وفاء الخضيري: ضمان حق الحبس وتأثيره على مراكز الدائنين في ضوء مستجدات القانون 17-73 المتعلق بصعوبات المقاولة
وفاء الخضيري حاصلة على الدكتورة في الحقوق تخصص القانون التجاري
حصر المشرع المغربي مسطرة استرجاع أموال المقاولة المحبوسة لدى الدائن، بالخصوص في المادة 659 و658 من م.ت والمتعلقة بالتصفية القضائية، والتي تشكل استثناء من قاعدة أداء دين سابق عن حكم فتح مساطر المعالجة، كما أنه وضع شروط فك هذا الشيء المحبوس من خلال المادة 690 من م.ت والمنصوص عليها في الباب المتعلق بالمساطر المشتركة بين مسطرة الإنقاذ، التسوية القضائية والتصفية القضائية إسهاما منه في إيجاد وسائل تمويلية جديدة للمقاولة متى كانت هذه الأشياء المحبوسة تستلزم متابعة نشاط المقاولة.
و لأن تمييز الدائن الحابس لوحده بخاصية أداء دينه السابق لحكم فتح المسطرة قد يستنتج منه مدى فعالية ضمانة الحق في الحبس في مختلف الإجراءات المتبعة في مساطر صعوبات المقاولة ، إلا أن هذا شأنه حتما التأثير على مراكز باقي دائني المقاولة خصوصا دائني المقاولة بعد حكم فتح المسطرة أو ما يعرف بدائني المادة 590 من م.ت.
وبالتالي سنتحدث عن مسطرة استرجاع الأشياء المحبوسة من خلال شروط ومراحل بيع الشيء المحبوس من طرف السنديك (أولا)، على أن نبين مدى فعالية الحق في الحبس ومدى تأثره بالإجراءات المسطرية لصعوبات المقاولة من جهة أخرى تأثير هذه الضمانة على مراكز الدائنين خصوصا داني الامتياز الممتاز المادة 590 من م ت (ثانيا).
أولا: مسطرة استرجاع الأشياء المحبوسة بعد فتح مسطرة المعالجة
من خلال المادتين 690 658 من م.ت نجد أن المشرع استلزم ضرورة توفر مجموعة من الشروط لاسترجاع الأموال المحبوسة للمقاولة المدنية والمتعثرة (1)، ثم في حالة تعذر على السنديك إمكانية استرجاع الشيء المحبوس أفرد المشرع له مجموعة من المراحل لبيع هذا الشيء لدواعي التصفية القضائية(2).
1-شروط استرجاع الشيء المحبوس
حفاظا منه على مالية المقاولة من الاستنزاف بفعل تسابق الدائنين السابقين على الحكم فتح المسطرة وتحقيقا لمبدأ المساواة الذي ينبغي أن يسود بين هؤلاء، وتجميعا لقدرة المقاولة ومواردها، بغاية إنقاذها، أقر المشرع قاعدة منع بموجبها أداء جميع الديون السابقة عن حكم فتح المسطرة، وجاءت المادة 686[1] من م ت لتقضي بأنه ” يوقف حكم فتح المسطرة أو يمنع كل دعوى قضائية يقيمها الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور ترمي إلى :
- الحكم على المدين بأداء مبلغ من المال؛
- فسخ عقد لعدم أداء مبلغ من المال.
يوقف الحكم أو يمنع كل إجراء تحفظي أو تنفيذي يقيمه هؤلاء سواء على المنقولات أو على العقارات.
توقف تبعا لذلك الآجال المحددة تحت طائلة السقوط أو الفسخ.
غير أنه يجوز للدائن الذي يتوفر على ضمانة منقولة أن يتقدم بطلب بيع المنقول موضوع هذه الضمانة إلى القاضي المنتدب وذلك في حالة ما إذا كان هذا المنقول وشيك الهلاك أو معرضا في وقت قريب لنقص محسوس في قيمته، أو إذا كان المنقول من الأشياء التي يقتضي حفظها مصاريف باهظة.
وفي هذه الحالة تطبق مقتضيات المادة 632 أعلاه.
وهذه القاعدة القانونية أكدها القضاء المغربي أكثر من مرة في عدة قرارات قضائية متفرقة، فجاء في قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس” أن حكم فتح المسطرة يوقف ويمنع كل إجراء للتنفيذ يقيمه الدائنون أصحاب ديون نشأت قبل الحكم المذكور سواء على المنقولات أو العقارات طبقا للمادة 653 من مدونة التجارة المغربية”.[2]
وفي نفس السياق أصدرت محكمة ذاتها قرارا جاء فيه ” أن الحكم بفتح مسطرة من مساطر معالجة الصعوبات أو التصفية القضائية هو وحده الذي يلزم التقيد بمبدأ وقف المتابعات الفردية في مواجهة المقاولة المحكوم عليها وفق أحكام المادة 653 من مدونة التجارة المغربية “.[3]
لكن ومن خلال المادتين 658 و 690 من م ت، نص المشرع على بعض الاستثناءات على قاعدة منع أداء الديون السابقة لحكم فتح المسطرة، ويتعلق الأمر على الخصوص بالديون المضمونة برهن حيازي أو بحق الحبس الوارد على شيء ضروري لمتابعة نشاط المقاولة.
ومن خلال استقراء المادة 690 من م ت نجدها أفردت مجموعة من الشروط لاسترجاع الأشياء المحبوسة قانونا، وهي:
- إذن القاضي المنتدب.
- أداء دين سابق لحكم فتح المسطرة أو نشوء دين قبل فتح المسطرة.
- إسترجاع شيء محبوس قانونا.
- يستلزم متابعة نشاط المقاولة.
1-1إذن القاضي المنتدب
كلما كان الشيء المرهون أو المحبوس بصفة قانونية ضروريا لاستمرارية استغلال المقاولة خلال فترة إعداد الحل الملائم لوضعيتها، أمكن للقاضي المنتدب بناء على الفقرة الثانية من المادة 690 من مدونة التجارة، أن يأذن للسنديك بأداء الديون الناشئة قبل فتح المسطرة وذلك من أجل فك الرهن الحيازي أو استرجاع شيء محبوس قانونا.
وهذا إما يتبدى من خلال الأمر القضائي للسيد القاضي المنتدب والذي جاء فيه “وحيث من المعلوم قانونا أن المحكمة المفتوحة أمامها مسطرة المعالجة تكون مختصة في النظر في جميع الدعوى المتعلقة بها تبعا لما تنص عليه المادة 566 من م.ت. كما أنه من الثابت قضاء أنه يبقى من إختصاص القاضي المنتدب البث في الأمور المستعجلة، المتعلقة بالمقاولة الخاضعة للتسوية، إضافة إلى أن فتح مسطرة التسوية القضائية في حق الشركة الطالبة بموجب الحكم الصادر بتاريخ 18/10/2000 في الملف عدد من شأنه أن يوقف جميع المتابعات الفردية في مواجهة الدائنين الذين نشأت ديونهم قبل فتح المسطرة في مواجهتهم عملا بمقتضيات المادة 553 من م.ت. وحيث اعتبارا لكون مبلغ 19.4000 درهم الذي تم حجزه من البنك المغربي لإفريقيا والشروق من شأنه الحيلولة دون السير الحسن للمقاولة والتي هي في أمس الحاجة إلى تلك المبالغ المالية من أجل الاستمرار في مزاولة نشاطها التجاري خاصة وأنه كان يتعين على السيد عبد الله عبد النبي، بأن يصرح بدينه لدى السنديك طبقا للمقتضيات القانونية فإن الطلب الرامي إلى رفع الحجز عن المبالغ المحجوزة عن الغير يبقى مؤسسا ويتعين الاستجابة له.”[4]
وعليه واستثناء من قاعدة أداء الديون الناشئة قبل صدور الحكم بفتح المسطرة لدى المقاولة المتوقفة عن الدفع يمكن للقاضي المنتدب أن يعطي إذنه للسنديك لكي يقوم بأداء هذه الديون للدائن المرتهن رهنا حيازيا أو الحابس للشيء الذي تستلزمه ضرورة متابعة نشاط هذه المقاولة على أحسن وجه خلال فترة إعداد الحل المناسب لوضعيتها.[5]
ولتفيعل الترخيص، ينبغي أن يبادر الدائن المرتهن أو صاحب حق الحبس، إلى مراجعة القاضي المنتدب، بطلب يرمي إلى الحكم بأداء دينه مقابل التخلي عن المرهون أو الشيء المحبوس[6]. ويمكن إذاك للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك بتسوية الدين ويحمل إذنه بهذا الخصوص ترخيصا مزدوجا، فك رهن أو استرجاع شيء محبوس قانونيا من جهة، وإتماما لذلك أداء الدين السابق على الحكم من جهة ثانية.
وقد لاحظ بعض الباحثين[7]، أن مدونة التجارة قصرت مباشرة صلاحية الأداء من أجل الاسترجاع على السنديك مهما كانت حدود السلطات المخولة لهذا الأخير فيما يخص تسيير المقاولة كما لو كان مكلفا فقط بمراقبة أعمال التسيير التي ترك أمر القيام بها لرئيس المقاولة ولرئيس المقاولة إثارة انتباه السنديك لكي يطلب من القاضي المنتدب منحه الإذن المذكور متى كان الاسترجاع ضروريا لاستمرارية المقاولة، ويمكن متى تقاعس السنديك عن ذلك رفعه إلى القاضي المنتدب مباشرة.
1-2 نشوء الدين قبل حكم فتح المسطرة
إن صرامة مساطر معالجة صعوبات المقاولة وتعلقها بالنظام العام الاقتصادي تفرض قيودا قاسية على ممارسة الحقوق الفردية من قبل دائني المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة القضائية والناشئة ديونهم قبل فتح هذه المسطرة، ذلك وأنه وطيلة الفترة الانتقالية أو المؤقتة، وهي الفترة الممتدة مابين تاريخ صدور الحكم بفتح المسطرة وتاريخ حصر المحكمة إما مسطرة الإنقاذ أو التسوية الاقضائية أو أو التصفية القضائية. ترد بعض القيود على حقوق هؤلاء الدائنين وذلك بهدف منعهم، خاصة عن طريق متابعاتهم القضائية الفردية، من عرقلة استمرار نشاط المقاولة خلال الفترة الانتقالية والحيلولة بالتالي دون نجاح عملية تسوية وتصحيح وضعية المقاولة المختلة والمتأزمة.[8]
وبالتالي يكون المشرع قد ميز بين نوعين من الديون:
– ديون نشأت بعد صدور الحكم بفتح المسطرة المعالجة، وتخضع هذه الديون للامتياز المنصوص عليه في كل من المادة 565 و590 من م.ت. أي أنها تؤدى بالأولوية على باقي الديون سواء كانت مقرون أم لا بامتيازات أو ضمانات.[9]
– وديون نشأت قبل الحكم بفتح مسطرة المعالجة، وتخضع لإجراءات مساطر صعوبات المقاولة من وقف المتابعات الفردية ووقف سريان الفوائد. فبمجرد صدور الحكم يصبح الدائن الناشئ دينه قبل صدوره خاضعا لأحكام المنع المشار إليه بنص المادة 686 المذكورة أعلاه وليس من الضروري أن يكون الدين ثابتا بل إن هذه القاعدة تسري حتى على الديون المتنازع فيها ويعود سبب هذا القاعدة إلى أن الاعتراف بالدين لا يتم إلا عن طريق تحقيق الديون.[10]
وهذا أيضا ما جاء به القرار الصادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء “حيث يتعين الإشارة أولا بأن جميع الديون الناشئة قبل فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة لابد وأن تمر من مسطرتي التصريح بالديون وتحقيقها.
