مجلة مغرب القانونالمنبر القانونيالصعوبات المحاسبية عند تقييم الشركات موضوع الاندماج

الصعوبات المحاسبية عند تقييم الشركات موضوع الاندماج

عبد القادر صديقي طالب باحث بماستر قانون العقود والأعمال الكلية المتعددة التخصصات – الناظور

الصعوبات المحاسبية عندتقييم الشركات موضوع الاندماج

Difficultés comptables lors de l’évaluation des sociétés soumises à une fusion

مقدمة:

إن تحديد أسس ومناهج تقييم الشركات يعتبر من أصعب الأمور في عملية الاندماج[1] حيث يجب تحديد وزن كل شركة مما يتطلب تقييمها جيداً حتى يتم التوصل إلى قيمة تعبر فعلاً عن الحقيقة الاقتصادية للشركة[2]، وكذا يجب اختيار أفضل طرق التقييم المناسبة لظروف كل شركة على حدة وطبيعة الأصول والخصوم المنتقلة من الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة[3].

وعلى أساس ذلك فقد عمل الفقه ومع رجال الاقتصاد على وضع وسائل وأسس لتقييم الشركات من أجل تذليل الصعوبات التي تعترض التقييم، كما أن الهدف الأساسي من القيام بهذا الأخير هو الوصول إلى نسبة تبادل عادلة للأسهم، ومن المشاكل المحاسبية التي قد تعترض عملية التقييم والتي من شأنها أن تفضي إلى إفشال عملية الاندماج تتمثل أساساً في الاختلاف والتباين بين القيمة الاسمية للأسهم وقيمتها الحقيقية، بالإضافة إلى وجود مساهمات تملكها كل شركة موضوع الاندماج في الشركة الأخرى.

فما هي الصعوبات المحاسبية التي تعترض تقييم الشركات موضوع الاندماج؟ وقبل ذلك ما هي الأسس المعتمدة لتقييم هذه الأخيرة؟ وما الهدف الذي يرجى من هذا التقييم؟ وكيف يمكن تجاوز المشاكل المترتبة عن تباين القيمتين الإسمية والحقيقية للأسهم في الشركات موضوع الاندماج؟ وكيف يمكن التعامل مع حالة امتلاك الشركة الدامجة لأسهم في الشركة المندمجة؟

للإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها يمكن معالجة الموضوع من خلال التصميم الآتي؛

  • المطلب الأول؛ أسس التقييم وتحديد نسبة تبادل الأسهم في الشركات موضوع الاندماج
  • المطلب الثاني؛ الصعوبات المتعلقة بتباين قيمة الأسهم ووجود مساهمات متبادلة

المطلب الأول؛ أسس التقييم وتحديد نسبة تبادل الأسهم في الشركات موضوع الاندماج

سيتم التطرق في هذا الإطار إلى الوسائل والأسس المعتمدة لتقييم الشركات الراغبة في الاندماج (الفقرة الأولى)، وذلك من أجل الوصول إلى الهدف الأساسي لهذا التقييم والمتمثل في تحديد نسبة تبادل الأسهم بين الشركات موضوع الاندماج (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: أسس تقييم الشركات الراغبة في الاندماج.

لم يحدد المشرع المغربي الطرق والإجراءات اللازمة للقيام بعملية التقييم، وإنما تطلب فقط أن يتضمن التقرير الذي يعده مجلس الإدارة ومجلس الإدارة الجماعية الإشارة إلى طرق التقييم المعتمدة التي يجب أن تكون مطابقة بالنسبة للشركات المعنية، وكذا التطرق إلى الصعوبات الخاصة بالتقييم[4].

إلا أنه وحسب المذكرة التفسيرية المتعلقة بقانون الضريبة على الشركات، فقد استلزمت أن يكون تقييم الشركات الراغبة في الاندماج شمولياً، بحيث يشترط في عملية التقييم ألا ترِد على كل عنصر من عناصر أصول الشركة بصورة منفردة، بل لا بد أن يشمل التقييم الشركة بمجموع أصولها وخصومها ككل[5].

