديات الاقتصادية، أصبح هناك تركيز متزايد على الإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. وقد أدى ذلك إلى اعتماد سياسات تشجع الاستثمار الأجنبي وتطوير البنية التحتية، مع الحفاظ على التوازن بين ترسيخ أصالة التقاليد والقيم الثقافية في المملكة.[38]

بالإضافة إلى ذلك، فإن ظهور قضايا جديدة مثل الإرهاب وتغير المناخ والهجرة الجماعية قد خلقت حاجة إلى سياسات وتشريعات جديدة، وهذا ما دب عليه المغرب بسنه قوانين جديدة تتعلق بمكافحة الإرهاب وحماية البيئة وإدارة ظاهر الهجرة.[39]

زد على ذلك، أن تطور التكنولوجيا والرقمنة قد أثر أيضا على السياسة التشريعية في المغرب، فمع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والتجارة الإلكترونية، أصبح هناك حاجة إلى قوانين جديدة لحماية البيانات وخصوصية المستخدمين،[40] وهذا ما عمل عليه المشرع بشكل جاد عبر إصداره القانون رقم 88.17 المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية ومواكبتها،[41] والقانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية.[42]

الفقرة الثانية: تعريف مفهوم السياسة التشريعية

تعرف السياسة التشريعية بأنها مجموعة من المبادئ والتوجيهات التي تتبعها السلطات التشريعية في دولة ما عند صياغة وتطوير القوانين والتشريعات، وتهدف هذه السياسة إلى تنظيم السلوك الاجتماعي، تحقيق العدالة، حماية حقوق المواطنين، وتعزيز المصلحة العامة، حيث تعتمد السياسة التشريعية على الدراسات والبحوث، وتستجيب للتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، كما تأخذ في الاعتبار آراء المواطنين وتأثيراتهم، بما في ذلك الرأي العام الرقمي.

وقد اختلف عدد من المتخصصين حول وضع تعريف جامع مانع للسياسة التشريعية، ويكون أكثر عمقا من كونها مجالا يتناول صياغة وتطوير وتنفيذ القوانين والتشريعات التي تنظم حياة المجتمع. وفيما يلي بعض تعريفات المتخصصين لهذا المصطلح:

  1. السياسة التشريعية هي مجموعة من المبادئ والأهداف التي تسعى الدولة إلى تحقيقها من خلال إصدار قوانين وتشريعات تتماشى مع متطلبات المجتمع وتحدياته.[43]
  2. السياسة التشريعية هي العملية التي من خلالها تقوم السلطات التشريعية بتحديد القواعد والضوابط القانونية التي تحكم سلوك الأفراد والمؤسسات في المجتمع، وذلك بهدف تحقيق العدالة والمساواة والاستقرار الاجتماعي.[44]
  3. السياسة التشريعية هي الإطار الذي يحدد الاتجاهات الأساسية للدولة في مجال التشريع، ويعكس رؤيتها في كيفية معالجة القضايا الاجتماعية والاقتصادية والسياسية من خلال القوانين.[45]
  4. تعتبر السياسة التشريعية فنا وعلما يختص بتطوير التشريعات التي تلبي احتياجات المجتمع وتحقق الأهداف الوطنية، مع مراعاة القيم والمبادئ الأساسية للدولة.[46]

كما لاحظنا من خلال هذه التعريفات المتعددة، وإن كانت تختلف في تفاصيلها، فإنها توضح لنا أبعاد السياسة التشريعية وأهميتها في تحقيق النظام والاستقرار في المجتمع من خلال القوانين والتشريعات المناسبة.

المبحث الثاني: الرأي العام الرقمي والمشرع المغربي -دراسة في التفاعل بين آليات التأثير والرضوخ للضغوط-

لقد أصبح الرأي العام الرقمي قوة لا يستهان بها في العصر الحديث، حيث تتشكل الآراء وتنتشر بسرعة البرق عبر منصات التواصل الاجتماعي، لذلك يتوجب علينا الغوص في آليات الرأي العام الرقمي وتأثيره على السياسة التشريعية، ورصد الطرق المختلفة التي من خلالها يمكن للرأي العام عبر الأنترنت أن يصبح قوة مؤثرة في صياغة القوانين، وكذلك التحديات المرتبطة بهذا التأثير (المطلب الأول). بعد ذلك، ارتأينا أن نناقش ظاهرة انتشار الرأي العام الرقمي وتأثيره القوي، على اعتبار أن السؤال الذي يشغلنا في هذا الباب هو: كيف يمكن لانتشار استخدام وسائل التواصل الاجتماعي أن يشكل ضغطا على المشرع، وما هي الاعتبارات التي يجب مراعاتها في هذا السياق؟ (المطلب الثاني).

المطلب الأول: آليات الرأي العام الرقمي في التأثير على السياسة التشريعية والتحديات المرتبطة به

لا ريب في أن الرأي العام الرقمي قد أضحى قوة مؤثرة في عصرنا، حيث يمكنه تشكيل وجهات النظر وإخراج القضايا من دائرة الظلام إلى دائرة النور. وعلى هذا الأساس، يمكننا التساؤل عن الآليات التي من خلالها يتاح للرأي العام الرقمي التأثير على السياسة التشريعية (الفقرة الأولى)، وكذلك التحديات التي تطرحها هذه الظاهرة الديناميكية والاعتبارات الناشئة عن هذا التأثير (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: آليات الرأي العام الرقمي في التأثير على السياسة التشريعية

لا شك في أن الرأي العام الرقمي أصبح أحد العوامل المؤثرة بشكل كبير على السياسة التشريعية في المغرب. وهذا التأثير يمكن ملاحظته من خلال عدة جوانب:

1/ التواصل المباشر: توفر وسائل التواصل الاجتماعي والمنصات الرقمية وسيلة للتواصل المباشر بين المواطنين وصناع القرار، حيث يمكن للجمهور مناقشة القضايا السياسية والتشريعية بشكل علني، مما يزيد من الضغط على المشرعين لاتخاذ مواقف معينة أو تعديل سياسات محددة.

