مجلة مغرب القانونفي الواجهةهل يتحقق شرط العلانية في عبارات السب أو القذف أو التشهير عبر وسائل الإتصال الإلكتروني عندما تتم بلغة محلية (لغة أقليات)؟

هل يتحقق شرط العلانية في عبارات السب أو القذف أو التشهير عبر وسائل الإتصال الإلكتروني عندما تتم بلغة محلية (لغة أقليات)؟

الدكتور فؤاد بنصغير
أستاذ جامعي
خبير / مكون / مستشار في القانون الإلكتروني

من المعلوم أن عنصر العلانية هو الشرط الأساسي في تجريم وعقاب جرائم النشر التقليدي أو الإلكتروني مثل السب والقذف والتشهير والإشادة بالإرهاب عبر الهاتف المتنقل ( مكالمات / SMS / MMS … ) أو البريد الإلكتروني أو المدونات وخاصة عبر مواقع التواصل الإجتماعي.

السؤال الذي يطرح هو التالي : هل يتحقق شرط العلانية في عبارات السب أوالقذف أو التشهير أو التحقير عبر وسائل الإتصال الإلكتروني عندما تتم بلغة محلية ( لغة أقليات ) ؟

في نازلة عرضت على الغرفة السابعة بمحكمة استئناف إيكس أون بروفانس بفرنسا كان على هذه الأخيرة أن تفصل في ما إذا توافر أو لم يتوافر عنصر العلانية في عبارات التشهير التي تمت بلغة محلية ( لغة أقليات ) عن طريق مدونة على شبكة الإنترنت.

وقد اعتبرت المحكمة في حكم لها صادر بتاريخ 1 أكتوبر 2018 أن عبارات التشهير المنشورة على مدونة على شبكة الإنترنت بلغة محلية موجهة إلى دائرة ضيقة من الأشخاص تجمعهم مصالح مشتركة ( جماعة مصالح = communauté d’intérêts ) لا يتوافر فيها عنصر العلانية.

في هذه النازلة قدرت المحكمة أن استخدام لغة محلية ( لهجة ) موجهة أساسا وفقط إلى الناطقين بها ينزع عنها صفة العلانية.

نفهم من هذا الحكم أنه يتوجب على القاضي أن يأخد بعين الإعتبار اللغة المستخدمة في اقتراف جرائم النشر التقليدي أو الإلكتروني.

ومن أجل تبرير ذلك نقول أن رسالة، سواء كانت على دعامة إلكترونية أو دعامة ورقية، يمكن توجيهها إلى عدة أشخاص وتحتفظ على الرغم من ذلك بطبيعتها الخاصة ( رسالة خاصة ).

وبالعكس، فإن نفس الرسالة يمكن توجيهها إلى عدد محدود من الأشخاص الذين قد يمتلون على الرغم من ذلك جمهورا من الناس ( رسالة عامة ).

مقال قد يهمك :   الرقابة القضائية على العمل الضريبي - حالات عملية للدراسة -

لهذا السبب كان على القضاء من أجل التمييز بين الرسالة الخاصة والرسالة العامة اللجوء إلى معايير أخرى.

ومن بين أهم المعايير التي لجأ إليها الإجتهاد القضائي الفرنسي نجد معيار ” جماعة مصالح ” ” communauté d’intérêts ” الذي قد يتميز به الأشخاص الذين يكون بمقدورهم الإطلاع على تلك العبارات.

وقد برأ الإعتماد على هذا المعيار عند توافره العديد من مرتكبي جرائم السب والقذف أو الإشادة بالإرهاب في فرنسا بسبب غياب ركن العلانية.

هذا يعني أن العلانية لا تتوقف على عدد الأشخاص فحسب ولكن كذلك على طبيعة الأشخاص المستهدفين بتلك العبارات.

نقول في الختام أن تحديد توافر ركن العلانية في جرائم النشر التي تتم عبر الوسائط الإلكترونية من عدمه تتوقف على عدد الأشخاص الذين قد يأخدو علما بالعبارات وكذلك على العلاقة التي تربط في ما بين هؤلاء ( جماعة مصالح ).

لا بد في الأخير من الإشارة إلى أن القانون الجنائي و قانون الصحافة والنشر لا يحويان أي مقتضى قانوني يتعلق باللغة التي يتحقق معها عنصر العلانية في جرائم النشر التقليدي أو الإلكتروني.

مع كل الإحترام والتقدير

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]