قوانين المالية والعقلنة البرلمانية
مراد سعيدي طالب باحث بماستر المالية العامة كلية الحقوق سطات
مقدمة
يتمتع البرلمان كمرفق عام بمكانة سامية في هرم الهندسة الدستورية للنظام المغربي، ويعبرعن النشاط الذي تقوم به الدولة عن طريق ممثلي الأمة، في إعداد السياسات العموميةومراقبتهاوتقييمها عبر آليتي التشريع والمراقبة.
وتعد الاختصاصات المالية بما تشمله من مخططات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية، ومعاهدات ملزمة لمالية الدولة، وقوانين للمالية، وبما لها من أهمية وتأثير على الواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي، إحدى أهم الاختصاصات التي تضطلع بها المؤسسة البرلمانية، والتي اكتسبتها عبر تطورات تاريخية.
ففي إنجلترا، شكل مبدأ الإذن أو الترخيص البرلماني للإيرادات والنفقات، محط صراع تاريخي بين الملك والبرلمانات المتعاقبة، قبل أن ينتزعه البرلمان سنة 1628، من خلال إصدار وثيقة إعلان الحقوق التي أقرت للبرلمان حق الموافقة المسبقة على فرض الضرائب.
ثم بإصدار دستور 1688، الذي وسع نطاق الترخيص البرلماني بإعطاء البرلمان حق الموافقة المسبقة على كل أنواع الإيرادات والنفقات بشكل دوري، وهو الأمر الذي اقتضى أن تجمع جميع نفقات وإيرادات الدولة في شكل وثيقة تخضع ضرورة لترخيص البرلمان تدعى الميزانية.
هكذا أخذ البرلمان الإنجليزي يناقش أعمال الحكومة من خلال ميزانيتها وبشكل دوري وسنوي، وأصبح له حق اعتماد هذه الميزانية قبل بداية كل عام، ومناقشة تنفيذها بعد نهاية ذلك العام.
أما في فرنسا، فقد عرفت السلطة المالية للمجالس التمثيلية قفزة نوعية مع قيام الثورة الفرنسية سنة 1789، بعد أن كانت حكرا على الملك في ظل النظام القديم[1]، إذ أسفرانعقاد اجتماع مجالس طبقات الأمة، الذي أطلق عليه فيما بعد الجمعية التأسيسية الوطنية، في ماي 1789، عن إصدار إعلان حقوق الإنسان والمواطن، الذي أقرعدم قانونية كل ضريبة لم تأذن الجمعية الوطنية بجبايتها،وأرسى حق الشعب في أن يتأكد مباشرة أو بواسطة ممثليه، من ضرورة فرض الضرائب، وأن يوافق عليها بملء حريته، ويراقب استعمالها، ويقرر أساسها ونسبتها وطريقة جبايتها ومدتها[2]، كما منحت الدساتير اللاحقة خصوصا دستور 1791 ودستور الجمهورية الأولى لسنة 1795، للبرلمان حق الإذن بالجباية والإنفاق بشكل سنوي، في الوقت الذي ركز دستور 1799 سلطة التقرير في المجال المالي في يد القنصل الأول[3]، الذي كان له سلطة عمل اللوائح، واقتراح القوانين، وتوزيع إيرادات الدولة ونفقاتها التي يحدد قانون الميزانية رقمها الإجمالي[4].
أما في ظل جمهوريتي فرنسا الثانية والثالثة، فقدعرفت السلطة المالية للمجالس التمثيليةمدا وجزرا، إلى حدود قيام الجمهورية الرابعة بدستور 27 أكتوبر 1946، الذي كرس سيادة مجلس الجمهورية والجمعية الوطنية وإخضاع الحكومة لهما، من خلال حظر استعمال نظام المراسيم بقوانين الذي كان بمثابة سلاح بيد الحكومة طوال السنوات الأخيرة من عهد الجمهورية الثالثة، وكذا من خلال تخويل الجمعية الوطنية اختصاص وضع مشاريع القوانين وإحالتها على مجلس الجمهورية لإبداء رأيه بشأنها والتصويت عليها.
غير أن قوة البرلمان الناتجة عن السلطات المتميزة التي خوله إياها دستور 1946، تسببت في أزمات متكررة، بفعل عجزالسلطة التنفيذية عن تكوين أغلبية برلمانية مريحة ومستقرة داخل الجمعية الوطنية، أمام هذا الوضع توقع محررو دستور 1958 عجز النظام الجديد عن تحقيق نتيجة أحسن من سابقه، فقرروا اعتماد ضوابط مسطرية تتيح التصويت على القرارات الموازنية الضرورية للسير العادي للمؤسسات[5]، لذلك جاءوا بمفهوم العقلنة البرلمانية باعتبارها مجموعة من الآليات الدستورية والقانونية، التي تهدف إلى ضمان استقرارالسلطة التنفيذية، من خلال ابتكار وسائل دقيقة وقواعد صارمة لكبح جماح البرلمان وتقوية دور السلطة التنفيذية بالمقابل، فوضعو بذلك البرلمان في مركز يقلل من أهميته إلى حد ما، والواقع أنهم هبطو به أكثر مما يجب[6].
وإذا كان الفرنسيون وهم يصوغون دستور الجمهورية الفرنسية، قد استحضروا نظيرتها الرابعة فأسسوا برلمانا معقلنا، درء لمصادر الاختلال، فإن البرلمان المغربي ولد مقيدا بقواعد دستورية وتنظيمية للعقلنة البرلمانية[7]، كرست محدوديته،وعدم قدرته على التأثير في قوانين المالية باعتبارها وسيلة لتنزيل البرامج الحكومية.
إذشكلت قوانين الماليةأي القانون المالي السنوي والقانون المالي المعدل وقانون التصفية[8]، أهم المجالات التي شملتها العقلنة البرلمانية، حيث برزت على مستواها الهيمنة الواضحة للحكومة، من خلال السلطات الواسعة والآليات المتعددة التي منحتها إياها الدساتير المغربية والقوانين المتفرعة عنها، منذ أول دستور سنة 1962 إلى آخر دستور سنة 2011، والتي تعمل من خلالها على كبح السلطة المالية للبرلمان في مختلف مراحل القانون المالي، سواء خلال مرحلتي إيداعه لدى البرلمان ومناقشته داخل اللجان التابعة له أو مرحلتي التصويت عليه ومراقبة تنفيذه، من هذا المنطلق يمكننا إذن التساؤل عن مدى سلطة البرلمان على قوانين المالية في ظل آليات العقلنة البرلمانية؟
وللإجابة على هذه الإشكالية ارتأينا اعتماد التصميم التالي:
- المطلب الأول: تجليات العقلنة البرلمانية خلال مرحلتي إيداع مشروع قانون مالية السنة لدى البرلمان ومناقشته داخل اللجان
- المطلب الثاني:تجليات العقلنة البرلمانية خلال مرحلتي التصويت على قانون المالية ومراقبة تنفيذه
المطلب الأول: تجليات العقلنة البرلمانية خلال مرحلتي إيداع مشروع قانون مالية السنة لدى البرلمان ومناقشته داخل اللجان
بعد إعداد مشروع القانون الماليالسنوي، تقوم الحكومة بإيداعه لدى مكتب مجلس النواب، لتبدأ مرحلة جديدة في مسلسل إعداد ميزانية الدولة، يتعلق الأمر بالمرحلة التشريعية[9]، ويمر من خلالها مشروع قانون المالية للسنة بعدة محطات، يتم خلالها دراسته ومناقشته ثم التصويت عليه، وتحظى مرحلتي إيداع ومناقشة مشروع قانون مالية السنة داخل اللجان بأهمية قصوى، إذ تعتبران لحظة فعلية لانخراط الحكومة و البرلمان معا بشكل إيجابي وجدي في تجويد هذا المشروع[10]، إلا أنه يتبين من خلال الممارسة العملية أن الحكومة تستأثر بسلطات واسعة في مجال تقديم مشاريع قوانين مالية السنة وتوجيه العمل البرلماني بشأنها (فقرة أولى)، فضلا عن استئثارها على التشريع المالي، أمام محدودية الرقابة البرلمانية القبلية الممارسة من قبل اللجان خلال هذه المرحلة (فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: سلطة الحكومة في مجال تقديم مشاريع قوانين المالية للسنة وتوجيه العمل البرلماني
أظهرت الممارسة العملية أن الحكومة تتمتع بصلاحيات واسعة في مجال تقديم مشروع قانون مالية السنة وتتبعه، حيث لها أن تتأخر في تقديمه (أولا)، كما لها أن تتدخل من خلاله في توجيه العمل البرلماني بخصوصه (ثانيا).
