مــــلود عشعــاش: أزمة مبدأ سلطان الإرادة في ظل مساطر صعوبات المقاولة
مــــلود عشعــــــاش دكتور في الحقوق كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية عين الشق جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء
مقدمة:
يترتب عن القوة الملزمة للعقد قاعدة العقد شريعة المتعاقدين، فلا يجوز نقضه ولا تعديله إلا باتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وتعني قاعدة العقد شريعة المتعاقدين أن للعقد قوة إلزامية في مواجهة أطرافه كما يلزمهما القانون، لذلك فإنه لا يتصور أن يقوم أحد منهما بتعديل هذا العقد بإرادته المنفردة أو إنهائه، كما أنه لا يجوز للقاضي القيام بذلك، لأن العقد له قوته تجاه الأطراف وتجاه القاضي لذلك يقال بأن القاضي هو خادم للعقد، كما أنه لا يلتزم الفرد بعقد لم يكن طرفا فيه.
كما أن القوة الملزمة للعقد، تجعل من العقد وحده هو المتحكم في طريقة تنفيذه، بالإضافة إلى ما تضمنه من ضمانات قانونية، وشروط اتفاقية تساعد على ذلك، دون التقييد بأي طقوس أو قيود تفرضها جهات أجنبية عن العقد.
لكن إذا كان ما سبق ذكره يدخل في إطار الثوابت التي يقوم عليها قانون الالتزامات والعقود، فإن متطلبات الظرفية الاقتصادية جعلت المشرع يلجأ إلى صياغة ميكانيزمات جديدة تتحكم في تنفيذ العقد خرج بها عن القواعد العامة في ظل خضوع أحد أطراف العلاقة التعاقدية لنظام صعوبات المقاومة.
وهكذا فبالنظر للدور الكبير الذي تلعبه العقود في الحفاظ على نشاط المقاولة وضمان استمراريتها، فإن المشرع المغربي قد عمل على وضع العديد من المقتضيات القانونية الحديثة التي تسعى إما إلى تيسير إبرام هذه العقود والمحافظة عليها إذا كانت تخدم مصلحة المقاولة وإما الاستغناء عنها واستبعادها إذا كانت تشكل عبء على المقاولة بدون إعطاء أي اهتمام للمتعاقد الآخر، وهذا ما شكل ضربة موجعة كسرت كل النتائج القانونية المترتبة عن مبدأ سلطان الإرادة.
كما أن قدرة العقد وحده على تمكين المتعاقد الدائن من استيفاء حقه دونما حاجة لإجراء معين أو سلوك مسطرة خاصة وفق مقدار معين وفي أجل معين أصبحت محل نظر، إذ أن هذه القاعدة لم تعد لها أي أثر عند فتح مسطرة المعالجة في وجه المتعاقد الدائن، حيث تم إعادة النظر في قواعد وآليات الوفاء بالديون التعاقدية بهدف إسعاف المقاولة المتعثرة وضمان استمراريتها.
وإذا كانت هذه الإجراءات والمبادئ الجديدة تخدم مصلحة المقاولة فإنها قد زادت من تأزيم وتقزيم النظرية العامة للعقد وعلى الخصوص مبدأ سلطان الإرادة.
ومن المتعارف عليه في إطار القواعد العامة أن العقد الناتج عن الإرادة الحرة لطرفيه يقتضي الوفاء به وتنفيذه، وبالتالي فمبدأ سلطان الإرادة تترتب عليه نتيجتان أساسيتان الأولى تتمثل في القوة الملزمة للعقد بمعنى أن الالتزامات الناشئة عن العقد تعادل في قوتها الالتزامات الناشئة عن القانون، أما الثاني فتقضي أن العقد الناتج عن الإرادة لا يلزم إلا من كان طرفا فيه، بمعنى أن القوة الملزمة للعقد لا تنصرف إلا لأطراف العقد دون غيرهم طبقا لقاعدة نسبية اثارا العقد.
لكن إذا كانت مبادئ القوة الملزمة للعقد ونسبية آثاره صالحة في زمن ما، فإنه في القرن 20 وبداية القرن 21 لم يعد مرغوب فيهما، ذلك أن التحولات الاقتصادية كان لها أثر الكبير في قلب كل هذه المبادئ الكلاسيكية، حيث أنه إذا كانت القواعد العامة ترجح التوازن القانوني كما تمت الإشارة إلى ذلك، فإن نظام صعوبات المقاولة جاء ليرجح التوازن الاقتصادي ضاربا بذلك مبدأ القوة الملزمة للعقد عرض الحائط، كما أنه في ظل هذا النظام لم يعد العقد مقتصرا على أطرافه، وإنما تتدخل فيه جهات أخرى لم تساهم في تكوينه وهو ما أثر بشكل كبير على مبدأ نسبية آثار العقد.
ومن خلال ما سبق فالإشكالية الأساسية لهذا الموضوع تتمثل في مكانة مبدأ سلطان الإرادة ونتائجه القانونية في ظل مساطر صعوبات المقاولة؟
ومن أجل الإجابة عن هذه الإشكالية سنتحدث في المطلب الأول عن تراجع مبدأ القوة الملزمة للعقد في ظل نظام صعوبات المقاولة، لننتقل للمطلب الثاني للتطرق لتراجع نسبية أثار العقد.
المطلب الأول: تراجع مبدأ القوة الملزمة للعقد في ظل نظام صعوبات المقاولة
إذا كانت الحرية وفقا لنظرية سلطان الإدارة هي التي تتحكم في إقبال المتعاقد على الدخول في العلاقة التعاقدية، فإن نشوء العقد صحيحا لا يمنحه الحرية قصد الخروج منه وهذا ما يسمى بالقوة الملزمة للعقد.
هذا الثابت الذي لم يستطع أن ينال الزمن منه، ظل صامدا لعقود، إلى أن طرأ ما طرأ على المعاملات الاقتصادية، فكان أول ما تأثر في قانون الالتزامات والعقود هو القوة الملزمة للعقد، فماذا حدث؟ الذي حدث هو أنه في إطار نظام اقتصادي تقليدي كان يرى بأن الفرد هو أساس العملية الاقتصادية، لكن بفعل التحولات الاقتصادية ظهر وافد جديد في الساحة الاقتصادية وهي المقاولة، وبالتالي فالعقد الذي كان يحمي أطرافه وكان القانون يؤكد هذه القاعدة، وكان القاضي يسهر على احترام إرادة الأطراف، تحولت كل هذه المعطيات ذلك أنه في ظل نظام صعوبات المقاولة ومن أجل إنقاذ المقاولة، سمح القانون أن يتم التراجع والمس بأهم عقيدة من عقائد القانون المدني وهي القوة الملزمة للعقد وإن هذا التراجع لا محال ستكون له آثار وخيمة سواء على مستوى الأمن التعاقدي، أو على مستوى عنصر الائتمان الذي يعد أحد أهم ركائز القانون التجاري.
الفقرة الأولى: مظاهر تمرد نظام صعوبات المقاولة على القوة الملزمة للعقد
في البداية نتفق جميعا بأن من أهم مسلمات قانون الالتزامات والعقود، بل من اهم ركائزه هو العقد شريعة المتعاقدين، فهو القوة القصوى والقوة المطلقة التي يحظى بها العقد، ذلك أن قانون الالتزامات والعقود متأثر بالفلسفة الفردانية القائمة على تقديس الفرد واحترام حريته، جعل الفرد فوق القانون وفوق القاضي، بل إن القانون والقاضي هم مسخرين معا لخدمة العقد.