وحيث إن مسطرة تحقيق الديون تحقيق الديون تبقى من اختصاص السنديك والقاضي كل في حدود اختصاصه وأنه لا يمكن الإعفاء من تحقيق الديون إلا في الحالات المنصوص عليها قانونا”.[11] لكن من أجل أداء الديون الناشئة قبل صدور الحكم يجب أن تتعلق فقط بفك مال المرهون أو استرجاع شيء محبوس قانونا دون فك باقي الضمانات والتأمينات الأخرى، وذلك طبقا لأحكام الفقرة الثانية من المادة 690 .[12]
وفي هذا الإطار، قررت محكمة النقض الفرنسية أن الاستثناء من القاعدة المنصوص عليها في المادة 33 من قانون 25 يناير 1985، المطابقة للمادة 690 من م ت المغربية، لا يسري على الديون الناشئة قبل فتح المسطرة كل ما كانت مضمونة بتأمين آخر غير الرهن الحيازي أو حق الحبس.[13]
1-3 إسترجاع شيء محبوس قانونا
نصت المادة 690 لكي يأذن القاضي المنتدب للسنديك بأداء دين نشأ قبل صدور الحكم، فإن من أحد شروط ذلك أن يكون الشيء المحبوس من طرف الدائن محبوس قانونا.
وبالتالي نتساءل عن ماهي شروط أن يحبس الدائن شيء هو في ملكية المقاولة المدين ويكون حبس هذا الشيء قانونا.
بالرجوع إلى الفصل 296 من قانون الإلتزمات والعقود نجده نص على مجموعة من الشروط حتى يجوز مباشرة حق الحبس وهاته الشروط جاءت على الشكل الآتي:
- أن يكون الشيء في حيازة الدائن؛
- أن يكون الدين حالا وإذا كان الدين غير محدد المقدار، تضرب المحكمة للدائن أقصر أجل ممكن ليعمل على تحديده؛
- أن يكون الدين ناشئا من معاملات قائمة بين الطرفين أو أن يكون ناشئا من ذات الشيء محل الحبس.
وبالتالي سنعمل على مناقشة شروط حبس الشيء قانونا الكل على حدة.
1-3-1 أن يكون الشيء في حيازة الدائن
يتضح من خلال قراءة الفصل 291 من ق.إ.ع الذي عرف فيه حق الحبس بأنه حق حيازة شيء مملوك للمدين، وكذلك نص المشرع على شرط حيازة الدائن الحابس للشيء في الفصل 296 من ق.إ.ع حيث أورد الشروط المتطلبة لجواز حق الحبس، فذكر في الفقرة الأولى من هذا الفصل، أن يكون الشيء في حيازة الدائن، ليذهب أبعد من ذلك عندما قرر في الفصل 300 من ق.إ.ع أن خروج الشيء المحبوس من تحت يد الحابس بإرادته الحرة يحول بينه وبين ممارسة حق الحبس اللهم إذا عاد إليه وحازه بحدث لاحق.
ومن أمثلة لذلك أن يحوز البائع المبيع حتى يستوفي الثمن وأن يحبس الصانع الشيء حتى يستوفي أجره وأن يحبس المودع لديه الوديعة حتى يتقاضى أجره، أو التعويض من خسارة بسببها [14] .
وفي مجال صعوبة المقاولة فرظا أن صاحب مرآب لإصلاح سيارات المقاولة بإمكانه حبس شاحنة في ملكية المقاولة إلى أن يتم أداء دين الإصلاح بأكمله[15] فتبقى في حيازته المادية إلى أن يأذن القاضي المنتدب للسنديك بأداء دين صاحب المرآب وتخليص الشيء المحبوس من تحت قبضته.
كما تقني المحاسبة الذين لا يعتبروا وكلاء بل أجراء صنعة يرتبطون بالزبون بعقد مقاولة، بإمكانهم ممارسة حق الحبس على الشيء الذي طلب منهم إنجازه – أي المحاسبة – وكذلك الأشياء الأخرى المملوكة لرب العمل والموجودة تحت أيديهم حتى يتم الوفاء بكامل الأتعاب التي يجب أن تكون محددة بدون غموض أو لبس.
فالإجتهاد القضائي في فرنسا يعترف لخبير المحاسبة بحقه في حبس مختلف الوثائق والدفاتر التي تسلمها من زبونه، سواء تلك التي كلف بدراستها ومراقبتها أو تلك التي يقتصر عمله فيها على مجرد التجميع فقط بل وحتى الاتفاقيات المزمع إبرامها من طرف زبونه والتي يكلف الخبير بتحديد مضمونها كعقد شركة أو زواج أو غيرها.[16]
وبالتالي يكون القضاء الفرنسي ذهب إلى كون الدائن الحابس له الحق في الإمتناع عن التخلي عن الأشياء والوثائق التي في حيازته إلى حين الوفاء له بكامل دينه ما لم توجد مقتضيات تشريعية مخالفة.
لكن أحد الباحثين أعاب على كون المشرع المغربي في الفصلين 261 و 296 من ق.إ.ع لم يبين نوع الحيازة التي يعتد بها لجواز حبس شيء مملوك للمدين، هل هي حيازة قانونية أم عرضية؟[17]
لكن لا يمكن الخوض هل هي حيازة قانونية، تعني الحيازة قصد التملك أو حيازة عرضية أي مؤقتة، أي بسط اليد على الشيء دون نية التملك لأن الفصل 291 من ق.إ.ع جاء واضحا بهذا الخصوص. وهو كون الحيازة المقصودة هي حبس الشيء المملوك للمدين وعدم التخلي عنه إلا بعد الوفاء الكامل بالدين وبالتالي فالدائن الذي يلجأ إلى حق الحبس لا تكون له نية التصرف كصاحب حق عيني، وإنما فقط السيطرة على الشيء المحبوس ووضعه تحت تصرفه مؤقتا ضمانا للوفاء بدينه.
وكما يجب التمييز بين حيازة الشيء في يد الدائن وبين أن يقيم عليه حجزا تحفظيا، إذ في قرار صادر عن إبتدائية الدار البيضاء بتاريخ 30/11/1933 ذهبت إلى رفض الاعتراف للدائن بحق الحبس في الوقت الذي اكتفى فيه الدائن باتخاذ إجراء تحفظي بوضعه تحت يد القضاء، إذ في هذه الحالة فقد الدائن حيازة الشيء لإمكانية وممارسة الحبس عليه[18].
وفي الأخير نشير إلى كون أن الفقه الحديث[19]، أصبح ينادي بإعطاء المفهوم الواسع لوعاء حق الحبس، ليشمل الأشياء المادية التي تدخل في دائرة التعامل والقابلة للتملك الخاص، وكذا الأشياء التي ليست لها قيمة تجارية أو الأشياء المعنوية كالحقوق والالتزامات، كالقيام بعمل والامتناع عن عمل ما[20].
ثم إنه إذا أمعنا النظر في بعض الحالات التي أجاز فيها المشرع المغربي ممارسته حق الحبس لوجدناه ينسلخ بشك أو بآخر عن المنظور الكلاسيكي الذي يجعل من وضع اليد المحدد الوحيد والأساسي لمحل الحبس.
فالسماح للمشتري بناء على الفصل 583[21] من ق.إ.ع بحبس الثمن هو في الحقيقة حبس لشيء غير مادي يذوب في الذمة المالية للشخص بعناصرها الإيجابية والسلبية، والأمر نفسه في فرضيات أخرى كحالة المؤمن الذي يحبس مبلغ التأمين عن الضحية.[22]
1-3-2 أن يكون الدين حالا ومستحق الأداء للدائن
يمكن استنباط هذا الشرط من الفصلين 291 و 296 من ق.إ.ع المغربي، حيث جاء في الفصل 291 ” حق الحبس هو حيازة الشيء المملوك للمدين، وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ماهو مستحق للدائن…”
أما الفصل 296 فنصت الفقرة الثانية منه على ” 2- أن يكون الدين حالا وإذا كان الدين غير محدد المقدار، تضرب المحكمة للدائن أقصى أجل ممكن ليعمل على تحديده …”
فاستحقاق الدين للدائن الحابس، معناه أن يصل أجل الدين، ولذلك لا يجوز استعمال الحبس اقتضاء لحق مؤجل أو معلق على شرط واقف.[23]
لكن أجاز المشرع في الفصل 298 بأنه يسوغ مباشرة حق الحبس، ولو بسبب الديون التي لم يحل أجلها:
1-إذا توقف المدين عن أداء ديونه، أو كان قد أشهر عسره.
إلا أن هذا الفصل في فقرته الأولى تأثر بمساطر معالجة صعوبات المقاولة، وذلك على النحو التالي:
- حالة الحكم بفتح مساطر المعالجة: الفصل 686 من م ت والذي نص وبشكل صريح أن حكم فتح المسطرة يوقف ويمنع كل دعوى قضائية يقيمها أصحاب ديون نشأت قبل الحكم وهي قاعدة تسري على جميع الدائنين بصرف النظر عما إذا كانوا دائنين عاديين أو أصحاب امتيازات عامة أو خاصة أو أصحاب رهون رسمية أو حيازية أو أي ضمان آخر مهما كان نوعه، ومن بينهم الدائن الحابس، الذي تتعطل إجراءات الفصل 298 من ق.إ.ع بالنسبة إليه بفعل الحكم القاضي بفتح المسطرة.
- حالة الحكم القاضي باختيار الحل المناسب للمقاولة: في حالة التسوية القضائية، وما تتطلبه هذه المرحلة من تقويم للمقاولة المتعثرة إما بحصر لمخطط لاستمراريتها أو تفويتها. في هذه الحالة توقف أيضا إجراءات المتابعات الفردية وكذا يتم الاتفاق على إجراء تخفيضات و الآجالات[24] جديدة بالنسبة للدائنين الذين نشأت ديونهم قبل فتح المسطرة ومنهم الدائن الحابس، وبالتالي عدم استفادته من حلول الآجال طبقا للفصل 298 من ق.إ.ع.
– حالة الحكم بالتصفية القضائية: واستفادة الدائن الحابس من مقتضيات المادة 660 من م.ت، والتي يترتب عن الحكم القاضي بفتح التصفية القضائية حلول آجال الديون المؤجلة.
ويشترط أيضا في الدين المضمون بالحبس أن يكون محققا في وجوده أي مؤكدا. فالدين الاحتمالي أو المتنازع في وجوده لا يمكن ضمانه بحق الحبس.[25]
إلا أن المادة 658 من م.ت والتي تبين حالة استرجاع شيء محبوس أثناء مرحلة الحكم بالتصفية القضائية ، أنه في حالة عدم قبول دين الدائن الحابس كليا أو جزئيا وجب عليه إرجاع المرهون أو ثمنه إلى السنديك، مع حفظ الحصة المقبولة من الدين.
كما أشار قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء ” إلا أن الديون الناشئة قبل فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة تمر بمسطرتي التصريح بالديون وتحقيقها .” [26]
والمقصود بالتحقيق في الدين أي منازع فيه هل مستحق الأداء أم لا وهذه المسطرة من اختصاص القاضي المنتدب والسنديك .
1-3-3 أن يكون هناك ارتباط قانوني أو مادي بين الشيء المحبوس والدين
يعتبر هذا الشرط جوهري حتى يجوز مباشرة الحق في الحبس. وقد عبر عنه المشرع في الفقرة الأخيرة من الفصل 296 والتي جاء فيها “أن يكون الدين ناشئا من المعاملات القائمة بين الطرفين أو يكون ناشئا من ذات محل الحبس.”
وبالتالي يكون المشرع المغربي قد أخذ بمسألة الارتباط القانوني والتي عبر عنها بالدين الناشئ من المعاملات القائمة بين الطرفين، وحالة الارتباط المادي عندما يكون الدين ناشئا من ذات الشيء محل الحبس.
ويقصد بالارتباط القانوني اللازم لممارسة هذا الضمان هو تلك الصلة الموجودة بين الدينين التي قد تتولد من علاقة قانونية تعاقدية كالإيجار أو البيع أو الصنعة أو المقايضة أو غير تعاقدية كما في حالة الفضالة والتي عنها التزامات تبادلية على عاتق الفضولي ورب العمل – الطرف المكري- بالرغم من أن الفضالة ليست بعقد. ولعل ما جعل بعض الفقه[27] يطلق على هذا النوع من الارتباط تسمية الارتباط التبادلي نظرا لكونه يتميز بوجود علاقة تبادلية بين الالتزامات.
