أمين القايطي: الــتراث الثقافي اللامادي بالمغرب وســـؤال الـــحماية الــقانـونـية ؟
أمين القايطي باحث في سلك الدكتوراه مـختبر التراث الثقافي والتنمية
كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة محمد الاول بوجدة
مــقدمة:
يعتبر موضوع التراث الثقافي عموما والتراث الثقافي اللامادي على وجه الخصوص من الموضوعات التي بدأت تحتل مكانة مهمة في الدراسات العلمية على المستويين الدولي والوطني، إذ بدأ يتزايد الاهتمام بالتراث ومحاولات إحيائه والمحافظة عليه نظرا لزحف العولمة (globalization) والغزو الثقافي ( Acculturation) على الخصوصيات الهوياتية للشعوب بالشكل الذي أصبحت معه فكرة العولمة تهدد بنسف الذاكرة التاريخية بما تتضمنه من قيم ثقافية تشكل مرآة عاكسة لماضي الشعوب وهويات الأمم.
ويعتبر الخطاب الملكي السامي[1] الذي وجهه جلالة الملك محمد السادس يوم الأربعاء 30 يوليوز2014 إلى الأمة بمناسبة الذكرى الخامسة عشرة لاعتلاء جلالته عرش أسلافه الميامين إطارا مرجعيا للاهتمام بالرأسمال غير المادي للمملكة المغربية، والذي يشمل بلا شك التراث اللامادي باعتباره مكونا رئيسيا من مكونات الرأسمال الاجتماعي، حيث أصدر الملك في متن هذا الخطاب توجيهاته السامية للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي قصد القيام بدراسة شاملة لقياس القيمة الإجمالية للمغرب، ما بين 1999 ونهاية 2013 وذلك قصد إبراز قيمة الرأسمال غير المادي للمغرب، والعمل على اعتماده كمعيار أساسي خلال وضع السياسات العمومية، وذلك لتعميم استفادة جميع المغاربة من ثروات وطنهم، وهي التوجيهات التي توجت في دجنبر 2016 بصدور تقرير للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي تحت عنوان : ” الرأسمال غير المادي: عامل لخلق الثروة الوطنية وتوزيعها المنصف”[2].
إن هذا الاهتمام المتزايد بالتراث الثقافي -في شقه اللامادي بالخصوص- يستدعي منا في هذا الموضوع تدقيق النظر في إطاره المفاهيمي داخل منظومة الثقافة[3] وذلك من خلال التركيز على التعريف القانوني أساسا، على أن نعرج بعد ذلك لتسليط الضوء على مدى توفر حماية قانونية شاملة للتراث الثقافي اللامادي في الترسانة القانونية المغربية وذلك وفق التصميم الثنائي الآتي :
- المطلب الأول: الإطار المفاهيمي للتراث الثقافي اللامادي
- المطلب الثاني: الحماية القانونية للتراث الثقافي اللامادي بالمغرب
المطلب الأول: الإطار المفاهيمي للتراث الثقافي اللامادي
إن الحديث عن الإطار المفاهيمي للتراث الثقافي اللامادي بالمغرب يقتضي منا بالضرورة مقاربة مفهوم التراث الثقافي عموما، إذ على الرغم من تعدد التعاريف التي تم صياغتها لموضوعة التراث إلا أن الجميع يتفق على كونه مفهوما ذو مدلول واسع ومرن يصعب محاصرته، فهناك من يعرفه بكونه “ما تركه السلف من الأجداد والأباء للأبناء والأحفاد في مختلف مناحي الحياة وفي شتى مجالاتها وميادينها كالثقافة والتاريخ والآداب والحضارة والفن والصناعة والزراعة والعمران والتقاليد والأعراف..”[4]، في حين يعتبره البعض بكونه “مجموعة النماذج الثقافية التي يتلقاها الفرد من الجماعات المختلفة التي هو عضو فيها، ويتضمن هذا التراث العادات والتقاليد والعقائد التي ورثها الفرد”[5].
وبالرجوع لاتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي والطبيعي[6] التي وضعت بنودها منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) سنة 1972 نجدها تعرف التراث الثقافي من وجهة نظر مادية بحتة وذلك في المادة الاولى بكونه يضم ” +الآثار : الأعمال المعمارية وأعمال النحت والتصوير على المباني، والعناصر أو التكاوين ذات الصفة الأثرية والنقوش والكهوف ومجموعات المعالم التي لها جميعا قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم.
+المجمعات : مجموعات المباني المنعزلة أو المتصلة، التي لها بسبب عمارتها أو تناسقها أو اندماجها في منظر طبيعي قيمة عالمية استثنائية من وجهة نظر التاريخ أو الفن أو العلم.
+المواقع : أعمال الإنسان أو الاعمال المشتركة بين الإنسان والطبيعة وكذلك المناطق بما فيها المواقع الأثرية التي لها قيمة عالمية استثنائية من وجهة النظر التاريخية أو الجمالية او الإثنولوجية او الانثروبولوجية”.
وعليه يمكن القول أن التراث الثقافي في مجمله نوعان، مادي و لامادي، حيث يتمثل الشق المادي للتراث في ما يُخلفه الأجداد من آثار ظلت باقية من منشآت دينية وجنائزية كالمعابد والمقابر والمساجد والجوامع، والمباني الحربية والمدنية مثل الحصون والقصور، والأبراج والأسوار، والتي تُعرف في لغة الأثريين بالآثار الثابتة، إلى جانب الأدوات التي استخدمها الأسلاف في حياتهم اليومية، والتي يُطلق عليها الأثريون الآثار المنقولة. أما الشق المعنوي للتراث فيتكون من عادات الناس وتقاليدهم، وما يُعبرون عنه من آراء وأفكار ومشاعر يتناقلونها جيلاً عن جيل[7] وهو ما يعرف أيضا بالتراث الثقافي اللامادي patrimoine culturel immaterial.
إن الاهتمام المتزايد بالتراث الثقافي اللامادي نظرا لارتباطه بالذاكرة الجمعية للشعوب وخصوصياته دفع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) إلى وضع اتفاقية صون التراث الثقافي اللامادي[8]convention de sauvegarde du patrimoine culturel immaterial في 17 أكتوبر 2003 والتي عرفت في المادة 2 منها التراث الثقافي غير المادي بكونه:
” الممارسات والتصورات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات – وما يرتبط بها من آلات وقطع ومصنوعات وأماكن ثقافية – التي تعتبرها الجماعات والمجموعات، وأحيانا الأفراد، جزءا من تراثهم الثقافي. وهذا التراث الثقافي غير المادي المتوارث جيلا عن جيل، تبدعه الجماعات والمجموعات من جديد بصورة مستمرة بما يتفق مع بيئتها وتفاعلاتها مع الطبيعة وتاريخها، وهو ينمي لديها الإحساس بهويتها والشعور باستمراريتها، ويعزز من ثم احترام التنوع الثقافي والقدرة الإبداعية البشرية. ولا يؤخذ في الحسبان لأغراض هذه الاتفاقية سوى التراث الثقافي غير المادي الذي يتفق مع الصكوك الدولية القائمة المتعلقة بحقوق الإنسان، ومع مقتضيات الاحترام المتبادل بين الجماعات والمجموعات والأفراد والتنمية المستدامة.”
