محمد البشير بروحو: هل يمكن تحميل الصين المسؤولية في انتشار جائحة الفيروس التاجي؟
محمد البشير بروحو محام بهيئة طنجة
باحث دكتوراه (L.L.M ماستر
Thomas Jefferson School of Law, USA
ينسب الىJoseph Stalin قوله “موت نفس واحدة مأساة ولكن موت مليون نفس يصبح مجرد احصاء”. هذه الملاحظة مرعبة ولكنها تبين كيف يتعامل الإنسان مع المآسي والكوارث. وتحمل هذه الملاحظة كثيرا منالصدقحتى من الناحية القانونية. فعندما تقتل حكومة ما شخصا واحدًا يكيف الفعل على انه قتل، ولكن إذا قامت حكومة ما بقتل الآلاف من الناس فذلك يعتبر سياسة. وفي ضوء تلكم التعقيدات السياسية والقانونية يوضع سؤال عن إمكانية تحميل الصين المسؤولية عن وباء كورونا ومطالبتها تبعا لذلك بأداء تعويضات على اعتبار انها تعمدت إخفاء معلومات حاسمة عن الوباء اوعلى اقل تقدير انها اخلت بالتزاماتها في اخطار دول العالم عن طبيعة هذا الوباء الذي كان بدؤه منمدينة او مختبر ووهان الصينية.
بغض النظر عن نظريات المؤامرة والتخطيط المسبق الذي دفعت به الصين كذلك والذي نبذته كثير من منابر الإعلام ورجالاته فانه من المعروف لأكثرنا ان استبعاد مختبر ووهان الذي نعرف انه كان يعمل على أبحاث تخص الفيرسات التاجية مسالة لا يمكن التعامي عنها او انكارها. كما اننا نعلم كذلك ان الصين قامت بعملياتاعتقال وإسكات لأشخاص حاولوا رفع اصواتهم وإطلاق صفارات الإنذاربخطورة هذا الوباء.
- فهل يمكن اعتبار الصين مسؤولة عن نشوء COVID-19؟
- وهل يمكن متابعة الصين أمام المحاكم الأمريكية وعلى أي أساس قانوني؟
- وكيف يمكن مقاضاة الصين طبقا للقانون الدوليأمام المحاكم الدولية؟
I. تحديد مسؤولية الصين
مسؤوليات الدول في إطار القانون الدولي لا تخرج عن المسؤولية عن القيام بفعل أو المسؤولية عن الامتناع عن فعل أي المسؤولية التقصيرية.
- أصل ومنشأ فيروسCOVID-19
حاولت الصين بدون جدوى دفع أصل نشوء الفيرس من فوق أراضيها حتى يبقى السؤال قائما عن أصل الوباء ولكن الذي هو ثابت ان الجدال يقل حول تفشي الفيرس من الصين وتصرفات الحكومة الصينية المعيبة وغير المسؤولة، على اقل تقدير، والتي كلفت العالم ضياع أسابيع حاسمة من التحضير واحتواء الجائحة بسبب اخفاء معلومات عن الفيرس وتفشيه وإسكات الأطباء الشجعان الذين حاولوا التحذير من خطورة هذا المرض الشديد العدوى. فلوان الصين أوفت بمسؤوليتها في تنبيه الخبراء والمنظمات العالمية بالشفافية المطلوبة بشأن الاختبارات والبيانات المبكرة، لأمكن للعديد من البلدان تقييد الأسفار الدولية وزيادة انتاج الإمدادات الطبية اللازمة ولأمكنها فرض قواعد التباعد الاجتماعي في أوقات مبكرة وأنسب بكثير مما تم اعتماده بعد فوات الأوان.
- مسؤولية الصين عن إخفاء وطمس معلومات حاسمة عن تفشي الوباء
تضاربت الآراء في اثبات الاصل الحقيقي لهذا الفيرس التاجي.فبينما اعتبر البعض انه من صنع اياد بشرية، صرح علماء آخرون ان تسلسل الجينوم لفيرس كورونا لا يظهر اية علامات التلاعب او الهندسة بشكل مصطنع وانه ذو منشأ وتفش طبيعي. وتذهب آراءبعض من هؤلاء الخبراء الىان الاحتمال الراجح والأكثر قبولا لدى الأوساط العلمية ان أحد عمال المختبر بووهان أصيب بالعدوى من أحد الخفافيش هناك.
وجدير بالذكر في هذا الصدد أنه سبق لوزارة الخارجية الامريكية،منذ عامين خلت، أن اثارت مخاوف بشأن أبحاث الفيرسات التاجية حول الخفافيش في مختبر ووهان وحذرت مما اعتبرته لجنة مختصة قامت بزيارة ميدانية تهاونا في تطبيق بروتوكولات السلامة لدى المختبر. وقد قام مختبر ووهان بحذف هذا التقرير أوائل شهر ابريل2020 من موقعه على الإنترنت على الرغم من أنه لا يزال مؤرشفا على الإنترنت.[1]وهو ما يزيد من حدة التساؤلات ويستدعي تبعا لذلك إجراء تحقيق مختص يتقصد تجلية حقيقة ما حدث للمجتمع الدولي قاطبة.
وبغض النظر عن قبول او رفض الصين الانصياع لمطالب المجتمع الدولي بإجراء تحقيق دولي عن منشأ وتفشي الوباء فما هي أسس رفع النزاع امام المحاكم الامريكية الخاصةوامام المحاكمالدولية؟
II.أسس مقاضاة الصين أمام المحاكم الأمريكية الخاصة
لعله من أكثر المعوقات امام جر الصين الى ساحة المحاكم هو الحسابات والتوازنات والخلافات السياسية المعقدة. فبينما صرح الرئيس Trump بتسميته بوباء الصين قام السناتور الديموقراطي Chris Murphy من ولاية Connecticut بالقول بأن “الأزمة التي نحن فيها الان ليست بسبب الصين ولكن بسبب افعال الرئيس الأمريكي.[2]“
إن مثل هذا الجدال السياسي يؤثر سلبا على عمل الكونغرس الامريكي كي يقوم ببحث محايد وجريء بدون تحيز ولا اجندات.
لكن، وبمنأى عن التجاذبات السياسية، فإن ساحة القضاء الامريكية تختلف عن مثيلاتها في باقي دول العالم حيث إن المحاكم قد بدأت فعلا في التوصل بدعاوى رفعت ضد الصين بسبب هذه الجائحة. فما هي الاساسات القانونية لتلكم الدعاوى؟
- قانون JASTA
ينص الفصل 1605(b) من قانون JASTA[3]، في نصه الأصلي، على ما يلي:
“(b)…RESPONSIBILITY OF FOREIGN STATES. —A foreign state shall not be immune from the jurisdiction of the courts of the United States in any case in which money damages are sought against a foreign state for physical injury to person or property or death occurring in the United States and caused by—
‘‘(1) an act of international terrorism in the United States; and
‘‘(2) a tortious act or acts of the foreign state, or of any official, employee, or agent of that foreign state while acting within the scope of his or her office, employment, or agency, regardless where the tortious act or acts of the foreign state occurred.”
وبناء على ذلك فإن أي دولة أجنبية ليست في مأمن من الولاية القضائية لمحكمة أمريكية في الحالات التي يتم فيها طلب تعويضات مالية عن إصابة جسدية لشخص أو ممتلكات أو وفاة تحدث في الولايات المتحدة بسبب عمل من أعمال الإرهاب الدولي ومن خلال عمل ضار قام به أي عميل أو مسؤول في تلك الدولة، بغض النظر عن المكان الذي يتم فيه ارتكابه.
لكن ما يجب لفت النظر اليه هو ان شروط قيام مسؤولية الدولة الأجنبية تتحقق بقراءة الفقرتين الفرعيتين (1) و(2) مع بعضهما البعض. حيث تنص الفقرة الأولى على أن رفع حصانة الدولة الأجنبية يتحقق بوجود عمل إرهابي متعمد داخل الولايات المتحدة الامريكية وانه عمل ضار غير مشروع حسب الفقرة الثانية. فتطبيقا لمنطوق هذين الفقرتين فلا بد من توافر عنصري الإرهاب داخل الولايات المتحدة مع كونه عملا ضارا وغير مشروع.
