مجلة مغرب القانونالقانون الخاصمنار راشد: الحماية الجنائية لعرض الطفل من البيدوفيليا والاستغلال الجنسي عبر الانترنيت

منار راشد: الحماية الجنائية لعرض الطفل من البيدوفيليا والاستغلال الجنسي عبر الانترنيت

منار راشد باحثة في سلك الدكتوراه تخصص القانون الخاص بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية جامعة سيدي محمد بن عبد الله فاس

       يعتبر حق الطفل في صيانة عرضه، من بين أسمى الحقوق التي اهتمت بها التشريعات والمواثيق الدولية بسبب الضعف الذي يتميز به الأطفال مما يجعلهم عرضة لجرائم تمس أعراضهم وأخلاقهم.

       فجرائم العرض تقع عند المساس بالجسد بفعل يقع مباشرة عليه فيخل بطهارته، وتتعدد الأفعال التي تشكل انتهاكا لعرض وأخلاق الطفل إلا انه يجمع بينها صفة مشتركة وهي الصفة الجنسية للفعل، وهذه الصفة الجنسية ذات مدلول واسع تستوعب، جميع الممارسات والأفعال الجنسية الطبيعية وغير الطبيعية التي تهدف إلى تحقيق الإشباع الجنسي الكامل، كما تستوعب أيضا سائر الأفعال الممهدة للاتصال الجنسي.

       ونظرا لجسامة الأخطار الجسدية والنفسية التي قد تلحق الطفل جراء المساس بعرضه وأخلاقه، فقد جرم المشرع المغربي العديد من الأفعال من أجل حمايته من بينها تجريم الاغتصاب وهتك العرض من طرف مرضى البيدوفيليا (المطلب الأول) وأيضا التحرش الجنسي وتحريض الأطفال على الفساد وتسخيرهم لأغراض ذات طبيعة جنسية على الانترنيت (المطلب الثاني).

المطلب الأول: حماية الطفل ضحية الاغتصاب وهتك العرض من طرف البيدوفيل

       تعتبر جرائم الاغتصاب وهتك العرض من أخطر الجرائم مساسا بحرمة جسد الطفل وأخلاقه، فهي غالبا ما تتم كرها عنه، فتهدر أدميته وتخدش حياءه، كما تؤدي إلى المساس بشرفه وعفته فتجعله منبوذا في المجتمع، خاصة إذا كان الطفل المجني عليه أنثى، لما قد يترتب أيضا عن ذلك من حمل فتصبح بذلك أما عازبة رغما عن أنفها ليمتد هذا الأذى إلى طفلها وأسرتها ككل.

       إذا ثبت هذا، فإن المشرع المغربي وضع إطار لحصانة عرض الطفل وأخلاقه يتمثل أساسا من خلال التشدد في تجريم فعل الاغتصاب (الفقرة الأولى) ثم التشدد في تجريم هتك العرض (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: تشديد عقوبة اغتصاب قاصرة

       تعد جريمة الاغتصاب من أخطر جرائم العرض التي تلحق الأنثى فتجعلها ضحية بين يدي وحش كاسر يدنسها ويخلف لها أسوأ الآثار، خاصة إذا كانت بكرا وقد تعرضها للحمل سفاحا، وتبلغ خطورة الجريمة أشدها إذا استهدفت قاصر[1].

       وقد أضحت ظاهرة اغتصاب الأطفال بالمغرب كشكل من أشكال سوء معاملة الأطفال تتفاقم في أوساط المجتمع المغربي سنة بعد أخرى، وما يزيد من استفحالها هو كونها ظاهرة صامتة، نظرا للأعراف التي تداولتها الأسر المغربية فيما يخص تداول الجانب الجنسي، بحيث تكاد تجده من المحرمات، بل ومن نقط العار، فأغلب الضحايا وأسرهم يختارون الصمت والتستر عوض فضح هذه الجريمة خوفا من التشهير خاصة وانه يصعب إثباتها أمام القضاء.

       وعلى الرغم من أن أغلب جرائم الاغتصاب تحاط بسرية تامة، فإنه توجد بعض الإحصائيات الجزئية التي تعكس إلى حد ما الانتشار المتزايد لهذه الجريمة. فحسب الإحصائيات الصادرة عن المرصد الوطني لحقوق الطفل، فقد بلغت عدد جرائم الاغتصاب 102 حالة سنة 1999 و210 حالة سنة 2001 أما سنة 2002 فقد ارتفع هذا العدد إلى 400 حالة اغتصاب. وحسب نفس المصدر، فإن حالات الاعتداءات الجنسية على الأطفال تتوزع حسب طبيعة المعتدي على الشكل التالي: 43% من المعتدين هم غرباء عن الطفل و21% جيران و9% معلمين و6% آباء و5% هم أقارب و4% مدير مسؤول و3% أطر إدارية و3% تلاميذ. وتتراوح أعمار الأطفال ضحايا جرائم الاغتصاب بين 6 و14 سنة ومن مختلف المستويات الاجتماعية ومن أوساط مختلفة[2].

       وإذا كانت جرائم اغتصاب الأطفال، تشهد تزايدا مستفحلا، فما هي اوجه الحماية الجنائية التي يقرها لهم القانون الجنائي؟

       بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 486 ق.ج نجده يعرف الاغتصاب بأنه مواقعة رجل لامرأة بدون رضاها، والمواقعة تعني إيلاج عضو التذكير في عضو التأنيث ووفقا لهذا التعريف، فإن أي إيلاج لعضو التذكير في غير موضعه الطبيعي (قبل المرأة) لا يعد اغتصابا، كما لا يعد اغتصابا إيلاج غير عضو التذكير في عضو التأنيث[3].

       ووفقا لهذا التعريف فإن أساس التجريم هو انعدام رضا المجني عليه، ومن ثم إذا كانت المواقعة تمت برضا الطرفين لا تشكل جريمة، ونظرا لأن الرضا لا يعتد به إلا إذا كان صادرا عن شخص بالغ، لذا فإن الاغتصاب يختلف نطاقه متى كان المجني عليه شخصا بالغا، حيث يقتصر في هذه الحالة على المواقعة دون رضاه، بينما إذا كان المجني عليه قاصرا (طفلة) فإنه يتسع ليشمل المواقعة سواء تمت برضاها أو دون رضاها، وما ذلك إلا لعدم الاعتداد برضاها في حالة توفره حكما[4].

       ونظرا لخطورة هذه الجريمة على القاصرة لما قد يلحقها من أضرار جسدية وصدمات نفسية[5]، فقد عاقب عليها المشرع المغربي بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، غير أنه إذا كانت سن المجني عليها تقل عن ثمان عشرة سنة، فإن الجاني يعاقب من عشر إلى عشرين سنة (الفصل 486 ق.ج)، وإذا كان الجاني من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها أو خادما بالأجرة عندها أو عند أحد الأشخاص السالف ذكرهم أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا، وكذلك أي شخص استعان في اعتدائه بشخص أو عدة أشخاص، فإن العقوبة هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة (الفصل 487 ق.ج).

       وبمقارنة التشريع المغربي مع نظيره المصري في هذا الخصوص يتبين لنا أن المشرع المصري وعلى الرغم من عدم إقراره لحكم خاص في حالة اغتصاب طفلة إلا انه كان أكثر تشددا في العقاب على هذه الجريمة، حيث عاقبت (المادة 267 من قانون العقوبات) كل من واقع أنثى بدون رضاها بالأشغال الشاقة المؤبدة أو المؤقتة، فإذا كان الفاعل من أصول المجني عليها أو من المتولين تربيتها أو ملاحظتها أو ممن لهم سلطة عليها فإنه يعاقب بالأشغال الشاقة المؤبدة. ونفس التشديد نجده أيضا عند المشرع التونسي الذي يقرر عقوبة الإعدام في خالة استعمال العنف أو السلاح أو التهديد به لارتكاب جريمة الاغتصاب مهما كان سن المجني عليها، وتكون العقوبة الإعدام أيضا، إذا كانت المجني عليها دون العشر أعوام، وسواء كان ذلك باستعمال العنف أو السلاح أو التهديد به، أو بدونه.