ونصت في البند الثاني من نفس المادة على أنه: ” يتجلى “التراث الثقافي غير المادي” بصفة خاصة في المجالات التالية :
أ) التقاليد وأشكال التعبير الشفهي، بما في ذلك اللغة كواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي؛
ب) فنون وتقاليد أداء العروض؛
ج) الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات؛
د) المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون؛
ه) المهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية.”
لقد صادق المغرب على هذه الاتفاقية بموجب ظهير شريف[9] رقم 1.06.113 صادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009) بنشر اتفاقية حماية التراث الثقافي غير المادي الموقعة بباريس في 17 أكتوبر 2003 وهو ما يبرر التعريف الذي أورده المشرع المغربي في مشروع القانون المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه حيث نص في المادة 4 وهو يتحدث عن أصناف التراث على أن التراث الثقافي اللامادي يتشكل من:
” مجموع الممارسات والتمثلات وأشكال التعبير والمعارف والمهارات، وكذا الأدوات والقطع والمصنوعات والفضاءات الثقافية المرتبطة بها التي تعتبرها الجماعات والمجموعات والأفراد، المنتمون إلى المجال المغربي في حدوده الطبيعية، جزءا من تراثهم الثقافي.
تعتبر جزءا من هذا التراث، كل من اللغة والأدب والموسيقى والغناء والحكاية والرقص والاحتفالات وباقي الفنون وكذا الألعاب والأساطير والطقوس والعادات والممارسات والمهارات والمعرفة المتوارثة للحرف التقليدية والهندسة المعمارية وفن الطبخ والإنتاج، وكذا تخزين المنتوجات والطب والصيدلة التقليدية، وكذا الفضاءات والمسالك الثقافية كأماكن التأكيد استمرارية الهوية الوطنية وللدلالة على تحذر الثقافة المغربية، والمساهمة في التعريف بما عالميا.”
وهو تعريف يتلاءم إلى حد بعيد مع تعريف منظمة اليونسكو للتراث الثقافي اللامادي وهو ما يعكس العمل الحثيث للمغرب على ملاءمة إطاره القانوني الوطني المتعلق بحماية التراث الثقافي مع المعايير الدولية وذلك بتوافق مع الالتزامات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة المغربية خاصة من خلال إدماج المفاهيم الجديدة المعترف بها دوليا وفي مقدمتها التراث الثقافي اللامادي.
حري بالتنويه في ختام هذا المطلب إلى أن أهمية تعريف التراث الثقافي اللامادي وإبراز حدوده وماهيته من خلال تعاريف واضحة يؤدي بشكل غير مباشر إلى تثمين الرأسمال غير المادي إذ من مكونات هذا الأخير حسب البنك الدولي الرأسمال البشري والرأسمال المؤسساتي والرأسمال الاجتماعي [10] ، هذا الأخير بدوره يضم الرأسمال الثقافي الذي يشمل القيم الثقافية والثروات المعمارية والتراث الثقافي المادي وغير المادي، وهو ما يفرض ضرورة توفير إطار قانوني ملائم لحماية الرأسمال الثقافي عموما والتراث اللامادي باعتباره جزءا لا يتجزأ منه بشكل خاص وهو موضوع المطلب الثاني.
المطلب الثاني: الحماية القانونية للتراث الثقافي اللامادي بالمغرب
تتجلى الحماية القانونية التي أقرها المشرع المغربي للمحافظة على التراث الثقافي اللامادي بالمغرب وتثمينه في نصوص قانونية تتسم بطابعها العام (أولا) إضافة إلى نصوص خاصة تهدف بشكل رئيسي إلى حماية التراث اللامادي (ثانيا)
أولا: الحماية القانونية للتراث الثقافي اللامادي في النصوص العامة
من المعلوم أن التراث الثقافي اللامادي جزء لا يتجزأ من المفهوم العام للثقافة وبالتالي فإن أي مقتضى ذو طبيعة حمائية يهم الثقافة يكون متصلا بجميع حلقات هذا الورش وفي مقدمتها التراث الثقافي اللامادي.
وبالرجوع لدستور فاتح يوليوز[11] 2011 نجد أن مفهوم الثقافة يحضر بشكل متفاوت على مستوى الإحالة الدستورية، حيث يتوزع ذلك الحضور بين مفاهیم: الثقافة – الثقافي – الثقافات..، ومن أبرز الأمثلة على ذلك نذكر :
– “وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء.”، تصدير دستور فاتح يوليوز 2011، الفقرة2
– “توسيع وتنويع علاقات الصداقة، والمبادلات الإنسانية والاقتصادية والعلمية والتقنية والثقافية مع كل بلدان العالم – حظر ومكافحة كل أشكال التمييز، بسبب الجنس أو اللون أو المعتقد أو الثقافة أو الانتماء الاجتماعي.”، الفقرة الرابعة من تصدير دستور فاتح 2011، البندان 6، 8.
– “تعمل الدولة على صيانة الحسانية، باعتبارها جزء لا يتجزأ من الهوية الثقافية المغربية الموحدة، وعلى حماية اللهجات والتعبيرات الثقافية المستعملة في المغرب، وتسهر على انسجام السياسة اللغوية والثقافية الوطنية، وعلى تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم؛ باعتبارها وسائل للتواصل، والانخراط والتفاعل مع مجتمع المعرفة، والانفتاح على مختلف الثقافات، وعلى حضارة العصر.
يحدث مجلس وطني للغات والثقافة المغربية، مهمته، على وجه الخصوص، حماية وتنمية اللغتين العربية والأمازيغية، ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية باعتبارها تراثا أصيلا وإبداعا معاصرا. ويضم كل المؤسسات المعنية بهذه المجالات. ويحدد قانون تنظيمي صلاحياته وتركيبته وكيفيات سيره.”، الفصل 5، الفقرتان 5و6.
وعليه فإن المشرع الدستوري جعل الثقافة بكل مكوناتها في صلب اهتماماته حيث أقر لها حماية دستورية لا بد من استحضارها عند تنزيل السياسات العمومية من طرف الفاعل السياسي، وهو ما يمكن اعتباره حضورا غير مباشر للتراث اللامادي في المتن الدستوري الذي يعتبر على رأس هرم التشريع بالمغرب.[12]
كما أنه يمكن أيضا تلمس مظاهر الحماية القانونية للثقافة عموما والتراث الثقافي اللامادي خصوصا من خلال المرسوم رقم 328-06-2 صادر في 18 من شوال 1427 (10 نوفمبر 2006) المتعلق بتحديد اختصاصات وتنظيم وزارة الثقافة حيث ينص في المادة 1 منه على انه :
” تناط بالسلطة الحكومية المكلفة بالثقافة مهمة إعداد وتنفيذ سياسة الحكومة المتعلقة بالتراث والتنمية الثقافية والفنية.