وهكذا ولكي يثبت كل ذلك فإنه يتحتم إجراء تحقيق لإثباتتعمد الصين استعمال فيرس كورونا كسلاح بيولوجي والذي يبقى، الى حد الآن، مجرد نظرية تفتقر الى الاثبات. ولكي يعتبر سلاحا بيولوجيا لا بد أن يرتقي الفيرس علميا الى كونه سلاحًا بيولوجيًا وذلك بتوفره على خصائص القتل الجماعي(Mass killing). وسيكون على الطرف المدعي عبء شاق لإثبات توافر هاذين الشرطين بالمعية والنسبية وأن توفر أحد العنصرين دون الآخر لن يخدم محاولات الأطراف المدعية في رفع الحصانة عن دولة الصين واستصدار حكم ضدها. وزيادة على ذلك، فإنه من المرتقب ان ترفض الصين كقوة عظمى التعاون مع امر قضائي بإجراء تحقيق في هذه النازلةتشبثا منها بحماية حصانتها السيادية مما سيعرض الدعاوى ضدها للرفض لعدم توافر الأدلة.
ويبقى مع ذلك عنصر التشويق حاضرا لمعرفة ما ستذهب اليه المحاكم الامريكية المعنية بالنظر في القضايا المعروضة أمامها في قضية ليس لها سوابق ومثيل في تاريخ البشرية ولربما سينتج عنها احكام سابقة تقلب كثيرا من معايير وقواعد التقاضي والتعليل كما نعرفها اليوم.
- قانون الحصانة السيادية للدول الأجنبية 1976
شكلت الولايات المتحدة الامريكيةأول دولة يقوم فيها محامون برفع دعاوى لمقاضاة الصين مطالبين بتعويضات مالية تقدر بتريليونات من الدولارات بسبب جائحة الفيرس التاجي، حيث يحملون فيها المسؤولين الصينيين مسؤولية الاضرار الناتجة عن الإهمال الذي سمح بتفشي المرض ثم القيام عن قصد بتغطية وإخفاء حقيقة الوباء عن انظار العالم. ويبدو ان وتيرة تحميل الصين مسؤولية تفشي وباء كورونا آخذة في الارتفاع تزامنا مع ارتفاع أعداد الضحايا والخسائر الاقتصادية المهولة. وتواجه الصين اتهامات بأنها قامت بحظر بيانات وعرقلة عمل عدة فرق من خبراء الصحة الدوليين وقمع الأطباء الذين حاولوا التحذير من الوباء عندما اندلع أواخر العام الماضي.
وفي هذا الصدد شهدت ولاية فلوريدا الامريكية في شهر مارس 2020 تقديم أول دعوى جماعية نيابة عن آلاف من المدعين من 40 دولة كبريطانيا والولايات المتحدة الامريكية[4]. تبعتها في ذلك ولاية ميسوري برفع دعوى قضائية ضد الحكومة الصينية، مدعية أن مسؤولي الدولة فيها يتحملون المسؤولية عن الوباء العالمي الذي ما زال يخلف وراءه الموت والمعاناة والخسائر الاقتصادية الهائلة التي ألحقوها بالعالم عامة،وبالولاية خاصة.وبناء على بيان لمكتوب للسيد إريك شميت، المحامي العام للولاية الجمهوري صرح فيه قائلا:”إن الحكومة الصينية كذبت على العالم بشأن الخطر والطبيعة المعدية لـلفيرسوأنها قمعت أصوات المحذرين. ولم تفعل سوى القليل لوقف انتشار المرض.”وقال بانه”يجب أن يحاسبوا على أفعالهم.[5]“
وتجدر الإشارة أن الدعوى المرفوعة، في ولاية فلوريدا، من طرفBerman Law Group، وهي شركة محاماة مقرها في مدينة Miami، يعمل فيها شقيق المرشح الديمقراطي للرئاسة Joe Biden كمستشار.وقد صرح كبير الاستراتيجيين Jeremy Alters بأنه: “يجب مساءلة قادة الصين عن أفعالهم. هدفنا هو كشف الحقيقة.” وتجدر الإشارة هنا انه قبل ثلاث سنوات، كانت شركة المحاماة هذه قد استصدرت حكما لصالحها في قضية ضد الصين بقيمة 1.2 مليار دولار بسبب تصنيع مواد بناء معيبة.[6]
يدفع المحامون في عرائض دعاويهم تلك بأنه على الرغم من أن الدول تتمتع بالحصانة السيادية الأجنبية، إلا انه بموجب قانون الولايات المتحدة الامريكية فهناك استثناءات[7] بشأن الأضرار اللاحقة بالأشخاص والممتلكات والتصرفات الصادرة عن دول خارجية والتي تؤثر على الشركات داخل حدودها. ومن بين المدعين الذين تمثلهم شركة المحامين الامريكية، على سبيل المثال، Olivier Babylone وكيل عقارات من Croydon، جنوب لندن، الذي انخفض دخله بنسبة الثلثين والذي سبق له ان عولج في المستشفى بسبب الفيرس. حيث صرح قائلا: “لقد تضررت مالياً، لكن الكثير من الناس فقدوا حياتهم لذلك كنت محظوظاً. نحتاج أن نعرف من المسؤول.” وقد انضمت إليه السيدة لورين في Caggiano، وهي مديرة أعمالمن نيويورك أصيبت بالفيرس مع تسعة أفراد آخرين من العائلة بعد حضور حفل زفاف وفقدت بسبب هذا الوباء أباها وعمتها.
وهناك دعوى قضائية اخرى يجري إعدادها من قبل ShuratHaDin، وهو مركز قانوني إسرائيلي يمثل ضحايا الإرهاب في جميع أنحاء العالم. وقال Aviel Leitner من المركز إنه سيرفع دعواه القضائية في الولايات المتحدة الامريكية لأن “معظم الدول الأخرىستتهيب من الوزن الاقتصادي للصين والعقوبات الاقتصادية الصينية.[8]“
ومن بين دفوعات المحامين القانونية القول بأن إهمال بكين وسلوكها المتهور كان مضرا للغاية، وكما هو الحال مع الإرهاب، لا يمكن للدولة أن تختبئ وراء الحصانة السيادية الأجنبية. لكن، من المؤكد، أن الصين ستدافع عن سياساتها بأسنانها وأظافرها لأنه في حالة ثبوت إهمالها فسيكون ذلك كارثة بالنسبة لها. وحتى تتم اجراءات مقاضاة الصين، يتحتم أولا اكتشاف الأدلة اللازمة إذا ما إذا سمحت بذلك طبعا. ولذلك تبقى مثل هاته الدعاوى القضائية صعبة للغايةلأنه من المعلوم أن الصين تمنع التصريحات والكشف عن المستندات المطلوبة.
ويبدو أن قانون الحصانة السيادية للدول الأجنبية The Foreign Sovereign Immunities Act of 1976))[9]يشكل أكبر عائق أمام الدعاوى ضد الدول الأجنبية إذ أنه يوسع من مفهوم حصانتها ضد معظم الدعاوى القضائية في الولايات المتحدة.الاستثناءات ضيقة ونادرًا ما تقبلها المحاكم الأمريكية التي تطبق هذا القانونبحرفيته على اعتبار أنه يعبر بوضوح عن نية المشرع الصريحة لرفض هذه الدعاوى القضائية. فالحذر من إمكانية مقاضاة الولايات المتحدة بنفس السهولة أمام المحاكم الأجنبية جعل المشرع الامريكي يجنح بالتالي الى تفضيل الحصانة السيادية كقاعدة عامة. والاستثناء الأكثر شيوعًا لدى المحاكم ينحصر بموجب هذا القانون في الأنشطة التجارية للدول الأجنبية. وبناء على هذا الاستثناء أسست تلك الدعاوى القضائيةالتي رمت الى توسيع هذه القاعدة باعتبار أن السوق أو المختبر في ووهان مقاولة تجارية تعمل عمليا تحت ادارة وتسيير دولة الصين. لكن هذه الحجة تبقى ضعيفة أمام مبدأ الحصانة السيادية التي تظل من المبادئ الراسخة في القانون الدولي والتي تعني عدم جواز خضوع دولة، بدون ارادتها، لقضاء دولة أخرى.