ففي سنة 2021، استخدم المغاربة وسائل التواصل الاجتماعي للتعبير عن غضبهم بشأن ارتفاع أسعار الكهرباء، وقد أدى انتشار هاشتاج “#خليها_تضوي” على تويتر (إكس حاليا) وفيسبوك إلى استجابة سريعة من الحكومة، حيث أعلنت عن تدابير لتخفيف العبء عن المستهلكين.[47] وغضرنا من هذا المثال توضيح كيف أن وسائل التواصل الاجتماعي توفر منصة للتعاطي المباشر بين المواطنين وصناع القرار، مما يزيد من الضغط على المشرعين للاستجابة لمطالب الجمهور.

2/ الحملات الرقمية: تستخدم الحملات الرقمية لجمع التوقيعات وتنظيم الاحتجاجات الإلكترونية، مما يعزز من قدرة المواطنين على التأثير في التشريعات. وهذه الحملات قد تدفع المشرعين إلى إعادة النظر في مشاريع القوانين أو التعديلات المقترحة.

ففي سنة 2019، تم إطلاق حملة “#ما_تقيش_ولدي” على وسائل التواصل الاجتماعي للاحتجاج على العنف ضد الأطفال، ناجحة بذلك من جمع آلاف التوقيعات، مما دفع البرلمان المغربي إلى مناقشة مشروع قانون جديد لحماية الأطفال من العنف.[48] وهذا المثال يبرز قوة الحملات الرقمية في التأثير على السياسة التشريعية وجذب انتباه المشرعين.

3/ الشفافية والمساءلة: يعزز الإعلام الرقمي من الشفافية عبر نشر معلومات حول الإجراءات التشريعية والمواقف السياسية للمشرعين، حيث يمكن للمواطنين الوصول إلى المعلومات بسهولة أكبر، مما يزيد من قدرتهم على محاسبة ممثليهم.

ففي سنة 2020، تم تسريب مشروع قانون مثير للجدل على وسائل التواصل الاجتماعي، مما فتح نقاشا عموميا مثيرا حول محتواه، وقد أدى ذلك إلى زيادة الشفافية من قبل الحكومة، حيث قامت بنشر مسودة القانون رسميا ودعت المواطنين إلى تقديم اقتراحاتهم.[49] يظهر إذن هذا المثال كيف أن الإعلام الرقمي يعزز الشفافية والمساءلة من خلال نشر المعلومات وإشراك المواطنين في العملية التشريعية.

4/ الوعي السياسي: تساهم المنصات الرقمية في رفع مستوى الوعي السياسي بين المواطنين، إذ تجعل متابعة الأخبار والمناقشات عبر الأنترنت الجمهور أكثر اطلاعا على القضايا التشريعية، وبالتالي أكثر قدرة على التأثير فيها.

وفي هذا الباب، ساهمت منصات التواصل الاجتماعي في زيادة الوعي السياسي بين المغاربة -خاصة بين الشباب- من خلال الانتخابات التشريعية لسنة 2021، حيث شهدنا استخداما واسعا لوسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأحزاب السياسية للوصول إلى الناخبين، مما أدى إلى زيادة مشاركة الشباب في العملية السياسية.[50]

5/ الرأي العام العالمي: الرأي العام الرقمي لا يقتصر على الحدود الوطنية، بل يمكن أن يتعداها ليشمل الرأي العام العالمي. إلا أن القضايا المحلية يمكن أن تجذب انتباه وسائل الإعلام الدولية والمنظمات غير الحكومية، مما يخلق ضغطا إضافيا على صناع القرار.

وعلى سبيل المثال، عندما اندلعت احتجاجات حراك الريف سنة 2016، جذبت معها تغطية واسعة من وسائل الإعلام الدولية والمنظمات غير الحكومية،[51] وهذا أدى إلى تحرك الحكومة المغربية نحو فهم مطالب المحتجين واحتواء الأزمة.

الفقرة الثانية: التحديات التي يفرضها الرأي العام الرقمي

كما تعرضنا لمحاسن الرأي العام الرقمي، يجدر بنا الإشارة إلى أنه يواجه أيضا تحديات وآثار سلبية. فمع زيادة اعتمادنا على المنصات الرقمية، أصبحنا أكثر عرضة للتضليل والتلاعب بالمعلومات، وقد أصبحت “الأخبار المزيفة” و”الحملات المدعومة” مصدر قلق كبير، حيث يمكن أن تؤثر المعلومات المضللة على الرأي العام وتشوهه.[52]

مقال قد يهمك :   زهير نعيم: جوانب قانونية في التكوين الرياضي

من جهة أخرى، هناك تحديات تواجه هذا التأثير مثل التضليل الإعلامي وانتشار الأخبار الكاذبة، مما يمكن أن يشوه الرأي العام الرقمي ويؤدي إلى اتخاذ قرارات غير مستندة إلى معلومات دقيقة.[53]

ولتقريب الصورة بشكل أوضح، انتشرت شائعات كاذبة حول جائحة كوفيد-19 على وسائل التواصل الاجتماعي سنة 2020، مما تطلب استجابة سريعة من السلطات لنفي هذه الشائعات.[54]

وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الرأي العام الرقمي يمثل جانبا مهما وحيويا في المجتمعات الحديثة لا يمكن نكرانه، فهو يوفر منبرا للأصوات المهمشة التي كانت تعتمد على الوسائل التقليدية للتعبير مما يجعلها محدودة جدا وغير منتشرة ومؤثرة. كما أن الناس أضحوا بإمكانهم المشاركة في النقاشات العمومية والتأثير على صنع القرار، زد على ذلك أن الرأي العام الرقمي يطرح أسئلة مهمة حول طبيعة الديمقراطية والتمثيل السياسي في العصر الرقمي.[55]

المطلب الثاني: ضغط الرأي العام الرقمي بين الانتشار الواسع والتأثير القوي

إذا كانت الآراء تتشكل وتنتشر بسرعة عبر منصات التواصل الاجتماع، فحري بنا التساؤل عن كيفية تكوين الرأي العام الرقمي في المغرب؟ وما هي العوامل التي تساهم في تشكيل آراء الجماهير عبر الأنترنت في هذا الإطار؟ (الفقرة الأولى). ثم إذا كنا نسلم بفرضية التأثير القوي الذي يمكن أن يمارسه الرأي العام الرقمي، يجدر بنا الإجابة على إشكال كيف يمكن أن يؤثر على عملية صنع القرار؟ وكيف تعامل المشرع المغربي مع ضغوط هذا الرأي العام؟ (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تكوين الرأي العام الرقمي في المغرب

يتكون الرأي العام الرقمي في المغرب من خلال التفاعل النشط للأفراد والمستخدمين على منصات وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة، ومع تزايد انتشار الأنترنت وتكنولوجيا الهواتف الذكية، أصبح للمغاربة صوت وقناة قوية يمكنهم من خلالها التعبير عن آرائهم ومشاركة أفكارهم. ليتم تكوين الرأي العام الرقمي في المغرب مستندا إلى هذه المستويات:

1/ انتشار الأنترنت والهواتف الذكية: وفقا لتقرير صادر سنة 2022، يبلغ إجمالي عدد مستخدمي الشبكة في المغرب 26.8 مليون مستخدم، مما يمثل نسبة انتشار الأنترنت بين السكان بحوالي 71%. وعلاوة على ذلك، فإن نسبة انتشار الهواتف الذكية عالية أيضا، حيث يبلغ عدد اشتراكات الهواتف المحمولة في البلاد حوالي 48 مليون اشتراك، على أن كثيرا منها يدعم استخدام البيانات والوصول إلى منصات وسائل التواصل الاجتماعي.[56]

2/ شعبية وسائل التواصل الاجتماعي: فيسبوك: هو منصة من منصات وسائل التواصل الاجتماعي الأكثر شعبية في المغرب. ووفقا لإحصائيات موقع (Statista)، اعتبارا من يناير 2023، كان هناك حوالي 24 مليون مستخدم مغربي نشط على فيسبوك، وهذا يمثل نسبة كبيرة من إجمالي عدد السكان، مما يجعل العالم الأزرق منصة قوية لتشكيل الرأي ونشر الأفكار.[57]

يوتيوب: هو أيضا منصة شائعة في المغرب، مع ما يقدر بنحو 22.5 مليون مستخدم اعتبارا من سنة 2021. وغالبا ما يتم استخدامه لمشاركة مقاطع الفيديو المتعلقة بالقضايا الاجتماعية أو السياسية أو الترفيهية، مما يؤثر على آراء الجمهور بكل تأكيد.[58]

إكس (تويتر سابقا): تأتي منصة إكس في المرتبة الثانية بعد فيسبوك من حيث الشعبية، لأنها تحظى بقاعدة مستخدمين كبيرة في المغرب، حيث يقدر عدد مستخدمي المنصة بنحو 4.5 مليون مغربي نشط، وذلك وفقا لإحصائيات سنة 2023 المقدمة من موقع “ديجيتال”.[59]

إنستغرام: أضحى أيضا تطبيقا مؤثرا، مع ما يقرب من 5.5 مليون مستخدم مغربي وفق سنة 2022.[60] وغالبا ما يستخدم المؤثرون المغاربة والمواطنون العاديون إنستغرام لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو حول مجموعة متنوعة من المواضيع، بما في ذلك القضايا الاجتماعية والسياسية.

بالإضافة إلى ذلك، يتم استخدام منصات أخرى مثل تيك توك ولينكدإن وسناب شات من قبل عدد كبير من المغاربة، مما يوسع نطاق الرأي العام الرقمي.

3/ تأثير جيل الشباب: تشكل هذه الفئة من المغاربة نسبة كبيرة من المستخدمين النشطين على وسائل التواصل الاجتماعي. وانطلاقا من تقرير صادر عن “هيئة مكافحة الجريمة الإلكترونية” في المغرب التي ينظمها القانون رقم 05-53 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعلومات القانونية، فإن حوالي 70% من مستخدمي الأنترنت تقل أعمارهم عن 34 عاما،[61] وهذا يعني أن جيل الشباب هم محركو النقاشات على الأنترنت، والمنخرطون النشطون في القضايا الاجتماعية والسياسية.