وقد نص الفصل 230 من ق ل ع المغربي على أن ” الالتزامات التعاقدية المنشأة على وجه صحيح تقوم مقام القانون بالنسبة إلى منشئيها، ولا يجوز إلغاؤها إلا برضاهما معا، أو في الحالات المنصوص عليها في القانون “، وهذا يعني أن للعقد قوته الملزمة اكتسبها من إرادة المتعاقدين التي اتجهت إلى ترتيب اثار معينة، وبالتالي فإن هذه الآثار المتمثلة في الحقوق والالتزامات واجبة التنفيذ والإلزام، وبالتالي لا يمكن نقض العقد أو تعديله إلا وفقا لاتفاق الطرفين أو للأسباب التي يقررها القانون، وفقا لمبدأ القوة الملزمة للعقد.
غير أنه وفي خضم التحولات الاقتصادية قد أورد المشرع على مبدأ القوة الملزمة للعقد مجموعة من الاستثناءات، وبالتالي فإذا كانت القاعدة الأصلية التي نصت عليها النظرية العامة في قانون الالتزامات والعقود أن العقد شريعة المتعاقدين والقوة الملزمة للعقد، فإن المفهوم المعاصر للنظام الاقتصادي ترتب عنه التقليص من آثار هذه القاعدة وهو النهج الذي أخذ به المشرع المغربي في مدونة التجارة وبصفة خاصة في مساطر صعوبات المقاولة.[1]
ففي الوقت الذي لا تسمح فيه القواعد العامة بقطع الرابطة العقدية بعد إنشائها، إلا في حالة انعدام أحد الاركان الأساسية للعقد أو تخلفه فيما بعد، وكذا حالة عدم تنفيذ الالتزام، فإن المشرع المغربي قد اعتمد في إطار نظام صعوبات المقاولة على سبب آخر لتبرير قطع هذه الرابطة، وذلك في مدى كون العقد نافعا وضروريا لاستمرارية نشاط المقاولة، حيث أعطى للسنديك سلطة تقدير ذلك، دون أن يقاسمه هذه الصلاحية لا القاضي المنتدب ولا أي جهاز آخر[2] بحيث أن الخيار الممنوح لهذا الأخير في هذا الصدد يعتبر من النظام العام، وهو تصرف من جانب واحد تنتج عنه اثار قانونية هامة.
وهكذا فقد نصت الفقرة الأولى من المادة 588 من مدونة التجارة كما تم تعديلها بمقتضى قانون 73.17 على أنه ” بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية بتقديم الخدمة المتعاقد بشأنها للطرف المتعاقد مع المقاولة، ويفسخ العقد بقوة القانون بعد توجيه إنذار إلى السنديك يظل دون جواب لمدة تفوق شهرا … .
انطلاقا من هذه المادة يتبين لنا أن المشرع المغربي قد جعل مبدأ القوة الملزمة للعقد في خدمة مصلحة المقاولة بالدرجة الأولى، فارتقى بهذه الأخيرة إلى درجة التقديس نظرا لتطابقها مع متطلبات المصلحة العامة، في حين أصبحت المصالح الفردية التي يعبر عنها عند إبرام العقد متجاوزة وثانوية، وبالتالي التضحية بأهم ركيزة من ركائز القانون المدني وهي القوة الملزمة للعقد.
ومن ذلك يفهم مما سبق ذكره أن العقد لم يعد ملكا لا للمدين ولا للمتعاقد معه كما تقرره القواعد العامة طبقا للفصل 230 من ق ل ع، وإنما يصبح في ظل مساطر نظام صعوبات المقاولة في عهدة السنديك حسب سلطته التقديرية، وهذا يتنافى بصفة مطلقة مع ما تقرره القواعد العامة.
ومن جهة أخرى إذا كان المشرع المغربي قد أعفى المقاولة الخاضعة لمسطرة المعالجة من التقيد بمبدأ القوة الملزمة للعقود، فإنه قد الزم به الطرف الآخر المتعاقد معها رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة.
وبالتالي نلاحظ بأن المشرع المغربي قد عطل النظام القانوني للتعاقد في شق القوة الملزمة للعقد، وذلك بخصوص مصير العقود الجارية في تاريخ الحكم بفتح المسطرة وإعطاء السلطة في تقدير ذلك للغير وهو السنديك، وليس القضاء الذي عهدنا هو السلطة ذات الولاية لوضع حد للأوضاع القانونية المخالفة ويتجلى ذلك فيما يلي:
– الاسترسال أو الاستمرار الجبري للعقود بإرادة السنديك وحده، وهنا تطرح أسئلة كثيرة وإشكالات متعددة بخصوص الطبيعة القانونية للعقود المسترسلة ونطاقها ومجالاتها.
– الفسخ الجبري بقوة القانون للعقود بإهمال السنديك.
وفي الحالتين معا نلاحظ بأن هناك تجاهل مطلق للمدين نفسه في اختيار وتحديد العقد أو العقود التي سيستمر تنفيذها سواء بالاستشارة أو الراي هذا الموقف كان هو نفسه موجود في فرنسا قبل تعديله ( L627.2) حيث أصبح للمدين الحق في اتخاذ القرار بشأن متابعة العقود الجارية المنظمة بمقتضى المادة ( L627.13) بعد موافقة الوكيل القضائي الممثل للدائنين، مع إمكانية رفع الأمر للقاضي المنتدب في حالة الاختلاف، كما نلاحظ بأن هناك تجاهل مطلق للمتعاقد الآخر، سواء فيما يتعلق باستمرارية العقد أو التخلي عليه، فمن جهة فإن قرار السنديك بشأن الاستمرار ملزم للطرف الآخر الذي لا يملك سوى الخضوع وليس له الحق لا في الاعتراض ولا في المناقشة، ومن جهة أخرى فإن النص يتجاهل بصورة فاحشة وجود المتعاقد في حالة أن قرر السنديك صرف النظر عن أحد العقود، حيث يتعرض المتعاقد للتجاهل.[3]
إن مقتضيات المادة 588 من م ت كلها قواعد أمرة، وبالتالي لا يجوز مخالفتها الضرورة التسوية أو التصحيح بغية إنقاذ المقاولة، من خلال ترك أبعاد الاختيار للسنديك وحده، لتقدير ما إذا كانت مواصلة العقد ضروريا أم غير ضروري لحاجيات استمرارية الاستغلال دون تدخل للمتعاقد مع المقاولة.[4]
فترجيح المشرع التجاري للمصلحة العليا للمقاولة جعله يعمل على شرعنة قواعد جديدة تضمن الحفاظ على علاقاتها التعاقدية إذا كانت في صالحها أو تخليص المقاولة نهائيا من العقود التي ترهق كاهلها بسبب التقلبات الاقتصادية، وإن كان ذلك سيكلفه التضحية بالقوة الملزمة للعقد.
بالإضافة إلى ما سبق فإن المادة 588 قد وضعت نظامها يتجاهل أسس التعاقد، مفادها أنه أمام سكوت السنديك وإهماله، يتعين على المتعاقد لمعرفة مصير عقده إندار السنديك لمعرفة موقفه من العقد، وفى حالة عدم الرد بعد شهر يعتبر العقد مفسوخا بقوة القانون.
ولا يمكن للباحث إلا أن يستغرب مبدئيا لهذه السلطة المطلقة التي منحت إلى السنديك”[5]، والتي تخول له اتخاذ قرار التخلي عن العقود الجارية أو المطالبة بتنفيذها بغض النظر عن قوة العقد الملزمة كما هي متعارف عليها في إطار القواعد العامة.
وعليه فإن التنظيم القانوني للعقود الجارية يعكس تحولا بنيويا في المنظومة القانونية المغربية، إذ انتصر القانون لمصلحة المقاولة، ومس بأحد أهم مسلمات القانون المدني، ألا وهي القوة الملزمة للعقد، حيث إذا ارتأى السنديك أن مصلحة المقاولة و ضمان استمرارية نشاطها وإمكانية إنقاذها تتأسس على المساس بالعقود التي سبق للمقاولة إبرامها كان له ذلك رغم إرادة المدين بل وكذلك رغم تعرض المتعاقدين معه[6].
