هيئة المحامين بوجدة تفوز بمقعد رسمي ضمن كتاب ندوة التمرين الوطنية 2022 المنظمة من جمعية هيآت المحامين
شهدت مدينة الناظور الافتتاح الرسمي لندوة التمرين الوطنية المنظمة من طرف جمعية هيئات المحامين بالمغرب وذلك يوم السبت 11 يونيو الجاري على التاسعة والنصف صباحا بمقر دار المحامي.وافتتح حفل الانطلاق، بإلقاء نقيب هيئة المحامين بالناظور الاستاذ عبد القادر البنيحياتي لكلمة ترحيبية بضيوف الهيئة من مختلف المشارب في قطاع العدل والقضاء و السلطات العمومية و الاعلام والمجتمع المدني و المنتخبين..، و نبذة عن تاريخها، مسلطا الضوء على مجموعة من المحطات التاريخية التي واكبتها منذ فترة التأسيس، مذكرا بالادوار الطلائعية للمحامين في المغرب.
وأعطيت الكلمة بعدها مباشرة للسيد محمد عبد النبوي الرئيس المنتدب للمجلس الاعلى للسلطة القضائية الذي عبر عن سعادته بالحضور والاعتزاز بالانتماء للسلك القضائي الموحد، الذي يضم القضاة والمحامين. و بالفخر بحفاظ الأجيال المتعاقبة من المحامين على هذا التقليد الرائع، الذي يوقظ في شباب المهنة الصاعد روح المرافعة، التي هي أسمى مراتب الأداء المهني للمحامي.
وحضر الندوة بالنيابة عن وزير العدل، المستشارة فاطمة بركان مبلغة اعتذار السيد الوزير عن الحضور لأسباب قاهرة ، وأوضحت بأن الوزارة منكبة على اخراج قانون جديد و متطور لمهنة المحاماة ، وأن الوزارة على استعداد في اطار التعاون و التنسيق مع جمعية هيئات المحامين بالمغرب للارتقاء بهذه المهنة، كما حضر أيضا السيد رئيس النيابة العامة الذي ألقى كلمة بمناسبة ندوة التمرين الوطنية.
و في مداخلته ، عبر السيد مدير ندوة التمرين الوطنية الاستاذ يوسف وهابي عن سعادته بالجو الايجابي الشريف الذي طبع التباري حول منصب الكاتب الوطني لندوة التمرين مذكرا بضرورة التشبع بأخلاقيات و اعراف و تقاليد المهنة كونها تعد حصنا منيعا أمام كل انحراف عن الاهداف التي تطوقها.
ومن بين المرافعات التي توصل يها موقع مغرب القانون في موضوع الندوة الوطنية للتمرين لسنة 2022 التي كانت حول “المحاماة والتحول الرقمي: الواقع والآفاق” هي مرافعة الأستاذ ابن مسعود ياسين المحامي المتمرن بهيئة المحامين بوجدة تحت عنوان “دفاع عن الدفاع” ينشرها الموقع حصريا.
===
نـــص الــــــمرافعـــة
دفــــاع عــن الـــدفاع
بــــــــسم الله الرحمان الرحيم، وصلى الله على نبيه الكريم..
- السيد الرئيس، السادة أعضاء اللجنة الموقرة..
يـــكتب أحدهم ويتساءل في غرور منقطع النظير: أي مستقبل لمهنة المحاماة؟ هل ستنهي التكنولوجيا المحاماة؟ هل سيدمر التحول الرقمي المهن القانونية وفي مقدمتها المحاماة؟ هل سيعوض الرجل الآلي المحامي ويعدمه؟
ويعنون آخر قائلا: “التكنولوجيا تتوعد المحامين بمصير سائقي سيارات الأجرة”، وأخر يدبج بكل ثقة مقاله بعنوان ” خصومة المحامين مع التكنولوجيا..”
بسبب هذه العناوين المزيفة خلد في ذهن الكثيرين ممن قصر نظرهم وقل علمهم وفهمهم أن المحاماة تتبنى منطق العداء مع كل حديث وجديد، وهو لعمري الكذب الصراح والتضليل المجرم وغير المباح.
- السيد الرئيس، السادة أعضاء اللجنة الموقرة..
أنتصب هنا أمامكم أهل الحل والعقد في مهنتنا مطالبا بالحق المدني، دفــــاعا عـــن الـــدفاع كما عبر عن ذلك أحد زملائنا ذات يوم .
فقد طفح الكيل وبلغ السيل الزُّبَى ولم يبقَ فى قوس الصبر منزع ضد حملات التشهير والقذف التي تتعرض لها المحاماة من أنصار “حركة التحول الرقمي المتطرف”.
فبعد أن قدمنا شكايتنا للنيابة العامة المختصة ضد المشتكى بهم “أنصار حركة التحول الرقمي المتطرف” قررت النيابة العامة متابعتهم بالجنح المسطرة في صك المتابعة وهي كالتالي:
- الفصول 263 و 264 و 265 من القانون الجنائي المغربي والمتعلقة بإهانة هيئة منظمة وذلك بكتابات قصد المساس بشرفها والاحترام الواجب لها.