أولا: سلطة الحكومة في مجال تقديم مشروع قانون مالية السنة
يتمتع البرلمان بموجب الفصل 75 من الدستور[11]، والمادة 48[12] من القانون التنظيمي لقانون المالية، وكذا المواد 155[13] و214 من النظامين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين على التوالي، بمدة زمنية معينة لدراسة مشروع قانون مالية السنة والتصويت عليه بالقبول أو الرفض، قدرها 58 يوما، إلا أن الحكومة تملك سلطة التقليص من هذه المدة، بعرضها لهذا المشروع على أنظار البرلمان بعد انصرام التاريخ المحدد، وبتأخير وضع مشروع القانون المالي السنوي عن موعده المحدد، يصبح الأجل غير كاف لدراسته ومناقشته والتصويت عليه من قبل البرلمان، نظرا لتشعب مقتضياته، وصعوبة مقروئيته[14]، بل قد يصبح هذا الأجل بتقسيمه على غرفتي البرلمان غير كاف لبحثه ومناقشته داخل المجلسالواحد، حيث يتطلب الأمر تنقل المشروع من الدراسة داخل لجنة المالية إلى المناقشة في الجلسة العامة العلنية، ثم التصويت عليه، وبعد ذلك تتكرر نفس العملية داخل المجلس الثاني، وبذلك يكون البرلمان نتيجة لهذا الضغط مرغما على تنشيط وتسريع المداولات من أجل التصويت على المشروع قبل نهاية السنة[15]، إذا ما أراد قطع الطريق على الحكومة في فتح الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية[16].
وما يلاحظ هنا هو أن المشرع قد عمل على تقليص المدة الزمنية المخصصة للبرلمان لدراسة مشروع قانون المالية السنوي والتصويت عليه، لتصبح 58 يوما بعد أن كانت 60 يوما في ظل القانون التنظيمي السابق[17]، مع العلم أن المدة السابقة أصلا كانت غير كافية لدراسة المشروع المذكور، ولو أن حجم هذا الأخير لم يكن بالحجم الذي هو عليه الآن، بمعنى أن المشرع قد وسع من حجم مشروع القانون المالي السنوي، بنصه على ضرورة إرفاقه بعدد كبير من التقارير، ولم يوسع من الحيز الزمني المخصص لدراسة المشروع مرفقا بالتقارير، فهل هذه المدة كافية لدراسة 14 وثيقة مرفقة له؟ أم لدراسة الجزء الأول من المشروع؟، أم لتمحيص الجزء الثاني المخصص للنفقات؟ وهذا فقط في الظروف العادية، أي في الحالات التي تلتزم الحكومة بتقديم نص المشروع في الوقت القانوني[18].
فبقراءة لتواريخ إيداع مشاريع قوانين المالية السابقة لدى مكتب البرلمان، يتبين أن الحكومة في كثير من الأحيان تتأخرعن وضع مشروع قانون مالية السنة في الأجل القانوني المحدد، ويساعدها في ذلك غياب أي جزاء على تخلفها عن إيداعها في الوقت المحدد، ذلك أنه على الصعيد العملي ليس هناك أي نص قانوني يجبر السلطة التنفيذية على الالتزام بالموعد المشار إليه، كما ليس هناك أي نص قانوني يمدد هذه المدة إذا ثبت تأخر الحكومة في تقديم المشروع، حتى يستفيد البرلمان من المدة المخصصة له قانونا، لذلك فما يبقى على البرلمان إلا الإسراع في دراسة المشروع كي لا تستغل الحكومة هذا الفراغ القانوني[19]على الوجه المبين أعلاه.
جدول رقم 1:يبين تأخيرات إحالة مشروع قانون المالية خلال الولايات التشريعية الثلاثالأخيرة
مشروع قانون المالية رقم: | للسنة المالية | يفترض إحالته على البرلمان قبل تاريخ | تمت إحالته بتاريخ | مدة التأخير |
07‑38 | 2008 | 20 أكتوبر 2007 | 7 نونبر 2007 | 17 يوما |
12‑22 | 2012 | 20 أكتوبر 2011 | 14 مارس 2012 | 4 أشهر تقريبا |
المصدر: جدول مركب بالاعتماد على موقع مجلس النواب www.chambredesrepresentants.ma
ومما يثير الانتباه في هذا الإطار، أن المشرع لم يرتب أي جزاء على عدم احترام الحكومة للآجال المحدد لها في إيداع مشروع قانون المالية لدى مكتب مجلس النواب، بينمارتب جزاء على عدم التزام البرلمان بالأجل المحدد له للتصويت على قانون المالية، من خلال إعطاء الحق للحكومة أن تفتح بمرسوم الاعتمادات.
وعليه، يمكن القول بأن ضيق الوقت وإكراه الاستعجالية يبقى عامل غير مساعد على مناقشة مشروع قانون مالية السنة داخل البرلمان، لاسيما وأن العدد الكبير والمهم من الوثائق المتعلقة بالمشروع يتطلب وقتا كافيا للدراسة المتمعنة والمعمقة، ما يجعل الحكومة عمليا في وضع أكثر تميزا وتقدما عن البرلمان.
ثانيا: تدخل الحكومة لتوجيه أعمال البرلمان بخصوص قانون المالية السنوي
تتم هذه التدخلات عن طريق وزير المالية الذي يتقدم في أكثر من مناسبة بعرض حول مشروع قانون مالية السنة، تارة أمام اللجنتين المكلفتين بالمالية داخل البرلمان، وتارة أمام الجلسة العامة، كما أن هذا التدخل يتم عن طريق الوزراء الذين يتقدمون بعروضهم كل داخل اللجنة المهتمة والمعنية بقطاعه.
وقد كان وزير المالية لا يوجه عرضه التقديمي في ظل دستوري 1972 و1992 الذان أقرا نظام المجلس الواحد، إلا أمام الجلسة العامة بمجلس النواب[20]، بموجب المادة 26 من النظام الداخلي للبرلمان الخامس[21].
ثم أصبح وزير المالية في ظل دستور 1996، يوجه عرضه التقديمي مصحوبا بمشروع القانون المالي السنوي، إلى الغرفة البرلمانية التي وضع بمكتبها المشروع أولا، ثم بعد أن تتفرغ هذه الغرفة من التصويت على المشروع يكرر الوزير نفس العملية مع الغرفة الأخرى[22].
إلا أنه في ظل دستور 2011، أصبح وزير المالية يقدم عرضا أمام اللجنتين المكلفتين بالمالية داخل البرلمان قبل 31 يوليوز من كل سنة، ثم عرضا أمام مجلسي البرلمانبمجلس النواب بمناسبة إيداع مشروع قانون المالية لدى البرلمان بمكتب مجلس النواب، ثم عرضا أخرا أمام لجنة المالية والتنمية الاقتصادية داخل مجلس النواب، وعرضا أخيرا أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية بمجلس المستشارين.
علما أن الأمر لا يتعلق فقط بمجرد تكرار لنفس العرض، ذلك أن العرض الذي يتقدم به وزير المالية أمام الجلسة العامة بمجلس النواب، والذي يتقدم به أمام لجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية، يتضمن أيضا توجهات وتعديلات اللجنة المعروض عليها المشروع أولا، بحيث تنص الفقرة الثانية من المادة 51 من القانون التنظيمي 130.13 على أنه “بمجرد التصويت على هذا المشروع، أو نهاية الأجل المحدد في الفقرة السابقة، تعرض الحكومة على مجلس المستشارين النص الذي تم إقراره أو النص الذي قدمته في أول الأمر مدخلة عليه إن اقتضى الحال التعديلات المصوت عليها من طرف مجلس النواب والمقبولة من طرف الحكومة”.
وهو ما يعني أن الحكومة عن طريق وزير المالية تحاول في كل مرحلة من المراحل التي يمر منها مشروع قانون المالية داخل البرلمان، تبرير مواقفها والدفاع عن مشروعها والعمل على إقناع مجلسي البرلمان بتبني المشروع، ذلك أن النقاشات موضوع العروض، تسمح بنوع من الدعاية للحكومة والمعارضة معا، فتنقض الحكومة الفرصة لتثبيت سياستها وإقرار برامجها[23].
فالحكومة تهدف من خلال هذه العروض لا لإشراك البرلمان في إعداد مشروع قانون مالية السنة بقدر ما تهدف من خلالها إلى توجيه أعمال البرلمان والتأثير عليها، عن طريق الشرح المتكرر لوجهة نظرها وإبراز القضايا التي تحظى بأولويتها، وعن طريق إقناع أعضاء اللجان بصحة الاختيارات التي تنهجها، لاسيما وأن وزير المالية يكون مصحوبا غالبا ببعض من مديريه العاملين، كالمدير العام للضرائب، والمدير العام للجمارك، والخازن العام للمملكة، فهم يتمتعون بمستوى فني عال، ويتقلدون مهام ومسؤوليات كبيرة، وكلما كانت قدرة الوزير ومساعديه على الإقناع أكبر كلما تضاعفت حظوظ تبني المشروع.
في هذا السياق أيضا يعطي الفصل 82[24] من الدستور للحكومة حق التحكم في جداول أعمال مجلسي البرلمان من خلال وضع الترتيب والأسبقية للمشاريع والمقترحات المراد مناقشتها والمصادقة عليها، وذلك وفق ما تراه مناسبا، تبعا لذلك فالحكومة هي التي تحدد فيما يتعلق بمشروع القانوني المالي السنوي، متى يتم الشروع في المناقشة العامة ومتى يتم التصويت على القسم الأول ثم على القسم الثاني من هذا المشروع.
ما يمكنها من ترتيب مشاريع النصوص في جداول الأعمال حسب الأولوية التي ترغب فيها، وبالتالي إعطاء الأسبقية لمشاريعها ولمقترحاتها القانونية التي تحظى بقبولها،وتأخير برمجة المقترحات البرلمانية التي لا ترغب فيها، ما يؤدي عمليا إلى حرمان البرلمان من ممارسة صلاحياته في وضع جدول أعمال أشغاله[25].
