مسطرة الصلح مع شركة التأمين في إطار القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل
مريم بروك طالبة بماستر القانون المدني الاقتصادي بكلية الحقوق السويسي
تعتبر حوادث الشغل من المشكلات الرئيسية التي تواجه الأجراء أثناء مزاولتهم لعملهم أو بمناسبة ذلك، مما يجعلهم عرضة لحوادث خطيرة قد تضع حدا لحياتهم، أو تخلف لهم عجزا كليا او جزئيا عن العمل، وقد عرفت هذه المخاطر والحوادث تزايدا على إثر الثورة الصناعية وانتشار استخدام الآلات على نطاق واسع، فكان لابد من البحث عن حلول لحماية المصابين خصوصا مع زيادة حوادث الشغل التي تصيب إجراء غير المدربين بما فيه الكفاية على هذه الآلات.
ومهما اتجهت الجهود إلى العمل على وقاية الأجير من خطر الإصابة بحوادث الشغل من خلال اتخاذ الإجراءات اللازمة، إلا أن الواقع العملي أثبت أنه مهما تقدمت الأساليب الفنية في الصناعة، ومهما كانت النصوص التشريعية التي تفرض شروط الأمن والسلامة والوقاية من الحوادث ، فإنه لا يمكن منع وقوع الحوادث للأجراء بل هي في تزايد مع التطور الصناعي [1].
ووعيا من المشرع المغربي بالآثار الوخيمة التي تخلفها هاته الحوادث سواء على المستوى الاجتماعي أو الاقتصادي، خول لضحايا حوادث الشغل وذوي حقوقهم مجموعة من الضمانات القانونية لضمان أداء مختلف التعويضات الناتجة عن حوادث الشغل.
وإذا ما قمنا بالبحث عن التطور التاريخي للمؤيدات القانونية لضمان أداء التعويض عن حوادث الشغل، فإننا نجد أنه لم يكن هناك قبل الحماية أي نص قانوني يضمن حماية الأجير ضد أخطار حوادث الشغل، ومع بسط الحماية على المغرب لم يصدر كذلك أي تشريع خاص في الموضوع، وإنما كانت المسألة تخضع لمقتضيات ظهير الالتزامات والعقود الصادر في 12 غشت 1913،بعد ذلك بدأت النصوص الحمائية الحديثة بالظهور على مراحل، إلى أن صدر ظهير 25 يونيو 1927 بالتعويض عن حوادث الشغل، والذي غير من حيث الشكل فيما بعد بمقتضى ظهير 6 فبراير 1963[2].
غير أن التطور الذي عرفه المجتمع المغربي عموما وميدان الشغل على وجه الخصوص، استوجب تدخل المشرع عن طريق تعديل مقتضيات هذا الظهير نظرا للانتقادات التي وجهت إليه من مختلف الباحثين والمهتمين، والتي همت الإجراءات المسطرية البطيئة والمعقدة بفعل كثرة المتدخلين فيها، بالإضافة إلى الركاكة التي تشوب نصوص ظهير 6 فبراير 1963، وضعف التعويضات الممنوحة لضحايا حوادث الشغل وذوي حقوقهم .
ومن أجل تعزيز وتدعيم منظومة الحماية الاجتماعية بصفة عامة، والرقي بهذا النظام إلى مستوى تطلعات ورغبات جميع المتدخلين، وضمان مكاسب اجتماعية جديدة للمستفيدين من أحكامه، وضع المشرع قانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل[3]، يروم إلى مراجعة شمولية متكاملة ومندمجة من أجل تحسين التغطية الاجتماعية ضد حوادث الشغل، وذلك بتوفير ظروف عمل ملائمة والوقاية من الأخطار المهنية، وسن ضمانات قانونية لضمان أداء مختلف التعويضات والإيرادات لفائدة ضحايا حوادث الشغل وذوي حقوقهم، وهنا نخص بالذكر أهم مستجد من مستجدات هذا القانون ويتعلق الأمر بمسطرة الصلح أمام شركات التأمين .
تعتبر مسطرة الصلح من مستجدات قانون 18.12 والتي لم يعرف لها نظير في ظهير 1963 حيث كان النزاع يعرض مباشرة على القضاء من قبل الجهات الادارية المصرح أمامها بالحادثة، وقد أفرد لها المشرع من خلال القانون المذكور أعلاه الباب الأول من القسم الخامس معنونا إياه بمسطرة الصلح مفردا له المواد من 132 الى 140،
حيث تنص المادة 133 من هذا القانون “يقصد بالصلح ، حسب مدلول هذا القانون ،الاتفاق المبرم بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل من أجل تمكينهم من الاستفادة من المصاريف والتعويضات المنصوص عليها في المادة 37 أعلاه وتلك المنصوص عليها في القسم الرابع من هذا القانون”
و من خلال ما سبق يكتسي موضوع مسطرة الصلح أمام شركة التأمين أهمية بالغة في حياة الطبقة الشغيلة، ذلك بالنظر إلى أهمية هذه المسطرة من أجل ضمان التوازن بين الطرفين وضمان حماية أكثر للمصاب كطرف ضعيف، فالإشكالية المطروحة هنا عن مدى فعالية مسطرة الصلح في إطار قانون 18.12 المتعلق بحوادث الشغل في تحقيق حماية فعالة للأجير، وتتفرع عن هذه الإشكالية مجموعة من الأسئلة من قبيل، مدى الزامية هذه المسطرة وما جزاء عدم سلوكها وعلى من تقع مسؤولية تتبعها وهل ميز المشرع في إطارها بين المشغل المؤمن وغير المؤمن ؟
و للإحاطة بالموضوع والإجابة على الأسئلة المطروحة سنتناولها من خلال مبحثين:
- المبحث الأول: مسطرة الصلح: ضمانة قانونية لحقوق الاجير المصاب
- المبحث الثاني: المسطرة المتبعة في إطار القانون 18.12 للحصول على التعويض عن حادثة شغل
المبحث الأول: مسطرة الصلح : ضمانة قانونية لحقوق الأجير المصاب
قصد تحقيق التوازن بين المصالح المتناقضة للأطراف خلال مسطرة الصلح وخصوصا مصالح المصاب لكونه الطرف الضعيف في المعادلة الصلحية حرص المشرع على إحاطة مسطرة الصلح أثناء سريانها بمجموعة من الضمانات الأساسية لإجراء عروض صلح مناسبة لحقيقة الأضرار التي لحقت المصاب (المطلب الأول) كما كرس نوع من الازدواجية في تعامل الأجير المصاب بالحادثة مع مسطرة الصلح (المطلب الثاني)؟
المطلب الأول: الضمانات القانونية أثناء سريان مسطرة الصلح
حاول المشرع المغربي إحاطة مسطرة الصلح أثناء سريانها بمجموعة من القواعد الآمرة، من أجل ضمان التوازن بين الطرفين وضمان حماية أكثر للمصاب كطرف ضعيف في المعادلة الصلحية، وتتجلى أهم الضمانات القانونية في قواعد آمرة ترتبط بالنظام العام (الفقرة الأولى) وآجال قانونية من أجل التسريع من وثيرة الصلح (الفقرة الثانية) وشكلية المحضر (الفقرة الثالثة) ثم وسائل قانونية للتبليغ (الفقرة الرابعة).
الفقرة الأولى: مدى ضرورة احترام الصلح لمقتضيات النظام العام.
إن تفعيل القواعد القانونية لهذا القانون وفرض احترامه، وأن يكون في منأى عن أي تجاوز من طرف المخاطبين به، لن يتأتى إلا بمنح هذه القواعد الصفة الآمرة، مع إجازة مخالفتها إذا كانت هناك مقتضيات أكثر فائدة قد يتضمنها النظام الداخلي أو الأساسي للمقاولة وعقد الشغل أو اتفاقية الشغل الجماعية أو عقد التأمين[4].
حيث أن كل تجاوز خلال إبرام الصلح بين الطرفين لمقتضيات قانونية من النظام العام و يمس المصالح الأساسية لأحد الطرفين (مثل تحمل المصاريف أو تنازل عن التعويض اليومي أو اعتماد الأجر السنوي يقل عن الحد الأدنى للأجر المحدد قانونا … أو أي شرط من الشروط المنصوص عليها قانونا)، يكون مصيره البطلان باعتباره يشكل تعديا على مصلحة من مصالح الأطراف التي أحاطها المشرع بسياج من القواعد الآمرة حيث جاء في المادة الثانية من هذا القانون ” تعتبر باطلة بحكم القانون كل اتفاقية مخالفة لأحكام هذا القانون التي تعتبره من النظام العام “
الفقرة الثانية: دور الآجال في التسريع من مسطرة الصلح
حاول المشرع المغربي في مسطرة الصلح إحاطتها بحاجز زمني يتجلى في الآجالات حتى لا تأخذ هذه المسطرة مدة زمنية طويلة وتفقد الجدوى من إحداثها، الذي هو حصول المصاب أو ذوي حقوقه على التعويضات القانونية في وقت قصير ومعقول.
والملاحظ أن المشرع المغربي وحد الآجالات في هذا الباب، في أجل 30 يوما من إيداع شهادة الشفاء أو شهادة الوفاة أو التوصل بهما في حالة تقديم العروض من جانب المؤمن (المادة 134) أو من تاريخ التوصل برسالة العروض في حالة الجواب بالرفض أو القبول لها من جانب المصاب أو ذوي الحقوق، أو من تاريخ التوقيع على محضر الصلح في حالة الأداء للمصاريف والتعويضات المضمونة قانونيا.
الفقرة الثالثة: شكلية نموذج محضر الصلح كآلية لحماية المصاب في حادثة الشغل
أمام الحالة النفسية والجسدية والمادية التي يكون عليها المصاب بحادثة الشغل والحاجة الماسة إلى الجانب المادي وعدم خبرته القانونية لمعرفة كافة المعطيات القانونية التي تتصل بإبرام الصلح في حوادث الشغل، ومن جهة ثانية الوضعية الاقتصادية والمالية والفنية لشركات التامين، وخبرائها القانونيين الذين على علم بجميع المقتضيات القانونية المنظمة لحوادث الشغل. ومن جهة ثالثة أمام انتشار واختلاف العقود النموذجية واستفراد شركات التامين بتنظيمها والتي قد تنعكس سلبا على المصالح المادية والقانونية للمصاب
تدخل المشرع المغربي في قانون 12/18 من أجل توحيد هذه النماذج في نموذج موحد وجعله الوسيلة الوحيدة لإثبات الصلح الذي ضمنه مجموعة من المعطيات التي على أساسها يتم احتساب التعويضات أو المصاريف والإيرادات للمصاب أو ذوي الحقوق في حالة الوفاة.
حيث يتم تفريغ الصلح المزمع إبرامه بين المصاب والمؤمن في نموذج لمحضر الصلح وذلك طبقا للفقرة الثانية من المادة 133 من قانون 12/18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل حيث جاء فيها ” ويتم إثبات الاتفاق المتوصل اليه بين الطرفين في محضر رسمي لمحضر الصلح يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكانة التشغيل
حيث اعتبر المشرع ع هذا المحضر[5] بمثابة وسيلة إثبات للصلح والمبرم بين الطرفين، إضافة إلى الطابع الرسمي للمحضر واعتباره الوسيلة الوحيدة لإثباته، نظراً لما يحتويه هذا النموذج من البيانات القانونية والتفصيلية والتي على اساسها يتم احتساب التعويضات والمصاريف الناتجة عن حادثة شغل للمصاب في حالة وجود عجز أو لذوي الحقوق في حالة الوفاة.
حيث في الحالة الأولى -حالة وجود عجز- يتم الصلح وفق النموذج الأول الخاص بالحالة هاته، الذي يحرر في ثلاث نظائر تسلم نسخة منه للمصاب ونسخة للمؤمنة على أن يتم إرسال نظير منه إلى الوزارة المكلفة بالتشغيل وفي الفقرة الثانية من المادة 136 تم توقيعه من طرف المصاب والمؤمنين والمشغل عند الاقتضاء طبقا للفقرة الأولى من المادة السالفة الذكر. والذي يتضمن الأسس القانونية التي يتم على أساسها احتساب التعويض عن العجز وهي:
أولا: بيانات حول المقاولة المؤمنة للمشغل.
ثانيا: بيانات حول المصاب بحادثة شغل.
ثالثا: بيانات حول الحادثة والآثار المترتبة عنها.
رابعا: بيانات حول الحوادث السابقة.