ويشكل هذا التحول منعطفا جديدا في البناء الفلسفي القانوني، حيث انتقلنا بذلك من المرحلة التي تقوم على فلسفة الحرية التعاقدية عنوانها مبدأ سلطان الإرادة إلى مرحلة فلسفة اقتصادية أساسها وقوامها المصلحة الاقتصادية للمقاولة، ولو اقتضى الأمر المس بالقوة الملزمة للعقد، ويعني ذلك ضربا للمبدأ المدني القائم على العقد شريعة المتعاقدين.[7]
وبالتالي فإن استمرارية المقاولة تشكل أحد أهم هواجس المشرع عند اعتماده نظام معالجة صعوبات المقاولة، وربطها بديمومة العلاقات التعاقدية خلال فترة الحكم بالتسوية القضائية بسبب عجزها عن أداء ديونها عند حلول استحقاقها[8]، الشيء الذي جعل المشرع المغربي يغلب مصلحة المقاولة عن القوة الملزمة للعقد.
بالإضافة إلى ما سبق فإذا كانت القوة الملزمة للعقد تبرز أهميتها بشكل كبير عند تنفيذ العقد، أي عندما يخل أحد أطراف العلاقة التعاقدية بتنفيذ التزاماته وهنا ينتج العقد قوته الملزمة ليجبر الطرف الآخر على التنفيذ أو استعمال الآليات الأخرى كفسخ العقد وترتيب المسؤولية التعاقدية، فإن قواعد نظام صعوبات المقاولة تأبى أن تفعل جزاء القوة الملزمة للعقد، إذ نجدها تفرض على المتعاقد مع المقاولة المدينة مجموعة من القيود التي تحرمه من حقه في المطالبة بترتيب جزاءات الإخلال بتنفيذ العقد على المقاولة المدنية، وبالتالي يتم إبطال مفعول القوة الملزمة للعقد على مستوى النتائج المترتبة عنها.
من خلال كل ما سبق يتبين لنا أن القوة الملزمة للعقد وكما هي متعارف عليها في إطار القواعد العامة، قد عرفت تراجعا مهولا حيث أنها تأثرت بمنطق قواعد نظام إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة، إذ نجد أن هذا الأخير – نظام صعوبات المقاولة قد أبطل مفعول القوة الملزمة للعقد على مستوى قدرة العقد على إلزام أطرافه وكذلك على النتائج القانونية المتولدة عن الإخلال بالقوة الملزمة للعقد.
وبالتالي فإن المشرع المغربي ومن خلال المادة 588 قد فضل التضحية بالمصلحة الخاصة للمتعاقد والتي تحميها القواعد العامة وعلى راسها القوة الملزمة للعقد، مقابل حماية المقاولة وضمان استمراريتها وبالتالي حماية الاقتصاد الوطني.
وإذا كان هذا التراجع والمس بمبدأ القوة الملزمة للعقد يخدم مصلحة المقاولة، فإنه لا محال سيكون له آثار وخيمة سواء على مستوى الأمن التعاقدي أو على مستوى الائتمان الذي يعتبر عصب التجارة
الفقرة الثانية: الآثار المترتبة عن تراجع القوة الملزمة للعقد
إن التراجع والاضطراب الذي حدث لمبدأ القوة الملزمة للعقد في ظل نظام صعوبات المقاولة قد نتجت عنه مجموعة من الآثار السلبية، فهذا التوجه والفلسفة الجديدة التي يقوم عليها نظام صعوبات المقاولة والمتمثلة في تغليب المصلحة الاقتصادية على قوة الملزمة للعقد قد امتدت أثارها لتمس بأحد أهم النتائج إلى المترتبة عن القوة الملزمة للعقد وهو الأمن التعاقدي (أولا) هذا بالإضافة إلى المساس بأحد عقائد ومسلمات القانون التجاري وهو عنصر الائتمان الذي يشكل عصب التجارة إن صح التعبير (ثانيا).
أولا: المساس بالأمن التعاقدي
يعتبر الأمن التعاقدي من بين المفاهيم التي أضحت متداولة بشكل كبير في المجال القانوني، لكن رغم كل ذلك فإنه نادرا ما يتم الاهتمام بتعريف هذا المبدأ الذي يكتسي أهمية كبرى في الميدان التعاقدي.
وبصفة عامة يقصد بالأمن التعاقدي توقع المخاطر التعاقدية وتلافيها، وذلك باتباع إجراءات محددة عند التعاقد، لا سيما بشأن ما يتعلق بالتنفيذ والمسؤولية العقدية، فالأمن بهذا المعنى إحساس وقيمة اجتماعية مستمدة من القانون، أما من حيث المقصود بالأمن التعاقدي كمبدأ، فإنه يتجلى من خلال المرتكزات التي ينبني عليها وتتجلى على عدة مستويات من أهمها:
– مبدأ القوة الملزمة للعقد؛
– الحق في تنفيذ الالتزام؛
– احترام الأطراف للمراكز القانونية الناشئة عن العقد؛
– الإبقاء على العقد ما أمكن، سواء في حالة كون العقد محل تأويل، أو في حالة وجود ما يهدد صحته أو تنفيذه، إذ تقتضي فعالية العقد الإبقاء عليه لا سيما إذا كان في فسخه ضرر للمصالح المشروعة للمتعاقدين حيث يثار هنا مبدأ استقرار العقد stabilité du contrat الذي يؤدي إلى القول بأمن التصرف، وبالتالي اعتبار استقرار العقد والحفاظ عليه من باب الأمن القانوني.[9]
غير أن هاجس توفير الأمن التعاقدي وفق المرتكزات السالفة الذكر يصطدم في ظل مساطر صعوبات المقاولة بمجموعة من القواعد الآمرة التي تعتبر من صميم النظام العام الاقتصادي، تتجاهل كل هذه الأسس والمرتكزات في أفق الإنقاذ الممكن للمقاولة المتعثرة.
وبالتالي فإذا كان مبدأ القوة الملزمة للعقد يعد من أهم مرتكزات الأمن التعاقدي، فإن نظام صعوبات المقاولة قد تمرد على هذا المبدأ، وعلى الخصوص المادة 588 من مدونة التجارة التي أعطت للسنديك وحده إمكانية التخلي عن العقود التي يرتبط المدين بالمتعاملين معه في إطار العقود المستمرة إذا كانت هذه العقود لا تخدم مصلحة المقاولة، ضاربة بذلك مبدأ القوة الملزمة للعقد عرض الحائط، وعليه فإن انتكاص القوة الملزمة للعقد في ظل مساطر صعوبات المقاولة يؤدي بشكل مباشر إلى اضطراب وتراجع مبدأ الأمن التعاقدي.
أما فيما يخص المرتكز الثاني للأمن التعاقدي والمتمثل في الحق في تنفيذ العقد فإنه بدوره يعرف أزمة في ظل مساطر صعوبات المقاولة ، ونستشف ذلك من خلال مقتضيات الفقرة الثانية من المادة 588 من مدونة التجارة التي نصت على أنه ” يجب على التعاقد أن يفي بالتزامات رغم عدم وفاء المقاولة بالتزاماتها السابقة لفتح المسطرة، ولا يترتب عن عدم تنفيذ هذه الالتزامات سوى منح الدائنين حق التصريح بها في قائمة الخصوم”، وفي هذا الإطار كذلك تعطى الفقرة الأولى من نفس المادة للسنديك إمكانية التخلى عن العقد أي عدم تنفيذه، وتمنع المتعاقد مع المقاولة كذلك من حقه في طلب تنفيذ العقد الذي يعتبر أحد أهم مرتكزات الأمن التعاقدي، وبالتالي المس بصفة غير مباشرة بمبدأ الأمن التعاقدي الذي جاء بفلسفة خاصة تهدف قدر الإمكان ضمان استمرارية المقاولة ولو كلف ذلك المساس بالمراكز القانونية للأطراف التي أنشأها العقد.