في سنة 2008، رفعت دعوى قضائية ضد المملكة العربية السعودية بشأن تمويل الإرهابيين الذين هاجموا امريكا في 11 سبتمبر2001. وقد اتُهمت المملكة بانها عمليا المتسببة في تخريج وتفريخ الإرهابيين، وليس فيروسًا كما في حالنا هاته، لكن المحاكم رفضت تلك الادعاءات معتمدة على قانون الحصانة السيادية الأجنبية. وذلك ما دفع الكونغرس بتعديله للسماح برفع مثل هذه الدعاوى بناء على مقتضى قانون العدالة ضد رعاة الإرهاب. ولكن هذا التعديل قوبل بالنقض من قبل الرئيس أوباما، لكن الكونغرس أبطل نقضه. ومن الراجح أن يفعل الكونغرس ذلك مرة أخرى وربما بتصعيد أكبر واوسع مما فعل من قبل امام الاثار المدمرة لهذا الفيرس الذي اجتاح العالم باسره قتلا للأنفس وخرابا للاقتصاد العالمي بشكل غير مسبوق، والذي مازال يكلف الانسانية مئات آلاف من الأنفس وخسائر تقدر بتريليونات من الدولارات.
وبالرغم مما سبق قوله، وحتى مع وجود إصلاح تشريعي، فهل من المحتمل أن تجعل الصين المعلومات المطلوبة متاحة؟ثم إن هناك نتيجة طبيعية في قانون الضرر للإصابات الشخصية طبقا لقاعدة نظرية السببية التي ترى أن ثبوت المسؤولية التقصيرية عن الضرر يجب ان يكون نتيجة مباشرة للفعل المتسبب للضرر.
وفي هذا المضمار، تميل المحاكم إلى نفي قيام المسؤولية عندما تكون علاقة السببية ضعيفة جدا كما ذهبت في حكمها في قضية James Ryan v. New York Central Railroad[10]حيث قضت بنفي وجود المسؤولية عن نشر الحرائق من خلال قصرها على الضرر الطبيعي المباشر بدلاً من الضرر النهائي. وعللت ما ذهبت اليه بأن انتشار الحرائق ناتج عن أسباب عديدة. ولذلك فيمكن للمحكمة في حالة وباء كورونا أيضا أن تتمسك بنفس التعليل حين نظرها فيمن يتحمل المسؤولية في حدوث الوفيات، وتريليونات الدولارات من الخسائر. إذ ليس مستبعدا ان تقرر أن التفشي كان بسبب قرارات وإجراءات تتسم بالتهاون والاهمال من قبل البلدان المتضررة.
وعلى كل فإلى جانب امتناع الصين فإن اجراءات البحث والتحقيق، التي من شانها اكتشاف دليل عن أصل الفيرسالتاجي، ستعترضها عدة عوائق من الجانب الأمريكي كذلك. فكل من الديمقراطيين والجمهوريين سيتشبثون بروايات سياسية تخدم مصالحهم وأجنداتهم. وقد تطفو على الساحة تساؤلات حول الدعم المالي للمختبر من قبل إدارة أوباما والمزاعم حول الاستجابة البطيئة من قبل إدارة ترامب. فهل سيتم الاقتصار على تعيين لجنة تحقيق صورية وغير فعالة يعيّن فيها كل حزب موالين له ضمانا لحماية مصالحه. ويحصل ما شاهدنا من قبل حيث تجنبت لجنة الحادي عشر من سبتمبر بمهارة حاذقة تحميل أي شخص للمسؤولية على الرغم من الإهمال الثابت من طرف المسؤولين في الحكومة الامريكية.
وفي جميع الأحوال فإن ديناميكية المشرعين الأمريكيين تسابق الزمن من أجل تمكين وتسهيل العمل امام القضاء الأمريكي لكي يتسلح بترسانة قانونية تناسب واقع الحال ولسان المتضررين المطالبين بالمحاسبة والمسؤولية عن المتسبب في كارثة لم تعرف البشرية مثيلا لها من قبل. وهكذا سيعرف الكونغرس بغرفتيه مجلس النواب ومجلس الشيوخ نقاشات حامية قد تؤدي الى ميلاد قوانين تناسب في حدتها وشراستها وباء COVID-19.
- مشروع تعديل قانون الحصانات السيادية الأجنبية في القانون الأمريكي
نظرالأعداد القتلى المهول،الذي حصدأزيد من مائة ألف نفسوما زالت لائحة الأموات مفتوحة،والخسائر الاقتصادية التي تعصف باقتصادها ولم تستقر بعد، صارت أمريكا تقرعطبول مواجهة الصين وتحميلها مسؤولية تسببها في هذه الجائحة العالمية. وفي هذا الصدد هناك مقترح تعديل قانون الحصانات السيادية الأجنبية (FSIA)[11] للسماح بدعاوى قضائية ضد الصين بشأن
19 COVID-وإن من شأن تعديل كهذا، إن تم اعتماده، التغلب على كثير من العوائق في مقاضاة الصين أمام المحاكم الامريكية.
لكن الكونغرس، إن فعل، سيعيد صياغة تعديلات مثيرة للجدل وسيزيل تبعا لذلك حصانة السعودية لدورها فيأحداث 11سبتمبر2001 وهي تغييرات عميقة وبعيدة المدى. فوسط تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة والصين، فإن اتخاذ خطوة كهذه تحمل عدة مخاطرات من باب المعاملة بالمثل عن طريق نهج سياسة انتقامية في تجريد الحصانة السيادية وإلحاق المزيد من الضرر بالسمعة الأمريكية الهشة نتيجة تجاوزاتها في حق القانون الدولي. كما ان من شان تفسير أو تعديل قانون FSIA ردع وإحجام المستثمرين والشركات الأجنبية عن ممارسة الأعمال التجارية في الولايات المتحدة أو استخدام البنوك الأمريكية خوفًا من الاستيلاء على أصولها.
كل تلكم الإشكالات قد تبقي الاسبقية للخيارات والإجراءات الدبلوماسية والاقتصادية، التي قد يتم اعتمادها بالتنسيق مع الدول الأخرى، وانتهاج مسار بديل للضغط على الصين لتتحمل مسؤولياتها، على الأقل من باب إهمال إجراءات السلامة وسوء إدارة الوباء.
وفي جميع الأحوال فإن خصوصية وكارثية وباء COVID-19 ذي الاثار غير المسبوقة ستكون له إجراءات غير مسبوقة تناسبا واطرادا.
- مشروع قانون رصد الخسائر في الأرواح في الولايات المتحدة بسبب جائحة COVID-19
كما سبق للكونغرس الأمريكي ان صوت على قانون الإرهاب JASTA الذي سمح لضحايا هجمة 911 بالمطالبة بتعويضات مالية، فقد سارع بعض أعضاء الكونغرس بتقديم مشروع قانون ضد الصين[12] حتى يتسنى رفع دعاوى ضدها بخصوص الاضرار الناجمة عن انتشار الوباء في العالم والولايات المتحدة الامريكية.ومشروع القانون هذا ما زال في المرحلة الأولى من مسطرة العملية التشريعية حيث تم تقديمه إلى الكونغرس في 21 مايو 2020. وعادة ما يتم النظر فيه من قبل اللجنة القانونية المختصة قبل أن يتم إرساله إلى مجلس النواب او مجلس الشيوخ. ولكي يصبح قانونا معتمدا يجب أن يتم تمرير مشروع قانون من قبل كل من مجلس النواب ومجلس الشيوخ في شكلهالمتطابق ثم يوقع عليه الرئيس ليصبح قانونًا.