خامسا: المعطيات العامة الأساسية المعتمدة لاحتساب المصاريف والتعويضات مع الملاحظ أن هذا الباب لا يتضمن بيان الحد الأدنى للأجر، وانه إن كان يتقاضى المصاب اقل من الحد الأدنى وجب اعتبار الحد الأدنى الجاري به العمل وقت وقوع الحادثة.
سادسا: التعويض اليومي والمصاريف المضمونة قانونا
سابعا: التعويضات المضمونة قانونا على شكل رأسمال أو إیراد.
ثامنا: في حالة مراجعة الإيراد على أساس تفاقم العاهة.
تاسعا: المصاريف والتعويضات والإيرادات في حالة المراجعة على أساس تفاقم العاهة.
أما من حيث الحالة الثانية والخاصة بإبرام الصلح بين المقاولة المؤمنة وذوي حقوق المصاب فإنه يتضمن ايضاً مجموعة من البيانات الأساسية التي على أساسها يتم احتساب المصاريف والتعويضات والإيرادات لذوي الحقوق، والنسخة الثانية منه للمقاولة المؤمنة، على أن يتم إرسال النسخة الثالثة منه الى السلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل وذلك طبقا للمادة 36 من القانون 12/18.
ويحتوي هذا النموذج على مجموعة من البيانات القانونية التي على اساسها يتم احتساب مختلف التعويضات والإيرادات:
أولا: بيانات حول المقاولة المؤمنة للمشغل
ثانيا: بيانات حول الحادثة والآثار المترتبة عنها
ثالثا: بيانات خاصة بذوي الحقوق
رابعا: المعطيات الأساسية المعتمدة لاحتساب المصاريف والتعويضات والإيرادات ونفس الإشارة في هذا النموذج انه لم يتم التطرق لمسألة الحد الأدنى للأجر المعمول به وقت وقوع الحادثة وأن الأجر السنوي لا يجب أن يقل عنه.
خامسا: التعويض اليومي والمصاريف المضمونة قانونا.
سادسا: التعويضات والإيرادات المضمونة قانونا.
وهكذا ومن خلال المعطيات التي يتضمنها محضر الصلح، حاول المشرع صياغة محضر قانوني يعتمد على أسس قانونية سليمة كنوع من الحماية القانونية للمصاب كطرف ضعيف في المعادلة الصلحية أمام المقاولة المؤمنة التي لها مستشارين قانونيين في هذا المجال، بل أكثر من ذلك جعل هذا النموذج كوسيلة لإثبات الصلح وذلك لتضييق وسد باب تضمين الصلح أي معطى من المعطيات غير القانونية قد تضر بمصلحة المصاب.
ولعل ذلك قد ساير بعض الاجتهادات القضائية في هذا الباب التي ترتب عن عدم تضمين الأمر بالتصالح هذه البيانات اعتباره باطلا حيث جاء في إحداها ” بمقتضى الفصل 217 من ظهير 6/2/1963 يجب أن يتضمن الأمر بالتصالح التصريح باستعداد المعنيين والأجرة الفعلية والأساسية ونسبة العجر ومبلغ الايراد والتاريخ الذي يجب أن يبتدئ فیه آداء هذا الإيراد، وإلا كان هذا الصلح باطلا…”[6].
إلا أن ما يعاب على هذا المحضر هو أنه لم يتماشى مع المقتضيات الحمائية الواردة في مدونة الشغل بخصوص مقرر الفصل الذي أوجب فيه التنصيص على أجل الطعن فيه على 90 يوما (المادة 65 م ش) أو التنصيص على أجل 60 يوما للطعن في توصيل تصفية الحساب (المادة 74 م ش) نظرا لما فيها من حماية للمصاب وعلمه بحقه في الطعن أو التراجع عنه في محضر الصلح داخل أجل 30 يوما من التوقيع عليه وحتى لا يكون الضحية ضحية جهله بحقه في الطعن في المحضر إذا ما تبين أنها لا تناسب حجم الضرر اللاحق به.
الفقرة الرابعة: ضمان حقوق الأطراف من خلال طرق التبليغ في مسطرة الصلح
من المعلوم قانونيا أن المشرع قد حدد طرق التبليغ القانونية وفق مقتضيات قانون المسطرة المدنية (الفصل 39.38.37) وذلك حماية لحقوق الأطراف من الضياع وسلامة الإجراءات، إلا أن القانون 12/18 وخاصة في مسطرة الصلح اقتصر على نوعين من طرق التبليغ وهي إما أن تكون عن طريق البريد برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، أو إما مباشرة مقابل وصل بالإيداع. حيث أوجب التبليغ بالطريقة الأولى على شركة التأمين في حين منح المصاب استعمال الطريقتين معا. مما يطرح نفسه من جديد سؤال الإيراد على سبيل الحصر ام المتال؟ حيث يلاحظ أن المشرع المغربي في المادة 134 من القانون أن المشرع استعمل صيغة الوجوب مع منح وسيلة وحيدة ألا وهي التبليغ عن طريق رسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل، في حين منح المصاب إضافة الى ما سبق (المادة 35 من القانون) التبليغ مباشرة مع وصل الإيداع وذلك لما لهذه الوسيلة من مزايا من حيث تكلفتها ونجاعتها، إلا أنه في نظرنا لا حرج باستعمال إحدى الطرق القانونية الأخرى المشار اليه في المواد 37 وما يليها من قانون المسطرة المدنية والتي لها نفس القوة الثبوتية للطرق الأخرى.
المطلب الثاني: مدى إلزامية مسطرة الصلح
بالعودة إلى مقتضيات المادة 140 من القانون رقم 18.12 نجد المشرع المغربي قد كرس الازدواجية في التعامل مع الاجير المصاب بالحادث او ذوي حقوقه ,حيث نكون امام صلحين صلح بين الاجير و المشغل المؤمن , و صلح يكون بين الاجير و المشعل غير المؤمن – الفقرة الاولى – الى ان هاته المسطرة اي مسطرة الصلح الاتفاقي تعرف العديد من الغموض و الثغرات او بالاحرى بعض الاشكالات و التي ستكون موضوع – الفقرة الثانية- .
الفقرة الأولى: ازدواجية الاجراءات التوافقية في القانون رقم 18.12
يتم الصلح اما مع المقاولة المؤمنة للمشغل – ا- , او مع المشغل غير المؤمن –ب-
أ.الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل
يقصد بالصلح الاتفاق المبرمج بين المصاب أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل قصد تمكينهم من اإلستفادة من المصاريف والتعويضات المستحقة ، ويكون هذا اإلتفاق نهائيا وغير قابل لاي طعن أمام المحكمة عدا إذا كانت المصاريف والتعويضات الممنوحة أقل من تلك المقررة قانونا .وهذا ما نجد المادة 133 من القانون 18.12 قد نصت عليه ، كما نصت على أنه يتم إثبات الاتفاق المتوصل إليه بين الطرفين في محضر يسمى محضر الصلح يحدد نموذجه بقرار للسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل[7]
إن مسطرة الصلح الاتفاقي أو التوافقي تقع مسؤولية تتبعها والسهر على إنجازها على كل من المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل ، فبمجرد أن يقوم المصاب أو ذوي حقوقه بعملية التصريح بالحادثة إلى المشغل أو أحد مأموريه ، وبعد قيام هذا الاخير هو الآخر بالتصريح بالحادثة للجهات المعنية ومن ضمنها شركة التأمين فإنه يقع على عاتق المصاب أو ذوي حقوقه واجب تتبع مسطرة الصلح مع هذه األخيرة وذلك قبل القيام بأي إجراء قضائي ، بمعنى أن مسطرة الصلح التوافقي هي المرحلة الأولى ما بعد وقوع الحادثة والتصريح بها.
وما يمكن أن نلاحظ في إطار القانون 18.12 هو أنه يمكن للمصاب أو ذوي حقوقه في حالة وفاته الحصول على التعويضات المستحقة عن حادثة شغل بمجرد المرور بمسطرة الصلح على عكس القانون القديم والمتعلق بظهير 1963 الذي كان يلزم الأجير
المتضرر بالمرور من المرحلة ، القضائية إذ كان يتعين على السلطة الإدارية بعد تلقي التصريح بالحادثة القيام بإخبار العون المكلف بتفتيش الشغل بالحادثة وبالعواقب النهائية الناجمة عنها في ظرف 24 ساعة الموالية لتاريخ إيداع الشواهد الطبية ، مع توجيه التصريح بالحادثة المضمن في المحضر مرفق بالحجج والشواهد الطبية أو شهادة عدم تقديم أية شهادة طبية للمحكمة اإلبتدائية التي يقع في دائرة نفوذها مكان وقوع الحادثة وذلك خالل 24 ساعة الموالية إليداع الشهادة الطبية الاولى وعلى أقصى تقدير خلال الخمسة عشر يوما الموالية لتاريخ التصريح بالحادثة [8]، ومن تم فإن خاصية الصلح هذا يفرض على المقاولة المؤمنة للمشغل بعد أن تتوصل من المؤمن بشهادة الشفاء أو شهادة الوفاة أوهما معا داخل أجل شهر من تاريخ التوصل أن تعمد إلى تقديم عروض المصاريف والتعويضات[9] والتي يكون فيها الاجير المصاب بالحادثة أمام حالتين:
الحالة الأولى :موافقة المصاب أو ذوي حقوقه على التعويض المقدم من طرف المقاولة المؤمنة وذلك في حالة ما إذا وجد فيها ما يخدم مصالحه وفيها ما يجبر الضرر الذي أصابه, وقد يتم التفاوض حولها بالزيادة حيث يتم تفريغ محتوى هذا الإتفاق في محضر
يسمى محضر الصلح [10], يتم التوقيع عليه من طرف الممثل القانوني للمقاولة المؤمنة
والمصاب أو ذوي حقوقه وعند الاقتضاء يتم التوقيع حتى من طرف المشغل .
ويعتبر هذا الاتفاق نهائيا وغير قابل لاي نوع من أنواع الطعون[11] ,أمام المحكمة الابتدائية وهو ما يرتب أو يمنح لهذا الاتفاق حجية قاطعة ، لكن كإستثناء خول المشرع المغربي إمكانية الطعن ومراجعة مضمون المحضر و ذلك في حالتين؛
الحالة الاولى هي المنصوص عليها في المادة 133 في فقرتها الثالثة إذ كانت المصاريف والتعويضات الممنوحة للمصاب أو ذوي حقوقه أو مبلغها يقل عن تلك المضمون في هذا ،القانون . والحالة الثانية هي المنصوص عليها في المادة 152 حيث خول المشرع
إمكانية تعديل محضر الصلح إذا لم تتم مراعاة أحكام هذا القانون المتعلقة بتقدير وإحتساب المصاريف و التعويضات أو في حالة وجود خطأ مادي .
الحالة الثانية : حالة رفض المصاب أو ذوي حقوقه أو المحامي حالة توكيله لعروض المقاولة المؤمنة .
يتوجب في هذه الحالة على المصاب أو ذوي حقوقه أو المحامي أن يقوم بإخبار المقاولة المؤمنة برفضه لتلك العروض داخل اجل 30 يوما الموالية لتاريخ توصله ، بها كما يعتبر بمثابة رفض لتلك العروض إذا إمتنع المصاب أو ذوي حقوقه أو المحامي عن إجابة المقاولة المؤمنة داخل الاجل ،القانوني[12] ، ففي هذه الحالة تكون مسطرة الصلح تنبني على نهايتها ليفتح الباب أمام إمكانية ولوج القضاء ورفع مقال إفتتاحي بذلك للبت في طلب التعويض عن الأضرار المترتبة عن الحادثة ، وهو ما يبين عدم إمكانية التغاضي عن مسطرة الصلح الاتفاقي بالولوج مباشرة إلى القضاء إلا في حالة فشل المسطرة التي يحدد لها المشرع مدة معينة و إجراءات خاصة بها.
ب- الصلح مع المشغل غير المؤمن
قد أتاح المشرع المغربي إمكانية إبرام صلح نهائي بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه من جهة و المشغل غير المؤمن من جهة ثانية ، وذلك أمام المحكمة الإبتدائية المختصة من أجل تمكين المصاب من الإستفادة من المصاريف و التعويضات التي يمنحها القانون.
و يكون المشغل غير المؤمن في وضعيتين؛
الوضعية الأولى : خضوعه إلى إلزامية التأمين طبقا لأحكام المادة 29 من القانون رقم 18.12 و عدم إحترامه لهذا الإلتزام.
الوضعية الثانية : و هي التي لا يكون فيها المشغل خاضعا لهذه الإلتزامية.
