اجتهاد قضائي: متابعة في حالة اعتقال – جنحة ضبطية – سلطة الملائمة المخولة للنيابة العامة
حكم المحكمة الابتدائية بأسفي
غرفة الاستئنافات الزجرية
الصادر بتاريخ: 20/11/2012
في الملف رقم: 253/12
القاعدة: “لما كانت العقوبة الحبسية المقررة للأفعال المتابع من أجلها تصل إلى ستة أشهر ، فإنها تعتبر جنحا ضبطية تخول للنيابة العامة – في إطار سلطة الملاءمة – متابعة مرتكبيها في حالة اعتقال عملا بالمادة 47 من قانون المسطرة الجنائية”.
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
الوقائع:
بناء على الاستئناف المقدم من طرف المتهمين من السجن تحت عدد 1277/12 و1279/12 بتاريخ 15/10/2012 واستئناف دفاع المتهم الأول عدد 3677 بتاريخ 11/10/2012 واستئناف دفاع المتهم الثاني عدد 3708 بتاريخ 15/10/2012 واستئناف النيابة العامة عدد 3710 بتاريخ 15/10/2012 ضد الحكم الصادر عن هذه المحكمة بتاريخ 11/10/2012 في الملف رقم 933/12 القاضي بعدم مؤاخذة المتهم الأول من أجل نقل الأسماك والأصناف البحرية الممنوعة الصيد وتعاطي الصيد خلال الأوقات الممنوعة، والتصريح ببراءته منها، ومؤاخذة المتهمين من أجل باقي المنسوب إليهما والحكم على كل واحد منهما بشهرين حبسا نافذا وغرامة نافذة قدرها 1000 درهم، مع تحميلهما الصائر والإجبار في الأدنى ومصادرة السيارة والمبلغ المالي والهاتف وكمية الأخطبوط للخزينة العامة.
وبناء على محضر الضابطة القضائية عدد 1536/ ش ق المنجز من طرف شرطة أسفي بتاريخ 29/09/2012 ومحضر مندوبية الصيد البحري بأسفي عدد 275 بتاريخ 01/10/2012 الذي يستفاد منهما أنه تم ضبط 200 كلغ من الأخطبوط بمستودع المتهم الأول خلال فترة منع الصيد والاتجار والنقل، كما تم ضبط كمية 15 كلغ من الأخطبوط على متن سيارة من نوع ساروين 15 في ملكية المتهم الثاني خلال نفس الفترة، تم حجزها لصالح البحث.
وعند الاستماع إلى المتهم الأول تمهيديا صرح أن الكمية المحجوزة تخصه وأنه اقتناها من المتهم الثاني وأشخاص أخرين وعمل على تجميدها بالمستودع إلى حين انتهاء فترة الراحة البيولوجية، حيث يعمل فيما بعد على دسها مع كمية الأخطبوط التي يقتنيها بطريقة قانونية وينقلها إلى الشركات التي يتعامل معها بمدينة البيضاء.
وعند الاستماع إلى المتهم الثاني تمهيديا صرح أنه يقوم بصيد الأخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية كما يقتني نفس المادة من الصيادين خلال نفس الفترة ويزود بها المتهم الأول على متن السيارة المحجوزة مقابل هامش من الربح.
وبعد إدراج الملف أمام محكمة أول درجة أصدرت الحكم المشار إليه أعلاه.
وبناء على إدراج القضية أمام هذه المحكمة بجلسة 20/11/2012 أحضر لها المتهم الثاني في حالة اعتقال مؤازرا بدفاعه، وحضرها المتهم الأول مؤازرا بدفاعه، وبعد التأكد من هوية المتهمين تقدم دفاعهما بدفوع شكلية تتعلق بعدم قانونية الاعتقال طالما أن الأفعال المتابع من أجلها تعتبر مجرد مخالفات، وأن التثبت من الأفعال المذكورة يجب أن يتم من طرف مندوبية الصيد البحري وليس من طرف الضابطة القضائية وأن المتابعة تمت قبل توصل النيابة العامة بمحضر مندوبية الصيد البحري، ملتمسا بطلان المتابعة، والتمس السيد وكيل الملك رد الدفوع المثارة موضحا أن سلطة الكتابعة في حالة اعتقال تبقى بيد النيابة العامة متى قامت حالة التلبس، مضيفا أن الأفعال المتابع من أجلها تعتبر جنحا ضبطية وليست مخالفات، وبعد أن قررت المحكمة ضم الدفوع الشكلية إلى الجوهر، وعن المنسوب إلى المتهم الأول أجاب بالإنكار، في حين صرح المتهم الثاني أنه يتاجر في الأخطبوط خارج فترة الراحة البيولوجية، والتمس السيد ممثل النيابة العامة تأكيد التقرير الاستئنافي، وتناول الكلمة دفاع المتهم الثاني موضحا أن موكله لم يقم يعمد إلى الصيد خلال فترة المنع، وأن النيابة العامة فوتت على المتهم إجراء المصالحة، ملتمسا القول بالبراءة، وتناول الكلمة دفاع المتهم الأول موضحا أن موكله يتعاط الاتجار في الأخطبوط خارج فترة الراحة البيولوجية، مضيفا أن مندوبية الصيد البحري لم تجر مع موكله أية مصالحة، ملتمسا إلغاء الحكم المستأنف وإجراع المحجوز، فتقرر حجز الملف للمداولة لأخر الجلسة بعد أن كان المتهم أخر من تكلم.