وبالتالي تم الانتقال في إطار نظام صعوبات المقاولة من مبدأ المحافظة على المراكز القانونية الناشئة عن العقد إلى مبدأ الحفاظ على أصول المقاولة وضمان استمراريتها، حيث أن هناك مجموعة من المواد التي تضرب في مبدأ المحافظة على المراكز القانونية، ومن بينها النصوص المنظمة لبطلان العقود في ظل نظام صعوبات المقاولة التي تهدف إلى حماية أصول المقاولة بغض النظر عن المراكز القانونية التي قد ترتبت من جراء إبرام تلك العقود، وبالتالي فإن هذا الأمر يؤدي إلى الضرب في عمق مبدأ الأمن التعاقدي.
أما فيما يخص المرتكز الأخير السالف الذكر والمتعلق بضرورة الإبقاء على العقد ما أمكن إذا كان في فسخه ضرر للمصالح المشروعة للمتعاقدين أي مبدأ استقرار العقد الذي بعد من بين أهم مرتكزات مبدأ الأمن التعاقدي فإنه بدوره يعرف تراجعا مهولا في إطار نظام صعوبات المقاولة، ذلك أن بقاء العقد وقيامه مرتبط بمدى نفعية هذا العقد للمقاولة من عدمه، فإذا كان هذا العقد نافعا للمقاولة يتم الحفاظ عليه ويلزم باستمراريته، أما إذا كان يضر بمصلحة المقاولة فإنه يتم التخلص منه، سواء فيما يخص نظام العقود الجارية، أو نظام العقود عند حصر المحكمة لمخطط التفويت هذا بالإضافة إلى نظام بطلان العقود في ظل مساطر صعوبات المقاولة.
وبالتالي فإن مبدأ استقرار العقد من عدمه في ظل نظام صعوبات المقاولة مرتبط بعنصر النفع الذي يحققه للمقاولة، وهذا يتنافى ومبدأ الأمن التعاقدي.
إذن فمن خلال ما سبق يمكن القول إنه إذا كان الأمن التعاقدي يتعلق بضمان احترام القوة الملزمة للعقد، فإن نظام صعوبات المقاولة بأهدافه ومراميه قد كان له الأثر الكبير على القوة الملزمة للعقد التي تشكل العمود الفقري والقلب النابض للأمن التعاقدي.
وبذلك فمن أهم ما نخلص إليه هو أن نظام صعوبات المقاولة لا يوفر الأمن التعاقدي لكن الضرب في هذا المبدأ ليس بنفس الحدة في جميع المساطر، فالتراجع الذي يعرفه الأمن التعاقدي في مساطر الوقاية، سواء الداخلية أو الخارجية أو مسطرة المصالحة، وكذلك مسطرة الإنقاذ، يقل حدَّةً عن التراجع الذي يعرفه الأمن التعاقدي في ظل مسطرة التسوية القضائية.
هذا كان فيما يخص الاضطراب الذي عرفه مبدأ الأمن التعاقدي في ظل نظام صعوبات المقاولة، فهل أثر هذا التراجع في القوة الملزمة للعقد على مبادئ أخرى تسود الميدان التعاقدي في المجال التجاري وأخص بالذكر هنا الائتمان التجاري؟
ثانيا: المساس بعنصر الثقة والائتمان في الميدان التجاري
الائتمان هو عصب التجارة إذا الغالب أن العمليات التجارية تعقد لأجل، فالبنك يقرض الأموال سواء للتاجر أو غير التاجر على أن تسدد في أجل معين، وتاجر الجملة يبيع لتاجر التقسيط على أن يسدد الثمن بأجل، والمصنع يبيع منتوجه للموزع، أو لمصنع آخر وفق نفس المبدأ، وهكذا يرتبط التجار فيما بينهم بسلسلة علاقات متشابكة قوامها الثقة المتبادلة فيكون كل واحد منهم دائنا ومدينا في نفس الوقت، وتتعدد وسائل وتقنيات الائتمان التجاري وأهمها القروض والإيجار الائتماني والسندات وعمليات شراء الفاتورات، والخصم والكمبيالة والسند الأمر وافتراض تضامن المدينين في الميدان التجاري وتضامن المظهرين للكمبيالة … الخ.[10]
فالسرعة التي يعرفها الميدان التجاري لم تكن لتتحقق لولا الثقة التي تسود بين التجار أي أن جل العمليات التجارية تتم بأجل أي تأجيل الوفاء وهذا يفسر وضعية التاجر التي تجعله دائما في وضعية دائن ومدين.[11]
وبالنظر للأهمية التي يكتسيها الائتمان في الميدان التجاري؛ إذ لا يخفى مدى الاضطراب والخلل الذي يحدث في السوق في حالة إخلال أحد التجار بالتزاماته من هذه الناحية، حيث أن ذلك يؤدي إلى سلسلة متتابعة من الاختلافات في المعاملات التجارية وبذلك فإن قانون التجارة يقرر جزاءات صارمة توقع على من يخل بهذا الائتمان تتثمل في قسوة القانون الصرفي الذي يطبق جزاءات صارمة على من يخل بالثقة الواجب توفرها في السند التجاري،[12] هذا ناهيك ما كان يقضي به نظام الإفلاس في هذا الإطار.
غير أنه بالاستعاضة عن نظام الإفلاس وتعويضه بنظام صعوبات المقاولة يجعلنا نطرح الإشكال التالي هل الكتاب الخامس من مدونة التجارة المتعلق بنظام صعوبات المقاولة هو تكريس وامتداد طبيعي لوظيفة القانون التجاري أي حماية الائتمان؟ أو على العكس من ذلك أنه جاء لحماية المقاولة للإجابة عن هذا الإشكال يمكن القول إنه مهما حاولنا أن نخرج من خانة حماية الائتمان فالكتاب الخامس هو ذلك الصراع بين إنقاذ المقاولة من جهة وبين الانتصار للائتمان من جهة أخرى.
وبالتالي فإدا كان نظام الإفلاس يهدف إلى إعطاء حماية فعالة للائتمان التجاري وتثبيت لاستقرار المعاملات وضمان سلامة القطاع التجاري بصفة عامة من التلاعبات والأعمال غير القانونية التي تهدد الثقة التي يمكن اعتبارها أساس التعاقد بين التجارة،[13] فإن نظام صعوبات المقاولة يهدف بالدرجة الأولى إلى حماية المقاولة وضمان استمراريتها وبالتالي عنصر الائتمان يبقى محل نظر.
فتراجع القوة الملزمة للعقد في ظل مساطر صعوبات المقاولة كما رأينا سابقا لا محال ستكون له آثار وخيمة على عنصر الثقة والائتمان، كما أن منع الدائنين من الاستفادة مما تخوله القواعد العامة من حق المطالبة والتنفيذ بعد صدور حكم فتح مسطرة المعالجة فإنه يزيد من حدة التراجع والاضطراب الذي يعرفه عنصر الائتمان في ظل نظام صعوبات المقاولة.
فإذا كانت العلاقة بين المقاولة والبنك تسمح بتدخل هذا الأخير في مختلف مراحل حياتها من أجل مدها بالدعم المالي الذي تحتاج إليه،[14] فإن توقف المقاولة عن دفع ديونها وخضوعها لمساطر المعالجة يكون له بالغ الأثر على وضعية البنك لأنه حينما يرغب في استرداد ديونه يجد نفسه وسط مجموعة من الدائنين منهم العاديين واصحاب الامتيازات كما أن هذا النظام يمنع كل الدائنين ومن بينهم البنك من ممارسة المتابعات الفردية التي تهدف إلى أداء الدين أو فسخ العقد لعدم أداء الدين، وبالتالي يصبح البنك مهددا بخطر عدم استرجاع ديونه، وهذا الأمر بطبيعة الحال يؤدي إلى فقدان عنصر الثقة والائتمان.