ففي الوضعيتين معا، يمكن للمشغل غير المؤمن إبرام صلح قضائي أمام المحكمة الإبتدائية المختصة مع المصاب أو ذوي حقوقه وفق ما نصت عليه المادة 140.
و تكمن خصوصيات هذا الصلح في كونه يختلف عن الصلح الإتفاقي بين المقاولة المؤمنة والمصاب ، من حيث كونه يتم وفق القواعد المدنية [13].
و بهذا يمكن القول أن هذا الصلح يميل كثيرا إلى الصلح القضائي من الصلح الإتفاقي ، رغم أن المشرع المغربي أورده في المادة 140 والتي ترد في الباب المتعلق بالصلح التوافقي [14].
كما تجدر الإشارة إلى أن الأمر القضائي يطاله أيضا التعديل كما هو الشأن بالنسبة إلى محضر الصلح ، و ذلك بناء على طلب من المشغل أو مؤمنه أو من المصاب أو ذوي حقوقه ، والسلطة الحكومية المكلفة بالتشغيل أيضا ، إذا لم تتم مراعاة الأحكام المتعلقة بتقدير و إحتساب المصاريف و التعويضات أو في حالة وجود خطأ مادي ، وذلك وفق مقتضيات المادة 152 و ما بعدها من القانون رقم 18.12 حيث أدرجها المشرع ضمن الباب المتعلق بتعديل محضر الصلح أو الأمر القضائي أو الحكم.
وفي هذا الإطار أكد المجلس الأعلى في إطار ظهير 1963 في إحدى قراراته أنه “بمقتضى الفصل 278 من ق. م. م فإن المحاضر أو الأوامر القضائية المثبتة لإتفاقات في القضايا الإجتماعية لا تقبل أي طعن و إنما لأحكام الصادرة في هذه المادة ، هي وحدها دون سواها القابلة للطعن وفقا لأحكام الفصول من 286 إلى 288 من ق. م. م، ومتى كانت هذه المحاضر أو الأوامر القضائية غير قابلة للطعن ، أي نهائية فإنها تقوم حجة على كافة الأطراف ، ولاسيما المؤمن الذي يبقى من حقه فقط ممارسة دعوى الإلغاء لتلك المحاضر او الأوامر القضائية طبقا للفصلين 347 و 348 من ظهير 6 فبراير 1963 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل[15].
لكن بالرجوع إلى الفصل 178 من ق. م. م، نجد أن الأمر القضائي بالتصالح يكون مشمولا بالنفاذ المعجل بقوة القانون، فما على الأجير المصاب أو ذوي حقوقه الا أن يبادر إلى تنفيذه لكي يستفيد من المنافع المضمنة فيه.
إذا كانت هذه هي المساطر الإستباقية التي تناولها المشرع المغربي من خلال قانون رقم 18.12 سواء بين المصاب أو ذوي حقوقه و بين مشغل غير مؤمن في إطار صلح قضائي، من أجل إضفاء الطابع الحمائي على العلاقات الشغلية ، فإنها تعرف مجموعة من الإشكالات والتي سنخصص لها الفقرة الثانية
الفقرة الثانية: الإشكالات التي تعترض مسطرة الصلح الإتفاقي
بالرغم من أن المشرع المغربي قد خطى خطوة إلى الأمام من خلال تبني مسطرة الصلح و تخصيص حيز مهم لها في ق 18.12 الذي أعطى الصلح المكانة التي يستحقها.
إلى أن هاته المسطرة تبقى قاصرة في نواحي عدة و تعرف مجموعة من الثغرات و الغموض سواء من حيث الصياغة التي صيغت بها او من حيث المقتضيات المبهمة التي تحملها مسطرم الصلح ، وبذلك سنتطرق للإشكال المرتبط بإلزامية سلوك هذه المسطرة (أ) على أن نخصص (ب ) إلى بعض الإشكالات المبهمة التي تعترض مسطرة الصلح .
أ- إشكال إلزامية سلوك مسطرة الصلح
تضمن القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل مستجدا جديدا يتعلق بإدراج مسطرة الصلح الاتفاقي بين المصاب أو ذوي حقوقه وبين المقاولة المؤمنة للمشغل أو بين المصاب و المشغل غير المؤمن في إطار صلح قضائي ، وذلك من خلال المواد من 132 إلى 140 من ذات القانون.
ومن خلال قراءة هذه المواد بشكل متأني ، وخاصة المادة 132 و المادة 140 ، نجد مسألة هامة لابدا من طرحها ، وتتعلق بمدى إلزامية سلوك مسطرة الصلح هاته من عدمه ، وبعبارة أوضح هل الأجير المصاب أو ذوي حقوقه في حالة وفاته أو المحامي في حالة توكيله ملزم بسلوك مسطرة الصلح قبل القيام بالإجراءات القضائية ، أم يمكنه مباشرة اللجوء إلى القضاء ؟؟ .
لقد أبانت مسطرة الصلح في الواقع العملي إشكالا بخصوص هاته الإلزامية من عدمها، مما أدى إلى تباين على مستوى العمل القضائي بالمملكة.
فهناك جانب ذهب إلى اعتبار أن مسطرة الصلح إلزامية ، يجب على المصاب بالحادثة القيام بها قبل طرق باب القضاء ، ونجد في هذا الصدد قرار لمحكمة الإستئناف بمدينة القنيطرة ، حيث قضى بإلغاء الحكم الإبتدائي الذي قدمت فيه الدعوى دون سلوك مسطرة الصلح ، فجاء في القرار “حيث إن الفصل 132 نص على ما يلي :” يجب على المصاب بحادثة شغل أو ذوي حقوقه تتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل ، و ذلك قبل القيام بالإجراءات القضائية… ” ، وحيث إن الصلح الذي أقره القانون الجديد أصبح إجراءا شكليا إلزاميا يجب على الضحية سلوكه قبل اللجوء إلى المسطرة القضائية و إن هذا الإجراء الإداري أصبح جوهريا لا يمكن تجاوزه و هو من النظام العام ، و بتالي فمن شأن الإخلال به أن يجعل الدعوى سابقة لأوانها[16] . و عكس هذا التوجه ، نجد جانب آخر من العمل القضائي ذهب إلى عدم إلزامية سلوك هذه المسطرة ، وبتالي تبقى مسطرة إختيارية يمكن سلوكها من عدمه ، أي سلوك الإجراءات القضائية مباشرة ، فنجد في هذا الإطار حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بمدينة طنجة حيث قضى ” بإستقراء منطوق المادة 132 من القانون رقم 18.12 يتبين أنه أقرن المشرع مسطرة الصلح مع شركة التأمين بصيغة الوجوب و الإلزام ، إلا أن عدم اقتران هذا الوجوب بالجزاء ، يجعل المحكمة تفسر أن هذا الصلح شرع لفائدة الضحية على إعتبار أنه الطرف الأضعف ضمن هذه المنظومة القانونية ، و مادام لم تضرر شركة التأمين ، فإن كل هذا سينسجم و تكريس المشرع لطابع الحمائي و الاجتماعي لهذا القانون رغم إتصافها بالقواعد الآمرة وأنها من النظام العام ، و حيث إستنادا لم ذكر أعلاه يفهم أن المشرع أراد أن يجعل من سلوك مسطرة الصلح ضمن قراعد الشكل التي يجوز مخالفتها بدليل ما ضمن بالفقرة الثالثة من المادة الأولى و التي تنص على أنه “لا تحول أحكام هذا القانون دون إستفادة الأشخاص المصابين بحوادث الشغل أو ذوي حقوقهم من أحكام أكثر فائدة مما يجعل دفع شركة التأمين الرامي إلى عدم قبول الدعوى لعدم إحترام مسطرة الصلح غير مبنى على أساس و يتعين عدم الإستجابة له[17].
كما يتار في هذا الإطار نوع من اللبس بخصوص المادة 138 التي نصت على سكوت و عدم جواب المصاب أو ذوي حقوقه عن عروض وتعويضات المقاولة المؤمنة للمشغل داخل 30 يوما ، يعتبر بمثابة جواب ضمني ، هذا الذي سيأثر عن العمل القضائي و يولد أحكام و قرارت متناقضة ، فمنها من سيعتبر مسطرة الصلح مسطرة إلزامية إستنادا الى المادة 138 و منها من ستعتبرها غير إلزامية و يمكن تجاوزها[18].
أما بخصوص المادة 140 يلاحظ أن المشرع إستعمل صيغة أو عبارة “يمكن” ، و هذا ما يعني أنا المشغل مخير بين قبول إجراء الصلح أمام القضاء أو إجرائه بشكل مباشر مع المصاب ، الأمر الذي قد يؤدي إلى قبول هذا الأخير بتعويضات هزيلة تحت تأثير الحاجة إلى العمل أو خوفا من إنتقام المشغل[19] ,الأمر الذي يفرغ هذا المقتضى القانوني من طابعه الحمائي ، مما يتطلب في نظرنا إقرار الإلزامية في سلوك هذه المسطرة و ليس الإختيار .
و هاته كانت هي أهم نقط الملاحظة بخصوص إلزامية سلوك مسطرة الصلح من عدمه ، ليبقى التساؤل عن أهم الإشكالات التي تعترض مسطرة الصلح و هي النقطة التي سأتناولها في (ب )
ب_ الإشكالات التي تعترض مسطرة الصلح:
لقد أبانت مسطرة الصلح عن إشكالات ونقاشات قانونية واسعة حيث أصبح إختلاف بين أراء الفقهاء على مستوى العمل القضائي.
أولا : على مستوى من الملزم بتحريك إجراءات مسطرة الصلح
يلاحظ أن مسطرة الصلح ألزمت المصاب أو ذوي حقوقه أو المحامي حالة توكيليه ، بتتبع مسطرة الصلح مع شركة التأمين المؤمنة للمشغل قبل البدء بأي إجراء قضائي[20] ، لكن بالرجوع إلى المادة 134 نجد أن المقاولة المؤمنة للمشغل هي التي عليها المبادرة و بدء إجراءات الصلح من خلال تقديم العروض و التعويضات إلى المصاب أو ذوي حقوقه ، حيث بمجرد التصريح لها من طرق المشغل أو مأموريه بالحادث فإنه يتوجب عليها تقديم العروض و التعويضات للمصاب أو ذوي حقوقه ، إذ بمجرد توصل هذا الأخير بالعروض المقدمة من طرف المقاولة المؤمنة [21] ,يوجب عليه تتبع مسطرة الصلح و ذلك من خلال موافاة المقاولة المؤمنة بجوابه داخل أجل 30 يوما أو يعتبر عدم جوابه رفضا ضمنيا[22] ، الشيء الذي يجعلنا أمام اشكالية من الطرف الأول الذي يحرك مسطرة الصلح ، هل المصاب أو ذوي حقوقه أو المقاولة المؤمنة ؟؟
من خلال المادة 134 يلاحظ وجوب تقديم العروض من طرف المقاولة المؤمنة للمشغل بالمصاريف و التعويضات للمصاب أو ذوي حقوقه برسالة مضمونة مع الإشعار بالتوصل و ذلك داخل أجل 30 يوما من تاريخ إيداع شهادة الشفاء أو شهادة الوفاة أو هما معا ، وهكذا عندما تتسلم المقاولة المؤمنة التصريح أنذاك تصبح ملزمة بتوجيه العروض، وفي هذا الإطار صدر عن المحكمة الإبتدائية بمدينة سلا حكم جاء ضمن حيثياته ما يلي:
“أولا : في الشكل حيث أثارت شركة التأمين دفعا بأن المدعي الضحية لم يحترم مقتضيات المادة 132 من القانون 18.12 التي أوجبت عليه تتبع مسطرة الصلح و أنه لم يرفق رسالة الصلح بشهادة الأجر و الملف الطبي وشهادة الشفاء وأن المادة 134 من ذات القانون خولت لها أجل 30 يوما لتقديم العروض تحتسب إبتداء من تاريخ التوصل برسالة الصلح والوثائق السالفة الذكر و أن الضحية طبقا للمادة 138 من نفس القانون يلجأ للقضاء في حالة رفض عروض شركة التأمين و يبين أسباب الرفض و يرفق المقال بالوثائق المحددة في نفس المادة.