وقد عمل بعض الفقه على تحديد ووضع أسس للتقييم بشكل يجعله يؤدي إلى نتائج عادلة وحقيقية، كما هو الشأن بالنسبة للأستاذ Michell الذي اقترح تقييم الشركة بناء على القيمة المحاسبية وقيمة الرسملة، أما الأستاذ Retail فقد أضاف إليها القيمة الناتجة عن التصفية والقيمة السوقية بالبورصة[6]. ومن جهة أخرى فقد عملت المذكرة التفسيرية المشار إليها أعلاه على تحديد الأسس المعتمدة في تقييم الشركات. والتي تتجلى فيما يلي:

  • القيمة المحاسبية الصافية: ويقصد بها طبقاً للفقرة التاسعة من المادة 14 من قانون 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها[7]، إما قيمتها في تاريخ دخولها للمنشأة، أو قيمتها صافية من الاستهلاكات إذا كانت قيمتها الحالية تفوقها أو تساويها وإما قيمتها الحالية إذا كانت هذه القيمة تقل عن قيمة دخولها للمنشأة أو قيمتها صافية من الاستهلاكات.
  • القيمة الناتجة عن التصفية: وتتحدد بقيمة موجودات الشركة بعد خصم كافة المصاريف والتكاليف والضرائب.
  • القيمة الإيرادية: ويتم احتسابها بالنظر لما تذره الأسهم أو الأنصبة من عوائد وأرباح.
  • القيمة بالبورصة: وتحتسب بالنظر إلى متوسط أسعار الأسهم ببورصة القيم خلال فترة معينة، وفي الحالة التي لا تكون أسهم الشركة المعنية مسعرة ببورصة القيم، فيمكن الاعتداد في هذا الشأن بالشركات المماثلة لها من حيث الحجم والنشاط التي تكون أسهمها مسعرة بالبورصة.

وفي غالب الأحيان، وأثناء عملية التقييم لا يتم الاكتفاء باعتماد قيمة واحدة، بل يتم الجمع بين العديد من أنواع القيم للحصول على قيمة “نموذجية”، وذلك بغية التوصل إلى تقييم عادل وحقيقي للشركة ضماناً لحقوق الشركاء أو المساهمين[8].

ويمكن حساب القيمة النموذجية من خلال الشكل الآتي[9]:

وبعد تحديد معايير وأسس تقييم الشركات الراغبة في الاندماج، فإن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار؛ هل يمكن للمساهمين المنازعة في عملية التقييم؟ وبالتالي هل يمكن للقاضي مراقبة مدى ملاءمة تطبيق معايير التقييم؟

إذا كانت عملية التقييم تتم في المرحلة التمهيدية للاندماج وهي مرحلة تتم فيها المفاوضات بنوع من السرية، فإن معايير التقييم وعملية التقييم ذاتها لا يتم الوقوف عليها من طرف المساهمين إلا بعد إعلامهم بمشروع الاندماج أو لربما بعد دعوتهم لانعقاد الجمعية العامة غير العادية للتداول والمصادقة عليه، لذلك فإن من حق المساهمين اللجوء إلى القضاء للمنازعة في شأن عملية التقييم إذا بدا لهم أنها معيبة. وقد صدر في هذا الإطار الأمر الاستعجالي الصادر عن قاضي المستعجلات بالمحكمة التجارية بالدار البيضاء والذي جاء فيه أن “… التقرير المذكور ليست له قوة إلزامية وقابل للنقاش والمنازعة فيه ولا يمكن أن يقدم كأساس لتحديد قيمة الأسهم المتبادلة، … – فقضى ب – تأجيل الجمع العام الاستثنائي…”[10].

ولضمان نجاح عملية التقييم هاته، لا بد أن تتمخض عن تحديد نسبة تبادل عادلة بين أسهم أو أنصبة الشركة الدامجة وتلك الخاصة بالشركة المندمجة.

الفقرة الثانية: تحديد نسبة تبادل الأسهم أو الحصص

تقتضي عملية الاندماج أن يكتسب شركاء الشركة المندمجة صفة شركاء في الشركة الدامجة، وذلك طبقاً لما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 224 من قانون 17.95 حيث جاء فيها: ” يترتب عن العملية اكتساب الشركاء في الشركات المنتهية أو المنفصلة لصفة شركاء في الشركة المستفيدة وذلك وفق الشروط المحددة في عقد الإدماج أو الانفصال”. وهذا ما يستلزم تعويض الشركاء أو المساهمون في الشركة المضمومة عن حقوقهم، وحصولهم مقابل ذلك على أسهم في الشركة الضامة للحفاظ على صفتهم كمساهمين أو شركاء بعد الاندماج.