وإذا كان سلوك طريق المقاضاة المحاكم الخاصة الامريكية تعتوره عدة تعقيدات قانونية وحسابات سياسية واقتصادية فماذا تمنحه المحاكم الدولية من حلول قضائية أمام الدول الأعضاء في المجتمع الدولي المتضرر من هذه الجائحة العالمية؟
III. إمكانية مقاضاة الصينأماممحكمة العدل الدولية (ICJ)
في تصريح ذي حمولات كثيرة صرح الرئيس الفرنسي ماكرون بان هذا الوباء هو بمثابة حرب.[13] واعتبارها كذلك قد يرفع من رصيد الأصوات المطالبةبإجراء تحقيق دولي ومستقل وربما محاكمة دولية على غرار محاكمة النازية بعد الحرب العالمية الثانية ما دام تأثير الوباء قد ضرب اقتصاديات العالم بأكثر مما فعلته الحرب العالمية الثانية.وضمنهذا الاتجاه صارت أصوات معظم الدول الغربية تتوافق مع رأي الولايات المتحدة الامريكية في وجوب إجراء تحقيقات مستقلة ضد الصين وترتيب المسؤوليات وانضمت الى أمريكا أصوات كل من بريطانيا وأستراليا وألمانيا حيث رفعت هذه الأخيرة فاتورة الى الصين مطالبة بتعويضات مالية عن الخسائر البشرية والاقتصاديةالهائلة الناتجة عن جائحة COVID-19. فما هو أساس الاختصاص القضائي لمحكمة العدل الدولية؟
- دستور منظمة الصحة العالمية واللوائح الصحية العالمية 2005
- أ- خرق الفصل 75 من دستور منظمة الصحة العالمية
تنص المادة 75 من دستور منظمة الصحة العالمية على انهيحال أي سؤال أو نزاع يتعلق بتفسير أو تطبيق هذا الدستور لم يتم تسويته عن طريق التفاوض أو جمعية الصحة إلى محكمة العدل الدولية بحسب نصه الأصلي التالي:
“Any question or dispute concerning the interpretation or application of this Constitution which is not settled by negotiation or by the Health Assembly shall be referred to the International Court of Justice…”[14]
وبناء عليه فقد سبق لمحكمة العدل الدولية ان اعتبرت نفسها مختصة طبقا للمادة 75 في النظر في النزاعات بين الدول بالطريقة التي فسرت بها المادة 22 من اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز العنصري[15]وذلك في نزاع أوكرانيا ضد روسيا[16]. وبناء على الفقرة 113 من الحكم والخاص بالاعتراضات الأولية، فلن تحتاج أي دولة مدعيةإلا إلى استيفاء شرط إجراء التفاوض الاولي قبل مقاضاة الصين امام المحكمة؛ وتبعا لذلك فلن تكون الدولة المدعية بحاجة للمرور عبر جمعية الصحة العالمية(World Health Assembly)
ومن ثمة يمكن إقامة الدعوى بناء على خرق الصين لمقتضيات المادتين 21 و22 من دستور منظمة الصحة العالمية. فالمادة 21 تخول جمعية الصحة العالمية سلطة اعتماد لوائحتتعلق بالصحة الدولية كإجراءات الحجر الصحي وكيفية الحد من انتشار الامراض والاوبئة وغيرهافي حينتنص المادة 22 منه على ما يلي:
“Regulations adopted pursuant to Article 21 shall come into force for all Members after due notice has been given of their adoption by the Health Assembly…”[17]
“الأنظمة التي يتم إقرارها طبقا للمادة 21 تعتبر نافذة بالنسبة لجميع الدول الأعضاء بعد تلقي إشعار بتصديق جمعية الصحة عليها..”
لكن ما يثير الجدل المضاد هو أن المادتين 21 و22 تتعلقان فقط بالتنصيص على منح السلطة لاعتماد اللوائح وإجراءات تنفيذها ولا تتضمن عنصر الالزام والجزاء القانونيين في حالة مخالفتهاأورفض الدول الأعضاء الامتثال لتلكم اللوائح.
ب- خرق مقتضيات المادة 64 من دستور منظمة الصحة العالمية
المقتضى الثاني الذي يفتح إمكانية رفع الدعوى ضد الصين يتمثل في خرق مقتضيات المادة 64 من دستور منظمة الصحة العالمية التي تنص على أن تقدم كل دولةعضو تقارير إحصائية ووبائية على النحو الذي تقرره جمعية الصحة.
“Each Member shall provide statistical and epidemiological reports in a manner to be determined by the Health Assembly.[18]”
وبناء عليه فإن جمعية الصحةالعالمية، بموجب المادة 64، قد أقرت صراحة، أنه يجب إعداد الإحصائيات طبقًا للوائح الصحة الدولية حسب ما ورد في المادة 6 من اللوائح الصحية الدولية (2005):
“1. Each State Party shall assess events occurring within its territory by using the decision instrument in Annex 2. Each State Party shall notify WHO, by the most efficient means of communication available, by way of the National IHR Focal Point, and within 24 hours of assessment of public health information, of all events which may constitute a public health emergency of international concern within its territory in accordance with the decision instrument, as well as any health measure implemented in response to those events. If the notification received by WHO involves the competency of the International Atomic Energy Agency (IAEA), WHO shall immediately notify the IAEA.
- Following a notification, a State Party shall continue to communicate to WHO timely, accurate and sufficiently detailed public health information available to it on the notified event, where possible including case definitions, laboratory results, source and type of the risk, number of cases and deaths, conditions affecting the spread of the disease and the health measures employed; and report, when necessary, the difficulties faced and support needed in responding to the potential public health emergency of international concern.[19] ”
وتتطلب مقتضيات هذه المادة إبلاغ الدول الأطراف لمنظمة الصحة العالمية على الفور في الحالات أو الأحداث التيتنطوي على مجموعة من الأمراض ومخاطر تهدد الصحة العامة. وتشمل هذه الالتزامات إخطار منظمة الصحة العالمية بجميع حالات الإنفلونزا البشرية الناجمة عن أي نوع جديد من الفيرسات التي ظهرت فوق تراب أي دولة في غضون 24 ساعة من التقييم وفقًا لتعريف الحالة الذي وضعته منظمة الصحة العالمية لهذا الغرض المحدد.
يذهب كثير من الفقهاء أن سلوك الصين فيما يتعلق بـ COVID-19شكل انتهاكا صارخا للوائح الصحية الدولية، ولا سيما التزامات الدول الأعضاء بالإخطار في الوقت المناسب وتبادل المعلومات طبقا للمادتين 6 و7 التي تنص على ما يلي:
“If a State Party has evidence of an unexpected or unusual public health event within its territory, irrespective of origin or source, which may constitute a public health emergency of international concern, it shall provide to WHO all relevant public health information. In such a case, the provisions of Article 6 shall apply in full.[20]
فالمادة 6(2)، على سبيل المثال، تلزم الدول الأطراف، بإخطار منظمة الصحة العالمية باي طارئ قد يشكل مصدر طوارئ للصحة العامة العالمية (PHEIC)[21]، وذلك بإبلاغ منظمة الصحة العالمية ببيانات صحية ودقيقة وفي الوقت المناسب ومفصلة بما فيه الكفاية. بما في ذلك، حيثما أمكن، عدد الاصابات والوفيات. بل إن المادة 7 توسع من نطاق إجراءات التبليغ، حيث تتطلب من الدول الأطراف، إذا كانت لديها أدلة على ظاهرة يحتمل أن تشكل حالة طوارئ للصحة العامة العالمية (PHEIC)، أن تبادر بتزويد منظمة الصحة العالمية بجميع المعلومات الصحية ذات الصلة. وبناء على ما سبق ذكره، يمكن لدولة عضو أن تدعي أن الصين انتهكت المادة 64 من دستور منظمة الصحة العالمية من خلال انتهاك المادتين 6 و7 من اللوائح الصحية الدولية.
ولكن يمكن للمرء أيضًا أن يجادل في أن أحكام اللوائح الصحية الدولية، بما في ذلك مقتضيات المادتين 6 و7، هي مجرد إجراءات ذات طبيعة إرشادية تساهم في تحديد الطريقة التي يجب من خلالها تحضير “التقارير الإحصائية والوبائية” من طرف الدول الأعضاء.