4/ دور المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي: يلعب هؤلاء دورا مهما في تشكيل الرأي العام بالمغرب، ويرجع ذلك إلى تمتعهم بعدد كبير من المتابعين والمشتركين، مما يمكنهم من رفع مستوى الوعي حول قضية معينة أو الترويج لرسالة ما. ووفقا لدراسة أجريت سنة 2021، فإن حوالي 60% من المغاربة يثقون في توصيات المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي.[62]

5/ التفاعل مع وسائل الإعلام التقليدية: وهي الوسائل الكلاسيكية كالصحف والقنوات التلفزيونية، التي ما لبثت هي نفسها أن فتحت طريقا لنشاطها الإعلامي عبر التواجد القوي على الأنترنت من خلال إنشاء الصفحات على الشبكات الاجتماعية تكون تابعة لها، حيث يتم مشاركة مقالات الرأي أو التقارير الإخبارية من قبل المستخدمين على وسائل التواصل الاجتماعي، مما يخلق نقاشا عاما أوسع، وبالتالي يشكل رأيا عاما رقميا انطلاقا من وسائل ذات أصل تقليدي.

الفقرة الثانية: حالات استجابة المشرع المغربي لضغط الرأي العام الرقمي

شهد المغرب عدة حالات استجاب فيها المشرع لضغط الرأي العام الرقمي، وهناك عدة أمثلة على هذه الحالات، وفيما يلي بعضها:

1/ حملة “زيرو ميكا” (صفر بلاستيك): أطلقت هذه الحملة على وسائل التواصل الاجتماعي للحد من استخدام الأكياس البلاستيكية، وقد لاقت الحملة دعما واسعا من المواطنين، مما دفع الحكومة إلى سن قانون يحظر استخدام الأكياس البلاستيكية في البلاد اعتبارا من يونيو 2016، خاصة بعد انتشار مقاطع فيديو وصور على وسائل التواصل الاجتماعي توضح تأثير البلاستيك على الحياة البرية والبيئة.

لذلك، استجابت الحكومة المغربية بسرعة لضغط الرأي العام، حيث أصدرت وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي قرارا بحظر إنتاج واستيراد وتصدير الأكياس البلاستيكية ابتداء من يونيو 2016.[63] وقد أدى هذا القرار إلى تغيير جذري في عادات التسوق لدى المغاربة، حيث أصبح استخدام الأكياس القابلة للتحلل أو القابلة لإعادة التدوير أكثر انتشارا.

2/ ملف التحرش الجنسي: بعد انتشار قصص وحوادث التحرش الجنسي على وسائل التواصل الاجتماعي، اضطرت الحكومة إلى تعديل قوانين التحرش الجنسي سنة 2018 لتكون أكثر صرامة وحماية حقوق النساء والفتيات. وقد أثارت حوادث التحرش الجنسي غضبا واسعا بين المواطنين، حيث لاقت حملة (#ماشي_رجولة) دعما كبيرا، مشاركا فيها الآلاف من المستخدمين تجاربهم مع التحرش الجنسي.

وعلى هذا الأساس، استجابت الحكومة المغربية لهذا الضغط من خلال تعديل المادة 501-1 من القانون الجنائي المغربي، والتي أصبحت تنص على عقوبات صارمة ضد مرتكبي جرائم التحرش الجنسي، بما في ذلك السجن والغرامات.[64] كما تم توسيع تعريف التحرش الجنسي ليشمل السلوكيات اللفظية وغير اللفظية، مما يوفر حماية أقوى للضحايا (المادة 501-1 مكرر).

3/ قضية “سوريما”: سنة 2018، انتشر فيديو يظهر شابة تدعى “سوريما” تتحدث عن معاناتها من التحرش الجنسي في العمل، حيث أجج الفيديو استياء بالغا على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع السلطات إلى التحرك بسرعة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة ضد المتهمين.

وعلى إثر مشاركة هاشتاج “#سوريما” آلاف المرات، استجابت السلطات المغربية بسرعة، حيث أعلنت المديرية العامة للأمن الوطني عن فتح تحقيق في القضية.[65] وقد تم اعتقال المتهمين واتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، مما يعكس استجابة المشرع لضغط الرأي العام في مثل هذه القضايا الحساسة.

4/ حملة “المقاطعة”: أطلق الشعب المغربي سنة 2018 حملة مقاطعة للعديد من المنتجات مثل الحليب والماء المعدني والوقود بسبب ارتفاع أسعارها غير المبررة، وقد لاقت تجاوبا كبيرا على وسائل التواصل الاجتماعي، مما دفع بعض الشركات إلى خفض أسعارها كرد فعل على الضغط الشعبي.

وعلى خلفية انتشار هاشتاج “#خليه_يريب” (#خليها_تريب) بشكل واسع، رضخت بعض الشركات لضغط الرأي العام، حيث قامت بخفض أسعارها أو تقديم عروض ترويجية،[66] ولم يتوقف الأمر على الشركات فقط، بل أدى استمرار الحملة إلى مناقشات حول سياسات التسعير والاحتكار في البرلمان المغربي.[67]

5/ التهريب الحدودي: كان للرأي العام الرقمي تأثير على قضايا محددة تتعلق بالسياسة التشريعية، ففي سنة 2019، أدى الغضب العام على وسائل التواصل الاجتماعي على إثر تداول مقطع فيديو لحادث بشأن مقتل “حياة بلقاسم” -وهي مواطنة شابة قتلها جندي أثناء تهريبها للسلع بين المغرب ومدينة مليلية المحتلة- إلى فتح نقاش عام حول مخاطر التهريب الحدودي وظروفه القاسية، مع الدعوة إلى إصلاح قوانين التهريب.