مقال قد يهمك :   محمد براو: في العلاقة بين الديموقراطية والحكامة والتنمية

واحتمالاً للاختلاف الذي قد تعرفه قيمة كل من الشركتين المندمجتين، لا بد من إيجاد أساس حسابي، تتم بمقتضاه عملية مبادلة حقوق الشركاء في كل من الشركتين، وهذا الأساس هو ما يسمى بنسبة التبادل[11].

ويقصد بنسبة التبادل النسبة أو القسط الذي على أساسه يتحدد عدد الأسهم أو الأنصبة، التي تمنحها الشركة الدامجة أو المستفيدة لشركاء أو مساهمي الشركة المندمجة[12]، وبتعبير آخر “مقدار ما يساويه سهم الشركة المندمجة بالنسبة لسهم الشركة الدامجة”[13].

ويتم تحديد نسبة تبادل الأسهم عبر مرحلتين؛ الأولى يتم فيها تحديد قيمة أسهم كل شركة من الشركتين المندمجتين عبر قسمة القيمة الإجمالية للشركة على عدد الأسهم المكونة لها، أما المرحلة الثانية فتتم فيها المقارنة بين قيمة أسهم الشركة المندمجة وأسهم الشركة الدامجة، وبهذه المقارنة تتضح نسبة التبادل[14].

ولتوضيح الصورة أكثر نورد المثال التالي؛ لنفترض أن شركة (أ) قدرت قيمة السهم الواحد بها بقيمة 150 درهم، فوقع ضمها من طرف شركة أخرى (ب) قدرت قيمة السهم الواحد بها بقيمة 300 درهم، فبمقارنة قيمة سهم الشركة الدامجة (ب) بقيمة سهم الشركة المندمجة (أ)، يتبينأن نسبة التبادل تكون كما يلي:  وبالتالي فمن الواضح أن كل سهمين من أسهم الشركة المندمجة (أ) سيقع استبداله بسهم واحد من أسهم الشركة الدامجة (ب).

وإذا كان حاصل العلاقة بين القيمة الحقيقية لكل من سهم الشركة الدامجة وسهم الشركة المندمجة يعتبر عدداً صحيحاً يخلو من الكسور، فإن عملية المقارنة قد لا تكون بهذه السهولة والبساطة، فقد يكون الفرق بين قيمة أسهم كل من الشركتين شاسعاً جداً ويتضمن بعض الكسور، مما تنتج عنه صعوبة في تحديد نسبة التبادل[15]، هذا بالإضافة إلى الاصطدام بمبدأ عدم قابلية السهم للتجزئة[16].

ولحل هذه الصعوبة اقترح بعض الفقه احتساب نسبة التبادل اعتماداً على قاعدة المضاعف المشترك الأصغر[17]، أي اختيار أقرب وأنسب عدد من قيمة أسهم الشركة المندمجة، للتوصل إلى نسبة تبادل خالية من الكسور[18].

ولتقريب الصورة يسوق الأستاذ Retail مثالاً تطبيقياً لتوضيح هذه الحالة[19]:

لنفترض أن القيمة الحقيقية لسهم الشركة الدامجة هي 1150 فرنكاً، وقيمة سهم الشركة المندمجة هي 700 فرنك. تكون نسبة التبادل هي  بمعنى أن السهم الواحد في الشركة الدامجة يتم استبداله ب 1,64 سهم من أسهم الشركة المندمجة.

عدد أسهم الشركة الدامجة مقابل السهم في الشركة المندمجة النتيجة بعد تقريب كسور الأسهم
1

2

3

4

1,64

3,28

4,92

6,65

2

3

5

7

ومن أجل إعطائه أقرب وأنسب عدد ممكن، يتم تقريبه إلى عدد صحيح من أسهم الشركة الدامجة، ويمثل لذلك بالجدول التالي:

يتضح من الجدول أعلاه أن أقرب عدد نسبي (4,92) إلى العدد الصحيح المقابل له هو العدد 5، بحيث أن الفرق بينهما يسير يتحدد فقط في .وعلى هذا الأساس تصير نسبة تبادل الأسهم هي 5 أسهم للشركة المندمجة مقابل 3 أسهم للشركة الدامجة.

غير أن هذا الحل[20] الذي تم اقترحه الأستاذ Retail هو مجرد حل رياضي من شأنه أن يخفض من تعقيد احتساب نسبة التبادل ليس إلا. ولذلك يبقى على كل مساهم إما شراء عدد الأسهم اللازمة للحصول على عدد تام أو أن يبيع الأسهم التي بقيت دون تعويض[21]،[22].