– أما صورة الارتباط الموضوعي أو المادي بين الدين العين المحبوسة فإنه لا يفترض فيها وجود علاقة شخصية سابقة بين الدائن والمدين بل يكتفي فيها بأن تكون هناك علاقة موضوعية بين الدين المراد استخلاصه والعين المحبوسة، ومسال ذلك صاحب الورشة الذي يحبس سيارة حتى يستوفي ما صرفه عليها من قيمة قطع غيار.[28]
كما ذهب بعض الفقه[29] إلى إعطاء الحارس القضائي حبس الشيء الذي يحرسه من أجل أداء له ثمن المصرفات التي أنفقها على الشيء الذي يحرسه من أجل الحفاظ عليه.
وقد استدل بالمادتين 817 و 818 من ق.إ.ع. حيث منحت المادة 817 للمودع عنده حبس الوديعة إلا من أجل المصروفات الضرورية التي أنفقها في حفظها، وليس له حق حبسها ضمانا لأي دين آخر . أما المادة 818 من نفس القانون فهي تحيل بالنسبة للحراسة على القواعد المنظمة للوديعة. وتأسيسا على ذلك يتعين القول بأن للحارس القضائي “حق حبس” الأموال الموضوعة تحت حراسته حتى يستوفي ما يكون قد أنفقه من مصروفات ، وله بموجب هذا الحق في أن يمتنع عن رد هذه الأموال لمن يقضى له بها أو من يعينه القاضي حتى يستوفي كامل مصروفاته.
وكما نعلم أن بيع أصول المقاولة إجراء من إجراءات التصفية القضائية، يترتب عنها بيع أموال المقاولة وفق البيع بالمزاد العلني[30] . مما قد يترتب عنه وجود حارس قضائي لبيع هذه الأشياء.
1-4 أن يكون الشيء المحبوس يستلزم متابعة نشاط المقاولة
في ظل المادة 588 من م ت و المتعلقة بالعقود الجارية التنفيذ أثناء فتح إعداد الحل، أختلف الفقه الفرنسي[31] حول إمكانية الإبقاء على هذه العقود بين من اعتبر ضرورة توفر شرط أن تساهم هذه العقود في استمرارية استغلال المقاولة أو ما يعبر عنه بمتابعة نشاط المقاولة، وجانب آخر لا يعتبر ضرورة توفر هذا الشرط[32] في غياب تضمين صراحة هذا الشرط في المادة 588. لكن الفصل 690 من م ت المتعلق باسترجاع الأشياء المحبوسة جاء صريحا بخصوص أن يكون الشيء المحبوس يستلزم متابعة نشاط المقاولة.
إلا أنه يلاحظ أن مقتضيات الفقرة الأولى من المادة 626 من مدونة التجارة والخاصة بالتصفية القضائية والمتضمن أيضا لإذن القاضي المنتدب للسنديك باسترجاع الأشياء المحبوسة، غياب عبارة” تستلزمه متابعة نشاط المقاولة”، الواردة في الفقرة الثانية من المادة 658 من م.ت، وهو مايستنتج منها بأن المشرع قد وضع بين يدي السنديك وسيلة لاسترجاع الأموال المحبوسة- سواء أكانت مرهونة أو غير مرهونة- لضرورات التصفية، وذلك طبعا مقابل الوفاء بدين سابق على الحكم.[33]
وهذا منطقي لأن التصفية القضائية تقضي ببيع أموال المقاولة من أجل سد خصومها، ولا تقتضي استمرارية نشاط المقاولة.[34]
وبمفهوم المخالفة، فإن الأشياء التي لا ترتبط بالنشاط الاجتماعي أو الاقتصادي للشركة أو التي لا تشكل أهمية كبيرة بالنسبة إليها، لا تدخل في النطاق العام للمادة المذكورة.
ويمكن أن نمثل لذلك بالمثال الكلاسيكي المتمثل في الشاحنة المحبوسة في مرآب الميكانيكي. فإذا كانت مالكتها، تعمل في النقل الطرقي للبضائع مثلا، فلا شك أن استرجاعها يشكل حاجة حيوية لها لتوقف متابعة النشاط على استردادها لها. أما إذا تعلق على العكس من ذلك بشاحنة مهيأة لنقل العمال، فعلى أهميتها من الناحية الاجتماعية، فلا يؤثر حبسها في استمرارية النشاط الاقتصادي والإنتاجي للمقاولة، ويقع عبء إثبات حيوية وضرورة الشيء المرهون أو المحبوس لمتابعة النشاط، على السنديك أو المدين، على أنه يبقى تقدير الأمر للقاضي المنتدب، علما أنه يخضع في إبراز توفر العناصر القانونية المثبتة لعنصر ضرورة الشيء لمتابعة النشاط لرقابة القاضي الأعلى درجة.[35]
إذ يشكل فك الأموال المرهونة من طرف المدين أو استرجاع الأشياء المحبوسة لدى الدائن خطوة أساسية وجوهرية لاستمرارية النشاط والحفاظ على مناصب الشغل والزبائن والحركة التجارية…[36]
فبتوفر شروط استرجاع الشيء المحبوس يمكن للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك باسترجاع هذا المال من الدائن الحابس بعد أداء دينه بالكامل، وعكس ذلك يحتم على القاضي المنتدب الامتناع عن منح إذنه للسنديك بعد أن يرفع هذا الأخير طلبا من أجل ذلك. وهذا ما جاء به أمر القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالرباط، حيث وتطبيقا للقاعدة الأصلية المتمثلة في منع أداء الديون السابقة لصدور الحكم بفتح المسطرة ونظرا لعدم توفر الشروط المنصوص عليها في المادة 657 من مدونة التجارة، فإن القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بالرباط أصدر أمرا برفض الطلب المقدم من طرف السنديك من أجل الإذن بأداء مبلغ فاتورات البنزين بحجة أن هذا الدين المطالب بأدائه نشأ قبل صدور الحكم القاضي بفتح المسطرة، وأن الدين المطالب به لا يتعلق بفك رهن أو استرجاع شيء محبوس قانونا.[37]
وقد رتب المشرع على خرق مبدأ حظر أداء الديون الناشئ قبل حكم فتح المسطرة جزاءا و مؤيدا صارما تجسد في بطلان العقد أو التسديد.[38]
فإذا قام رئيس المقاولة أو السنديك بأداء دين سابق في النشأة لصدور الحكم القاضي بفتح المسطرة خرقا لمقتضيات الفقرة الأولى من المادة 690 من م ت التي تضع قاعدة مفادها، منع أداء هذا النوع من الديون بمجرد فتح المسطرة. فإن جزاء ذلك يتمثل في أن العقد أو التسديد الذي تم والحالة هذه يبطل بناء على طلب كل ذي مصلحة.
ويعتبر البطلان هنا بطلانا وجوبيا لا يخضع النطق به لتقدير المحكمة التجارية المرفوع إليها دعوى البطلان، على أنه يجب حسب المادة 691 من م ت، أن يتم رفع هذه الدعوى داخل أجل ثلاث سنوات من تاريخ إبرام العقد أو أداء الدين. وإذا كان العقد خاضعا لإجراءات الشهر، فإن هذا الأجل لا يبتدئ في السريان إلا من تاريخ القيام بالشهر اللازم إجراؤه والحالة هذه.[39]
2) مراحل استرجاع الأشياء المحبوسة
لقد جاءت المادة 657 من مدونة التجارة في الباب المتعلق بالقواعد المشتركة لمساطر المعالجة والتصفية القضائية، ويشكل مضمونها استثناء من منع أداء كل دين نشأ قبل صدور حكم فتح المسطرة متى تطلبت متابعة النشاط أداء الديون ولو كانت سابقة للحكم لفك الرهن أو لاسترجاع شيء محبوس قانونيا يتوقف عليه هذا النشاط.
أما المادة 626 من م.ت فنصت أيضا على فك الأشياء المحبوسة من قبل السنديك بعد إذن القاضي المنتدب وبعد أداء الدين بأكمله للدائن الحابس، لكنها جاءت دقيقة ومفصلة تعالج سبل وطرق فك الأموال المرهونة من طرف المدين عند تصفية الأصوال بعد الحكم بالتصفية القضائية، خلافا لما هو عليه الوضع أثناء مرحلة التسوية القضائية.[40]
ومن خلال استقراءنا وتحليلنا للفقرة 2 من المادة 658 من م.ت فإننا سنعمل على تحديد الثغرات والإشكالات القانونية التي ميزت مراحل استرجاع الشيء المحبوس للمقاولة المدينة على أن الإجراءات المسطرة التي يتولها السنديك لاسترجاع المال المحبوس.
2-1 الاشكالات والثغرات القانونية بخصوص المادة 658 من م.ت
فبرجوعنا إلى المادة 658 الفقرة 2 من م.ت نجدها تنص على أنه ” في حالة تعذر الامكانية يتعين على السنديك خلال 6 أشهر يبتدئ من تاريخ الحكم القاضي بفتح التصفية القيام بتحقيق الرهن”.
ومما أثار بعض الباحثين[41]، بخصوص هذه الفقرة من هذه المادة هو كون المشرع لم يبين أي نوع من الرهن يجب تحقيقه هل رهن رسمي أم حيازي، أم سائر الرهون التي يملكها الدائن صاحب الرهن.
لكن ومن خلال الفقرة الأولى من المادتين 690 و 658 من م.ت كاستثناء امتياز أداء ديونهم السابقة لحكم فتح المسطرة من بين باقي دائني المقاولة، لتوفرهم على آلية الضغط أي حيازتهم للشيء محل الرهن أو الحبس. فبالرجوع إلى المادة 1184 من قانون الالتزامات والعقود والمتعلقة بالرهن الحيازي للمنقول، نجدها تعرف الرهن الحيازي للمنقول على الشكل التالي “الرهن الحيازي للمنقول يخول للدائن الحق في أن يحبس الشيء المرهون إلى إتمام الوفاء بالدين…”
وبالتالي فالرهن المقصود في المادتين 690 و 658 هو الرهن الحيازي الذي يمكن الدائن من مكنة حبس الشيء إلى إتمام الوفاء له بدينه بأكمله.
وقد كان المشرع الفرنسي أكثر دقة، فمن خلال استقراء موقف المشرع الفرنسي فإننا نجده قد استعمل مصطلح“gage ” في المادة 25- 624،أي الرهن الحيازي هو الذي يكون معنيا بهذه المقتضيات.[42]
ونفس الموقف أيده الاجتهاد القضائي الفرنسي الذي اعتبر بأن الامكانية المخولة للسنديك بفك الأموال المرهونة تنحصر فقط في الرهن الحيازي وحق الحبس، بخلاف الديون المضمونة بضمانات أخرى غير ذلك فلا تسري عليها هذه المقتضيات.[43]
وبالتالي نستنتج أن الرهن ينبغي أن يقترن لزوما بحيازة المرتهن للمرهون، مما يبرز فعالية الضمانات المستندة على الحيازة، ويستتبع ذلك، أن الرهون مع عدم تخلي الراهن عن الحيازة كالرهن الرسمي أو الرهن الأصل التجاري لا تخضع لهذه المقتضيات، ويجد هذا المبدأ تفسيره في الوضعية المريحة التي يتواجد فيها المرتهن الحائز. لذلك لم يتردد القضاء الفرنسي في تمتعيه بمزية الأداء المقررة حيادا على قاعدة منع أداء الديون السابقة.[44]
ليس هذا الإشكال الوحيد الذي وقع فيه المشرع المغربي أي عدم تحديد نوع الرهن الذي يخضع للتحقيق من طرف السنديك، في حالة تعذر عليه إمكانية فكه، وإنما الإشكال الأكبر هو عدم تمييزه ما بين الرهن وتحقيق الأشياء المحبوسة. فالفقرة الأولى من المادتين 690 و 658 جاءتا تتحدث عن أداء دين سابق للحكم من أجل فك مال مرهون أو شيء محبوس، أي نوعين من الدائنين، الدائن الراهن رهنا حيازيا والذي يتمتع أيضا بمكنه حبس الشيء، والدائن الحابس لشيء المحبوس طبقا للنظرية العامة للحق في الحبس في الفصول من 291 إلى 305 من قانون الإلتزامات والعقود.
