مجلة مغرب القانونفي الواجهةندوة علمية بوجدة: النظام الاقتصادي الإسلامي..أي إسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟

ندوة علمية بوجدة: النظام الاقتصادي الإسلامي..أي إسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟

يعرف المغرب تطورا مهما على مستوى الاختيارات الاقتصادية التي ينهجها، خصوصا في اتجاه الخروج من النظام الاقتصادي الكلاسيكي إلى نظام أكثر مرونة وانفتاحا على تجارب اقتصادية ناجحة. في هذا الاتجاه، عمل على إخراج قوانين المالية الإسلامية إلى حيز التطبيق، كما قامت عدد من المجموعات المالية المغربية بإطلاق عدد من البنوك التشاركية.

هذه الخطوات، التي كانت تشكل مطلب العديد من التنظيمات والمؤسسات بالمغرب، ما زالت بحاجة إلى المزيد من النقاش العلمي الرصين من أجل تطويرها. وهذا ما تحاول العديد من الجامعات ومعاهد البحث العلمي القيام به عبر إغناء النقاش العمومي، وتوسيعه في اتجاه ربط هذه التمويلات بمؤسسة الزكاة والوقف، وتدعيم هذا النظام بأفكار ومقترحات لا تجعل من التمويلات الإسلامية بديلا فقط للتمويلات الربوية كما يراها البعض وإنما فاعلا أساسيا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية.

في هذا الإطار، نظمت جامعة محمد الأول ومركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية بوجدة، مؤخرا، ندوة دولية في موضوع “النظام الاقتصادي الإسلامي.. أي إسهام في التنمية الاقتصادية والاجتماعية؟”.

وتنطلق أرضية هذه الندوة من تشخيص دقيق لواقع الأزمات المالية التي عانت منها الإنسانية في العقود الأخيرة، والتي أبانت عن محدودية النظام الاقتصادي التقليدي ونواقصه؛ وهو ما دفع بالعديد من الفاعلين إلى البحث عن بدائل والتفكير في نظام أكثر استقرارا يراعي القيم الأخلاقية للمجتمع.

سمير بودينار، رئيس مركز الدراسات والبحوث الإنسانية والاجتماعية، أكد، في افتتاح هذه التظاهرة العلمية، أن اختيار النظام الاقتصادي الإسلامي موضوعا للندوة يأتي في سياق دولي مطبوع بإثارة أسئلة مهمة ومركبة حول الإسهام الممكن والمتوقع للنموذج الاقتصادي والمالي المنطلق من الأحكام والأخلاقيات الإسلامية في التنمية الاقتصادية والاجتماعية للدول، وأن اختيار القمة العالمية للاقتصاد الإسلامي التنمية الاجتماعية محورا لدورتها الأخيرة يؤكد هذه الأسئلة والتطلعات.

مقال قد يهمك :   مدى حاجة المغرب إلى مراجعة دستورية لتحقيق الانتقال الديمقراطي

من جهته، ناقش الدكتور مصطفى بنحمزة، رئيس المجلس العلمي المحلي لوجدة، موضوع “البعد الاقتصادي للوقف”، وتحدث فيه أساسا عن الإطار الشرعي للوقف ومقاصده وأهم المجالات التي شملها، فضلا عن المراحل التاريخية التي مر بها، خاصة على مستوى المغرب، حيث أسهم في التنمية الثقافية والفكرية والاقتصادية، وفي حل عدد من المشكلات الاجتماعية.

كما أكد بالمناسبة على ضرورة العمل على إحياء فكرة الوقف والتعريف به، وإقناع الناس بجدواه، والتفكير في صيغ جديدة له، حتى ينخرط بشكل أكبر في الدورة الاقتصادية، ويسهم في تشجيع الاستثمار وخلق مزيد من فرص الشغل خاصة بالنسبة إلى فئة الشباب.

مؤسسة الزكاة كانت حاضرة بقوة في أشغال هذه الندوة الدولية، إذ تطرق المشاركون لعدة محاور تتعلق أساسا بـ”الزكاة باعتبارها نموذجا للاقتصاد الاجتماعي والتضامني ووسيلة لتحقيق توزيع عادل للثروات، وبالتالي زيادة مؤشر الاستهلاك وخلق الثروة. كما أن دورها يعد مركزيا في الحد من الفوارق الاجتماعية ومكافحة فقر وهشاشة المجتمع.

وعلاقة بمحور التمويلات الإسلامية، دعا المشاركون في الندوة الدولية حول الاقتصاد الإسلامي إلى إدماج الجامعة في عملية تطوير وإنجاح تجربة البنوك التشاركية بالمغرب، ووضع استراتيجية واضحة للتجربة المغربية في مجال البنوك التشاركية على المدى القريب والبعيد، والعمل على إرساء سياسة وطنية شمولية لمواكبة التجربة المغربية في مجال التمويل التشاركي.

ويبقى نجاح مثل هذه الدعائم الاقتصادية المشكلة للنظام الاقتصادي الإسلامي مرهونا بمدى قابليتها للمرونة والتطوير حتى تستطيع منافسة أشكال اقتصادية حصنت مواقعها وأصبحت جزءا لا يتجزأ من منظومة اقتصادية مترابطة صعبة التفكك وإعادة البناء؛ وهو ما يستدعي العودة إلى مبدأ توازن السوق والمنافسة الحرة وتناسب العرض والطلب حتى تصمد الوسائل الأكثر نجاعة وفعالية.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]