و حيث أن المشرع عندما فرض على الضحية تتبع مسطرة الصلح طبقا لمقتضيات المادة 132 من القانون رقم 18.12 لم يلزمه بإرسال الوثائق المشار إليها أعلاه المتمسك بها من طرف شركة التأمين إلى هذه الأخيرة ، و المحكمة بعد دراستها لوثائق الملف تبين لها أن الضحية تتبع مسطرة الصلح بتوجيه رسالة الصلح بواسطة دفاعه إلى شركة التأمين و التي توصلت بها بتاريخ 20/10/ 2015 ، و بعد منح المعنية بالأمر مهلة كافية لتقديم عروضها فضلا عن توجيه الملف الطبي بما في ذلك شهادة الشفاء إلى شركة التأمين لا يعتبر من التزامات الضحية و إنما هو من إلتزامات المشغل طبقا لمقتضيات المادتين 20 و 21 القانون السالف الذكر، وبالتالي فإنه لا يمكن مواجهة الضحية بإلتزامات الغير و بمقتضيات المادة 134 من القانون 18.12[23] .
و من خلال الحكم أعلاه يتضح أن شركة التأمين دفعت بأن الضحية لم يضمن رسالة الصلح كل من شهادة الشفاء و الملف الطبي و شهادة الأجر و كل ما يثبت مادية الحادثة، لكن الملاحظ أن رد المحكمة على الدفع بأنه بالرغم من أن الضحية هو الملزم بتتبع مسطرة الصلح، فإنه غير ملزم بتقديم الوثائق التي دفعت بها شركة التأمين، كما أن توجيه الملف الطبي بما في ذلك شهادة الشفاء هو إلتزام أصيل من إلتزامات المشغل طبقا لمنطوق المادتين 20(الفقرة الأخيرة من المادة 20 من قانون 18.12 “ويتعين على المشغل إيداع نظير من الشهادة الطبية لذى المقاولة المؤمنة داخل الثمانية و الأربعين ساعة الموالية لتاريخ التوصل بها” ) و 21 (الفقرة الثانية من المادة 21 من قانون رقم 18.12 ” وتطبق أحكام المادة 20 أعلاه فيما يخص تحرير و إيداع هذه الشهادة الطبية.” ) من القانون 18.12. بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بطنجة ، يوم 18 ماي 2016.(
وأمام هذا الإشكال المطروح يمكن القول بأن مقتضيات المادتين 132 و 134 تفرض و تلزم كلا الطرفين سواء الطرف المصاب أو شركة التأمين بتتبع مسطرة الصلح على اعتبارا أن كلا الطرفين له مصلحة في الآن نفسه و هي إبرام الصلح دون اللجوء إلى المساطر القضائية و ذلك راجع لما تعرفه هذه المساطر من صول الإجراءات و أخذ الوقت و كثرة المصاريف ، لذلك كمقترح يتعين على المشرع التدخل من أجل الفصل في هاته المسألة من خلال توضيح من الملزم بتحريك مسطرة الصلح أولا لما في ذلك من أمن قانوني يتماشى مع المادة الإجتماعية.
ثانيا : على مستوى عدم سلوك الأجير لمسطرة الصلح في حالة التوصل بالعروض.
قد ألزم المشرع المغربي من خلال ق 18.12 المصاب بالحادثة بتبرير رفضه للعروض المقدمة إليه من طرف شركة التأمين عند رفعه الدعوى أمام المحكمة، بحيث المادة 132 من ذات القانون واضحة في هذا الشأن حيث نصت على إلزامية سلوك هذه المسطرة.
لكن ما يمكن ملاحظته من خلال هذه المقتضيات أن المشرع قد سلب كل هذه الإلزامية بالفقر الثانية من المادة 138 حينما نصت على أنه “يعتبر عدم جواب المصاب.. داخل الأجل.. بمثابة رفض ضمني..”، الأمر الذي نستنتج منه أن إمكانية رفض مسطرة الصلح لازالت قائمة أمام سكوت المصاب أو ذوي حقوقه على الجواب عن العروض المقدمة إليه داخل الأجل المحدد، ومن جانب آخر عدم توضيح المشرع لأسباب الرفض التي يمكن لأجير تقديمها، و تبرير رفضه بها تبقى محل نقاش، هل القاضي يقبل أي تبرير أم أن الأمر يخضع للسلطة التقديرية للقاضي؟
و بتالي على المشرع التدخل من أجل الفصل في هذا الغموض بخصوص المادتين 132 و المادة 138 و أيضا من أجل توضيح المقصود بأسباب الرفض.
ثالثا: على مستوى ضعف الرقابة ، تهميش دور مفتشية الشغل
قد كرس المشرع من خلال المادة 140 نوعا من إزدواجية الإجراءات في التعامل مع المصاب بالحادثة و ذلك بالنظر إلى كون المشغل مؤمن أو لا، مما أفرز في الواقع العملي نوعان من الصلح، صلح اتفاقي مع المؤسسة المؤمنة للمشغل حالة تأمينه , و صلح أمام القضاء في حالة عدم التأمين، مشغل غير مؤمن لذلك جانب من الفقه[24] أن يبقى الصلح سواء تعلق الأمر بمشغل مؤمن أو غير مؤمن تحت إشراف القضاء حماية المصاب أو ذوي حقوقه من أي غبن أو تدليس أو استغلال قد يكون مصدره عقد الصلح المباشر مع المقاولة المؤمنة أو مع المشغل، و أن يتولى القضاء إما الاشهاد على فشل محاولة الصلح و يتبعه تنازل المصاب عن الدعوى أو الإشهاد على فشل محاولة الصلح و مواصلة النظر في الدعوى.
وأمام هذا المقترح الذي تقدمت به الأستاذة رشيدة أحفوظ المحترم، فإننا نراه لا يحقق الغاية المطلوبة والمتوخاة أساساً من إحداث مسطرة الصلح ألا وهي تخفيف العبء عن كاهل القضاء و تسريع وثيرة الإستفادة من التعويضات.
و بالرجوع إلى المادة 120 من ق 18.12 نجد أن المشرع قد أسند للأعوان المكلفين بتفتيش الشغل مهمة مراقبة تطبيق أحكام هذا القانون ، غير أنه في الباب المخصص لمسطرة الصلح أي الباب الأول من القسم الخامس من ق رقم 18.12 ، يلاحظ أن المشرع همش كليا جهاز مفتشية الشغل ، بالرغم من الدور الذي يمكن أن تقوم به في المراقبة و الإشراف على عملية الصلح و مدى إحترامها للأحكام القانونية المتبعة ، و هو دور أساسي في إقرار السلم الإجتماعي .
رابعا : على مستوى توكيل محامي في الصلح الاتفاقي
يعتبر تنصيب المحامي في نزاعات الشغل بصفة عامة و في نزاعات حوادث الشغل بصفة خاصة أمرا مهما لكونه يدافع عن الحق أينما كان و أينما وجد .
المبحث الثاني: المسطرة المتبعة في إطار القانون 18.12 للحصول على التعويض عن حادثة شغل
حتى يتأتى للأجير المصاب بالحادثة الحصول على التعويض، لابد له من سلوك مساطر إدارية وقضائية.
وحتى نحيط بهذه المساطر ارتأينا تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين كتالي:
المطلب الأول : المرحلة ما قبل القضائية ” المرحلة الإدارية “
عمل المشرع من خلال القانون 18.12 على إخضاع المسطرة الإدارية لمجموعة من الشكليات الإلزامية بدءا بالتصريح بالحادث و إيداع الشهادة الطبية (الفقرة الأولى ) صولا إلى إمكانية توكيل محامي (الفقرة الثانية )
الفقرة الأولى: الإخبار والتصريح بالحادث وإيداع الشهادة الطبية
فبمجرد وقوع حادثة شغل فإنه يتعين على المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم أن يخبر المشغل أو أحد مأموريه بوقوع حادث الشغل في اليوم الذي طرأت فيه، أو في ظرف 48 ساعة على أبعد تقدير، عدا في حالة القوة القاهرة أو الاستحالة المطلقة أو لأسباب مشروعك حيث لا يعتد بذلك الأجل ، كما يضاف إلى ذلك الحالة التي يصل فيها إلى علم المشغل الحادثة بكافة وسائل العلم و الإخبار، وهذا ما يستنبط من خلال مقتضيات المادة 15 من القانون 18.12.
وبعد إخبار المشغل بالحادثة يتعين على هذا الأخير تسليم المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم شهادة تتضمن بصفة خاصة إسمي المشغل و المصاب بالحادثة و عنوانهم ونوع الحادثة وتاريخ و قوعها واسم المقاولة المؤمنة و رقم بوليصة التأمين ورقم تسجيل المصاب بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي[25] , كما يتعين على المشغل إخبار المدير الإقليمي للتشغيل بكل حادثة شغل تقع في دائرة اختصاصه الترابي خلال الخمسة أيام الموالية لتاريخ وقوعها على أبعد تقدير[26].
و بالموازاة مع التصريح فإنه يتعين عن المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم موافاة المشغل بثلاث نظائر من الشهادة الطبية الأولية تتضمن حالة المصاب بالحادثة و النتائج المترتبة عنها و المضاعفات المحتملة لها و المدة المحتملة للعجز المؤقت عن العمل إذا كانت النتائج غير محددة بدقة وذلك داخل 24 ساعة الموالية لتحريرها ،عدا حالة القوة أو الإستحالة المطلقة أو لأسباب مشروعة[27].
ويجب على المشغل إرفاق التصريح بالحادثة المقدم المقاولة المؤمنة بنظير من الشهادة الطبية الأولية المسلمة له من المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم ، و عند الإقتضاء، بمحضر الضابط القضائية أو وصل معاينة الحادثة في وقوعها أثناء مسافة الذهاب أو الإياب ، عدا إذا حال دون ذلك أسباب مشروعة.
يمكن للطبيب المعالج أن يحرر في أربعة نظائر شهادة طبية لتمديد المدة الأولى للعصر بطلب من المصاب أو المشغل أو مؤمنة إذا لم يتم الشفاء بعد إنقضاء المدة المحددة في الشهادة الطبية الأولية، وكذا تحرير شهادة طبية تتضمن بدقة شروط إستئناف المصاب للعمل إذا كان من شأن ذلك أن يساعد في الشفاء، مع إلزام المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم على موافاة المشغل بثلاث نظائر منها داخل نفس الأجل أعلاه، وإلتزام المشغل بإيداع نظير منها لدى المقاولة المؤمنة داخل 48 ساعة. الموالية لتاريخ التوصل بها[28].
في حالة الشفاء ، يحرر الطبيب المعالج شهادة طبية النتائج النهائية للحادثة التي لم تتم معرفتها من قبل و كذا تاريخ الشفاء في أربعة نظائر تسلم ثلاث منها من طرف المصاب أو ذوي حقوقه أو من يمثلهم إلى المشغل، وتودع واحدة منها لدى المقاولة المؤمنة وفق نفس الأجال أعلاه.[29]
أما في حالة الوفاة ، فيجب على المشغل إرفاق التصريح بالحادثة بالشهادة الطبية المثبتة الوفاة إذا أدت الحادثة إلى الوفاة في الحين ، أما إذا طرأت الوفاة بعد فترة من وقوع الحادثة فيتعين على المشغل إيداع الشهادة الطبية لدى المقاولة المؤمنة في ظرف 48 ساعة الموالية لتاريخ التوصل بها ، عدا إذا حال دون ذلك قوة قاهرة أو أسباب مشروعة.
الفقرة الثانية: تنصيب المحامي في مسطرة الصلح في إطار قانون 18.12
لإضفاء نوع من التوازن على مستوى المراكز القانونية في إطار المفاوضات المخولة قانونا لمقاولة التأمين القيام بها مع المصاب في حادثة شغل وضمانا لحق الدفاع في المرحلة الإدارية من مسطرة الصلح خول المشرع للمصاب أو لذوي حقوقه أن يوكلوا عنهم محاميا واحد أو أكثر للإشراف وتتبع مسطرة الصلح مع المقاولة المؤمنة للمشغل وهذا ما أكدته الفقرة الثانية من المادة 132 الواردة في الباب الأول المعنون بمسطرة الصلح في القسم الخامس من القانون18.12.
وما يمكن أن نستقرءه من الفقرة المشار إليها سلفا هو أن المشرع إستعمل فيها صيغة تفيد فيها الإمكان والإختيار في تنصيب المحامي من عدمه مع تمكين المصاب أو ذوي حقوقه من تنصيب أكثر من محامي ومن الواضح أن الغاية من التنصيص على هذا المقتضى هو تكريس الطابع المائي لطرف الضعيف ، والذي لا شك أنه الأجير في مواجهة مقاولة التأمين التي تعتبر الطرف القوي نظرا لما تملكه من وسائل الضغط ما قد يعصف بحقوق الأجير .