الفقرة الثانية: استئثار الحكومة بالتشريع المالي ومحدودية الرقابة القبلية الممارسة من طرف اللجان
كرست المستجدات الدستورية والتنظيمية في المجال المالي، استقرار آليات تقييد الصلاحيات المالية للجان البرلمانية (أولا)، كما كرست هيمنة السلطة التنفيذية على مسلسل التشريع المالي (ثانيا).
أولا: ضعف دور اللجان التابعة للبرلمان في دراسة ومراقبة مشروع قانون المالية
اللجان إلى البرلمان كالقلب لجسم الإنسان، فهي التي تحدد دوره الحقيقي، ومدى فعاليته، وقدرتهعلى تأكيد استقلاليته، ودوره الرقابي، وهي الأكثر قدرة على مراقبة مشاريع قوانين المالية في جميع مراحلها إعدادا وتنفيذا[26].
فلجنة المالية والتنمية الاقتصادية التي يحال عليها مشروع قانون مالية السنة بعد إيداعه بمكتب مجلس النواب، ولجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية التي يحال عليها المشروع مباشرة بعد إيداعه لدى مكتب مجلس المستشارين، تعتبرا من أهم اللجان داخل البرلمان، بالنظر للأدوار المحورية التي تقوما بها، وحجم المهام الملقاة على عاتقها، إذ إليها تعود دراسة القانون المالي السنوي وتعديله، وإليها يرجع مراقبة النشاط المالي للحكومة[27].
لكن وعلى الرغم من حجم الوظائف التي تتولاها هذه اللجان إلا أنها خضعت هي الأخرى للعقلنة البرلمانية مما حد من فعاليتها، إذ شكل نقص المعلومات الكمية والنوعية المتعلقة بالقانون المالي أكبر مصادر كبح الدور الرقابي لهاتين اللجنتين[28].
فبالرغم من أن دستور 2011 قد خول للجان في كلا المجلسين خلال دراستها لمشروع قانون المالية حق الحصول على المعلومات الإضافية المتعلقة بالمشروع المقدم، من خلال إمكانية استدعاء الوزراء أو من ينوب عنهم لتفسير وتبرير تقديراتهم[29].
وبالرغم من أن الفقرة الأخيرة من المادة 156 وكذا الفقرة الثانية من المادة 216 من النظامين الداخليين لمجلسي النواب والمستشارين، قد خولتا لأعضاء اللجنتين عند الشروع في المناقشة والدراسة حق الاستفسار عن كل مقتضى في مشروع قانون المالية، وحق طلب كل وثيقة لها صلة ببنود المشروع لم يتم إيداعها ضمن المرفقات.
إلا أن الحكومة تستطيع عقلنة الفعل الرقابي الممارس من قبل هذه اللجان من خلال احتكارها للمعلومة، وعدم تجاوبها بالشكل المطلوب مع استفسارات اللجان، كون أن الحكومة تظل هي المصدر الأهم للمعلومات بالنسبة للجان المالية واللجان الأخرى، ولكن فقط عندما تكون مستعدة وراغبة في تزويدهن بما تحتاجانه من معلومات، بل إنها حتى وإن استجابت لطلبات اللجان فإنها قد لا تتجاوب بالشكل والسرعة المطلوبين[30]، لاسيما في ظلالفترة الوجيزة التي تستغرقها مناقشة الميزانية داخل كل لجنة، وكذا على مستوى اللجان القطاعية، والتي لا تسمح بوجود تواصل مستمر بين اللجنة والوزارة.
وبعد دراستها لمشروع قانون المالية تمر اللجنة المكلفة بالمالية إلى إبداء رأيها في المشروع، فإما أن تقبله أو تعدله، أو ترفضه، إلا أنها غالبا ما تقبله، ذلك لأن لجنة المالية يمثل كل حزب داخلها بنسبة عدد نوابه أومستشاريه[31] داخل قبة البرلمان، وبالتالي فإن هذه اللجنة[32] مشكلة من أغلبية البرلمان التي تنبثق عنها الحكومة، ونصيب المعارضة فيها يكون ضعيفا[33].
ثانيا: استئثار الحكومة بالتشريع المالي
السلطة التشريعية اختصاص للبرلمان[34]، إلا أن الحكومة تهيمن على مسلسل التشريع المالي، وتتمتع دستوريا بصلاحيات واسعة للتشريع مكان البرلمان من خلال حقها في التشريع بمقتضى مراسيم قوانين وبمقتضى قانون الإذن.
ذلك أن الحكومة تبرز كفاعل رئيسي ومحوري متحكم في العملية التشريعية والتنفيذية برمتها، مستغلة في ذلك ترسانة من النصوص الدستورية والتنظيمية المحكمة التي تصب في اتجاه تكريس الواقع اللامتوازن بين الحكومة والبرلمان كسلطة تشريعية أصلية في الميدان المالي[35].
وقد شكل الارتقاء بمكانة البرلمان المغربي في التشريع المالي أحد الأهداف الرئيسة التي دعت إلى ضرورة مراجعة وإصلاح القانون التنظيمي لقانون المالية، لذلك وفي سبيل تدعيم الأدوار التشريعية للبرلمان في الميدان المالي، نص القانون التنظيمي لقانون المالية على إضافة مرحلة جديدة إلى مسطرة إعداد مشروع القانون المالي السنوي، حيث أصبح الوزير المكلف بالمالية ملزما قبل 31 يوليوز من كل سنة بتقديم عرض لدى لجنتي المالية بمجلسي النواب والمستشارين[36].
إلا أن إضافة هذه المرحلة لا تعدو عن كونها مجرد آلية للإخبار واطلاع البرلمان عن الوضعية العامة للمالية العمومية في حدود ما ترتئيه الحكومة وتقرره، وليس هناك ما يلزمها بالأخذ بعين الاعتبار ملاحظات ومقترحات أعضاء اللجنتين[37].
وبناء عليه، فإن هذا المقتضى التنظيمي الجديد في واقع الأمر لا يشرك البرلمان في مرحلة إعداد مشروع قانون مالية السنة، وإنما فقط يلزم وزير المالية بإخبار البرلمان خلال السنة المالية الجارية بالتوجهات العامة التي تضمنها الحكومة في المشروع المذكور للسنة الموالية، وبالتالي فإن المشرع التنظيمي لم يجد آلية ملائمة لإشراك البرلمان على نحو فعلي في وضع مضامين مشروع القانون المالي، وهو الأمر الذي يشكل أكبر مجسد لاستحواذ السلطة التنفيذية على سلطة التشريع المالي.
من جهة أخرى، تتمتع الحكومة بحق التشريع بمقتضى مراسيم خلال الفترة الفاصلة بين الدورات[38]، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر، طبقا للفصل 81[39] من الدستور، وكذا المادة 61 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وإذا كان الهدف من منح الحكومة هذه الصلاحية هو مواجهة بعض الظروف المستجدة والمستعجلة، التي لا تسمح استعجاليتها بانتظارعقد البرلمان لدورته العادية، فإن هذا المقتضى يعتبر سيفا ذا حدين، حيث أن الحكومة قد تتوسع في قراءة مقتضياته بشكل يؤدي أحيانا إلى ممارسة متعسفة لهذه المسطرة، وبالتالي تمريرالتشريعات المالية خلال هذه الفترة.
ورغم أن الحكومة لم تصدر إلى حدود تاريخ إصدار هذا المؤلف[40] أي مرسوم بقانون يتعلق بالمالية العمومية، فقد تلجأ إلى سلوك هذه المسطرة مستقبلا.
كما أن الحكومة تملك حق التشريع عن طريق آلية قانون الإذن، وذلك بموجب الفصل 70[41] من الدستور الأخير، حيث أن هذا المقتضى يخول للحكومة صلاحية الحلول محل البرلمان للتشريع في المجالات التي تدخل أصلا في اختصاصه[42].
علما أن هذا الامتياز الحكومي تستغله الحكومة في العديد من المناسبات التي ينص عليها القانون التنظيمي لقانون المالية، منها ما نصت عليه المادة 60 من القانون التنظيمي 130.13 والتي جاء فيها “طبقا للفصل 70 من الدستور، يمكن في حالة ضرورة ملحة وغير متوقعة ذات مصلحة وطنية، أن تفتح اعتمادات إضافية بمرسوم أثناء السنة، ويتم إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا بذلك”.
وكذا المادة 26 من نفس القانون في فقرتها الثالثة التي جاء فيها “يجوز في حالة الاستعجال والضرورة الملحة وغير المتوقعة أن تحدث خلال السنة المالية حسابات خصوصية للخزينة، بموجب مراسيم طبقا للفصل 70 من الدستور، ويتم إخبار اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان مسبقا”.
وبالتالي فإن عبارات الضرورة الملحة وغير المتوقعة ذات مصلحة وطنية، تعطي سلطة تقديرية واسعة للحكومة في تجاوز سلطات البرلمان، نظرا لقدرتها على تقديمالتبريرات وجلب المعلومات، مما يعطيها التحجج بكل الذرائع التي تخولها التصرف في المال العام، لاسيما وأن النص لا يلزمها إلا بإخبار لجنتي المالية[43].
