وثائق التعمير في التشريع المغربي
مقدمة :
تنبني السياسية العمومية على إعداد وإنجاز وثائق التعمير من طرف الأجهزة الإدارية التابعة للدولة سواء الوطنية أو المحلية.
و ترجع الأسباب التي أدت إلى الاهتمام بقضايا التعمير والتنمية إلى المشاكل التي نتجت عن أزمة ما بعد الحرب العالمية الثانية بسبب ظهور السكن غير اللائق. وارتفاع وتيرة النمو الديموغرافي وتنامي ظاهرة الهجرة نحو المدن، مما أدى إلى توسع العمرات بشكل غير منظم، وهو الشيء الذي أصبح يفرض تحديا على السلطة القائمة على التخطيط والتدبير في المجال العمراني.
ويعرف التعمير بكونه مجموعة من الإجراءات التقنية والإدارية والاجتماعية التي ترمي إلى جعل الإطار الجغرافي للحياة الاجتماعية أكثر ملاءمة لحاجيات الأفراد، ولن يتأتى ذلك إلا بتضافر الجهود حتى لا يتم بناء أبنية غريبة عن ثقافة المجتمع ومناقضة المعطيات الموضوعية للمجال العمراني[1].
والمغرب كغيره من الدول اهتم بقضايا التعمير، نظرا لما تعرفه المدن من دينامية تستلزم تنمية عمرانية متكاملة، تتماشى مع وثيرة التطورات الاقتصادية والاجتماعية، وفي هذا السياق كان طبيعيا أن يهتم التشريع المغربي بتنظيم المجال العمراني، وأن تصدر بهذا الشأن مجموعة من النصوص القانونية والتنظيمية لضبط الجوانب المتعلقة بالظاهرة التعميرية.
ويعتبر ظهير 19 أبريل 1914[2] بشأن الأبنية والطرق والتصاميم لتهيئة المدن وتوسيع نطاقها، بمثابة الإنطلاقة التشريعية الأولى التي تم وضعها من طرف إدارة الحماية، بهدف إدخال قانون التعمير إلى المغرب، إلا أنه أظهر عن قصوره وعدم مسايرته للمستجدات، فتم إلغاؤه وتعويضه بالظهير الشريف الصادر بتاريخ 30 يوليوز 1952[3] الذي تضمن العديد من الأحكام بخصوص تصاميم التهيئة والتصفيف والبنايات.
والملاحظ أن هذين الظهيرين اختلتهما نواقص وسلبيات على عدة مستويات، دفعت المشرع المغربي إلى اتخاذ
المبادرة باستصدار قوانين جديدة تلائم التطورات والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي عرفتها البلاد، بهدف تنظيم وهيكلة هذا القطاع[4]. القانون 9025[5] المتعلق بالتجزئات العقارية والمجموعات السكنية وتقسيم العقارات والقانون 90-12[6] المتعلق بالتعمير، ثم صدر بعد ذلك المرسوم المتعلق بالموافقة على ضابط العام لسنة 2013[7]. الذي يحدد شكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية المتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية والمجموعات السكنية، وتقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها، وقد صدر مؤخرا القانون رقم 12-66[8] المتعلقة بمراقبة وزجر المخالفات في مجال التعمير والبناء، الذي غير وتمم بعض مقتضيات القانونين رقم 90-12 و 90-25 المذكورين.
وقد عملت مقتضيات قانون التعمير رقم 90-12 على التمييز بين وثائق التعمير ذات الطابع التوجيهي من جهة، والتي تحدد التوجهات العامة لرسم معالم التجمعات العمرانية وتشكل أساسا مخطط توجيه التهيئة العمرانية، ووثائق التعمير التنظيمية والعملياتية من جهة للتطبيق، وتعتبر هذه الوثائق من بين الآليات التي تعتمد عليها الإدارة لتنظيم المجال العمراني، وذلك لما لها من أدوار ووظائف مهمة في هذا الإطار.
وتبرز أهمية الموضوع من خلال الأهمية التي تحتلها وثائق ورخص التعمير في تنظيم المجال العمراني، والدور الذي تقوم به من أجل توفير حاجيات السكان من مرافق وتجهيزات، وأيضا تحقيق التنمية المنشودة، خاصة بالنظر إلى تقاطع الموضوع مع مجموعة من الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، لارتباطه بمختلف جوانب الساكنة وبكونه أداة لتنفيذ توجيهات الدولة في مختلف الميادين.
وانطلاقا مما سبق يمكن طرح الإشكالية التالية: إلى أي حد توفق المشرع من خلال إقراره لوثائق ورخص التعمير في تنظيم المجال العمراني بالشكل الذي يسمح بتجاوز الإشكالات المطروحة؟ هل استطاعت الإدارية تحقيق الغاية التي أحدثت من أجلها هذه الوثائق والاستجابة لمتطلبات الساكنة ومتطلبات التنمية المجالية؟
- المبحث الأول: وثائق التعمير التقديرية
- المبحث التاني: وثائق التعمير التنظيمية
المبحث الأول: وثيقة التعمير التقديرية
يعتبر التعمير التوجيهي عبارة عن مجموعة من التصورات المستقبلية لما سيصبح عليه المجال في الأمدين المتوسط والبعيد، ويعد المخطط التوجيهي لتهيئة العمرانية الوثيقة التقديرية التي تهدف لاقامة التوجهات الاساسية في مجال تنظيم التجمعات العمرانية ومتطلبات التوسع العمراني والمحافظة على تجانس المنظر العام داخل التجمعات السكنية.
وللأحاطة أكثر بمخطط التوجيهي ينبغي علينا محاولة الوقوف على نطاق التطبيق والغرض منه (المطلب الأول) ومن ثم التطرق إلى مسطرة اعداده وأثاره (المطلب الثاني).
المطلب الأول: نطاق تطبيق المخطط والغرض منه
لقد نظم المشرع المغربي نطاق تطبيق مخطط التوجيه والتهيئة العمرانية (الفقرة الأولى) والغرض منه (الفقرة الثانية) في كل من الفرع الأول والثاني من الفصل الأول من قانون رقم 12.90[9] المتعلق بالتعمير.
الفقرة الأول: نطاق تطبيق المخطط التوجيهي
لقد نص المشرع في المادة 2 من قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير على أن التوجيه التهيئة العمرانية يطبق على رقعة أرضية تستوجب تهيئتها أن تكون محل دراسة اجمالية بسبب الترابط القائم بين مكونتها في المجال الاقتصادي والاجتماعي والتجاري كما أنه قد حدد لنا مجال الرقعة الأرضية في مقتضيات نفس المادة، إذ يمكن أن تشمل على جماعة حضرية أو عدة جماعات حضرية، ومركز محدد أو عدة مراكز محددة وكذلك ان اقتضى الحال على بعض أو جميع الجماعات القروية أو جماعة قروية مجاورة[10].
وما تجدر الاشارة إليه أن المشرع في المادة الأولى من نفس القانون قد حدد معنى الجماعات الحضارية والمراكز المحددة وكذا المناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة، بحيث يقصد بالجماعة الحضرية، البلديات والمراكز المحددةالمتمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي وهي ما تسمى بالمراكز المستقلة. أما بالنسبة للمراكز المحددة فهي عبارة عن اجزاء من جماعة قروية تعين حدودها السلطة التنظيمية. في حين يقصد بالمناطق المحيطة بالجماعات الحضرية والمراكز المحددة فقد عرفها المشرع على أنها الاراضي القروية المجاورة لتلك الجماعات والمراكز وتمتد المناطق المحيطة بالمدن إلى 15 كلمتر، وتعين المناطق المحيطة بالمراكز المحددة بموجب نص تنظيمي متعلق بتحديد دائرة كل مركز من هذه المراكز[11].
والملاحظ مما ورد أعلاه أن المشرع المغربي قد أغفل تحديد المعايير الواجب اعتمادها بوضع مخطط التهيئة العمرانية، واكتفى فقط بتحديد أجل تنفيذ المخطط والدي لا يجب أن يتجاوز 25 سنة. في حين أنه هناك مجموعة من المعايير التي يمكن اعتمادها في وضع هذا المخطط من بينها[12]
- المعيار الاحصائي: يقوم هذا الأخير بالاساس عن تميز بين التجمعات الحضرية الكبرى والصغرى وكذا التجمعات القروية، على اساس الكثافة السكانية.
- المعيار الوظيفي: يجري بمقتضاه التمييز بين التجماعات الحضرية والقروية بالاعتماد على نسبة السكان النشطين في المجال الزراعي، حيث يعتبر تجمع حضري كل تجمع لم يتجاوز نسبة سكانه الناشطين حوالي 20% يشتغلون في القطاع الفلاحي.
- المعيار الشكلي: يقوم هذا المعيار على التمييز بين الجماعات الحضرية والقروية بناء على الهندسة المعمارية المعتمدة في كل جماعة.