       ومن هنا تبرز بوضوح الحماية المتميزة التي يفرضها القانون الجنائي التونسي لصغيرات السن من هذه الجريمة[6]. وقد يرى البعض في الإعدام عقوبة قاسية وشديدة على مرتكب هذه الجريمة، وأنها لا تتناسب مع درجة جسامة الجريمة المرتكبة، إلا أنه يمكن الرد عليهم بأن ما ذهبت إليه التشريعات التي تقرر هذه العقوبة القاسية هو عين الصواب[7]. ذلك لان الطفولة سن طيش ورعونة حيث تكون المجني عليها سهلة الانقياد، وغير ناضجة عقليا وجسميا وعاطفيا، ولا تستطيع صد الجاني عن ارتكاب فعلته الشنيعة ضدها.

       وتطبيقا لهذا الحكم المعمول به أيضا في التشريع الجنائي الأردني، فقد قضت محكمة الجنايات الكبرى الأردنية بأن “مواقعة المتهم للمجني عليها التي لم تبلغ الخامسة عشرة من عمرها، قد تم بطريق العنف والإكراه، وذلك عندما قام بشل حركتها بحيث أعاقها تماما عن أية مقاومة… فإن هذا هو الاغتصاب الجنائي في أوضح صوره وفعل المتهم ينطبق وأحكام المادة 9/2 من قانون العقوبات رقم 9 لسنة 1988 التي توجب الإعدام شنقا حتى الموت”[8].

       أما بخصوص تعامل القضاء المغربي مع هذه الجريمة، فإنه يشوبه نوع من التردد والغموض نظرا لعدم دقة التكييف القانوني وغموض المتابعات[9]. حيث ناذرا ما يعاقب مرتكبوا جرائم الاغتصاب على أساس تكييفها هذا. وما يؤكد هذا الطرح القرار الصادر عن غرفة الجنايات بمحكمة الاستئناف بفاس بتاريخ 29/03/2001 –غير منشور- والذي أدان المتهم بجريمة اغتصاب أخت زوجته القاصرة، البالغة من العمر 14 سنة وعاقبه بسنتين سجنا بعد تمتيعه بظروف التخفيف، في حين أن أدنى عقوبة يمكن تطبيقها على مرتكب جريمة اغتصاب قاصر هي السجن من عشر إلى عشرين سنة حسب مقتضيات الفصل 486 من القانون الجنائي.

       ويعزى ذلك أن القضاء لا يعتبر الاغتصاب إلا إذا وقع على امرأة طبقا لما جاء في الفصل 486 ق.ج وهو طرح يؤكده ما جاء في حيثيات أحد القرارات الصادرة عن محكمة الاستئناف بوجدة كالتالي: “وحيث أن الاغتصاب يكون على المرأة وليس على القاصرة”[10] ونفس التوجه سارت عليه محكمة الاستئناف بفاس، في القرار الصادر عنها بتاريخ 13 نونبر 2002 غير منشور. والذي أدان المتهم من أجل هتك عرض بنت أخيه القاصرة التي تبلغ من العمر ثلاث سنوات بسنتين حبسا وقد تسبب هذا العم بفعلته هاته، وحسب الشهادة الطبية المرفقة بالملف –أكدت الدكتورة شفيقة عزوزي- أنها وجدت على فرج الضحية احمرارا وتمزقا بسيطا في بكارتها”[11] في حين كان على المحكمة أن تكيف الفعل جريمة اغتصاب، ما دام الاعتداء الجنسي في هذه الحالة توفرت فيه كل الشروط لتكييف الفعل كذلك. وذلك من اجل توقيع عقوبة أشد على الجاني الذي لم تمنعه رابطة الحرمة ولا حداثة سن الضحية على اقتراف هذه الجريمة النكراء.

       ومن الأمثلة المسيئة أيضا لحق الطفل في الحماية من هذه الجريمة، قرار محكمة الاستئناف[12] بفاس الصادر الصادر بتاريخ 29 مارس 2001، والذي قضى بإدانة متهم بجناية اغتصاب أخت زوجته القاصرة بسنتين حبسا بعد تمتيعه بظروف التخفيف، فأي ردع هذا لجريمة من هذا الحجم؟

       وعليه فإن تصور الضحية ما هو إلا ظرف تشديد وبالتالي فلا دخل له في تغيير التكييف القانوني للفعل الجرمي، لأن العبرة بتحقيق الفعل وتوفر الأركان المادية والمعنوية حتى إذا انتفت تلك الأركان يمكن للقاضي أن يغير فصول المتابعة مع وجوب تعليل لذلك حتى لا تضيع حقوق الضحية[13]. لأنه يوجد فرق كبير في العقاب بين بعض الجرائم التي تعتبر اعتداءات جنسية على الأطفال كما هو الشأن بالنسبة للفرق بين جريمة الاغتصاب وجريمة هتك العرض.

الفقرة الثانية: تشديد عقوبة هتك عرض قاصر

       يقصد بهتك العرض كل فعل مخل بالحياء يقع على شخص، أي كل فعل مناف للآداب يقع عمدا ومباشرة على المجني عليه، وفقا لهذا التعريف يشترط في الفعل المخل بالحياء أن يكون على درجة من الفحش والجسامة، وأن يكون هذا الإخلال عمديا، فلا يعد هتك عرض ذلك الفعل الذي يقع بصورة غير عمدية مهما كان خادشا بالحياء، ولا يشترط أن يقع المساس بعورة المجني عليه من قبل الجاني وإنما يتصور ولو كان المجني عليه هو الذي أجبر على المساس بعورة الجاني[14].

       وعكس جريمة الاغتصاب التي لا يمكن أن تقع إلا على أنثى، فإن هتك العرض يمكن أن تقع على أنثى كما يمكن أن تقع على ذكر، بل يمكن أن تقع هذه الجريمة من أنثى على أنثى أو من أنثى على ذكر. وقد استهدف المشرع من تجريمه لأفعال هتك العرض، حماية المناعة الأدبية للأشخاص[15] نظرا لما قد يلحقهم من أذى جراء هتك أعراضهم، خاصة إذا كان المجني عليه قاصرا، لسهولة خداع الطفل أو تهديده أو إكراهه على المساس بعرضه بسبب ضعفه البدني وأيضا لعدم نضج قدراته التي تمكنه من فهم طبيعة الفعل الذي يرتكب عليه، لذا فإنه من اليسير أن يقع ضحيته الجاني.

       لهذه الأسباب عاقب القانون الجنائي، بالحبس من سنتين إلى خمس سنوات كل من هتك دون عنف أو حاول هتك عرض قاصر تقل سنه عن ثمان عشرة سنة سواء كان ذكرا أو أنثى[16]. وتشد هذه العقوبة لتصبح هي السجن من خمس إلى عشر سنوات إذا كان الفاعل من أصول الضحية أو ممن لهم سلطة عليها أو وصيا عليها أو خادما بالأجرة عندها أو عند أحد من الأشخاص السالف ذكرهم، أو كان موظفا دينيا أو رئيسا دينيا[17] وكذلك أي شخص استعان في اعتدائه بشخص أو عدة أشخاص أو إذا نتج عن هتك عرض الضحية افتضاضها.