وهذه التفرقة لابد أن يعيها المشرع المغربي بكون الحبس أشمل و أعم من الحبس المخول للدائن المرتهن رهنا حيازيا، باعتبار أن الدائن الحابس يمكن أن تربطه بالمقاولة المدينة علاقة قانونية أو مادية[45]. فالمادية كحالة الدائن الحابس الذي يتمسك بشيء يملكه المدين من أجل المصروفات الضرورية.[46]
وقد بين هذه التفرقة أحد الفقهاء في نقطتين أساسيتين:
- أن عبارة ” الأشياء المحبوسة ” جاءت عامة لا تفرق بين حق الحبس الناشئ عن الرهن الحيازي أو الناشئ عن مؤسسات قانونية أخرى كحق الحبس المنصوص عليه في المادة 507 من ق.إ.ع .م الذي يخول للبائع حبس الشيء المبيع إذا أعسر المشتري أو حكم عليه بمسطرة من مساطر معالجة الصعوبات أو قلل من التأمينات المقدمة لضمان الوفاء بالثمن أو المادة 817 من ق.إ.ع.م المتعلق بحبس الوديعة من أجل المصروفات وغيرها.
- أن المشرع المغربي وضع نظرية مستقلة لحق الحبس تشمل سائر الحالات سواء نشأ هذا الحق عن الرهن الحيازي أو غيره من التصرفات القانونية (المواد 291 إلى 305 من ق .ل. ع).[47]
ونحن نؤيد بدورنا المفهوم الواسع لكلمة ” تحقيق الرهن ” والتي تعني بيع الأموال المرهونة من طرف السنديك لتشمل أيضا حتى بيع الأموال المحبوسة في إطار النظرية العامة لحق الحبس، لأن المراحل الآتية لبيع الشيء المرهون إن قرأت بمفهومها الضيق أي تعلقها بالمال المرهون من شأنه إقصاء مراحل بيع الأشياء المحبوسة من طرف السنديك. وبالتالي سيؤدي لا محال إلى عرقلة عملية إستمرارية نشاط المقاولة وتمويلها بأموال هي في أمس الحاجة إليها إن كان الحكم بفتح المسطرة يتعلق بالتسوية القضائية، أو عدم تمام مراحل التصفية القضائية بصعوبة بيع الأشياء المحبوسة وبالتالي غياب تحديد كلي وفعلي لأصول وخصوم المقاولة المدينة.
2-2 الإجراءات المسطرية لاسترجاع الشيء المحبوس
هذه الإجراءات حددها المشرع المغربي من خلال الفقرتين 2 و3 من المادة 658 من م.ت.
ويمكن إجماع هذه المراحل الإجرائية في كل من الآجالات، وتحقيق المال المحبوس، ثم المنازعة في الدين، ثم أخيرا انتقال الحق في حبس الشيء إلى ثمن البيع.
2-2-1 الآجالات
ذكر المشرع نوعين من الآجالات من خلال الفقرة 2 و 3 من المادة 626 من م. ت، وهي 6 أشهر و 15 يوما.
فخلال 6 أشهر من تاريخ الحكم بالتصفية القضائية وجب على السنديك القيام بتحقيق الشيء المحبوس، أي بيع الشيء المحبوس لضرورة التصفية التي تمكن المقاولة من تحديد أصولها، لسداد خصوصها .
ثم أجل 15 يوما، حيث يخبر السنديك الدائن المرتهن بالإذن المشار إليه في الفقرة الأولى أعلاه داخل أجل 15 يوما قبل تحقيق الرهن، ويعتبر هذا الأجل ميزان عدل بين السنديك والدائن المرتهن أو الذي بيده الشيء المحبوس[48].
ولكون الآجال المرتبطة بصعوبات المقاولة هي آجال خاصة بالنظر إلى طبيعة القواعد التي تفرضها هذه المساطر، لأنها موجهة بالأساس إلى حماية المقاولة و استمرار نشاطها [49].
ويتوجب على السنديك، حماية لحقوق الدائن المرتهن أن يخبر هذا الدائن بالإذن الذي منحه إياه القاضي المنتدب، تحت طائلة البطلان ، بفك المال المرهون أو المحبوس لديه، وذلك داخل أجل 15 يوما قبل بيع المال المرهون[50] .
2-2-2 تحقيق المال المحبوس
قبل إجراء هذه العملية أي الشيء المحبوس من طرف السنديك، أفرد المشرع للدائن الحابس في الفقرة 1 من المادة 659[51] من م.ت أن يطلب قبل تحقيق الرهن التسليم القضائي للرهن، وذلك حتى وإن لم يقبل دينه بعد[52] .
والإشكال الذي ثار هنا هو الذي يخضع لهذا التسليم؟
أي هل يرتبط التسليم القضائي، ارتباطا وثيقا بالرهن الحيازي المقترن بحق الحبس، أم يتجاوزه للرهن الغير المقترن بحق الحبس، وهذا نابع من كون المشرع المغربي لم يوضح طبيعة المال المشمول بالتسليم القضائي، وما إذا كان هذا الأخير يشمل الرهن بنوعيه الحيازي وغير الحيازي لاختلاف طبيعة كل منهما، وأمام هذا الغموض ثار جدل فقهي بين من يرى أن المطالبة بالتسليم القضائي يغطي سائر الرهون دون تمييز نظرا لعمومية المادة 658 من م.ت، واتجاه ثان يذهب إلى أن التسليم القضائي يقتصر فقط على الرهون التي تخول للدائن المرتهن حق حبس المال المرهون لانتقال حيازته إليه دون باقي الرهون الأخرى.
فالاتجاه الفقهي الأول[53] اعتبر بأن التسليم القضائي يرتبط ارتباطا وثيقا بالرهن الحيازي المقترن بحق الحبس، بحيث أن الدائن لا يتوفر على حق الحبس لا يمكن أن يطلب هذا التسليم.
بينما ذهب اتجاه آخر[54] إلى كون التسليم القضائي للرهن هو السلاح في يد المرتهن مطلقا، يعود إليه أمر استعماله، حتى ولو كان الرهن بدون التخلي عن الحيازة كما هو الشأن بالنسبة لرهن أدوات ومعدات التجهيز.
كما ذهب بعض الفقه[55] إلى تبرير الاتجاه الثاني أي التسليم القضائي للرهن يغطي سائر الرهون دون تمييز نظرا لعمومية النص التشريعي المغربي و الفرنسي.
وقد عرف الاجتهاد القضائي الفرنسي تضاربا أيضا، بخصوص هذا الإشكال: فقد أيدت محكمة النقض الفرنسية الاتجاه القائل بعمومية التسليم القضائي مختلف الرهون وأن تشمل حيازة الشيء إذ عبرت في أحد قراراتها ” التسليم القضائي للرهن مخول للدائن المتمتع برهن على أدوات ومعدات التجهيز”[56] ،ثم في قرار آخر ذهبت إلى أن ” كل دائن مرتهن يستطيع المطالبة بالتسليم القضائي حتى وإن لم يكن الرهن مع حق حبس”[57] .
وفي قرار مناقض للقرارات السالفة الذكر أيدت الإتجاه القائل بأن التسليم القضائي للرهن يقتصر فقط على الرهن الحيازي المشمول بحق الحبس، باعتمادها على صياغة المادة 153 من قانون 1985 المتعلق بالتسوية والتصفية القضائية، والتي يفهم منها بأن إمكانية فك الأموال المحبوسة من لدن السنديك تفترض نوعا من الحيازة المادية، مما يؤكد بأن الرهن الحيازي المقترن بحق الحبس هو الذي يقبل التسليم القضائي لدرجة أنه تم فض طلبات بشأن رهن معدات التجهيز والأدوات وذلك لعدم اقترانه بحق الحبس[58]ونحن نذهب مع الاتجاه القائل بكون التسليم القضائي للرهن، يتعلق فقط بالرهن الحيازي المشمول بحق الحبس، ونأخذ على المشرع المغربي من خلال المادة 626 من م.ت، في فقرتها3، عدم ذكر التسليم القضائي للشيء المحبوس أيضا، مادام أن المشرع أعطى الإمكانية للسنديك بفك الأموال المرهونة أو الأشياء المحبوسة، أي هناك تفرقة بين الرهن الحيازي وحق الحبس وفق النظرية العامة (الفصول من 291 إلى 305 ق.ل.ع).
كما يمكن تبرير اتجاهنا هذا، بما أفرده المشرع أيضا في المادة 659 في فقرتها الأخيرة حيث جاء فيها ” في حالة البيع من طرف السنديك ينقل حق الحبس بحكم القانون إلى ثمن البيع” .
وهذا الإجراء المسطري، لا نجد مثيلا له في الفصل 302 من ق.ل.ع، حيث منح فيه المشرع المغربي للدائن الحابس الحق في التنفيذ على الشيء المحبوس عندما يكون معرض لخطر الهلاك، أو لنقض في قيمته، وقد جاء في نص المادة ” إذا كان الشيء المحبوس بين الدائن معرضا للهلاك أو المعيب جاز للدائن أن يحصل على الإذن في بيعه طبقا للمسطرة المقررة لبيع المرهون وهنا يباشر حق الحبس على الناتج من البيع “.
فانتقال حبس الشيء إلى حبس ثمنه عند البيع لا يقرر إلا للدائن الحابس طبقا للفصل 302 وفي حالة خاصة وهي نقصان في قيمة الشيء أو تعرضه للهلاك، وللدائن الراهن رهنا حيازيا بإعتبار أن نص المادة 302 من ق.ل.ع فيما يخص مسطرة المقرر للبيع تحيل على الرهن رهن حيازيا .
كما نعزز موقفنا هذا، بكون المادتين 690 و 658 و659 من م. ت والتي تتحدث عن امكانية استرجاع الأشياء المحبوس بعد الوفاء بالدين بأكمله، هي استثناء من قاعدة وقف إجراءات المتابعات الفرديـة، ومن بينها أداء دين سابق لحكم فتح المسطرة ، والمشرع تبنى هذا الاستثناء لعدم وجود إمكانية أخرى يمكنه بها إسترجاع أموال المقاولة المدينة المحبوسة دون أداء الدين بأكمله لأن مكنة حبس الشيء تمكن الدائن من حيازته إلى أن يتم الوفاء له بالدين بأكمله وفي حالة تخليه عن الحيازة[59]، يفقد حقه في حبس الشيء وبالتالي فقدانه لضمانه كانت ستمكنه من استفاء دينه بالأسبقية على باقي الدائنين.
2-2-3 المنازعة في الدين
لقد ألزم المشرع المغربي الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مسطرة معالجة صعوبات المقاولة بأن يصرحوا بديونهم لدى السنديك – بإستثناء ديون الأجراء – داخل أجل شهرين ابتداء من تاريخ نشر حكم فتح المسطرة بالجريدة الرسمية طبقا لمقتضيات المادة 687 من م. ت وذلك تحت طائلة سقوط الدين.
والتصريح المذكور أوجبه المشرع من أجل مراقبة وجود تلك الديون في إطار مسطرة التحقيق استجابة لمبدأ المساواة بين الدائنين من جهة، ومن جهة أخرى لأنه الوسيلة التي بواسطتها يتم تحديد خصوم المقاولة كمرحلة أولى لمعرفة فرص استمرارها وبقاءها وشروط تسويتها أو عدم وجود مما يتعين معه تصفيتها[60] .
ويعتبر الدائن الحابس من بين الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح المسطرة وبالتالي يتعين عليه تصريحه بدينه لدى السنديك بمجرد حكم فتح مسطرة التسوية القضائية أو التصفية القضائية.
وجزءا عدم تصريحه بدينه لدى السنديك هو سقوط الدين. ما لم يتم تدارك الموقف بتقديم دعوى رفع السقوط إلى القاضي المنتدب داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ إشعار الدائنيين الحامليين لضمانات أو عقد ائتمان إيجاري تم شهرهما والداءنيين المدرجين بالقائمة المشار إليها في المادة 577 أعلاه، ومن تاريخ نشر مقرر فتح المسطرة بالجريدة الرسمية بالنسبة لباقي الدائنيين[61].وإثبات الدائن أن سبب عدم التصريح بالدين لا يعود إليه.
وقد ميز المشرع بخصوص التصريح بالدين بين كل من الدائنين العاديين والدائنين أصحاب الضمانات أو ائتمان ايجاري تم شهرهما و الدائنيين المدرجين بالقائمة بحيث أن هؤلاء الأخيرين يتمتعون بأحقية اشعارهم شخصيا من طرف السنديك بوجوب تصريحهم بدينهم.