- والفصل 447-2 من القانون الجنائي المغربي المتعلق ببث وتوزيع ادعاءات ووقائع كاذبة عبر الأنظمة المعلوماتية قصد التشهير.
- السيد الرئيس، السادة أعضاء اللجنة الموقرة..
اسمحولي في البداية أن أدلي بين يديكم بوثائق وكتابات تعبر عن محاولة إقحام المحاماة في صراع مفتعل مع التكنولوجيا، والحال غير ذلك.
إذ منذ بداية الملامح الأولى للمحاماة مع قصة سيدنا موسى مع فرعون والتي سجلها القرآن في سورة طه مبرزا أهمية المؤازرة للوصول للحقيقة بقوله تعالى على لسان موسى طالبا من ربه مؤازرة أخيه هارون له في رحلته إلى فرعون “وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي”.
منذ تلك اللحظة والمحاماة صامدة شامخة بل كانت ولا زالت الحضن الدافئ والآمن لكل جديد ومستحدث بما فيها التحولات الرقمية التي دافعت عن تنزيلها المحاماة أشد دفاع.
لـــيت شــعري:
- ألم يكن المحامي هو السباق للدفع بصحة الوثائق الإلكترونية المنجزة في إطار القانون رقم 53.05 المتعلق بالتبادل الإلكتروني للمعطيات القانونية ؟
- ألم يكن المحامون هم السباقون للدفع بالشرعية الجنائية للدليل الإلكتروني في قضايا شغلت الرأي العام؟
- وغير بعيد، هل عارض المحامون المحاكمات عن بعد في ذاتها زمن كورونا؟ لا بل دافعوا عنها شريطة تهييئ الأرضية القانونية والحقوقية طبقا لقانون المسطرة الجنائية النافذ.
- ألم يستعن المحامون في مكاتبهم وشركاتهم المدنية بالبريد الإلكتروني والأرشيف الإلكتروني والإيداع الإلكتروني والمواقع الإلكترونية؟
- ألم ينخرط المحامون لنشر الثقافة القانونية وتسهيل الولوج إليها في منصات التواصل الاجتماعي عبر دراسات وأبحاث أكاديمية متميزة ؟
- ألم ينخرط المحامون في مختلف الدورات التكوينية المنصبة حول مستجدات الرقمنة وآخرها ما يتعلق بالسجل الإلكتروني للضمانات المنقولة؟
- ألم تكن القوانين الوطنية والدولية (القانون 28.08 والأنظمة الداخلية للهيآت) سباقة لتنظيم التقاطعات المحتملة للرقمنة مع الواجبات الملقاة على عاتق المحامي وفي مقدمتها الحفاظ على السر المهني؟
والعرض الذي بين أيديكم خير دليل وحجة لما يرصده من تفاعل إيجابي لأهل الحل والعقد في مهنة العظماء مع تطورات الرقمنة.
- وعــــليه السيد الرئيس، السادة أعضاء اللجنة الموقرة:
حين يصرح المتهمون أن المحاماة إلى زوال أو أن رياح الرقمنة ستجتث جذور المحاماة، أو أن خصومة حادة برزت للعلن بين الرقمنة والمحاماة..فـــاسمحولي؟؟
هي في الحقيقة ادعاءات كاذبة غرضها التشهير بمهنة المحاماة وإهانتها كهيئة منظمة لأن من شأن ذلك كله أن يؤدي إلى ضرر جسيم ومباشر بالمحاماة وهو ازدراؤها والحط من مكانتها لدى أفراد المجتمع.
ليت شعري كيف يتأتى لهؤلاء أن يغمزوا المحاماة بما يسيء لها وهي التي دافعت عن وجودهم القانوني أصلا، إذ لا أجد في هذا الموقف إلا أن أستحضر بيت الشاعر العربي معن بن اوس المزني :
أعلِّمه الرمايةَ كلّ يومٍ… فلما اشتدّ ساعدُه رماني
وكم علّمتُه نظْمَ القوافي… فلمّا قالَ قافيةً هجاني
- بالمناسبة، السيد الرئيس السادة أعضاء اللجنة الموقرة..
حين تذكر الرقمنة تذكر الرياضيات وحين تذكر المحاماة يذكر القانون، لقد درست الرياضيات ودرست القانون ودرست تقاطعاتهما وإمكانية الاستعانة بالأولى لتسهيل عمل الثانية.. حقا، المعلوميات لها دورها الأساسي في الحفاظ على زمن المحامي وتيسير عمله لكن ليس إلى حد الخطاب المتطرف الذي يتبناه المتهمون وهو لا شك اندفاع أوقعهم في المحضور.