وتتولى لهذه الغاية مع مراعاة الاختصاصات المسندة إلى الوزارات الأخرى بموجب النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل القيام بما يلي :
* توحيد التوجهات وتنسيق الأعمال الهادفة إلى تقوية النسيج الثقافي الوطني ؛
* المساهمة باتصال مع الوزارات والمصالح المعنية بالنهوض بالثقافة الوطنية والحفاظ على خاصياتها ؛
* استخدام الوسائل الكفيلة بضمان ازدهارها ؛
* استخدام الوسائل الملائمة لمتابعة ودعم كل عمل أو مبادرة ترمي إلى الحفاظ على التراث الثقافي الوطني وصيانته وإبراز قيمته ؛
* وضع استراتيجية مندمجة للتنمية الثقافية على المستوى الجهوي والمحلي قصد الرفع من المستوى الثقافي الوطني ؛
* المساهمة في تنشيط العمل الثقافي والنهوض به ؛
* إحداث وتسيير المؤسسات الثقافية للتأهيل والتعليم الفني والثقافي ؛
* تنشيط وتشجيع أعمال الإبداع والبحث في المجالات الثقافية والفنية ؛
* إعداد النصوص التشريعية والتنظيمية المرتبطة بقطاع الثقافة والسهر على تطبيقها ؛
* إقامة علاقات تعاون مع الهيئات والمؤسسات والجمعيات الثقافية والفنية داخل المغرب وخارجه ؛
* القيام بالدراسات الاستطلاعية والتعريفية في الميدانين الثقافي والفني على المستويين المحلي والجهوي ؛
* توجيه وقيادة عمل المصالح اللاممركزة التابعة للقطاع”
كما ينص هذا المرسوم في المادة 6 منه على أنه تناط بمديرية التراث الثقافي مهمة السهر على حماية التراث المعماري والأثري والإثنوغرافي والمتحفي ومختلف الثروات الفنية الوطنية والحفاظ عليها وترميمها وتعهدها والتعريف بها، ومن المهام الرئيسية التي تقوم بها لهذه الغاية
* القيام بأعمال التنشيط المتعلقة بالتراث الثقافي ؛
* جمع الوثائق اللازمة للقيام بجرد التراث الثقافي المادي والغير المادي ؛
* تنظيم معارض ومناظرات وتظاهرات أخرى للتعريف بالثروات الأثرية والإثنوغرافية وكذا الثروات المتصلة بالمعالم التاريخية للبلاد ؛
* صيانة إنقاذ التراث الوطني الشفهي ، والأعراف والعادات والفنون والحرف الأصيلة والمحفوظات الصوتية والتعريف بطابعها الأًصيل ؛
و بالرجوع للمرسوم رقم 288-94-2 صادر في 18 من شعبان 1415 (20 يناير 1995) بإحداث المجلس الأعلى والمجالس الجهوية للثقافة نجده ينص في المادة 3 منه على أن:
” المجلس الأعلى للثقافة هيئة استشارية تهدف إلى مناقشة السياسة الثقافية ومحتواها واقتراح التوجهات والمواضيع ذات الأولوية المرتبطة بالعمل الثقافي.
وتناط بالمجلس كذلك مهمة تحديد الوسائل التي يتعين تسخيرها من أجل تيسير الحياة الثقافية ولاسيما في الوسط القروي ، وتوطيد الروابط بين الإدارة المكلفة بالشؤون الثقافية ومختلف شركائها.
ولهذه الغاية ، يعهد إليه بما يلي :
– تقديم اقتراحات من شأنها تنمية الثقافة الوطنية وأشكال التعبير التي تقوي هويتها وتدعم أصالتها الخاصة ؛
– المساهمة باقتراحات دقيقة وملائمة في إعداد اختيارات ذات أولوية في مجال السياسة الثقافية هادفة إلى تقوية البنيات وتنشيط الإنتاج الثقافي “.
إن هذين المرسومين يشكلان أرضية قانونية صلبة لحماية المجال الثقافي بكل مكوناته من أي تهميش قد يطاله مقارنة مع المجالات الأخرى (الاقتصاد مثلا) ، وهي حماية قانونية تتصل بشكل غير مباشر بالتراث الثقافي اللامادي باعتباره جزء لا يتجزأ من التراث الثقافي ومعبرا رئيسيا عن هوية الشعوب وماضيها وثقافاتها الضاربة في جذور التاريخ.
وحري بالتنويه أن الترسانة القانونية المغربية في مجال الثقافة ستتعزز قريبا بالقانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية حيث ينتظر فقط المصادقة داخل لجنة التعليم والثقافة والاتصال بمجلس النواب، في إطار القراءة الثانية، بعد ان صادق عليه مجلس المستشارين بالإجماع في الجلسة العامة المنعقدة يوم الثلاثاء 31 دجنبر 2019، وذلك عقب مصادقة مجلس النواب على المشروع في إطار القراءة الأولى، بتاريخ 26 يونيو 2019 حيث نص مشروع القانون هذا في المادة 3 منه على أنه:
” يضطلع المجلس الوطني بمهمة اقتراح التوجهات الاستراتيجية للدولة في مجال السياسة اللغوية والثقافية، والسهر على انسجامها وتكاملها، ولاسيما ما يتعلق منها بحماية وتنمية اللغتين الرسميتين العربية والأمازيغية وكذا الحسانية واللهجات ومختلف التعبيرات الثقافية المغربية، وبتنمية الثقافة الوطنية والنهوض بها في مختلف تجلياتها، وحفظ وصون التراث الثقافي المغربي وتثمينه، وتيسير تعلم وإتقان اللغات الأجنبية الأكثر تداولا في العالم، والمساهمة في تتبع تنفيذ هذه التوجهات، بتنسيق مع السلطات والهيئات المعنية “.
إذن انطلاقا مما سبق يمكن القول أن المغرب يتوفر على ترسانة قانونية عامة تؤطر الشأن الثقافي بالمغرب في مقدمتها المتن الدستوري الذي يتلاءم مع الإطار المعياري الدولي للحقوق الثقافية دون أي تجزيء أو تهميش لمكون على آخر، ولا شك أن التراث الثقافي اللامادي سيكون هو بدوره محاطا بسياج قانوني قادر على حمايته والمحافظة عليه وتثمينه باعتباره يتموقع داخل مقولة الثقافة بشكل عام.
