ندوة وطنية بالحسيمة تقارب واقع حماية الملكية العقارية في ضوء المستجدات التشريعية
ورقة تقديمية
للعقار مكانة بارزة، باعتباره إحدى الدعائم الأساسية لتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فهو الأرضية اللازمة لإقامة الاستثمارات الصناعية والتجارية والحرفية، الأمر الذي جعل الاعتناء بتنظيمه في غاية الأهمية، لضمان ثباته واستقراره. ومن أجل ذلك، عملت مختلف الدول على صياغة نظام يكفل غايته، كيف لا والعقار عامل استقرار واجتماعي بامتياز يساهم في تنمية المجتمعات أفرادا وجماعات؛
اعتبارا لذلك، ولما تمثله الملكية العقارية من أهمية في حياة المجتمعات الحديثة، فقد تم تنزيلها منزلة التقديس؛ والمملكة المغربية بدورها لم تحد عن هذا النهج، بل ارتقت بحق الملكية لمصاف الحقوق المضمونة دستوريا، طبقا لمقتضيات الفصل 35 من دستور 2011 الذي أكد على أن القانون يضمن حق الملكية، مع إمكانية الحد من نطاقها وممارستها بموجب القانون، إذا اقتضت ذلك متطلبات التنمية الاقتصادية والاجتماعية للبلاد.
واستحضارا للتحديات المستقبلية في المجالات الإنتاجية المختلفة التي تقتضي تدبير العقار وجعله رهن إشارة الاستثمار الوطني والأجنبي، وضرورة تأهيل قطاع العقار عموما، وتحديث الترسانة التشريعية ذات الارتباط به جاءت الرسالة الملكية الموجهة للمشاركين في المناظرة الوطنية حول “السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية” المنعقدة بالصخيرات يومي 08 و 09 دجنبر 2015 لتلامس مكمن الخلل في المنظومة العقارية، حيث جاء فيها مايلي”.. يشكل الجانب التشريعي أحد أهم التحديات التي يتعين رفعها التأهيل قطاع العقار، وذلك نظرا لتنوع أنظمته، وغياب أو تجاوز النصوص القانونية المنظمة له، إضافة إلى تعدد الفاعلين المؤسساتيين المشرفين على تدبيره.
لذا ندعو للإنكباب على مراجعة وتحديث الترسانة القانونية المؤطرة للعقار بشقيه العمومي والخاص بما يضمن حماية الرصيد العقاري وتثمينه والرفع من فعالية تنظيمه وتبسيط مساطر تدبيره لتمكينه من القيام بدوره في تعزيز الدينامية الاقتصادية والاجتماعية لبلادنا”؛
هذا، بالإضافة إلى الرسالة الملكية الموجهة للسيد وزير العدل والحريات بتاريخ 30 دجنبر 2016 المتعلقة بالاستيلاء على عقارات الغير، بالنظر لما تنطوي عليه الأفعال الرامية إلى الاستيلاء على عقارات الغير من إساءة لنظام الملكية العقارية ببلادنا، فضلا عما تلحقه من أضرار بحقوق الغير، حيث أكد جلالته على أن: “خطورة هذه الظاهرة، وبما تشكله من مساس جسيم بحق الملكية الذي يضمنه دستور المملكة، فإننا نأمركم بالانكباب الفوري على هذا الملف، ووضع خطة عمل عاجلة للتصدي للظاهرة والقضاء عليها، والسهر على تنفيذها شاملة لتدابير تؤمن الإعمال الحازم للمساطر القانونية والقضائية في مواجهة المتورطين فيها، واجراءات وقائية مبتكرة تضمن معالجة أي قصور قانوني أو مسطري من شأنه أن يشكل ثغرات تساعد على استمرارها …”.
وهي الإشارة التي التقطها المشرع من خلال مجموع النصوص القانونية ذات الصلة بموضوع الملكية العقارية التي تم إصدارها خلال الأربع (04) سنوات الأخيرة، سواء بتعديل بعض المقتضيات كالمادتين 4 و316 من مدونة الحقوق العينية، والقانون 18.33 المغير لمجموعة القانون الجنائي الذي أضاف بموجبه المشرع المحامي ليتساوى في العقوبة مع القاضي والموظف العمومي والموثق والعدل بخصوص جريمة تزوير الأوراق في الفصول 351وما يليها، والقانون 18.32 المغير والمتمم لقانون المسطرة الجنائية المتعلق بإمكانية الأمر بعقل العقار في الفصول 40 و 49 و 104 و299 و 366 و 390، والقوانين الأخيرة الصادرة في الجريدة الرسمية عدد 6807 بتاريخ 26 غشت 2019 منها القانون31.18 المغير والمتمم لقانون الالتزامات والعقود ذات الارتباط بالوكالات المتعلقة بالتصرفات العقارية، والقانون 62.17 بشأن الوصاية الإدارية على الجماعات السلالية وتدبير أملاكها، والقانون 63.17 المتعلق بالتحديد الإداري الأراضي الجموع، أو غيرها من القوانين الأخرى التي تهدف إلى حماية الملكية العقارية.
هذه المستجدات، وغيرها من النصوص المرتبطة بحق الملكية، هي التي ارتأى مركز الدراسات القانونية والاجتماعية لتكون محور ندوة وطنية بمدينة الحسيمة يوم 02 نوفمبر 2019، تحت عنوان :
“حماية الملكية العقارية في ضوء المستجدات التشريعية”