وبالتالي، استجابت الحكومة من خلال مراجعة القوانين المتعلقة بالتهريب الحدودي، شاملة تعزيز الأمن على الحدود، وتوفير بدائل اقتصادية للمهربين، وتحسين ظروف المعيشة لسكان المناطق الحدودية،[68] مع الإعلان عن هذه الإصلاحات المقترحة عبر وسائل التواصل الاجتماعي.[69]

من خلال ما سبق من أمثلة، لاحظنا كيف يمكن للرأي العام الرقمي أن يضغط على المشرعين في المغرب ويدفعهم لاتخاذ إجراءات تتماشى مع مطالب المواطنين.

مقاربة النتائج:

1/ مفهوم الرأي العام الرقمي والسياسة التشريعية:

يشير الرأي العام الرقمي إلى التعبير عن الآراء والمواقف عبر المنصات الرقمية مثل وسائل التواصل الاجتماعي، المنتديات، ومواقع الأخبار. وقد أصبح هذا النوع من الرأي العام قوة مؤثرة بشكل كبير على العملية الديمقراطية وصنع القرار السياسي في المغرب. أما السياسة التشريعية فتعني وضع وتنفيذ القوانين من قبل المشرع، والتي أصبحت تتأثر بشكل متزايد بآراء وتوجهات المواطنين كما تظهر على الأنترنت، مع احتمالية أن يكون هذا الرأي العام موجها كذلك، وليس دائما ما يكون تلقائيا ونابعا من إرادة المستخدمين.

2/ الآليات المستخدمة للتأثير:

يستخدم الرأي العام الرقمي وسائل متعددة للتأثير على السياسة التشريعية، مثل الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي، نشر العرائض الإلكترونية، وتنظيم الحملات التي تهدف إلى الضغط على المشرع من أجل تحقيق تغييرات محددة.

3/ استجابة المشرع:

أصبح المشرع في المغرب يستجيب لضغوط الرأي العام الرقمي بشكل أكبر، وذلك نظرا لقدرة هذا النوع من الرأي العام على إثارة القضايا وتعبئة الجماهير، حيث يظهر هذا بوضوح في تعديل السياسات أو تسريع عمليات التشريع استجابة لمطالب المواطنين الضاغطة على الأنترنت.

4/ الإيجابيات والسلبيات:

يمكن أن نجد من الإيجابيات تعزيز الرأي العام الرقمي للشفافية والمساءلة، حيث يمكن المواطنين من المشاركة الفعالة في العملية الديمقراطية. ومن السلبيات، نرى أنه يمكن أن يكون هذا الرأي العام عرضة للتلاعب والتضليل، مما قد يؤثر على دقة وشرعية المعلومات التي تؤثر على صنع القرار. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي إلى ضغوط غير مبررة على المشرع مما يؤثر على استقرار السياسات.

5/ تحقيق التوازن:

لتحقيق توازن بين الاستجابة لضغوط الرأي العام الرقمي والحفاظ على استقرار السياسات التشريعية، يجب على المشرع تبني نهج متوازن يأخذ في الاعتبار الفوائد والمخاطر المحتملة، ويتطلب هذا الأمر إدارة فعالة للمعلومات، وتعزيز الشفافية، وضمان أن يتم أخذ جميع الآراء والمصالح بجدية ومسؤولية في عملية صنع القرار.

إذن، أصبح الرأي العام الرقمي جزءا لا يتجزأ من العملية السياسية في المغرب، وفتح له المجال في أن يؤثر على التشريعات ومنه تعزيز المشاركة الديمقراطية. لكن وبالموازاة مع ذلك، من الضروري اتخاذ الخطوات اللازمة لإدارة مخاطره وعدم توجيهه إلى ما لا يضمن تحقيق التوازن في صناعة القرار أو صياغة التشريع الملائم.


الهوامش:

[1] الجمعية المغربية للصحافة الرقمية، استطلاع: 62% من المغاربة يتلقون الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعي، سنة 2018، اطلع عليه بتاريخ 12/06/2024، على الساعة 00:04 ليلا: www.ampmaroc.org/2018/06/62.html

[2] كريم بوعزة، تأثير وسائل التواصل الاجتماعي على السياسة في المغرب خلال جائحة كوفيد-19، مجلة الدراسات الإعلامية، العدد 2، المجلد 17، سنة 2020، من ص 120 إلى 135.

[3] أشرف شقرون، الرأي العام الرقمي وقضايا الشفافية في المغرب، مجلة السياسة والمجتمع، العدد 3، المجلد 5، سنة 2021، من ص 189 إلى 205.

[4] دانيال باليتز، مقدمة في الرأي العام، دار روتليدج للنشر، لندن، طبعة 2017.

[5] فان ديجك، لديك هوية واحدة: الاستهداف والمقاومة في شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، مجلة وسائل الإعلام والثقافة والمجتمع، العدد 2، المجلد 35، سنة 2013، ص من 195 إلى 212.

[6] ستيفن جونز، الأنترنت والديمقراطية: أربعة سيناريوهات للساحة العامة الجديدة، مجلة ذا بابليك، العدد 6، المجلد الأول، سنة 1995، ص من 33 إلى 42.

[7] تيم أوريلي، ما هو ويب 2.0: أنماط التصميم ونماذج الأعمال للجيل القادم من البرمجيات، دار أوريلي ميديا للنشر، كاليفورنيا، طبعة 2005.

مقال قد يهمك :   عبد النباوي : لن ندخر جهدا لتكوين قضاة النيابة العامة في القانون الدولي الإنساني

[8] أندرياس كابلان، ومايكل هاينلاين، تحديات وفرص وسائل التواصل الاجتماعي أمام مستخدمي العالم، مجلة آفاق الأعمال، جامعة إنديانا، الولايات المتحدة الأمريكية، العدد الأول، المجلد 53، سنة 2010، ص من 59 إلى 68.