وأخيرا يمكن القول إن اضطراب عنصر الائتمان في ظل نظام صعوبات المقاولة ليس بنفس الحدة، حيث أنه يظهر هذا التراجع بشكل كبير خلال مرحلة التسوية القضائية إلا انه يعود ليسترجع قوته خلال مرحلة التصفية القضائية، التي تعد بمثابة عودة من جديد إلى نظام الإفلاس.
المطلب الثاني: تراجع مبدأ نسبة آثار العقد
عندما يقوم العقد صحيحا من الناحية القانونية فإنه يصبح منتجا لآثاره القانونية وبالتالي وجب تنفيذه تطبيقا لمبدأ القوة الملزمة للعقد، غير أن تلك الآثار التي يرتبها العقد تخضع لمبدأ نسبية آثار العقد، حيث أنها تسري فقط على أطراف العقد دون أن تنصرف إلى الغير ذلك أن العقد لا يضر ولا ينفع إلا من كان طرفا فيه.
وقد نصت على هذا المبدأ معظم القوانين ومن بينها قانون الالتزامات والعقود المغربي حيث جاء في الفصل 228 ” الالتزامات لا تلزم إلا من كان طرفا في العقد، فهي لا تضر الغير ولا تنفعهم إلا في الحالات المذكورة في القانون”، كما جاء في قرار[15] للمجلس الأعلى سابقا محكمة النقض حاليا ” إن أثار العقد نسبية لا تلزم إلا من كان طرفا فيها”.
غير أنه إذا كان من ثوابت النظرية العامة مبدأ نسبية أثار العقد، فإن متغيرات نظام صعوبات المقاولة قد أفرزت مجموعة من القواعد الجديدة التي تتجاوز هذا المبدأ وتهدف قدر الإمكان حماية المقاولة والحفاظ عليها وضمان استمراريتها.
ومن أجل البحث في مظاهر التراجع الذي يعرفه مبدأ نسبية أثار العقد في ظل مساطر صعوبات المقاولة، سنتحدث أولا عن تجاوز اتفاق المصالحة ومخطط التسوية لأطرافه ثم نتحدث بعد ذلك عن تدخل السنديك في العقد.
الفقرة الأولى: تجاوز آثار اتفاق المصالحة ومخطط التسوية لأطرافه
باستقرائنا للمقتضيات المنظمة سواء لاتفاق المصالحة -المواد من 551 إلى (559)- أو لمخطط التسوية سواء من خلال الاستمرارية -المواد من 624 إلى (634)- أو التفويت -المواد من 635 إلى (650)- فإننا نجد أن أثار الاتفاق أو المخطط تتجاوز أطرافه ضاربةً بذلك كل ما تقضي به القواعد العامة.
أولا: تجاوز آثار اتفاق المصالحة لأطرافه
كما سبقت الإشارة إلى ذلك من قبل فما دام أن اتفاق المصالحة يبرم بين المدين ودائنيه تحت كنف المصالح الذي يقوم بإجراء المصالحة بين رئيس المقاولة ودائنيها وبإشراف رئيس المحكمة التجارية، فإنه لا يمكن أن ننزع عنه طابعه التعاقدي، حيث أن اتفاق المصالحة لا يخرج عن نطاق العقود، وبالتالي يسري عليه ما يسري على غيره من العقود فيما يتعلق بالأحكام العامة للتعاقد[16].
وحيث إن اتفاق المصالحة في بنائه القانوني بمثابة عقد، وان العقد شريعة وقانون للمتعاقدين فإنه من حيث المبدأ لا يلزم إلا اطرافه طبقا لقاعدة نسبية آثار العقد على المتعاقدين.
غير أنه وخلافا لهذه القاعدة فإن اتفاق المصالحة لا يمتثل لهذا المبدأ المذكور حيث نجد أن المشرع المغربي من خلال مقتضيات نظام إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة المتعلقة بالمصالحة، يميز بين فئتين من الدائنين، فئة الدائنين الرئيسين الذين تبلغ ديونهم درجة من الأهمية بحيث تؤثر على التوازن المالي والاقتصادي للمقاولة في حال عدم إعادة جدولتها ومنح تخفيضات بشأنها، وفئة الدائنين غير الرئيسيين أو الثانويين الذين لا تبلغ ديونهم من الضخامة والأهمية ما قد تؤدي إلى الإخلال بتوازنات المقاولة وبنشاطها[17]، حيث اعطى المشرع المغربي إمكانية الاقتصار على الدائنين الرئيسيين من أجل إبرام اتفاق المصالحة دون ضرورة موافقة جميه الدائنين على هذا الاتفاق.
وفي هذا الإطار قد أعطى المشرع المغربي لرئيس المحكمة سلطة تقديرية واسعة في فرض أجال جديدة على أولئك الدائنين الذين رفضوا المشاركة في المصالحة، وهذا ما نصت عليه الفقرة الثانية من المادة 556 من مدونة التجارة حيث جاء فيها ” إذ تم إبرام اتفاق مع الدائنين الرئيسيين أمكن لرئيس المحكمة أن يصادق عليه أيضا، وأن يمنح للمدين أجلا للأداء وفق النصوص الجاري بها العمل فيما يخص الديون التي لم يشملها الاتفاق، وفي هذه الحالة وجب إخبار الدائنين غير المشمولين بالاتفاق والمعنيين بالآجال الجديدة”
من ذلك نلاحظ أن المادة 556 جاءت مخالفة ومستبعدة تماما لمبدأ نسبية أثار العقد، من خلال منحها لرئيس المحكمة وهو المشرف على إبرام اتفاق المصالحة منح أجال جديدة للدائنين غير المنظمين إلى الاتفاق.
إذن فكيف يعقل أن الدائنين قد رفضوا الانخراط في عملية المصالحة وذلك بهدف استيفاء ديونهم في وقتها، ليتم بعد ذلك إبرام الاتفاق مع فئة محددة من الدائنين لتمتد أثار هذا الاتفاق إلى الغير، والمقصود بالغير هنا هم الدائنين غير المانحين أو غير المنظمين لاتفاق الذي أبرم في إطار المصالحة إن في ذلك لضرب لأهم المبادئ التي تقوم عليه النظرية العامة للعقد وهو مبدأ نسبية العقد الذي يقضي بأن العقد لا ينفع ولا يضر غير أطرافه.
ثانيا: تجاوز آثار مخطط الاستمرارية والتفويت لأطرافه
بالإضافة إلى تجاوز آثار اتفاق المصالحة لأطرافه كما سبق الذكر، فإن مخطط الاستمرارية و كذلك التفويت يسيران في نفس الاتجاه، متجاوزين بذلك مبدأ نسبة العقد كما هو متعارف عليه في إطار القواعد العامة.
فبخصوص مخطط التسوية القضائية، فإنه وإن كان ناجما عن حكم قضائي، فإنه لا يمكن أن تنفي عنه طابعه التعاقدي بحيث أنه يرتكز على التزامات الأطراف الإرادية سواء فيما يخص الاستشارة أو عروض تفويت المقاولة.
وبشأن مخطط الاستمرارية، وعلى اعتبار أنه يتسم أيضا بالطابع التعاقدي وإن كان في حدود دنيا، من خلال بداية مراحل إعداده باستشارة الدائنين التي تبدو في ظاهرها ذات طابع تعاقدي لمنحها الحرية للدائنين في التنازل عن الآجال المضمنة في عقودهم[18] بالإضافة إلى إمكانية التخفيض من ديونهم، هذا بالإضافة إلى أن الدائنين لهم كامل الحرية في منح المقاولة أجال إضافية للأداء أو تخفيضات عن الأداء من عدمه.