وتجب الإشارة إلى أن المشرع المغربي اعتمد هذا الحل في إطار تنظيمه لاندماجات شركات الاستثمار ذات رأسمال المتغير[23].

المطلب الثاني؛ الصعوبات المتعلقة بتباين قيمة الأسهم ووجود مساهمات متبادلة

من بين الصعوبات المحاسبية التي تواجه تقييم الشركات موضوع الاندماج نجد كل من حالة اختلاف والتباين الذي قد يكون بين القيمة الحقيقية والقيمة الاسمية للشركات موضوع الاندماج (الفقرة الأولى)، ثم حالة وجود مساهمات لإحدى الشركات موضوع الاندماج في الأخرى (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: التباين بين القيمة الحقيقية والقيمة الاسمية للأسهم:

من الصعوبات التي تطرح على صعيد العمل الواقعي، بعض الحالات التي تتباين فيها القيمة الحقيقية والقيمة الاسمية للأسهم؛ فإما أن الأولى أعلى من الثانية أو العكس.

أولاً: القيمة الحقيقة أعلى من القيمة الاسمية

إن انتقال حقوق المساهمين في الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة واكتسابهم لصفتهم تلك في هذه الأخيرة من شأنه أن يلحق ضرراً على المساهمين أو الشركاء في هذه الشركة، وذلك في حالة عدم الأخذ بعين الاعتبار القيمة الحقيقة لأسهمها عند تفعيل عملية الاندماج. فيعطي لمساهمي الشركة المندمجة نفس الحقوق المقررة لشركاء الشركة الدامجة، إذ أن مركز الشريك الجديد ليس كمركز الشريك القديم بالنسبة للشركة، لأن هذا الأخير قد ساهم بأمواله من قبل في قيام الشركة واستمرارها وتأسيس رأسمالها، ومع دخول الشريك الجديد بنفس حقوق الشريك القديم يقع الضرر وتنعدم المساواة بينهما[24].

ولمعالجة هذا الخلل وتحقيقاً للمساواة بين الشركاء، يتم تخفيض جزء من الأصول الصافية للشركة المندمجة، لا يدخل في الزيادة في رأس المال، وإنما يسجل في البيان الختامي للشركة الدامجة ضمن الاحتياطي، ويكون للشركاء القدامى والجدد نفس الحقوق، وهذا ما يسمى ب “علاوة الاندماج”[25].

وتتمثل هذه الأخيرة فيالفرق بين القيمة الصافية للأموال المقدمة من طرف الشركة المندمجة، وبين القيمة الاسمية التي تصدرها الشركة الدامجة لتعويض تلك الأموال.

وللتوضيح أكثر نورد المثال التطبيقي التالي[26]:

  • المعطيات: لنفترض أن؛
  • الشركة الدامجة (أ): رأسمالها 900,000 درهم، عدد أسهمها 900  سهم، القيمة الاسمية للسهم 1000  درهم، القيمة الإجمالية للشركة  1,800,000 درهم، القيمة الحقيقية للسهم 2000 درهم.
  • الشركة المندمجة (ب): رأسمالها 600,000 درهم، عدد أسهمها 600 سهم، القيمة الاسمية للسهم 1000 درهم، القيمة الإجمالية للشركة 900,000 درهم.
  • طريقة الاحتساب:

يجب أولاً معرفة عدد الأسهم الجديدة الواجب إصدارها من طرف الشركة الدامجة، والتي تساوي:

بعد ذلك يتم احتساب القيمة الاسمية للأسهم الجديدة فتكون النتيجة كما يلي:

(عدد الأسهم الجديدة) × (القيمة الاسمية للسهم) =450 × 1000 = 450,000

وبذلك يتم احتساب علاوة الاندماج على الشكل التالي:

علاوة الاندماج = (قيمة الحصة العينية المقدمة من طرف الشركة (ب) – القيمة الاسمية للأسهم الجديدة.

مقال قد يهمك :   مستقبل زراعة الكيف وعلاقته بالتنمية المجالية

علاوة الاندماج = 900,000 450,000 =  450,000 درهم.

وبناء على ما سبق تقوم الشركة (أ) بزيادة رأسمالها بمبلغ إجمالي قدره 450,000 درهم وتضم علاوة الاندماج أي مبلغ 450,000 درهم إلى الاحتياطي.