وإذا كان المشرع قد جعل تنصيب المحامي في المرحلة الإدارية مسألة إختيارية فإنه على العكس من ذلك حين يتعلق الأمر بالمرحلة القضائية قد ألزم الأطراف من تنصيب المحامي للدفاع أمام القضاء ، فبالعودة إلى مقتضيات المادة 32 من القانون 28.08 المنظم لمهنة المحاماة نجد المشرع قد قام بتعداد الحالات الإستثنائية[30] التي لا يلزم فيها تنصيب المحامي لمؤازرتهم أو تمثيلهم أمام القضاء ، وهذا يعني بمفهوم المخالفة أن تنصيب المحامي في القضايا الإجتماعية إلزامي تحت طائلة إعتبار الحكم عديم الأثر الموازي لإنعدامه ، وإنسجاما مع هذا التوجه فقد أصدرت محكمة النقض قرارا نقضت بموجبه قرارا إستئنافيا إعتبرت فيه محكمة الإستئناف أن تصحيح المستأنف للمسطرة خلال المرحلة الإستئنافية و ذلك بتنصيب محام يجعل دعواه مقبولة رغم عدم قيامه بذلك خلال المرحلة الإبتدائية ، و مما جاء في حيثيات هذا القرار المهم ” حقا حيث صح ما عابته الوسيلة على القرار ، ذلك أنه بمقتضى المادة 31 من الظهير رقم 162 -93 ( المادة 32 حاليا بعد تعديل 2008 ) المنظم لمهنة المحاماة ، فإن المحامين المعتمدين بجدول هيئات المحامين ب المملكة هم وحدهم المؤهلون في نطاق تمثيل الأطراف و مؤازرتهم لتقديم المقالات والمستنتجات و المذكرات الدفاعية في جميع القضايا بإستثناء القضايا الجنائية وقضايا النفقة أمام المحاكم الإبتدائية و الإستئنافية و القضايا التي تختص المحاكم الإبتدائية بالنظر فيها إبتدائيا إنتهائيا ، و إستنادا إلى ذلك فإن تصحيح الدعوى بتقديمها و توقيعها من طرف المحامي يجب أن يتم في ذات مرحلة التقاضي التي إستلزم القانون تقديم و توقيع المحامي على صحيفتها ، و محكمة الإستئناف حين ردت دفع الطاعنة بعدم قبول دعوى المطلوب لتقديمها من غير محامي ، بكون هذا الإجراء الذي لم يتدارك إبتدائيا لا تأثير له على الحكم المستأنف خاصة و أن الإستئناف ينشر الدعوى من جديد ، و قد أجريت المسطرة في هذه المرحلة ، تكون قد خرقت المقتضيات الواردة أعلاه و عللت قرارها تعليلا فاسدا ، فعرضته بالتالي للنقض والإبطال.[31]
المطلب الثاني: المسطرة القضائية
إن أهم ما تضمنه القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، كمقتضيات جديدة يتعلق بإدراج مسطرة إدارية للصلح بين المصاب أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة، حيث اعتمدها كآلية جديدة لتسريع وثيرة تصريف الملفات التي لا ضرورة لإحالتها على القضاء، فكرسها المشرع بشكل جلي ضمن أحكام مدونة الشغل وداخل القوانين ذات الصبغة الاجتماعية المحضة[32]،فهي تكتسي أهمية قصوى انطلاقا من كونها ألية ناجعة وفعالة للمساهمة في تخفيف العبء على القضاء وتسريع وثيرة التعويضات[33]، في وقت تشهد فيه حوادث الشغل ارتفاعا متزايدا[34] .
لكن رغم هذا المستجد التشريعي، يبقى اللجوء إلى القضاء واردا في بعض الحالات، حيث تختص المحكمة الابتدائية بالبث في جميع النزاعات المترتبة عن تطبيق أحكام القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل .[35] ليتأتى للمصاب أو ذوي حقوقه الحصول على المصاريف والتعويضات المحددة قانونا.
انطلاقا مما سبق سنقوم بدراسة هذه المرحلة القضائية من خلال ثلاث فقرات حيث سنخصص حالات اللجوء إلى القضاء (الفقرة الأولى)، والقواعد المسطرية للصلح القضائي ( الفقرة الثانية) على أن نتناول آثار الصلح القضائي ( الفقرة الثالثة).
الفقرة الاولى: حالات اللجوء إلى القضاء
أولا: حالة رفض العروض المقترحة
وهي الحالة التي تقوم فيها المقاولة المؤمنة للمشغل بعد تقديم عروض المصاريف والتعويضات للمصاب أو لذوي حقوقه، يتعين على هؤلاء قبول أو رفض العروض داخل أجل 30 يوما الموالية لتاريخ التوصل بها[36].
فإن رفض تلك العروض صراحة أو ضمنا يمنحهم، طبقا للمادة 138 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، إمكانية إقامة دعوى أمام المحكمة الابتدائية المختصة للبث في طلب التعويض عن الأضرار المترتبة عن حادثة الشغل ، لكن إذا كانت المادة 138 المذكورة تمنحهم الحق في إقامة دعوى، فإن الأمر يقتصر على مجرد إمكانية قد يفعلها المصاب أو ذوي حقوقه أو لا يفعلها خوفا على مستقبله داخل عمله، فيكون من نتائج ذلك حرمانه من التعويض.
ثانيا: حالة عدم خضوع المشغل لإلزامية التأمين
نص المشرع في المادة 29من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل إلزامية التأمين على فئتين هما فئة المشغلين الخاضعين لنظام الضمان الاجتماعي ، وفئة مستخدمي الجماعات المحلية المؤقتين والعرضيين والمياومين والمتعاقدين ومستخدمي المؤسسات العمومية غير الخاضعين لنظام الوظيفة العمومية أو لنظام الضمان الاجتماعي .
وللمقارنة هاتين الفئتين الخاضعين لإلزامية التأمين مع الفئات الخاضعة للقانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، يلاحظ أن بعضها بقي خارج إلزامية التأمين، ويتعلق الأمر بالعمال المنزليين الذين بالرغم من النص على خضوعهم لنظام الضمان الاجتماعي في الفصل 2 من هذا النظام،[37]إلا أن بداية استفادتهم جاءت معلقة على صدور مرسوم يحدد شروط التطبيق، ما يعني أن هذه الفئة من العمال تستفيد اليوم من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل لكن دون إلزام مشغلها بالتأمين عليها ضد حوادث الشغل .
وبالرغم من عدم خضوع هذه الفئة من المشغلين لإلزامية التأمين ضد حوادث الشغل، تبقى المحكمة الابتدائية مختصة للبث في جميع طلبات التعويض عن حوادث الشغل المرفوعة ضد المشغل غير المؤمن من طرف المصاب أو ذوي حقوقه .[38]
ثالثا: حالة عدم احترام المشغل لإلزامية التأمين
إذا كان المشرع في المادة 29 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل قد نص إلزامية التأمين لضمان المصاريف والتعويضات المحددة قانونا بالنسبة لفئة من المشغلين كما سبق وتم ذكرها ، فإنه قد يحدث أن لا يحترم بعض هؤلاء المشغلين ذلك الالتزام فيصاب المشتغل لديهم بحادثة شغل، ويفاجأ هو أو ذوي حقوقه بغياب المقاولة المؤمنة للمشغل، وبالتالي استحالة إجراء صلح معها.[39]
وهو نفس الشيء بالنسبة لحالة عدم خضوع المشغل لإلزامية التأمين، تبقى المحكمة الابتدائية مختصة للبت في جميع طلبات التعويض عن حوادث الشغل المرفوعة ضد المشغل غير المؤمن من طرف المصاب أو ذوي حقوقه.
الفقرة الثانية: القواعد المسطرية للصلح القضائي
نظرا للخطورة الكبيرة التي تخلفها حوادث الشغل والأمراض المهنية بالنسبة لحياة الأجير المصاب أو ذوي حقوقه عند وفاته، فإن المشرع المغربي قد تبنه لهذه المسألة ونص على مقتضيات إجرائية تراعي هذه الخصوصية.
وحسبنا في هذا المقام أن نبرز أهم المقتضيات والمستجدات التي أكدها القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، والتي ترتبط بموضوع الدراسة من خلال خصوصيات استدعاء الأطراف ( أولا) ثم مباشرة القاضي لمسطرة الصلح القضائي (ثانيا).
أولا: خصوصيات استدعاء الأطراف
إن مقتضيات القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل،[40] تحيل إلى مقتضيات القواعد العامة للتقاضي في المادة الاجتماعية، [41] حيث نظم المشرع مسطرة الصلح في قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية من خلال مقتضيات خاصة.
وبهذا يلزم القاضي بإجراء الصلح بين الخصوم قبل بدئه إجراءات البت في جوهر النزاع ، وذلك من خلال استدعاء الأطراف لتوفيق بين وجهة نظر كل منهم في إطار جو من الحوار والتفاهم المنهي لحل النزاع.
فمن خلال الفصل 247من ق م م نجد:” يستدعي الأطراف للجلسة طبقا للشروط المشار إليها في الفصول 37،38،39، قبل التاريخ المحدد لحضورهم بثمانية أيام على الأقل.
يجب أن يتضمن الاستدعاء بالاضافة إلى التاريخ بيان المكان والساعة التي ستعرض فيها القضية واسم الطالب ومهنته وموطنه وموضوع الطلب وفي قضايا حوادث الشغل والأمراض المهنية بيان اسم وعنوان المصاب أو ذوي حقوقه واسم المشغل والمؤمن وكذا تاريخ ومكان الحادثة، أو تاريخ أو مكان تصريح بالمرض المهني.”
ويتضح من خلال هذه المقتضيات،أن المشرع المغربي حدد الأشخاص الذين يتم استدعائهم من طرف القاضي المختص، ويأتي على قائمة هذه اللائحة المصاب أو ذوي حقوقه حالة وفاته وكذلك المشغل أو المقاولة المؤمنة له.
وبخصوص فئة ذوي الحقوق أشار المشرع بمقتضى قانون رقم 18.12 الجديد على أنها لا تقتصر فقط على ذوي الحقوق فقط المشار إليهم بظهير 1963، وإنما أصبح أوسع نطاق من ذلك إذ تظم أيضا فئة الكافلين الموجودين تحت كفالة الهالك وقت وقوع الحادث بمقتضى القانون رقم 18.12[42].
حيث يعد هذا المستجد خطوة ايجابية للمشرع يسعى من خلالها إلى توسع نطاق الحماية على الأشخاص الذين يوجدون تحت رعاية الأجير،مما يعد تكريسا للطابع الحمائي للأشخاص الاجتماعية المحيطين به.
وفي جانب آخر تؤدي مسألة ارتباط المشغل بعقد التأمين، إلى تحمل نتائج الصلح المجرى بينه وبين الأجير المصاب، ويعتبر حضوره داخل جلسات الصلح إلزاميا باعتباره وكيلا عن المؤمن له بمقتضى شرط الانفراد بالصلح مع المصاب [43]،وهو نفس توجه المشرع الفرنسي من حيث اعتبر مسألة استدعاء المؤمن داخل جلسات الصلح القضائي أمرا إجباريا تعيب معه المسطرة في عدم احترامه لارتباطه بالنظام العام[44].
وبناء على ما سبق يتم استدعاء الأطراف السالف ذكره داخل أجل خمسة أيام من توصل المحكمة بملف الحادثة وفي جميع الأحوال قبل انصرام أجل التقادم[45]،الذي أقره القانون 18.12 من أجل خمسة سنوات الموالية لتاريخ وقوع الحادثة.
ومن هنا على المحكمة استدعاء الأطراف وفق قواعد الفصول 37و38و39 من ق م م على الأقل قبل حلول أجل الجلسة بثمانية أيام، مع احترام بيانات الاستدعاء المحددة قانونا.
لكن ما دمنا في صدد الحديث عن الأطراف،فإنه يمكن تضرر مصالح أحد هذه الأطراف في حالة عدم الحضور الشخصي لأحدهما، الأمر الذي دفعنا إلى التساؤل حول الأثر القانوني المترتب حالة تعذر حضور أحد الأطراف أو وكلاءهم ؟
حسب الفقرة الثالثة والرابعة من الفصل 279من ق م م نجد ” إذا تخلف المدعي عن الحضور ولم يقدم عذرا مقبولا شطب على قضيته.
