اجتهاد قضائي: تدخين الأجير في مقر العمل – خطأ جسيم
القرار عدد 196
الصادر بتاريخ 13 فبراير 2014
في الملف الاجتماعي عدد 607/5/1/2013
القاعدة:
“إن الأجير تم ضبطه وهو يدخن داخل مقر العمل للمرة الثانية، وقد أقر بعلمه بمنع التدخين وبواقعة تدخينه مع زميل له. والقرار الاستئنافي المؤيد للحكم الابتدائي لما اعتبر أن الأجير ارتكب خطأ جسيما يتمثل في مخالفة تعليمات المشغل الذي يتوفر على سلطة الإدارة والتدبير وإخلالا بالتزامه كأجير بالامتثال لأوامر مشغله طبقا للمادة 21 من مدونة الشغل، ورتب على ذلك مشروعية فصله من العمل يكون ما انتهى إليه غير خارق للقانون ومرتكزا على أساس”.
رفض الطلب
باسم جلالة الملك وطبقا للقانون
حيث يستفاد من مستندات الملف، ومن القرار المطعون فيه المشار إليه أعلاه أن الطالب تقدم بمقال افتتاحي يعرض فيه أنه كان يعمل لدى المدعى عليها منذ 16/12/2006 إلى 4/3/2010 حيث فوجئ بطرده ملتمسا الحكم له بمجموعة من التعويضات، وبعد الإجراءات المسطرية أصدرت المحكمة الابتدائية حكما قضى بأداء المدعى عليها في شخص ممثلها القانوني لفائدة المدعي تعويضا عن العطلة السنوية قدره 267 درهم مع النفاذ المعجل ورفض باقي الطلبات وتحميل المدعى عليها الصائر في حدود المبلغ المحكوم به، استؤنف من طرف الأجير وعلى إثر ذلك أصدرت محكمة الاستئناف قرارا يقضي بتأييد الحكم الابتدائي وبتحميل المستأنف الصائر في إطار المساعدة القضائية وهو القرار المطعون فيه بالنقض.
في شأن الوسيلة الأولى والثانية والثالثة مجتمعة :
يعيب الطالب على القرار المطعون فيه : خرق القانون، إذ جاء في القرار المذكور أن محكمة الدرجة الأولى كانت على صواب لما اعتبرت ما ثبت في حق العارض من خطأ جسيم استنادا إلى كونه يشكل مخالفة لنظام الصحة والسلامة بالمؤسسة والنظام الداخلي وما توصل به من نشرات دورية بشأنه وبعدما سبق أن أنذر من أجله، وأن هذا التعليل جاء مخالفا لمقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل التي لم تعتبر عدم مراعاة التعليمات اللازمة اتباعها لحفظ السلامة في الشغل وسلامة المؤسسة خطأ جسيما إلا في الحالة التي تترتب عنها خسارة جسيمة، وأنه بالرجوع إلى وثائق الملف سيلاحظ أن المطلوبة في النقض لم تثبت أن مخالفة العارض للدوريات التي تمنع التدخين قد ترتب عنها أي خسائر مادية جسيمة لها حتى يمكن أن تعتبر ما اقترفه بالخطأ الجسيم الذي يبرر الطرد مما يكون معه القرار قد خالف مقتضيات المادة 39 من مدونة الشغل مما يتعين إلغاؤه.
كما يعيب الطالب على القرار عدم الارتكاز على أساس قانوني سليم، إذ جاء في الشق الثاني من تعليل القرار المطعون فيه أنه لا يعتد بما دفع به العارض من أن المشغلة لم تتبع مبدأ التدرج في العقوبة طالما أنها سبق أن أنذرته من أجل نفس الخطأ وأوقفته مؤقتا بسبب المشاجرة مع زميل له داخل مقر العمل، وأن محكمة الاستئناف لم توضح في قرارها ما عنته من عدم الاعتداء بمبدأ التدرج في العقوبة علما أن المادة 38 من المدونة تنص على ضرورة اتباع المشغل لمبدأ التدرج بشأن العقوبات التأديبية المنصوص عليها في المادة 37 من نفس المدونة وكما أكدت على أن فصل الأجير في هذه الحالة لا يكون مبررا الا إذا استنفذ هذه العقوبات داخل السنة.
وأن مبدأ التدرج يقتضي اتباع العقوبات المنصوص عليها على التوالي الإنذار تم التوبيخ ثم التوبيخ الثاني أو التوقيف عن الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام ثم التوبيخ الثالث والنقل إلى مصلحة أو مؤسسة أخرى عند الاقتضاء مع مراعاة مكان سكنى الأجير وأن الفصل لا يكون مبررا، إلا إذا استنفذ العارض هذه العقوبات داخل السنة طبقا للفصل 38 أعلاه، مما يبقى معه القرار غير مرتكز على أساس سليم لعدم اعتداده مما دفع به العارض.