- المعيار الإداري: تعتبر الجماعة الحضرية في نظر هذا المعيار كلما توفرت فيها الشروط التالية:
- توفرها على الشبكة الكهربائية.
- توفرها على الماء الصالح للشرب.
- وجود شبكة للتطهير، والمستوصف أو مركز صحي.
- وجود ثانوية ومحكمة.
- أن يكون مجال السكان النشطين فيه 50% لا يشتغلون في المجال الزراعي.
و للإشارة فالمشرع الفرنسي قد حدد معيار مباشر لتزويد بالمخطط المدن التي يفوق عدد نسمتها 10000 نسمة ويترك الإدارة الفرنسية السلطة التقديرية بالنسبة للتجمعات السكنية التي لا تتجاوز العدد المطلوب[13].
بعد تحديد نطاق مخطط توجيه التهيئة العمرانية، فما هي غاية هذا المخطط؟.
الفقرة الثانية: غرض مخطط التوجيه
بالرجوع للمادة الرابعة من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير، نجد المشرع قد حدد لنا الأهداف الأساسية وراء انجاز مخطط التوجيه التهيئة العمرانية، وبوجه خاص ما يلي:
- تحديد اختيارات التهيئة التي يتطلبها تحقيق التنمية والمنافسة على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي، وعليه فالرقعة الأرضية التي هي محل مخطط لتوجيه التهيئة العمرانية قد اشترط المشرع فيها أن يتم اختيار تهيئة تحقق التنميةمنسجمة على الصعيد الاجتماعي والاقتصادي.
- تحديد المناطق العمرانية الجديدة والسماح بالقيام بعمليات عمرانية فيها مع الحفاظ بوجه خاص على الاراضي الزراعية والمناطق الغابوية التي تتولى السلطة التنظمية تحديدها.
يتم تحديد الأرضي الزراعية والمناطق الغابوية على مقتضيات المادة 2 من مرسوم رقم 2.92.832 وجاء فيها “تعين حدود المناطق الزراعية والغابوية المشار إليها في الفقرة الثانية من المادة الرابعة من القانون 12.90 بمرسوم يصدر باقتراح من الوزير المكلف بالفلاحة”[14].
- تحديد الأغراض العامة المخصص لها الأراضي وتعيين المواقع ونخص بالذكر، المناطق الزراعية والغابوية، المناطق السياحية والمناطق التجارية والصناعية…
- تحديد القطاعات التي يجب القيام باعادة هيكلتها أو تجديدها أو هما معا.
- تحديد مبادئ الصرف الصحي والأماكن الرئيسية التي تصب فيها المياه المستعملة والاماكن التي توضع فيها النفايات المنزلية.
- تحديد مبادئ النقل.
- حصر برمجة مختلف مراحل تطبيق المخطط وبيان الأعمال التي يجب أن يحظى انجازها بالأولوية، خصوصا تلك لها طابع فني أو قانوني تنظيمي.
وهكذا يلاحظ على أن غاية المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية واهدافه متنوعة ومتعددة، حيث تجمع بين غايات ايقامة التوازن بين المد العمراني وبين حماية المجالات، لكن ماذا عن محتوى مخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية[15].
لقد حدد لنا المشرع محتوى مخطط التوجيه التهيئة العمرانية في المادة 5 والدي يشمل كل من التقرير والرسوم البيانية.
- الرسوم البيانية: هي عبارة عن خرائط لمنطقة التي يغطيها المخطط التي تتولى تحديد الأغراض التي تخصص لها هذه الأرض داخل هذه المجالات، والمواقع التي سيشملها المد العمراني والمحميات العمرانية، ومواضيع الأنشطة الرئيسية للطرق ووضع العناصر الأساسية للماء والتطهير، كما تشمل هذه الرسوم على خرائط للمناطق الزراعية والغابوية كما تتضمن إن اقتضى الحال تصميما لصيانة التراث التاريخي وإبراز قيمته.
ونستنتج مما سبق على أن الرسوم البيانية تعطي لنا صورة عن منطقة المخطط على الأمد البعيد ويتميز أيضا بمرونته حول إمكانية إدخال تحسينات عليه كلما تطورت وتغيرات الظروف التي أسست عليها[16]
2. التقرير: يشمل مخطط التوجيه التهيئة العمرانية بالإضافة إلى الرسوم البيانية، تقرير.
يشرح هذا التقرير اختيار التهيئة المبيتة في خرائط استعمال الأرضي ويحدد التدابير الذي يجب القيام بها للبلوغ للأهداف المحددة فيه، ويمر إلى مرحلة التنفيذ الإجراءات المقررة خصوصا في المراحل التي يجب أن تزود خلالها المناطق المعنية لتصاميم التطبيق وتصاميم التهيئة وتصاميم التنمية.
وفي الأخير تجدر الإشارة على أن الرسوم البيانية ورسوم التنظيف هم عنصران ملازمان لا يمكن الفصل بينهما.
المطلب الثاني: إجراءات المخطط والآثار المترتبة عنه
بعد أن يتم تحديد المناطق المشمولة بمخطط التوجيه والتهيئة العمرانية تأتي مرحلة تنفيذ هذا المخطط عن طريق المرور بمجموعة من المساطر القانونية التي حددها المشرع والموافقة عليها من جهات مختصة بذلك (الفقرة الأولى) وبعدها تترتب مجموعة من الآثار التي بدورها نص عليها المشرع (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: إجراءات إعداد المخطط والموافقة عليه
إذا كان المخطط يحدد لنا الجهات المختصة بوضعه والإجراءات التي يجب إتباعها والمصادقة عليها، فأول ما يمكن الإشارة إليه هو الإطار القانوني لهذه الإجراءات، وبرجوعنا إلى قانون التعمير 12.90 يلاحظ أن المواد المؤطرة لهذا الموضوع هي (6-7-8).
حيث تنص المادة 6 على أنه يتم وضع مشروع مخطط توجيه التهيئة العمرانية بمبادرة من الإدارة وبمساهمة الجماعات المحلية، وتتم الموافقة عليه طبقا الإجراءات والشروط التي تحد بمرسوم تنظيمي[17].
وهذا ما فعله المشرع إذ أخرج بعد سنة فقط المرسوم المطبق لهذه المقتضيات. ويتم وضع المخطط التوجيهي لتهيئة العمرانية طبقا للمرسوم السابق ذكره. من قبل الإدارة المركزية ومساهمة الجماعات، وهو ما نصت عليه المادة السادسة من قانون التعمير.
وبالرجوع إلى المادة الثالثة من المرسوم حيث تنص يتم إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية بمسعى من السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير وبمساعدة من الجماعات المعنية والمجموعة الحضرية في حالة وجودها[18].
ومن المعلوم أن الإدارات والمؤسسات العامة لأجل إعداد مشروع مخطط توجيهي للتهيئة العمرانية يجب عليها أن تبلغ الحكومة المكلفة بالتعمير الوثائق المتعلقة بمشاريع التجهيز ذات المنفعة الوطنية أو الجهوية المقترحة لتهيئها، مع احترام أجل تبليغ هذه الوثائق التي حصره المشرع في ثلاثة أشهر من تاريخ الطلب[19].
وبعد إعداد هذا المخطط من طرف السلطة الحكومية المختصة، يتم إحداث لجنة مركزية لمتابعة إعداد المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية برئاسة السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير أو ممثلها، والتي يعهد إليها ببحث وتوجيه الدراسات المنجزة في مختلف مراحل الإعداد[20]. وتحدد المادة الرابعة أعضاء اللجنة المركزية المذكورة، أو يمكن أن تستعين اللجنة بكل إدارة أو شخص ترى الفائدة في الاسترشاد برأيه، وتقوم السلطة بأعمال سكرتارية اللجنة، ويتولى رئيس اللجنة بإعداد أعمالها.
والمشرع المغربي لم يكتفي باللجنة المركزية من أجل إعداده، بل ألزم هذه الأخيرة بعرض مشروع المخطط التوجيهي إلى لجنة تسمى اللجنة المحلية[21].
ويترأس هذه اللجنة الوالي أو عامل الإقليم أو العمالة المعنية. ونفس الأمر بالنسبة للجنة المركزية يمكن لرئيس أن يدعو أي شخص للمشاركة في أعمالها يكون أهل لذلك.
وعلى اللجنة المحلية بعد انتهاء من أعمالها بخمسة عشر يوما على الأكثر بتوجيه بيانا موجزا لأعمالها مدعوما بمحضر عن هذه الأعمال إلى اللجنة المركزية قصد اتخاذ قرار في شأنه[22].
ومما تجدر الإشارة إليه أنه يتم مراجعة المخطط وذلك طبقا لنفس إجراءات الموافقة عليه[23]، ونفس المقتضى نصت عليه المادة 8 من قانون 12.90.