التعليل:
في الشكل: حيث قدم الاستئناف وفق كافة الشروط الشكلية المتطلبة قانونا، مما يتعين معه التصريح بقبوله
في الموضوع:
1- في الدفوع الشكلية:
حيث تقدم دفاع المتهمين بدفوع شكلية تتعلق بعدم قانونية الاعتقال طالما أن الأفعال المتابع من أجلها تعتبر مجرد مخالفات، وأن التثبت من الأفعال المذكورة يجب أن يتم من طرف مندوبية الصيد البحري وليس من طرف الضابطة القضائية وأن المتابعة تمت قبل توصل النيابة العامة بمحضر مندوبية الصيد البحري.
أ- في الدفع المتعلق بعدم قانونية الاعتقال طالما أن الأفعال المتابع من أجلها تعتبر مجرد مخالفات.
لكن، حيث إنه لما كانت الجرائم تنقسم بحسب نوعها إلى مخالفات وجنح وجنايات، وأن الجنحة هي كل جريمة يعاقب عليها القانون بالحبس لمدة تقل عن خمس سنوات من جهة أولى، وأن الثابت من الفقرة الأول من المادة 33 من الظهير أعلاه، أن العقوبة الحبسية المقررة للأفعال المتابع من أجلها تصل إلى ستة أشهر من جهة ثانية، الأمر الذي يجعل الأفعال المذكورة جنحا ضبطية تخول للنيابة العامة – في إطار سلطة الملاءمة – متابعة مرتكبيها في حالة اعتقال، عملا بالمادة 47 من قانون المسطرة الجنائية، أخذا بعين الاعتبار اعتراف المتهم أو وجود أدلة قوية على ارتكاب الجريمة، وأنه لا يتوفر على ضمانات كافية للحضور أو يشكل خطرا على النظام العام أو سلامة الأموال أو الأشخاص، فضلا على أن وصف الظهير أعلاه للأفعال المعاقب عليها بكونها مخالفات(les infractions)، يقصد به أنها تشكل فعلا أو امتناعا مخالفا للقانون الجنائي، وليست مخالفات (les contraventions) باعتبارها نوعا منأنواع الجريمة، الشيء الذي يتعين معه رد الدفع أعلاه.
ب- في الدفع المتعلق بأن التثبت من الأفعال أعلاه يجب أن يتم من طرف مندوبية الصيد البحري وليس من طرف الضابطة القضائية وأن المتابعة تمت قبل توصل النيابة العامة بمحضر مندوبية الصيد البحري.
لكن، حيث إنه استنادا إلى مقتضيات المادة 43 من ظهير 28/11/1973، فإن البحث والتثبت من المخالفات المنصوص عليها بالظهير يمكن أن يتم من طرف متصرفي البحرية والضباط المشرفون على السفن …. وضباط الشرطة القضائية، الأمر يبقى معه محضر الضابطة القضائية أعلاه مكتسيا لقوته الثبوتية، طالما أن متابعة النيابة العامة غير متوقفة على توصلها بمحضر مندوبية الصيد البحري، مما يتعين معه رد الدفع المثار بهذا الخصوص.
2- في الدعوى العمومية:
حيث توبع المتهمان من أجل ما هو مسطر أعلاه.
– في الدفع المتعلق بعدم إجراء مصالحة مع المتهم.
حيث إنه وفضلا على أن المصالحة بخصوص الجرائم المتابع من أجلها، تبقى مجرد إمكانية يمكن اللجوء إليها من طرف من له الحق في ممارستها مع المتهم، وليست إجراء وجوبيا قبل تسطير المتابعة، فإن بابها يبقى مفتوحا منذ ارتكاب أي فعل أو امتناع مخالف للظهير أعلاه، وإلى غاية مرحلة ما بعد صدور الحكم، الأمر الذي يكون معه الدفع المذكور منعدم الأساس القانوني، ويتعين التصريح برده.
أ – بالنسبة للمتهم أحمد (ا):
حيث اعترف تمهيديا أن الكمية المحجوزة تخصه وأنه اقتناها من المتهم الثاني وأشخاص أخرين وعمل على تجميدها بالمستودع إلى حين انتهاء فترة الراحة البيولوجية، حيث يعمل فيما بعد على دسها مع كمية الأخطبوط التي يقتنيها بطريقة قانونية وينقلها إلى الشركات التي يتعامل معها بمدينة البيضاء، في حين أنكر المنسوب إليه أمام هيأة المحكمة.