ثانياً: القيمة الإسمية أعلى من القيمة الحقيقية

نادراً ما تكون القيمة الاسمية أعلى من القيمة الحقيقية، وفي هذه الحالة لا مجال للحديث عن علاوة الاندماج، كما لا يمكن للشركة الدامجة أن تصدر أسهماً جديدة تقل قيمتها عن القيمة الاسمية[27].

ومع غياب حل تشريعي لهذه المشكلة أفرزت الممارسة بعض الحلول العملية، من ذلك تغيير وجهة عملية الاندماج لتصبح الشركة الدامجة شركة مندمجة، وتصبح الشركة المندمجة دامجة، أو من خلال الاعتماد على حل آخر وهو قيام الشركة الدامجة قبل دخولها في عملية الاندماج بتخفيض رأسمالها على الأقل إلى الحدود التي ستجعل القيمة الحقيقية لأسهم الشركة المندمجة مساوياً لقيمتها الاسمية، أو تمنح مساهمي الشركة المندمجة أسهماً ذات امتياز لتعويضهم عن الخسارة التي لحقت بهم[28].

الفقرة الثانية: الصعوبات المرتبطة بوجود مساهمات لإحدى الشركتين في الأخرى

يحصل أحياناً أن يكون لإحدى الشركتين الراغبتين في الاندماج مساهمة في رأس مال الشركة الأخرى، وبذلك قد تكون الشركة المندمجة تملك مساهمة في الشركة الدامجة، وقد يكون العكس، أي أن الشركة الدامجة تملك أسهما في الشركة المندمجة.

أولاً: مساهمة الشركة المندمجة في رأسمال الشركة الدامجة

في هذه الحالة يترتب عن الاندماج، انتقال الذمة المالية للشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة، فتصبح هذه الشركة حائزة لنفس الأسهم التي كانت في ملكية الشركة المندمجة قبل عملية الاندماج، الأمر الذي يقتضي إلغاؤها.

وفي غياب نص تشريعي صريح، يمكن الاستئناس بالمادة 279 من قانون 17.95 التي وإن كانت تسمح للشركة أن تمتلك نسبة %10 من أسهمها في ظل قانون 17.95، فإن التعديل الذي طرأ على هذا الأخير سنة 2015 بمقتضى قانون 78.12  أكد على أنه لا يمكن للشركة أن تمتلك بصورة مباشرة أو بواسطة شخص يتصرف لحسابها باسمه الخاص، أكثر من نسبة من رأس المال محدد بمقتضى نص تنظيمي. والمادة 280 تؤكد كذلك على أن الشركة لا يمكنها أن تشتري أسهمها إلا إذا كان الهدف من ذلك هو إلغاؤها من أجل تخفيض الرأسمال.

إلا أن هذه الحلول تبقى جزئية وغير قادرة على استيعاب المشكل ككل.

وقد تم نهج مجموعة من الحلول من الناحية العملية والتي تتجلى في؛ القيام بتفويت تلك الأسهم إلى أحد الأغيار، أو أن تقوم الشركة المندمجة بتقسيم أسهمها التي تمتلكها في الشركة الدامجة على مساهميها بمعزل عن عملية الاندماج. إلا أن هذه الحلول بدورها لا تخلو من مشاكل، فبالنسبة للأول قد يصعب إيجاد من يقتني هذه الأسهم بالإضافة إلى أنه قد يحمل في طياته خطر دخول مساهم قوي يزعزع التوازن القائم بين باقي المساهمين، أما بالنسبة للحل الثاني التكاليف الجبائية قد تكون مرهقة في هذه الحالة[29].

ويبقى الحل الوحيد لهذه الحالة يتمثل في انتقال الذمة المالية من الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة بما فيها الجزء أو المقدار الذي تملكه الشركة الأولى في الثانية، وبعد ذلك تسلك الشركة الدامجة مسطرة تخفيض نسبة من رأسمالها، تساوي القيمة الاسمية للجزء الذي كانت تمتلكه الشركة المندمجة، وعن طريق ذلك يتم إلغاء الأسهم أو الأنصبة التي تمثل هذا الجزء في رأسمال الشركة الدامجة، ولا بد من إدراج الفرق بين القيمة الاسمية والقيمة الحقيقية لهذه الأسهم أو الأنصبة ضمن مبلغ علاوة الاندماج[30].