ويتم إحالة المخطط قبل أن توافق عليه الإدارة إلى مجلس الجماعات المحلية وإلى مجلس الجماعات الحضرية، إذ اقتضى الحال ذلك لدراسته[24]، ويمكن للمجلس المذكور أن يقترح ما من شأنه أن يصلح المخطط داخل أجل 3 أشهر وعدم تقديم اي اقتراحات داخل هده المدة المحددة يعتبر أن المجلس ليس له أ ي اعتراض وذلك كله في إطار ما هو استشاري فقط.
وغالبا ما يتم إعداد مشاريع المخططات من طرف أطر فنية متخصصة تستعين بها الإدارة المشرفة على القطاع، وبشكل أخص مكاتب الدراسات ذات التخصصات المتنوعة في المجالات الاقتصاد، القانون، الهندسة، علم الاجتماع وغيرها ويرجع اعتماد الإدارة المكلفة بالتعمير على أطر كهذه إلى ضعف إمكانيات المجالس الجماعية في التخصصات العملية المذكورة، وقلة الأطر المتخصصة في مجال الدراسات ومشاريع التعمير[25]وبعد كل هذه الخطوات تأتي المرحلة الأخيرة من المسطرة وهي المصادقة على المخطط، حيث تقوم السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير بعد الانتهاء من استشارة المجالس الجماعية المعنية بالمخطط التوجيهي، بوضع المشروع النهائي لتتم الموافقة عليه من قبل رئيس الحكومة، بمقتضى مرسوم يتم اقتراحه من قبل الوزارة المكلفة بالتعمير، وذلك بعد استطلاع أراء كل من وزير المالية والداخلية والوزير المكلف بالأشغال العمومية والوزير المكلف بالفلاحة[26].
وبعد نهاية المخطط يتم إحداث لجنة لمتابعة إنجاز المخطط في كل ولاية أو إقليم أو عمالة أو خارج حدود مناطق اختصاصات الوكالات الحضارية ويعهد إليها بتتبع وإنجاز مراحله والقيام بتنشيط أعمال التهيئة المقرة فيه والحث عليها وتنسيقها. ويترأس الوالي أو العامل اللجنة[27].
تجتمع الجنة المكلفة بمتابعة انجاز المخطط، بناء على استدعاء من رئيس كلما دعت الضرورة إلى ذلك وعلى الأقل مرتين في السنة ويطلع الرئيس على المخطط لمتابعة بشكل منتظم[28].
الفقرة الثانية: اثار مخطط توجيه التهيئة العمرانية
بعد المصادقة على مخطط التوجيهي لتهيئة العمرانية ونشره في الجريدة الرسمية فأنه يكتب صفة الإلزامية في مواجهة كافة الأطراف المخاطبين فيه فيترتب عنه أثار في مواجهة الأشخاص المعنوية وآثار بالنسبة لبقية الوثائق التعمرية وفي مواجهة الأفراد
وسنحاول التطرق لها فيما يلي:
أولا: آثار مخطط التوجيه بالنسبة للأشخاص المعنوية
تنص المادة 9 من قانون التعمير على الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وعلى أشخاص القانون الخاص المعنوية التي يكون رأس مالها بأجمعة مملوكا للدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة أن تتقيد بأحكام مخطط توجيه التهيئة العمرانية، من خلال المادة السابقة يتبين لنا أن النص يخاطب الأشخاص المعنوية العامة الترابية والمرفقية وبصفة عامة يلزم كامل أطراف المخطط التوجيهي بتنفيذه[29].
ثانيا: آثار مخطط التوجيه بالنسبة للأفراد
هناك قاعدة مفادها أن وثائق التعمير لا تكون لها أثار ملزمة أزاء الأفراد إلا إذا تعرفوا عليها وأطلعوا على محتوى خلال بحث علني ينظم قصد تبيان منافعه وأضراره ومن خلال المادة 10 من قانون 12.90 التي تنص على “أن كل مشروع تجزئة سكنية أو مشروع بناء، لا يمكن الإذن في انجازه في حالة عدم وجود تصميم التهيئة أو تصميم التطبيق إذا كان لا يتنافى مع الأحكام المقررة في مخطط توجيه التهيئة العمرانية المتعلقة بالمناطق الجديدة والأغراض العامة المخصصة لها في الأراضي الواقعة فيها”. ومن خلال ما سبق يتبين لنا أن المادة 10 ميزت بين حالاته وهو كما يلي:
الحالة الأولى: يتعلق الأمر بتغطية لاحقة للمخطط التوجيهي لمنطقة معينة تتوفر على تصميم التنطيق أو تصميم التهيئة، فعند المصادقة عليه فأنه يصبح ساريا اتجاه جميع الأفراد والإدارات وعليهم أن يحترموا ما جاء فيه[30].
الحالة الثانية: الحالة التي لايوجد فيها لاتصميم التهيئة ولاتصميم التنطيق فهنا لايمكن منح الرخصة السالفة الدكر الا ادا كان المشروع المرغب في انجازه في الرقعة الارضية يتماشا مع الغرض المخصص له في المخطط التوجيهي
ثالثا: أثار مخطط التوجيه التهيئة بالنسبة للوثائق الأخرى
تنص المادة 11 من قانون 12.90 أن تصاميم التنطيق وتصاميم التهيئة وتصاميم التنمية المنصوص عليها في ظهير 25 يونيو 1960 المتعلق بتنمية التجمعات القروية يجب أن تتقيد بأحكام مخططات توجيه التهيئة العمرانية المنصوص عليها في الفقرات 1-4 من المادة الرابعة من نفس القانون.ويتضح من خلال هذه المادة الطابع الإلزامي للمخطط التوجيهي تجاه بقية وثائق التعمير الأخرى التي يجب أن تتقيد بأحكام المخطط والأمر لا يقتصر على وثائق التعمير التي يتم وضعها بعد المصادقة عليه بل كذلك الوثائق الصادرة قبل المصادقة عليهاد في هده الحالة يتعين اعادت هيكلتها وفق أحكام المخطط[31]
ومن مما سبق نستنتج أن المشرع قد اهتم بتنظيم الآثار الناتجة عن المخطط التوجيهي لتهيئة بكيفية دقيقة في المواد 9-10-11 من قانون 12.90 وذلك لأهمية هذا المخطط الواقعية والعملية ولما قد يطال حقوق الأطراف من أضرار.
المبحث الثاني: وثائق التعمير التنظيمية
يقصد بالتعمير التنظيمي تلك الوثائق التعميرية التي يتم استعمالها من أجل التخطيط العمراني، والتي تتميز بالتفصيل والوضوح والدقة اللازمة لكي تظهر من خلالها حقوق والتزامات الأفراد ملاك الأراضي، ومن أجل أن يعلم المواطنون بالتجهيزات والمرافق العامة التي سيتم إنجازها ومكان إنجازها.
وأيضا من حقهم اقتراح تجهيزات أو مرافق لم يذكرها مشروع التصميم أثناء البحث العلني، على عكس التعمير التقديري الذي هو عبارة عن توجهات عامة وتصور مستقبلي لما ستصبح عليه المدينة، وهذا يفسر أن التعمير التقديري يكاد ألا يكون له مفعول بدون تعمير تنظيمي، وهذا الأخير يتم بواسطة تصميم التنطيق (المطلب الأول) وتصميمي التهيئة والتنمية (المطلب الثاني).
المطلب الأول: تصميم التنطيق
يعتبر تصميم التنطيق وثيقة من وثائق التعمير التنظيمي التي جاء بها المشرع المغربي من أجل التخطيط لتوجهات التعمير المرسوم في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، وكذلك لسد الفراغ التنظيمي إلى حين الانتهاء من إعداد تصميم التهيئة[32].
وقد خصص المشرع المواد من 13 إلى 17 من قانون التعمير لسنة 1992 المعدل بالقانون رقم 66.12 والمواد من 12 إلى 17 من المرسوم التطبيقي له لتصميم التنطيق الذي يعد من الوثائق العامة للتعمير ويوضع مباشرة بعد المصادقة على وضع مخطط توجيه التهيئة العمرانية وهو في الواقع يقوم بمهمة ملء الفراغ التعميري لاسيما بالمناطق التي لا تتوفر على تصميم التهيئة الذي يتطلب وقتا طويلا لإعداده وإنجازه.
وللإحاطة بهذا التصميم يتعين التعرف على أهدافه ونطاقه (الفقرة الأولى) قبل الانتقال للحديث عن المسطرة المتبعة لإعداده والآثار القانونية المترتبة عنه (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: أهداف تصميم التنطيق ونطاقه
إن تصميم التنطيق وضع من أجل تحقيق غايات معينة (أولا) وذلك ضمن نطاق محدد معالمه (ثانيا).