وإذا تخلف المدعى عليه بت القاضي أو الهيئة بحكم غيابي أو بمثابة حضوري حسب الأحوال”
يمكن القول في هذا الصدد أن تغيب المدعي عن الجلسة الأولى لا يمكن أن يؤدي إلى تشطيب سواء بشكل نهائي أو من جدول الجلسات، لأن التشطيب الوارد في الفصل 279 من ق م م يعني تكليف المدعي بإقامة دعوى جديدة لم تقم أصلا، بل يتوجب حفظ الملف بشكل مؤقت ليبقى للطرف المدعى الحق في المطالبة في كل وقت وحين بمتابعة النظر في قضيته، الأمر الذي عززه القانون رقم 18.12 من خلال المادة 142 في الفقرة الأولى، حيث ولت للمحكمة حالة وحيدة لتأمر بالحفظ المؤقت للدعوى المرفوعة إليها ، وهي أن يتغيب المصاب أو ذوي حقوقه أو وكيله الجلسة الأولى بالبث في المنازعات القائمة بين المقاولة المؤمنة للمشغل بين المصاب أو ذوي حقوقه أو بدعوة المراجعة. .
إلا أن الإشكال المطروح في هذا الصدد، يتعلق بمدى قابلية الطعن في الإجراء المسطري المتعلق بعدم استدعاء الأطراف للحضور شخصيا في أول جلسة من طرف المحكمة المختصة بإجراء الصلح؟
في هذا الجانب نلاحظ أن محكمة النقض تتأرجح بين المرونة والتشدد، حيث أنه في بداية الأمر كان هذا الإجراء المسطري كما ذهب إليه المجلس الأعلى ـ محكمة النقض[46] يكتسي طابع المرونة، إذ لا يقبل الطعن بمخالفته إلا إذا أثبت حصول ضرر لحق بمصالح طرفين وأثبت الطاعن حصول الضرر من جانبه وإن كان مخالفا لمقتضيات الفصل 275 من ق م م ، إلا أنه في موقف آخر عبرت
محكمة النقض[47]في الشأن ذاته بتشددها في ذلك، حيث اعتبرته خرقا لقانون الدفاع وسببا في تعرضه للنقض.
ثانيا : مباشرة القاضي لمسطرة الصلح القضائي
لم يتم تكريس العمل القضائي للصلح كمبدأ عام، إلا أنه في نطاق المجال الاجتماعي أوجبه كما هو الشأن في نزاعات الشغل، حيث جاءت مجموعة من القوانين بمقتضيات هامة توجب الصلح[48]نظرا لأهميته كوسيلة فعالة لإنهاء الخصومة ووضع حد للنزاع بتكاليف قليلة.
إن مباشرة القاضي للإجراءات القانونية بعد تقديم له الطلب واستدعاءه للأطراف، فإنه يكون ملزما بالبث في حدود طلب ولا يسوغ له أن يغير تلقائيا موضوع أو سبب هذا الطلب، ما لم يطلب الأطراف ذلك[49] .
كما جاء في قرار المجلس الأعلى، يبث قضاء الموضوع طبقا للقوانين المطبقة على النازلة ولو لم يطلب الأطراف ذلك، إن القواعد المنظمة للإيراد العمري قواعد آمرة تتعلق بالنظام العام تولي المشرع بمقتضاها تحديد العناصر التي يستخدم منها الإيراد ولا تخضع لسلطة المحكمة في التقدير….”[50] .
وهناك أيضا قرار آخر جاء فيه ” وحيث ثبت صدق الوسيلة ذلك أن القرار المطعون فيه قضى برفع الإيراد المحكوم به ابتدائيا بعد ما تبين لمحكمة الاستئناف أن المحكمة الابتدائية أخطأت في طريقة تخفيض العجز في اعتماد الأجرة الحقيقية رغم أن المصاب في الحادثة المطلوب في النقض لم يستأنف وعللت المحكمة ما قضت به أن القاعدة لا يضار أحد باستئنافه لا تطبق بتعارضها مع القواعد لظهير 1963 المتعلق بالنظام العام، وأن المحكمة ملزمة بتطبيق القانون الواجب التطبيق مع أن الفصل الثالث من ق م م الذي يلزم المحكمة بالبث في حدود طلبات الأطراف لم يميز بين الطلبات التي تطبق عليها القواعد المعتبرة من النظام العام وغيرها من المقتضيات القانونية مما جعل تعليل القرار المطعون فيه فاسدا ومخالفا للقانون وهو بمثابة المنعدم التعليل المبرر للنقض”[51].
وفي قرار آخر ذهب المجلس الأعلى إلى” حيث إنه وإن ظهير 6 فبراير 1963 من النظام العام فإن تطبيقه لا يعطي لمحكمة الاستئناف أن ترفع الإيراد المحكوم به للمصاب رغم استئنافه”.
وهنا نجد أن هذين القرارين الأخيرين شاذين وغريبين عما هو مستقر عليه بالمجلس الأعلى، الذي أعطى مفهوما آخر للنظام العام وعبر عن تأويل جديد يخالف فلسفة المشرع مما شكل تراجع عن مكسب هدف إليه المشرع لحماية ضحايا حوادث الشغل، مما يطرح إشكالا حول الصبغة العمومية لنظام التعويض عن حوادث الشغل.
وبالرجوع إلى الحالات التي يمكن من خلالها طرق باب القضاء،والتي سبق أن ذكرنها في الفقرة الأولى من هذا المطلب ، وأيضا الحالات المنصوص عليها في القانون 18.12 من حالات مراجعة الإيراد.
ففي كل هذه الحالات يتم تقديم طلب بواسطة مقال افتتاحي للدعوى، حيث يكون مرفقا بمجموعة من البيانات والوثائق المدعمة،لكن في الحالة الأولى نجد أن المشرع ألزم بتقديم أسباب رفض لعروض المقاولة المؤمنة[52] ، حيث نعتقد أن غاية المشرع في هذا الجانب كان هدفه الحد من الدعاوى الكيدية من جهة، ولتطلع عليها المقاولة المؤمنة من أجل تحضير دفاعها من جهة أخرى، بل أكثر من ذلك لتتمكن المحكمة من البث بشكل مستعجل متى تضح أن الطرفان لا يتنازعان على جميع المصاريف المعتمدة لتقدير المصاريف أو ذلك، هذا المقتضى الذي كان مخولا في النظام السابق لقاضي الصلح[53] ولكن دون إضفاء الطابع الاستعجالي، كون هذا الاختصاص من اختصاصات رئيس المحكمة .
إن استعمال المشرع المغربي لعبارة استعجال في القانون رقم 18.12[54] قد تؤدي في بعض الأحيان إلى إحداث لبس وخلط ،على أساس أن الاستعجال من اختصاص قضاء الموضوع،ذلك دعا بعض الفقه[55] لإعادة صياغة المادة المذكورة وذلك بحذف العبارة أعلاه.
أما عن الحالة الثانية ــ حالة الصلح أمام القضاء بين المصاب أو حقوقه و المشغل الغير المؤمن ـ نجذ أن المشرع بموجب الفصل 278 من ق م م وبناء على المادة 152 من قانون 18.12 ألزم باتباع مسطرة الصلح أمام القضاء، حيث يتم وضع حد للنزاع وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طعن ما عدى الطعن في الأخطاء المادية أو مراجعة الإيراد، وذلك لأن الأمر يتعلق بأمر ولائي وليس قضائي.
وتأييد للقول أعلاه، نجذ قرار المجلس الأعلى[56] ” في حالة التصالح بين الأطراف أمام المحكمة فإن الاتفاق يتم إثباته حسب الأحوال إما بمحضر أو أمر يضع حدا للنزاعات وينفذ بقوة القانون ولا يقبل أي طعن”.
ومن خلال ما سبق يمكننا القول أن النفاذ المعجل يبقى امتياز للمحكوم له، وذلك من خلال تنفيذ الحكم بشكل سريع خلاف القواعد العامة، الأمر الذي يشكل خاصية من خصوصيات الحمائية في المادة الاجتماعية بشكل عام والصلح فيها بشكل خاص، حيث أنه لا يخفى على أحد أهمية التنفيذ وما يعلقه عليه المتقاضون من أمال على اعتبار أنه هو التجسيد المادي لفعالية القضاء. وبذلك حاول المشرع التوفيق بين إيصال الحق إلى صاحبه في أقرب الآجال وبمختلف الوسائل الجبرية الممكنة وتمتيع المنفذ عليه بكل الضمانات التي يمكن أن تصونه.
لكن التساؤل المطروح في هذا الجانب، هو ما مدى إمكانية طلب وقف التنفيذ ؟
القاعدة والمبدأ أن ” لا يمكن طلب وقف التنفيذ “، فالمنازعات المتعلقة بالتنفيذ هي المنازعات والاعتراضات القانونية التي تثار بمناسبة التنفيذ الجبري وتعتبر وسيلة قانونية للدفاع تستهدف إجراءات التنفيذ ، ومن بينها هناك نزاعات تثار ضد الأحكام المتعلقة بحوادث الشغل،ومن جانب آخر يلاحظ أن المشرع المغربي عمل على إعادة النظر في جانب التقادم بخصوص الحق في المطالبة بالتعويضات، حيث ألزم بأجل من أجل المطالبة بالحقوق حتى لايبقى المؤاجر مهدد بعواقب الدعوى المرفوعة بعد مرور مدة زمنية طويلة لما لذلك من مساوئ ،كعدم ضبظ الظروف المؤدية للضرر وتفرق الشهود إلى غير ذلك.
فكان هذا السبب أعلاه الدافع في إطار القانون 18.12 بأن يضع نص يؤطر التقادم كقاعدة عامة في خمسة سنوات[57] عكس ماكان معمولا به في ظهير 1963 الذي كان يميز بكيفية مضطربة بين حالات متعددة للتقادم[58].
مما سبق يمكن القول أن هذه أهم النقط التي تمتاز بها المسطرة القضائية في نظام الصلح ضمن قانون رقم 18.12 بما تعتريها من إشكالات قانونية، ليترتب عنها مجموعة من الآثار القانونية وهي التي خصصنا لها الفقرة الثالثة.
الفقرة الثالثة: آثار الصلح القضائي
إذا كانت غاية المشرع من إجراء محاولة الصلح هو البحث عن إنهاء النزاع بشكل ودي يحسم فيه الحقوق والمراكز التي تكون محل نزاع بين الضحية والمشغل أو مؤمنه فان القاضي قد يتوج بتفعيل هذا الإجراء وبالتالي نجاح مسطره الصلح (أولا )كما قد لا يتوفق في ذلك ويكون مصير المسطرة الفشل (ثانيا) وبالتالي تتخذ الدعوى مجراها المسطري والموضوعي.
أولا: حالة نجاح مسطرة الصلح
لا شك أن نجاح مسطرة محاولة الصلح التي يجريها القاضي في القانون رقم 18.12 من تثبت وتحقيق يعقبها صدور أمر قضائي بالصلح، في شكل محرر يتضمن تاريخ وقوع الحادثة وقت الشروع في الانتفاع بالتعويض أو الإيراد، وباقي العناصر الأخرى اللازمة لتقدير هما.
وتجدر الإشارة إلى مسألة التحرير المطلوب من القاضي هو التثبت من كون الاتفاق المبرم بين طرفي العلاقة الشغلية المعروضة أمامه، وهل هو فعلا الصلح بالمعنى القانوني، حيث يجب أن يكون وفق القواعد القانونية، بحيث يجب أن لا يكون أدنى من تلك الحقوق والتعويضات التي يضمنها القانون، بالإضافة إلى عدم مخالفته للنظام العام[59].
فبناء على ما سبق يتأكد القاضي من كون ما إذا كان هناك نزاع قائم فعلا ، ورغبة الأطراف الجدية والمتجهة إلى وضع حد للنزاع عن طريق بحث شروط الصلح وفقا للشروط المنصوص عليها قانونا.
وعليه ان الأمر القضائي بالصلح يضع حدا للنزاع القائم , ويكتسي حجية نهائية لعدم قابليته لأي نوع من أنواع الطعون، هذا الأثر الذي يمنع القضاء من إعادة النظر في المسائل التي تحسم فيها، وما على الخصم إلى أن يتمسك ضد خصمه الذي يريد الخروج عن شروط الصلح، ويجدد الدعوى بدافع انتهائها بالصلح الذي يماثل الدفع بقوة الشيء المقضي به .