ت-خرق مقتضيات المادة 63 من دستور منظمة الصحة العالمية
زيادة على ما ذكر، فان المادة 63 تفتح خيارا آخر لتأسيسالدعوى على خرق الصين لمقتضياتها التي تنص على أن تبادر كل دولة عضو بإبلاغ المنظمة بما ينشر فيها من قوانين وأنظمة وتقارير رسمية واحصاءات هامة تتصل بالصحة:
“Each Member shall communicate promptly to the Organization important laws, regulations, official reports and statistics pertaining to health which have been published in the State concerned.[22]”
وبناء عليه يمكن إقامة الدعوى على أساس عدم قيام الصين بالإبلاغ عن التقارير الرسمية والإحصاءات والبيانات المتعلقة بالوباء. وفي الواقع فهناك عدة تقارير تتهم الصين بأنها حجبت البيانات المبكرة عن العدوى التي اصابت الأطر الطبية، مما دفع منظمة الصحة العالمية إلى الاعتقاد بأن انتقال العدوى من شخص لآخر غير ممكن[23] وهذه التقارير تشير الى أن الصين حجبت بياناتها الحكومية واعتمدت السرية، بشأن عدد الأشخاص المصابين بدون أعراض، وهو عنصر حاسم في التحقق من توفر عنصر العدوى من المرض.
لكن مع كل ما سبق قوله، فإن تطبيق المادة 63 يثير إشكالا آخر، وهي أنه يتطلب نشر هذه التقارير الرسمية والإحصائيات في الصين. وليس من الواضح كيف يمكن تعريف كلمة “منشورة” في هذا السياق. فمن ناحية، يمكن القول إنها تشير فقط إلى المنشورات الحكومية الرسمية المتاحة للجمهور. ومن ناحية أخرى، يمكن اعتبار تدوينات الأطباء الصينيين على وسائل التواصل الاجتماعي والتي تخضع للرقابة من قبل الحكومة الصينية[24]بانها “منشورة” طبقا لمفهوم ومقصد المادة 63.
ث-خرق مقتضيات المادة 37 من دستور منظمة الصحة العالمية
زيادة على ما سبق ذكره،تخول المادة 37 من دستور منظمة الصحة العالمية إمكانية متابعة الصين بناء على خرقها لمقتضياته التي تنص على ما يلي:
“Each Member of the Organization on its part undertakes to respect the exclusively international character of the Director-General and the staff and not to seek to influence them.[25]
“.. تتعهد كل دولة عضو في المنظمة من جانبها باحترام الطابع الدولي الخالص للمدير العام وللموظفين، وبعدم السعي إلى التأثير عليهم.”
وبناء عليه، يمكن اعتبار ان الصين من خلال حجب المعلومات أو تقديم معلومات غير دقيقة، فإنها سعت للتأثير على سلوك معين من المدير العام لمنظمة الصحة العالمية والموظفين بها، قصدت من ورائه استصدار دعمهم القوي للصين والذي أثمر تأخر المنظمة في إعلان حالة الطوارئ للصحة العامة العالمية PHEIC)).
لكن ينبغي التنبيه في هذا الصدد، الى أن الدول تسعى دائما للتأثير على مسؤولي المنظمات الدولية، من خلال الرسائل والاجتماعات وما شابه ذلك. وبالتالي هذا المعطى سيعقد من قوة حجية الدعوى بأن أي محاولة للتأثير ستشكل انتهاكا للمادة 37. ولكن يمكنالرد عليها بأن محاولات التأثير بحد ذاتها تنتهك قواعد القانون الدولي الأخرى، كمثل اللوائح الصحية الدولية، حيث يمكن اعتبارها تأثيرا غير مشروع لمقاصد وغايات المادة 37. ونظرا لخصوصية واستثنائية هذا الوباء العالمي الذي قتل مئات الاف من الأنفس وامتدت آثاره الى الإطاحة بكل اقتصاديات دول العالم بشكل غير مسبوق فإنه من الوارد ان تتخذ محكمة العدل الدولية قرارات غير مسبوقة في تقصي مقاصد وغايات كل من دستور ولوائح منظمة الصحة العالمية والقانون الدولي في ظل مطالبات الدول والشعوب عبر مختلف دول العالم بإجراء تحقيق عن أسباب الوباء وتفعيل المحاسبة وتحميل المسؤوليات.
- مسؤولية الصين عن خرق اتفاقية الأسلحة البيولوجية
من المرجح أن السلطات الصينية كانت تعرف الإمكانات المدمرة لـ COVID-19 وأنها حاولت إخفاء تلكم الحقائق عن الوباء. فوفقًا للتقارير المعتمدة، فإن الاصابة الأولى المؤكدة بمرض COVID-19 كان في 8 ديسمبر 2019. وعلى عكس المطلوب منها، أصدرت الحكومة الصينية أُوامر للأطباء في ووهان، وفي جميع أنحاء الصين،” بعدم الكشف عن أي معلومات عن المرض للجمهور او غيرهم. ولبث الامر طي الغموض الي يومه 15 يناير 2020، حيث أثارت الحالة الأولى من فيرس كورونا في اليابان إمكانية انتقال العدوى من شخص لآخر، وبعد ذلك انتشرت مقاطع فيديو مرعبة لأشخاص يسقطون قتلى في شوارع ووهان، مما دفع الصين لاحقا الى المسارعة للإفصاح عن طبيعة هذا الفيرس وانتقاله من انسان لآخر في تاريخ لاحق (23 يناير 2020). فلماذا سكتت الصين وتعمدت إخفاء وقمع أصوات الخبراء وفرض حالة الصمت لأكثر من شهر؟
وحري بالذكران هناك أصوات لعدة خبراءقد صرحت بأن فيرس COVID-19 هو من صنع الانسان في مختبر بيولوجي. فاذا ثبت هذا عبر تحقيق دولي كما تطالب به كل من أمريكا وأستراليا وبعض دول أوروبا فان المسؤولية الدولية للصين ستقوم بناء على العواقب الجسيمة الناشئة عن الأفعال المحظورة بموجب القانون الدولي المترتب عن المسؤولية الدولية في حالة الخسارة من الضرر العابر للحدود الدولية والناجم عن الأنشطة الخطرة.
وكما هو معلوم تخضع الصين، كدولة طرف، إلى اتفاقية الأسلحة البيولوجية حيث تنص المادة الأولى منها على أن كل دولة طرف في هذه الاتفاقية تتعهد بالامتناع، تحت أي ظرف من الظروف عن تطوير او انتاج او تخزين او اكتساب الميكروبات أو العوامل البيولوجية الأخرى، أو السموم مهما كان مصدرها أو طريقة إنتاجها، من الأنواع والكميات التي ليس لها مبرر للوقاية أو لأغراض سلمية أخرى:
“Each State Party to this Convention undertakes never in any circumstances to develop, produce, stockpile or otherwise acquire or retain:
(1) microbial or other biological agents, or toxins whatever their origin or method of production, of types and in quantities that have no justification for prophylactic, protective or other peaceful purposes…”[26]
وإذا كان من الصعب اثبات ان الصين قد امتلكت المختبر لأهداف غير سلمية فإن السؤال يبقى قائما عن مدى إمكانية اعتبار عدم الإبلاغ يشكل في حد ذاته احتفاظا بالفيرس وفي ذلك خرق سافر لمقتضيات هذه الاتفاقيةخاصة ان الصين قد اخلت بالتزاماتها طبقا لأحكام الاتفاقية بسبب تأخرها في الإبلاغ عن الفيرس التاجي.فيمكن للبلدان المتضررة اذن تقديم شكوى إلى مجلس الأمن طبقا للفصل 6 من الاتفاقية علما بأن ان الفقرة الثانية منه تنص على تعهد الدول الأعضاء بالتعاون مع أي تحقيق يأمر به مجلس الامن:
“Each State Party to this Convention undertakes to co-operate in carrying out any investigation which the Security Council may initiate, in accordance with the provisions of the Charter of the United Nations, on the basis of the complaint received by the Council. The Security Council shall inform the States Parties to the Convention of the results of the investigation.”[27]
فزيادة على إمكانية الدول مطالبة الأمم المتحدة بتشكيل هيئة تحكيمية تقضي في النزاع بين الدول الأعضاء، يمكن للدول متابعة الصين أمام محكمة العدل الدولية طبقا للباب الخامس لميثاق الأمم المتحدة الذي يحيل على القانون الخاص بهذه المحكمة:
“In making recommendations under this Article the Security Council should also take into consideration that legal disputes should as a general rule be referred by the parties to the International Court of Justice in accordance with the provisions of the Statute of the Court.”[28]
وقد يشكل امتناع الصين عن إجراء تحقيق دولي تحميلها مسؤولية تطوير وحيازة فيروس خطير أصاب البشرية كلها في وفاة مئات الالاف من الانفس وتدمير اقتصاديات كل دول العالم بدون استثناء وبشكل غير مسبوق ويبدوا ان كثيرا من دول العالم مستعدة لاتخاذ اجراءات غير مسبوقة ضد الصين تناسبامع حجم وابعاد الوباء.