فهل يعتبر الدائن الحابس صاحب ضمانة الحق في الحبس من هؤلاء؟
في حكم قضائي صادر عن المحكمة التجارية بالرباط[62] ، حول المقصود بالضمانات المنصوص عليها في المادة 686 من م.ت حيث جاء فيه ” وحيث أن المقصود بالضمانات في المادة 686 من م.ت هي الضمانة التي يتم شهرها، علما أن المفهوم القانوني للإشهار هو إعلام الغير بواقعة لم تكن معروفة لديه وذلك عن طريق الإيداع أو التسجيل أو التقييد أو الإعلان فضلا على أن نفس الفصل المترجم إلى اللغة الفرنسية يتحدث عن la sureté وليس la garantie والتي تتمثل في الرهون الحيازية و الرهون العقارية علما بأن قانون 93/7/6 المنظم للكفالات البنكية من الضمانات الواجب شهرها ” .
من خلال هذا الحكم نستنتج أن حصر الضمانات، في الضمانات العينية أي الرهون الحيازية و الرهون العقارية ، وحق الحبس خارج من هذا النطاق، باعتبار أن حق الحبس في التشريع لا يعتبر حقا عينيا.
زيادة على هذا أن المادة 719 من م.ت تتطلب شهر الضمانات أو عقد الائتمان الايجاري، وأن الحق في الحبس من خلال المواد المنظمة له من (291 إلى 305 ق.ل.ع )، لا تقتضي شهر هذا الحق للإعتداد به.
أما القضاء الفرنسي[63] في أحد قراراته الصادرة بتاريخ 20 ماي 1997 جاء فيه ” حق الحبس ليس تأمينا ولا يمكن تشبيهه بالرهن والحابس منذ تصريحه بالدين، لن يكون في استطاعة المصفي القضائي استرحاع الشيء المحبوس، إلا بأدائه لهذا الدين بعد الترخيص له من القاضي الفرنسي الحديث[64] سارعلى اعتبار الحق في الحبس حق عيني. ومادام حقا عينيا أي أنه مثل الرهن الحيازي والرهن الرسمي، وجب شهره وبالتالي مثله مثل باقي الضمانات وجب إشعار الدائن الحابس بوجوب التصريح بالدين.
ويبقى للقاضي المنتدب القرار في منازعة دين الدائن الحابس طبقا للمادة 729، حيث يتم إما قبوله أو رفضه أو يعاين إما وجود دعوى جارية أو أ المنازعة لا تدخل في اختصاصه.
وقد ينجم عن عملية تحقيق الدين قبول دين الدائن المرتهن، أو الدائن الحابس وفي هاته الفرضية تطرح حالتين:
- إما أن يكون قيمة المال المحبوس أقل من قيمة الدين المضمون، وفي هذه الحالة فإن الدائن الحابس يعامل مثله مثل باقي الدائنين معاملة عادية، إ ذ يعتبر دائنا عاديا بالنسبة للجزء المتبقي من دينه والذي لم يتم استيفائه من قيمة المال المحبوس.
وإما أن يكون قيمة الشيء المحبوس أكثر من قيمة الدين، وفي هذه الحالة فإن الدائن المحبوس يلتزم بإرجاع الباقي من ثمن بيع المال المحبوس إلى السنديك.
وفي حالة عدم قبول دين الدائن كليا أو جزئيا فإنه يتعين عليه وفقا للفقرة الثانية من المادة 659 من م.ت إرجاع الشيء المحبوس أو ثمنه إلى السنديك مع حفظ الحصة المقبولة .
2ـ 2ـ4 نقل حق الحبس بحكم إلى ثمن البيع
بطبيعة الحال فإن المشرع لما خول للسنديك إمكانية تحقيق الرهن بعد إذن القاضي المنتدب بإجراء ذلك، فإنه لم يغفل أن يوفر نوعا من الحماية كحقوق الدائن الحابس، بحيث أن حق الحبس الذي كان يتمتع به الدائن قبل إجراء عملية تحقيق الرهن أو الشيء المحبوس لا يضيع، ما دام ينتقل بقوة القانون إلى ثمن البيع، الأمر الذي يجعل الدائن المرتهن أو الدائن الحابس في وضع امتيازي مقارنة مع باقي الدائنين بما فيهم أصحاب الامتياز[65].
ويقرر المشرع هذه الإمكانية للدائن الحابس، في الأموال الخاصة فقط[66]، بحيث إن الدائن الحابس لا يمكنه أن يتخلى عن الشيء المحبوس إلا بعد أداء دينه بأكمله طبقا للفصل 302 من ق.إ.ع ، والتخلي عن الحيازة بفقده، مكنة حبس الشيء. وبالتالي يصبح دائنا عاديا، ولا يتمتع بأي امتياز على الشيء المحبوس[67].
وفي الأخير فإن البيع يكون إما ماديا أو بالمزاد العلني ومحددا عبر القاضي المنتدب، في هذه المرحلة فإن صاحب الحق في الحبس يسبق الدائن اللاحق في الأداء، إلا إذا قام ببيع المال المرهون بنفسه، وفقد حق الحبس فيصبح آنذاك غير حابس، ويدخل ضمن الترتيب التقليدي لاستيفاء الديون[68].
ثانيا: فعالية الحق في الحبس وتأثيره على مراكز الدائنين
باعتبار أن الدائن الحابس يعتبر استثناء من بين باقي دائنين المقاولة التي نشأت ديونهم قبل حكم فتح المسطرة، بضرورة أداء دينه بأكمله إن أرادت المقاولة المدينة استرجاع أشياءها المحبوسة.
إلا أن هذه الضمانة رغم فعاليتها بالنسبة للدائن الحابس فهي تتأثر بمساطر صعوبات المقاولة، (1) واسترجاع الشيء المحبوس من طرف المقاولة يقابل أداء الدين بأكمله للدائن الحابس مما يطرح إشكال التقليل من وعاء أصول المقاولة أي أصولها، وتأثير موازاة مع ذلك على دئني المادة 590 [69] من م.ت الذين تؤدي لهم ديونهم بالأسبقية على باقي الدائنين سواء كانت ديونهم مقرونة أم لا بامتيازات وضمانات.
1) تأثر الحق في الحبس ومدى فعالية بعد حكم فتح المسطرة
سنعمل على دراسة مكامن تأثر الحق في الحبس بمفهومه الواسع الذي يشمل أيضا مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ كصورة من أحد صوره، ثم تأثره بمسطرة استرجاع الشيء المحبوس وتعارضها مع بعض خصائص وإجراءات الحق في الحبس طبقا للنظرية العامة للحق في الحبس. على أن نبين مكامن فعالية هذا الحق وعد تأثره بمضامين حصر مخطط الاستمرارية وكذا أثناء بيع المال المحبوس من طرف السنديك أثناء القيام بإجراءات التصفية القضائية.
1ـ 1 التأثير على حق الحبس بصدور الحكم بفتح المسطرة
يتجلى التأثير على الحق في الحبس، في تعطيل مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ، وكذا في إجراءات بيع المال المحبوس.
1ـ1ـ1 تعطيل مؤسسة الدفع بعدم التنفيذ
يعتبر الدفع بعدم التنفيذ صورة من صور الحق في الحبس، والذي يتجلى في الامتناع عن تنفيذ الإلتزام إلى أن يتم المدين بتنفيذ التزامه لدائنه، فعندما يستعمل المتعاقد هذه الوسيلة فإنه لا يرمي بحقه مباشرة إلى وضع حد للرابطة التعاقدية بل يوقف فقط تنفيذ أداءاته إلى حين قيام المتعاقد الآخر بتنفيذ ما هو مترتب عليه. لذلك فهو يشكل وسيلة ضمان وضغط لاحترام القوة الملزمة للعقد[70].
ورغبة من المشرع في تأمين استمرار المقاولة، سعى إلى حماية العقد من استعمال المتعاقد معه لحقه في الدفع بعدم التنفيذ بسبب إخلال المقاولة بالتزاماتها السابقة على صدور حكم فتح المسطرة. إذ نص في الفقرة الثانية من المادة 588 من م.ت على أنه ” يجب على المتعاقد أن يفي بالتزاماته رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة، ولا يترتب عن عدم تنفيذ هذه الالتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة الخصوم. “
ويكرس هذا المقتضى النظام الاستثنائي لمواصلة العقود الجارية ومخالفته للقواعد العامة لنظام التعاقد[71].
1ـ1ـ2 تأثر حق الحبس بإجراءات بيع المال المحبوس
ـ نصت المادة 658 و 659 من م.ت على مجموعة من إجراءات بيع الشيء المحبوس، ومن بينها تحقيق الدين، ففي حالة قيود الدين الدائن الحابس بعد إجراء عملية تحقيق الدين . قد يحدث أن تكون قيمة المال المحبوس أقل من قيمة الدين المضمون، وفي هذه الحالة فإن الدائن الحابس يعامل مثله مثل باقي الدائنين معاملة عادية. إذ يعتبر دائنا عاديا بالنسبة للجزء المتبقي من دينه والذي لم يتم استيفاؤه من قيمة المال المحبوس، ويشكل هذا إجحافا في حق الدائن الحابس لأن ذلك يؤثر بشكل سلبي على حقوقه[72] ، باعتبار أن الضمانة حبس الشيء، وتقتضي انه يستوفي دينه بكامله وأن لا يتخلى عنه إلى تمام الدين بأكمله مهما بلغت قيمة الشيء المحبوس.
ـ كما نصت الفقرة 2 من المادة 659 على أنه إذا لم يتم قبول دينه كليا أو جزئيا وجب عليه إرجاع المرهون أو ثمنه إلى السنديك، مع حفظ الحصة المقبولة من دينه.
وهذا يخالف مبدأ عدم تجزئة الشيء المحبوس، فكل جزء من الدين يبقى مضمونا بالشيء المحبوس إلى حين انقضائه كليا، كما أن كل جزء من هذا الشيء يضمن دفع الدين بأكمله. وهذا ما كرسه المشرع المغربي في عديد من فصول[73] قانون الالتزامات و العقود، وكذا الفقه الفرنسي[74].
1ـ2 فعالية الحق في الحبس أثناء حصر مخطط الاستمرارية
تتجلى هذه الفعالية بالخصوص أثناء حصر مخطط الاستمرارية، والمتمثلة في إجراءين هامين التخفيض من الآجالات[75] لصالح المقاولة المدينة وكذا إمكانية استبدال ضمان بضمان.
1ـ2ـ1 فعالية الحق في الحبس رغم منح آجالات جديدة إن اعتماد مخطط الاستمرارية من لدن المحكمة يعد أنسب حل بالنسبة للمقاولة، لكونه يمكن من استمرار النشاط وتصفية الخصوم، وبطبيعة الحال فإن الدائنين الحاملين للضمانات قد يرون في هذا المخطط وسيلة تمكنهم من تحقيق ضماناتهم، واستيفاء ديونهم سيما بعد القيود التي تفرض عليهم في فترة الملاحظة.
غير أنه إذا كانت أهداف المخطط هي تصفية الخصوم، فإن ذلك لن يكون على حساب المقاولة، بحيث إن الدائنين يواجهون بالمقتضيات والقواعد التي يفرضها عليهم هذا المخطط مما يهدد بالتالي تحقيق ضماناتهم وذلك بالنظر إلى مجموع التضحيات التي يجبرون على تقديمها خلال هذه المرحلة لضمان تنفيذ هذا المخطط.
فباستقراء مضمون المادة 590 من م.ت نجد أن للمحكمة السلطة التقديرية في فرض آجال جديدة على الدائنين وكذا إمكانية فرض آجال موحدة للأداء على الدائنين بدون تمييز بين ما إذا كان الدائن عاديا أو صاحب ضمانات.
وهذا يشكل إجحافا في حقهم ومساسا واضحا بفعالية وقيمة الضمانات، بدون أية قيمة، مادام الدائن يجد نفسه عاجزا عن استيفاء دينه عند الاستحقاق[76].
لكن ماذا عن الدائن الحابس هل باشهاد المحكمة على آجال جديدة للأداء يسقط حقه في حبس الشيء ؟
الحقيقة أنه لا بد من التمييز بين نوعين من الأجل أحدهما قضائي والثاني اتفاقي.