لكن وإن كانت هذه هي القاعدة، فإنه ترد عليها مجموعه من الاستثناءات التي يترتب عنها بطلان هذا الاتفاق بناء على تعرضه لعيب من عيوب الرضا كالغلط أو التدليس أو الإكراه[60]، وهو ما أكده في عدة محطات نذكر منها القرار الصادر على محكمة الاستئناف[61] حيث جاء في مضمونه” إن الأمر بالاتفاق الواقع عند محاولة الصلح يمكن أن يكون قابلا للإبطال نتيجة الخطأ في حساب أجر المصاب إثر التصريحات الكاذبة للمؤاجر ”.
كما خولت المادة 152 من القانون رقم 18.12 بالإضافة إلى الحالة السابقة، يمكن رفع دعوى أصلية بإلغاء الصلح بناء على المقتضيات العامة لإبرام الاتفاقات.
كما يمكن للقاضي من خلال الدور الإيجابي الذي يقوم به حماية للمصاب أو ذوي حقوقه رفض المصادقة على الصلح ولو اتفق الأطراف على ذلك إذا كان هذا الاتفاق يخالف المقتضيات المنصوص عليها في القوانين الاجتماعية , كأن يكون الأجر المعتمد في تحديد الإيراد أقل من الحد الأدنى للأجور، أو اعتمد نسبة عجز أقل مما هو وارد بالخبرة الطبية، أو احتساب أجر سنوي غير حقيقي.
وعليه يمكن القول أنه متى تم الصلح في النزاعات المرتبطة بالتعويض عن حوادث الشغل تحت إشراف القاضي، يكون معه تحقيق من جهة إلى غاية المشرع في نشر ثقافة السلم والحوار، ومن جانب آخر ترسيخ هيبة القضاء في لعب دور تشجيع ثقافة الصلح والتسامح بدل استعمال مواقف القوة والتنعت التي تخلفها وسائل التقاضي الرسمية لدى المتقاضين، كما لا ننكر جهة أخرى لها فضل عليها من التقليص من عدد القضايا المعروضة على المحاكم وتخفيف العبء عنها.
ثانيا: حالة فشل مسطرة الصلح
ألقى المشرع حالات الفشل أو تعذر محاولة الصلح لسببين أساسيين، إما الاختلاف وجهات النظر وعدم الاتفاق وأما لعدم حضور الأطراف أو ممثلهم[62]، حيث فرض المشرع المغربي على القاضي المختص بالقضية أن يتضمن الحكم الصادر عنه إجراء محاولة الصلح إن ألت بالفشل تحت طائلة بطلان الحكم .
إلا أن الإشكال المطروح في هذا الإطار يتعلق بالتعويضات التي تقررها المحكمة المعروض عليها النزاع في قضايا حوادث الشغل بعد فشل مسطرة الصلح،إذ يتعلق الأمر هنا بشرط الحكم بهذه التعويضات وما إذا كان الأمر يقتضي تقديم مقال افتتاحي للدعوى من قبل المصاب أو ذوي حقوقه بعد وفاته حتى تحكم له المحكمة بالتعويضات المستحقة له في ذلك، أم أن الأمر يبقى خاضعا لسلطة القاضي الذي يحكم في الموضوع من تلقاء نفسه؟
جوابا عن هذا الإشكال، نجد المشرع المغربي قد حسم في الأمر بموجب المادة 138 من القانون رقم 18.12 المتعلق بحوادث الشغل، حيث جاء بمضمون هذه المادة أن القاضي لا ينظر تلقائيا في دعوى تعويض بعد فشل محاولة الصلح إلا بعد تقديم مقال افتتاحي للدعوى بنظير من النموذج الخاص بالتصريح بالحادثة مع اقتراحات العروض المقدمة من طرف المقاولة المؤمنة للمشغل إلى جانب ضرورة توضيح أسباب رفض هذه العروض.
ويبقى توجه المشرع المغربي في هذا الإطار جانب الصواب، وذلك كون أن تحقيق عدالة تصالحية، يستدعي الأمر إتباع إجراءات مسطرية بسيطة وسريعة تتلاءم مع نوع الاحتياجات التي تتطلبها طبيعة الأزمات المحدقة بالطرف الضعيف في العلاقة الشغلية ، إضافة إلى ذلك يجب الاستغناء عن مسطرة تقديم المقال الافتتاحي للدعوى مع بقاء مسطرة التصريح كإجراء كفيل بتمكين الأجير المصاب أو ذوي حقوقه عند الوفاة من اقتضاء مستحقاتهم بشكل سريع وفعال، دون انتظار الإجراءات المسطرية الطويلة والضارة بمصالحهم.
إلى جانب اختلاف الأطراف، نجد تخلف الأطراف عن حضور الجلسة سبب آخر من أسباب فشل مسطرة الصلح، وقد فسره القضاء على أنه تعبير ضمني برفض إجراءه من قبل الخصوم
لكن هذا التخلف له مساوئ كثيرة على المسطرة، لذلك نرى أنه يجب على المشرع أن يقوم بسن ترسانة قانونية صارمة تفرض احترام هذا الإجراء تحت طائلة جزاءات مادية، وذلك لضمان حضور الأطراف متى طلبت المحكمة حضورهم لإجراء التصالح.
عموما يمكن القول أن خصوصيات نظام الصلح في إطار قانون رقم 18.12 خصوصية تمتاز بطابع حمائي، لكن كل ذلك لم يجعله يسلم من العيوب والانتقادات التي في الحقيقة ما هي سوى انتقادات غايتها وهدفها الأول هو الارتقاء بمقتضيات هذا النظام،حتى يكون واقفا قادرا على ايجاد حلا لكل نزاعات ومانحا حماية لكل الأشخاص المشمولة بنصوصه، ومقر لحماية اجتماعية شاملة تقوم على الحوار والسلم الاجتماعي.
من خلال ما سبق، يمكن القول أن المشرع المغربي أهمية منه بالسلم و الأمن الاجتماعي داخل المقاولة والأخطار الناجمة عن غيابها من قبيل تعرض الأجير لأخطار مهنية تتوزع بين حوادث الشغل و أمراض مهنية، فانه اختار النهوض بالوسائل السليمة لحل النزاعات لما تمتاز به من سرعة و فعالية.
ويعد الصلح أمام شركات التامين باعتباره مولود جديد جاء به قانون 18,12 إحدى هذه الوسائل التي حاول من خلالها المشرع التخفيف على القضاء و ترك فض النزاع بين الأطراف إضافة الى اعتبارها ضمانة من الضمانات التي يتمتع بها المصاب او ذوي حقوقه للحصول على التعويضات في اجل معقول.
ورغم ما تضمنه القانون الجديد رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل من مقتضيات جديدة تشكل حماية للمصابين بحوادث الشغل وذوي حقوقهم من قبيل توسيع لائحة الخاضعين لهذا القانون، واختصار مسطرة التعويض في مسطرة الصلح كقاعدة، واستثناء بعد تدخل القضاء إلا أنه مع ذلك يبقى هذا القانون غير كافي لتحقيق الحماية الفعلية، بسبب ما يشوبه من نقائص تتمثل في الغموض القائم حول خضوع الأمراض المهنية إلى إلزامية التأمين، وجعل المشغل أو أحد مأموره الجهة الوحيدة التي لها صلاحية التصريح بالحادثة إلى المقاولة المؤمنة، الأمر الذي قد يؤدي إلى عدم التصريح بها في حالة تماطل المشغل أو امتناعه عن التصريح وتغيير المشغل غير المؤمن بين قبول إجراء الصلح أمام القضاء أو إجرائه بشكل مباشر مع المصاب الأمر الذي ينجم عنه، في حالة الصلح المباشر إلى قبول هذا الأخير بتعويضات هزيلة تحت تأثير الحاجة إلى العمل والخوف من انتقام المشغل، بعض الفئات الخاضعة لهذا القانون خارج إلزامية التأمين ويتعلق الأمر بالعمال المنزليين وانتظار المصاب مدة طويلة لبداية أداء التعويض اليومي، بل تطول مدة الانتظار في حالة رفض المقاولة المؤمنة وإقامته دعوى المطالبة بالتعويض أمام المحكمة المختصة.
فالواقع العملي، أبان عن أن هذه المسطرة لا تؤدي دورها بشكل فعال كما هو مرسوم لها من طرف المشرع، بل تؤدي إلى بطء سير الدعوى وإطالة أمدها، ليبقى السؤال المطروح هو لماذا هذا التعقيد بكثرة الإجراءات التي تشكل عرقلة لاقتضاء الحقوق والتعويضات، في مجال يعرف حساسية كبيرة ومفرطة تفتقد الحماية الاجتماعية والتشريعية للطرف الضعيف؟
وعليه فإذا كان تحليل نصوص القانون رقم 12 18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل قد أبرز ثغرات هذا الأخير،فإن من شأن تطبيقه اليومي أن يفرز المزيد من النقائص التي من شأنها أن تؤثر على الحماية الواجبة لضحايا حوادث الشغل وذوي حقوقهم الأمر الذي يفرض متابعة دقيقة لتفاصيل تطبيقه، خاصة من خلال تفعيل مراقبة تطبيق نصوص هذا القانون المخولة إلى الأعوان المكلفين بتفتيش الشغل، بغية تحقيق الحماية الاجتماعية.
المراجع
- بلال العشيري : حوادث الشغل و الامراض المهنية “دراسة نظرية وتطبقية ” الطبعة الثانية , مطبعة دار ابي رقراق للطباعة و النشر.
- محمد الكشبور : ” نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي آفاق المستقبل ” مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1997 .
- محمد بنحساين : التعويض عن حوادث الشغل ، دراسة لأحكام القانون الجديد رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ، سلسلة دراسات معمقة 3 سنة 2016.
- رشيدة احفوض : التعويض عن حوادث الشغل على ضوء العمل القضائي ، طبعة 2015 ، مطبعة الجديدة ، الدار البيضاء.
- ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.74.447 بتاريخ 11 رمضان 1394 (28 شتنبر 1974) بالمصادقة على نص قانون المسطرة المدنية.
- ظهير شريف رقم 190-14-1 صادر في 6 ربيع الأول 1436 (29 ديسمبر 2014) بتنفيذ القانون رقم 12-18 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل.
- القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.190 بتاريخ 29 دجنبر 2014، ج. ر.ع 6328 بتاريخ 22 يناير 2015
- ظهير شريف رقم 1.60.223 يغير بمقتضاه من حيث الشكل الظهير الشريف الصادر في 25 يونيو 1927 بالتعويض عن حوادث الشغل،ج ر ع2629 بتاريخ 15 مارس 1963.
- ظهير شريف بمثابة قانون رقم 1.72.184 بتاريخ 27 يوليوز 1972 يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، ج.ر ع 3121 بتاريخ 23 غشت 1972.
- حكم صادر عن المحكمة الابتدائية بمدينة سلا، ملف اجتماعي 1568/15/1502 ، حكم عدد 811، بتاريخ 06/05/2016.
- قرار رقم 553 بتاريخ 23 /08/ 1985 ، ملف إجتماعي عدد 96003.مأخوذ عن ذ. بلال العشيري الاجتهاد القضائي في مادة حوادت الشغل و الأمراض المهنية ، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي ، الرباط، مطبعة دار أبي رقرق لطباعة و النشر، الطبعة الأولى.
- قرار عدد 1319 بتاريخ 15 أبريل 2009 في الملف عدد 1901/ 1 / 5 /2007 ، منشور بنشرة قرارات المجلس الاعلى المتخصصة ، الغرفة المدنية، العدد03 .
- قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا عدد 1073 بتاريخ 13 مارس 2010 في الملف عدد 03/09/99
- قرار لوزير التشغيل والشؤون الإجتماعية رقم 55.1139 بتاريج 29 من صفر 1437 11 ديسمبر 2015 بتحديد نموذج محضر الصلح المتبت بموجبه اإلتفاق المبرم بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل ، الجريدة الرسمية عدد 6447 بتاريخ 14 مارس 2016 ص 1318
- قرار صادر عن محكمة الإستئناف بمدينة القنيطرة، قرار عدد 33 بتاريخ 18/01 / 2016 في ملف إجتماعي عدد 154 /1502 /2015 غير منشور.
- حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بطنجة حكم رقم 133 /16 في ملف إجتماعي عدد 760/ 2015/ 1502 ، الصادر بتاريخ 17/02/2016 حكم غير منشور.
- قرار لوزير التشغيل والشؤون الاجتماعية رقم 15.1139 صادر في 29 من صفر 1437 (11 ديسمبر 2015) بتحديد نموذج محضر الصلح يتبث بموجبه الاتفاق المبرم بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للشغل. منشور بالجريدة الرسمية عدد 6447 – 4 جمادى الآخرة 1437 (14 مارس 2016).