- إقامة الدعوى على أساس قواعد القانون الدولي العام
يمكن للدولة المدعية الاعتماد على قواعد الالتزام بموجب القانون الدولي العام طبقا للمادة 18 من (اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات) التي تنص على الالتزام بعدم الإخلال بالهدف والغرض من معاهدةوالتي تنص على ما يلي:
“A State is obliged to refrain from acts which would defeat the object and purpose of a treaty…”[29]
وبناء عليه يمكن اعتبار أن الصين قد أخلت بهدف وغرض دستور منظمة الصحة العالمية الرامية الى حصول جميع الشعوب بالتساوي على أعلى مستوى ممكن من الصحة طبقا للمادة(1) من دستور منظمة الصحة العالمية. وبذلك يمكن لهذا الأساس في الادعاء أن يشمل جميع الأساسات المذكورة أعلاه، بالإضافة إلى غيرها، مثل تلك المتعلقة بعرقلة الصين مناقشات حول COVID-19 في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.[30]
لكن تنبغي الإشارة الى انه سبق لمحكمة العدل الدولية ان ارتأت في حكم سابق لها أن بندًا قضائيًا مثل المادة 75 من دستور منظمة الصحة العالمية ليس بالقوة الكافية لقيام دعوى استنادا إلى هذا الالتزام الوارد في القانون الدولي العام[31]. ولكن يبدو ان الاحتجاج بصلاحية هذا الاجتهاد القضائي القديم والذي يعودالى 34 سنة خلت سيواجه تحديا قويا أمام الحالة الغير مسبوقة للوباء الذي اجتاح العالم ولم تحصر بعد ابعاد وحجم دماره على الأنفس والاقتصادات العالمية خاصة وأن المادة 75 من دستور منظمة الصحة العالمية تمنح محكمة العدل الدولية ليس فقط الاختصاص في فض “نزاع” بين الدول الأعضاء، ولكن لها الاختصاص أيضًا على أي “سؤال” يتعلق بتفسير أو تطبيق دستور منظمة الصحة العالمية.
وبجانب ما سبق توضيحه، يوضع سؤال آخرعن مدى إمكانية متابعة الصين امام المحكمة الجنائية الدوليةبدعوى ارتكابها لجرائم ضد الإنسانية؟
IV. إمكانية مقاضاة أمام المحكمة الجنائية الدولية (ICC)
إن آثار هذه الجائحة العالمية ليس لها من قبل مثيل ولها ما بعد من آثار على مستوى العالم ككل،ولعلدول المجتمع الدولي تجد في المادة 7 من قانون الجرائم ضد الإنسانية[32]أفضل السبل وأنجعها لمقاضاة السلطات الصينية أمام المحكمة الجنائية الدولية. وتعتبر المحكمة الجنائية الدولية السلطة العليا والملجأ الأخير للحكم فيصنف هاته القضايا في حال عدم رغبة المحاكم الوطنية أو عدم قدرتها على النظر فيها. فمما لا شك فيه أنه بديل أفضل لجعل السلطات الصينية مسؤولة عن تفشي المرض.وتوفر قضية المدعي العام ضد جيرمان كاتانغا[33]، إشارة مهمة لما يمكن للمحكمة ان تذهب اليه بخصوص اختصاصها في النظر في مثل هاته المنازعات حيث أدين المتهم وحكم عليه بالسجن لمدة اثني عشر عاماً لارتكابه جريمة قتل جماعي وجرائم مختلفة ضد الإنسانية.
وحيث إن استخدام الصين حق النقض (الفيتو) لرفض السماح بمناقشة الوباء وانتشاره من ووهانفي مجلس الأمن قد أثار عدة أسئلة.[34]إذ صرح السفير الصيني أن “المناقشة المتعلقة بـ COVID-19 ليست في جدول أعمال لمجلس الأمن”، الأمر الذي أدى إلى مزيد من الشك في أن الصين تخفي تفاصيل حيوية حول أصل الفيرس.وبناء على ذلك يمكن الاستدلال في الدعوى على أن الصين تتعمد التستر على هذا الفيرس، وهذا بحد ذاته عمل خطير وغير إنساني في ظل وجود هذا الوباء وانتشارهوفتكه بالعالم أجمع.
وحتى لو كانت هناك شكوك بعيدة في تعمد الصين استخدام COVID-19 كسلاح بيولوجي لارتكاب الإرهاب البيولوجي،الا ان ذلك لا يمنع قيام محاكمة مناسبة ويجب اعتبار كل سلطة مسؤولة مشتبه فيها وطرففي الدعوى.وحيث إن، اللواء “تشين وي وشي زنغلي” في جمهورية الصين هما المسؤولان بمعهد الفيرساتبووهان عن التعامل مع الفيرس أثناء انتشار هذا الوباء فإنه يجب عليهم أن يخضعوا للتحقيق للإجابة عن الأسئلة الحارقة التي أصابت الإنسانية كلها. فإذا ثبت أن الصين ضالعة في أي تصرف عمدي باستصناع وإطلاق COVID-19، فستكون هناك انتهاكات لمعاهدات دولية الصين طرف فيها:
- اتفاقية حظر استحداث وإنتاج وتخزين الأسلحة البكتريولوجية (البيولوجية) والسمية وتدميرتلك الأسلحة والتي تنص بوضوح على أن تطوير وإنتاج وتخزين الأسلحة البيولوجية بأي شكل من الأشكال ضد البشرية يؤدي إلى انتهاك المعاهدة. ووفقًا للمعاهدة نفسها، يمكن لأي طرف اتخاذ إجراء ضد الطرف المتهم بخرق بنود المعاهدة في مجلس الأمن الدولي طبقا لمقتضيات المادة 7.
- بروتوكول حظر الاستخدام الحربي للغازات الخانقة أو السامة أو الغازات الأخرى ولوسائل الحرب البكتريولوجية. وتحظر هذه المعاهدة استخدام أي طريقة جرثومية للتدمير الشامل للبشرية.
وحتى في حال عدم إدانة أي طرف بناء على عنصر القصد في انتشار الفيرس، فإن قيام المسؤولية طبقاللقانون الدولي عن العواقب الضارة متوافرة لمحاكمة أي طرف عن الإهمال في التعامل مع الفيرسات المميتة مثل COVID-19.
V. خاتمة
وختاما يبقى السؤال القائم عن الدول المستعدة لاقتحام هذه المهمة الصعبة لمقاضاة الصين أمام محكمة العدل الدولية اوامام المحكمة الجنائية الدولية. وبغض النظر عن تحقيق الدعاوى للنتائج المرجوة منه، فإن رفع مثل هذه الدعوى لدى تلكم المؤسسات القضائية الدولية ستؤدي إلى انتصارات سياسية معتبرة. كما أن المجتمع الدولي سيربح اجتهادات قضائية دولية يعزز مكانة القانون الدولي وسلطته ومن شانه خلق اجتهادات فريدة في ميدان انتهاك القانون الدولي وخاصة في حال هذا الوباء العالمي الذي لا سوابق له تشبهه في دماره وآثاره.