       وفقا لهذه المقتضيات، فإن أي هتك لعرض القاصر دون قوة يشكل جريمة معاقبا عليها، عكس الحالة التي يقع فيها هتك عرض شخص تجاوز سن 18 سنه دون عنف إذ لا عقاب في هذه الحالة، إلا إذا شكل الفعل جريمة أخرى كالإخلال العلني بالحياء وبذلك يتبين أن المشرع المغربي اعتبر سن المجني عليه الأقل من 18 عنصرا مكونا للجريمة بحيث إذا بلغ سن الضحية 18 سنة فأكثر، فإن أحد أركان الجريمة يتخلف ومن ثم لا وجود للجريمة.

مقال قد يهمك :   قيام المحامي بالطعن خارج الأجل القانوني يعتبر تقصيرا في الدفاع عن مصالح موكله

       وإذا كان المشرع المغربي قد نص على عقوبة موحدة لجريمة هتك عرض قاصر مهما كان سنه، فإن المشرع المصري ميز في هذا الخصوص بين القاصر الذي لم يتجاوز سنه سبع سنوات وذلك الذي تجاوز سبع سنين حيث نصت المادة 269 على انه كل من هتك عرض صبي أو صبية لم يبلغ سن كل منهما ثماني عشرة سنة كاملة، بغير قوة أو تهديد يعاقب بالحبس، وإذا كان سنه لم يبلغ سبع سنين كاملة أو كان الجاني من أصول المجني عليه أو ممن يتولون تربيته، فإن العقوبة هي الأشغال الشاقة المؤقتة[18].

       من خلال هذا المقتضى يتبين لنا أن المشرع المغربي أقل تشددا من نظيره المصري في العقاب على جرائم هتك عرض قاصر دون قوة، بل وأقل تشددا من نظيره الفرنسي الذي يرفع الحد الأدنى للعقوبة  في هذه الجريمة إلى ثلاث سنوات[19] عكس المشرع المغربي الذي جعل الحد الأدنى لهذه الجريمة سنتين فقط.

       أما بالنسبة لجريمة هتك العرض بالقوة فقد جعلها المشرع المغربي جناية وذلك نظرا لتأثير العنف على نفسية الضحية فتجعلها تنقاد بسهولة لتمكن بالتالي الجاني من ارتكاب فعلته خاصة إذا كان الضحية قاصرا لسهولة خداعه أو إكراهه بسبب ضعفه الجسمي مما يقلل حظوظ مقاومته.

       وعلى هذا الأساس فقد عاقب الفصل 485 ق.ج على جريمة هتك عرض القاصر بالعنف بالسجن من خمس إلى عشر سنوات، غير أنه إذا كان المجني عليه طفلا تقل سنه عن ثمان عشرة سنة، فإن العقوبة هي السجن من عشر إلى عشرين سنة[20]. وتشدد هذه العقوبة إذا كان الجاني من أصول الضحية، أو إذا نتج عن الجريمة افتضاض المجني عليها لتصبح هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة[21].

       وقد تعامل القانون المصري بدوره بنوع من التشدد مع هذه الجريمة، حيث نصت (المادة 268 قانون عقوبات) على انه كل من هتك عرض إنسان بالقوة أو بالتهديد أو شرع في ذلك يعاقب بالأشغال الشاقة من ثلاث سنين إلى سبع، وإذا كان من وقعت عليه الجريمة المذكورة لم يبلغ ستة عشرة سنة كاملة أو كان مرتكبها من أصول الضحية أو من له سلطة عليها، فإن العقوبة يمكن أن تصل إلى أقصى الحد المقرر للأشغال الشاقة المؤقتة وإذا اجتمع هذان الشرطان معا يحكم بالأشغال الشاقة المؤبدة[22]. وفقا لهذا النص، يتبين أن المشرع المصري اعتبر قصر الضحية ظرفا مشددا للعقوبة.

       وعموما إذا كان القانون الجنائي المغربي قد تضمن عقوبات صارمة في حق كل من سولت له نفسه هتك عرض الأطفال القاصرين، فإن هذه العقوبات لا تلقى تطبيقها السليم من طرف القضاء في بعض الحالات.

       ويظهر ذلك من خلال بعض القرارات الصادرة عن مختلف محاكم المملكة، كما هو الشأن بالنسبة للقرار عدد 377/97 الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة سنة 1997 حيث توبع تاجر بجنحة هتك عرض قاصر بدون عنف وتمت أدانته بالحبس لمدة سنة واحدة فقط[23]. فقد نزلت المحكمة في هذا القرار عن الحد الأدنى المقرر لعقوبة هتك عرض قاصر دون عنف والذي حدده القانون الجنائي المغربي في سنتين. وفي قرار آخر صادر عن استئنافية البيضاء حيث أدانت الجاني من أجل هتك عرض ابنته بالعنف بخمس سنوات سجنا نافذا فقط[24] في حين أن العقوبة المقررة قانونا لمثل هذه الجريمة التي اجتمع فيها ظرفين من ظروف التشديد وهما: قصر الضحية وعلاقة الحرمة (الجاني أصلا للضحية) بالإضافة إلى العنف، هي السجن من عشرين إلى ثلاثين سنة.

       وفي نفس السياق يمكن الاستشهاد بالقرار الصادر عن محكمة الاستئناف بوجدة الذي قضى بإدانة معلم من أجل هتك عرض قاصر تبلغ من العمر 11 سنة مما عرضها للافتضاض، فحكمت عليه المحكمة بالحبس ثلاث سنوات نافذة وتعويض مدني للضحية قدره 3000 درهم[25]. في حين كان على المحكمة أن تشدد عقوبة الجاني في هذه النازلة، لأن المعلم هو من ذوي السلطة الفعلية، ومن ثم فإن صفته هاته تعتبر ظرفا من ظروف التشديد كما هو منصوص عليها في الفصل 487 ق.ج. وهذا ما قضت به محكمة التمييز اللبنانية في إحدى القرارات الصادرة عنها “… إن مدير المدرسة والمعلم من ذوي السلطة الفعلية…”[26].

       والواقع إن المتأمل للقرارات السالف ذكرها، لا يسعه إلا أن يتأسف لها، لكونها تعكس ضعف الحماية القضائية للطفل ضحية جرائم هتك العرض التي أصبحت مستشرية في مجتمعنا المغربي[27]، وهنا لابد من الإشادة ببعض القرارات الصادرة عن محكمة التمييز الأردنية التي تضمنت عقوبات رادعة في حق مرتكبي جرائم هتك أعراض الأطفال، لتكون عبرة لمن سولت له نفسه اقتراف مثل هذه الجريمة ضد براءة الطفولة. فقد جاء في قرار لها صادر سنة 1984 والذي قضى بإدانة الجاني بجناية هتك عرض ابنته التي لم تتم الخامسة عشرة من عمرها بالعنف والتهديد –خلافا للمادة 296/2 من قانون العقوبات- مكررة ثلاث مرات في أوقات مختلفة ومعاقبته عن كل جناية من جنايات هتك العرض الثلاث بالأشغال الشاقة مدة سبع سنوات عملا بالمادة 296/2 من قانون العقوبات وتشديد كل عقوبة منها لتصبح هي الأشغال الشاقة مدة عشر سنوات ونصف. وفيما يتعلق بكون المجني عليه أحد محارم الجاني قضت محكمة التمييز الأردنية تطبيقا لذلك “إن تجريم المتهم بجناية هتك العرض خلافا لأحكام المادة (296/2 عقوبات) مكررة خمسا وعشرين مرة وعملا بذات المادة وضعه بالأشغال الشاقة المؤقتة من خمسة عشر عاما عن كل جريمة وعدم الأخذ بالأسباب المخففة لأن المجني عليه هو شقيق المتهم وتنفيذ العقوبة الأشد في حقه…”[28].

