مجلة مغرب القانونالمنبر القانونيالضوابط القانونية في زراعة واستعمال القنب الهندي

الضوابط القانونية في زراعة واستعمال القنب الهندي

  بشرى أكليلح باحثة في العلوم القانونية

يعتبر القانون الجديد رقم 13.21 لتقنين القنب الهندي بالمغرب خطوة تشريعية مهمة في إباحة زراعة مادة دسمة ستعود على الإقتصاد الوطني بالكثير ؛ فهو يعتبر نبات علاجي له تأثير مخدر من جنس كاسيات البذور من عائلة قنبية؛ والقنب الهندي في المغرب هو نبات مخدر محظور منذ استقلال البلاد في عام 1956، لكنه لازال يزرع في بعض المناطق الشمالية للبلاد  كتسامح جزئي للدولة ريثما يتم ايجاد البديل لإشباع الحاجيات المعيشية للمزارعين؛ بالإضافة إلى ذلك فالقنب الهندي او “الحشيش” بالعامية المغربية يشكل جزء كبير من الاقتصاد الوطني مما أدى إلى ظهور جدل كبير  حول تقنينه .

وقد جاء هذا القانون  رقم 13.21 في ظل سياق متسم بإنخراط واسع لمختلف دول العالم في البحث عن السبل الكفيلة من أجل الإستفادة المشروعة من نبتة القنب الهندي، بما يعكس إيجابا على مردوديتها الإقتصادية و كذلك العمل على مقاربة جديدة مبنية على تطوير الزراعة المشروعة لنبتة القنب الهندي وتجاوز كل الاستعمالات الغير المعقلنة واللامشروعة له؛  وانسجاما مع التدرج من المنع الى الترخيص الذي عرفه النظام العالمي لمراقبة المخدرات والذي توج بمصادقة لجنة المخدرات التابعة للأمم المتحدة بتاريخ  03دجنبر 2020 على توصية منظمة الصحة العالمية بإعادة تصنيف هذه النبتة التي أظهرت المستجدات العلمية أنها تتوفر على مزايا طبية وعلاجية، علاوة على الاستعمالات المختلفة المرتبطة بميادين التجميل والصناعة والفلاحة.

وعلى هذا الأساس اعتمدت الدولة المغربية توصيات منظمة الصحة العالمية ، لاسيما تلك المتعلقة بإزالة القنب الهندي من الجدول الرابع للمواد المخدرة ذات الخصائص الشديدة الخطورة والتي ليست لها قيمة علاجية، وجعل القانون 13.21 المرجعية التشريعية القوية التي توضح تجليات الإباحة في زراعته، وتخصيص مجموعة من الأبواب في هذا القانون لتأطير الشرعية الزراعية للقنب في إطار حكامة وترسانة قانونية قوية تجعلها  لا تنحرف عن غاياته الاجتماعية و أهداف النموذح التنموي.

ومن أهم الأهداف التي يسعى اليها هذا القانون؛ تحسين دخل المزارعين وحمايتهم من شبكات التهريب الدولي للمخدرات، وكذلك خلق فرص واعدة وقارة للشغل ومدبرة للدخل، والحد من الإنعكاسات السلبية التي تفرزها إنتشار الزراعات غير المشروعة على الصحة العامة، ثم التقليل من الآثار التخريبيبة على المحيط البيئي[1].

وفي هذا السياق نطرح الإشكال التالي:  الى أي حد إستطاع القانون 13.21 ادماج مزارعي سكان  المناطق الجبلية في الدورة الإقتصادية القانونية والحد من النشاط الإتجاري الغير المشروع في المخدرات؟

ومن أجل الإجابة عن هذا الاشكال المحوري كان من اللازم التطرق الى أهم المواد التي جاء بها هذا القانون خاصة فيما يتعلق بنظام الترخيص لممارسة الانشطة في الاستعمالات المشروعة للقنب الهندي و التأطير النوعي والمجالي في زراعته (المبحث الأول)  ثم التطرق الى شروط الحصول على الرخص وحالات الرفض ( المبحث الثاني ).