ولكن قولنا هذا لا يلغي العديد من الإشكالات والعقبات المعقدة التي تعود إلى خصوصية الساحة الدولية المتسمة بوجود دول ذات سيادة وانعدام توازن القوة بينها. فقوة دولة الصين كفيلة بنجاحها في إحجام الدول عن متابعتها أمام القضاءالدولي مع الاقتصار على تسويات سياسية واعانات اقتصادية حيث يبدو ان الصين قد استبقت الأمور بإرسالها عدة مساعدات طبية الى عدة دول متضررة. وبعيدا عن نقاش ما إذا كانت الصين تفعل ذلك بدافع من وخز الضمير ام من بعد انساني محض الا ان سياسة المصالح تبقى هي المحرك الأساسي لتصرفات الدول على الصعيد الدولي فمن الدولة التي يمكنها تحدي الصين أمام المحاكم الدولية؟
وهكذا وبناءً على هذه الظروف الدولية المعقدة وغير المتوازنة، والتي قد تعوق دول العالم عن تحدي الصين، فإن المحاكم الامريكية تقدم نفسها كبديل آخر في بلد يتوفر على القوة المناسبة، وترسانة قانونية متطورة للغاية، وكذا سوابق قضائية ضد الصين والتي يمكن أن تكون بمثابة بديل في السعي لتحقيق العدالة ممن يسعون الى حمل أصواتهم الى ساحات المحاكم التي تبقى الملجأ الأخير حينما تضيع القضايا بين أرجل السياسيين وحساباتهم السياسية. ولكن الاعتماد على المحاكم الامريكية هو اعتماد على دولة عضو واحدة والتي لا تشذعن قاعدةالدول الساعية أولا الى جلب مصلحتها الخاصة وليس المصلحة الإنسانية العامة.
لا أحد يختلف ان الصين قد تأخرت لعدة أسابيع قبل ان تبلغ منظمة الصحة العالمية وكذا المجتمع الدولي عن حقيقة الوباء وفي ذلك خرق صارخ للقوانين وللوائح الصحية الدولية. وما ترتب عن جائحة COVID-19من مآس بشرية وهلاك للاقتصاد العالمي وخراب غير مسبوق يستوجب تفعيل آليات قضائية مناسبة وجديدة تحقق العدالة للأطراف المتضررة وإدانة الجناة إن ثبت بالتحقيق والدلائل الدامغة ان الوباء كان مؤامرة دبرت بفعل فاعل أو تعويض مناسب إذا كان الخطأ تقصيري.
هناك وسائل قضائية متاحة في المنتديات الدولية لكن عملها يتطلب بدء التحقيق المناسب لكي تصبح الأمور أكثر وضوحا. ولكن يبدوان سلوك الحكومة الصينية مثير للقلق ومريب إذ ما فتأت تبدي تعنتا ورفضا غير مفهوم لأي مناقشة أو بحث عن أسباب الجائحة التي انطلقت من أراضيها بالشفافية والمسؤولية المطلوبة. وما الذي يمنعها من أن تتصرف مع المجتمع الدولي التي هي عضو فيه بصراحة إلا إذا كانت تخفي ما لا تحمد عقباه؟ كل ذلك ليس في صالحها لا من الناحية القانونية ولا السياسية ولا حتى الاقتصادية وهي الدولةالتي تطمح ان يكون لها موضع قدم في الساحة الدولية كقوة عظمى.
الى حدود هذه الساعة، فإنه ليس أمامنا الا انتظار الاحكام في الدعاوىالتي رفعت ضد الصينفي الولايات المتحدة الامريكية.أما من الناحية التشريعية، فان الكونغرس الأمريكي سينظرفي مشروعين قانونين ذوي حمولات ونتائج خطيرة وغير تقليدية. أولهما،مشروع تعديلقانون الحصانات السيادية الأجنبية (FSIA) ومن شان اعتماد قانون كهذا ان يشكل سابقة دولية لا نظير لها حيث ستصبح المحاكم الامريكية الخاصة تتمتع بالاختصاص في محاكمة الدول الأجنبية فوق التراب الأمريكي. وهذا الاختصاص سوف يطلق يد القضاء الأمريكي للنظر في جميع القضايا الجنائية والمدنية وغيرها خلافا لمبدأ الحصانة السيادية للدول الأجنبية بدون تمييز ولا تقييد.وثانيهما،مشروع قانون رصد الخسائر في الأرواح في الولايات المتحدة بسبب جائحة COVID-19 الذي سيتيح للمحاكم الامريكية النظر في دعاوى ضد الصين أمام المحاكم الامريكية للمطالبة بتعويض الاضرار الناجمة عن انتشار الوباء في العالم والولايات المتحدة الامريكية.
أما على الصعيد الدولي فلم تتحرك بعد اية دولة لمقاضاة الصين وحبذا، وفي سبيل البحث عن العدالة، ان لا يتمالاعتماد على تحرك دولة واحدةلما يعتور ذلك من مطبات مختلفة لعل من أهمها ان الدول تسعى لخدمة مصالحها القومية الضيقة أولا وأخيرا. فقد تتخذ الإدارة الامريكية القانون الوطني والدولي كوسائل ضغط سياسي لتحقيق أهداف ومصالح وطنية محضة وبذلك تخسر المجموعة الدولية قانونيا امام التحدي الكوني لفيرس كورونا بعد ان خسرت امامه وبائيا واقتصاديا. كما ان من شأن عدم تفعيل وتطوير المساطر القانونية الدولية في البحث والتقاضي ان تصبح المحاكم الأمريكية الخاصة البديل امام الدول للتقاضي بدلا من المحاكم الدولية خاصة إذا تم إقرار تعديل قانون الحصانة السيادية وتمرير قانون رصد الخسائر في الأرواح في الولايات المتحدة بسبب جائحةCOVID-19.وغير بعيد من هنا فإن المحاكم الامريكية بحكم واقع ديناميكيتها وتطورها صارت تمثل مراجع للمحاكم والتشريعات الدولية وان من شان تقاعس أعضاء المجتمع والمحاكم الدولية عن مسايرة مختلف التطورات ان تصبح المحاكم الامريكية بديلا لمؤسسات المجتمع الدولي ان لم تكن قد أصبحت بالفعل كذلك!
إن هذه ازمة عالمية وتستدعي حلولا عالمية من اجل ترسيخ مبدأ الشفافية والمسؤولية للدول الأعضاء في المنتظم الدولي.فلقد اثبت هذا الفيرس للعالم ان الأوبئة لا تحترم سيادة الدول وان الأخطاء او التراخي او الإهمال او التصرفات العمدية من جانب أي دولة لن تنحصر اثاره داخل حدود تلك الدولة. كل ذلك يستدعي تغيير وتطوير النظرة التقليدية لسيادة الدول وتعزيز المجتمع الدولي بقوانين دولية عصرية وفعالة وقادرة على الاستجابة للأخطار البيولوجية والكيميائية وكل ما من شانه تهديد الامن والسلم العالميبتهديد الصحة العالمية. ومن هذا المنطلق،ينبغي تعزيز المؤسسات الدولية بمؤسسات لها سلطة التفتيش في مختبرات الدول واعداد تقارير دورية عن مدى احترام الدول لقواعد السلامة والامن والصحة العالمية. ان الوضع العالمي الكارثي يتطلب المرور بسرعة قصوى الى مستوى آخر من المراقبة والمحاسبة بما يتجاوز قاعدة الالتزامات التعاقدية الى قاعدة الالتزامات القانونية الملزمة والمعززة بجزاءات جنائية واقتصادية خاصة في مجال الأوبئة والأسلحة وكل ما من شانه تدمير الحياة على الأرض بيت الإنسانية كلها.