       وأخيرا، آمل من القضاء المغربي أن يطبق العقوبات المنصوص عليها قانونا أحسن تطبيق لضمان حماية خاصة للأطفال من كافة أشكال الاعتداءات الجنسية.

المطلب الثاني: حماية الطفل من باقي أنواع الاعتداءات الجنسية والمحملة على منصة  الانترنيت

       إن التحرش الجنسي والتحريض على الفساد من بين أخطر أشكال سوء المعاملة تأثيرا على أخلاق الطفل، جسمه ونفسيته، لذلك عني المشرع المغربي بحماية الطفل من هذه الجرائم فخرج من صمته الطويل ليعلن بنص صريح تجريم التحرش الجنسي (الفقرة الأولى) وكذا تجريم كل ما من شأنه إيقاع الطفل في براثين الفساد (الفقرة الثانية).

الفقرة الأولى: حماية الطفل من التحرش الجنسي

       يطرح مفهوم التحرش الجنسي صعوبة كبيرة في تحديده، وذلك بسبب اختلاف المؤشرات الدالة عليه ولتعدد الأفعال التي يمكن إدراجها ضمن هذا التعبير وأيضا بسبب تنوع مظاهره حسب الأوساط والثقافات، كما أن إحساس المتحرش بها يدخل كعنصر يحدد في اعتبار سلوك التحرش الجنسي، نظرا لطابع الذاتية في الإقرار بشعور الإهانة والمضايقة والمس بالكرامة بالنسبة للمتحرش به[29].

       وقد عرفت اتفاقية منع التمييز ضد المرأة التحرش الجنسي بأنه كل سلوك لا أخلاقي يرمي إلى استهداف جسد المرأة في تنكر تام لرغبتها ورضاها وباستغلال السلطة الذكورية.

       كما عرفته الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب بأنه كل سلوك يتضمن إيحاءات جنسية مباشرة أو ضمنية تستهدف الإيقاع بالطرف الآخر سواء كان ذكرا أو أنثى رغما عن إرادته في ممارسة جنسية مستغلا بذلك سلطته ونفوذه[30].

       من خلال هذين التعريفين، يتبين أن مفهوم الاستغلال الجنسي هو الطابع المهيمن على هذه الظاهرة ويتخذ أشكالا مختلفة نذكر منها:

       – المساومة سواء بالتلميح أو التصريح بالكلام اللطيف أو العنيف الشفوي في اغلب الأحيان والكتابي في بعض الأحيان.

       – الإغراء بالوعود والتهديد بالوعيد بهدف الإذعان لرغبات المتحرش الجنسية.

       – اللمس والمداعبات غير البريئة.

       – الوعود بالمكافآت والترقية عندما يتعلق الأمر بالموظفات والعاملات.

       ويبقى الغرض هو الوصول إلى الجنس دون اعتبار لرضا أو رغبة الطرف الآخر وتجدر الإشارة إلى أن استعمال السلطة والنفوذ من الأساليب الأساسية للتحرش الجنسي وبذلك يكون التحرش الجنسي هو كل السلوكات اللاأخلاقية الهادفة للوصول إلى أغراض جنسية في تنكر تام لرضا ورغبة المتحرش بها جنسيا وتكون السلطة والنفوذ من مكوناته[31].

       وقد أصبحت ظاهرة التحرش الجنسي منتشرة بشكل كبير سواء في الشارع، في المدرسة أو مقرات العمل وايضا في المواقع الالكترونية  … على الرغم من غياب إحصائيات دقيقة تعكس الحجم الحقيقي للظاهرة باستثناء بعض الإحصائيات الجزئية التي قامت بها بعض الجمعيات.

       ومن بين الأبحاث التي أجريت في هذا الموضوع، دراسة أنجزتها الجمعية الديمقراطية لحقوق النساء والتي شملت 500 طالبة و500 تلميذة إضافة إلى 45 مقابلة فردية معمقة مع بعض ضحايا التحرش الجنسي، حيث صرحت 52,9% منهن أن مجرد صدور سلوك يؤدي إلى مضايقة الفتاة وإزعاجها هو بمثابة تحرش جنسي في حين أكدت 57,7% منهن أن الفعل هو الذي يمكن اعتباره تحرشا جنسيا حقيقيا، وبالنظر إلى الأرقام، فإن حجم الظاهرة في تفاقم حيث أن 96,2% من الفتيات صرحن بأن التحرش الجنسي موجود داخل الأوساط التعليمية و35,8% منهن تعرضن له داخل المحيط الدراسي، حيث أن 83,8% منهن تعرضن لتحرش جنسي شفوي 58,8% عبر النظرات أما نسبة 28% فتمثل تحرشات جنسية جسدية. وتؤكد التلميذات أنهن تعرضن لهذا النوع من التحرش في أماكن مختلفة ومعزولة عن الأعين حيث أكدت 45,8% منهن بتعرضهن للتحرش الجنسي داخل الفضاءات التعليمية و53,5% بالقاعات الرياضية و26,6% حددت المقرات الإدارية و24,5% بقاعات الدروس والباقي أكدن وجود الظاهرة بالأماكن العامة مثل وسائل النقل العمومي، أو بجوار المؤسسات التعليمية…

       وقد اعتبرت جل المستجوبات بنسبة 84,5% أن للتحرش الجنسي آثار جد سيئة وخطرة على الصحة النفسية و78,2% اعترفن بتأثيره على الحياة الاجتماعية و56,5% أكدن تأثيره على الحياة العائلية، في حين أكدت 57,1% تأثيره على الصحة الجسمية، كما أن 57,1% من المستجوبات أكدت على تأثير التحرش الجنسي على حياتهن الدراسية[32].

       إن تحليل هذه الأرقام، يعكس بالملموس خطورة الظاهرة التي أصبحت منتشرة بشكل كبير خاصة ضد الأطفال، وما يزيد الأمر خطورة هو أن المؤسسات التعليمية بمختلف مستوياتها لم تسلم من هذه الظاهرة، الأمر الذي يؤثر سلبا على مردودية التلاميذ المتحرش بهم، بل قد يتسبب ذلك في بعض الأحيان انقطاعهم عن الدراسة أو على الأقل تغيير المؤسسة خاصة إذا كان المتحرش يتقنع بصفة مدرس أو إطار من أطر الإدارة التربوية لسلطتهم المعنوية على التلاميذ.

       ونظرا لخطورة التحرش الجنسي على الراشد عموما وعلى الطفل على وجه الخصوص فقد دعت العديد من فعاليات المجتمع المدني والباحثين إلى تجريم التحرش الجنسي وهو ما استجاب له المشرع الجنائي مؤخرا حيث نص على أنه “يعاقب بالحبس من سنة على سنتين وبالغرامة من خمسة آلاف إلى خمسين ألف درهم من أجل جريمة التحرش الجنسي كل من استعمل ضد الغير أوامر أو تهديدات أو وسائل للإكراه، أو أية وسيلة أخرى مستعملا السلطة التي تخولها له مهامه، لأغراض ذات طبيعة جنسية[33].

       من خلال هذا المقتضى يتضح بان المشرع المغربي لم يعرف التحرش الجنسي بل اكتفى بتعداد بعض أساليب ارتكاب هذه الجريمة كالأوامر أو التهديدات أو وسائل الإكراه الأخرى…التي قد يستعين الجاني في تنفيذها بالسلطة التي تخولها له مهامه أو وظيفته. بمعنى آخر لا يعتبر تحرشا جنسيا الأوامر أو التهديدات أو الإيحاءات والمضايقات التي قد يتعرض لها الشخص لأغراض ذات طبيعة جنسية من أحد المارة في الشارع العام مثلا، إذا لم تكن للفاعل سلطة على الشخص المجني عليه. في حين أن السلوكات السالفة الذكر تسبب أضرارا كبيرة للطفل الذي تعرض لها حتى ولو لم يكن للفاعل سلطة عليه، ومن هنا يمكن القول بقصور هذا النص لعدم اشتماله لكافة حالات التحرش الجنسي.