أولا: أهداف تصميم التنطيق
يهدف تصميم التنطيق إلى تمكين الدولة والجماعات الترابية من اتخاذ التدابير التحفيظية اللازمة لإعداد تصميم التهيئة، والحفاظ على توجيهات مخطط توجيه التهيئة العمرانية، إذ يعتبر كأساس بالنسبة لتصميم التهيئة، كما يسهل على الإدارة وضع هذا الأخير خلال السنتين اللتين تعقبان المصادقة عليه، وقبل المصادقة يتخذ رئيس المجلس الجماعي بعد مداولة المجلس قرار يقضي بدراسة تصميم التنطيق ومدة سريان هذا القرار ستة أشهر قابلة للزيادة مرة واحدة فقط، وخلال هذه المدة يتم تأجيل دراسة طلبات الحصول على رخصة التعمير[33]، والغرض من تأجير البث في طلبات الرخص هو تمكين الإدارة من مواجهة المضاربين العقارين الذين يعلمون بنوايا الإدارة قبل أن تصبح نافذة المفعول[34]، ولبلوغ هذه الأهداف يشتمل تصميم التنطيق حسب المادة 3 من قانون التعمير رقم 12.90 على ما يلي:
- تحديد تخصيص مختلف المناطق للأغراض التي يجب أن تستعمل لها بصورة أساسية منطقة سكنية، منطقة صناعية، منطقة تجارية، منطقة سياحية، منطقة زراعية، منطقة غابوية على سبيل المثال.
- تحديد المناطق التي يمنع فيه البناء بجميع أنواعها.
- تعيين المواقع المخصصة للتجهيزات الأساسية والاجتماعية كالطرق الرئيسية والمستوصفات والمدارس والمساحات الخضراء.
- تحيد المناطق التي يجوز لرئيس المجلس الجماعي أن يؤجل البث في طلبات البناء والتجزئة وإحداث المجموعات السكنية.
ولئن كان المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية يرمي إلى التنظيم العام للتنمية العمرانية للرقعة الخاصة بها لمدة 26 سنة على الأكثر، فإن سريان مفعول تصميم التنطيق يدوم سنتين على الأكثر من تاريخ نشر النص الموافق بموجبه عليه.
ويشمل تصميم التنطيق على وثيقة تتكون من رسوم بيانية ونظام يحدد القواعد التي يتعين إتباعها لاستعمال المناطق[35]، وهذا يختلف عن مشتملات المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية التي تتميز بالتنوع والتعدد والكثرة.
ثانيا: نطاق تطبيق تصميم التنطيق
يعتبر تصميم التنطيق تصميما وقتيا حيث لا تتجاوز مدته سنتين بعد إصدار المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، فهو يحدد وظيفة كل منطقة داخل الجماعة الواحدة أو داخل رقعة ترابية، وتكمن مهمته في العمل على اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة للإعداد تصميم التهيئة والحفاظ على توجيهات مخطط التهيئة العمرانية.
كما يعتبر تصميم التنطيق وثيقة من وثائق التعمير التنظيمية التي يلجأ إليها المشرع من أجل توجهات التعمير المرسومة في المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، وقد نظم قانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير تصميم التنطيق من المادة 13 إلى المادة 17، مع الإشارة إلى أن تصميم التنطيق هو تصميم مؤقت ومرحلي يتم بواسطته ملئ الفراغ بين التصميم المديري للمخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية وبين تصميم التهيئة.
وإذا كان تصميم التنطيق تصميم توجيهي من أجل توظيف مناطق داخل مجال الوسط الحضري ويقع اللجوء إلى تصميم التنطيق في المراكز الحضرية التي لا تتوفر على تصميم مديري ولا على تصميم التهيئة أو التي لا تتوفر على هذه التصاميم، لكن مدة صلاحيتها انتهت وهذه هي وضعية كثير من المدن والمراكز الحضرية ببلادنا ويمتد نطاق تطبيق تصميم التنطيق ليشمل الجماعات الحضرية والمراكز المحددة والمراكز المستقلة والمناطق المجاورة للمدن.
فالمقصود بالجماعات الحضرية البلديات والمراكز المتمتعة بالشخصية المعنوية والاستقلال المالي، أما المراكز المحددة فهي عبارة عن أجزاء من جماعات قروية تعين حدودها السلطة التنظيمية، على أن المراد بالمناطق المجاورة لتلك المدن، فتمتد المناطق المحيطة بالمدن إلى مسافة خمس كيلومترات تحسب من الدائرة البلدية[36].
الفقرة الثانية: مسطرة وضع تصميم التنطيق والآثار المترتبة عليه
من خلال المواد التي خصصها المشرع المغربي لتنظيم تصميم التنطيق يتبين أن هناك مراحل يتعين إتباعها لإعداد هذا التصميم (أ) مع تحديد الآثار التي يمكن أن تترتب عليه (ب).
أولا: مسطرة إعداد تصميم التنطيق
يمكن القول أن هناك تدخلا بين مسطرة إعداد تصميم التنطيق ومشروع تصميم التهيئة، ذلك أن الأول لا يعدو أن يكون ممهدا وميسرا لإعداد الثاني.
إن تجربة تصاميم التهيئة خلال فترة 1914-1952، أوضحت أن مرحلة إعداد مشروع تصميم التهيئة يستغلها بعض الملاك العقارين لبناء أرضيهم بطريقة تتنافى مع مقتضيات مشروع تصميم التهيئة، والذي عندما تتم المصادقة عليه يصبح أمام وضعية تختلف عن تلك التي أخذت بعين الاعتبار عندما انطلقت الدراسات المتعلقة به، فيصبح بالتالي متجاوزا على الأقل جزئيا، وهذا هو السبب الذي دفع السيد ميشال أوكاشير (مهندس معماري استقدم في عهد المقيم العام إريك لابون سنة 1946 ليتولى تسيير مصلحة التعمير والسكنى)، إلى إدخال تصميم التنطيق على مجال التعمير التنظيمي والتخطيط الحضري كأداة وقائية لتصميم التهيئة[37].
ويمر إعداد تصميم التنطيق بعدة المراحل زمنية، تفتتح بإجراء الدراسات التمهيدية التي يراد بها الوقوف على واقع مختلف العوامل التي تتحكم في تطور الرقعة الترابية المعنية بتطبيقه، كما تكون الغاية منه أيضا فهم العوامل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤثر على المدينة وتفسر نموها[38].
وتتناول دراسة التقرير التمهيدي الجوانب التالية:
- التطور التاريخي لاستعمال الأرض وشرح مسلسل احتلالها.
- التطور الديمغرافي.
- كشف لوضعية المساكن الموجودة.
- توزيع السكان حسب مداخليهم على مستوى التجمعات وعلى مستوى الأحياء.
- وصف الأنشطة المتوفرة وتقدير نسبة البطالة إلى جانب تحديد مناطق التشغيل والتعريف بمراكز الأنشطة والأحياء.
- بيان للتجهيزات الاجتماعية والاقتصادية الحالية وكيفية توزيعها داخل فضاء المدينة مع الإشارة إلى الخصاص الذي تشكو منه التجهيزات الأساسية .
- رسم للطرقات الرئيسية وتحليل لوظيفتها المرتبطة من جهة بالشغل والسكنى والترفيه ومن جهة أخرى بضرورة التنقل.
- دراسة مختصرة للتحولات التي لحقت المناطق القروية المجاورة.
- الإشارة إلى عراقيل التنمية الحضرية أو المشاكل الخاصة التي تعيقها أو تواجهها.
- بطاقة الأراضي: الملك العام، أرضي الجيش، الجموع، الأحباس، والأراضي التابعة للجماعة، مع توضيح أثمنة الأراضي وتطورها.
- التذكير بمنجزات الإدارة في ميدان السكنى والتجهيزات.
- النفقات التي تخصصها المجالس الجماعية للتجهيزات وصيانتها من أجل التعمير[39].
واعتمادا على هذه المعطيات تشرع السلطة الإدارية المختصة في إعداد التصميم وبمساهمة الجماعات[40]، بهدف عرضه على أنظار اللجنة المحلية للتعمير من أجل إبداء رأيها وتقديم ما تراه من إقتراحات[41]، ويوجه رئيسها ملخصا لأعمال اللجنة إلى جانب محضر أشغالها حسب الحالة، إما إلى الإدارة المكلفة بالتعمير أو الوكالة الحضرية داخل أجل 15 يوما من تاريخ إنتهاء إجتماعها لإتخاذ القرار بشأن أشغالها، وهذا ما نصت عليه المادة 14 من المرسوم التطبيقي للقانون 12.90[42].
ويعرض مشروع تصميم التنطيق في صيغته الجديدة، كما هيأته إدارة التعمير أو الوكالة الحضرية على أنظار المجالس الجماعية المعنية وإلى ممثل المجموعة الحضربة إن اقتضى الحال بغية دراسته، وذلك داخل أجل مدته شهران من يوم إحالته عليها، طبقا للمادة 16 من القانون رقم 12.90[43]، وإذا لم تبدي المجالس الانفة الذكر أي رأي في الوقت المحدد، فإن سكوتها يعتبر بمثابة قبول تصميم التنطيق كما هو مقترح عليها[44]، والهدف الأساسي من ذلك هو تمكين الإدارة والجماعات من اتخاذ التدابير التحفيظية اللازمة لإعداد تصميم التهيئة العمرانية، وذلك خلافا لمقتضيات المادة التاسعة من ظهير 1952 التي كانت تقتصر فقط على المناطق المراد تغطيتها بتصاميم التهيئة.