فبالنسبة للأجل القضائي لا يمكنه أن يكون مبررا لسلب الدائن مكنة استعمال حق الحبس لأن هذا الأجل يمنحه القاضي للمدين المعسر رغبة منه في مساعدته في أزمته. وبالتالي فإنه لا يعقل أن تكون هذه المساعدة سببا في إسقاط حق الدائن في الحبس وهذا الأجل لا يمكن أن يترتب عليه إلا وقف متابعة الإجراءات التي قد يمارسها الدائن. فالدائن يظل مع الأجل القضائي حالا ولا يمكن اعتباره مؤجلا.
وما يسري على الدين حال من أحكام وما يقرر شأنه من ضمانات ينسحب أيضا إلى الدين المؤجل قضائيا. أما عندما يتعلق الأمر بأجل اتفاقي، فإن الوضع في الحالة يختلف تماما، لأن الاتفاق الذي تم التوصل إليه بين الدائن ومدينه والذي بمقتضاه يمنح الأول للأخير أجلا معينا للوفاء بالدين، لا يمكن تفسيره إلا أنه تنازل من جانب الدائن عن استعمال حقه في الحبس[77]. وهذا ما أكدته أيضا المادة 504 من ق.إ.ع في الفقرة 2 التي جاء فيها ” لا يجبر البائع الذي لم يعط المشتري أجلا للوفاء بالثمن على تسليم المبيع إذا لم يعرض المشتري دفع ثمنه في مقابل تسلمه …”
فهذا النص بمفهومه المخالف، يعني أن البائع ـ الحابس ـ إذا دل على شيء إنما يدل على الأجل ألاتفاقي وحده دون الأجل القضائي، يمكنه تعطيل ممارسة حق الحبس.
وما يمكن استنتاجه أن الدائن الحابس لا يفقد ضمانته الواقعية على الشيء المحبوس رغم منح المحكمة آجالات جديدة أثناء حصر مخطط الاستمرارية.
1ـ2ـ2 فعالية الحق في الحبس أمام آلية استبدال ضمان بآخر
نص المشرع على هذه الآلية في إطار توفير الفرصة أمام المقاولة من أجل الاستمرارية في مزاولة نشاطها في ظروف مناسبة[78]، فإنه يمكن للسنديك أن يقترح استبدال ضمان بآخر وذلك إذا كان الضمان المراد تحريره ضروري لاستمرار المقاولة.[79]
فإمكانية استبدال ضمان بآخر، لم نجد لها تطبيقات لدى الاجتهاد القضائي المغربي، ورغم ذلك نتساءل عن ضمانة الدائن الحابس؟ ومدى تأثرها باستبدالها بضمانة أخرى.
فبالرجوع للاجتهاد القضائي الفرنسي[80] ، نجده لا يقر مسألة استبدال ضمان بآخر، بالنسبة للدائن المرتهن رهنا حيازيا إلا إذا كانت قيمة الأشياء المستبدلة تساوي قيمة الشيء المحبوس رهنا حيازيا.
وفي قرار آخر لمحكمة النقض الفرنسية سار عكس مضامين المادة 34 من قانون 25 يناير 1985، بشأن التسوية والتصفية القضائية والتي تعطي للمدين إمكانية
اقتراح على الدائنين مسألة استبدال للضمانات التي يمتلكونها بضمانات أخرى تعادلها. حيث جاء في تعليلها أن استبدال ضمان بضمان يبقى في الأخير مرهونا بمدى قبول الدائن الحابس الذي يحق له التمسك بالشيء المحبوس إلى أن يتم الوفاء بدينه كاملا. واعتبرت أن حبس الشيء ضمانة واقعية تحد من إمكانية تدخل القضاء في إعطاء الأمر لاستبدال ضمانة الدائن الحابس بأخرى.[81]
2) تأثير حق الحبس على مراكز الدائنين
لضمان حصول المقاولة على الائتمان والتمويل في مرحلة حرجة ـ مسطرة التسوية القضائية ـ تبنى المشرع مقاربة جريئة من شأنها طمأنة الممولين والشركاء المتعاملين مع المقاولة من أبناك ومؤسسات الائتمان وغيرهما والمساهمين في إنقاذها وكذا أصحاب العقود التجارية الجارية التي يختار السنديك مواصلة تنفيذها، خاصة وأن هؤلاء الممولين لن يغامروا في هذه المرحلة الحرجة بتقديم ائتمانهم لمقاولة في طور المعالجة إلا إذا تأكدوا من أنهم سيستوفون ديونهم في تواريخ استحقاقها أو على الأقل بالأسبقية أو الأولوية على سائر الديون الأخرى سواء كانت مادية أو مقرونة بامتياز أو ضمان وذلك في حالة الحكم على المقاولة بالتفويت أو التصفية القضائية . وهذا هو الضمان القوي الذي تقدمه المادة 590 من مدونة التجارة لهؤلاء الممولين ومقدمي الائتمان المقاولة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية. هذه المادة التي تمنح امتياز الامتيازات للديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة التسوية القضائية[82] .
كما ذهب بعض الفقه إلى تبرير هذا الامتياز بأنه من يتحمل مخاطر عدم الأداء، يجب أن يقدم على سائر الدائنين مهما كانت ضماناتهم وامتيازاتهم.[83]
وبما أن إسترجاع الشيء المحبوس يمكن أن يتم خلال التسوية القضائية (المادة 690 ) أو أثناء التصفية القضائية ( المادة 658 من م.ت ) فكيف يؤثر حق الحبس على دائني المادة 590 من م.ت .
ـ أثناء مرحلة التسوية القضائية: سار خلاف فقهي بشأن تأثير الحق بالحبس على دائني الامتياز الممتاز، أي الذين يستوفون ديونهم بالأسبقية على باقي الدائنين سواء كانت مرونة أم لا ضمانات أو امتيازات .
فذهب جانب من الفقه إلى أن الدائن المرتهن رهنا حيازيا والحاصل على حق الحبس قبل حكم التسوية القضائية يمكنه تجاوز دائني المرحلة الانتقالية، طالما الشيء المحبوس يعد ضروريا لمواصلة نشاط المقاولة لذلك يستحق الأداء قبل أي دائن آخر حسب مقتضيات المادة 25 ـ 621 من مدونة التجارة الفرنسية. وعليه فخلال فترة الملاحظة يجب تأدية ديون الدائن المرتهن مباشرة، كالدائن الذي يصلح إحدى الآلات الضرورية لاستمرار النشاط يمكنه حبس الشيء حتى الأداء له[84].
إلا أن جانبا من الفقه[85] سار خلاف ذلك، حينما أقر بسداد ديون دائني المادة 590 من م ت في حالة التفويت والتصفية القضائية بالأسبقية على كل ديون أخرى سواء كانت مقرونة أو لا بامتيازات أو بضمانات، حتى ولو كان الدين مضمونا بحق الحبس.
لكن مادام الفقه الفرنسي الحديث ذهب إلى اعتبار أن المساطر الجامعية دائما تضمن مكنة حق الحبس وبالتالي ضمان الدائن الحابس لدينه وعدم تأثره بباقي دائني المقاولة[86].
ونحن بدورنا نساير الإتجاه الذي يقول بتأثر وعاء حق الأولوية في الوفاء المعترف به لدائني المادة 590 من م.ت. وذلك لكون المشرع في قانون صعوبات المقاولة لم ينل في شيء من الأثر التقليدي لحق الحبس المتمثل في”حيازة الشيء المملوك للمدين وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو مستحق للدائن[87].
ـ أثناء مرحلة التصفية القضائية: رغم تمكين السنديك من بيع الشيء المحبوس طبقا للفقرة 5 من المادة 626 من م.ت، إلا أن ثمن بيع الشيء ينتقل إلى من طرف الدائن الحابس. كما أن المادة 306 من ق.إ. ع تخول للدائن الحابس بعد بيع الشيء المحبوس من قبل المحكمة أن يستعمل المبلغ الناتج عن البيع في استفاء حصته بالامتياز على الدائنين الآخرين.
ووفقا للفقرة 1 من المادة 659 م.ت، يمكن للدائن المرتهن أو الحابس حتى وإن لم يقبل دينه بعد، أن يطلب من المحكمة قبل تحقيق الرهن ” التسليم القضائي للرهن”، أي تمليكه ذلك المال، ولذلك فإذا ما استجابت المحكمة لطلب الدائن فإن ” حكمها سيؤدي إلى انتقال ملكية المال فيصبح الدائن تبعا لذلك مالكا يمارس عليه جميع الحقوق التي يخولها له حق الملكية ولن يجد دائنوا المادة 590 من م.ت أي طريق للاستحواذ أو التنفيذ على ذلك المال.
خـاتـمــــــة :
إن المشرع المغربي في مدونة التجارة، قد جعل الدائن الحابس يتمتع بمركز قوي في مواجهة مدينة المفلس أو المفتوح في حقه مساطر المعالجة، ليبرز التفوق الواضح لحق الحبس على باقي الضمانات الأخرى التي كرسها القانون، كالرهن الرسمي والكفالة والرهن دون نقل الحيازة…
فالرجوع إلى المادة 690 من م ت، نجدها تكرس وضعية امتياز للدائن الحابس مادام أنها خولت للقاضي المنتدب خلال فترة الملاحظة الحق في أن ” يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم، وذلك لفك الرهن أو استرجاع شيء محبوس قانونيا إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة.
فإذا كان الدائنون لا يستطيعون الحصول على ديونهم بعد افتتاح مسطرة من مساطر المعالجة، فإن هذا النص قد أجاز للسنديك وبعد موافقة القاضي المنتدب، أن يؤدي دين الحابس إذا كان المال ضروريا لاستمرارية النشاط، وما من شك أن في هذا خروجا عن الوفاء بعد افتتاح المسطرة .
إذن فالمشرع المغربي بهذا يكون قد كرس حجية حق الحبس في مواجهة السنديك ولو بعد افتتاح مسطرة المعالجة، مع العلم أن وضعية الدائن الحابس لا تتأثر مطلقا بنتيجة هذه المسطرة، حالة التوسيع من وعاء الحق في الحبس ليشمل الدفع بعدم التنفيذ، وأثناء بيع الشيء المحبوس خلال التصفية القضائية، حيث أنه في حالة اعتماد مخطط الاستمرارية، فإن الدائن الحابس لا يتأثر بآلية تخفيضات وآجالات وكذا استبدال ضمان بآخر. والأمر لا يختلف كثيرا في حالة تطبيق مخطط التفويت، حيث إن الدائن الحابس يتم الوفاء له بدينه من طرف المفوت إليه.
كما أن المركز القانوني للدائن الحابس لا يتغير حتى في حالة إنهاء استمرارية المقاولة بالتصفية القضائية، مادام أن الحابس بإمكانه الاحتجاج بحق الحبس في مواجهة السنديك. وهذا ما أكده المشرع المغربي في المادة 658 من م ت التي جاء فيها ” يمكن للسنديك المأذون له من طرف القاضي المنتدب عند أدائه للدين فك الأموال المرهونة من طرف المدين و الأشياء المحبوسة “ لكن إذا حدث وأن فشل السنديك في استرجاع المال المحبوس، فإنه يبقى له إمكانية التنفيذ عليه دون أن يتبين للدائن الحابس الحق في الحبس حسب ما ورد في الفقرة الخامسة من المادة 658 التي نصت على أنه ” في حالة البيع ينقل حق الحبس بقوة القانون إلى ثمن المبيع “.
لكن رغم فعالية حق الحبس في مساطر صعوبات المقاولة وفق التشريع المغربي إلا أنه يمكن إبداء الملاحظات التالية:
- أن أهداف تضمين المشرع الفرنسي للمادة 33 من القانون الفرنسي والمتعلقة باسترجاع الأشياء المحبوسة، هو ضمان استمرارية المقاولة في عملية الاستغلال وهذا ما أكده القضاء الفرنسي في العديد من قراراته بشأن إمكانية فك الشيء المحبوس. لكننا لم نجد أي تفعيل للمادتين 690 و 658 و 659من مدونة التجارة ربما راجع ذلك بالأساس إلى طبيعة المقاولة المغربية الهشة، فبفتح مساطر المعالجة تكون قد وصلت إلى مرحلة مستعصية، يصعب معها تقويمها واسترجاع أشياءها المحبوسة التي تستلزم ضرورة متابعة نشاط المقاولة.