مقال قد يهمك :   أحمد لنصار: إحــالة الــدعوى لــلإرتباط

       ولتجاوز هذا القصور، ففقد وسعت بعض التشريعات من الأفعال التي يمكن اعتبارها تحرشا جنسيا كما هو الحال بالنسبة للتشريع الفيدرالي الأسترالي لسنة 1984 بشأن الميز الجنسي بأستراليا الذي يعتبر أن شخصا قد ارتكب تحرشا جنسيا ضد شخص آخر إذا راوده عن نفسه أوجه له طلبا غير لائق يتعلق بممارسة جنسية أو إذا أتى سلوكا غير لائق وذي طبيعة جنسية عندما تكون لدى المجني عليه أسباب معقولة تجعله يوقن بان حالة رفض الطلب أو الاعتراض على السلوك، يمكن أن تجلب له الضرر والإساءة بأي شكل من الأشكال في مجال عمله، أو لنيل منصب أو شغل محتمل، أو إذا تبين فعلا أنه ترتب عن رفض المراودة أو طلب الاعتراض على السلوك، الإضرار بالضحية بأي شكل من الأشكال في عمله أو إمكانية تشغيله.

       ولحماية العمال من التحرش الجنسي الذي يطالهم بنسبة كبيرة، فقد اعتبرت المادة 40 من مدونة الشغل التحرش الجنسي من بين الأخطاء الجسيمة المرتكبة من طرف المشغل أو رئيس المقاولة أو المؤسسة ضد الأجير والمؤدية إلى الحق في التعويض عن الفصل التعسفي إلا أن الشكل الذي تم به التنصيص على التحرش الجنسي، طرح عدة إشكالات قد تتحول إلى منزلقات خطيرة إذا لم يتم تداركها والقيام بالتعديلات اللازمة، حيث تم تغيب تعريف التحرش الجنسي ولم يتم التنصيص على كيفية إثباته، كما لم تنص مدونة الشغل على عقوبات رادعة للتحرش الجنسي، كما أنها ألقت عبء إثبات واقعة التحرش الجنسي على من يدعيه الشيء الذي يمكن اعتباره شبه مستحيل بالنسبة للمتضرر[34]، خاصة بالنسبة للأطفال العاملين.

       ويتبين مما سبق، بأنه على الرغم من تجريم المشرع للتحرش الجنسي، فإنه لم ينص على مقتضيات حمائية خاصة للطفل تقضي بتشديد عقوبة الجاني متى كان المتحرش به طفلا، بسبب عدم نضجه العقلي والعاطفي مما قد يجعله يتأثر نفسيا بشكل كبير من سلوكيات التحرش الجنسي التي قد تدفعه إلى الانطواء والعزلة.

       وللوقوف على كيفية تعامل القضاء المغربي مع هذه الجريمة، فإننا لم نعثر على قرار تضمن واعة التحرش الجنسي لكون معظم القضايا التي رفعت إلى المحاكم تم إيقاف المتابعات بشأنها لعدم كفاية الأدلة.

       وفي غياب اجتهادات قضائية في الموضوع، فإننا نورد حكم محكمة حقوق الشخص بكندا لإبراز موقف القاضي من التحرش الجنسي الذي يتم في فضاء العمل فقد اعتبرت المحكمة المذكورة، “بأن توجيه نظرات إلى المجني عليها ووصفها بالجميلة وإرغامها على تنظيف منزل الطاعن… وضمها إليه من أجل مواساتها حسب زعمه… ومن أجل أن يريها حسن تنظيفها أماكن عالية في المنزل كان يمرر نظراته على بنيتها الجسدية وكان يقترب منها من الخلف ويهمس في أذنها من أجل أن يريها كيفية غسل ملابسها، كل هذه التصرفات اعتبرت تحرشات جنسية بسبب كون المدعية كانت تعمل تحت إشراف الجاني باعتباره رئيسا لها في مركز الإيواء، مع أنها كانت رافضة لكل تصرفاته مما اضطرها إلى التوقف عن العمل، وبذلك رأت المحكمة أنها تستحق التعويض عن الأضرار المعنوية وإلزام الفاعل بتوجيه رسالة اعتذار على الضحية[35].

       وبعد هذه الإطلالة القانونية على اوجه الحماية الجنائية المقررة للطفل من جريمة التحرش الجنسي، يتضح وجود ثغرات كبيرة تستدعي تدخل المشرع من جديد من أجل ضمان حماية حقيقية للطفل من هذه الجريمة وذلك عن طريق وضع نص يعرف التحرش الجنسي ويجب أن يكون هذا التعريف عاما ليشمل كافة حالات التحرش الجنسي، كما يتعين التنصيص على وسائل إثباته، بالإضافة إلى ذلك، فإنه على المشرع أن يأخذ بعين الاعتبار ما للتحرش الجنسي من آثار سيئة على الطفل إذا ما قورن مع الراشد لذا يجب عليه اعتبار صفة الطفل ظرفا من ظروف التشديد في هذه الجريمة خاصة وأن الطفل يسهل التأثير عليه ومن تم إيقاعه في براثين الفساد.

الفقرة الثانية: تجريم تحريض الأطفال على الفساد وتسخيرهم في الأعمال الإباحية

       من الظواهر التي عرفتها البشرية منذ الأزل إلى يومنا هذا، ظاهرة تجارة الجسد أو تعاطي البغاء وهو نظام أقرته الشرائع والتقاليد لدى كثير من الشعوب المتحضرة فقد نظرت إليه الشعوب القديمة –وما تزال- بعين الرضا والاستحسان معتبرة إياه أمرا عاديا وطبيعيا لصرف طاقة جسدية مقابل الحصول على منفعة مادية[36].

       فهذه التجارة لم تقتصر في وقتنا الحاضر على بيع أجساد النساء بل إنها تسخر حتى أجساد الذكور، وفي سن جد مبكرة، حيث يتعرض أطفال العالم لمختلف أشكال سوء المعاملة الجنسية مثل الدعارة بهم واستخدامهم في العروض والمواد الإباحية وكذا في مختلف الجرائم التي تلحق بهم اكبر الأضرار بصحتهم، أخلاقهم ونموهم الجسدي والعقلي والروحي والاجتماعي…

       فلا أحد ينكر بان بغاء الأطفال أصبحت ظاهرة عالمية وتتم من خلال شبكات منظمة يعاني منها ملايين الأطفال في مختلف بلدان العالم وقد تطورت الظاهرة لتصبح وسيلة من وسائل الجذب السياسي خاصة من أوربا وأمريكا[37].

       وقد شجعت مثل هذه التجارة على رواج هذه الظاهرة في العديد من المجتمعات العالمية الفقيرة مثل ما هو كائن في شرق آسيا والهند والمغرب[38] أيضا الذي أصبحت فيه هذه الظاهرة مستشرية في بعض المدن السياحية كمراكش وأكادير، وذلك رغم الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي من اجل القضاء على هذه الظاهرة المهددة لأمن الطفولة[39].

       ونظرا لخطورة جرائم إفساد الأطفال والزج بهم في مستنقعات الفساد والرذيلة فقد تضمن القانون الجنائي بعض المقتضيات التي تعاقب كل من حرض أو سهل أو ساعد الغير على تسخير الأطفال في البغاء.