وبعد استنفاذ هذه المسطرة تتولى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير أمر الموافقة على المشروع، بموجب قرار يتم نشره بالجريدة الرسمية، ويشرع العمل بمقتضياته لمدة سنتين من تاريخ نشره[45]، على أن هذه المدة لا يمكن تجديدها ولا يحق تمديدها، ويستحيل وضع تصميم جديد لنفس المنطقة.
وبالتالي يمكن القول أن تصميم التنطيق لم يعد مرغوبا فيه، وذلك لطابعه المؤقت من جهة، ولما أصبحت تعرفه مصادر المصادقة على تصميم التهيئة من تسريع، خاصة مع تعميم الوكالات الحضرية من جهة ثانية وهو ما يدعو إلى حذف هذه التصاميم طالما أن التجربة أظهرت عن عدم الجدوى في إعدادها، غير أن الوزارة المنتدبة لدى رئيس الحكومة المكلفة بالتعمير قد ردت على ذلك في إطار مشروع القانون الجديد لكونه الإجراء التحفظي الوحيد المتضمن في القانون، هذا مع العلم أن المطالبة بحذف تصميم التنطيق كان من بين الاقتراحات الصادرة عن الجماعات في إطار المائدة المستديرة المنظمة في شأن تقييم تطبيق مقتضيات النصوص المعمول بها في ميدان التعمير[46].
وهذا هو الاتجاه الذي صار عليه واضعوا مشروع القانون رقم 42.00 المتعلق بتأهيل العمران، وبالتالي فإن الدعوى إلى الاستغناء عن هذه التصاميم يفتح الباب على مصراعيه للمضاربة العقارية بشكل مباشر أو غير مباشر، ويضرب مبدأ تنظيم المدن في الصميم، مما يجب معه العمل على تبسيط إخراج تصاميم التهيئة ويجعلها ضرورة ملحة[47].
ثانيا: آثار تصميم التنطيق
لتصميم التنطيق بعض الآثار القانونية، فبعد نشر النص المصادق بمقتضاه على تصميم التنطيق في الجريدة الرسمية، يصبح التصميم ساري المفعول على المجال الذي يغطيه، ويصبح ملزما لإدارة والأفراد ويمنع كل حركة من شأنها أن تعرقل توجهات ومضامين المخطط التوجيهي ويقوم خلال مدة سنتين بوظيفة أساسية، حيث يعمل على التحكم في توازن الهيكلة المجالية للنسيج الحضري خاصة عندما لا تتوفر المنطقة على تصاميم تهيئة، وحتى لا تصاب الحركة العمرانية بنوع من الشلل فقد حدد تصميم التنطيق المناطق التي يجوز لرئيس المجلس الجماعي أن يؤجل إعطاء الإذن أو الترخيص بعمليات البناء فيها، أو إحداث تجزئات أو مجموعات سكنية داخل الحدود التي تشملها[48].
كما أن تصميم التنطيق يرتب آثاره تجاه الادارات العمومية التي يجب أن تحترم التخصيص، الذي قام به التصميم فيما يخص المنشآت وتطلب رخصة البناء أو رخصة التجزئة مثلها مثل الأفراد العاديين[49]، وبالتالي فإن تصميم التنطيق يمكن اعتباره بمثابة وثيقة تنظيمية يتم اعتمادها للربط بين التنظيم التعميري التوجيهي والتنظيمي، ذلك أن تصميم التنطيق يعد بمثابة أداة تحفيظية من أجل المحافظة على تطبيق ما سيأتي في تصميم التهيئة، وللتقيد بما تضمنه المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية.
المطلب الثاني: تصميم التهيئة وتصميم التنمية
يعد تصميم التهيئة أول وثيقة نص عليها التشريع المغربي في مجال التخطيط الحضري في أول نص تنظيمي لأعمال التعمير صدر سنة 1914[50]، وبالنظر إلى أهمية هذه الوثيقة التعميرية فقد أولاها المشرع أهمية وأدخل عليها كثيرا من الإصلاحات لمواكبة التطور الذي يعرفه التعمير، ولأجل الإحاطة بمضمون هذه الوثيقة لابد من الحديث عن نطاق تطبيق تصميم التهيئة و الغرض منه (الفقرة الأولى) وكذا مسطرة أو اجراءات إعداد تصميم التهيئة والآثار المترتبة عنه كذلك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: نطاق تطبيق تصميم التهيئة والغرض منه
من خلال مقتضيات القانون 12.90 المتعلق بالتعمير والمادة 18 منه نجد المشرع قد حدد نطاق تطبيق تصميم التهيئة (أولا) كما حدد الأغراض من إقرار العمل به (ثانيا).
أولا: نطاق تطبيق تصميم التهيئة
من خلال منطوق المادة 18 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير يتبين لنا أن محتوى تصميم التهيئة يشمل الجماعات الحضرية والمراكز المحددة، بالإضافة إلى المناطق المحيطة بهذه الجماعات، كما أنه يشمل جميع أو بعض أراضي الجماعة أو الجماعات القروية.
وعليه فتصميم التهيئة يوضع لتنظيم عمران وتعمير مدينة قائمة، كما هو الأمر بالنسبة للتصاميم التي وصفت المدن أو المراكز الحضرية الموجودة في المناطق الشمالية التي كانت خاضعة للحماية الاسبانية وكذلك الأمر بالنسبة لإقليم سيدي إفني والصحراء، وذلك رغبة في إخضاعها لنفس التشريع المنظم للتعمير، و إما لتوجيه ومراقبة وضبط نمو واتساع عمران مدينة، ويمكن كدلك إعداد تصميم تهيئة بمناسبة تشييد مدينة جديدة[51].
أما عن محتوى وثيقة تصميم التهيئة فهو يتألف حسب المادة 20 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير من نوعين من الوثائق[52]، الوثيقة الأولى عبارة عن رسوم بيانية أو خرائط تبين الشكل الذي من خلاله يتم رصد وتحديد آفاق تهيئة المنطقة كما يتوقعها التصميم، أما الوثيقة الثانية فتأخد شكل نظام يتكون من مجموعة قواعد قانونية غرضها شرح مضمون الوثيقة الأولى (أي الرسوم البيانية) وتحديد ضوابط استعمال الأراضي والإرتفاقات والإلتزامات المفروضة لتحقيق تهيئة منتظمة ومتناسقة، إضافة إلى قواعد البناء المتعلقة بالمنطقة المعنية.
وتجدر الإشارة إلى أن هاتين الوثيقتين لا تصبحا نافذة المفعول إلا بعد المصادقة عليها من طرف الدولة كما أن كلا الوثقتين تكمل الأخرى لتشكل ما يعرف بتصميم التهيئة..
ثانيا: الغرض من تطبيق تصميم التهيئة
من خلال مقتضيات المواد 17-18-19 من قانون التعمير التي تبين لنا مختلف الأغراض التي ستخصص لها المناطق الموجودة في الرقعة الترابية المعنية بتطبيق التصميم وحصر تخصصاتها عن طريق تحديد غرضها الأساسي وتحديد الأنشطة المجالية التي سيسمح بمزاولتها داخلها.
ومن خلال الأحكام المنظمة لتصميم التهيئة فإنه يتم تحديد مختلف المناطق سواء الصناعية أو التجارية أو السياحية أو المناطق الزراعية وكذا المناطق الغابوية بحسب الغرض الذي ستستعمل له وكذا طبيعة الأنشطة التي يمكن أن تزاول فيها.
وإذا كان تصميم التهيئة يحدد المناطق وكذا الأنشطة التي يجب أن تمارس فيها بحسب غرضها، فإن هذا التصميم يتضمن كذلك:
- بيان لمختلف المناطق التي يمنع فيها البناء بجميع أنواعه
- حدود الطرق والمسالك والمساحات ومرافق السيارات الواجب الحفاظ عليها
- حدود ميادين الألعاب والساحات المخصصة للتظاهرات الثقافية والحفاظ عليها.
- حدود المساحات المخصصة لأنشطة الرياضية الواجب إحداثها وكذا حدود المساحات المخصصة لنفس الغرض والواجب الحفاظ عليه.
كما أنه من خلال تفحص المادة 19 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير نجد أن تصميم التهيئة يهذف إلى تحديد المواقع الأثرية والطبيعية الواجب حمايتها وكذا الارتفاقات المحدثة لمصلحة النظافة والأغراض الجمالية أو الأمنية أو للحفاظ على الصحة العامة.