دعوني أقول لكم بكل حياد.. لقد درست بتفصيل مؤسسة قانونية واحدة وإشكالاتها في الفضاء المعلوماتي وهي الأصل التجاري الإلكتروني: لا أخفيكم سرا أني حصلت نتيجة واحدة ووحيدة وهي أنه لا بد أن يكون المحامي حاضرا دائما إلى جانب أي مؤسسة قانونية لها بعدها الرقمي، ببساطة، لأن خوارزميات الرقمنة بمختلف لغاتها غير كافية لتوفير الحماية القانونية، والقضاء لا بد أن تعرض عليه التفاصيل بمجهر الدفاع لتوفير الحماية القضائية ، وقبل ذلك كله لا بد من الدور الاستباقي للمحامي.
أقول إن هذا الخطاب المتطرف لا يعدوا أن يكون بروباغندا فارغة تخالف من خبر دواليب المحاماة. واطلع على حدود لغات البرمجة التي لا تستطيع التعامل مع الكثير من النوازل الإنسانية إذ تقف عاجزة في الكثير من المرات عن تفسير اختيارات العقل البشري بمختلف أنواعه.
وإني إذ أدافع هنا عن الــــدفاع ، لا يعني بتاتا أني لست من أنصار التحول الرقمي..بل أعتبره من طيبات العصر بلغة الشريعة..لكن دون المساس بالثوابت الكبرى للمهنة وفي مقدمتها استقلاليتها وأعرافها.
إن المحاماة التي ناضلت لقرون لتكون مستقلة عن أطماع الساسة والحكام وذوي الياقات البيضاء.. لا يمكن أن تكون عبيدا لروبوتات وخوارزميات لها منطقها في العمل والاشتغال.
ان غرور رجل التقنية سيتكسر لا محالة على صخرة المحاماة لينال رضاها ويحترم لاءاتها، لذا أقول:
لا للرقمنة التي تمس استقلالنا
لا للرقمنة التي تهدم أعرافـــــنا
لا للرقمنة التي تفشي أسرارنا
نعم للرقمنة التي تحفظ وقـــتنا
نـعم للرقمنة التي تثبت حقوقنا
نعم للرقمنة التي تعدل بـــــيننا
- في الختام السيد الرئيس، السادة أعضاء اللجنة الموقرة..
لم يكن المحامي في أي زمن من الأزمنة ضد التطورات النافعة للبشرية، وسيضل المحامي يقضي حوائج الناس بالرقمنة أو بغيرها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولو كتب للمحاماة أن تجيب من يغمز تاريخها وصمودها وممانعتها من أمثال هؤلاء الفتية ممن غرهم وأعماهم بريق التكنولوجيا والثورة الرقمية لقرضت من الشعر أبياتا وقالت:
لــــــن تسقطي يا رقمنهْ اقلامي= لن تقتلي بتحول إحكامي
انـــــي الدفاع أصون حق موكلي= وأزلزل الدنيا بسحر كلامي
فــــسلوا العدالة ان هوى انسانها=وهفت اليها ترتوي بغمام
أتـنوب عني في الترافع آلة؟! =وتقوم في رد الدفوع مقامي ؟!
واذا غـزا العطب اللعين جهازها = جارت على المظلوم لا الظلاَّم!
وتـــبعثرت فيها النصوص واتلفت = ليبدل الموقوف بالاعدام !!
روح انـــــا يا رقمنه فتريثي = وتعايشي مع بدلتي بـــــسلام
روح انــــا مهما غزوتِ بأرقم ٍ= شـــــــــتّان بين الروح والأرقام
هـل يحمل الحاسوب نبل رسالتي =وامانة التدقيق في الأ حكام ؟!
الــحاسب الالي يسعف إنما =لا عدل يرجي دون حــــس محامي !
لــــــكل هـــــذه الأســـباب:
نلتمس منكم السيد الرئيس، السادة أعضاء اللجنة الموقرة، وبعد معاينة الحجج والوثائق المرفقة واستحضار ما ورد من دفوع في المرافعة :
- فـــــــــي الدعوى العمومـــــــية: نسجل تضامننا مع ملتمسات النيابة العامة بخصوص إدانة المتهمة من أجل ما نسب إليها وعقابها طبقا للقانون.
- فــــــــي الدعوى المدنية التابعة: الحكم على المتهم “أنصار حركة التحول الرقمي المتطرف” بأن يؤدي للمنوب عنها تعويضا مدنيا قدره درهم رمزي مع التصريج بنشر الحكم الذي سيصدر وإعلانه عبر جميع الأنظمة المعلوماتية على نفقة المحكوم عليه.
- مع التصريح بالمصادقة على التحول الرقمي الواقعي لمهنة المحاماة بما يتلاءم مع أعرافها وقوانينها وتأسيس مركز وطني للقيادة يعهد له تنزيل التحول المذكور مع ما يترتب عن ذلك من أثر قانوني.
عــاشت المحاماة شامخة، حرة، مستقلة.
ويــــمكرون وتمكر المحاماة والمحاماة أشد مكرا ودهاء
ولـــمجلسكم الموقر واسع النظر
+++
ذ.ابن مسعود ياسين
محامي متمرن بهيئة المحامين وجدة
الناظور 11 يونيو 2022