وحيث إن الملف خال مما يعتبر دليلا جنائيا على أن المتهم عمد إلى صيد مادة الأخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية، أو قام بتصديرها خارج التراب الوطني خلال نفس الفترة، الأمر الذي تكون معه جنحة صيد أسماك أو أصناف بحرية وتصديرها خلال فترة المنع، غير قائمة في حقه ويتعين التصريح ببراءته منها.
وحيث إن اعتراف المتهم بكونه يعمل خلال فترة الراحة البيولوجية على اقتناء كميات من الأخطبوط وتجميدها، قبل نقلها بعد ذلك إلى مدينة البيضاء لبيعها للشركات التي يتعامل معها، يعتبر نقلا وتسويقا لأسماك وأصناف بحرية خلال فترة المنع، يجعل مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل السادس من ظهير 28/11/1973، ثابتة في حقه، ويتعين مؤاخذته من أجلها.
ب – بالنسبة للمتهم أحمد (ا):
حيث اعترف تمهيديا أنه يقوم بصيد الأخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية كما يقتني نفس المادة من الصيادين خلال نفس الفترة ويزود بها المتهم الأول على متن السيارة المحجوزة مقابل هامش من الربح، في حين أنكر المنسوب إليه أمام هيأة المحكمة.
وحيث إنه لما كان الثابت من خلال الوقائع المثبتة أعلاه، أن نقل الأسماك والأصناف البحرية وتسويقها تم داخل التراب الوطني من جهة، وأن الملف خال مما يعتبر دليلا جنائيا على أن المتهم عمد إلى تصدير الأخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية خارج أرض الوطن خلال نفس الفترة من جهة ثانية، الأمر الذي تبقى معه الجنحة المذكورة، غير قائمة في حقه ويتعين التصريح ببراءته منها.
وحيث إن اعتراف المتهم بصيد الأخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية ونقله وبيعه إلى المتهم الأول مقابل هامش من الربح، يعتبر صيدا و نقلا وتسويقا لأسماك وأصناف بحرية خلال فترة المنع، يجعل مقتضيات الفقرة الأولى من الفصل السادس والفقرة الأولى من الفصل 33 من ظهير 28/11/1973، ثابتة في حقه، ويتعين مؤاخذته من أجلها.
وحيث إنه لما كان الفصل 44 من القانون الجنائي لا يخول للمحكمة المصادرة في الجنح إلا بنص خاص من جهة، وأنه استنادا إلى الفصل 39 من ظهير 28/11/1973، فإن المحكمة تأمر بمصادرة التوابع المستعملة لارتكاب المخالفة أو نقل حصيلة الصيد من جهة أخرى، الأمر الذي يتعين معه مصادرة السيارة المحجوزة لفائدة الخزينة العامة، طالما أن المتهم كان يستعملها لنقل الأخطبوط خلال فترة الراحة البيولوجية.
وحيث تبين لهذه لمحكمة أثناء المداولة وفي نطاق ما نوقش استئنافيا أمامها أن المحكمة مصدرة الحكم المطعون فيه قد جانبت الصواب فيما قضت به من إدانة المتهم الثاني من أجل جنحة تصدير أسماك وأصناف بحرية خلال فترة المنع، الأمر الذي ارتأت معه هذه الغرفة التصريح ببراءته منها، وكذا فيما قضت به من براءة المتهم الأول من أجل جنحة نقل أسماك وأصناف بحرية خلال فترة المنع، الأمر الذي ارتأت معه هذه الغرفة التصريح بإدانته من أجلها، وتأييده في باقي ما خلصت إليه، خاصة و أن العقوبة المحكوم بها على المتهمين تعد كافية لتحقيق الهدف الذي شرعت من أجله.
وحيث يتعين تحميل المتهمين الصائر مع تحديد مدة الإجبار في الأدنى.
لهذه الأسباب
فإن المحكمة تصرح وهي تبت في غرفة الاستئنافات الزجرية علنيا، انتهائيا وحضوريا.
في الشكل: قبول الاستئناف.
في الموضوع: برد الدفوع الشكلية.
إلغاء الحكم الابتدائي فيما قضى به من إدانة المتهم أحمد (ا) من أجل جنحة تصدير أسماك أو أصناف بحرية، والقول ببراءته منها، وبإلغائه فيما قضى به من براءة المتهم أحمد زويتاني من أجل نقل أسماك أو أصناف بحرية، والقول بإدانته من أجلها، وتأييده في الباقي مع تحميل المتهمين الصائر و تحديد مدة الإجبار في ستة أيام.