[9] فان ديجك، لديك هوية واحدة: الاستهداف والمقاومة في شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، مرجع سابق، ص 198.

[10] فان ديجك، مجتمع المنصات: القيم العامة في عالم مترابط، مطبعة جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة، طبعة 2018.

[11] أليكسندر كلينجر، ويعقوب سفينسون، وليندساي نوورد، وسائل التواصل الاجتماعي والحركات الاجتماعية: دور الوساطة لوسائل التواصل الاجتماعي في عمليات التنافس الفكري والتعبئة، مجلة المعلومات والاتصالات والمجتمع، روتليدج، لندن، العدد 7، المجلد 21، سنة 2018، ص من 969 إلى 987.

[12] سيث فلاكسمان، وشاؤول جول، وجاستن ماكناهان، فقاعات الترشيح: غرف الصدى، واستهلاك الأخبار عبر الأنترنت، مجلة الربع السنوية للرأي العام، مطبعة جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة، العدد 51، المجلد 80، سنة 2016، ص من 298 إلى 320.

[13] إيلي باريسر، فقاعة الترشيح: ما الذي تخفيه الأنترنت عنك؟ دار بينجوين للنشر، المملكة المتحدة، طبعة 2011.

[14] محمد بلمهدي، الرأي العام الرقمي في المغرب: دراسة في التفاعلات والاتجاهات، مجلة العلوم الاجتماعية، جامعة الكويت، كلية العلوم الاجتماعية، الكويت، العدد 3، المجلد 46، سنة 2019، ص من 28 إلى 40.

[15] جونغ كانج، الرأي العام في العصر الرقمي: مراجعة الأدبيات، مجلة الاتصال، كوريا الجنوبية، العدد 2، المجلد 68، سنة 2018، ص من 317 إلى 338.

انظر أيضا: بيتر لودر، الساحات العامة والرأي العام في عصر التنوع والثقافة الإلكترونية: في الرأي العام والعمل السياسي في روسيا الحديثة، دار روتليدج للنشر، لندن، طبعة 2007.

[16] زينب باباشاريسي، الجماهير العاطفية: المشاعر والتكنولوجيا والسياسة، مطبعة جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة، طبعة 2015.

هيرنان جيل دي زونيغا، وناتالي جونج، وسوزان فالنزويلا، استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للأخبار ورأس المال الاجتماعي للأفراد والمشاركة المدنية، والسياسية، مجلة الاتصال بواسطة الكمبيوتر، الولايات المتحدة، العدد 3، المجلد 17، سنة 2012، ص من 319 إلى 336.

[17] وارن بينيت، وجاي بي مانهايم، تدفق الخطوة الواحدة للاتصال، الأكاديمية الأمريكية للعلوم السياسية والاجتماعية، الولايات المتحدة، العدد الأول، المجلد 608، سنة 2006، ص من 213 إلى 232.

انظر أيضا: ديفيد فرييلون، ما وراء هاشتاج #فيرجسون #بلاكليفسماتر والنضال عبر الأنترنت من أجل العدالة الواقعية في وسائل الإعلام والحركة: كيف تؤثر الجماليات الإعلامية على السياسة، دار روتليدج للنشر، المملكة المتحدة، طبعة 2016.

[18] فان ديجك، لديك هوية واحدة: الاستهداف والمقاومة في شبكات وسائل التواصل الاجتماعي، مرجع سابق، ص 201 وما يليها.

انظر كذلك: أليسون مارويك، ودانا بويد، أنا أغرد بصدق وبشغف: مستخدمو تويتر انهيار السياق والجمهور المتخيل، مجلة وسائل الإعلام الجديدة والمجتمع، الولايات المتحدة، العدد الأول، المجلد 13، سنة 2011، ص من 114 إلى 133.

[19] هيرنان جيل دي زونيغا، وناتالي جونج، وسوزان فالنزويلا، وسائل الإعلام الرقمية والمشاركة السياسية في جميع أنحاء العالم: إعادة تعريف حدود الفجوة الرقمية، مجلة المعلومات والاتصالات والمجتمع، روتليدج، لندن، العدد 7، المجلد 20، سنة 2017، ص من 1029 إلى 1048.

للتوسع أكثر انظر: ماركوس زينوس، وكريستين فوت، بيئة الرأي السياسي لوسائل التواصل الاجتماعي: استكشاف دور تويتر في انتخابات المملكة المتحدة والولايات المتحدة لسنة 2010، مجلة السياسة والأنترنت، المملكة المتحدة، العدد 4، المجلد 3، سنة 2011، ص من 15 إلى 39.

[20] أندرو تشادويك، نظام الإعلام الهجين: السياسة والقوة، مجلة الاتصال السياسي، الولايات المتحدة العدد 3، المجلد 30، سنة 2013، ص من 377 إلى 399.

انظر في ذلك أيضا: ماثيو جراهام، وباريش سوختانكار، هل يمكن لوسائل التواصل الاجتماعي حل مشكلة الوكيل الرئيسي؟ مجلة السياسة العامة، المملكة المتحدة، العدد 3، المجلد 33، سنة 2013، ص من 279 إلى 305.

[21] موسى فينلي، مقدمة حول الإغريق القدماء، دار هاكيت للنشر، إنديانا، الولايات المتحدة، طبعة 1983.

[22] جان جاك روسو، العقد الاجتماعي، كتاب نشر أول مرة سنة 1762، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:20 ليلا:

www.constitution.org/jr/social_contract.htm

جون لوك، مقالان عن الحكومة، نشرت أول مرة سنة 1689، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:22 ليلا:

www.constitution.org/jl/1689.htm

[23] إيريك هوبسباوم، عصر الثورة 1789-1848، دار فنتيج للنشر، لندن، المملكة المتحدة، طبعة 1962.

