“المساطر المرجعية بين ضمانات المحاكمة العادلة و الحق في المساءلة الجنائية” موضوع ندوة وطنية بكلية الحقوق بطنجة
شهد رحاب كلية الحقوق بطنجة _ الملحقة الأولى _ بتاريخ 3 مارس 2018 على الساعة الثالثة بعد الزوال ندوة وطنية حول موضوع :
“المساطر المرجعية بين ضمانات المحاكمة العادلة و الحق في المساءلة الجنائية وإنزال العقاب”
من تنظيم الفرع الإقليمي للمركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان بطنجة بشراكة مع كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، والمركز المغربي محيط للدراسات والأبحاث وماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية. واستهلت الكلمة الأكاديمية فضيلة الدكتورة سعاد حميدي، رئيسة الفرع الإقليمي للمركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الانسان؛
حيث تولت رئاسة الجلسة الافتتاحية ومن خلالها عبرت عن شكرها للحضور وسعادتها بالتواجد في هذا اللقاء القانوني المتميز رفقة ثلة من الأساتذة الجامعين، والمحامين القضاة وأطر المهن القضائية واعتبرت هذا اللقاء بمثابة مناسبة للانفتاح على الجامعة مع محيطها وتثمين بناء الطلبة الباحثين باعتبارهم القوة المحركة في التغيير وتحقيق التنوير القانوني والحقوقي. وأخذ بعدها الكلمة الدكتور محمد يحيا _ عميد كلية الحقوق بطنجة- والدكتور أحمد قيلش _ رئيس المركز الوطني للمصاحبة القانونية و حقوق الإنسان_ والدكتور هشام بوحوص _ منسق ماستر العلوم الجنائية والدراسات الأمنية_ بالإضافة إلى الدكتورة جميلة لعماري، رئيسة المركز المغربي محيط للدراسات والأبحاث.
وقد شهدت فعاليات اللقاء توقيع اتفاقية شراكة بين المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان وكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة وماستر العلوم الجنائية و الدراسات الأمنية، والمركز المغربي محيط للدراسات والأبحاث؛ حيث عرفت هذه الندوة تكريم الدكتور محمد يحيا، عميد كلية العلوم القانونية.. من طرف المركز الوطني للمصاحبة القانونية وحقوق الإنسان عرفاناً وتقديرا له ولمسيرته العلمية والأكاديمية، باعتباره أيضا أحد أعلام القانون الإداري وطنيا؛ ذلك أنه فتح نافذة علميةً نَيِّرةً بكلية الحقوق في ما هو علمي ومعرفي؛ فالغاية هي دفع الطلبة الباحثين في مجال الدراسات القانونية إلى إنتاج سؤالهم الخاص، وذلك عن طريق الاحتكاك بتجارب قانونية رائدة على مستوى الجامعة المغربية، والبحث الأكاديمي، لهذا قرر المركز تكريم الدكتور محمد يحيا بوصفه قامةً علميةً كبيرة؛ حيث تتصف أبحاثه بجِدَّةٍ ورصانةٍ علمية مشهود بكفاءتها، ليكون حافزا ودافعا قويا لهذه الأجيال على التشبث بقيم الأمل، واستلهام النماذج المشرقة بدل التقوقع على النفس، وإنتاج الخطابات العدمية، ومواصلة الانخراط في الأبحاث الجامعية.
إن موضوع الندوة يثير إشكالات مؤرقة للمنظومة القانونية، ولذلك تجند لهذا الموضوع كل من الدكتورة بهيجة فردوس، أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق فاس وقد تولت رئاسة الجلسة. فيما تمحورت المداخلة الأولى للأستاذ عبد الرحيم فلاح، وكيل الملك بالمحكمة الابتدائية بتطوان حول جرد كرنولوجي لتطور القانون الجنائي منذ ظهوره إلى اليوم. و تطرق أيضا لقرينة البراءة وسلبيات المساطر المرجعية، ثم أشار إلى الدستور المغربي الذي واكب من خلال مضامينه جل الدساتير الدولية، واعتبر القاضي النزيه هو المعول عليه في تدارك العيوب التي تعرفها النصوص القانونية، مع مراعاة روح القانون.و أكد أيضا على أنه يجب تجويد النصوص التشريعية حتى يطبق القانون بشكل سليم.