ثانيا: الحماية القانونية للتراث الثقافي اللامادي في النصوص الخاصة
إن الحديث عن الحماية القانونية للتراث الثقافي اللامادي في إطار النصوص التشريعية الخاصة يدفعنا للحديث أولا عن اتفاقية اليونسكو لحماية التراث اللامادي (1) ثم القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة (2) إضافة إلى بعض القرارات الوزارية التي تهدف لحماية أنواع معينة من التراث اللامادي(3)، وأخيرا مشروع القانون رقم 52.13 المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه والذي لأول مرة ينص على مقتضيات خاصة بالتراث اللامادي (4)
- اتفاقية اليونيسكو لحماية التراث الثقافي غير المادي لسنة 2003
تعتبر اتفاقية صون التراث الثقافي اللاماديconvention de sauvegarde du patrimoine culturel immaterial التي أقرها المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة ” اليونسكو” المنعقد في باريس من 29 سبتمبر/أيلول إلى 17 أكتوبر/تشرين الأول 2003، في دورته الثانية والثلاثين، والتي صادق عليها المغرب بموجب الظهير الشريف رقم 1.06.113 صادر في 22 من صفر 1430 (18 فبراير 2009) أهم إطار قانوني حمائي ذو طابع دولي يتعلق بحماية التراث اللامادي[13] حيث نصت في مادتها الاولى على الأهداف التي تسعى لتحقيقها وهي :
أ) صون التراث الثقافي غير المادي؛
ب) احترام التراث الثقافي غير المادي للجماعات والمجموعات المعنية وللأفراد المعنيين؛
ج) التوعية على الصعيد المحلي والوطني والدولي بأهمية التراث الثقافي غير المادي وأهمية التقدير المتبادل لهذا التراث؛
د) التعاون الدولي والمساعدة الدولية
كما فسرت في المادة الثانية منها عبارة “الصون sauvegarde” الواردة فيها بكونها تشمل كل التدابير الرامية إلى ضمان استدامة التراث الثقافي غير المادي، بما في ذلك تحديد هذا التراث وتوثيقه وإجراء البحوث بشأنه والمحافظة عليه وحمايته وتعزيزه وإبرازه ونقله، لا سيما عن طريق التعليم النظامي وغير النظامي، وإحياء مختلف جوانب هذا التراث.
وبخصوص صون التراث الثقافي غير المادي على الصعيد الوطني فقد ألزمت الاتفاقية في المادة 11 منها كل الدول الأطراف لاتخاذ التدابير اللازمة لضمان صون التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضيها؛ مع القيام بتحديد وتعريف مختلف عناصر التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضيها، بمشاركة الجماعات والمجموعات والمنظمات غير الحكومية ذات الصلة. مع التنصيص في المادة 12 على ما يسمى بقوائم الحصر حيث يجب على كل دولة طرف وضع قائمة أو أكثر لحصر التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضيها إذ يجري استيفاء هذه القوائم بانتظام.[14] كما أقرت المادة 13 تدابير أخرى يتعين على الدول الأعضاء الأخذ بها نذكر على سبيل المثال :
أ) اعتماد سياسة عامة تستهدف إبراز الدور الذي يؤديه التراث الثقافي غير المادي في المجتمع وإدماج صون هذا التراث في البرامج التخطيطية؛
ب) تعيين أو إنشاء جهاز أو أكثر مختص بصون التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضيها؛
ج) تشجيع إجراء دراسات علمية وتقنية وفنية، وكذلك منهجيات البحث من أجل الصون الفعال للتراث الثقافي غير المادي، ولا سيما التراث الثقافي غير المادي
المعرض للخطر؛
د) اعتماد التدابير القانونية والتقنية والإدارية والمالية المناسبة من أجل تيسير إنشاء أو تعزيز مؤسسات التدريب على إدارة التراث الثقافي غير المادي، وتيسير نقل هذا التراث من خلال المنتديات والأماكن المعدة لعرضه أو للتعبير عنه؛ و ضمان الانتفاع بالتراث الثقافي غير المادي مع احترام الممارسات العرفية التي تحكم الانتفاع بجوانب محددة من هذا التراث؛ وإنشاء مؤسسات مختصة بتوثيق التراث الثقافي غير المادي وتسهيل الاستفادة منها.
كما ألزمت الاتفاقية ايضا الدول الأطراف في المادة 14 على اعتماد كل وسائل التثقيف والتوعية وتعزيز القدرات في مجال صون التراث الثقافي غير المادي وذلك من خلال برامج تثقيفية للتوعية ونشر المعلومات موجهة للجمهور، وخاصة للشباب؛ وبرامج تعليمية وتدريبية محددة في إطار الجماعات والمجموعات المعنية؛ إضافة إلى أنشطة لتعزيز القدرات في مجال صون التراث الثقافي غير المادي، لا سيما في مجال الإدارة والبحث العلمي.
اما على مستوى صون التراث الثقافي غير المادي على الصعيد الدولي فإن الاتفاقية تنص على إحداث القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي للبشرية[15] إضافة إلى قائمة التراث الثقافي غير المادي الذي يحتاج إلى صون عاجل[16] مع وضع مقتضيات قانونية توضح آليات التعاون الدولي والمساعدة الدولية في مجال صون التراث اللامادي [17].
إضافة إلى ما سبق فإن الاتفاقية تنص في المادة 25 منها على إحداث “صندوق لصون التراث الثقافي غير المادي حيث يتأسس كصندوق لأموال الودائع، ويخضع لأحكام النظام المالي لليونسكو وتتألف موارده من مساهمات الدول الأطراف[18]؛ و الاعتمادات التي يخصصها المؤتمر العام لليونسكو لهذا الغرض؛ و المساهمات والهبات والوصايا التي يمكن أن تقدمها دول أخرى؛ ومنظمات وبرامج منظومة الأمم المتحدة، لا سيما برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، ومنظمات دولية أخرى؛ الهيئات العامة والخاصة والأفراد.
إضافة إلى أي فوائد مستحقة عن موارد الصندوق؛ وكذا حصيلة جمع التبرعات ومردود الحفلات التي تنظم لصالح الصندوق؛ وكل موارد أخرى يجيزها نظام الصندوق الذي تضعه اللجنة.