المطلب الثاني: تجليات العقلنة البرلمانية خلال مرحلتي التصويت على قانون المالية ومراقبة تنفيذه
تخضع المسطرة التشريعية الخاصة بتبني قوانين المالية، بحكم قواعد العقلنة البرلمانية التي أخذ بها النظام الدستوري المغربي متأثرا بنظام الجمهورية الفرنسية الخامسة، للعديد من القيود الصارمة التي تتوخى ترجيح كفة السلطة المالية للحكومة على حساب البرلمان، سواء فيما يتعلق بحقه في اعتماد مشروع القانون المالي(فقرة أولى)، أو بخصوص حقه في مراقبة تنفيذه(فقرة ثانية).
الفقرة الأولى: حدود سلطة البرلمان في اعتماد مشروع القانون المالي
ترتبط هذه المحدودية في جزء منها بحق البرلمانيين في تعديل مشروع القانون المالي (أولا) والقسط الآخر منها ينصب حول مسطرة المصادقة على هذا المشروع (ثانيا).
أولا: عقلنة المبادرة البرلمانية
تعد قدرة البرلمان على تعديل قوانين المالية المهيأة أصلا من قبل الحكومة مجسدا فعليا لسلطته المالية، ويمتلك هذا الحق بموجب الفصل 83 من دستور 2011 الذي نص على أنه لأعضاء مجلسي البرلمان والحكومة حق التعديل، إلا أن الحكومة تتمتع بصلاحيات مهمة للتصدي لتعديلاتهحفاظا على تناسق وتجانس توجهاتها وأهدافها.
هذه الصلاحيات تجد أساسها الدستوري في الفصل 77 من دستور 2011 الذي ينص على الآتي “للحكومة أن ترفض بعد بيان الأسباب المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية أو إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود”.
وقد تم تأكيده في المادة 56 من القانون التنظيمي لقانون المالية لسنة 2015 التي ورد فيها ما يلي “طبقا للفقرة 2 من الفصل 77 من الدستور، للحكومة أن ترفض بعد بيان الأسباب، المواد الإضافية أو التعديلات الرامية إما إلى تخفيض الموارد العمومية، وإما إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود”.
وكذا بموجب المادة 182 من النظام الداخلي لمجلس النواب التي تنص على أنه “يتعين أن تراعى في مقترحات وتعديلات النواب الحفاظ على توازن مالية الدولة” وأنه “للحكومة بعد بيان الأسباب أن ترفض المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها النواب، إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية إلى تخفيض الموارد العمومية، أو إلى إحداث تكليف عمومي أو الزيادة في تكليف موجود تطبيقا لأحكام الفصل 77 من الدستور”.
إن هذا القيد الجوهري البالغ التقييد لسلطة البرلمان كان منصوص عليه في دستور 1996، وذلك في الفصل 51 منه، وتم الإبقاء عليه في الدستور الحالي لسنة 2011 في الفصل 77[44]منه، إذ أن هذا الفصل يعتبر بمثابة “فيتو” تستعمله الحكومة في وجه ممثلي الأمة بمجرد الإعلان عن مقترح لهؤلاء قد يزيد في تكاليف عمومية أو يخفض من موارد عمومية.
فإذا كان هذا المقتضى الدستوري يتوخى في طياته الحفاظ على توازن مالية الدولة، فإنه في الواقع يستعمل كمطية لتمرير القانون المالي السنوي بكل سهولة بالنسبة للسلطة التنفيذية، مما يشكل تعسفا صارخا في حق المبادرة التشريعية البرلمانية، وبالتالي يفرغ الفصل 83 من محتواه[45]، ذلك أن لجوء الحكومة للفصل 77 لرفض التعديلات والمقترحات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان من شأنه أن يؤدي إلى شل المبادرة التشريعية للنواب شللا تاما[46]، وجعل كل المبادرات البرلمانية ذات الانعكاسات المالية تولد ميتة، مما يؤدي إلى انغلاق الحكومة على نفسها وإخفاء اقتراحات الفرق النيابية لاسيما منها فرق المعارضة، وبالتالي عدم الاستفادة من آرائها وأفكارها وإشراكها في وضع مضامين قانون المالية، فينحصر دورها عمليا في مناقشة المشروع الحكومي وانتقاده دون أن تكون لها القدرة على تنقيحه أو تغيير مضمونه[47].
لاسيما إذا علمنا أنه ما من مقترح أو تعديل برلماني لابد أن ينجم عنه الزيادة في تكليف موجود أو إحداث تكليف عمومي[48]، وبالتالي فتمسك الحكومة بالمضمون الحرفي لهذا الفصل واستغلاله لصالحها عند مناقشة قانون المالية يجعل منه سلاح مسلط لإبطال الاقتراحات وإسقاط الاجتهادات التي قامت بها الفرق البرلمانية[49].
وبالرغم من أن المشرع قد حاول التخفيف من حدة الفصل 77 من خلال ربط حق الحكومة في رفض تعديلات أعضاء البرلمان المؤدية إلى تخفيض الموارد العمومية أو إحداث التكاليف أو الزيادة فيها، بضرورة تبرير هذا الرفض[50]، حيث أن الفقرة الثانية من الفصل 77 تقرن حق الرفض بضرورة بيان الأسباب، كما أن القانون التنظيمي لقانون المالية 130.13 من خلال الفقرتين الثانية والثالثة من المادة 56 يحصر مفهوم التكليف العمومي في الاعتمادات المفتوحة برسم فصل من فصول الميزانية، ما يعني أنه بالإمكان قبول هذا النوع من التعديلات المطروحة داخل نفس الفصل شرط أن تكون مبررة، إلا أن هذه المحاولات لم تحول دون حفاظ هذا المقتضى الدستوري على مفعوله.
ذلك أن مسألة تعليل قرار رفض الحكومة للمقترحات والتعديلات التي من شأنها التأثير على التكاليف بالزيادة، وعلى الموارد بالنقصان، لن يكون ذا صعوبة بالنسبة للحكومة، لاسيما إذا علمنا بعدم وجود أية آلية يتم من خلالها فحص مدى وجاهة الأسباب التي تقدمها الحكومة تبريرا لرفض مقترحات أعضاء البرلمان[51]، كما أن الإجراء التنظيمي الآخر المتعلق بتحديد مفهوم وحدود التكليف العمومي، يبقى إجراء غير كافي لعقلنة مضمون الفصل 77 من الدستور، بدليل أنه لا يخص إلا التعديلات التي من شأنها إعادة توزيع الاعتمادات بين البرامج داخل نفس الفصل، ولا يعنى بالتعديلات التي تستهدف تخفيض أو حذف مورد عمومي معين.
جدول رقم 2: يبين المبادرات البرلمانية المقبولة والمرفوضة
إذا كان التعديل ينتج عنه مايلي : | فهو: |
1-إحداث أو الزيادة في الموارد | مقبول |
2-إحداث أو الزيادة في التكاليف | غير مقبول[52] |
3-الإلغاء أو التقليص من الموارد | غير مقبول[53] |
4-الإلغاء أو التقليص من التكاليف | مقبول |
المصدر: مقتضيات القانون التنظيمي لقانون المالية 130.13
ينضاف إلى هذا القيد إمكانية الحكومة طبقا لأحكام الفقرة الأولى من الفصل 83[54] من الدستور، أن تعارض وترفض مختلف التعديلات المقترح إدخالها من طرف أعضاء البرلمان على مشروع قانون مالية السنة، أثناء مناقشته بالجلسات العامة، وذلك إذا لم يتم عرض هذه التعديلات مسبقا على اللجنة التي يعنيها الأمر، ومن ثم يتبين أن الحكومة وحدها هي التي تملك صلاحية تقديم تعديلات جديدة على مستوى مشروع قانون مالية السنة خلال الجلسات العامة[55].
من خلال ما سبق، يتبين لنا أن المبادرة البرلمانية معقلنة نظرا لإمكانية رفض الحكومة لكل التعديلات التي تتقدم بها الفرق البرلمانية إذا كانت ترمي إلى تخفيف الموارد أو الزيادة في التكاليف أو إحداثها، ما يعني حرمان ممثلي الأمة من أية محاولة أو مبادرة في شأن تخفيف العبئ الضريبي أو الرفع من التكاليف التي من شأنها تحسين الخدمات الاجتماعية وإنجاز مشاريع هادفة إلى خدمة المصالح العامة للمواطنين[56].
ثانيا: عقلنة التصويت البرلماني
يكرس الفصل 75 من الدستور المغربي لسنة 2011 السلطة المالية للبرلمان، بنصه على أن “يصدر قانون المالية بالتصويت من قبل البرلمان”، غير أن التشريع والممارسة الماليين يتجهان إلى الحد من هذه السلطة وتقييدها لفائدة المبادرة الحكومية[57]، ذلك أنهلتفادي الاستغلال السيء أو المتعسف لهذه السلطة من قبل البرلمان في التصويت على قوانين المالية، أخضع المشرع المغربي هذه الصلاحية لمجموعة من القيود الصارمة كما منح الحكومة إمكانية التدخل في هذه المسطرة مما يقوي نفوذها في هذا المجال[58]، ويمكن تلخيص أهم هذه القيود فيما يلي:
- حق الحكومة في فتح الاعتمادات بمرسوم في حالة تأخر التصويت البرلماني:
يشكل هذا الإجراء وسيلة من وسائل الضغط التي تمارسها الحكومة على الجهاز التشريعي لتفادي التماطل البرلماني في المصادقة على مشروع القانون المالي، ويجد هذا الامتياز الحكومي أساسه في الفصل 75 من الدستور، الذي ينص على أنه “إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو إصدار الأمر بتنفيذه، بسبب إحالته على المحكمة الدستورية، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية…”، كما تنص على ذلك المادة 50 من القانون التنظيمي لقانون المالية.