لم يعد بمفهوم ولا بمستساغ ان تترك امة او دولة واحدة تتصرف كما يحلو لها في زمن أصبحنا فيه نعلم يقينا وواقعا ان العالم مرتبط ببعضهالبعض ارتباط وجود وعلى جميع المستويات ايكولوجيا وبشريا واقتصاديا وتكنولوجيا وامنيا وصحيا وهذا الأخطر. ولا يمكن لتعريف الدول ولا للقانون الدولي الذي ينظم العلاقات بين كل اولئكمالكيانات الوطنية ان تبقى متخلفةتعكس فلسفات قانونية تعود للقرن الماضي.
وعلى كل، وبحكم واقع الحال، وبمعزل عن الصراعات والحسابات السياسية، فإن التقاضي يعني بناء دعوى قضائية يمكن إثباتها وليس روايات إخبارية يتقاذفها السياسيون لأهداف سياسية محضة ومصالح ضيقة. فهل ستكون جائحة كورونا العالمية القطرة التي ستفيض الكأس وتشكل خروجا عن اخلاق السياسة والحرب التقليدية فلا يتم النظر الى القتلى كمجرد إحصائيات. بل تصبح العدالة وليست السياسة من تقول كلمتها وان يصبح الضحايا من الاحياء والاموات اناس ضاعت حياتهم واموالهم وحقوقهم وليسوا ارقاما تحصى.
(*) تم تحكيم هذا المقال العلمي من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات و الأبحاث القانونية.
[1] Josh Rogin, State Department cables warned of safety issues at Wuhan lab studying bat coronaviruses, (April 14, 2020), https://www.washingtonpost.com/opinions/2020/04/14/state-department-cables-warned-safety-issues-wuhan-lab-studying-bat-coronaviruses/
[2]JONATHAN TURLEY،Why China will likely avoid liability in spread of coronavirus pandemic, (April 18, 2020), https://thehill.com/opinion/judiciary/493467-why-china-will-likely-avoid-liability-in-spread-of-coronavirus-pandemic
[3]28 U.S. Code § 1605B. Responsibility of foreign states for international terrorism against the United States, https://www.govinfo.gov/content/pkg/BILLS-114s2040enr/pdf/BILLS-114s2040enr.pdf
[4]Mailonline, US lawyers sue China for TRILLIONS of dollars as they accuse Beijing of negligence for allowing coronavirus outbreak to erupt before covering it up, (April 2020), https://www.dailymail.co.uk/news/article-8233199/US-lawyers-sue-China-TRILLIONS-dollars-accuse-Beijing-coronavirus-negligence.html
[5] The Guardian, Missouri sues China for ‘not doing enough’ to stop coronavirus spread, (Apr 22, 2020),
https://www.theguardian.com/us-news/2020/apr/22/missouri-sues-china-for-not-doing-enough-to-stop-coronavirus-spread
[6]Mailonline, US lawyers sue China for TRILLIONS of dollars as they accuse Beijing of negligence for allowing coronavirus outbreak to erupt before covering it up, (April 2020), https://www.dailymail.co.uk/news/article-8233199/US-lawyers-sue-China-TRILLIONS-dollars-accuse-Beijing-coronavirus-negligence.html
[7]28 U.S. Code § 1605.General exceptions to the jurisdictional immunity of a foreign state
[8]Mailonline, US lawyers sue China for TRILLIONS of dollars as they accuse Beijing of negligence for allowing coronavirus outbreak to erupt before covering it up, (April 2020), https://www.dailymail.co.uk/news/article-8233199/US-lawyers-sue-China-TRILLIONS-dollars-accuse-Beijing-coronavirus-negligence.html
[9]28 U.S. Code § 1604. Immunity of a foreign state from jurisdiction
[10]James Ryan v. New York Central Railroad, 35 N.Y. 210, (March 1866), available at, https://casetext.com/case/ryan-v-new-york-central-railroad
[11] A bill to amend title 28, United States Code, to strip foreign sovereign immunity of certain foreign states to secure justice for victims of novel coronavirus in the United States, S. 3674, 116th Cong. (2020).
[12] A bill to observe the lives lost in the United States due to the COVID-19 pandemic, S. 3817, 116th, Cong. (2020).https://www.congress.gov/bill/116th-congress/senate-bill/3817?s=1&r=1
[13]POLITICO, Emmanuel Macron on coronavirus: “We wre at war”, (Mar 17, 2020), https://www.politico.eu/article/emmanuel-macron-on-coronavirus-were-at-war/
[14] WHO [CONSTITUTION}, Jul. 22, 1946, art. 75. https://www.who.int/governance/eb/who_constitution_en.pdf
[15]International Convention on the Elimination of All Forms of Racial Discrimination, U.N. Doc. A/G.A. Res. 2106 (XX) (Dec 21, 1965), https://www.ohchr.org/en/professionalinterest/pages/cerd.aspx
[16]Peter Tzeng, Taking China to the International Court of Justice over COVID-19, (April 2, 2020), https://www.ejiltalk.org/taking-china-to-the-international-court-of-justice-over-covid-19/
[17] WHO [CONSTITUTION}, Jul. 22, 1946, art. 21-22. https://www.who.int/governance/eb/who_constitution_en.pdf
[18]Id.art 64
[19]WHO, IHR (2005), art.6, https://www.who.int/ihr/publications/9789241580496/en/
[20]Id. art. 7
[21] PHEIC stands for (Public Health Emergency of International Concern)
[22] WHO [CONSTITUTION}, Jul. 22, 1946, art. 63. https://www.who.int/governance/eb/who_constitution_en.pdf
[23] Nick Givas, WHO haunted by January tweet saying China found no human transmission of coronavirus, (March 18, 2020), https://www.foxnews.com/world/world-health-organization-january-tweet-china-human-transmission-coronavirus
[24]Ryan Broderick, Chinese WeChat Users Are Sharing A Censored Post About COVID-19 By Filling It With Emojis And Writing It In Other Languages, (March 11, 2020), https://www.buzzfeednews.com/article/ryanhatesthis/coronavirus-covid-chinese-wechat-censored-post-emojis
[25] WHO [CONSTITUTION}, Jul. 22, 1946, art. 37. https://www.who.int/governance/eb/who_constitution_en.pdf
[26] CONVENTION ON THE PROHIBITION OF THE DEVELOPMENT, PRODUCTION AND STOCKPILING OF BACTERIOLOGICAL (BIOLOGICAL) AND TOXIN WEAPONS AND ON THEIR DESTRUCTION art. 1 April 10, 1972, https://legal.un.org/avl/ha/cpdpsbbtwd/cpdpsbbtwd.html
[27]Id.art. VI
[28] U.N. art.36, para. 3.
[29] VIENNA CONVENTION ON THE LAW OF TREATIES art.18, May.23, 1969, https://treaties.un.org/doc/Publication/UNTS/Volume%201155/volume-1155-I-18232-English.pdf
[30] Shishir Gupta, UNSC won’t discuss Covid-19; China blocks it with help from Russia, South Africa, (Mar 27, 2020), https://www.msn.com/en-in/news/world/unsc-wont-discuss-covid-19-china-blocks-it-with-help-from-russia-south-africa/ar-BB11M6cS?li=AAggbRN
[31]Military and Paramilitary Activities in and against Nicaragua (Nicaragua v. United States of America), judgment, ¶ 271 (Jun. 27, 1986), available at https://www.icj-cij.org/en/case/70
[32]Rome Statute of the International Criminal Court art 7, July 17, 1998, https://www.icc-cpi.int/NR/rdonlyres/ADD16852-AEE9-4757-ABE7-9CDC7CF02886/283503/RomeStatutEng1.pdf
[33]The Prosecutor v. Germain Katanga, Case No. ICC-01/04-01/07, March 24, 2017, https://www.icc-cpi.int/drc/katanga
[34]Plndia, China refuses to allow discussion on Wuhan Coronavirus in UNSC, blocks draft that called for “full transparency” over the outbreak, (Mar 25, 2020), https://www.opindia.com/2020/03/china-unsc-un-security-council-block-discussion-draft-coronavirus-covid-19-transparency/