كما يتم تمويل الصندوق أيضا عبر المساهمات الطوعية الإضافية في الصندوق حيث تنص المادة 27 من هذه الاتفاقية على أنه : ” تقوم الدول الأطراف الراغبة في دفع مساهمات طوعية إضافية فوق المساهمات المنصوص عليها في المادة 26 ، بإخطار اللجنة بذلك في أقرب وقت ممكن لكي تسمح لها بتخطيط أنشطتها بناء على ذلك.” إضافة إلى الحملات الدولية لجمع الأموال التي تنظم لصالح الصندوق تحت رعاية اليونسكو.(المادة 28).[19]
- القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة[20]
بالرجوع إلى القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة يمكن تلمس عدة مقتضيات تقعد لوجود حماية قانونية تشمل التراث الثقافي اللامادي وفي مقدمة هذه الأحكام ما نصت عليه هذه المادة من سريان أحكام هذا القانون على “التعابير الفولكلورية والاعمال المستمدة من الفلكلور” وهي بلا شك جزء أصيل من التراث اللامادي بالمغرب، وقد عرف المشرع المغربي في المادة الأولى من هذا القانون “تعابير الفولكلور” بكونها “إنتاجات لعناصر مميزة من التراث الفني التقليدي تواتر تطويره والحفاظ عليه داخل تراب المملكة المغربية، من قبل مجموعة أو أفراد شهد لهم بأنهم يستجيبون للتطلعات الفنية التقليدية لهذه المجموعة. وتتضمن هذه الإنتاجات:
أ-الحكايات الشعبية والشعر الشعبي والألغاز
ب-الأغاني والموسيقى الشعبية المصحوبة بآلات العزف.
ج-الرقصات والعروض الشعبية.
د-إنتاجات الفنون الشعبية مثل الرسوم والرسوم الزيتية والمنحوتات والفخار، والخزف، والزليج، والنقش على الخشب والأدوات المعدنية والحلي، والنسيج والأزياء.”[21]
وعليه وترسيخا للحماية القانونية لتعابير الفولكور كمكون من مكونات التراث اللامادي فقد نصت المادة 7 من القانون رقم 2.00 على أنه :
“تحمى تعابير الفولكلور للاستعمالات التالية حينما تكون هذه الاستعمالات
لأهداف تجارية أو خارج إطارها التقليدي أو العرفي:
أ. الاستنساخ
ب. التبليغ للجمهور عن طريق العرض أو الأداء أو البث الإذاعي أو التوزيع عن
طريق الكابل أو أي وسيلة أخرى؛
ج. الاقتباس والترجمة أو أي تعديل آخر؛
د. تثبيت تعابير الفولكلور.
- إن الحقوق المخولة في المقطع الأول لا تطبق إذا كانت الأعمال المشار إليها
في هذا المقطع تهم:
أ. الاستعمالات التي يقوم بها شخص طبيعي لأغراض شخصية فقط؛
ب. إستعمال مقاطع مختصرة للأحداث اليومية إذا كان هذا الاستعمال يبرره موضوع الملخص؛
ج. الاستعمال فقط لأغراض التعليم المباشر أو البحث العلمي؛
د. الحالات التي يمكن فيها بمقتضى الباب الرابع من الجزء الأول استعمال
مصنف دون ترخيص المؤلف أو ذوي الحقوق.
- يجب الإشارة في كل النشرات المطبوعة وموازاة مع كل تبليغ للجمهور إلى
مصدر تعابير الفولكلور بطريقة مناسبة ومطابقة للاستعمالات الحسنة وذلك بذكر الجماعة أو المنطقة الجغرافية المستوحى منها تعبير الفولكلور.
- إن حق الترخيص بالأعمال المشار إليها في المقطع الأول من هذه المادة تعود
إلى المكتب المغربي لحقوق المؤلفين
5 تخصص المبالغ المحصلة بناء على هذه المادة لأغراض مهنية ولتنمية الثقافة “
كما نص هذا القانون على عقوبات مدنية في حق كل من مس بتعابير الفولكلور دون وجه حق حيث نص في المادة 63 منه على أن أي استعمال غير مرخص من المكتب المغربي لحقوق المؤلفين لتعبير الفولكلور بطريقة غير مسموح بها يعد مخالفة تعرض صاحبها لأداء تعويضات عن الضرر وإنذارات أو أي تعويض تراه المحكمة مناسبا في الشأن. إلى ترتيبه للمسؤولية الجنائية على خرق البند 1 من المادة 7 والمتعلق بحماية تعابير الفولكلور حيث نص المشرع المغربي في المادة 64 على أنه : ” يعاقب بالحبس من شهرين إلى 6 أشهر وبغرامة تتراوح بين عشرة آلاف ومائة ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبيتن فقط…كل من قام بشكل غير مشروع بأحد الاعمال المشار إليها في البند 1 من المادة 7 من هذا القانون..”[22]
وحري بالتنويه في الأخير إلى أن المادة 68 من القانون 2.00 تنص على أولوية الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة على مقتضيات هذا القانون في حالة وجود تعارض بينهما لكن شريطة أن تكون المملكة المغربية قد صادقت عليها كما هو الشان بالنسبة لاتفاقية اليونيسكو لصون التراث الثقافي اللامادي.
- القرارات الوزارية ذات الصلة بحماية التراث اللامادي بالمغرب
يمكن في هذا الصدد ذكر قرارين وزاريين من الأهمية بمكان فيما يتعلق بحماية بعض مكونات التراث الثقافي اللامادي بالمغرب ويتعلق الأمر ب:
+ قرار لوزير الثقافة رقم 06-1003 صادر في 8 جمادى الأولى 1427 (5 يونيو 2006) بتغيير قرار وزير الشؤون الثقافية رقم 96-1321 الصادر في 14 من صفر 1417 (فاتح يوليو 1996) بإحداث وتنظيم مركز الدراسات والأبحاث الحسانية.[23]
حيث أحدث بموجب المادة الأولى من هذا القرار لدى السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة مؤسسة ثقافية تحت اسم “مركز الدراسات والأبحاث الحسانية” يكون مقرها بالعيون ويتبع للمديرية الجهوية للثقافة التي يوجد داخل نفوذها الترابي.
+ قرار لوزير الثقافة رقم 06-1006 صادر في 8 جمادى الأولى 1427 (5 يونيو 2006) بتغيير قرار وزير الشؤون الثقافية رقم 95-276 الصادر في 28 من شعبان 1415 (30 يناير 1995) بإحداث وتنظيم مركز الدراسات والأبحاث حول تراث الملحون[24].
حيث أحدث بموجب المادة الأولى من هذا القرار لدى السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة مؤسسة ثقافية تحت اسم “مركز الدراسات والأبحاث حول تراث الملحون” يكون مقره بالرشيدية ، ويتبع للمديرية الجهوية للثقافة التي يوجد داخل نفوذها الترابي.
4.مشروع القانون 52.13 المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه
لقد جاء مشروع القانون 52.13 المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه حسب ما ورد في مذكرة تقديمه ليعوض ويعزز المقتضيات المنصوص عليها في القانون رقم 22.80 المتعلق بالمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، وليلاءم الإطار القانوني الوطني المتعلق بحماية وتثمين ونقل التراث الثقافي الوطني مع المعايير الدولية بتوافق مع الالتزامات الدولية المصادق عليها من قبل المملكة المغربية وكذا ليدمج المفاهيم الجديدة المعترف بها دوليا فيما يتعلق بالتراث الثقافي، وخاصة إحداث وحماية “المجموعات التاريخية والتقليدية” و”المناظر الطبيعية الثقافية”، والتراث الثقافي المغمور بالمياه والتراث الثقافي غير المادي[25].