وعليه، فإن تطبيق مقتضيات هذا الفصل تؤدي إلى نتيجة أساسية مفادها أنه للحكومة أن تعمل على تطبيق مشروع القانون المالي الذي قامت بإعداده، دون انتظار المصادقة عليه من قبل البرلمان أو إصدار الأمر بتنفيذه، وهو أمر خطير للغاية من حيث كونه يفرغ الترخيص البرلماني على قانون المالية من كل محتواه[59].
- امتلاك الحكومة لحق التصويت الواحد وحق التصويت بمنح الثقة
تزداد سيطرة الحكومة على عملية المصادقة على مشروع قانون المالية، من خلال الإمكانيات المتعددة المتاحة لها للتصويت على هذا المشروع بشكل تتفادى معه مسطرة المناقشة والتصويت العادية، إذ بموجب الفقرة الثانية من الفصل 83 من الدستور يمكن للحكومة بمبادرة منها أن تقوم بعرض مشروع قانون المالية، بشكل كلي أو جزئي، قصد البت فيه بتصويت واحد[60]، ولا يمكن للمجلس المعروض عليه هذا النص الاعتراض على هذا النص إلا بأغلبية أعضائه، هكذا فإن الحكومة باستعمالها لهذا الامتياز، تضع البرلمانيين أمام الاختيار بين الكل أو اللاشيء، بحيث يتعين عليهم إما قبول النص بأجزائه الغير المرغوب فيها، أو رفضه بأجزائه المرغوب فيها، وبالتالي تقليص حرية النواب في اتخاذ القرار.
وفي نفس السياق للحكومة أن تتفادى المسطرة العادية للتصويت على مشروع قانون المالية، عن طريق استغلالها لمقتضيات الفصل 103 من الدستور، الذي يتيح لرئيس الحكومة بأن يلجأ لعرض مشروع قانون المالية للمصادقة عليه بمجلس النواب كشرط واقف لمواصلة الحكومة تحمل مسؤوليتها، وهي مسطرة يتم بمقتضاها منح الثقة للحكومة من طرف مجلس النواب[61]، وفي هذه الحالة لا يمكن رفض النص المعروض على مجلس النواب، نظرا للأغلبية التي تتمتع بها الحكومة بشكل دائم داخل مجلس النواب، وبالتالي فالحكومة لن تجد أية صعوبة في هذا التصويت، وعليه، فإنه بالتصويت على قانون المالية على هذا النحو تكون الحكومة قد مررت القانون وحصلت على مصادقة البرلمان عليه دون مناقشة أو تصويت.
- حق الحكومة في تعديل بعض المقتضيات دون إذن البرلمان:
يترتب عن استئثار الحكومة بالتشريع المالي، تجاوزها لسلطات البرلمان في الترخيص على قانون المالية، من خلال تدخلها لتعديل بعض المقتضيات دون الأخذ بإذن البرلمان، ويتجسد ذلك في الممارسة العملية في مجموعة من الحالات، منها ما هو منصوص عليه في المادة 67 منالقانون التنظيمي لقانون المالية، التي تعطي الإمكانية للحكومة أن تفرض بمرسوم الرسوم الشبه الضريبية[62].
وبالتالي، فإن هذا المقتضى يخول للحكومة فرض رسوم جديدة تشكل تكاليف زائدة يتحملها المواطن، فضلا عن تحمله للرسوم والضرائب الأخرى المفروضة برسم قوانين المالية، ليظهر مرة أخرى قصور البرلمان على تخفيف عبئ التكاليف العمومية على ناخبيه.
ثم هناك حالة ثانية وهي الأخطر، وتعتبر أكبر تجاوزا لسلطات البرلمان، حيث أن الحكومة تكون غير ملزمة بأخذ إذن البرلمان، عندما يتعلق الأمر بالاختصاص التنظيمي فهناك حالات عندما تريد السلطة التنظيمية تعديل بعض الأنظمة الخاصة لعينة من الموظفين كالأطباء والأساتذة الجامعيين أو القضاة، يكون من شأن هذه الإجراءات إلزام مالية الدولة بزيادة تكاليف إضافية يكون لها الوقع الأكبرعلى الميزانية، وذلك بزيادة بعض التحفيزات المالية أو تعديل طريقة الترقية.
- اشتراط التصويت على الجزء الأول قبل الجزء الثاني:
تنص المادة 52 من القانون التنظيمي لقانون المالية على أنه “لا يجوز في أي من مجلسي البرلمان عرض الجزء الثاني من مشروع قانون مالية السنة قبل التصويت على الجزء الأول، وفي حالة التصويت بالرفض على الجزء الأول لا يمكن عرض الجزء الثاني على التصويت، ويعتبر رفض الجزء الأول من قبل أحد مجلسي البرلمان رفضا للمشروع برمته من قبل نفس المجلس”.
هذا المبدأ يفرض على البرلمان التصويت بشكل منفصل ومتتالي على كل جزء من المشروع، والحكمة وراء ذلك تكمن في كون ان الجزء الأول المتعلق بالموارد يتحكم بشكل كبير في الجزء الثاني المتعلق بالنفقات، وبالتالي فإن البرلمان، وبمجرد تصويته على الجزء الأول من مشروع القانون المالي السنوي، يصبح من الصعب عليه عدم تبني الجزء المتبقي[63]، بالإضافة إلى أن البرلمان يصعب عليه منطقيا إضافة نفقات تتجاوز الموارد التي صوت عليها بالجزء الأول[64]، وعليه، فإن التصويت الإيجابي على الجزء الأول يحد من حرية البرلمان في عدم تبني الجزء الثاني.
- إمكانية تجاوز الإعتمادات المرخصة
إذا كانت المادة 58 من القانون التنظيمي لقانون المالية تقول بعدم إمكانية الالتزام بالنفقات والأمر بصرفها إلا في حدود الاعتمادات المرصدة، فإن هناك نفقات تخرج عن هذه القاعدة، إذ يمكن تجاوز الاعتمادات المرصدة لها[65]، يتعلق الأمربإمكانية تجاوز النفقات المتعلقة بالدين العمومي والعمري والتسديدات والتخفيضات والارجاعات الضريبية[66].
الفقرة الثانية: حدود سلطة البرلمان في ممارسة الرقابة المواكبة والبعدية على قانون المالية
بعد دراسة ومناقشة مشروع قانون المالية السنوي ومصادقة البرلمان عليه، وبعد إصدار الأمر بتنفيذه من قبل الملك ونشره في الجريدة الرسمية تشرع الحكومة في تنفيذ بنوده ومقتضياته، في حين يتجلى دور البرلمان خلال هذه المرحلة في مراقبة تنفيذ هذا القانون، إذ يتمتع بآليات متعددة لإعمال رقابته على قانون المالية، من بينها لجان تقصي الحقائق، إلا أن هذه الآلية اصطدمت هي الأخرى بقواعد العقلنة البرلمانية (أولا)، ونظرا للطابع التوقعي لقانون مالية السنة فإن الحكومة لها أن تلجأ في حالة الضرورة إلى القوانين المالية المعدلة، كما يتوجب على الحكومة بعد تنفيذها لقانون مالية السنة أن تعرض على البرلمان قانون التصفية لإبراء ذمتها المالية، مما يدفعنا للتساؤل حول ما إذا كانت هذه القوانين تساهم في تقوية الرقابة البرلمانية أم أنها امتياز حكومي؟ (ثانيا).
أولا: محدودية الرقابة البرلمانية المواكبة أمام صلاحيات الحكومة الواسعة
ما دام أن البرلمان هو الذي يمارس سلطة المصادقة على قوانين المالية، وما دامت الحكومة تتعهد بوضعها موضع التنفيذ وتطبيقها بشكل سليم، فإن البرلمان له الحق في مراقبة مدى التزام الحكومة بتعهداتها، هذه المراقبة يمارسها البرلمان بوسائل شتى أهمها لجان تقصي الحقائق.[67]
ويعد الفصل 67 من الدستور، بمثابة إطار مرجعي لهذه اللجان، يبين كيفية إمكانية تشكيلها، ذلك أنه بالرجوع إلى الفقرة الثانيةمن هذا الفصل نجدها تنص على ما يلي: “…يجوز أن تشكل بمبادرة من الملك، أو بطلب من ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين، لجان نيابية لتقصي الحقائق، يناط بها جمع المعلومات المتعلقة بوقائع معينة…”.
وعلى الرغم من الدورالرقابي الذي تلعبه هذه اللجان، إلا أنها خضعت للعقلنة البرلمانية مما حد من فعاليتها، ولا يستدعي أمر الوقوف على محدودية فعالية هذه اللجان عناء كبيرا، ذلك أن هذه المحدودية بادية عبر مجموعة من المستويات[68].
فعلى مستوى الوثيقة الدستورية، وعلى الرغم من أن المشرع الدستوري لم يشترط إلا توفر ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء مجلس المستشارين لتشكيل لجان تقصي الحقائق[69]، على خلاف دستور 1996 الذي كان يشترط الأغلبية على مستوى المجلسين، إلا أنها لن تعرف طريقها للتشكيل إذا سبقتها السلطة القضائية بفتح متابعة قضائية في نفس الموضوع الذي يرغب ثلث أعضاء مجلس النواب أو ثلث أعضاء المستشارين التحقيق فيه، حيث ينص الفصل 67 في الفقرة الأخيرة منه على أنه: “…لا يجوز تكوين لجان لتقصي الحقائق في وقائع تكون موضوع متابعة قضائية، ما دامت هذه المتابعات جارية”.