- ـ قرار المجلس الأعلى رقم 22 الملف الاجتماعي عدد 6404، منشور بمجلة المحامي، ع7 ، 1986. ـ أورده عبد اللطيف الخلفي، الاجتهاد القضائي في القانون المسطرة المدنية،رصد لمبادئ و لقرارات المجلس الأعلى، ج1 المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش ط2004 ط1،
- قرار محكمة النقض، عدد 196 الصادر بتاريخ 2012/02/02 في ملف اجتماعي عدد 2010/1/5/946، صادر في مجلة قضاء محكمة النقض في مدونة الشغل جزء الثالث
- قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 11 فبراير 1985 قرار عدد 164 في ملف اجتماعي عدد 89/2690 ــ منشورات مجلة المحاكم المغربية ــ عدد 35 ص 82 وما بعدها. ـ أورده محمد بفقير: قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي، الجزء الأول، منشورات دراسات قضائية سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين ــ 5 مطبعة النجاح الدار البيضاء الطبعة 4 سنة 2014
- قرار المجلس الأعلى عدد 816 في ملف اجتماعي عدد 1295/95 ــ منشورات قضاء المجلس الأعلى عدد 53 و 54 ص 336 وما يليها. ـ أورده بلال العشيري: الاجتهاد القضائي في مادة حوادث الشغل والأمراض المهنية،
- قرار المجلس الأعلى بتاريخ 25/02/2009 تحت عدد 231 في ملف عدد 508/08 منشور بمجلة المجلس الأعلى عدد 73
Jean pelissier ; le recours à la, négociation individuelle, les accords de droit et d’économie du développement, bulletin de liaison, N22 ,1990.
Toute la procédure est viciée par une nullité d’ordre public lorsque l’assurance n’a pas été convoquée à la tentative de conciliation.
LUC VAN GOSSUM : les accidents de travail, achevé d’imprimer sur les presses SENL S.A Liégé, bibliothèque de droit social,6émie édition, septembre 2002.
[1] ـ عبد اللطيف خالفي، حوادث الشغل والأمراض المهنية ، المطبعة و الوراقة الوطنية ـ الدوديات، مراكش ، الطبعة الأولى 2003، ص 22.
[2] ظهير شريف رقم 1.60.223 يغير بمقتضاه من حيث الشكل الظهير الشريف الصادر في 25 يونيو 1927 بالتعويض عن حوادث الشغل،ج ر ع2629 بتاريخ 15 مارس 1963،ص 530.
[3] القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.190 بتاريخ 29 دجنبر 2014، ج. ر.ع 6328 بتاريخ 22 يناير 2015، ص 489.
[4] المادة الأولى من قانون 18.12
[5] – قرار لوزير التشغيل والشؤون الاجتماعية رقم 15.1139 صادر في 29 من صفر 1437 (11 ديسمبر 2015) بتحديد نموذج محضر الصلح يتبث بموجبه الاتفاق المبرم بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للشغل. منشور بالجريدة الرسمية عدد 6447 – 4 جمادى الآخرة 1437 (14 مارس 2016) ص 1318-1322.
[6] – قرار صادر عن المجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا عدد 1073 بتاريخ 13 مارس 2010 في الملف عدد 03/09/99.
[7] الفصل 133 من القانون 18.12.
[8] بلال العشيري : حوادث الشغل و الامراض المهنية “دراسة نظرية وتطبقية ” الطبعة الثانية , مطبعة دار ابي رقراق للطباعة و النشر ص 67 .
[9] المادة 134 من القانون رقم 18.12
[10] قرار لوزير التشغيل والشؤون الإجتماعية رقم 55.1139 بتاريج 29 من صفر 1437 11 ديسمبر 2015 بتحديد نموذج محضر الصلح المتبت بموجبه اإلتفاق المبرم بين المصاب بالحادثة أو ذوي حقوقه والمقاولة المؤمنة للمشغل ، الجريدة الرسمية عدد 6447 بتاريخ 14 مارس 2016 ص 1318
[11] المادة 133 من القانون 18.12.
[12] المادة 138 من القانون رقم 18.12
[13] الفصل 278 من ق. م. م ينص على انه :”تثبت في حالة التصالح شروط الاتفاق طبقا للطرق التالية :
-يثبت الاتفاق في النزاعات المتعلقة بالشغل او الخلافات الناشئة بين المشغل و الاجير بمقتضى امر ……..”.
[14] المواد من 132 الى 140 من القانون رقم 18.12
[15] قرار رقم 553 بتاريخ 23 /08/ 1985 ، ملف إجتماعي عدد 96003. مأخوذ عن ذ. بلال العشيري الإجتهاد القضائي في مادة حوادت الشغل و الأمراض المهنية ، منشورات كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي ، الرباط، مطبعة دار أبي رقرق لطباعة و النشر، الطبعة الأولى، ص 22 و بعدها.
[16] قرار صادر عن محكمة الإستئناف بمدينة القنيطرة، قرار عدد 33 بتاريخ 18/01 / 2016 في ملف إجتماعي عدد 154 /1502 /2015 غير منشور.
[17] حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بطنجة حكم رقم 133 /16 في ملف إجتماعي عدد 760/ 2015/ 1502 ، الصادر بتاريخ 17/02/2016 حكم غير منشور.
[18] رشيدة أحفوض: ندوة علمية بني ملال حول مستجدات القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ، الجمعة 6 أبريل 2016.
[19] محمد بنحساين : التعويض عن حوادث الشغل ، دراسة لأحكام القانون الجديد رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل ، سلسلة دراسات معمقة 3 سنة 2016، ص 48.
[20] رشيدة احفوض : التعويض عن حوادث الشغل على ضوء العمل القضائي ، طبعة 2015 ، مطبعة الجديدة ، الدار البيضاء ، ص 220.
[21] المادة 134 من ق 18.12
[22] المادة 135 من ق 18.12
[23] حكم صادر عن المحكمة الإبتدائية بمدينة سلا، ملف إجتماعي 1568/15/1502 ، حكم عدد 811، بتاريخ 06/05/2016.
مأخوذ عن عبد المولى بن شبيبة : مسطرة الصلح في نزاعات حوادث الشغل مقال منشور بمنشورات المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية : الوسائل البديلة لحل نزاعات الصلح والتحكيم و الوساطة، العدد الخاص رقم 20 ص 220.
[24] رشيدة أحفوظ : م س، ص 221
[25] المادة 14 من القانون 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل .
[26] المادة 17من ق 18.12 من نفس القانون
[27] المادة 19 من ق 18.12
[28] المادة 20 من قانون 18.12
[29] المادة 21 من القانون 18.12
[30] هي قضايا التصريحات المتعلقة بالحالة المدنية ، وقضايا النفقة أمام المحكمة الإبتدائية والإستئنافية ، والقضايا التي تختص المحاكم الإبتدائية بالنظر فيها إبتدائيا وإنتهائيا وكذا المؤازرة في قضايا الجنح والمخالفات.
[31] قرار عدد 1319 بتاريخ 15 أبريل 2009 في الملف عدد 1901/ 1 / 5 /2007 ، منشور بنشرة قرارات المجلس الاعلى المتخصصة ، الغرفة المدنية، العدد03 .
[32] تقرير لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بمجلس المستشارين حول مشروع قانون رقم 26.10 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، دورة أكتوبر 2011 ص 89.
[33] بفضل المسطرة التوافقية سيتم تسريع التعويض و الاستغناء عن المساطر الإدارية والقضائية التي تتقل كاهل القضاء وتفرد تحريات لا جدوى منها أحيانا خاصة إذا اعتبرنا أن أزيد من 80 بالمئة من الإصابات تصفر عن عجز لا يتجاوز 10بالمئة، ناهيك عن الطابع الإلزامي لهذه الإجراءات التي يمنع إبرام أي اتفاق بين الأطراف خارج نطاق القضاء
ـ مأخوذ من المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، رأي حول مشروع قانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، إحالة 3/2013 الصفحة 9.
[34] LUC VAN GOSSUM : les accident du travail, achevé d’imprimer sur les presses SENL S.A Liégé, bibliothèque de droit social,6émie édition, septembre 2002 page 11 .
[36] المادة 135 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل
[37] الظهير الشريف بمثابة قانون رقم 1.72.184 بتاريخ 27 يوليوز 1972 يتعلق بنظام الضمان الاجتماعي، ج.ر ع 3121 بتاريخ 23 غشت 1972. ص 2178.
[38] المادة 18 و ف 2 من المادة 141 من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل .
[39] محمد بن حساين : التعويض عن حوادث الشغل، دراسة لأحكام القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل، سلسلة دراسات معمقة 3، 2016. ص 53
[40] المواد من 141 إلى 144 من القانون رقم 18.12
[41] الفصول من 274 إلى 279 من قانون المسطرة المدنية
[42] المرجو الاطلاع على الباب المتعلق بنطاق الحماية من القانون رقم 18.12 المتعلق بالتعويض عن حوادث الشغل
[43] لطيفة نبيش: عقد التأمين على المسؤولية ضد حوادث الشغل والأمراض المهنية،أطروحة لنيل الدكتورة في الحقوق،نوقشت بكلية الحقوق بالدار البيضاء، السنة الجامعية 2003/2002،ص.199.
[44] Tout la procédure est viciée par une nullité d’ordre public lorsque l’assurance na pas été convoqué à la tentative de conciliation.
[45] المرجو الاطلاع على المادة 180من قانون رقم 18.12 .
[46] قرار المجلس الأعلى رقم 22 الملف الاجتماعي عدد 6404، منشور بمجلة المحامي، ع7 ، 1986.
ـ أورده عبد اللطيف الخلفي، الاجتهاد القضائي في القانون المسطرة المدنية،رصد لمبادئ و لقرارات المجلس الأعلى، ج1 المطبعة والوراقة الوطنية، مراكش ط2004 ط1، ص196.
[47] قرار محكمة النقض، عدد 196 الصادر بتاريخ 2012/02/02 في ملف اجتماعي عدد 2010/1/5/946، صادر في مجلة قضاء محكمة النقض في مدونة الشغل جزء الثالث، ص 143.
[48] المرجو الاطلاع على المادة 73من م الشغل ـ الفصل 82 من قانون الضمان الاجتماعي ـ الفصل 277من ق م م.
[49] الفصل الثالث من قانون المسطرة المدنية
[50] قرار للمجلس الأعلى بتاريخ 11 فبراير 1985 قرار عدد 164 في ملف اجتماعي عدد 89/2690 ــ منشورات مجلة المحاكم المغربية ــ عدد 35 ص 82 وما بعدها.
ـ أورده محمد بفقير: قانون المسطرة المدنية والعمل القضائي، الجزء الأول، منشورات دراسات قضائية سلسلة القانون والعمل القضائي المغربيين ــ 5 مطبعة النجاح الدار البيضاء الطبعة 4 سنة 2014 ص 52.
[51] قرار المجلس الأعلى عدد 816 في ملف اجتماعي عدد 1295/95 ــ منشورات قضاء المجلس الأعلى عدد 53 و 54 ص 336 وما يليها.
ـ أورده بلال العشيري: الاجتهاد القضائي في مادة حوادث الشغل والأمراض المهنية، م س ص222.
[52] المادة 138 الفقرة الثانية من القانون 18.12.
سبق وأن أشرنا أعلاه إلى الإشكالات المثارة بخصوص هذا البند القانوني.
[53] الفصل 29 وما بعده من ظهير 1963.
[54] المادة 143 من القانون رقم 18.12 .
[55] رشيدة أحفوظ: م س ص 222 .
[56] قرار المجلس الأعلى بتاريخ 25/02/2009 تحت عدد 231 في ملف عدد 508/08 منشور بمجلة المجلس الأعلى عدد 73، ص 260 وما بعدها .
[57] المادة 180 من القانون 18.12 مع مراعاة خصوصيات المادة المتعلقة بحفظ القضية في 15 سنة.
[58] محمد الكشبور : ” نظام تفتيش الشغل الواقع الحالي آفاق المستقبل ” مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء 1997 ص 157.
[59] لأن مقتضيات القانون رقم 18.12 من النظام العام ـ المادة 2 منه ـ
[60] Jean pelissier ; la recours à la, négociation individuelle, les accords de droit et d’économie du développement, bulletin de liaison, N22 ,1990 P481.
[61] قرار صادر على محكمة الاستئناف بتاريخ 15 نونبر 1952،
[62] المرجو الاطلاع على المادة 279 من ق م م .