وعليه فإنه يمكن للدائنين أثناء استشارتهم على الآجال الجديدة من طرف السنديك أن يفرضوا ذلك، أي يمتنعوا عن منح أجال جديدة لأداء ديونهم، وفي هذه الحالة فإن مخطط الاستمرارية يتم إبرامه فقط مع جزء من الدائنين.
لكن يتمظهر خروج مخطط الاستمرارية عن مبدأ نسبية أثار العقد يظهر من خلال ما قضت به الفقرة الثانية من المادة 630 حيث نصت على أنه ” تفرض المحكمة بالنسبة إلى باقي الدائنين آجالا موحدة للأداء، مع مراعاة الآجال الأطول التي اتفق عليها الأطراف قبل فتح المسطرة وذلك فيما يخص الديون المؤجلة، ويمكن أن تزيد هذه الآجال عن مدة تنفيذ مخطط الاستمرارية، ويجب أن يتم السداد الأول داخل سنة..”
حيث أنه يقصد بباقي الدائنين في هذه المادة، الدائنون الذين لم يوافقوا على الآجال الجديدة لديونهم والمقترحة من طرف السنديك أثناء استشارتهم فرديا أو جماعيا، حيث أخضعتهم المادة 630 إلى قاعدة فرض آجال موحدة للأداء بصرف النظر عن نوعية ديونهم.[19]
وهذا الأمر قد كرسه حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء[20] جاء فيه ” مقترحات التسوية المقدمة من طرف السنديك إلى الدائنين وإن لم تحظ بقبول بعض الدائنين فإن للمحكمة أن تفرض آجلا موحدة للأداء طبقا للمادة 598.[21]
يستفاد من هذه القاعدة أن الدائنين الذين لم يشاركوا في مسطرة الاستشارات، أو الذين رفضوا خلالها الآجال والتخفيضات المقترحة، قد تفرض عليهم المحكمة أجال موحدة للأداء بغض النظر عما إذا كانوا دائنين عاديين أو اصحاب امتيازات أو رهون أو كانت ديونهم حالة أو مؤجلة.[22]
ومما لاشك فيه أن سلوك المحكمة لهذا الطريق فيه خروج عن القواعد العامة المقررة للتصرفات التعاقدية، فإذا كان يمكن قبول فرض الآجال المقترحة على الدائنين الذين تمت استشارتهم وقرروا عدم الرد، وذلك بتفسير سكوتهم على أنه بمثابة قبول، وبالتالي فإنهم ارتضوا أن تسري عليهم تلك الآجال المقترحة في إطار المخطط، فإن الأمر بخصوص الدائنين الدين لم تتم استشارتهم والدائنين الدين رفضوا بشكل صريح تقديم أجال إضافية ويجدون أنفسهم بعد ذلك مقيدين بآجال لم يتعاقدوا عليها، لا يمكن تفسيره إلا يكون مخطط الاستمرارية تجاوز مبدأ نسبية أثار العقد ورتب آثار على غير أطرافه.[23]
كان هذا بخصوص مخطط الاستمرارية، أما فيما يخص مخطط التفويت فإنه بدوره يمس بمبدأ نسبية أثار العقد كما هو متعارف عليها في النظرية العامة للالتزامات، وهكذا يرى الأستاذ محمد أبو الحسن في أطروحته تفويت المقاولة كحل في إطار لتسوية القضائية،[24] أن المادة 638 من مدونة التجارة كما تم تعديلها بمقتضى قانون 17-73 التي تنظم التفويت القضائي للعقد تمس بالأثر النسبي لهذا الأخير لأنها تنظم إحلال متعاقد محل آخر دون ملاءمة ذلك مع عملية التفويت الشامل للمقاولة، مادام أن العقد يجب أن ينفد وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة.
وهكذا نصت المادة 638 من مدونة التجارة على ما يلي: ” تحدد المحكمة عقود الائتمان الإيجاري أو عقود الكراء أو التزويد بالسلع أو الخدمات الضرورية للحفاظ على نشاط المقاولة بناء على ملاحظات الأطراف المتعاقدين مع المقاولة التي يقوم السنديك بالإبلاغ عنها يكون الحكم الذي يحصر المخطط بمثابة تفويت لهذه العقود.
يجب تنفيذ هذه العقود وفق الشروط المعمول بها عند فتح المسطرة، على الرغم من كل شرط مخالف، مع مراعاة أجال الأداء التي يمكن أن تفرضها المحكمة لضمان التنفيذ السليم للمخطط بعد الاستماع إلى المتعاقد أو استدعائه بشكل قانوني”
فنقل المحكمة لهذه العقود إلى المفوت إليه كما هي مبرمة سابقا تنتج أثارها في حق المفوت إليه، ليس بإرادته كما تقضى بذلك القواعد العامة فيما يخص انتقال الالتزامات[25] ولكن بإرادة المحكمة وبذلك فهو يصبح طرفا مباشرا في عدة عقود لم يتول إبرامها بنفسه وإنما يتولى فقط تنفيذها، وطبقا للشروط المعمول بها عند فتح المسطرة.
وهكذا فإن التفويت القضائي للعقد يلغي كل المبادئ التي يقوم عليها هذا الأخير ومن ذلك مبدأ نسبية العقد، حيث أن المفوت إليه يقحم في عقد لم يشارك في إبرامه ولم يوافق الأطراف على حلوله به، وهذا يتنافى بصفة مطلقة وما يقتضي به مبدأ نسبية آثار العقد.
وبالتالي يتبين لنا أن كل من مخطط الاستمرارية وكذلك مخطط التفويت قد تجاوزا مبدأ نسبية أثار العقد وذلك لمجموعة من الاعتبارات وعلى رأسها الحفاظ على استمرارية المقاولة.
وفي هذا الإطار قد يقال أن تجاوز آثار العقد لأطرافه سواء فيما يخص اتفاق المصالحة أو مخطط الاستمرارية بالإضافة إلى مخطط التفويت، يدخل في إطار الإمكانية التي سمح بها المشرع المغربي بمقتضى الفصل 228 من قانون الالتزامات والعقود التي أضافت صيغة ” إلا في الحالات المذكورة في القانون”. إلا أننا لا نذهب في هذا الاتجاه على اعتبار أن الاستثناءات التي أقرها المشرع المغربي على مبدأ نسبية اثار العقد لا تهم إلا الحالة التي ترتب حقوقا للغير، كالاشتراط لمصلحة الغير أو التعهد عن الغير، وإن هذه الاستثناءات قد أوجدت لاعتبارات تتعلق بالمرونة في المعاملات واستقرار التعامل، وهذا الأمر لا يمكن تطبيقه لا على مستوى اتفاق المصالحة ولا على مستوى مخططي الاستمرارية التفويت.
إذن من كل ما سبق يتبين أنه إذا كان الأصل في العقد أنه لا ينشئ الالتزامات إلا بين أطرافه، حيث أنه لا ينفع ولا يضر الغير إلا استثناء تطبيقا لمبدأ نسبية آثار العقد، فإن نظام صعوبات المقاولة بأهدافه ومراميه قد تجاوز هذا المبدأ ليرتب آثار الاتفاق في مواجهة أشخاص يعتبرون بمنطق القواعد العامة أغيار عن الاتفاق.