- تضييق المشرع المغربي من وعاء الحق في الحبس وقصره على الأشياء المادية التي يمكن حيازتها، يضعف أكثر فأكثر دائني المقاولة…
هذا عكس المشرع المصري الذي لم يميز بين الحق في الحبس ومؤسسة الدفع بعدم التنفيذ، أي إمكانية حق القيام بعمل أو الامتناع عنه. كما أن القضاء الفرنسي، أصبح يقر بإمكانية حبس الأوراق الإدارية للمقاولة[88] …وللسيارات …
- وقوع المشرع المغربي في أخطاء الصياغة حيث لم يميز في إجراءات بيع الشيء المحبوس بين الرهن والشيء المحبوس خصوصا وأن الفقرة الأولى تتحدث عن فك الأموال المرهونة أو الأشياء المحبوسة (المادة 658 من م.ت).
- عدم تمييز المشرع بين حبس شيء منقول وحبس عقار، فإذا ما قام الدائن الحابس بالتنفيذ على عقارات مدينه لن يكون له أي امتياز بل يدخل في التوزيع كدائن عادي، لأن الديون التي لها امتياز على العقارات واردة في القانون المغربي على سبيل الحصر وهي تتمثل حسب المادة 144 من مدونة الحقوق العينية في المصاريف القضائية التي تم انفاقها من أجل بيع العقار وتوزيع ثمنه ثم حقوق الخزينة كما تقرر وتعينها القوانين المتعلقة بها .
لذا سنخلص للاقتراحات التالية :
- ضرورة التمييز بين الرهن وحق الحبس حتى نتفادى أي غموض بخصوص مسطرة استرجاع الأموال المحبوسة.
- تفعيل المادة 690 من م.ت على المستوى القضائي متى كانت الأشياء المحبوسة ذات قيمة مالية أو اقتصادية أو اجتماعية تساهم في إعادة استمرارية استغلال المقاولة.
- تفعيل مسطرة استرجاع الأشياء المحبوسة خلال مرحلة التسوية القضائية في حالة تعذر على المقاولة أداء دين الدائن الحابس بالبحث عن وسائل بديلة، كتفعيل المادة 633 من م ت والمتعلق باستبدال ضمان بآخر حيث يمكن استبدال ضمانة هي بالنسبة للمقاولة لا تساهم في استمرار نشاطها، لكنها ذات قيمة مالية تخول للدائن الحابس يحبسها عوض شيء الذي في حوزته والذي من شأنه تحسين وضعية نشاط المقاولة واستمرارية استغلالها، كحبس الأشياء المتعلقة بالمعدات و أدوات التجهيز لما لها م قيمة عملية لدى المقاولة المتعثرة.
- حسم المشرع بشأن حالة تزاحم دائني المادة 590 من م.ت والدائن الحابس.
- الارتقاء بضمان الحق في الحبس إلى خضم الحقوق العينية التي تضمن للدائن الحابس حق التتبع والأولوية و الاحتجاج بالشيء المحبوس لدى الكافة.
الهوامش:
(=) تم تجكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.
[1] تقابلها المادة 653 المنسوخة. وما يميز المادة الجديدة أنها عالجت الإشكالية المتعلقة ببعض المنقولات بحيث نصت على أنه: يجوز للدائن الذي يتوفر على ضمانة منقولة أن يتقدم بطلب بيع المنقول موضوع هذه الضمانة إلى القاضي المنتدب وذلك في حالة ما إذا كان هذا المنقول وشيك الهلاك أو معرضا في وقت قريب لنقص محسوس في قيمته، أو إذا كان المنقول من الأشياء التي يقتضي حفظها مصاريف باهظة.
[2]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 1263 بتاريخ 21 /11/2002 في ملف عدد 1811 /02 .
[3] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس رقم 1263 بتاريخ 21 /11/2002 في ملف عدد 1811 /02 .
أورده، أحمد يسين البيجوني “وضعية الدائنين والعقود المشهرة في ظل التسوية القضائية للمقاولة بالمغرب”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس أكدال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط، سنة 2004- 2005، ص: 20.
[4]– قرار السيد القاضي المنتدب بالمحكمة التجارية بفاس الصادر بتاريخ 05/07/2004 أمر عدد 2004 في ملف التسوية القضائية عدد 8/6/2000.
[5] – امحمد الفروجي: “وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة “، م.س، ص 59.
[6] – Cass . Com 31 mai : JCF 1995 I, 417,n°18 .M. Cabrillac
ـ اورده: المهدي شبو: “مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة”، مطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى 2006، ص314 .
[7] – امحمد الفروجي: “وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة”، المرجع السابق، ص 60.
ـ المهدي شبو: “مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة”، المرجع السابق، ص 314 و 315 .
[8] – ابراهيم قادم: ” آثار التسوية القضائية على حقوق الدائنين الناشئة ديونهم قبل فتح مسطرة المعالجة”، مجلة القصر، عدد 21، شتنبر 2008 ، ص 53 .
[9] – للمزيد من الاطلاع بخصوص هذه الديون والامتياز الممنوح لها انظر:
ـ مليكة عفيف : “وضعية الدائنين في إطار نظام صعوبات المقاولة”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في قانون الأعمال، جامعة الحسن الثاني ـ عين الشق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ الدار البيضاء، السنة الجامعية 2002 ـ 2003 .
– حياة حجي: “حق الأسبقية المقرر للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس- السويسي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السويسي، سنة 2003- 2004.
– إبراهيم قادم: “امتياز المادة 575 من مدونة التجارة بين قصور الصياغة وإشكالات التطبيق”. مجلة المعيار، العدد 41، يونيو 2009، ص: 11 وما بعد.
[10] – عبد العزيز تريد: “آثار الحكم بالتسوية أو التصفية القضائية على المتابعات الفردية”، مجلة المعيار، عدد 31، يونيــــو 2004، ص: 10.
[11] – قرار محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 5292/07 بتاريخ 16/11/2007 في ملف عدد 1246/2007/11.
[12] – حيث نصت الفقرة الثانية من المادة 690 ” يمكن للقاضي المنتدب أي يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم وذلك لفك الرهن أو استرجاع شيء محبوس قانونا”.
[13] – cour de cassation française – Arrêt commercial – 9 Avril 1991- J.C.P 1991- Edition entreprise ǁ 232 – Note. MP
ـ عن امحمد الفروجي: “وضعية الدائنين في مساطر صعوبات المقاولة “م.س، ص 60
[14] – عبد الكريم شهبون: ” الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود “، الجزء الثاني، ص 422 .
[15] – Yves Guyon : ” droit des affaires entreprises en difficultés ” T2 ,7 eme ed ,ed economica , 1999 . P232 .
[16] – اورده: مصطفى حتيتي: “حق الحبس وأثره على المراكز القانونية للدائنين”، مرجع سابق، ص 166 .
[17] – مصطفى حتيتي، مرجع سابق، ص 130 .
[18] – نرجس الكريوطي: ” الحق في الحبس “، مرجع سابق، ص 91 .
[19] – للإطلاع على آراء هذا الفقه: انظر:
مصطفى حتيتي:” حق الحبس واثره على المراكز القانونية للدائنين ” ، مرجع سابق ، ص 159 .
[20] – للقيام بعمل أو الامتناع عن عـمل ، في إطار ما يعرف بالدفع بعدم التنفيذ والذي استنتجنا في بحثنا هذا أنه ما هو إلا صورة من صور الحق في الحبس .
[21] – . جاء في الفقرة الأولى من المادة 583 ” إذا حصل للمشتري تشويش في انتفاعه بالشيء المبيع أو كان هناك سبب جديد للخوف من وقوعه قريبا، وذلك اعتمادا على سند سابق على المبيع، كان له الحق في حبس الثمن ما دام البائع لم يوقف التشويش…”
[22] – مصطفى حتيتي :” حق الحبس وأثره على المراكز القانونية للدائنين “، مرجع سابق، 184 .
وللمزيد من الإطلاع على توسعة م وعاء حق الحبس، انظر:
-Ajmi Bel Haj Hamoude : ” Le droit de Retention dans le code des obligations et des contrats” , Op, Cit, P : 60 – 61 – 62 .
ـ صبحي الطريقي: ” حق الحبس في التشريع التونسي ” ، مرجع سابق، ص 41 ـ42 ـ 43 .
[23] – عبد الكريم شهبون: ” الشافي في شرح قانون الالتزامات والعقود المغربي “، مرجع سابق، ص 425 .
[24] – المادة 598 من م.ت : ” تشهد المحكمة على الآجال والتخفيضات الممنوحة من الدائنين خلال الاستشارة، ويمكن للمحكمة أن تخفض هذه الآجال والتخفيضات إن اقتضى الحال.
[25] – عبد الرزاق السنهوري: ” الوسيط في شرح القانون المدني” ، ج 2 ، ص1143 بند 643 ،ص 1151 بند 764 .
[26] – قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء رقم 5292 /07 بتاريخ 16 /11 /2007 في ملف عدد 1246 /2007 /11. تم ذكره سالفا في هذا البحث .
[27] – عبد الرزاق السنهوري: ” الوسيط في شرح القانون المدني” ، ج 2 ،مرجع سابق ،ص1146 ، هامش 2.
[28] – الصبحي الطريقي: “حق الحبس في التشريع التونسي “، مرجع سابق ، ص 44 و45 .
[29] – عبد اللطيف هداية الله : ” الحراسة القضائية في التشريع المغربي ” ، سنة 1988 ، ص 285 .
[30] – لمادة 624 من مدونة التجارة ” يأمر القاضي المنتدب بالبيع بالمزاد العلني أو البيع بالتراضي لأموال المقاولة الأخرى … ” .
[31] – . G. Ripert et R.Roblot : ” traité élémentaire de droit commercial ” ,T2,10 ed ,L.G.J n°3047 .
[32] – المزيد من الاطلاع على شرط استمرار نشاط المقاولة في اختيار استمرار العقود الجارية:
انظر: عبد الحق بوكبيش، ” استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية “، دار السلام للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، ماي 2007 ، ص180.
[33] – عبد الحق بوكبيش: ” استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية “، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ـ وجدة ـ السنة الجامعية 2004 ـ 2005 ، ص 226 .
[34] – هناك استثناء المادة 620 من مدونة التجارة التي جاء في فقرتها الأولى “إذا اقتضت المصلحة العامة أو مصلحة الدائنين استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتصفية جاز للمحكمة أن تأخذ بذلك لمدة تحددها إما تلقائيا أو بطلب من السنديك أو وكيل الملك “.
[35] – المهدي شبو :” مؤسسة القاضي المنتدب ” ،مرجع سابق، ص 317 .
[36] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها”، الجزء الثالث ، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، سنة 2000، ص 248 .
[37] – سمير الشاوي: ” القاضي المنتدب ودوره في مسطرة التسوية القضائية “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية القانونية والاقتصادية والاجتماعية، الرباط، سنة 2003 ـ 2004،ص 93 .
[38] – أحمد شكري السباعي: “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها”، الجزء الثالث ، مرجع سابق ، ص 248 .
[39] – امحمد الفروجي:”صعوبات المقاولة والمساطر القضائية الكفيلة بمعالجتها” ، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، سنة 2000 ، ص 332 .
[40] – المادة 690 المتعلقة باستثناء الوارد على منع أداء الديون السابقة للحكم فتح المسطرة بسرد شروط استرجاع الأشياء المحبوسة، وغفلت عن تبيان مراحل استرجاع المال المحبوس بل اقتصر على السنديك فك الشيء المحبوس بأداء الدين. حيث جاء في المادة 690 من م.ت “يترتب عن حكم فتح المسطرة بقوة القانون منع أداء كل دين نشأ قبل صدوره “. يمكن للقاضي المنتدب أن يأذن للسنديك بأداء الديون السابقة للحكم وذلك لفك الرهن أو لاسترجاع شيء محبوس قانونيا، إذا كان يستلزمه متابعة نشاط المقاولة .”