وقد خصص المشرع المغربي الباب السادس (المواد من 139 إلى 147) من مشروع القانون 52.13 لكل ما يتعلق بإحداث حماية للتراث الثقافي غير المادي والحفاظ عليه وتثمينه وذلك من خلال ثلاثة أقسام على النحو الآتي :
- القسم الاول: بشأن إحداث عناصر التراث الثقافي غير المادي
- القسم الثاني : بشأن المحافظة على التراث الثقافي غير المادي
- القسم الثالث : بشأن تثمين التراث الثقافي غير المادي
بالرجوع للقسم الأول نجد المادة 139 تنص على أنه ” تحدث بصفة قانونية عناصر التراث الثقافي غير المادي التي يجب الحفاظ عليها وتثمينها، ويتم الاعتراف بها طبقا للاتفاقيات الدولية المنظمة لها التي وقع عليها المغرب، خصوصا الاتفاقية بشأن حماية التراث الثقافي غير المادي .
تأخذ بعين الاعتبار طبقا للمادة 4 من هذا القانون بصفة خاصة مجالات التراث الثقافي غير المادي التالية :
– التقاليد وأشكال التعبير بما في ذلك اللغة واللهجات کواسطة للتعبير عن التراث الثقافي غير المادي ؛
– فنون وتقاليد أداء العروض ؛
– الممارسات الاجتماعية والطقوس والاحتفالات ؛
– المعارف والممارسات المتعلقة بالطبيعة والكون ؛
– المدارك والمهارات المرتبطة بالفنون الحرفية التقليدية”
وقد جعل المشرع المغربي سلطة المبادرة لتحديد وتحديث عناصر التراث الثقافي غير المادي في يد السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة أو السلطة الحكومية الوصية على الجماعات المحلية، مع إمكانية أن تكون هذه المبادرة من طرف الجمعيات والهيئات والمؤسسات المتخصصة أو أي شخص آخر مؤهل.(المادة 141)، كما جاء مشروع القانون 52.13 بما يسمى بمنظومة “الكنوز الإنسانية الحية” حيث نصت المادة 143 على انه :
” تحدث بمقتضى قانون منظومة “للكنوز الانسانية الحية”
. يقصد ب”الكنز الإنساني الحي” كل شخص معترف له بامتلاكه لمستوى عال جدا من المعارف والخبرات والمهارات اليدوية والكفاءات المتعلقة بالتراث الثقافي غير المادي كما هو محدد في المادة 4 من هذا القانون.. يكون الاعتراف بالكنز الإنساني الحي بصفة شخصية ذاتية، ويخول لصاحبه حقوقا اجتماعية على وجه الخصوص، ويخضعه لالتزامات أخلاقية ومهنية تهدف إلى ضمان الحياة الكريمة لصاحب الحقوق وإلى استمرارية المدارك والمهارات المعنية.
يتم انتقاء الكنوز الإنسانية الحية من بين حاملي التراث الثقافي غير المادي الواردين بالسجل الوطني للجرد المشار إليه في المادة 4 من هذا القانون.”
وقد وضح المشرع المغربي أيضا تجليات الحماية المقررة للممتلكات الثقافية غير المادية في المادة 143 حيث تشمل دراسة أشكال التعبير والمواد الثقافية التقليدية وصيانتها والمحافظة عليها وذلك من خلال دراسة عناصر التراث الثقافي غير المادي التي جمعها الباحثون والمؤسسات المتخصصة لتعميق معرفتها ؛ وجعل عناصر التراث الثقافي غير المادي التي تم تحديدها بدقة، موضوع تدابير حماية ملائمة لطبيعتها بكيفية تتم معها المحافظة على ذاكرتها بكافة أشكالها ونقلها إلى الأجيال القادمة والعمل على نشر التراث الثقافي غير المادي بكل الوسائل، (المعارض والتظاهرات المختلفة والمنشورات وكل أشكال ووسائل التواصل وإحداث متاحف أو أجنحة بالمتاحف…)؛ إضافة إلى الاعتراف بالأشخاص أو مجموعة الأشخاص الحاملين لمعرفة في أحد مجالات التراث الثقافي غير المادي.
وتحدد مقتضيات المادة 143 بنص تنظيمي وتتعلق بتدابير المحافظة المتمثلة في :
– التقييد في السجل الوطني للجرد ؛
– إعداد مخطط قطاعي سنوي أو متعدد السنوات من أجل تثمين التراث الثقافي غير المادي
– خلق و أو دعم مصالح غير ممركزة ولامركزية مخصصة للمحافظة على التراث غير المادي، وخصوصا الذي تكتسي حمايته طابع الأولوية ؛
– إشراك وتحسيس الجماعات والمجموعات والأفراد المعنيين بالتراث الثقافي غير المادي – إحداث بنيات التكوين والتعليم الملائمة ونقل المعارف المتعلقة بالتراث غير المادي ؛
– إدماج التكوين المتعلق بمجالات التراث غير المادي بمؤسسات التعليم العالي.
وحري بالتنويه ان عناصر التراث الثقافي غير المادي تخضع لمسطرة التقييد في السجل الوطني للجرد بقرار من السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة بعد أخذ رأي اللجنة الوطنية للتراث الثقافي، كما أنه يمكن لعناصر التراث الثقافي غير المادي أن تكون موضع اعتراف دولي بالتسجيل في اللائحة التمثيلية للتراث العالمي غير المادي(المادة 144).
وفي إطار تثمين التراث اللامادي أحدث المشرع المغربي بموجب مشروع القانون 52.13 جائزة تسمى “جائزة التراث الثقافي غير المادي” تنظمها السلطة الحكومية المكلفة بالثقافة كل سنتين وتمنح للأشخاص المعنوية أو الطبيعية التي قامت بعمل متميز لتكريس وحماية وتثمين الإبداعات المحددة في مجال التراث الثقافي غير المادي.[26]
أخيرا بالرجوع للقسم الثالث الذي خصصه المشرع المغربي لتثمين التراث الثقافي غير المادي أن المادة 146 على إحداث صندوق خاص لتمويل عمليات حماية الممتلكات الثقافية غير المادية والمحافظة عليها وتثمينها. يطلق عليه إسم “صندوق تثمين التراث الثقافي غير المادي”.[27] وعلى مستوى الحماية الجنائية فقد زاوج مشروع القانون بين العقوبات السالبة للحرية ( من شهر إلى 5 سنوات مع مراعاة العقوبات الجنائية الأشد ) والغرامات المالية ( قد تصل إلى 150000 درهم) في حق كل من خرق المقتضيات ذات الصلة بحماية التراث الثقافي عموما[28]
إذن انطلاقا مما سبق يتضح بالملموس أن المشرع المغربي حاول ملاءمة تشريعه الوطني مع اتفاقية اليونسكو لصون التراث اللامادي والتي صادق عليها المغرب سنة 2009 وذلك من خلال مقتضيات الباب السادس من مشروع القانون رقم 52.13 المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه.[29]
خــــاتمة :
يتضح من كل ما سبق أن الترسانة القانونية المغربية أولت اهتماما كبيرا للثقافة عموما والتراث الثقافي على وجه الخصوص، وإذا كان الاهتمام بالتراث اللامادي حديث نسبيا فإن انخراط المغرب في اتفاقية اليونسكو لسنة 2003 وملاءمة تشريعه الوطني مع الاتفاقيات الدولية في مجال حماية التراث من خلال طرح مشروع القانون رقم 52.13 للمناقشة يؤكد رغبته الصريحة في توفير أرضية قانونية لحماية التراث الثقافي عموما والتراث اللامادي على وجه الخصوص.