       ولقد عدد القانون الجنائي الجرائم التي تستهدف تسهيل البغاء ويمكن تصنيفها إلى ثلاثة أصناف وهي: جرائم التحريض أو المساعدة على البغاء، ثم جرائم الاستخدام أو الاستدراج أو الإغواء ثم أخيرا جرائم استبقاء شخص بغير رغبته في محل للفجور أو الدعارة.

       فبالنسبة لجرائم تحريض أو تسهيل الفساد، فقد نص الفصل 497 ق.ج على أنه يعاقب بالحبس من سنتين إلى عشر سنوات وبغرامة من عشرين ألف إلى مائتي ألف درهم كل من حرض القاصرين دون الثامنة عشر على الدعارة أو البغاء أو شجعهم عليها ولم يستثن المشرع من العقاب كل من ساعد أو حمى ممارسة البغاء أو جلب أشخاصا أو استخدامهم لأجل البغاء حيث عاقب الجاني بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وبالغرامة من خمسة آلاف درهم إلى مليوني درهم[40] وترفع هذه العقوبة إلى السجن لمدة تتراوح بين عشر سنوات وعشرين سنة إذا اقترنت هذه الجريمة بواسطة عصابة إجرامية[41]. أما إذا صاحب ارتكاب هذه الجريمة التعذيب أو أعمال وحشية فإن العقوبة هي السجن المؤبد[42].

       وإذا كان المشرع المغربي قد عاقب بشدة تحريض الأطفال على ممارسة البغاء فإنه لم ينص على معاقبة التحريض على الفجور والفسق كما هو الشأن في بعض القوانين المقارنة، مثل القانون الجزائري الذي جاءت صياغة القسم السابع منه واضحة (تحريض القصر على الفسق والدعارة) فلا تقتصر الحماية على الفسق أي كل ما يرتكبه الأطفال من أفعال جنسية غير مشروعة، بل يشمل كذلك فساد الأخلاق مثل مجالسة الرجال والتحدث إليهم في محلات معدة للدعارة[43]. وإن كان لا يشترط المشرع الجزائري ضرورة ارتكاب الفحشاء بل تكفي المجالسة أو ارتكاب بعض السلوكات التي من شأنها أن تمس سمعة الطفل وأخلاقه كتعاطي الخمر أو المخدرات ولعب القمار[44].

       ولحماية الطفل من بعض أشكال الاعتداءات الجنسية الخطيرة التي أصبحت منتشرة بشكل مخيف في وقتنا الحاضر مثل استغلال الأطفال في مواد إباحية، فقد نص الفصل 2-503 على أنه “يعاقب بالحبس من سنة إلى خمس سنوات وغرامة من عشرة آلاف إلى مليون درهم كل من حرض أو شجع أو سهل استغلال أطفال تقل سنهم عن ثمان عشرة سنة في مواد إباحية وذلك بإظهار أنشطة جنسية بأية وسيلة كانت أثناء الممارسة الفعلية أو بالمحاكاة أو المشاهدة أو أي تصوير للأعضاء الجنسية للأطفال يتم لأغراض ذات طبيعة جنسية”. وتطبق نفس العقوبة على كل من قام بإنتاج أو توزيع أو نشر أو استيراد أو تصدير أو عرض أو بيع أو حيازة مواد إباحية من هذا النوع وتضاعف العقوبة إذا كان الفاعل من أصول الطفل أو مكلفا برعايته أو له سلطة عليه.

       وعلى الرغم من المقتضيات الزجرية الهامة التي تقر عقوبات رادعة في حق الجناة فإن هذا النوع من الجرائم لازال منتشرا بشكل مخيف للغاية داخل مجتمعنا المغربي وتظهر خطورة هذا النوع من الجرائم في كون الجناة غالبا ما يقومون بإقناع الطفل بأن الجسد مجرد سلعة تباع وتشترى كما أن هناك قسما آخر من الجناة أكثر وحشية حيث يقومون بإجبار الأطفال للخضوع لرغباتهم تحت تأثير التهديد أو التخدير. ومع ظهور شبكة الانترنيت واتساع استخدامها عالميا أصبح مثل هذا النشاط أكثر اتساعا مما يجعل السيطرة عليه أمرا غاية في الصعوبة[45].

       وخلاصة القول، إن الهدف الذي توخاه المشرع منذ سنة 1962 من سنه لمختلف هذه الجرائم الماسة بالآداب والعرض هو إعادة تربية هذا النوع من المنحرفين لإدماجهم من جديد في المجتمع وتأهيلهم لحياة أفضل وذلك عن طريق الزجر بعقوبات سالبة للحرية، ورغم ذلك فإن هذه الجرائم في تزايد مستمر ومقلق[46] مما يفند الرأي الذي يزعم أن استقرار الأمن والطمأنينة لا يتم إلا بسن عقوبات رادعة وصارمة والحقيقة أن العقوبات القاسية أثبت الواقع المعاش أنها غير مجدية للإصلاح والتقويم وبالتالي لم تعد تكتسي الطابع الوقائي والحمائي للأسرة والمجتمع[47].

       وإذا كان المشرع قد اعتبر أسلوب الزجر والضرب بصرامة على أيدي مرتكبي هذه الجرائم هو الحل الأمثل لردع هؤلاء الجناة –على الرغم من عدم جدواه- فإنه لم يعر أي اهتمام للطفل الضحية باعتباره إنسان يعاني في صمت.


الهوامش:

[1] – مصباح مصباح القاضي: الحماية الجنائية للطفولة، دار النهضة العربية الطبعة الأولى، القاهرة، 1998.ص:50.

[2] – http :www.Islamoline.net/Arabic/Adam/2003/12/article 11.Shtnl.

[3] – محمود أحمد طه، الحماية الجنائية للطفل المجني عليه، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الطبعة الأولى، الرياض، 1999، ص:192.

[4] – محمود أحمد طه، الحماية الجنائية للطفل المجني عليه، أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الطبعة الأولى، الرياض، 1999، ص:192.

[5] – إن الشخص الذي يرتكب جرائم الاغتصاب (خاصة ضد الأطفال) إنسان غير سوي، باعتبار أن الاغتصاب هو أقصى درجات العنف، فالذي يقدم على هذا الفعل تحكمه دينامية لا شعورية تجعله يقدم على ارتكاب هذا الفعل دون وعي، فقد أثبتت معظم الدراسات، أن أغلب الجناة كانوا بدورهم ضحايا اعتداءات جنسية مماثلة في صغرهم.

[6] – محمد مصباح القاضي، مرجع سابق، ص:50-51.

[7] – ونظرا لخطورة هذه الجريمة، فإن هناك من الفقهاء المسلمين من اجمعوا على معاقبة مغتصب الأنثى بحد الحرابة ويمثل هذا الاتجاه –فقهاء المالكية والظاهرية وبعض الشافعية- وذلك لما تنطوي عليه فعل الاغتصاب من المغالبة واستعمال للعنف، وترويع الآدميين والإخلال بالنظام العام في المجتمع.

      فلاشك أن الجاني بفعلته الشنيعة هذه، قد دخل في زمرة المحاربين لله ورسوله وعاث في الأرض بالفساد، وما يدعم هذا الاتجاه في الفقه ما قال به المفسرون في النصوص الواردة في هذا الموضوع وهو قوله تعالى: “إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فسادا أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم” سورة المائدة الآية 33.

    وفي ذلك يقول الإمام مالك “من دخل على رجل في حريمه، على أخذ ماله فهو عندي بمنزلة المحارب يحكم فيه كما يحكم في المحارب”.

    وللإشارة فإن العقوبة المقررة لحد الحرابة في الشريعة الإسلامية متعددة وهي غاية في الشدة، إذ تجمع بين عقوبة القتل أو الصلب أو قطع الأيدي والأرجل من خلال أو النفي من الأرض.