[24] جون ديفيز، مقدمة مخاصرة عن ماجنا كارتا (الوثيقة العظمى)، مطبعة جامعة أكسفورد، المملكة المتحدة، طبعة 2015.

[25] نوربرتو بوبيو، مستقبل الديمقراطية: دفاع عن قواعد اللعبة، دار بوليتي بر للنشر، كامبريدج، المملكة المتحدة، طبعة 1987.

[26] الجمعية العامة للأمم المتحدة، الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، سنة 1948، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:30 ليلا: www.un.org/en/universal-declaration-human-rights/

[27] جيريمي إسبينج-أندرسون، عوالم الرفاهية الثلاثة، مطبعة جامعة برينستون، نيوجيرسي، الولايات المتحدة، طبعة 1990.

[28] محكمة العدل الدولية، النظام الأساسي لمحكمة العدل الدولية، سنة 1945، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:33 ليلا: www.icj-cij.org/ar/

[29] اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اتفاقيات جنيف لسنة 1949، سنة 1949، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:34 ليلا: www.icrc.org/ar/doc/resources/documents/conv/conv49-ar.htm

[30] منير بيشارا، المغرب تحت حكم الملك الحسن الثاني: تكوين الدولة ومقاومة الاستعمار، دار روتليدج للنشر، المملكة المتحدة، طبعة 2013.

[31] دستور المغرب سنة 1962، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:38 ليلا:

www.wipo.int/edocs/lexdocs/laws/ar/ma/ma013ar.pdf

[32] برنارد فيرميرن، تاريخ المغرب، مطبعة جامعة كامبريدج، المملكة المتحدة، طبعة 2015.

[33] محمد توزي، الانتقال السياسي في المغرب: الديمقراطية والإصلاح في الملكية الدستورية، دار روتليدج للنشر، المملكة المتحدة، طبعة 2015.

[34] برنارد فيرميرن، تاريخ المغرب، مرجع سابق.

[35] القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.04.22، بتاريخ 12 من ذي الحجة 1424، (3 فبراير 2004).

[36] القانون رقم 70.03 بمثابة مدونة الأسرة، مصدر سابق.

[37] هيئة الإنصاف والمصالحة، تقرير الهيئة سنة 2006، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:44 ليلا:

www.justice.gov.ma/sites/default/files/ier_final_report_en.pdf

[38] البنك الدولي، لمحة عن المغرب، سنة 2018، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:45 ليلا:

www.worldbank.org/ar/country/morocco/overview

[39] البرلمان المغربي، قائمة القوانين الحديثة، سنة 2018، اطلع عليه بتاريخ 11/06/2024، على الساعة 23:46 ليلا:

www.parlement.ma/Pages/default.aspx

[40] القانون رقم 08-09 المتعلق بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-09-15، بتاريخ 18 فبراير 2009، الجريدة الرسمية عدد 5715، بتاريخ 5 مارس 2009، ص 512.

القانون رقم 04-20 المتعلق بالبطاقة الوطنية للتعريف الإلكترونية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1-22-113، بتاريخ 18 ذي الحجة 1441 (8 غشت 2020)، الجريدة الرسمية عدد 7329، بتاريخ 22 يونيو 2022، ص 5621.

[41] القانون رقم 88.17 المتعلق بإحداث المقاولات بطريقة إلكترونية ومواكبتها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.19.30، بتاريخ 13 جمادى الآخرة 1440 (19 فبراير 2019)، الجريدة الرسمية عدد 6754، بتاريخ 4 مارس 2019، ص 588.

[42] القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.07.129، بتاريخ 19 ذي القعدة 1428 (30 نوفمبر 2007)، الجريدة الرسمية عدد 5584، بتاريخ 6 ديسمبر 2007، ص 3877.

[43] محمد عبد الحميد، أبحاث في العلوم السياسية، فصل: دور السياسة التشريعية في تحقيق التنمية المستدامة، دار النهضة للنشر، القاهرة، طبعة 2015، ص 127 وما يليها.

[44] أحمد الفقي، السياسة التشريعية: المفهوم والأبعاد، مجلة الدراسات القانونية، العدد 2، المجلد 45، سنة 2018، من ص 34 إلى 50.

[45] نادية السيد، التشريع والقانون في عالم متغير، فصل: دور السياسة التشريعية في معالجة القضايا الاجتماعية المعاصرة، دار النهضة العربية، بيروت، طبعة 2019، ص 189 وما يليها.

[46] خالد السعدي، السياسة التشريعية: الفن والعلم في خدمة المجتمع، مجلة الدراسات التشريعية، العدد 2، المجلد 12، سنة 2017، من ص 3 إلى 20.

[47] #خليها_تضوي.. حملة مغربية ضد غلاء فواتير الكهرباء، منشور على العربي الجديد، بتاريخ 26 يناير 2021، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:29 مساء: الرابط هنا 

[48] حملة #ما_تقيش_ولدي تصل إلى البرلمان المغربي، منشور على هسبريس، بتاريخ 23 شتنبر 2019، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:31 مساء: www.hespress.com/societe/446511.html

[49] بعد تسريبه على مواقع التواصل.. الحكومة تنشر مشروع قانون 22.20، منشور على اليوم 24، بتاريخ 16 يونيو 2020، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:33 مساء: www.alyaoum24.com/article/523547.html

[50] وسائل التواصل الاجتماعي تتصدر المشهد في الانتخابات التشريعية المغربية، منشور على المغرب اليوم، بتاريخ 08 شتنبر 2021، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:34 مساء:

www.maghrebvoices.com/a/social-media-takes-center-stage-in-morocco-s-legislative-elections/620455.html

[51] المغرب: احتجاجات الحسيمة تتواصل للأسبوع الساد، منشور على بي بي سي نيوز عربية، بتاريخ 12 يونيو 2017، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:36 مساء: www.bbc.com/arabic/middleeast-40287561

[52] مجموعة مؤلفين، علم الأخبار الكاذبة، مجلة العلوم، واشنطن، العدد 6380، المجلد 359، سنة 2018، من ص 1094 إلى 1096.