ومن ثم فإن حق البرلمان في إنشاء اللجان مقيد بعدم فتح تحقيق قضائي، بل إنه حتى وإن تم تشكيل لجنة لتقصي الحقائق فإنه يسهل وضع حد لمهامها، وذلك بمجرد فتح تحقيق حول الوقائع التي اقتضت تشكيلها، هكذا يتضح جليا بأن تكوين لجان تقصي الحقائق من قبل أحد مجلسي البرلمان، قصد الوقوف على مختلف الاختلالات التي يمكن أن تحدث على مستوى التدبيرالمالي، تعد مبادرة محدودة الوقع وقليلة الأثر، ويعود السبب في ذلك إلى ضرورة إيقاف التحقيق في أية وقائع معينة بمجرد فتح تحقيق قضائي، مع العلم أن استقلالية القضاء مازالت مطروحة بشكل كبير.
ثانيا: قوانين المالية التعديلية وقوانين التصفية امتياز حكومي
يفرض الطابع التوقعي للقانون المالي السنوي أحيانا تدخل الحكومة لمراجعة وتصحيح وتغيير التقديرات المرخص بها من قبل البرلمان في إطار القانون المالي السنوي، خصوصا تلك المتعلقة بالموارد والتكاليف، وذلك خلال مرحلة تنفيذ القانون المالي السنوي[70]، وعن طريق قانون مالي آخر، هو القانون المالي المعدل[71]، وهو نفس الأمر الذي قد تفرضه الظروف السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، والمستجدات غير المتوقعة.
ويجد هذا المقتضى أساسه القانوني في المادة 4 من القانون التنظيمي لقانون المالية التي تنص على أنه: “لا يمكن أن تغير خلال السنة أحكام قانون مالية السنة إلا بقوانينالمالية المعدلة”، وكذا المادة 51 التي تنص على ضرورة مصادقة البرلمان على قانون المالية المعدل في أجل 15 يوما، من خلال مناقشته والتصويت عليه بمجلس النواب داخل أجل 8 أيام على أن يبت فيه مجلس المستشارين في أجل 4 ايام ثم البت فيه بشكل نهائي من قبل مجلس النواب في أجل 3 ايام، وذلك نظرا لطبيعته الاستعجالية.
إن هذا الطابع الاستعجالي لقوانين المالية المعدلة ينتج عنه عدم التعاطي البرلماني الجيد معها، مما يضعف الرقابة البرلمانية عليها، وبالتالي يفسح المجال للحكومة لتمريرالعديد من الأمور من خلالها، والتي لم تقم بإدراجها في قانون مالية السنة[72]، ومن ثم يصبح قانون المالية التعديلي بمثابة مطية لتمرير بعض المقتضيات التي تكون الحكومة قد عجزت عن طرحها أثناء المناقشة والتصويت على مشروع قانون مالية السنة.
لاسيما وأنه للحكومة من خلال قانون المالية المعدل أن تتراجع عن بعض الالتزامات التي التزمت بها أثناء مصادقة البرلمان على المشروع.
لذلك وبالرغم من أن الحكومة لا تلجأ إلى قوانين المالية المعدلة كثيرا، إذ ظل عدد هذه القوانين على مستوى الممارسة محدودا، ذلك أن الحكومة لم تلجأ إلى هذا النوع من قوانين المالية إلا ثلاث مرات على مستوى جميع الولايات التشريعية[73]، إلا أن هذا النوع من القوانين المالية يبقى بمثابة امتياز بيد الحكومة قد تستعمله في أي وقت بغض النظر عن مدى أهميته وجديته، ومدى حاجتها إليه.
أما من جهة ثانية، فإن الحكومة ملزمة بمقتضى النصوص الدستورية والتنظيمية، لاسيما منها الفصل 76[74] من دستور 2011، وكذا المادة 5 من القانون التنظيمي لقانون المالية 130.13، بإيداع مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية سنويا بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في أجل أقصاه نهاية الربع الأول من السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ قانون المالية المعني.
ويشكل هذا القانون آلية مهمة يمارس من خلالها البرلمان رقابته البعدية على مدى تنفيذ الحكومة لقانون مالية السنة، إذ من خلاله يقاس مدى صدق توقعات الميزانية، ومن خلاله يتم التعرف على حقيقة تنفيذ القانون المالي السنوي، فهو يبرز الفرق بين مبالغ التقديرات المسجلة في القانون المالي والمبالغ الحقيقية للموارد التي تم تحصيلها، ومبالغ الاعتمادات التي تم صرفها.
إلا أن هذه الرقابة تبقى غير ذات فعالية بالنظر لمجموعة من الاعتبارات[75]، أولها أن الحكومة غالبا ما تتأخر في إيداع مشروع قانون التصفية، إذ بالرجوع إلى الممارساتالحكومية نجد أن مشاريع قوانين التصفية، لا تعرض على أنظار البرلمان أحيانا إلا بعد انقضاء ست سنوات على الأقل على سنة تنفيذ الميزانيات المتعلقة بها[76].
_جدول رقم 3: يبين تواريخ إحالة مشروع قانون التصفية لدى البرلمان
المصدر: جدول مركب بالاعتماد على موقع مجلس النواب www.chambredesrepresentants.ma
إن هذا التقديم المتأخر لمشاريع قوانين التصفية، يجعل من المراقبة المالية البعدية للبرلمان عديمة الجدوى، ويجعل الحكومة في موقع مريح، ذلك أنه ليست هناك أية أهمية ترجى من مناقشةمشاريع قوانين تصفية تآكلت وتقادم مفعولها بشكل يستحيل معه الوقوف بجد وعن قرب على فحوى الاعتمادات المنفذة[77].
إضافة إلى أنه بالرغم من أن قانون التصفية يعد من الدعائم الأساسية للشفافية المالية، وصدقية الميزانية، إلا أنه ليس من بين الوثائق الواجب على الحكومة إرفاقها بمشروع قانون مالية السنة عند إحالته على البرلمان، مما يفوت على البرلمان فرصة إلقاء نظرة صادقة عن الوضع المالي السابق والحالي، وعن مدى التزام الحكومة بالأرقام التي كانت قد أعلنت عنها خلال المصادقة على مشروع القانون المالي، وبالتالي فلا فائدة من ميزانيةمقبلة، دون إظهار مدى التزام الحكومة بالتزاماتها السابقة[78]، لاسيما وأن إلزامية إرفاق مشروع قانون التصفية بالوثائق المرافقة، سيعالج مسالة تأخير الحكومة في تقديم مشاريع قوانين التصفية، ويجبرها على تمكين البرلمان من مراقبة دورية وصارمة لتدبير الميزانية.
وعليه، فإن الرقابة البعدية للبرلمان في المجال المالي عن طريق قوانين التصفية تبقى رقابة نظرية أو بعبارة أخرى شكلية.
خاتمة
إذا كانت قوانين المالية إحدى أهم مجالات الاختصاص البرلماني، فإن سلطة البرلمان في هذا المجال تبقى ضعيفة وغير فعالة، والسبب في ذلك راجع لمجموعة من العوامل يتعلق جزء كبير منها بتبني المشرع الدستوري المغربي للنظام البرلماني المقيد الذي أخذ بآليات عقلنة العمل البرلماني، خاصة على مستوى قوانين المالية، من خلال مجموعة من القيود الدستورية والقانونية المفروضة على الاختصاصات المالية للبرلمان، والتي كرست الرجحان والتفوق في هذا المجال للحكومة بتكريسانفرادها بإعداد مشاريع قوانين المالية، وإخضاع سلطة البرلمان في تعديل هذه القوانين والتصويت عليها ومراقبة تنفيذها لقيود صارمة، يمكن ذكر أهمها فيما يلي:
‑انفراد الحكومة بإعداد مشاريع قوانين المالية في ظل غياب إشراك فعلي للبرلمان في هذه العملية.
‑حق الحكومة في تمرير مشاريع قوانين المالية بشكل تتفادى معه مسطرة التصويت العادية، عن طريق تقنيات التصويت الواحد والتصويت بمنح الثقة، وكذا تقنية فتح الاعتمادات بمرسوم في حالة تأخرالتصويت البرلماني.
‑إمكانية الحكومة الحلول محل البرلمان من خلال التشريع بمقتضى مراسيم قوانين وبمقتضى قانون الإذن، وإمكانيتها في التصدي للتعديلات البرلمانية غيرالمستوفية للشروط الدستورية المطلوبة، وإمكانيتها في التحكم في جدول الأعمال البرلماني.
‑قصر المدة المخصصة لدراسة مشاريع قوانين المالية في ظل كثرة الوثائق المرفقة لها، وعدم جدوى الرقابة البعدية على تنفيذها من خلال قوانين التصفية، بفعل التأخير الحاصل في إيداع مشاريع قوانين التصفية لغياب أي جزاء على عدم احترام آجال الإيداع القانونية.