وفي الأخير لابد من الإشارة إلى أن هذه الظوابط وبالخصوص المنصوص عليها في المادة 19 من قانون 12.90 المتعلق بالتعمير، تعد ملزمة لجميع الأطراف المعنية بالتصميم أي على هؤلاء الأطراف احترام البنود المنصوص عليها قانونا، خصوصا وأنه لا تتم المصادقة عليه إلا بعد عرضه كمشروع إلى مجلس الجماعة أو مجالس الجماعات المعنية لدراسته وإلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الأمر بذلك.
الفقرة الثانية: إجراءات إعداد تصميم التهيئة والآثار المترتبة عنه
تختص السلطات العمومية بتحديد الاجراءات التنظيمية المتعلقة بتصميم التهيئة الذي يحدد بدوره كيفية استعمال الأراضي، وبالتالي فلإعداده لابد من إتباع مجموعة من الإجراءات (أولا) لإخراجه إلى حيز الوجود الذي بدوره تنتج عنه مجموعة من الآثار في مواجهة الأفراد وكذا الأشخاص العموميون على حد سواء.
أولا: إجرءات إعداد تصميم التهيئة
لقد خصص المشرع المغربي 14 مادة لتصميم التهيئة في قانون التعمير رقم 12.90، ومن خلال تفحصنا لهذه المواد وبالأخص المواد المتعلقة بمسطرة إعداد تصميم التهيئة نجد أن هذه المسطرة تختلف كثيرا عن تلك التي كان ينظمها ظهير 1952 المتعلق بالتعمير حيث دائما يلاحظ هيمنة الإدارة المكلفة بالتعمير على إعداد التصميم وا كتفاء الإدارة الجماعية بالمصادقة عليه.
وهذا ما نلمسه في المادة 23 من قانون 12.90 أعلن أن الجماعات تساهم في إعداد تصميم التهيئة الذي يتم وضعه من طرف الإدارة وعليه يتبين لنا أن دور الجماعاتينحصر في مهمة ضيقة مقارنة مع الإدارة المختصة التي لها الدور الأساسي في إنجاز مشروع تصميم التهيئة.
ويمر مشروع تصميم التهيئة بمجموعة من المراحل بداية بإصدار رئيس المجلس الجماعة بطلب من الادارة أو بمبادرة منه قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة بعد أن يتداول المجلس في ذلك من اجل إنجاز دراسة ميدانية لإكتشاف وضعية المنطقة من الناحية الاقتصادية والاجتماعية وكذا التجهيزات والمرافق العمومية.
ويشمل مفعول هذا القرار الصادر عن رئيس المجلس الجماعة لمدة سنة أشهر فقط من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية مع إمكانية تجديده مرة واحدة مساوية لهذه الأولى، كما تنص المادة الموالية على أنه :
“… يؤجل رئيس مجلس الجماعة البت في جميع الطلبات الرامية إلى إحداث تجزئة أو مجموع ة سكنية أو إقامة بناء في الرقعة الأرضية المعنية”.
وعليه يتبين لنا أنه يمنع على رئيس مجلس الجماعة المرافقة على جميع الطلبات المتعلقة على إحداث تجزئة أو مجموعة سكنية أو إقامة بناء في الرقعة الأرضية المعنية، بعد نشر قرار القيام بدراسة تصميم التهيئة، لكن هناك استثناء لهذه القاعدة عند استئدان الإدارة وموافقة هذه الأخيرة في هذه الحالة يمكن له قبول الطلبات المثار إليها سالفا، بشرط أن تكون ملائمة مع الأحكام الواردة في مخطط توجيه التهيئة.
لتأتي بعد ذلك المرحلة الثانية التي يتم فيها وضع التصميم مبادرة من الإدارة المكلفة بالتعمير وبمساهمة الجماعات وإن اقتضى الحال أخذ بعين الاعتبار الاختصاصات المحولة في هذا الميدان للوكالة الحضرية، وذلك طبقا للقوانين الجاري بها العمل، يليه بعد ذلك إحالة مشروع التصميم من طرف الإدارة المختصة على اللجنة المحلية حسب مقتضيات المادة 20 من المرسوم التطبيقي للقانون 12.90، من أجل دراسته من الناحيتين القانونية والتقنية التي تتم عبر اللجنة المحلية للتعمير التي يتم تأليفها وتيسيرها وفقا للمادة 5 من المرسوم التطبيقي.
وبعد هذه المرحلة، تقوم الإدارة المكلفة بالتعمير أو إدارة الوكالة الحضرية بصياغة المشروع ما قبل النهائي لعرضه على أنظار المجلس الجماع ي المعنية لدراسته أو إلى مجلس المجموعة الحضرية إن اقتضى الأمر ذلك، ولعل الهدف من استشارة هذه المجالس هو إضفاء طابعا ديموقراطيا على وثيقة أدتها المصالح المركزية للدولة، وهذا ما أكدت عليه المادة 24 من قانون 12.90إضافة إلى ذلك نصت المادة 25 من القانون الجديد للتعمير على استشارة جديدة تخص عموم المواطنين من خلال إجراء البحث العلمي عن منافع ومضار مشروع التهيئة الذي ينظم لفائدة السكان وخاصة منهم الذين يمتلكون عقارات داخل المنطقة التي يغطي ترابها التصميم.
وحتى يكون جميع السكان على إطلاع بالبحث العلني صونا لحقوقهم فعلن الرئيس مجلس الجماع ة قبل التاريخ البحث العلني أو يقوم بنشر إعلان يبين تاريخ وانتهاء هذا البحث ويشير إلى إيداع مشروع تصميم التهيئة بمقر الجماعة، هذا الإعلان يجب أن ينشر في جريدتين يوميتين مسموح لهما بتلقي الإعلانات القانونية وذلك مرتين تفصل بينهما ثقافية أيام كذلك محل ملصقات بمقر الجماعة وبعد انتهاء أجل الشهرين المخصصلاستشارة وكذلك البحث العلني، تبعث المجالس الجماعية ملاحظاتها إلى السلطة الحكومية المكلفة بالتعمير مرفقة بملف البحث العلني، فيتم الاتصال بالوكالة الحضرية إن اقتضى الحال لاتخاذ القرار المناسب وأخيرا تتم الموافقة على المشروع النهائي لتصميم التهيئة بمقتضى مرسوم يتخذ بناء على اقتراح السلطة الحكومية المكلفة.
ثانيا : آثار تطبيق تصميم التهيئة.
بعد المصادقة على تصميم التهيئة ونشره في الجريدة الرسمية يكتسب قوته الالزامية في مواجهة كل المخاطبين به ويجبرهم على التقييد بأحكامه، إلا أن المشروع اتخذ مع ذلك بعض التدابير الاحتياطية تجعل مقتضيات مشروع تصميم التهيئة ملزمة قبل صدور المصادقة عليه(1)، كما أن تصميم التهيئة له أثاره بعد الموافقة عليه (2).
- آثار التصميم التهيئة قبل الموافقة عليه
نظرا لكون هذه الوثائق قد تتضمن أحكاما تكون في تعار ض مع توقعات مشروع التصميم الجديد، حتى لا يتم الإخلال بتوقعاته وأهدافه المستقبلية من أجل تنمية التجمع العمراني، فإن ظهير 17 يونيو 1992 يتوقع إمكانية التطبيق القبلي لأحكامه حيث توقعت المادة 27 من الظهير المذكور عدة إجراءات احتياطية ملزمة من ينبغي التقيد بها في تنظيم وتنمية المدينة في انتظار دخول تصميم التهيئة الجديدة حيز التنفيذ.
وعليه بمجرد اختتام مرحلة البحث العلني، أي بمجرد انقضا ء المدة التي يستغرقها غر ض مش روع تصميم التهيئة على عموم المواطنين لإبداء ملاحظاتهم حوله – وإلى غاية صدور النص الذي يقتض ي بالمصادقة على هذا المشروع فإنه يمنع طبقا لمقتضيات المادة المذكورة أعلاه منح الإذن بإنجاز كل الأعمال المتعلقة بالبناء والغرس وإقامة التجزئات أو المجموعات السكنية إذا ما تضمنت هذه الأعمال ما يخالف أحكام مشروع تصميم التهيئة الجديدة مما يفيد أنه ابتداءا من تلك اللحظة تعتبر مقتضيات هذا التصميم ملزمة ينبغي التقيد بها في إنجاز كل الأشغال.
2. آثار تصميم التهيئة بعد الموافقة عليه
بمجرد المصادقة على تصميم التهيئة بمرسوم من طرف رئيس الحكومة، تنشأ مجموعة من الحقوق والواجبات تجاه الخواص وتكمن بشكل عام في مراقبتهم بواسطة الترخيص الاداري، وكذلك في الارتفاقت المفروضة على الأرضي التي يشملها التخطيط، ويلزم الخواص باحترام أحكام تصميم التهيئة ومقتضياته، من أجل الحصول عن رخصة التجزئة ورخصة البناء بحيث تقوم الادارة برفض المشاريع المخالفة لذلك.
