الهيني: الأمر القضائي بحجز “البخاري : نهاية أسطورة” غير معلل وليس له أساس قانوني.
- محمد الهيني : دكتور في القانون وفاعل حقوقي.
- عنوان المقال : حجز “صحيح البخاري نهاية أسطورة” إساءة إلى الدين و إلى المواثيق الدولية
باطلاعي على الأمر القضائي الصادر عن رئيس المحكمة الابتدائية بمراكش بتاريخ 7/11/2017 في الملف عدد 1108/1101/2017 القاضي بحجز نسخ كتاب “صحيح البخاري، نهاية أسطورة” مع احترامي لأحكام القضاء أصبت كحقوقي بصدمة وخيبة كبيرة؛ لأن الحجز هو الذي أساء إلى الأمن الروحي للمغاربة وإلى حرية التعبير وليس العكس، فهل المؤلف سب الله أو الرسل حتى يحجز، بل على العكس هو ناقش كتابا لا يكتسي أي قدسية بل يعد مرجعا للحديث جمع الصحيح فيه والفاسد فسادا مطلقا، لأن بعض الأحاديث الواردة فيه من العار نسبتها إلى الدين الإسلامي أو إلى رسول الله ومن مضحكات الزمن والعصر التي لا يمكن أن نحكيها حتى للأطفال.
إن الأمر القضائي فيه تجاوز لحرية التعبير وحرية الإبداع المضمونة دستوريا، حيث نص الفصل الـ25 من الدستور على أن حرية الفكر والرأي والتعبير مكفولة بكل أشكالها.
ومن ثمّ، فإن حرية الإبداع والنشر والعرض في مجالات الإبداع الأدبي والفني والبحث العلمي والتقني مضمونة.
كما أن الأمر القضائي غير مسبب وغير مؤسس على أساس صحيح من الدستور والقانون، فكيف انتهى القاضي إلى أن المؤلف يمس بالأمن الروحي؟ وهو لم يأمر بإجراء خبرة ولم يسند على أمر فقهي أو علمي؟ لأنه بنى علله على الظن والتخمين وليس الجزم واليقين.
أنا حزين جدا اليوم، لأن أخطر حجز ومصادرة هو مصادرة الأفكار ونفيها وإقبارها؛ لأن العلم يواجه بالعلم، وليس بالقيود غير الدستورية.
أتمنى أن يطعن في مثل هذا الأمر القضائي، وتتم مراجعته وتصحيحه لدى محكمة الطعن؛ لأنه لا يشرف الجهة رافعة الطلب أو القضاء المغربي كما عرفته قضاء الحقوق والحريات وليس قضاء الحجز والمصادرة؛ لأن العلم ليس حقيقة مطلقة بل هو حقيقة نسبية، ولا يمكن التحجير عليه بأوهام ليس لها أساس.
يمكن أن تختلف حول المؤلف؛ لكن الاختلاف يكون بالمناقشة والرأي وليس بالإعدام، لأن إعدام المؤلف إعدام للأفكار الحرة وتجسيد علمي للاستبداد والرأي الوحيد لتنميط الفكر وصياغته في قوالب واحدة جاهزة وقتل لحرية الإبداع والتنمية.. فأين نحن من تطبيق الفصل الـ26 من الدستور، الذي ينص على أن السلطات العمومية تُدعم بالوسائل الملائمة تنمية الإبداع الثقافي والفني والبحث العلمي والتقني والنهوض بالرياضة، كما تسعى إلى تطوير تلك المجالات وتنظيمها، بكيفية مستقلة، وعلى أسس ديمقراطية ومهنية مضبوطة؟.