خالد خالص: حصانة عضو مجلس هيئة المحامين
الأستاذ خالد خالص محامي
تثار من حين لأخر إشكاليات في تدبير عمل مجالس الهيئات، سواء بين النقيب والأعضاء، أو بين الأعضاء أنفسهم، الى درجة قد يصل معها الاختلاف الى خلاف يؤثر على مسار وتدبير الشأن المهني.
وللوقوف على دور عضو مجلس الهيئة، باعتباره محاميا منتخبا من قبل زميلاته وزملائه ليحمل همومهم وليتحمل مسؤولية الدفاع عن حقوقهم ومصالحهم، فإنه يجب الرجوع الى المادة 91 من القانون المنظم للمهنة التي تنص على أن مجلس الهيئة يتولى زيادة على الاختصاصات المسندة إليه النظر في كل ما يتعلق بممارسة مهنة المحاماة ولا سيما:
- حماية حقوق المحامين والسهر على تقيدهم بواجباتهم في نطاق المبادئ التي ترتكز عليها المهنة؛
- وضع النظام الداخلي للهيئة وتعديله، وفق ما يتطلبه تطبيق قواعد المهنة وتقاليدها وأعرافها، مع تبليغه إلى الرئيس الأول لمحكمة الاستئناف، والوكيل العام للملك لديها، وإيداع نسخة منه بكتابة الهيئة، وكتابة ضبط محكمة الاستئناف؛
- تحديد رتبة المحامين المسجلين في الجدول، والمحامين المتمرنين؛
- إدارة أموال الهيئة وتحديد واجبات الاشتراك، وإبرام عقود التأمين عن المسؤولية المهنية لأعضائها مع مؤسسة مقبولة للتأمين؛
- إنشاء وإدارة مشاريع اجتماعية لفائدة أعضاء الهيئة، وتوفير الموارد الضرورية لضمان الإعانات والمعاشات لهم أو للمتقاعدين منهم أو لأراملهم وأولادهم سواء في شكل مساعدات مباشرة، أو عن طريق تأسيس صندوق للتقاعد، أو الانخراط في صندوق مقبول للتقاعد؛
- الترخيص للنقيب لرفع دعاوى أمام القضاء باسم الهيئة وإجراء الصلح أو التحكيم، وإبرام كل تفويت أو رهن أو قرض، وقبول كل هبة أو وصية لفائدتها؛
- تحديد تاريخ الانتخابات المهنية والترتيبات التنظيمية المتعلقة بها؛
- المصادقة على النظام الداخلي لحساب ودائع وأداءات المحامين.
ولا يمكن لعضو مجلس الهيئة أن يقوم بالدور المنوط به،وبالمهام المشار اليهاأعلاه، ومهام التأديب المنصوص عليها بالمواد 61، 62، 63، 64 و65 والتي لا تشكل الا جزء من مهامه، إن هو لم يكن مستقلا ومحاطا بحصانة توفر له الكثير من الحماية القانونية، حتى يتمكن من أداء وظيفته بعيدا عن تأثير جهة من الجهات سواء بالترغيب أو بالترهيب.
وقياسا على حصانة المحامي، الذي له أن يسلك الطريقة التي يراها ناجعة طبقا لأصول المهنة في الدفاع عن موكله ولا يسأل عما يرد في مرافعاته الشفوية او في مذكراته مما يستلزم حق الدفاع، فإنه من البديهي القول بأنه لا يمكن مسائلة عضو مجلس الهيئة، بمناسبة ممارسته لمهام العضوية والدفاع عن حقوق ومصالح المحامين.
ومن الأعراف والتقاليد عدم مؤاخذة أعضاء مجلس هيئة المحامين عما يبدونه من أفكار وآراء في عملهم داخل المجلس أو في لجانه أو حتى خارجها وهو ما يمكن أن يطلق عليه بعدم “المسئولية العضوية” على غرار “عدم المسؤولية البرلمانية”.
بل من واجب العضو أن يكون حرا ومستقلا عن النقيب وعن باقي الأعضاء وعن المحامين وعن القضاء وعن الإدارة وغيرها حتى يتسنى له القيام بمهامه على أحسن وجه طبقا لضميره وللقانون.
وتضمن الحصانة حرية التعبير وحرية المناقشات وحرية الإجراءات داخل المجلس وخارجه ولا يمكن أن تكون هذه الحرية سببا للملاحقة القضائية أو محلا للمساءلة أمام مجلس الهيئة أو أمام أي من المحاكم بسبب التعبير عن الأفكار ومعارضة التوجه الذي يسير عليه النقيب أوباقي أعضاء المجلس
كما يبقى اللجوء الى القضاء حقا للعضو الذي يعتبر حسب قناعته، أن الاتجاه الذي يسير نحوه النقيب اتجاها خاطئ لأن اللجوء الى القضاء حق أممي انساني قبل أن يكون حقا دستوريا،ولا يمكن بأي حال من الأحوال اعتباره مخالفة مهنية لان القضاء هو الملجأ الأخير الذي يبقى للإنسان للدفاع عن حقوقه وحقوقه غيره إن كان مكلفا بها.
ويبقى إقرار هذه الحصانة هو بالأساس حماية لأعضاء المجالس من جميع السلطات بما فيها سلطة النقيب حيث تمنح للعضو بسبب وأثناء ولأجل مهمته التي انتخب من أجلها حتى لا يتدخل فيه أي كان في خل بعمله.
كما لا يمكن مسائلة العضو في قضية افشاء الاسرار المهنية وسرية المداولات الا فيما يتعلق بالملفات التأديبية التي تعرض على المجلس. أما باقي الشأن المهني فهو ملزم بإحاطة الناخبين علما بما يقوم به لفائدتهم مع الاحتياط بعدم الكلام باسم الهيئة التي تبقى الصفةللنقيب للقيام بذلك باعتباره هو الممثل القانوني والمخاطب لها.
إلا أن العضو من الممكن أن يكون محل مسائلة تأديبية،إذا ارتكب جريمةداخل المجلس أو خارجه إذا ضبط في حالة تلبس بجريمة حيث يعرض ملفه على المجلس التأديبي ليتخد في حقه المقرر المناسب حيث يجمد العضو عضويته تلقائيا الى حين بث المحكمة في المتابعة.
وأعتقد أن استقلال وحصانة عضو مجلس الهيئة الى جانب حصانة النقيب والتي تبدو من البديهيات تعرف فراغا تشريعيا في المغرب – اللهم بعض مقتضيات الأنظمة الداخلية وبعض الأعراف -.
ويجب الانكباب عليها بجد في التعديل المقبل للقانون المنظم للمهنة الذي اتنبأ له -وأتمنى أن أكون مخطأ – بالفشل الذريع لعدم اهتمامنا بالشأن المهني والحقوقي لفائدة الكثير من الانشطة الموازية التي لا علاقة لها بالمهنة والتي صارت طاغية منذ مدة الى درجة أنها أنستنا وحجبت عنا دورنا الأساسي المهني والحقوقي.