[41] – حياة حجي: “نظام الضمانات وقانون صعوبات المقاولة “،مرجع سابق، ص358 .
ـ حنان طرابسي: ” البيع القضائي لأموال المقاولة في طور التصفية القضائية “، رسالة لنيل دبلوم الماستر في التجارة والأعمال، جامعة محمد الأول، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، وجدة، ستة 2010 ـ 2011 ، ص 62 .
ـ المهدي شبو: ” مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة “، مرجع سابق، ص 315 .
[42] – Loi n° 2005 -845 du 26 juillet 2005 de sauvegarde des entreprises.
[43] – Cour de cassation Françaie ,arrêt commercial ,9/4/1991 JCP,1991, ed entreprises, T2 ,232, note Michel – Pieere LE CORRE .
ـ مأخوذ عن حياة حجي:” نظام الضمانات وصعوبات المقاولة” ، مرجع سابق، ص 359 .
[44] – المهدي شبو:” مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة” ،المرجع السابق،ص 315 .
[45] – من شروط الحق في الحبس الارتباط بين الشيء المحبوس والدين، إما ارتباط مادي أو قانوني. راجع بهذا الخصوص بحثنا فيما يخص شروط استرجاع الشيء المحبوس.
[46] – جاء في الفصل 292 من قانون الالتزامات والعقود “يثبت حق الحبس لصالح الحائز حسن النية:
1ـ من أجل المصروفات الضرورية التي أنفقت على الشيء وفي حدودها.”
[47] – أحمد شكري السباعي:” الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها”، الجزء الثالث، مرجع سابق، ص 105 .
[48] – أحمد شكري السباعي ” الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها “، م.س،ص 106.
[49] – حياة حجي: “نظام الضمانات وصعوبات المقاولة”، م.س، ص361 .
[50] – أحمد شكري السباعي “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها”، م.س،ص 106.
[51] تقابلها أيضا المادة 626 المنسوخة، بحيث تم تقسيم هذه الأخيرة إلى مادتين في الكتاب الجديد وهما المادتين 658 و 659.
[52] – جاء في الفقرة 3 المادة 626 كلمة ” برغم عدم قبول دينه” وهي عبارة … ناتجة عن الترجمة المعيبة.
[53] – .(Pierre Michel)le corre : ” les créanciers gagistes face au redressement jacticiaire et la regle concours” revue des procédures collectives . 1990,1,p30.
مأخوذ عن حياة حجي:” نظام الضمانات وصعوبات المقاولة”،م.س،ص 365 .
[54] – Y. Guyon , op. cit n°1345.
[55] – حمد شكري السباعي “الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة و مساطر معالجتها”، م.س،ص 107.
[56] – Cass.com .6 mars 1990.D 1990 .p 311. Note: f.Derrida.
مأخوذ عن عبد الحق بوكبيش “استمرارية المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية” ،م.س ،ص 228 .
[57] – Cass.com .6 jan 1998 . jcp, ed.E ,1998 ,P657,obs,………..
مأخوذ عن عبد الحق بوكبيش “استمرارية المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية”، م.س ،ص 228 .
[58] – قرار أفردته حياة حجي “نظام الضمانات وصعوبات المقاولة، م.س، ص 365.
[59] – الفصل 300 من ق.ل.ع “حق الحبس نتيجة فقد الحيازة…”
[60] – عبد السلام الوهابي: “مسطرة التصريح بالديون”، صعوبات المقاولة وميدان التسوية القضائية من خلال اجتهادات المجلس الأعلى، يونيو 2007، ص 336.
[61] [61] – الفقرة 3 من المادة 723 من م.ت ” لا يمكن ممارسة دعوى رفع السقوط إلا داخل أجل سنة ابتداء من تاريخ… بالنسبة لباقي الدائنيين.”
[62]– حكم اورده: عبد الرحيم السلماني “التصريح بالديون وتحقيقها في إطار قانون صعوبات المقاولة”، مجلة الأعمال ومقاولات”، العدد5، سنة 2005، ص 30 .
[63] – Cass com 20/05/1997, in Bull civ…. N° 141 in 1998 «Le droit de rétention n’est pas une sureté est n’est pas assimilable augage , en conséquence, des hors que le rétenteur a déclaré au passif sa créance, le liquidateur judiciaire ne peut réitérer la chose retenue qu’en payant, avec l’autorisation du juge ….,celle-ci c’est donc que à bon droit que l’absence de paiement de la créance d’un carrossier qui a effectué des travaux sur un véhicule du débiteur une cour d’appel a dit opposable sou droit de rétention au liquidateur judiciaire.
قرار مأخوذ:
عن نرجس الكرويطي:” الحق في الحبس”،مرجع سابق ،ص 71.
[64] – Cass civil 24/09/2009, chambre civil, N° 08-10152 in 2009 «Le droit de rétention est un droit réel, opposable à tous….»
[65] – حياة حجي: ” نظام الضمانات وصعوبات المقاولة ” ،م.س، ص 362 .
[66] – الفصل 302 من ق.ل.ع” إذا كان الشيء المحبوس بيد الدائن معرضا للهلاك أو التعيب،جاز لهذا الدائن أن يحصل على الإذن في بيعه طبقا للمسطرة المقررة لبيع المرهون رهنا حيازيا. ويباشر حق الحبس على المبلغ الناتج من البيع”.
ـ وحالة الفقرة الخامسة من المادة 626 من م.ت “في حالة بيع من طرف السنديك، ينقل حق الحبس بحكم القانون إلى ثمن البيع”.
[67] – انظر بخصوص الجدل الفقهي حول انتقال حق الحبس من الشيء إلى الثمن بين نظريتي المقاصة والاحلال:
مصطفى حتيتي “حق الحبس وأثره على المراكز القانونية للدائنين ” مرجع سابق، ص 326 و327 و328 ……
[68] – حياة حجي: ” حق الأسبقية المقرر للدائنين الناشئة ديونهم بعد فتح مسطرة التسوية القضائية”، بحث لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس ـ كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط ، سنة الجامعية 2003 ـ 2004، ص 132.
[69] – تنص المادة 590 من م.ت ” يتم سداد الديون الناشئة بصفة قانونية بعد صدور حكم فتح مسطرة التسوية القضائيةّ، والمتعلقة بحاجيات سير هذه المسطرة أو تلك المتعلقة بنشاط المقاولة وذلك خلال فترة إعداد الحل، في تواريخ استحقاقها.
وفي حالة تعذر أدائها في تواريخ استحقاقها، فإنها تؤدى بالأسبقية على كل الديون الأخرى سواء كانت مقرونة أم لا بامتيازات أو بضمانات، باستثناء الأفضلية المنصوص عليها في المادتين 558 و 565 أعلاه.
تؤدى الديون المشار إليها في الفقرة الأولى عند تزاحمها وفق النصوص التشريعية الجاري بها العمل.
[70] – عبد الحق بوكبيش:” استمرار نشاط المقاولة الخاضعة للتسوية القضائية “،م.س، ص 173 .
[71] – المهدي شبو: “مؤسسة القاضي المنتدب في مساطر صعوبات المقاولة ” ، م.س، ص 471 .
[72] – حياة حجي: “نظام الضمانات وصعوبات المقاولة”، م.س،ص 369 .
[73] – أكد المشرع المغربي على فكرة عدم التجزئة بشكل صريح في عدد من النصوص القانونية المتفرقة هنا وهناك، وكذلك في إطار النظرية العامة لحق الحبس.
+ في النظرية العامة لحق الحبس.
الفصل 291 من ق.إ.ع “حق الحبس هو حيازة الشيء المملوك للمدين، وعدم التخلي عنه إلا بعد وفاء ما هو مستحق للدائن …”
الفصل 303 من ق.إ.ع “يسوغ للمحكمة، وفق لظروف الحال، أن تأمر برد الأشياء التي يحبسها الدائن، إذا عرض المدين، أن يسلم الدائن ما يعادلها من قيم أو أشياء أخرى …”
فاستعمال المشرع لكلمة يعادله في هذا الاسم إلا دليل على رغبة المشرع في رفض كل وفاء جزئي أو ما قد يقوم مقامه من تقديم بديل ناقص لا يوازي الشيء المحبوس في قيمته.
الفصل 232 من ق.إ.ع “عندما يكون التنفيذ واجبا لصالح عدة أشخاص يجوز للمدين أن يمتنع عن أداء ما يجب لأي واحد منهم إلى أن يقع الأداء “الكامل لما يمحقه من التزام”.
+ الفصل 505 من ق.إ.ع “إذا بعث عدة أشياء صفقة واحدة، كان للبائع أن يحبسها كلها حتى يستوفي الثمن بتمامه ولو كان قد حدد لكل شيء ثمنه من حدة”.
[74] – B. Fallon et A. Marie Simon : « droit civil », 10e édition 2000, p 453, « indivisibilité du droit de rétention : le rétenteur peut conserver la chose tant qu’il n’a pas été intégralement payer, il doit procéder sans diligences nécessaires à sa conservation » (cass 7 novembre 2006).
[75] – المادة 598 من م.ت “تشهد المحكمة على الآجال والتخفيضات من الدائني خلال الاستشارة. ويمكن للمحكمة أن تخفض هذه الآجال والتخفيضات إن اقتضى الحال”.
[76] – حياة حجي:” نظام الضمانات وصعوبات المقاولة”، مرجع سابق، ص 286.
[77] – مصطفى حتيتي:” حق الحبس وتأثيره على المراكز القانونية للدائنين”، مرجع سابق، ص 192.
[78] – الكريم آيت بلا: “استمرارية المقاولة في إطار التسوية القضائية على ضوء العمل القضائي”، دار السلام للطباعة والنشر، الطبعة الأولى، سنة 2000، ص 116.
[79] – تنص المادة 633 من م.ت على مايلي “إذا كان الملك مثقلا بامتياز أو رهن رسمي، أمكن عند الضرورة استبدال ضمان بآخر إذا كان للضمان الثاني نفس الامتيازات ويمكن للمحكمة في غياب اتفاق أن تأمر بهذا الاستبدال.”
[80] – Cass civil 26/05/2010, chambre com, N° 09-65812 à 2010 « Là substitution de nouvelles marchandises, de nature et de qualité différentes de celles initialement gagés , ne peut résulté que l’exécution d’une clause de substitution conventionnelle, résultant d’un accord de volontés des parties, disposant que les biens substitués seront remplacés par le débiteur constituant par le débiteur constituant pas la même quantité de choses équivalentes ».
[81] – Cass com ,4/07/2000 ,chambre com, N°15.8.
[82]– ابراهيم قادم: “امتياز المادة 575 من مدونة التجارة”، “بين قصور الصياغة واشكالات التطبيق” ،مجلة المعيار عدد 41، يونيو 2009،ص13.
[83] – Yves Guyon, Op cit ,P 272 .
[84] – Yves Guyon, Op cit ,P 385 à 387 .
[85] – أحمد شكري السباعي:” الوسيط في مساطر الوقاية من الصعوبات التي تعترض المقاولة، ومساطر معالجتها”،الجزء الثاني، مرجع سابق، ص 362 .
[86] – Dominique Legeais : « La réforme des sûretés, la fiducie et les procédures collectives», Revue des sociétés, octobre 2007,N° 04,Dalloz ,P 693 n° 15.
« En droit Français, le titulaire d’un droit de rétention a toujours bénéficié d’un sort particulièrement avantageux, à la condition de ne pas se dessaisir du bien, le créancier ne court aucun risque. Il a même l’assurance d’être payé par les autres créanciers qui veulent vendre le bien. Le droit les procédures collectives à toujours respecté ce droit ».
[87] – عبد الحق بوكبيش:” هشاشة حق الأولوية المنصوص عليه في المادة 575 من مدونة التجارة” ، المجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات، العدد 12، أبريل 2007 ، ص 71.
[88] – Cass civil 24/09/2009, chambre civil, N° 08-10152 «Le droit de rétention est un droit réel, opposable à tous, y compris aux tiers tiers non tenus de la dette, une société ayant exercé son droit de rétention sur les documents administratifs /// de véhicule qu’elle avait renais sans avoir reçu le prix.»