أما المداخلة الثانية للأستاذ هشام بوحوص، أستاذة التعليم العالي بكلية الحقوق، ومنسق ماستر العلوم الجنائية و الدراسات الأمنية بطنجة فقد تمركزت حول الأساس القانوني والدستوري للمساطر المرجعية مشيرا في الوقت نفسه إلى السلبيات و الإيجابيات التي تعتري هاته المساطر واعتبرها عرفا دأبت عليه الضابطة القضائية وأنها وسيلة فعالة لإلقاء القبض على المجرمين إلا أن عيوبها كامنة في كيفية تطبيقها. ومن بين التوصيات التي وجهها للسيد رئيس النيابة العامة تتجلى في “ترشيد وعقلنة المساطر المرجعية وعدم التسرع في تطبيقاتها” .
وخاضت المداخلة الثالثة للأستاذ أحمد قيلش، أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق، ومنسق ماستر المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية بأكادير في “البعد الحقوقي لممارسة المساطر المرجعية” حيث مزج بين ما هو نظري وواقعي صرف من خلال تجسيد وإعطاء صور متعددة عن سوء استعمال هذه المساطر في حق بعض الأشخاص، وسببها غياب التنسيق بين مختلف الإدارات. ومن الضروري توحيد وجرأة اتخاذ القرارات بالنسبة للعاملين في المجال القضائي. فيما حاولت المداخلة الرابعة للأستاذ شريف الغيام، قاض بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة المزواجة بين ما هو نظري وعملي في المساطر المرجعية التي تستدعي وبشكل إلزامي استعمالها لإيقاف بعض المجرمين المحترفين في ارتكاب أنواع خاصة من الجرائم الخطيرة، التي قد تؤدي إلى المساس بالنظام العام.
وأقرت المداخلة الخامسة للأستاذ مصطفى بونجة، محام بهيئة طنجة وأستاذ زئر بكلية الحقوق بأن مشروع المسطرة الجنائية فاشل من خلال تعديلاته؛ لأنه مستوحى فقط من النموذج الفرنسي الذي لا يرقى بعد إلى المستوى المعهود به؛ لأن المشرع ركز على التحليل الاقتصادي للقاعدة القانونية ( كلفة المعتقل، كلفة السجين..). وأكد أن قرينة البراءة باعتبارها مبدأ دستوريا ومن اختصاص الدستور لا تستدعي التنصيص عليها في المسطرة الجنائية. وذهبت المداخلة السادسة للأستاذ محمد زنون، رئيس مصلحة كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية بأسفي إلى أن المساطر المرجعية تنجم عنها مخاطر عدة. ثم تحدث عن تقييم هذه المساطر في ضوء المحاكمة العادلة.
وقد تميزت هاته الندوة الوطنية بتنوعها المعرفي والمؤسساتي على مستوى المداخلات التي طوقت موضوع الندوة بشكل شمولي رام جميع الإشكالات التي تعتري المساطر المرجعية، الأمر الذي يتيح إمكانات توجيه هاته المساطر نحو الحلول التي من شأنها أن تجعل المنظومة القانونية المغربية منفتحة على مستجدات العصر، وبخاصة على المستوى الحقوقي الكوني مع مراعاة ثوابت الوطن.
وفي الأخير فإن الندوة تتوخى تحقيق أهداف إستراتيجية كبرى تتمثل فيما يلي:
- موقعة المساطر المرجعية ضمن المنظومة القانونية الجنائية الدولية.
- شرعية المساطر المرجعية ومدى انسجامها مع ضمانات المحاكمة العادلة و قرينة البراءة من عدمها.
- مدى انسجام المساطر المرجعية مع متطلبات الأمن القانوني وأسبابه.
- الوقوف عند الإطار الفكري و النظري العام للمساطر المرجعية.