ثانياً: مساهمة الشركة الدامجة في رأسمال الشركة المندمجة

تتحقق هذه الحالة عندما تكون الشركة الدامجة مالكة لجزء من رأسمال الشركة المندمجة، ولذلك فإنه من غير المقبول أن تصدر لهذا الجزء أسهماً جديدة، وإلا أصبح مقدار الجزء صورياً، وتقوم هذه الحالة غالباً عندما تقوم الشركة الأم بدمج شركة تابعة لها.

وعليه، يتم استبدال الأسهم دون اعتبار مساهمة الشركة الدامجة، وذلك باتباع حلين[31] أفرزتهما التجربة العملية، ويتمثلان في الاندماج عن طريق التنازل، والاندماج عن طريق التقسيم؛

أ.الاندماج عن طريق التنازل.Fusion-renonciation

تتم هذه الطريقة من خلال تنازل الشركة الدامجة عن مساهمتها في الشركة المندمجة، وهي بذلك – أي الشركة الدامجة – تلغي إصدار بعض الأسهم مقابل نصيبها في موجودات الشركة المندمجة، وتكتفي بإصدار عدد من الأسهم مقابل أنصبة باقي المساهمين في هذه الموجودات[32].

ب.الاندماج عن طريق التقسيم. Fusion-allotissement

تقوم هذه الطريقة على تقسيم موجودات الشركة المندمجة في مرحلة أولى، لتحصل الشركة الدامجة على مقدار ما يمثله نصيبها في هذه الموجودات، ثم بعد ذلك يتم انتقال[33] باقي رأسمال الشركة المندمجة إلى الشركة الدامجة. وبذلك يصير الأمر أشبه ما يكون من الناحية القانونية بتصفية جزئية للشركة المندمجة تليه عملية الاندماج[34].


الهوامش:

[1]– يعتبر الاندماج أحد آليات التركيز الاقتصادي، لمواجهة المتغيرات الاقتصادية التي تفرضها العولمة، فهو العملية التي تجتمع بموجبها شركتين أو أكثر لتكون شركة واحدة، أو التحام شركتين على الأقل كانتا موجودتين سواء بابتلاع إحداهما للأخرى، أو بصفة استثنائية باختلاطهما معاً قصد إنشاء شركة واحدة. للإطلاع أكثر عن الموضوع انظر؛ عبد القادر صديقي: اندماج شركات المساهمة كآلية للتركيز الاقتصادي، مقال منشور بموقع مجلة القانون والأعمال www.droitetentreprise.com ، تاريخ الزيارة 13/06/2019، على الساعة h19.

[2]بوشرى تكني: “إدماج الشركات التجارية وآثاره على حقوق الأجراء في ضوء القانون المغربي”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة القاضي عياض، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مراكش، السنة الجامعية 2009-2010، ص 14.

[3]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، دراسة مقارنة، مكتبة الرشاد، الطبعة الأولى 2013، سطات،ص 93.

[4]– المادة 232 من قانون 17.95.

[5]– المذكرة التفسيرية العامة لسنة 1987 المتعلقة بقانون الضريبة على الشركات الصادرة عن وزارة المالية، ص 146. أشارت إليها ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 94.

[6]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بـــوجدة، السنة الجامعية 2004/2005، ص 47.

مقال قد يهمك :   قرار المحكمة الإدارية بالرباط بخصوص علاقة نفاذ الاستقالة بأهلية الترشح

[7]– قانون 9.88 المتعلق بالقواعد المحاسبية الواجب على التجار العمل بها، والصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.92.138 بتاريخ 30 من جمادى الآخرة 1413 (25 ديسمبر 1992)، منشور بالجريدة الرسمية عدد 4183 بتاريخ 5 رجب 1413 (30 ديسمبر 1992)، ص 1867. كما تم تعديله بالقانون رقم 44.03 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.05.211 بتاريخ 15 من محرم 1427 (4 فبراير 2006)، الجريدة الرسمية عدد 5399 بتاريخ 28 محرم 1427 (27 فبراير 2006)، ص522.

[8]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 96.

[9]– هذه الصيغة الحسابية اقترحها الأستاذ Retail، أشار إليها محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 48.

[10]– أمر رقم 99/2700 بتاريخ 14-12-1999 في الملف رقم 99/2946 أوردته بوشرى تكني: “إدماج الشركات التجارية وآثاره على حقوق الأجراء في ضوء القانون المغربي”، مرجع سابق، ص 15.