[53] يوسف عبد القادر، وسائل التواصل الاجتماعي والرأي العام في المغرب: دراسة في التأثيرات والتحديات، مجلة الدراسات الإعلامية، العدد 2، المجلد 18، سنة 2020، من ص 34 إلى 45.

[54] وزارة الصحة: لا صحة لما يروج حول تسجيل إصابات بفيروس كورونا في المغرب، منشور على القناة الثانية (دوزيم)، بتاريخ 18 مارس 2020، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:45 مساء: الرابط هنا 

[55] أندرو تشادويك، نظام الإعلام الهجين: السياسة والقوة، مجلة الاتصال السياسي، الولايات المتحدة، العدد 3، المجلد 30، سنة 2017، من ص 377 إلى 399.

[56] وكالة التنظيم المغربية، المعروفة اختصارا بـ “AMRA” (بالفرنسية: Agence Marocaine de Régulation)، هي هيئة تنظيمية مستقلة مسؤولة عن تنظيم قطاعات مختلفة في المغرب، بما في ذلك الاتصالات والطاقة والخدمات البريدية. هدفها الرئيس هو ضمان المنافسة العادلة وحماية حقوق المستهلكين وتعزيز الكفاءة في هذه القطاعات. والقانون الرئيس الذي يأطر عمل هذه الوكالة هو القانون رقم 96-24 المتعلق بالبريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، بالإضافة إلى القانون رقم 09-08 المتعلق بحماية البيانات الشخصية، والقانون رقم 15-95 المتعلق بقطاع الطاقة، والقانون رقم 16-126 المتعلق بالخدمات البريدية.

وكالة التنظيم المغربية، تقرير حالة الأنترنت في المغرب، سنة 2022، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:27 ليلا:

www.anrt.ma/publication/rapport-sur-letat-dinternet-au-maroc-2022/

[57] عدد مستخدمي فيسبوك في المغرب، تقرير موقع ستاتيستا، بتاريخ يناير 2023، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:30 ليلا: www.statista.com/statistics/951475/number-of-facebook-users-in-morocco/

[58] استخدام يوتيوب في المغرب، دراسة نشرت من قبل GlobalStats سنة 2021، اطلع عليها بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:33 ليلا: www.globalstats.com/youtube-usage-study-morocco-2021.pdf

[59] إحصائيات استخدام تويتر في المغرب، تقرير نشر من قبل ديجيتال سنة 2023، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:35 ليلا: https://digitalreport.mobile.com/morocco/

[60] استخدام إنستغرام في المغرب، دراسة نشرت من قبل إيماركتر (emarketer) سنة 2022، اطلع عليها بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:37 ليلا: www.emarketer.com/content/instagram-usage-study-morocco-2022

[61] هيئة مكافحة الجريمة الإلكترونية في المغرب، تقرير الهيئة سنة 2023، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:40 ليلا: www.cybercrime-authority.gov.ma/reports/annual-report

[62] ثقة المغاربة في المؤثرين على وسائل التواصل الاجتماعي، دراسة نشرت من قبل معهد أبحاث الرأي العام سنة 2021، اطلع عليها بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 22:52 ليلا:

www.public-opinion-research.org/social-media-influencers-trust-study-morocco

[63] وزارة الصناعة والاستثمار والتجارة والاقتصاد الرقمي، قرار حظر الأكياس البلاستيكية، سنة 2016، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 17:50 مساء: www.mcinet.gov.ma/ar/pages/decision_interdiction_sac_plastique.aspx

[64] المادة 501-1 والمادة 501-1 مكرر، من القانون الجنائي المغربي.

القانون الجنائي المغربي، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.59.413، بتاريخ 26 نوفمبر 1962، الجريدة الرسمية عدد 2640، بتاريخ 5 يونيو 1963، ص 1253.

[65] المديرية العامة للأمن الوطني، بلاغ حول قضية “سوريما”، بتاريخ 18 شتنبر 2018، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 18:05 مساء: www.dgsn.ma/fr/actualites/communiques/2018/09/18/communique-18-09-2018/

[66] حملة المقاطعة في المغرب: خسائر بالملايين و”حرب” على وسائل التواصل، منشور على العربي الجديد، بتاريخ 24 ماي 2018، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 18:08 مساء: الرابط هنا 

[67] اجتماع لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب حول حملة المقاطعة، منشور على يوتوب، بتاريخ 11 يونيو 2018، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 18:08 مساء: www.youtube.com/watch?v=c9Q_hY0Xv-o

[68] مصطفى الخلفي، الحكومة المغربية تستجيب لمخاوف المواطنين بشأن التهريب الحدودي، بيان صحفي سنة 2019، منشور على موقع المغرب، اطلع عليه بتاريخ 13/06/2024، على الساعة 18:20 مساء: الرابط هنا

[69] مصطفى الخلفي، الحكومة المغربية تستجيب لمخاوف المواطنين بشأن التهريب الحدودي، بيان سابق.

error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)