ارتباطا بكل هذا يمكننا اقتراح التوصيات الآتية :
- التسريع بالمصادقة على القانون رقم 52.13 المتعلق بحماية التراث الثقافي والمحافظة عليه وتثمينه.
- التعجيل بالمصادقة على القانون التنظيمي رقم 04.16 المتعلق بالمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية
- وضع بوابة إلكترونية وطنية للتعريف بالتراث الثقافي اللامادي بالمغرب يتم تحيينها دوريا.
- إصدار تقارير سنوية حول المسألة الثقافية عموما والتراث الثقافي خصوصا والتراث اللامادي بشكل أخص.
- ربط الجامعة المغربية بالشأن الثقافي عموما ومجالات التراث اللامادي على وجه الخصوص من خلال تشجيع تخصصات دقيقة ذات صلة بالتراث الثقافي اللامادي بالمغرب.
- الرفع من عدد المناصب المالية المخصصة سنويا لقطاع الثقافة.
- توفير الدعم اللازم للديناميات الثقافية التي تهتم بقضايا التراث الثقافي اللامادي.
الهوامش:
[1] للاطلاع على خطاب العرش يرجى الضغط على الرابط الآتي: الرابط
[2] يمكن الاطلاع على التقرير كاملا على الرابط الآتي: الرابط
[3] من أقدم تعريفات الثقافة وأشدها رسوخاً وثباتاً التعريف الذي قدمه إدوارد بورنث تايلور في بداية كتابه “الثقافة البدائية” الصادر عام 1871 حيث عرّف الثقافة بأنها “تلك الوحدة الكلية المعقدة التي تشمل المعرفة والإيمان والفن والأخلاق والقانون والعادات، بالإضافة الي أي قدرات وعادات أخرى يكتسبها الإنسان بصفته عضواً في مجتمع”.
[4] موسى بودهان، النظام القانوني لحماية التراث الوطني، دار الهدى، عين مليلية، الجزائر 2013 ، ص18
[5] عبد الغني عماد، سوسيولوجيا الثقافة (المفاهيم والإشكاليات..من الحداثة إلى العولمة”، مركز دراسات الوحدة العربية ، بيروت، لبنان، الطبعة الاولى،2006، ص319
[6] للاطلاع على الاتفاقية المرجوا الضغط على الرابط أدناه: الرابط
[7] لحسن أمقران، التراث المادي واللامادي والواحات، مقال منشور على موقع هسبريس، تاريخ الزيارة 01 ماي 2020
[9] منشور بالجريدة الرسمية عدد 5755 بتاريخ 4 شعبان 1430 (27 يوليو2009)
[10] للاطلاع أكثر حول مكونات الراسمال غير المادي أنظر تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي حول “الثروة الإجمالية للمغرب: ما بين 1999 و 2000” ص 36 و 37
[11] دستور 2011 صادر الأمر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.11.91 صادر في 27 من شعبان 1432 (29 يوليوز 2011) ، الجريدة الرسمية عدد 5964 مكرر، بتاريخ 28 شعبان 1423 (30 يوليوز 2011)
[12] للاطلاع أكثر حول هذا الموضوع انظر : تقرير السياسات العمومية الثقافية بالمغرب، صادر عن معهد برومثيوس للديموقراطية وحقوق الإنسان و نسيج- موارد للتنمية الشبابية المجتمعية في الوطن العربي، الرباط أكتوبر 2015
[13] حيث جاء في ديباجة هذه الاتفاقية أنه:
” بالنظر إلى أهمية التراث الثقافي غير المادي بوصفه بوتقة للتنوع الثقافي وعاملا سيضمن التنمية المستدامة، وفقا لما أكدته توصية اليونسكو بشأن صون الثقافة التقليدية والفولكلور لعام 1989، وإعلان اليونسكو العالمي بشأن التنوع الثقافي لعام 2001، وإعلان اسطنبول لعام 2002، المعتمد في اجتماع المائدة المستديرة الثالث لوزراء الثقافة ” التراث الثقافي غير المادي : مرآة التنوع الثقافي” .
وبالنظر إلى الترابط الحميم بين التراث الثقافي غير المادي والتراث المادي الثقافي والطبيعي.
وإذ يلاحظ أن عملتي العولمة والتحول الاجتماعي، إلى جانب ما توفرانه من ظروف مساعدة على إقامة حوار متجدد فيما بين الجماعات، فإنهما، شانهما شأن ظواهر التعصب، تعرضان التراث الثقافي غير المادي لأخطار التدهور والزوال والتدمير، ولاسيما بسبب الافتقار إلى الموارد اللازمة لصون هذا التراث.
وإدراكا منه للرغبة العالمية النطاق والشاغل المشترك فيما يتعلق بصون التراث الثقافي غير المادي للبشرية،
إذ يعترف بأن الجماعات، وخاصة جماعات السكان الأصليين، والمجموعات، وأحيانا الأفراد، يضطلعون بدور هام في إنتاج التراث الثقافي غير المادي والمحافظة عليه وصيانته وإبداعه من جديد، ومن ثم يسهمون في إثراء التنوع الثقافي والإبداع البشري،
ويلاحظ الجهود الواسعة النطاق التي بذلتها اليونسكو لإعداد وثائق تقنينية من أجل حماية التراث الثقافي، لا سيما اتفاقية حماية التراث العالمي الثقافي و الطبيعي لعام 1972،
و يلاحظ أيضا أنه لا يوجد إلى الآن أي صك متعدد الأطراف ذي طابع ملزم يستهدف صون التراث الثقافي غير المادي،
ونظرا لأن الاتفاقات والتوصيات والقرارات الدولية القائمة بشأن التراث الثقافي والطبيعي ينبغي إثراؤها واستكمالها على نحو فعال بأحكام جديدة تتعلق بالتراث الثقافي غير المادي،
ونظرا لضرورة تعزيز الوعي، وخاصة بين الأجيال الناشئة، بأهمية التراث الثقافي غير المادي وبأهمية حمايته،
وإذ يرى أنه ينبغي للمجتمع الدولي أن يسهم مع الدول الأطراف في هذه الاتفاقية في صون هذا التراث بروح من التعاون والمساعدة المتبادلة،
ويذكر ببرامج اليونسكو الخاصة بالتراث التقافي غير المادي، لاسيما إعلان روائع التراث الشفهي وغير المادي للبشرية،
ونظرا للدور القيم للغاية الذي يؤديه التراث غير المادي في التقارب والتبادل والتفاهم بين البشر” فإنه تم اعتماد هذه الاتفاقية كأول صك دولي يهدف لحماية التراث اللامادي وتثمينه.
