الرميد يحاضر من طنجة حول التطور القانوني و المؤسساتي لحقوق الإنسان بالمغرب
نظم يوم الأربعاء 2 يناير 2019 برحاب كلية الحقوق بطنجة على الساعة الحادية عشر صباحا الدرس الافتتاحي لـ“دبلوم العدالة الجنائية وحقوق الإنسان” من تأطير السيد المصطفى الرميد، وزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان.وترأس الجلسة الدكتور محمد الإدريسي العلمي المشيشي، وزير العدل السابق. و يأتي اختيار موضوع هذه المحاضرة الافتتاحية المتعلقة بالتطور القانوني والمؤسساتي لحقوق الإنسان،ضمن سياق انخراط مكونات الفريق البيداغوجي للدبلوم في دينامية الإصلاحات التشريعية و المؤسساتية كأحد الأوراش الرئيسة،لرسم معالم جديدة تتماشى مع الاتفاقيات الدولية المتعلقة بالمجال الحقوقي والمؤسساتي، التي صادق عليها المغرب في نطاق أحكام الدستور و قوانين المملكة لبناء دولة القانون و المؤسسات.
و قد استهل الكلمة فضيلة الدكتور محمد الإدريسي العلمي المشيشي؛ حيث تولى رئاسة الجلسة الافتتاحية ومن خلالها عبر عن شكره للحضور وسعادته بالتواجد في هذه المحاضرة الافتتاحية المتميزة رفقة ثلة من الأساتذة الجامعين، والسادة القضاة و المحامون و أطر المهن القضائية المختلفة و الطلبة الباحثين؛ إذ اعتبر هذا اللقاء بمثابة مناسبة للانفتاح على أهمية الجامعة في التكوين و البحث العلميين و تثمين بناء الطلبة الباحثين في مجال الحقوق والحريات باعتبارهم القوة المحركة في التغيير وتحقيق التنوير القانوني والحقوقي في مجال العدالة الجنائية وحقوق الإنسان.
وبعده مباشرة استلم الكلمة السيد مرزوق ايت الحاج رئيس شعبة القانون الخاص بكلية الحقوق طنجة، الذي أعرب عن سعادته بالتواجد ضمن هذه المحاضرة الافتتاحية المنظمة من قبل دبلوم العدالة الجنائية وحقوق الإنسان. كما أكد دعمه لجميع اللقاءات الهادفة والفعالة. مبرزا الأهمية و الإضافة النوعية التي سيضيفها هذا التخصص بكلية الحقوق طنجة و هي مناسبة لانفتاح الجامعة على محيطها.
كما تقدم فضيلة الدكتور هشام بوحوص أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق طنجة، ومنسق دبلوم العدالة الجنائية و حقوق الإنسان بطنجة بكلمات ترحيبية بالحضور، مركزا في كلمة مختصرة على بيان أدوار وأهداف الدبلوم المتمثل في الجمع بين أهداف وآفاق التكوين :
أولا: إعداد باحثين و أطر متخصصة في المادة الجنائية وحقوق الإنسان مع تأمين الجودة في تكوينهم بأطر ذات خبرة في مجالات العدالة الجنائية على النحو الذي يمكنهم من الالتحاق بسوق الشغل، وذلك نظرا إلى الحاجة الماسة لتكوين متخصص في مجال العدالة الجنائية يجمع بين التكوين النظري من خلال دراسة القوانين الوطنية والدولية. وكدا التكوين التطبيقي من خلال دراسة مختلف أجهزة العدالة الجنائية المرتبطة بمجال حقوق الإنسان. وكدا الانفتاح على الهيئات الحقوقية الوطنية والدولية بصفتها أجهزة رقابية على احترام المعايير الكونية لحقوق الإنسان.
ثانيا: رسم خطوط برنامج التكوين المستمر لإعداد الطلبة الباحثين والأطر العليا المتخصصة في المادة الجنائية وحقوق الإنسان. بالإضافة إلى أن هذا الدبلوم يفتح آفاقا كبيرة أمام الطلبة الباحثين لمواصلة مسار البحث والتكوين.مع الانفتاح على كل الفعاليات القانونية والقضائية من قضاة ومحامين ورجال الأمن وطلبة ومجتمع مدني، وممثلون عن وزارة العدل.
إن موضوع المحاضرة يثير إشكالات متنوعة تقف في وجه العدالة الجنائية وحقوق الإنسان؛حيث تمحورت مداخلة السيد المصطفى الرميد حول واقع “حقوق الإنسان : التطور القانوني والمؤسساتي” إذ اعتبرأن المغرب إختار مسيرة تعزيز و توطيد المؤسسات الحديثة في مرحلة دقيقة وجديدة بعد دستور 2011. لارساء وبناء دعائم مجتمع متضامن يتمتع فيه الإنسان بالكرامة والأمان والمساواة والعدالة الجنائية وتكافئ الفرص ومقومات العيش الكريم ، وذلك عائد إلى أن المملكة المغربية لازالت تعمل بعزم لتوطيد بناء مسار ديمقراطي متميز من أجل الحكامة الجيدة.
كما تطرق إلى بعض الملاحظات التي اعتبرها أساسية في البناء الدستوري حيث إن دستور المملكة المغربية الجديد حاول استيعاب الأجوبة اللازمة على كافة المرحلة لسنة 2011. التي تخللها الحراك العربي في نسخته المغربية، لذلك جاءت فيه، أي الدستور تفصيلات كثيرة وإحالات على قوانين تنظيمية بلغ عددها 17 قانون تنظيمي. كما أنه أورد إحالات متعددة على قوانين عادية لا مجال لإحصائها، وقد أوجب الفصل 86 من الدستور عرض مجموعة من مشاريع القوانين تنظيمية على البرلمان في أجل لا يتعدى مدة الولاية التشريعية الأولى التي تلي صدور الأمر بتنفيذ الدستور. وفي الطرح نفسه، أشار إلى التطور المؤسساتي الذي يعرفه المغرب في مجال الديمقراطية وحقوق الإنسان.
كما عرجت المداخلة العلمية لوزير الدولة المكلف بحقوق الإنسان إلى توضيح العدالة الجنائية وارتباطها الجذري بالمواد التي ستدرس في دبلوم حقوق الإنسان وتتدخل في كافة العلوم القانونية والحقوقية؛ لأن موضوع الندوة متشعب بالقدر الذي يجعله قادرا على احتواء الجانب المؤسساتي والتاريخي، وفي خضم المداخلة حاجج مصطفى الرميد بمجموعة من الإحصائيات والأرقام التي تعلل بروز بعض التغيرات على المستوى المؤسساتي التي لها علاقة وطيدة بالعدالة الجنائية المغربية مع تفسير المرحلة التي اجتازها المغرب في إرساء البنيات الأساسية اللازمة للاحتضان الديمقراطية وحقوق الإنسان.
و قد تميزت هاته المحاضرة الافتتاحية بترك انطباع جيد للحضور والمشاركين، بسبب تنوعها المعرفي والمؤسساتي، وعمق مداخلة السيد المصطفى الرميد،والتي طوقت موضوع الندوة بشكل شمولي رام جميع الإشكالات الكبرى التي تعتري العدالة الجنائية وحقوق الإنسان، الأمر الذي يتيح إمكانات توجيه المؤسسات الدستورية نحو الحلول التي من شأنها أن تجعل المنظومة القانونية المغربية منفتحة على مستجدات العصر، وبخاصة على المستوى الحقوقي الكوني مع مراعاة ثوابت الوطن.