مقال قد يهمك :   سمير أيت أرجدال : العدالـــة و ســـؤال الثــقـــــة

    للمزيد من التفاصيل في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى مؤلف: محمد الشيحات الجندي، جريمة اغتصاب الإناث في الفقه الإسلامي مقارنا بالقانون الوضعي، دار النهضة العربية، القاهرة 1990، ص:266 وما بعدها.

[8] – علـي أبو احجيلة، الحماية الجزائية للعرض، في القانون الوضعي والشريعة الإسلامية، ط1، دار وائل للنشر، عمان، 2003، ص:118.

[9] – سميرة عثمان الصقلي، مؤامرة الصمت والسرية، الاعتداء الجنسي على الأطفال، جريدة المستقبل، الأربعاء 31 دجنبر 2003، ص:5.

[10] – قرار عدد 257/98 الصادر بتاريخ 24/06/1998..

[11] – قرار عدد 712، الصادر بتاريخ 13 نونبر 2002.

[12] – القرار عدد 236، الصادر من محكمة الاستئناف بفاس، بتاريخ 29 مارس 2001.

[13] – مراد دودوش: حماية الطفل في التشريع الجنائي المغربي: جانحا وضحية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق، فاس، 2002-2003. ص:150.

[14] – أحمد اجوييد، الموجز في شرح القانون الجنائي الخاص المغربي، الجزء الثاني، كلية الحقوق، فاس، السنة الجامعية 2004-2005 ، ص:83.

[15] – فعلى الرغم من كون هتك العرض لا يفترض اتصالا جنسيا بين الجاني والمجني عليه إلا أنه يفترض المساس بحرمة المجني عليه، فالفعل المخل بالحياء على نحو جسيم هو بحسب المجرى العادي للأمور تمهيدا لاتصال جنسي أو على الأقل يشير في ذهن المجني عليه فكرة الاتصال الجنسي وهو اتصال غير مرغوب فيه وبالإضافة إلى ذلك فهذه الجريمة تنطوي على المساس بالشرق وحصانة الجسم بصفة عامة ولمزيد من التفاصيل في هذا الموضوع يمكن الرجوع إلى مؤلف، سعيد الفكهاني، التعليق على القانون الجنائي المغربي في ضوء الفقه والقضاء، ج3، ط1، الدار العربية للموسوعات، 1993، ص:214 وما بعدها.

[16] – الفصل 484 ق.ج.

[17] – إن الحكمة من تشديد عقوبة هؤلاء الأشخاص هي ردع من سولت له نفسه خيانة الثقة التي توضع فيه تبعا لمركزه إزاء الصغير الذي يصبح فريسة سهلة له لوجوده معه بدون رقابة في أغلب الأحيان إذ يعتبر هو نفسه مسؤولا عنه ومن المفترض فيه أن يحميه من كل أنماط سوء المعاملة بدلا من الإساءة إليه غير أن اعتبار صفة موظف أو رئيس ديني ظرف تشديد في بعض الجرائم يعد غريبا عن المجتمع المغربي المسلم، إذ المقصود بالموظف الديني أو الرئيس الديني الأشخاص الذين تحول لهم صفتهم هذه الاتصال الانفرادي بالناس بما فيهم النساء وممارسة الضغط المعنوي عليهم بما يملكونه من وساطة بينهم وبين خالقهم تحط بها خطاياهم وتبدل بها بسيئاتهم حسنات وهذا إن صدق على التقاليد الكنسية فإنه لا مجال له بالنسبة للديانة الإسلامية، التي لا يملك فيها أحد التسلط باسم الدين أو الإكراه المعنوي للأفراد بدعوى الغفران ومحو الخطيئة. انظر: أحمد الخمليشي، شرح القانون الجنائي، مرجع سابق، ص:156.

[18] – محمد مصباح القاضي، مرجع سابق، ص:51.

[19] – هلالي عبد الله احمد، الحماية الجنائية للأخلاق من ظاهرة الانحراف الجنسي، دار النهضة العربية القاهرة، 1996 ص:206.

[20] – الفصل 487 من القانون الجنائي

[21] – الفصل 488 من القانون الجنائي.

[22] – محمود احمد طه، مرجع سابق، ص:133.

[23] – قرار اورده مراد دودوش، مرجع سابق، ص:147.

[24] -العنف ضد النساء أية حماية، أعمال المناظرة الوطنية، الجمعية المغربية لحقوق النساء مطبعة فضالة، المحمدية، 1997 ص:48.

[25] – قرار عدد 30، قضية رقم 99/86، الصادر بتاريخ 01/04/1987. مجلة الميادين العدد 4-1989 ص: 18.

[26] – قرار أورده علي أبو احجيلة، مرجع سابق. ص:273

      وفي نفس السياق يمكن القول بأن السلطة قد تنبع من القانون ذاته وتسمى حينئذ سلطة قانونية L’autorité de droit وذلك عندما يكون الإشراف على المجني عليه أداء لواجب قانوني عهد به  إلى الجاني. وهذه السلطة في غالب الأحيان تكون مفترضةprésumée  ومن أمثلتها الوصي أو القيم المعين= =من قبل المحكمة، المعلم الذي يقوم بتربية وتعليم المجني عليه، المشرف على معسكرات الإجازات إلى الأشخاص الذين في خدمة المجني عليه أو ذويه، كما ينسحب التشديد أيضا إلى الموظفين العموميين عندما يرتكبون جريمة الاغتصاب أثناء أو بمناسبة ممارسة مقتضيات وظائفهم.

    لذلك قد يكون مصدر السلطة الواقع، وفي هذه الحالة تسمى سلطة واقعية أو فعلية L’autorité de fait وعلة التشديد أن من له هذه السلطة على المجني عليه سيكون له من قوة التأثير الأدبي ما يمكنه. -إذا أساء استعمال سلطة- من التوصل بسهولة إلى مواقعته جنسيا. ومن التطبيقات القضائية في هذا الشأن= = زوج الأم بالنسبة لأطفالها من زوجها الأول كما يعتبر عشيق الأم في القانون الفرنسي أيضا من ذوي السلطة على أطفالها في حالة الإقامة المشتركة معهم وإذا كان يكفي لإثبات السلطة القانونية بيان صفة القائم بها، فإن السلطة الواقعية يشترط للتشديد بمقتضاها تقصي جميع الظروف التي أوجدتها وإيضاحها، إذ ينبغي على قضاة الموضوع بيان نوع هذه السلطة بوضوح كاف وأيضا كافة الملابسات المتعلقة بها وبالأخص المعيشة المشتركة بين الجاني والمجني عليه، ولذا حكم القضاء في فرنسا بأن صفة الحكم المجردة من قبيل سلطة الواقع طالما أن العم لم يبين كيف ولماذا كنت له هذه السلطة التي أساء استغلالها.

     انظر: الحماية الجنائية للأخلاق من ظاهرة الانحراف الجنسي أنظر: هلالي عبد الله أحمد، مرجع سابق، ص:198 وما بعدها.

[27] – رغم الستار العميق المضروب على هذا الموضوع، فإن الآفة آخذة في الانتشار، يساعدها ما يعرفه المجتمع من تفكك أسري، نتيجة الطلاق وتشرد الأبناء وتنامي ظاهرة أطفال الشوارع التي تستقطب كل يوم أفواجا جديدة، تعد الشريحة الأولى المستهدفة بجرائم العرض، وفي هذا السياق يمكن الإشارة إلى قضية المدرس الفرنسي (دانيل اندري جون) الذي اتهم باستغلال أطفال الشوارع حيث هتك أعراضهم وسجل أشرطة فاضحة لهم مقابل مبالغ مالية، والذي سبق أ حكم عليه في قضايا مماثلة ببلده فرنسا في الثمانينات قبل أن يحول نشاطه للمغرب وبالضبط مدينة الرباط والذي حكم عليه بعشر سنوات سجنا وغرامة 20 ألف درهم ولا يقتصر الأمر على أطفالنا بالمغرب، بل يتعداهم إلى الأطفال المغاربة الذين عبروا إلى الضفة الأخرى غذ حسب تقرير لمديرية الدراسات حول المواطنة والهجرة التابعة لمؤسسة “أورتيغا غاسيت” الإسبانية فإن حوالي 1000 قاصر يعيشون مشردين في شوارع إسبانبا يتعرضون لمختلف أنواع الاعتداءات الجنسية.