[14] المادة 12: قوائم الحصر
١ – من أجل ضمان تحديد التراث الثقافي غير المادي بقصد صونه، تقوم كل دولة طرف بوضع قائمة أو أكثر لحصر التراث الثقافي غير المادي الموجود في أراضيها. ويجري استيفاء هذه القوائم بانتظام.
٢ – وتقوم كل دولة طرف، لدى تقديم تقريرها الدوري إلى اللجنة وفقا لأحكام المادة 29 ، بتوفير المعلومات المناسبة بشأن هذه القوائم.
[15] انظر المادة 16
[16] انظر المادة 17
[17] المواد من 19 إلى 24
[18] المادة 26: مساهمات الدول الأطراف في الصندوق
١ – تتعهد الدول الأطراف في هذه الاتفاقية، دون المساس بأية مساهمة طوعية إضافية، بأن تدفع للصندوق، كل عامين على الأقل، مساهمات تقرر الجمعية العامة مقدارها على شكل نسبة مئوية متساوية تطبق على كل الدول. وتتخذ الجمعية العامة هذا القرار بأكثرية الدول الأطراف الحاضرة والمصوتة التي لم تقدم التصريح المشار إليه في الفقرة 2 من هذه المادة. ولا يمكن بأي حال أن تتجاوز المساهمة الطوعية للدول الأطراف في الاتفاقية نسبة 1٪ من مساهمتها في الميزانية العادية لليونسكو.
٢ – بيد أنه يجوز لكل من الدول المشار إليها في المادة 32 أو المادة 33 من هذه الاتفاقية، أن تصرح في وقت إيداعها وثائق التصديق أو القبول أو الموافقة أو الانضمام بأنها غير مرتبطة بأحكام الفقرة 1 من هذه المادة.
٣ – تسعى كل دولة طرف في الاتفاقية قدمت التصريح المشار إليه في الفقرة 2 من هذه المادة، إلى سحب هذا التصريح، بموجب إخطار تقدمه للمدير العام لليونسكو. غير أن سحب التصريح لا يؤثر على المساهمة المستحقة على هذه الدولة، إلا اعتباراً من تاريخ افتتاح دورة الجمعية العامة التالية.
٤ – لكي تتمكن اللجنة من التخطيط لعملياتها بصورة فعالة، ينبغي أن تدفع الدول الأطراف التي قدمت التصريح المشار إليه في الفقرة 2 من هذه المادة، مساهماتها على أساس منتظم، وكل سنتين على الأقل، على أن تكون هذه المساهمات أقرب ما يمكن إلى مقدار المساهمات التي كان يتوجب عليها دفعها، لو كانت مرتبطة بأحكام الفقرة 1 من هذه المادة.
٥ – لا يجوز انتخاب أية دولة طرف في هذه الاتفاقية عضواً في اللجنة إذا تخلفت عن دفع مساهمتها الإجبارية أو الطوعية للسنة الجارية والسنة التقويمية التي تسبقها مباشرة، غير أن هذا الحكم لا يسري لدى أول انتخاب. وإذا كانت الدولة المعنية عضوا باللجنة، فإن مدة عضويتها تنتهي عند إجراء أي انتخاب منصوص عليه في المادة 6 من هذه الاتفاقية.
[19] لا بد من الإشارة في الأخير إلى محور هام يتعلق بإصدار الدول التي صادقت على الاتفاقية لتقارير تتعلق بمدى التزامها بتنزيل مقتضيات اتفاقية صون التراث الثقافي اللامادي وهي كالآتي :
المادة 29: تقارير الدول الأطراف
تقدم الدول الأطراف إلى اللجنة، وفقاً للشكل والإيقاع اللذين تحددهما اللجنة، تقارير بشأن الأحكام التشريعية والتنظيمية والأحكام الأخرى المتخذة لتنفيذ الاتفاقية.
المادة 30: تقارير اللجنة
1- ترفع اللجنة إلى كل دورة من دورات الجمعية العامة تقريرا تعده بالاستناد إلى أنشطتها وإلى تقارير الدول الأطراف المشار إليها في المادة 29 .
2 – ويعرض هذا التقرير على المؤتمر العام لليونسكو ليأخذ علما به.
[20] ظهير شريف رقم 1.00.20 صادر في 9 ذي القعدة 1420 (15 فبراير 2000) بتنفيذ القانون رقم 2.00 المتعلق بحقوق المؤلف والحقوق المجاورة منشور بالجريدة الرسمية عدد4796 بتاريخ 14 صفر 1421 (18 ماي 2000) ص 1112
[21] بخصوص المصنف المستمد من الفولكلور هو كل مصنف مؤلف من عناصر مقتبسة من التراث الثقافي التقليدي المغربي.
[22] يمكن معاقبة كل من مس بتعابير الفولكلور بشكل غير شرعي بأيضا بالتدابير والعقوبات الإضافية المشار إليها في المادة 3.64 من القانون رقم 2.00 مثل مثل حجز جميع النسخ المنجزة خرقا لأحكامه وإتلافها أو الإغلاق النهائي أو المؤقت للمؤسسة التي يستغلها مرتكب المخالفة.
[23] منشور الجريدة الرسمية رقم 5440 الصادرة يوم الخميس 20 يوليوز 2006
[24] منشور بالجريدة الرسمية رقم 5440 الصادرة يوم الخميس 20 يوليوز 2006
[25] بالتاكيد أن مشروع القانون 52.13 جاء كنتيجة لمصادقة المغرب على اتفاقية اليونيسكو بخصوص صون التراث الثقافي اللامادي في محاولة منه لملاءمة تشريعاته الوطنية مع الصكوك الدولية.
[26] تنص المادة 145 في فقرتها الثانية على أنه “يتم تحديد كيفية تنظيم ومنح هذه الجائزة بمقتضى نص تنظيمي”
[27] انظر المادة 147 بخصوص موارد هذا الصندوق
[28] انظر المواد 166 وما بعده من مشروع القانون.
[29] لم ينل هذا المشروع الأهمية التي يستحقها من طرف الحكومة أو البرلمان وهو ما يعكس عموما ضعف الاهتمام البرلماني بالسياسات العمومية ذات الصلة بالثقافة.