المبحث الاول : نظام الترخيص والتأطير النوعي والمجالي في زراعة القنب الهندي

تنوعت تصنيفات المخدرات وأنواعها سواء بحسب التأثير او المصدر او اللون أو طريقة العلاج حيث وجدت مخدرات طبيعية ومخدرات اصطناعية او كيمائية وأخرى  مخدرات منشطة… غير أننا سنحاول التركيز  على مخدر القنب الهندي.

مقال قد يهمك :   إصلاح القطاع العام في ضوء الخطابات الملكية ودستور المملكة وقوانينها

والقنب الهندي هي نبتة من جنس القنب[2]، فهو نبات يشبه النعناع يستخرج من أوراقه مادة المريخوانا ويمكن القول أنه تلك الأطراف المزهرة أو المثمرة من نبتة القنب ،ولا يشمل البذور والأوراق غير المصحوبة بأطراف  التي لم يستخرج الرتينج منها  ، وايا  كان استخدامه حيث يعتبر من المخدرات الطبيعية من الأصل النباتي [3].

وفي إطار القانون 13.21 نجد ان المشرع منع تقديم رخصة زراعة وإنتاج أصناف القنب الهندي التي  تحتوي على نسبة معينة من مادة رباعي هيروكابينول ((THC المخدرة تتجاوز النسبة المحددة بنص تنظيمي[4] ، ويمكن تفسير مسألة تحديد نسبة (THC) الى الدرسات التي أقيمت في مجال الطبي والتجميلي حيث أن كل مجال يحتاج الى نسبة معنية من التخدير في حالة تجاوز تلك النسبة قد يصبح غير صالح للإستعمال الطبي؛ ونبتة القنب الهندي تحتوي على الكثير من المواد الكميائية منها 70% موجودة فقط في نبتة القنب الهندي المعدل جينيا ( المريونا)  ومن بين هذه المواد المهمة يوجد مكونين أساسين CBDو THC  التي تحدث عنها المشرع وهي الجزئية الكميائية المسؤولة على التخدير ، تقوم النبتة بإنشائه عن طريق إحداث تفاعل مواد معينة مع مادة olivetol  حتى تقوم النبتة بإنتاجه، وكلما كانت النسبة مرتفعة بالنبتة وإلا كانت نسبة التخدير سريعة وفعالة ، خاصة في المجال الطبي والصيدلي  حيث يستعمل فيها لتخميد الألم لدى المصابين بالأمراض المؤلمة والحادة.

وفي ضوء ما جاء به قانون 13.21 فإن المشرع المغربي قيد  ممارسة الأنشطة التي لها علاقة بالقنب الهندي بالحصول على رخصة تسلمها الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي؛ هذه الوكالة تتميز بالشخصية المعنوية  والإستقلال المالي تخضع لوصاية الدولة.[5] مهامها تنفيذ استراتيجية الدولة في مجال زراعة القنب الهندي وإنتاجه وتصنيعه وتحويله وتسويقه وتصديره واستيراد منتجاته لأغراض طبية وصيدلية وصناعية.[6]

وهذه الوكالة حدد المشرع لها مجموعة من الأنشطة التي يمكن أن تمنح بشأنها الرخص للمزارع بعد صدور المرسوم الذي سيحدد المجالات الجغرافية لزراعة القنب ، وهذه الأنشطة جاءت على سبيل الحصر كالتالي:

  1. زراعة وإنتاج القنب الهندي
  2. إنشاء واستغلال مشاتل القنب الهندي
  3. تصدير بذور وشتائل القنب الهندي
  4. استيراد بذور وشتائل القنب الهندي
  5. تحويل وتصنيع القنب الهندي
  6. نقل القنب الهندي ومنتجاته
  7. تسويق القنب الهندي ومنتجاته
  8. استيراد القنب الهندي

غير أن التساؤل المطروح هل ستحتفظ الدولة بنفس الأقاليم التي كان يزرع فيها القنب الهندي سابقا ؟ وعلى أي أساس سيتم إنتقاء الأراضي القابلة لزراعة القنب الهندي؟، علما أن مناطق الشمال كانت ترتكز فيها زراعة القنب الهندي نحو 20 ألف كلم متر مربع وهي تتوزع على خمسة أقاليم وتخترقها من الشرق الى الغرب عبر سلسلة جبال الريف.