فهذه القيود الدستورية والقانونية تشكل إلى جانب عوامل عدة أخرى تعود بالأساس إلى ضعف المستوى الثقافي لأعضاء المؤسسة التشريعية، ودعم الأغلبية اللامشروط للحكومة في غالب الأحيان،بمثابة مصادر لكبح السلطة المالية للبرلمان تعيق تفعيل آلياته الدستورية والقانونية في مجالي التشريع المالي ومراقبته، وتجعل منه مجرد نادي للنقاش يتمتع بحرية أكبرللتداول دون التقرير.
ما يستدعي إصلاح الدور المالي للبرلمان عبر إشراك فعلي له في إعداد قوانين المالية، وتحسين شفافية المعلومات المقدمة إليه وتيسير مقروئيتها، وترتيب جزاء على الحكومة في حالة عدم تقييدها بالآجال الدستورية لإيداع مشاريع قوانين المالية، ولما لا جعل أمر إحالة مشاريع قوانين المالية خاصة السنوية على المحكمة الدستورية أمرا إجباريا قبل صدور الأمر الملكي بتنفيذها، وليس مجرد وسيلة اختيارية، أو إزالة شرط الطعن بعدم دستوريتها فقط قبل صدور أمر تنفيذها، حفاظا على المبادئ الدستورية، وتجنبا لحشوها بالمقتضيات غير الملائمة للنصوص المنظمة لها في إطار ما بات يعرف بالفرسان الموازناتية.
إن قوانين المالية لا تشكل إلا مجالا من مجالات الاختصاص البرلماني التي شملتها العقلنة البرلمانية،ذلك أن العقلنة البرلمانية شملت مختلف الاختصاصات التشريعية،عبر آليات مختلفة ومتعددة، لعل أهمها اللجوء المكثف إلى الهيئات الاستشارية ومنحها سلطة البث في العديد من الملفات والقضايا الحساسة والمحورية، مما قلص من مجالات اشتغال البرلمان.
لائحة المراجع
- الكتب:
- موريس دوفيرجيه:”دساتير فرنسا”، ترجمة أحمد عباس، (الطبعة والمطبعة غير مذكورين(، متوفر بصيغة PDFعلى الموقع التاليhttp//www.book4arab.com .
- عبد النبي أضريف: “قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي 130.13″، الطبعة الرابعة 2016، مطبعة بني ازناسن، النشر EMALIV، سنة 2016.
- محمد البقالي:”الكتلة الدستورية للمالية العمومية”، الطبعة الأولى 2017، مطبعة البصيرة، الرباط.
- الحسين الرامي: “قانون الميزانية”، الطبعة الثالثة، 2017، مطبعة قرطبة حي السلام أكادير.
- عسو منصور: “قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة”، الطبعة الأولى أكتوبر 2017، طبع وتوزيع مطبعة المعارف الجديدة، الرباط 2017.
- كريم لحرش: “تدبير المالية العمومية بالمغرب”، طبعة 2018، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء.
- محمد حيمود: “الإصلاح الميزانياتي بالمغرب، دراسة على ضوء القانون التنظيمي للمالية”، 2015، الطبعة الأولى 2017، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، نشر صوماديل 2017.
- الأطروحات والرسائل:
- عبد الكريم الحديكي: “التأثير المتبادل بين الحكومة والبرلمان في النظام الدستوري المغربي”، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال،جامعة محمد الخامس، الرباط، السنة الجامعية 2002/2003.
- الهبري الهبري:”الاختصاصات المالية للبرلمان المغربي”، أطروحة لنيل الدوكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2005‑2006.
- فيصل أسريع: “آليات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، دراسة مقارنة”، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الأول، سطات، السنة الجامعية 2013/2014.
- المقالات:
- يوسف الزوجال: “قراءة نقدية في محاور مشروع إصلاح القانون التنظيمي للمالية بالمغرب على ضوء المستجدات التشريعية”، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد 6، مارس 2013، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، نشر دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، شارع محمد الخامس، الدار البيضاء.
- عثمان الزياني: “الرقابة المالية للبرلمان المغربي، بحث في سبل التطوير والتفعيل في أفق إصلاح القانون التنظيمي للمالية”، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد السادس، مارس 2013، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، نشر الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، الدار البيضاء.
- عبد النبي أضريف: “صدقية الميزانية على ضواء القانون التنظيمي للمالية الجديد”، مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة، العدد 2، دجنبر 2015، مطبعة بني إ زناسن سلا، نشر EMALIV.
- عصام القرني: “السلطة المالية للبرلمان بين الثابت والمتغير على ضوء القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية”، مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة، العدد 2، دجنبر 2015، مطبعة بني إزناسن، سلا، نشر EMALIV.
- نجيب جيري: “تأملات في حدود إصلاح الفعل الرقابي للبرلمان المغربي، نحو مراجعة القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 130.13 لقانون المالية”، مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة، العدد 02، دجنبر 2015، مطبعة بني إزناسن سلا، نشر EMALIV.
- النصوص القانونية:
- دساتير المملكة المغربية لسنوات 1962، 1970، 1972، 1992، 1996، 2011.
- القوانين التنظيمية لقانون المالية98.7الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.98.138 بتاريخ 7 شعبان 1419، 26 نوفمبر 1998، الجريدة الرسمية العدد 4644 بتاريخ 1998/12/03. كما تم تغييره وتتميمه بموجب القانون التنظيمي رقم 14.00 الجريدة الرسمية عدد 88 47، بتاريخ 20 أبريل 2000.
- القانون التنظيمي لقانون المالية 130.13 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.15.62 بتاريخ 14 شعبان 1436 الموافق ل2 يونيو 2015، الجريدة الرسمية عدد 6370، 18 يونيو 2015.
- النظام الداخلي لمجلس النواب.
- النظام الداخلي لمجلس المستشارين.
المواقع الألكترونية:
- chambredesrepresentants.ma
الهوامش :
[1]‑لم يكن لفرنسا قبل ثورة 1789 برلمان، بل فقط هيئات شبه نيابية تتجسد في مجالس طبقات الأمة ومجالس الأعيان ثم المحاكم العليا وكانت تقوم بدور نيابي لدى الملك.
[2]‑المواد 13 و14 و15 من إعلان حقوق الإنسان والمواطن، الصادر في 14 يوليو 1789.
[3]‑كانت السلطة التنفيذية في ظل دستور 1799 موزعة بين ثلاث قناصل يعينون طبقا لأحكام الدستور، وكانت سلطة التقرير للقنصل الأول، ولم يكن لزميليه سوى رأي استشاري.
[4]‑موريس دوفيرجيه: دساتير فرنسا، ترجمة أحمد عباس، (الطبعة والمطبعة غير مذكورين(، متوفر بصيغة PDFعلى الموقع التاليhttp//www.book4arab.com، تاريخ الزيارة 7‑07‑2019، الساعة 18:35،ص 64.
[5]‑ محمد البقالي: الكتلة الدستورية للمالية العمومية، الطبعة الأولى 2017، مطبعة البصيرة، الرباط، ص 207.
[6]‑موريس دوفيرجيه: مرجع سابق، ص 140.
[7]‑الهبري الهبري: الاختصاصات المالية للبرلمان المغربي، أطروحة لنيل الدوكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والإقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2005‑2006، ص12.
[8]‑جاء في المادة 2 من القانون التنظيمي لقانون المالية 13‑130 مايلي: “يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بقانون المالية: قانون مالية السنة، قوانين المالية المعدلة، قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية”.
[9]‑الحسين الرامي: “قانون الميزانية”، الطبعة الثالثة، 2017، مطبعة قرطبة حي السلام أكادير، ص115.
[10]‑عثمان الزياني: “الرقابة المالية للبرلمان المغربي”بحث في سبل التطوير والتفعيل في أفق إصلاح القانون التنظيمي للمالية”، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد السادس، مارس 2013، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، نشر الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، الدار البيضاء، ص21.
[11]‑دستور المملكة المغربية لسنة 2011، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم1.11.91، الصادر بتاريخ 27 شعبان 1432 الموافق ل 29 يوليوز2011.
[12]– تنص المادة 48 على أنه “يودع مشروع قانون المالية للسنة بالأسبقية بمكتب مجلس النواب في 20 أكتوبر من السنة المالية الجارية على أبعد تقدير”.
[13]‑تنص المادة 155 من النظام الداخلي لمجلس النواب على أنه “يودع مشروع قانون المالية للسنة والميزانيات الفرعية المتعلقة به بالأسبقية لدى مكتب مجلس النواب في الآجال المحددة بمقتضى القانون التنظيمي لقانون المالية”.
[14]– عبد النبي أضريف: “صدقية الميزانية على ضوء القانون التنظيمي للمالية الجديد”، مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة، العدد 2 دجنبر 2015، مطبعة بني إزناسن سلا. نشر EMALIV، ص99.
[15]-عبد الكريم الحديكي: “التأثير المتبادل بين الحكومة والبرلمان في النظام الدستوري المغربي”، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، جامعة محمد الخامس، الرباط، 2003/2002، ص99.
[16]– تنص الفقرة الثالثة من الفصل 75 من الدستور على ما يلي: “إذا لم يتم في نهاية السنة المالية التصويت على قانون المالية أو لم يصدر الأمر بتنفيذه بسبب إحالته إلى المحكمة الدستورية، تطبيقا للفصل 132 من الدستور، فإن الحكومة تفتح بمرسوم الاعتمادات اللازمة لسير المرافق العمومية…”
[17]‑القانون التنظيمي رقم 14:00 القاضي بتغيير وتتميم القانون التنظيميرقم 7.98لقانون المالية، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.00.195، بتاريخ 14 محرم 1421،الموافق ل19أبريل 2000.