[28] -علـي أبو احجيلة، الحماية الجزائية للعرض، في القانون الوضعي والشريعة الإسلامية، ط1، دار وائل للنشر، عمان، 2003، ص:276.

[29] – الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق النساء، التحرش الجنسي جريمة، “سلسلة لنحرك الصمت” مطبعة النجاح الجديدة، أبريل 2001 ص:27.

[30] – الجمعية الديمقراطية لنساء المغرب، التحرش الجنسي في المغرب، نشر الفنك، مطبعة النجاح الجديدة، 2001، ص:39.

[31] – خديجة أبو مهدي، الحماية الجنائية للمرأة في المنظومة القانونية المغربية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة في القانون الخاص، كلية الحقوق فاس، 2002-2003 ص:137.

[32] – إحصائيات صادرة عن الجمعية الديمقراطية للدفاع عن حقوق النساء، سنة 2001، أوردها مراد دودوش ص:160.

[33] – الفصل 1-503 من القانون الجنائي.

[34] – خديجة أبو مهدي، مرجع سابق، ص:141.

[35] – حكم محكمة الشخص بكندا، أورده مراد دودوش، مرجع سابق، ص:164.

[36] – أحمد أجوييد، مرجع سابق، ص:133.

[37] – أحمد الدريج، م الأطفال في وضعية صعبة، سلسلة المعرفة للجميع العدد 25 مطبعة النجاح الجديدة الدار البيضاء 2002، ص:166-167.

[38] – تطلعنا وسائل الإعلام المغربية كل يوم عن فضائح الاستغلال الجنسي للأطفال من طرف سياح أجانب خاصة في مدينتي أكادير ومراكش، وخير مثال على ذلك قضية أجنبي (س) ضبط مؤقتا بمراكش وبحوزته الآلاف من الصور الخليقة لأطفال من المغرب، طايتي والسنغال وغيرها. وبخصوص هذه الحالة صرحت “نجاة أنوار” رئيسة جمعية “ما تقيش أولادي” أن المغرب أضحى أولاده مهددين اكثر من أي وقت مضى بالاستغلال الجنسي، على اعتبار الفراغ القانوني الذي يعرفه التشريع المغربي في مجال الاعتداء الجنسي على الأطفال وهو ما يشجع الشواذ على استغلال براءة الأطفال.

   للإطلاع على العديد من المقالات في هذا الإطار يمكن زيارة الموقع الإلكتروني التالي:

www.hawadith.G assabah.press.ma.

[39] – لقد أقر المجتمع الدولي العديد من الاتفاقيات الدولية من أجل محاربة هذه الظاهرة أذكر منها:

      -الاتفاقية الدولية الخاصة بمكافحة الاتجار في النساء والأطفال عام 1921 والتي دعت الدول الأطراف إلى اتخاذ الإجراءات اللازمة لمطاردة ومعاقبة الأشخاص الذين يتجرون بالأطفال ذكورا وإناثا.

     2-الاتفاقية الدولية لحقوق الطفل لعام 1989 والتي دعت الدول الأطراف من خلال المادة 34 إلى حماية الأطفال من جميع أشكال الاستغلال الجنسي والانتهاك الجنسي، عن طريق إلزام الدول باتخاذ  التدابير الملائمة لمنع إكراه الطفل على تعاطي أي نشاط جنسي غير مشروع، ومنع استغلال الأطفال والمواد الإباحية والداعرة.

    3- البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 25 ماي 2000 المتعلق بمحاربة بيع ودعارة الأطفال واستخدامهم في العروض والمواد الإباحية الذي نص في المادة الأولى منه:

    – تحذر الدول الأطراف بيع الأطفال ودعارة الأطفال واستخدامهم في العروض والمواد الإباحية كما ينص عليها هذا البروتوكول.

    4-وثيقة نيويورك “عالم صالح للأطفال” لسنة 2002. والتي دعت في المادة 44/44 إلى كفالة وسلامة وأمن الأطفال ضحايا الاتجار والاستغلال الجنسي وتوفير الدعم والمساعدات بغية تيسير استردادهم عافيتهم وإعادة إدماجهم في المجتمع.

    وعلى الرغم من هذه الإدانة الدولية الصارخة لاستغلال الأطفال جنسيا، فإن ذلك لم يقلل من عدد الأطفال الذين يسقطون ضحايا الاتجار والاستغلال الجنسي.

[40] – الفصل 498 من القانون الجنائي.

[41] – الفصل 499 من القانون الجنائي.

[42] – الفصل 2-499 من القانون الجنائي.

[43] – المواد 343 و348 من قانون العقوبات الجزائري.

[44] – بوعزة ديدن، حماية الطفل في قانون العقوبات الجزائري، المجلة الجزائرية للعلوم القانونية والاقتصادية والسياسية، الجزء 35 العدد الرابع، 1997 ص:1066.

[45] – أحمد الدريج، مرجع سابق، ص:168.

[46] – لقد أكدت المنظمة الدولية للشرطة الجنائية اتساع نطاق الاستغلال الجنسي للأطفال على الانترنيت، لذلك طلبت الاستعانة بالأنتربول للقبض على مستغلي الأطفال جنسيا، وأوضح الامتربول في بيان أصدره أخيرا أن بإمكان ضباط الشرطة في الدول 182 الأعضاء في المنطقة الدولية للشرطة الجنائية ومن بينها المغرب ولوج قاعدة البيانات والاطلاع على صور الأطفال ضحايا الاستغلال الجنسي، حتى يتسنى لهم تحديد هوياتهم للوصول إلى شبكات الاستغلال الجنسي للأطفال على شبكة الأنترنيت وهذا فعلا ما توصل إليه الأنتربول، حيث تمكن من تحديد هوية أكثر من 360 طفلا تعرضوا للاستغلال الجنسي.

  وفي هذا السياق أكد وكيل الوزراء البريطاني لشؤون الشرطة والأمن وسلامة الأمن والمجتمع أن صور الإساءة للأطفال على شبكة الانترنيت ليست مجرد صور، فالأمر يتعلق بصور حقيقية، كما أكد الانتربول هذا التصريح من جانبيه، مشيرا إلى أن أطفالا من دول شمال أفريقيا ومن بينها المغرب ضحايا الاستغلال الجنسي، وقد طالبت السلطات الأمنية المغربية بتعزيز المراقبة وإيجاد حلول للحد من هذه الظاهرة.

  للمزيد من التفاصيل حول هذا الموضوع يمكن الرجوع على مقال: رضوان حفياني “الاستعانة بالانتربول للقبض على مستغلي الأطفال جنسيا” جريدة الصباح، ع 1698، الأربعاء 21/09/05. ص:5.

[47] – محمد مرزوكي، السياسة الجنائية في مجال الأسرة والأحداث ومساعدة الضحايا ندوة السياسة الجنائية بالمغرب واقع وآفاق، مكناس، أيام 9-10-11 دجنبر 2004 المجلد الأول، منشورات جمعية نشر المعلومات القانونية والقضائية ع 3. 4-2004 ص:339-340.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]