كذلك المشرع في المادة 5 من القانون 13.21 منع تقديم رخصة زراعة وإنتاج القنب الهندي إلا في حدود الكميات الضرورية لتلبية حاجيات  أنشطة إنتاج مواد لأغراض طبية وصيدلية وصناعية ، الأمر الذي يجعلنا نتسأل عن مصير الفلاحين في حالة حصر زراعة القنب الهندي بكميات ضئيلة  ،قد لا تسد حاجباتهم الاقتصادية، مقارنة بالوضعية التي سبقت تطبيق القانون ، وبالتالي يجب البحث عن حلول شمولية عما ستؤول اليه الأمور بعد التقليل من الانتاجية أو تحديد نسبة ضعيفة من أجل إستعمالها في المجال الطبي والصيدلي ، فهنا يجب التفكير في  التعويضات التي ستقدم لهم لسد رمق عيشهم لأن هزالة قلة الانتاج يستتبعها كذلك هزالة مبالغ البيع للتعاونيات وهنا سيجد الفلاح نفسه مضطر الى العودة لزراعة الغير المقننة والبيع للمهربين من جديد بأقل الأضرار الممكنة .

مقال قد يهمك :   قراءة في المرسوم بقانون 2.20.406 المتعلق بتمديد حالة الطوارئ الصحية بالمغرب

كما تم اشتراط بلوغ سن الرشد القانوني والسكن بأحد الدواوير المكونة لأحد الأقاليم المشار إليها في المادة 4 ، ومالكا للقطعة الأرضية اللازمة لهذا الغرض أو حاصلا على إذن من المالك لزراعة القنب الهندي بالقطعة المذكورة، او على شهادة مسلمة من لدن السلطة الإدارية المحلية تثبت إستغلاله لهذه القطعة،  ويسلم المحصول بأكمله الى التعاونيات مقابل الثمن المحدد في عقد البيع[7]،كما أن التعاونيات تبرم مع الشركات أو الأشخاص الإعتباريين الآخرين المرخص لهم للقيام بتصنيع وتحويل أو تصدير القنب الهندي ومنتجاته وتلتزم معهم  بموجب عقد بتفويت المحصول المسلم لها من قبل المزارعين والمنتجين إلى الهيئات المذكورة [8].

و لكن باستقرائنا للمادة 11 من القانون 21.13 نجد المشرع أعطى صلاحية للوكالة من اجل القيام بتسليم محاصيل القنب الهندي مباشرة الى الشركات أو الأشخاص الإعتباريين الأخرين المرخص لهم للقيام بتحويل وتصنيع او تصدير القنب الهندي ومنتجاته، وفق الكيفيات المحددة في الفقرة الثانية من المادة 10 ،اذا تبين لها لاسيما من خلال نظام المراقبة أن شروط التسليم المباشر الأمين لهذه المحاصيل من التعاونيات الى المهيئات المذكورة غير مستوفاة.

نلاحظ أن المشرع من خلال هذه المادة وضع آلية رقابة على التعاونيات التي تشتري المحصول من المزارعين وقبل بيعه وتسلميه الى الشركات والمصانع المخصصة لذلك، يتم حضور لجنة خاصة يعهد إليها مهمة الرقابة على عملية البيع والتسليم وقبل ذلك مراقبة المحصول لمدى مطابقته للشروط المطلوبة، غير أن  ما يعاب على هذه المسألة أن المحصول أولا سيتم بيعه على مرحلتين قبل أن يصل الى الشركات المعنية بإقتنائه من التعاونيات، وبالتالي بما أنه هناك إمكانية أخذ المنتوج من طرف الوكالة الوطنية لتقنين الأنشطة المتعلقة بالقنب الهندي وبيعه وتسليمه مباشرة للشركات المعنية حسب المادة 11 ، فمادور هذه التعاونيات اذا لم تكن لها الصلاحية القانونية في بيع وتسليم المنتوج وفق ظروف قانونية بعيدة عن تدخل جهات اخرى . 

المبحث الثاني : شروط الحصول على الرخص وحالات الرفض

نصت المادة 24 من  ق 13.21 ” مع مراعاة التشريع المتعلق بتبسيط المساطر والاجراءات الإدارية تقوم الوكالة بدراسة ملف طلب الرخصة وتدعو عند الإقتضاء المعني بالأمر لموافاتها داخل أجل تحدده، لا يقل عن 10 عشرة أيام، بأي وثيقة أو معلومة تراها ضرورية للبت في الطلب المذكور.