كما يعيب الطالب على القرار نقصان التعليل الموازي لانعدامه، ذلك أن القرار المطعون فيه اعتبر أن إنذار المشغل للعارض ثم توقيفه من أجل متاجرة مع زميل له داخل العمل سببين كافيين لتبرير قرار المشغل بفصل العارض بعدما ضبط وهو يدخن داخل العمل وأن الطالب سبق أن أكد في مقاله الاستئنافي أن قرار التوقيف عن العمل سبب المشاجرة جاء مخالفا للواقع ومخالفا كذلك للمسطرة التأديبية، فبالنسبة لمخالفته للواقع فقد سبق أن أثبت أن واقعة الاعتداء هو من كان صحبتها بتاريخ 24/4/2009 من طرف المعتدي طارق (ب) وبناء على هذا الاعتداء تم إنجاز محضر للضابطة القضائية عدد 655 بتاريخ 11/5/2009 وقد أصدرت المحكمة الابتدائية بمراكش حكما قضى بإدانة طارق (ب) من أجل ارتكاب جنحة الاعتداء العمدي على العارض، وأنه رغم ذلك قامت المطلوبة بإيقافه مؤقتا رغم عدم اقترافه أي فعل وأنه بالإضافة إلى ذلك فإنها لم تحترم مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل والتي أحالت على المادة 37 من نفس القانون والتي جاء فيها أنه تطبق على العقوبتين الواردتين في الفقرتين 3 وهي التوبيخ الثاني والتوقيف من الشغل مدة لا تتعدى ثمانية أيام والفقرة الرابعة من هذه المادة مقتضيات المادة 62 من المدونة.
وأن تعسف المطلوبة في النقض لم يقف عند هذا الحد بل قامت بإحالة الطالب على المجلس التأديبي لمعاقبته مرة ثانية على نفس الفعل مضيفة له فعلا آخر وهو مخالفته للدوريات التي تمنع التدخين.
ورغم مناقشة العارض لكل هذه الدفوع أمام محكمة الاستئناف إلا أن هذه الأخيرة لم تجب على أي منها بل أكثر من ذلك اعتبرت إيقاف العارض عن العمل بسبب المتاجرة مبررا كافيا للمطلوبة في النقض لاتخاذ قرار الفصل دون الاعتداد بمبدأ التدرج في العقوبات.
مما يكون قرارها ناقص التعليل الموازي لانعدامه ويتعين نقضه.
لكن، خلافا لما نعاه الطالب على القرار المطعون فيه، فالثابت من معطيات النازلة، أن المشغلة سبق لها أن نبهت جميع عمالها بمنع التدخين داخل المؤسسة بمقتضى الدوريات المؤرخة في 29/12/2004 و16/3/2006 و6/7/2009 وأنه في حالة ضبط أحدهم فسيكون محل عقوبة تأديبية.
وأنه بتاريخ 26/9/2008 تم ضبط الطالب وهو يدخن سيجارة وتم توبيخه عن ذلك كما تم ضبطه مرة ثانية بتاريخ 4/3/2010 فتم استدعاؤه من أجل الاستماع إليه حول المنسوب إليه.
وعلى إثر ذلك تم فصله من أجل الخطأ المنسوب إليه بالإضافة إلى الشجار الذي قام به مع أحد زملائه والذي عوقب عليه بالتوقيف لمدة سبعة أيام.
وحيث إن الثابت من وثائق الملف خاصة المحضر المؤرخ في 5/3/2010 أن الطالب ضبط يدخن داخل مقر العمل للمرة الثانية، وقد أقر بعلمه بمنع التدخين وبواقعة تدخينه مع زميل له.
وأن القرار الاستئنافي المؤيد للحكم الابتدائي لما اعتبر “أن الأجير ارتكب خطأ جسيما يتمثل في مخالفة تعليمات المشغل الذي يتوفر على سلطة الإدارة والتدبير وإخلالا بالتزامه كأجير بالامتثال لأوامر مشغله طبقا للمادة 21 من مدونة الشغل يكون فصله مبررا…”.
كما أن القرار الاستئنافي لما اعتبر أنه “… لا يعتد بما دفع به من أن المشغلة لم تتبع مبدأ التدرج في العقوبة طالما أنها سبق وأنذرته من أجل نفس الخطأ…”.
يكون ما انتهى إليه غير خارق للقانون ومرتكزا على أساس فضلا على أن تطبيق التدرج في العقوبة يخضع للسلطة التنظيمية للمشغلة التي تكون محل مراقبة من قبل محكمة الموضوع، أما ما أثير بشأن عدم احترام مقتضيات المادة 62 من مدونة الشغل بشأن العقوبتين التأديبيتين الصادرتين في حق الطالب وهما التوبيخ الثاني والتوقيف لمدة لا تتعدى ثمانية أيام، فلم يسبق الدفع به أمام قضاة الموضوع ليعرف رأيهم فيه، مما لا يجوز التمسك به لأول مرة أمام محكمة النقض.
ويبقى ما أثير في هذا الشأن خلاف الواقع فهو غير مقبول.
ومن جهة أخيرة، فالثابت أن الحكم الابتدائي المؤيد استئنافيا قد استبعد الخطأ المنسوب للأجير والمتعلق بالاعتداء على زميل له بالضرب بتاريخ 24/11/2009 لكونه صدرت في حقه عقوبة التوقيف، كما هو ثابت من قرار التوقيف المؤرخ في 25/4/2009 وأنه لا يسوغ معاقبته على خطأ واحد مرتين.
وبالتالي يبقى عدم مناقشة القرار المطعون فيه لهذا الخطأ ردا ضمنيا له مادام أن الحكم الابتدائي لم يعتمده في حكمه.
ويبقى ما أثير في هذا الشأن غير مرتكز على أساس والقرار معلل تعليلا كافيا.
لهذه الأسباب
قضت محكمة النقض برفض الطلب.
الرئيس : السيدة مليكة بنزاهير – المقرر : السيدةمرية شيحة – المحامي العام : السيد رشيد بناني.