كما أنه بعد صدور النص القاضي بالمصادقة على تصميم التهيئة بمثابة إعلان على أن المنفعة العامة تقتضي القيام بكل ما يلزم من أجل إنجاز التجهيزات الضرورية لتطبيقه حدود الطرق- حدود المساحات الخضراء- حدود المساحات المخصصة لنشاطات الرياضية الواجب الحفاظ عليها …. إلى غير ذلك
وتنتهي الآثار المترتبة على إعلان المنفعة العامة عند انقضاء أجل 10 سنوات يبتدئ من تاريخ نشر النص القاضي بالموافقة على تصميم التهيئة، ولا يجوز القيام بإعلان المنفعة العامة للفرض نفسه إنما يتعلق بالمناطق المخصصة للتجهيزات الآنفة الذكر قبل انصرام أجل 10 سنوات.
وللاشارة فقط، فّا كان تصميم التهيئة يشكل العمود الفقري للتخطيط الحضري بالمغرب، فإن وثيقة تصميم التنمية لها دور مهم في تهيئة المناطق القروية وكذا ضبط مجال التجمعات العمرانية التي لا يشملها قانون التعمير تفاديا للتوسع العمراني القروي، حتى وإن كان ظهير 1960 لم يحدد مجال تطبيقه، لكن امام تعدد المراكز القروية وضعف الامكانيات المالية نفد عمدت الوزارة المكلفة بالتعمير إلى اصدار منشور بتاريخ 29 مارس 1973 يحدد بموجبه المعاير التي تساعد على اختيار المراكز القروية التي من المفروض أن تخص بالاسبقية على غيرها.
كما أن هذا التصميم يمر الآخر من مسطرة لاعداده بداية بالدراسة بسعي من المصالح المختصة ليتم بعد ذلك إعداده من طرف المصالح الاقليمية التابعة للوزارة المكلفة بالتعمير.
ثم تأتي مرحلة البحث العمومي قصد اطع السكان على التصميم ومعرفة منافعه ومضاره، كما أنه يتم استشارة المجلس القروي في حالة ما إدا تم تقديم ملاحظات أثناء البحث، ليتم في الأخير على عموم السكان.
كما أنه بعد المصادقة عليه تنتج عليه مجموعة من الاثار كما هو الشأن بالنسبة لتصميم التهيئة، بحيث تعتبر المقتضيات التي ينص عليها هذا النوع من التصميم تنتج آثارها تجاه كل من الادارات العمومية والجماعات والمؤسسات كذلك بالاضافة إلى الأفراد.
خاتمة:
إن ما دفع المشرع المغربي إلى إحداث الأجهزة الإدارية والمؤسسات ووضع إطار قانوني لتأطير قطاع التعمير وتنظيمه، لمن يبرره إذ أن المشاكل العمرانية وارتفاع البناء العشوائي وغير المنظم يؤثر بشكل سلبي على التنمية والتهيئة المجالية بالمغرب وتحقيق الأمن العمراني.
لكن هذا الهدف كان أمر تحقيقه صعب المنال لأن وثائق التعمير لا تغطي كل أنحاء المغرب إضافة إلى التجاوزات التي تطال وثائق التعمير وعدم المراقبة الدائمة والمستمرة. إلى جانب تعدد المتدخلين في عملية التعمير خاصة على مستوى منح الرخص، وهو ما يؤدي إلى نوع من التنازع في الاختصاص.
وعليه، فإن معالجة قضايا التعمير تستدعي اتباع منهج شمولي ومتقدم مبني على التنسيق الأفقي معقلن بين مختلف الأجهزة.
إضافة إلى ذلك يجب إعادة النظر في الإطار القانوني المتعلق بوثائق ورخص التعمير بهدف سد الفزع التشريعي المؤطر لها ومنها:
- – ضرورة إعادة النظر في وثائق التعمير ورخص التعمير عن طريق تبسيط المساطر والتعجيل وكذا لا تركيز عمليات المصادقة.
- -تحديد الأشغال الملزمة بالترخيص.
- -إحداث رخصة الهدم إلى جانب رخصة البناء والسكني والمطابقة.
- -تسوية الوضعية القانونية للبنايات غير المرخصة أو غير المطابقة للتصميم المرخص، شريطة ألا تكون مخالفة لوثائق التعمير أو ملكية فوق ملك عام أو مهددة للسلامة.
- -الاسراع بتغطية كافة التجمعات العمرانية بوثائق التعمير وتحيينها.
- -ضرورة تحديد الاحتياجات الفعلية من الأراضي التي يجب الاحتفاظ بها لحداث مرافق وتجهيزات عمومية.
لائحة المراجع :
الكتب:
- الحاج شكرة، الوجيز في قانون التعمير المغربي، دار القلم للطباعة والنشر، الطبعة الخامسة، سنة 2010
- محمد البوشواري: الميسر في إعداد التراب الوطني والتعمير، مطبعة طوب بريس الرباط الطبعة الأولى 2006
- الهادي مقداد، السياسة العقارية في ميدان التعمير والسكنى، مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء، الطبعة الأولى، سنة 2000
- عبد الرحمان البكربوي: التعمير بين المركزية واللامركزية، الشركة المغربية للطباعة والنشر، الرباط، سنة 1993
- الشريف البقالي، شرطة التعمير بين القانون والمعارضة، دار اقلم والنشر الرباط الطبعة الأولى، سنة 2012
- المصطفى معمر وأحمد أجمون، إعداد التراب الوطني والتعمير ” مطبعة سجلماسة مكناس، الطبعة 2007 2008
الأطروحات:
- يونس أوحالو، دور الجماعات الترابية في التخطيط الحضري أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة مولاي اسماعيل مكناس، السنة الجامعية، 2013-2014
- حيهود المختار، دور سياسة التعمير في تنمية وتنظيم المجال الحضري مساهمة في دراسة المجال الحضري المغربي –نموذجا عمالة ابن امسيك سيدي عثمان، أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، السنة الجامعية 2000-2001
الرسائل:
- ابتسام الدرقاوي: “رقابة القضاء الإداري على مشروعية قرارات التعمير رخصة البناء وقف الأشغال والهدف نموذجا”، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة السنة الجامعية 2012-2013.