الفقرة الثانية: تدخل أجهزة المسطرة في العقد
لقد سن المشرع المغربي بمقتضى قانون صعوبات المقاولة مجموعة من القواعد الاستثنائية التي تساعد على تأمين استمرارية المقاولة، حيث تمت التضحية بالأحكام العامة للتعاقد من خلال إعطاء سلطة تقديرية لأجهزة المسطرة باعتبارها صاحبة الحل في المساطر الجماعية لاتخاذ الإجراءات اللازمة لإعداد وبلورة الحل المناسب للمقاولة التي تعاني من صعوبات واتخاذ الاختيارات المناسبة بالنسبة للعقود الجارية وحماية المصالح المتواجدة.[26]
فمسطرة معالجة صعوبات المقاولة لا يمكن أن يكتب لها النجاح إلا بوجود أجهزة كفأة وفعالة وديناميكية تستطيع تحقيق الغرض منها، ولعل أبرز هذه الأجهزة في نظام صعوبات المقاولة جهاز السنديك، الذي يأخذ أهمية خاصة في المسطرة باعتباره جهازا أساسيا في تحريك دواليب الآلة الاقتصادية والاجتماعية والقانونية لمساطر صعوبات المقاولة، سواء مسطرة الإنقاذ أو مسطرة التسوية أو التصفية القضائية، وذلك تحت مراقبة القاضي المنتدب في أغلب المهام المسندة له، بحيث يعتبر السنديك بما يتمتع به من سلطات هامة عنصرا ضروريا لتحقيق الأهداف المرجوة من هذه المساطر [27].
لكن الإشكال الذي يثار في هذا الصدد يتمثل في الصفة التي يتدخل بها السنديك في العقد في ظل مساطر صعوبات المقاولة وماهية مظاهر الخروج عن مبدأ نسبية أثار العقد؟
في هذا الإطار فإن أهم تمظهر لتدخل السنديك في العقد ومساسه بمبدأ نسبية اثار العقد يبرز من خلال تدخله لتحديد مصير العقود الجارية،[28] ذلك أن سلطة المطالبة بمواصلة العقود الجارية أو التخلي عنها ترجع حسب الفقرة الأولى من المادة 588 من مدونة التجارة إليه وحده.
فبالرجوع إلى المادة 588 من مدونة التجارة نجدها تنص على أنه ” بإمكان السنديك وحده أن يطالب بتنفيذ العقود الجارية …”، وهذه السلطة يمتلكها حتى في الحالة التي يقتصر فيها حكم فتح المسطرة على تحديد مهمته في مراقبة تسيير المقاولة، ونفهم من ذلك أنه لا المدين المفتوحة في مواجهته المسطرة ولا المتعاقد معه يملكان سلطة المطالبة بتنفيذ العقد، حيث أن حق الاختيار المخول للسنديك هو امتياز قانوني حصري يسمح للمتمتع به بتغيير وضعية قانونية قائمة بناء على معطيات مستقبلية مؤكدة.[29]
ولقد جعل المشرع المغربي هذا الحق من النظام العام، حيث أنه لا يمكن مواجهته بأي مقتضى قانوني أو اتفاقي، وبالتالي فإن قرار السنديك بمواصلة العقد الجاري لا يمكن الاعتراض عليه وهو نفس الشيء في حالة خيار التخلي عن هذا العقد.
وإذا كان بالإمكان القول أن طبيعة تدخل السنديك في تحديد مصير العقد من زاوية المدين قد لا يؤثر على القواعد العامة على أساس أن السنديك لا يلزم المدين بأكثر مما تعاقد عليه مع المتعاقد الآخر، وبالتالي فالقول بأن تدخل السنديك يشكل خروجا عن مبدأ كفاية سلطة العقد في إلزام أطرافه بما يحتويه أمر غير وارد من هذه الزاوية، مادام أن مواصلة تنفيذ العقد الذي يختاره السنديك هو في صالح المدين، بل أكثر من ذلك فهو يجعله غير مطالب بتنفيذ ما التزم به واستحق قبل الحكم بفتح المسطرة، وذلك تحت طائلة الدفع بعدم التنفيذ من طرف المتعاقدين معه أي مع المدين وهو ما يزكي فرضية كون السنديك إنما يستعمل حق الاختيار بالنيابة عن المدين[30] إلا أنه سرعان ما تنهار هذه الفرضية إذا علمنا أنه في الحالة التي يختار فيها السنديك عدم مواصلة العقد، يمكن أن يؤدي ذلك إلى دعوى للتعويض عن الأضرار التي لحقت بالمتعاقد مع المقاولة، لأن فتح مسطرة التسوية القضائية يعتبر أمرا لصيقا بظروف المقاولة المعنية بالأمر، مما لا يجعل منه سببا لإعفاء هذه المقاولة من مسؤوليتها التعاقدية الناجمة عن توقفها عن تنفيذ العقد.[31]
مما سبق يتبين أن تدخل السنديك في تحديد مصير العقد يتجاوز مبدأ نسبية آثار العقد حيث أصبح هو المتحكم في هذه الآثار على الرغم من أنه لم يساهم في إبرام هذا العقد.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن المشرع المغربي قد خول السنديك كما سبقت الإشارة إلى ذلك حق ممارسة دعوى البطلان قصد إعادة تأسيس وجمع أصول المقاولة ضد المتعاقدين مع المدين وفق أحكام المادة 718 من مدونة التجارة التي تنص على أنه: ” يمارس السنديك دعوى البطلان قصد إعادة تأسيس وجمع أصول المقاولة”، لأنه لا يمكن للدائنين فرادى أو جماعة، ولا للنيابة العامة ولا لممثلي المأجورين ممارسة هذه الدعوى كما لا يمكن للمحكمة التجارية المفتوحة أمامها المسطرة التصريح من تلقاء نفسها بهذا البطلان.[32]
والإشكال الذي يطرح هنا هو ما الصفة التي يتدخل بها السنديك للتحكم في آثار العقود وإبطالها على اعتبار أن السنديك بمنطق القواعد العامة يعتبر غيرا عن العقد.
وعليه فإذا كان السنديك يلعب دورا محوريا في مساطر صعوبات المقاولة من حيث السلطات الواسعة التي أعطاها له المشرع المغربي فإن هذه السلطات قد مست بأحد أهم المبادئ التي يقوم عليها العقد وهو مبدأ سلطان الإرادة وما يترتب عنه من نتائج.
فكما هو الشأن بالنسبة للسنديك الذي يملك سلطة تقديرية واسعة في تحديد مآل العقد خلال فترة إعداد الحل،[33] فإن المشرع منح للمحكمة سلطة تحديد مصير العقد خلال مرحلة تنفيذ الحل وتفويت المقاولة.
وإن السلطة التي تتمتع بها المحكمة في هذا الإطار هي سلطة مطلقة، لا تشاركها فيها أي سلطة أخرى من الأجهزة المتدخلة في المسطرة لكونها هي الضامنة للتوفيق بين مصالح المقاولة و مصالح الأطراف المتعاقدة، لكن مهما كانت هذه المقاربة القانونية فإنها مع ذلك تشكل تراجعا في النظام التعاقدي، وضربا للمصالح التعاقدية، لا سيما وأن هناك بعض العقود ذات الاعتبار الشخصي التي ينبغي إخضاعها لمقتضيات خاصة تضمن حماية متوازنة لمختلف الأطراف بدل التضحية بأحدهما لحساب الآخر[34]، وهذا الموقف المتناقض للمشرع المغربي قد يؤدى إلى انعكاسات سلبية على استقرار المعاملات وما يترتب عليه من تراجع في المفهوم القانوني للعقد الذي يقتضي خلق نوع من الانسجام بين مختلف المقتضيات القانونية والاتفاقية.
وفي نفس الإطار فإن سلطة المحكمة في تفويت العقود الضرورية لاستمرارية المقاولة فيه إبطال لمفعول مبدأ نسبية أثار العقد، لأن المحكمة هنا تفعل أثار العقد الأصلي في مواجهة المتعاقد الجديد الذي اقتنى المقاولة في إطار مخطط التفويت، على الرغم من أنه لم يساهم في إبرام هذا العقد، وهذا فيه تجاوز لمبدأ نسبية اثار العقد كما سبقت الإشارة إلى ذلك.