بالرغم من كل مقتضى تشريعي مخالف ، يجب على الوكالة البت في الطلب المذكور وتبليغ قرارها إلى طالب الرخصة كتابة، بأي وسيلة تثبت التوصل، داخل أجل (60) يوما من تاريخ توصلها بملف الطلب كاملا ويجب أن يكون قرار الرفض معللا.”

مقال قد يهمك :   قانون مالية 2018 و رهان المقاولات الصغرى و المتوسطة

يتبين أن المشرع وضع الراغب في زراعة القنب الهندي تحت رحمة الوكالة الوطنية لتقنينه ، بدون موافقتها لا يمكن له أن يقوم بأي عمل زراعي والا اعتبر مزارع خارج القانون وربما محصوله الغير المرخص سيعتبر من الممنوعات والمخدرات وسيعاقب بحريمة الاتجار في المخدرات.

كما أن نفس المادة نصت “لا يعتبر عدم جواب الوكالة داخل الأجل المذكور بمثابة ترخيص ،بل يتعين على الوكالة تبليغ قرارها كتابة وفورا لطالب الرخصة مع بيان الأسباب التي حالت دون تبليغه به داخل الأجل السالف الذكر.”

كما يتم رفض طلب الرخصة على الخصوص في الحالات التالية:

اذا تضمن ملف طلب الرخصة وثائق مزورة أو معلومات غير صحيحة.

اذا كان من شأن منح الرخصة أن يؤدي إلى أخطار محدفة بالصحة والبيئو والأمن العمومي خصوصا خطر إستعمال القنب الهندي لنشاط غير مشروع

إذا ثبت عدم تقيد طالب الرخصة بصفة متكررة بالشروط المنصوص عليها في القانون برسم الرخص التي سبق أن منحت له من لدن الوكالة.

وتحدد مدة صلاحية كل رخصة في 10 عشر سنوات قابلة للتجديد.

ويجب أن يستوفي طلب تجديد الرخصة نفس الشروط المطلوبة لمنح الرخص موضوع طلب التجديد.

خاتمة

خلاصة القول، نقول بأنه اتضح أن هذا القانون يحمل أهمية كبيرة لتحقيق التنمية المستدامة بالمناطق التي تعرف زراعة هذه النبتة، وتفعيل وتنزيل هذا القانون على ارض الواقع أصبح ضرورة ملحة خاصة وأنه سيسعى إلى إيجاد طرق مشروعة قانونية للإستفادة من نبتة القنب الهندي صناعيا طبيا وتحويليا وجلب الإستثمارات وتوفير فرص الشغل وقطع الطريق أمام الممارسات غير المشروعة لتحقيق التنميةالشاملة والمستدامة المنشودة .


المراجع المعتمدة

  • ظهير شريف رقم 1.21.59 صادر في ذي الحجة ( 14 يوليوز 2021 بتنفيذ القانون رقم 13.21 المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي
  • مجلة العلوم القانونية والسياسية، العدد 01 صادرة ابريل 2020 الجزائر
  • تقرير حول مشروع قانون 13.21 – البرلمان – مجلس المستشارين لجنة الداخلية الجماعات الترابية والبنيات الأساسية دورة أبريلة2021

[1] – تقرير حول مشروع قانون  13.21 – البرلمان – مجلس المستشارين لجنة الداخلية والجماعات الترابية والبنيات الأساسية   ص 8 ، دورة ابريل 2021

[2] ظهير شريف رقم 1.21.59 صادر في 3 ذي الحجة ( 14 يوليوز 2021  بتنفيذ القانون رقم 13.21  المتعلق بالاستعمالات المشروعة للقنب الهندي

[3] مجلة العلوم القانونية والسباسية المجلة 11 العدد 01  ص 382 أبريل   2020  الجزائر

  [4] المادة   2 من القانون 13.21 .   مرجع سابق  ص: 1

[5]  المادة 33  من القانون 13.21

[6]     المادة  32  من القانون 13.21

[7]   المادة  7 من القانون 13.21

[8]    المادة 10  من القانون 13.21

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]