[18]– عبد النبي أضريف: “صدقية الميزانية على ضواء القانون التنظيمي للمالية الجديد”، مرجع سابق، ص99.
[19]‑عبد النبي أضريف: “قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 130.13 ونصوصه التطبيقية”، الطبعة الرابعة 2016، مطبعة بني إزناسن، نشر EMALIVص97.
[20]– عبد الكريم الحديكي: مرجع سابق، ص104.
[21]– تنص هذه المادة على أنه “يعقد المجلس جلسة خاصة تقدم فيها الحكومة مشروع القانون المالي قبل إحالته إلى اللجنة المختصة”.
[22]– عبد الكريم الحديكي:مرجع سابق، ص104.
[23]– عثمان الزياني: مرجع سابق، ص36.
[24]– جاء في الفقرة الأولى من الفصل 82 ما يلي: “يضع كل من مجلسي البرلمان جدول أعماله ويتضمن هذا الجدول مشاريع القوانين ومقترحات القوانين، بالأسبقية ووفق الترتيب الذي تحدده الحكومة.
[25]– عصام القرني: “السلطة المالية للبرلمان بين الثابت والمتغير على ضوء القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية، مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة، العدد 2، دجنبر 2015، مطبعة بني إزناسن، سلا، نشر EMALIV، ص65.
[26]– عثمان الزياني: مرجع سابق، ص36.
[27]‑الهبري الهبري: مرجع سابق، ص56
[28]– عثمان الزياني: مرجع سابق، ص37.
[29]– ينص الفصل 102 على أنه “يمكن للجان المعنية في كلا المجلسين أن تطلب الاستماع إلى مسؤولي الإدارات والمؤسسات والمقاولات العمومية بحضور الوزراء المعنيين، وتحت مسؤوليتهم”.
[30]– عبد الكريم الحديكي: مرجع سابق، ص112.
[31]‑عدد النواب بالنسبة للجنة المالية والتنمية الاقتصادية، وعدد المستشارين بالنسبة للجنة المالية والتخطيط والتنمية الاقتصادية.
[32]‑يقصد هنا لجنة المالية والتنمية الاقتصادية بمجلس النواب
[33]– عبد النبي أضريف: “قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 130.13 ونصوصه التطبيقية”، مرجع سابق، ص91.
[34]– ينص الفصل 70 على أنه “يمارس البرلمان السلطة التشريعية”.
[35]– عصام القرني: مرجع سابق، ص61.
[36]– تنص المادة 48 من القانون التنظيمي لقانون المالية 130.13 “يعرض الوزير المكلف بالمالية على اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان قبل 31 يوليوز الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية للسنة الموالية”.
[37]– عصام القرني: مرجع سابق، ص61.
[38]– يقصد هنا بالدورات، الدورات البرلمانية العادية المنصوص عليها في الفصل 65 “يعقد البرلمان جلساته أثناء دورتين في السنة…”
[39]‑ ينص الفصل 81 في فقرته الأولى “يمكن للحكومة أن تصدر خلال الفترة الفاصلة بين الدورات، وباتفاق مع اللجان التي يعنيها الأمر في كلا المجلسين، مراسيم قوانين…”
[40]‑منصور عسو: “قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة”، الطبعة الأولى، أكتوبر 2017، طبع وتوزيع مطبعة المعارف الجديدة الرباط، 2017، ص143.
[41]‑جاء في الفقرة 3 من الفصل 70 ما يلي: “للقانون أن يأذن للحكومة أن تتخذ في ظرف من الزمن محود، ولغاية معينة بمقتضى مراسيم تدابير يختص القانون عادة باتخاذها، ويجري العمل بهذه المراسيم بمجرد نشرها…”
[42]– للاستزادة أكثريراجع منصور عسو، المرجع السابق، ص143.
[43]– عبد النبي أضريف: “صدقية الميزانية على ضوء القانون التنظيمي للمالية الجديد”، مرجع سابق، ص101.
[44]– نجيب جيري: “تأملات في حدود إصلاح الفعل الرقابي للبرلمان المغربي، نحو مراجعة القانون التنظيمي لقانون المالية رقم 130.13 لقانون المالية”، مقال منشور بمجلة دفاتر الحكامة، العدد 02، دجنبر 2015، مطبعة بني إزناسن سلا، نشر EMALIV، ص102.
[45]‑يوسف الزوجال: “قراءة نقدية في محاور مشروع إصلاح القانون التنظيمي للمالية بالمغرب على ضوء المستجدات التشريعية”، مقال منشور بمجلة الحقوق، العدد 6، مارس 2013، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، نشر دار الآفاق المغربية للنشر والتوزيع، شارع محمد الخامس، الدار البيضاء، ص61.
[46]– للاستزادة أكثر يراجع عصام القرني: مرجع سابق، ص64.
[47]– للاستزادة أكثر يراجع منصور عسو: مرجع سابق، ص136.
[48]– نجيب جيري: مرجع سابق، ص102.
[49]– يوسف الزوجال: مرجع سابق، ص61.
[50]– جاء في الفقرة الثانية من الفصل 77 “للحكومة أن ترفض بعد بيان الأسباب، المقترحات والتعديلات التي يتقدم بها أعضاء البرلمان إذا كان قبولها يؤدي بالنسبة لقانون المالية…”.
[51]– عصام القرني: مرجع سابق، ص64،وللإستزادة أكثر يراجع محمد البقالي، مرجع سابق، ص216.
[52]‑تراجع الفقرة 2 من الفصل 77،والمادة 56 من القانون التنظيمي لقانون المالية 13-130.
[53]‑يراجع نفس الفصل والمادة السابقين.
[54]‑جاء في الفصل 83 “لأعضاء مجلسي البرلمان وللحكومة حق التعديل، وللحكومة بعد افتتاح المناقشة أن تعارض في بحث كل تعديل لم يعرض من قبل على اللجنة التي يعنيها الأمر”.
[55]‑منصور عسو: مرجع سابق، ص137.
[56]– الحسين الرامي: مرجع سابق، ص122.
[57]– منصور عسو: مرجع سابق، ص142.
[58]– عبد الكريم الحديكي: مرجع سابق، ص126.
[59]‑عصام القرني: مرجع سابق، ص67.
[60]‑للاستزادة أكثر يراجع عبد النبي أضريف: “قانون ميزانية الدولة على ضوء القانون التنظيمي للمالية 130.13 ونصوصه التطبيقية”، مرجع سابق، ص98.
[61]‑ للاستزادة أكثر يراجع منصور عسو: مرجع سابق، ص140.
[62]‑تنص هذه المادة على ما يلي “تفرض بمرسوم يتخذ باقتراح من الوزير المعني بالأمر والوزير المكلف بالمالية الرسوم الشبه الضريبية المقبوضة لأجل مصلحة اقتصادية أو اجتماعية لفائدة شخص اعتباري خاضع للقانون العام غير الدولة والجماعات الترابية، أو شخص اعتباري خاضع للقانون الخاص مكلف بمهام المرفق العام.
[63]‑عبد الكريم الحديكي: مرجع سابق، ص134.
[64]‑عبد النبي أضريف: “صدقية الميزانية على ضوء القانون التنظيمي لقانون المالية الجديد”، مرجع سابق، ص100.
[65]‑محمد البقالي: مرجع سابق، ص 228.
[66]‑المادة 58 من القانون التنظيمي لقانون المالية 13-130.
[67]‑عبد الكريم الحديكي: مرجع سابق، ص213.
[68]‑فيصل أسريع: “آليات الرقابة البرلمانية على أعمال الحكومة، دراسة مقارنة”، بحث لنيل شهادة الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية،جامعة الحسن الأول، سطات، السنة الجامعية 2013/2014، ص60.
[69]– يراجع الفقرة الثانية من الفصل 67 من الدستور.
[70]– عصام القرني: مرجع سابق، ص59.
[71]– جاء في المادة 2 من القانون التنظيمي 130.13 ما يلي: “يراد في مدلول هذا القانون التنظيمي بقانون المالية:
– قانون مالية السنة
– قوانين المالية المعدلة
– قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية.
[72]– عثمان الزياني: مرجع سابق ص30.
[73]‑تم ذلك خلال الولاية التشريعية الثالثة بإصدارها لقانونين ماليين معدلين سنة 1979 و1983، وكذا خلال الولاية التشريعية الرابعة بإصدار قانون مالي معدل سنة 1990.
[74]– جاء في الفصل 76 من دستور 2011 “تعرض الحكومة سنويا على البرلمان قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية خلال السنة الثانية التي تلي سنة تنفيذ هذا القانون ويتضمن قانون التصفية حصيلة ميزانية التجهيز التي انتهت مدة نفادها”.
[75]‑للاستزادة أكثر، يراجع الهبري الهبري، مرجع سابق، ص 70 إلى 104.
[76]– منصور عسو: مرجع سابق، ص147.
[77]‑عثمان الزياني: مرجع سابق، ص33.
[78]‑عبد النبي أضريف: صدقية الميزانية على ضوء القانون التنظيمي للمالية الجديد، مرجع سابق، ص97.