[11]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 99.

[12]أحمد شكري السباعي: “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي”، الجزء الثاني،دار نشر المعرفة، الطبعة الثانية، الرباط 2009، ص92.

[13]– تعريف الأستاذ كمال حيدة أشار إليه محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 49.

[14]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 100.

[15]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 50.

[16]– الفقرة الأولى من المادة 252 من قانون 17.95.

[17]أحمد لعروصي: “أثار اندماج الشركات على حقوق المساهمين”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة مولاي إسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بمكناس، السنة الجامعية 2011-2012، ص27.

[18]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 50.

[19]– هذا المثال ذكره كل من ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 101. ثم محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 50.

[20]– وقد تم اعتماد هذا الحل عند اندماج كل من البنك التجاري المغربي وبنك الوفاء باعتبارهما شركتين مساهمتين بقصد خلق مجموعة التجاري وفابنك، حيث ضم البنك الأول البنك االثاني، فبعدما تم الاتفاق على معايير تقييم أسهم كلا الشركتين وبعد حصر تاريخ حسابات الشركتين في 31 غشت 2004، كان المبلغ الإجمالي الذي قيمت به الشركة الدامجة “البنك التجاري المغربي” هو 18.302.280.100 درهم المقابل ل 19.265.558 سهم بقيمة 950 درهم للسهم الواحد. أما بالنسبة للشركة المندمجة “بنك الوفاء” فبعد تقييم مجموع ذمتها المالية ل 5.367.910.756 درهم وقسمة هذا المبلغ على مجموع عدد أسهمها الذي هو 6.457.637 سهم فإن القيمة الحقيقية للسهم الواحد هو831,25 درهم. فبعد تحديد قيمة السهم الواحد بكل شركة يصعب تحديد نسبة التبادل، فتم تحديد المضاعف الأصغر المشترك للقيمة الأحادية في 6650، بحيث تم ضرب قيمة سهم بنك الوفاء في 8 ثم ضرب قيمة سهم البنك التجاري المغربي في 7، وبذلك ف 7 أسهم من البنك التجاري المغربي تقابلها 8 أسهم من بنك الوفاء.

للمزيد من التفاصيل في هذا الصدد راجع: أحمد لعروصي: “أثار اندماج الشركات على حقوق المساهمين”، مرجع سابق، ص 26 وما بعدها.

[21]– كما لو ظل أحد المساهمين يملك عدد من الأسهم لا يمكن مبادلته، كالمساهم الذي يملك مثلاً 4 أسهم في الشركة المندمجة، فلا يملك والحالة هذه إلا أن يتخلى عنها أو يقتني سهماً خامسا من أجل مبادلته ب 3 أسهم للشركة الدامجة.

[22]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 51.

[23]– وذلك من خلال وضع حلين للمساهمين الذين لم يحصلوا على عدد تام من الأسهم عند تحديد نسبة التبادل، فإما يسترجعون قيمة الأسهم التي لا يساوي مبلغها العدد التام اللازم للمساهمة في العملية، وإما يدفعون نقداً التكملة اللازمة للحصول على أسهم تامة. ومنحهم إضافة إلى ذلك امتياز عدم تحمل أية عمولة عند القيام بهذه العملية، شريطة أن تستند إلى قيمة التصفية التالية التي تحدد كل يوم جمعة الأقل.

للمزيد من التفاصيل راجع: ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 102 وما بعدها.

[24]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 53.

[25]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 104.

[26]– هذا المثال للباحث عبد الرحمن اللمتوني أورده محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 55.

[27]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 106.

[28]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 57.

[29]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 111.

[30]– المرجع نفسه، ص 112.

[31]محمد سلعوس: “الاندماج بين الشركات وضماناته القانونية”، مرجع سابق، ص 58.

[32]– المرجع نفسه، ص 58.

[33]– ما تجب الإشارة إليه هو أن فائض القيمة الذي ينتقل إلى الشركة الدامجة نتيجة التصفية لا يستفيد من الإعفاء الضريبي المتعلق بالاندماج، على عكس الاندماج عن طريق التنازل الذي يستفيد من الإعفاءات الضريبية.

[34]ابتسام فهيم: “النظام القانوني لاندماج الشركات التجارية على ضوء الفقه والقضاء”، مرجع سابق، ص 110.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]