خاتمة:
من خلال كل ما سبق يتبين لنا بوضوح مدى التراجع والاضطراب الذي تعرفه النتائج والآثار القانونية المترتبة عن مبدأ سلطان الإرادة في ظل مساطر صعوبات المقاولة سواء فيما يخص إبطال مفعول مبدأ القوة الملزمة للعقد أو العقد شريعة المتعاقدين، وما يترتب عنه من آثار وخيمة لا على مستوى الأمن التعاقدي أو عنصر الائتمان، أو فيما يتعلق بالتراجع الكبير الذي يعرفه مبدأ نسبية أثار العقد.
إن العقد الذي كان يحمي اطرافه وكان القانون يؤكد هذه القاعدة، وكان القاضي يسهر على احترام إرادة الأطراف لم يعد كذلك، حيث إنه في ظل الكتاب الخامس من مدونة التجارة ومن أجل إنقاذ المقاولة سمح القانون أن يتم التراجع والمس بأهم عقيدة من عقائد القانون المدني ويتعلق الأمر بمبدأ سلطان الإرادة.
الهوامش:
[1] – مريم بليوان، آثار تنفيذ مخطط الاستمرارية على عقار المقاولة ، مجلة القانون التجاري، العدد الثالث 2016 ص 122.
[2]– عمر أزوكار، استمرارية العقود الجارية في إطار نظام صعوبات المقاولة مجلة المحاكم المغربية ، العدد 92 سنة 2022، ص: 82.
[3] – عبد الوهاب لمريني، بعض مظاهر تمرد مدونة التجارة على قانون الالتزامات والعقود، أشغال الندوة العلمية الدولية الثانية ، تحت عنوان التحولات الاقتصادية وانعكاساتها على ظهير الالتزامات والعقود، المنعقدة بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي يومي 8 و9 ماتي 2013، ص 16.
[4] – محمد العروضي، مصير العقود جارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية اطروحة الدكتوراه في القانون الخاص، جامعة محمد الخامس السويسي كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية الرباط السنة الجامعية 2004/2005، ص: 164.
[5] – أحمد شكري السباعي الوسيط في مساطر الوقاية من صعوبات المقاولة ومعالجتها، الجزء الثالث، ص 321 ،
[6] – عبد الرحيم شمعية، إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة، مطبعة وراقة سجلماسة الزيتون مكناس، مرجع سابق ص 198
[7] – عبد الرحيم شميعة، م س، ص 149
[8] – إشراق الإدريسي، الآثار المترتبة على الحكم يفتح مسطرة من معالجة صعوبات المقاولة، مجلة القانون المغربي العدد 24، 2014، ص:140.
[9] — عبد المجيد غميجة، ابعاد الأمن التعاقدي وارتباطاته عرض مقدم في اللقاء الدولي حول موضوع الأمن التعاقدي وتحديات التنمية المنظم من طرف الهيأة الوطنية للموثقين يومي 18 و 19 ابريل 2011 بالصخيرات، ص: 3و2
[10] – فؤاد معلال، شرح القانون التجاري الجديد، الجزء الأول، نظرية التاجر النشاط التجاري الطبعة الخامسة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، السنة 2016، ص 17-18.
[11] – عبد الرحيم شميعة، القانون التجاري الأساسي، الأعمال التجارية، نظرية التاجر الأصل التجاري، مطبعة سجلماسة ، 16 طبعة 214، ص 16.
[12] – فؤاد معلال مرجع سابق ص: 18.
[13] – محمد الخضراوي، دور مسطرة صعوبة المقاولة في تقوية الثقة والائتمان، جامعة عبد المالك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية تطوان السنة الجامعية 2015-2016، ص 4.
[14] – عبد الحميد اليعقوبي، إشكالية منح الائتمان المقاولة تعاني من الصعوبات، مجلة المتوسط للدراسات القانونية والقضائية العدد 2 ، دجنبر 2016، ص 86.
[15] – قرار المجلس الأعلى رقم 2097 ملف تجاري عدد 2007/1/3/1322، بتاريخ 2009/12/23، مجلة المحاكم المغربية، العدد المزدوج 133 و 134 يناير – مارس 2012، ص 278 وما يليها.
[16] – كمال دراز قراءة في مشروع نظام صعوبات المقاولة، إجراءات الوقاية والإنقاذ نموذجا رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص جامعة المولى إسماعيل كلية العلوم القانوني والاقتصادية والاجتماعية مكناس، السنة الجامعية 2015/2016، ص: 86.
[17]– سعيد وحي، أزمة القواعد العامة للتعاقد في ظل إجراءات الوقاية والمعالجة من صعوبات المقاولة، رسالة لنيل شهادة الماستر، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية المحمدية، جامعة الحسن الثاني الدار البيضاء ص 53
[18] – معاد الخيار، خصوصيات نظام التعاقد في إجراءات معالجة صعوبات المقاولة، رسالة لنيل دبلوم الماستر، كلة العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية سطات،، جامعة الحسن الأول الدار البيضاء، السنة الجامعية 20016-2017، ص 54.
[19] – سعيد بهني، مدى فعالية الأجال المتعلقة بمخطط التسوية القضائية، المجلة المغربية للدراسات والاستشارات القانونية العدد الثاني، ديسمبر 2016، ص: 24.
[20] – حكم صادر عن المحكمة التجارية بالدار البيضاء، رقم 498 في ملف عدد 287-02 بتاريخ 14 أكتوبر 2002 منشور بالمجلة المغربية لقانون الأعمال والمقاولات عدد 4، السنة 2003 ص 145-146.
[21] – أصبحت المادة 630 بعد التعديل الذي أدخله القانون 17-73
[22] – الغالي غيلاني اثار مخطط الاستمرارية على مركز الدائنين مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية عدد 140 السنة 2013،ص:25.
[23] – سعيد وحي مرجع سابق ص: 55.
[24] – محمد ابو الحسن، تقويت المقاولة كحل في إطار التسوية القضائية، مرجع سابق، ص 24.
[25] – المنصوص عليها في الباب الأول من القسم الثالث من قانون الالتزامات والعقود الفصول 189 إلى 208، حيث جاء في الفصل 195 على انه ” لا ينتقل الحق المحال له به تجاه المدين. والغير إلا بتبليغ الحوالة للمدين تبليغا رسميا أو بقبوله إياها في محرر ثابت التاريخ …
[26] – عمر السكاني، نظام التعاقد بين ثوابت النظرية العامة ومتغيرات نظام صعوبات المقاولة م من ، ص : 59
[27] – بوبكر الكلامي، محدودية دور الأجهزة الفاعلة في نظام المساطر الجماعية رسالة لنيل دبلوم الماستر في القانون الخاص، جامعة المولى اسماعيل، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس السنة الجامعية 2015-2016، من 51
[28] -Bauno boccare; procédure collectives en cours juris classeur périodique من 51 1994, Ed entreprise, n 38, pu 11, pr 3
[29] – معاد الخيار، مرجع سابق، ص 12.
[30] – سعيد وحي، مرجع سابق ص 51.
[31] – أمحمد لفروحي، مصير العقود حارية التنفيذ في تاريخ فتح مسطرة التسوية القضائية المجلة المغربية القانون الأعمال والمقاولات العدد الخامس، 2015 ص 25.
[32] – محمد البعدوي دور السنديك في إدارة المقاولة الخاضعة لمسطرة التسوية القضائية المجلة المغربية القانون الأعمال والمقاولات العدد الخامس ، 2005 ص 61.
[33] – عمر ازوکار، استمرارية العقود الجارية في مساطر معالجة الصعوبات مجلة المحاكم المغربية، العدد 92 يناير فبراير 2002 ص: 92.
[34] – عمر السكاني، نظام التعاقد بين ثوابت النظرية العامة ومتغيرات نظام صعوبات المقاولة، مرجع سابق، ص 66.