- فرح الزروقي، دور وثائق التعمير في تهيئة المجال الحضري والتنمية بين القانون والواقع، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، السنة الجامعية 2012-2013
- وائل أوشن، سياسة التعمير بالمغرب ورهان التنمية المحلية، الوكالات الحضرية نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة الحسن الأول سطات، السنة الجامعية 2009- 2010
- عبد الالاه الفقير، آليات تدبير الرصيد العقاري في المغرب على ضوء مشروع مدونة التعمير، رسالة لنيل دبلو م الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة، السنة الجامعية 2009.2010
- – فوزي عبد اللطيف، “دور وثائق التعمير في تحقيق التنمية المحلية ” رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون اعام، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة عبد المالك السعدي طنجة، السنة الجامعية 2011-2012
- أسماء حسيني، تدابير المجال في غياب تصميم التهيئة –اجماعة الحضرية للسعدسة نموذجا، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، السنة الجامعية 2013-2014
المقالات:
- رشيد البوني، المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية، منشور في الموقع الالكتروني WWW.ovrblog.ma
- عبد الكريم الطالب، محاضرات في قانون التعمير، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، سنة 2006،
- – أحمد اجعون “تنفيد وثائق التعمير والاعتماد المادي –تصميم التهيئة نموذجا”، منشورات مجلة العلوم القانونية، العدد الثاني، مطبعة الامينة، الرباط
الهوامش :
- – الحاج شكرة، الوجيز في قانون التعمير المغربي،دار القلم للطباعة و النشر،الطبعة الخامسة، سنة 2010،ص 16. ↑
- – الظهيرالشريف (دون ذكررقم الظهير)،الصادربتاريخ 20 جمادى الأولى 1332،الموافقلـ 16 أبريل 1914، في شأن تصفيف الأبنيةوتوسيع المدن وفي الواجبات والضرائب المفروضة على الأبنية و ما يلحقها،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 51،الصادرةبتاريخ 27 جمادىالأولى 1332 الموافقلـ 24 أبريل 1914،ص 173. ↑
- – الظهيرالشريف (دون ذكررقم الظهير)،الصادر بتاريخ 7 ذوالقعدة 1371،الموافق 30 يوليوز 1952، المتعلق بالشؤون المعمارية،الصادربالجريدة الرسميةعدد 2489،الصادرةبتاريخ 5 محرم 1372 الموافقل 26 شتنبر 1952،ص 6146. ↑
- – ابتسام الدرقاوي: “رقابة القضاء الإداري على مشروعية قرارات التعمير رخصةالبناء وقف الأشغال و الهدم نموذجا”،رسالةلنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص،كليةالعلوم القانونية الاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول،وجدة السنة الجامعية 2012-2013،ص 1. ↑
- – القانون رقم 9025 المتعلق بالتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات،الصادربتنفيذه الظهيرالشريف رقم 1.92.7،الصادربتاريخ 15 ذيالحجة 1412 الموافقل 17 يوليوز 1992،الصادربالجريدةالرسميةعدد 4159،الصادرةبتاريخ 14 محرم 1413 الموافقل 15 يوليوز 1992،ص 880. ↑
- – القانون رقم 9012 المتعلق بالتعمير،الصادر بتنفيذه الظهيرالشريف رقم 1.92.31،الصادربتاريخ 15 ذيالحجة 1412 الموافق ل 17 يوليوز 1992،الصادربالجريدة الرسميةعدد 4159،الصادرةبتاريخ 14 محرم 1413 الموافقل 15 يوليوز 1992،الصفحة 888. ↑
- – المرسوم رقم 2.13.424،الصادرفي 13 منرجب 1435 الموافقل 24 ماي 2013،الصادرب الموافقةعلى ضابطالبناء العام المحدد لشكل وشروط تسليم الرخص والوثائق المقررة بموجب النصوص التشريعية والمتعلقة بالتعمير والتجزئات العقارية و المجموعات السكنية و تقسيم العقارات والنصوص الصادرة لتطبيقها،الصادربالجريدةالرسميةعدد 6155،الصادرةبتاريخ رجب 1434 الموافقل 27 ماي 2013،ص 4306. ↑
- – القانون رقم 12- 66 المتعلق بمراقبة و زجر المخالفات في مجال التعميروالبناء،الصادربتنفيذه الظهيرالشريف رقم 1.16.124 الصادربتاريخ 21 منذيالقعدة 1437 الموافق ل 25 أغسطس 2016،الصادر بالجريدةالرسمية عدد 6501 الصادربتاريخ 17 ذوالحجة 1437 الموافق ل 19 سبتمبر 2016،ص 6630. ↑
- – ظهيرشريف رقم1.92.31 صادرفي15من دي الحجة 1412(17يونيو 1992) بتنفيدالقانون رقم 12.90 المتعلقبالتعمير . ↑
- – انظر المادة 2 من ق رقم 12.90 ↑
- – انظر المادة 1 من ق رقم 12.90. ↑
- – رشيد البوني،المخطط التوجيهي للتهيئة العمرانية،منشورفي الموقعالالكترونيWWW.ovrblog.ma ↑
- فرح الزروقي ،دور وثائق التعميرفي التهيئات المجال الحضرية والتنمية،رسالةلنيل دبلوم الماستر مختبرقانون العقودو العقار كلية العلوم القانونية بجامعة محمد الأول وجدة 2012/2013،ص 11. ↑
- – انظرالمادة 2 من المرسوم رقم 2.92.832 ↑
- – رشيدالبني،م.س.ص 50 ↑
- – عبدالرحمان البكريوي،التعمير بين المركزية و اللامركزية،مطبعةالنجاح الدارالبيضاء،ط 1، 1993،ص 46. ↑
- – المرسوم رقم 2.92.832،الصادرفي 27 الأخر 1414 الموافق 14 أكتوبر 1993 بتطبيق القانون 12.90 المتعلق بالتعمير،الصادر بالجريدة الرسمية عدد 4225،الصادرفي 4 جمادىالأولى 1414 الموافق لـ20أكتوبر 1993،ص 2040. ↑
- – الفقرةالأولى من المادة 3 من المرسوم السابق الذكر. ↑
- – الفقرة الثالثة من المادة 35 من المرسوم. ↑
- – الفقرةالأولى من المادة 45 من المرسوم. ↑
- – الفقرة الأولى وتحددنفس المادةالأشخاص الذين يمثلون هذه اللجنة. ↑
- – المادة السادسة من المرسوم. ↑
- – الفقرة الأخيرة من المادة 35 من المرسوم. ↑
- – الفقرة الأولى من المادة 7 من قانون 12.90. ↑
- – محمدالبوشواري: الميسرفي إعدادالتراب الوطني والتعمير،مطبعة طوببريس الرباط الطبعة الأولى 2006،ص 56. ↑
- – المادة 8 من المرسوم التطبيقي. ↑
- – المواد 9 و 10 منالمرسوم التطبيقي. ↑
- – المادة 11 من المرسوم التطبيقي. ↑
- – رشيد البوني مقال منشور في الموقع الالكترونيwww.overblog.com ↑
- – أحمدأجعون تنفيذ وثائق التعميرو الإعتداء المادي ص 10. ↑
- – أحمدأجعون،تنفيذ وثائق التعميرو الاعتداء المادي،م.س،ص 9. ↑
- – الهادي مقداد،السياسة العقارية في ميدان التعمير و السكنى،مطبعةالنجاح الجديدة الدارالبيضاء،الطبعةالأولى،سنة 2000،ص 134. ↑
- – عبدالكريم الطالب،محاضرات في قانون التعمير،مطبعةالنجاح الجديدة،الدارالبيضاء،سنة 2006،ص 20. ↑
- – عبدالرحمان البكربوي: التعمير بين المركزية و اللامركزية،الشركة المغربية للطباعة و النشر،الرباط،سنة 1993،ص 79. ↑
- – المادة 14 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير. ↑
- – المادة 1 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير. ↑
- – عبدالرحمان البكريوي،م.س،ص 76. ↑
- فرح الزروقي ، دور وثائق التعمير في تهيئة المجال الحضري والتنمية بين القانون والواقع،رسالةلنيل دبلومالماسترفي قانون العقود و العقار،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،جامعة محمد الأول،السنة الجامعية 2012-2013،ص 22. ↑
- – عبدالرحمان البكريوي،م.س،ص 76-77. ↑
- – تنص المادة 15 من القانون رقم 12.90 على أنه يتم وضع مشروع تصميم التنطيق بمبادرة من الإدارة و بمساهمة الجماعات المحلية،وتتم الموافقة عليه وفقالإجراءات و الشروط التي تحددبنص تنظيمي. ↑
- – المادة 16 من القانون رقم 12.90 المتعلق بالتعمير. ↑
- تنص المادة 14 من المرسوم التطبيقي للقانون رقم 12.90 على أنه “تجب أن توجه اللجنة المحلية بعد انتهاء أعمالها بخمسة عشر يوماعلى الأكثر بيانا موجزا لأعمالها مدعوما بمحضر عن هذه الأعمال إلى الوزارة المكلفة بالتعمير أو إلى مدير الوكالة الحضرية بحسب الحالة قصد اتخاذ قرارفي شأنه” ↑
- – تنص الفقرةالثانيةمن المادة 16 من القانون 12.90 على أنه “و للمجالس المشار إليها أعلاه أن تبدي داخل أجل شهرين يبتدئ من تاريخ إحالة التصميم إليها،ماتراه في شأنه من اقتراحات تتولى للإدارة دراستها بمشاركة الجماعات ا لمحلية التي يعنيها الأمر”. ↑
- – المادة 15 و 16 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير. ↑
- – المادة 17 من القانون 12.90 المتعلق بالتعمير. ↑
- – يونس أوحالو ،دور الجماعات الترابية في التخطيط الحضري أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية،جامعة مولاي اسماعيل مكناس،السنة الجامعية، 2013-2014،ص 104. ↑
- – وائل أوشن ،سياسة التعمير بالمغرب ورهان التنمية المحلية،الوكالات الحضرية نموذجا،رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون العام،كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية جامعة الحسن الأول سطات،السنة الجامعية 2009- 2010،ص 40. ↑
- – حيهود المختار،دور سياسة التعمير في تنمية و تنظيم المجال الحضري مساهمة في دراسة المجال الحضري المغربي –نموذجا عمالة ابن امسيك سيدي عثمان ،أطروحة لنيل الدكتوراه في الحقوق، كلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية ،جامعة الحسن الثاني،الدارالبيضاء،السنة الجامعية 2000-2001،ص 78. ↑
- – الحاج شكرة،الوجيز في قانون التعمير المغربي،دار القلم للطباعة و النشر،الطبعة الخامسة،سنة 2010،ص 86. ↑
- عبدالالاه الفقير ،آليات تدبيرالرصيد العقاري في المغرب على ضوء مشروع مدونة التعمير،رسالةلنيل دبلوم الماستر في قانون العقود و العقار،كليةالعلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعيةوجدة،السنةالجامعية 2009.2010،ص 36. ↑
- – عبدالوهاب لبكريوي،التعمير بين المركزية و اللامركزية،الشركةالمغربية للطباعة و النشر،الرباط سنة 1993،ص 100. ↑
- – كريوي،التعمير بين المركزية و اللامركزية الشركة المغربية للطباعة و النشر الرباط ، سنة 1993،ص 138 ↑