مظاهر الحماية القانونية و القضائية لمستهلك القروض الاستهلاكية بالمغرب
مقــدمـــة(*) :
تعتبر القروض الاستهلاكية أحد أهم أنواع القروض التي تقدمها البنوك لعملائها، حيث تشكل ملاذا لمجموعة من الشرائح المجتمعية ذات الدخل المحدود، وهو ما يفسر انتشار هذا النوع من القروض بشكل كبير في أوساط المجتمع المغربي الذي يلجأ إليها لتلبية متطلبات الحياة اليومية التي تفرض استهلاك سلع وخدمات لا غنى للفرد عنها، كما أنها تلعب دورا كبيرا في تسريع عجلة الاقتصاد الوطني نظرا لدورها البارز في الرفع من عملية تداول السلع والخدمات وبالتالي زيادة كمية الاستهلاك والرفع من عملية الإنتاج.
ونظرا للأهمية التي صارت تحظى بها القروض الاستهلاكية فقد عمد المشرع المغربي- وحرصا منه على الحفاظ على التوازن في العلاقات الاقتصادية بين المنتج والمستهلك- على استحداث إطار قانوني ينظمها وذلك في ظل القانون رقم 31.08[1] المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك والذي اعتبر في المادة 74 منه على أن القرض الاستهلاكي هو :
كل عملية قرض ممنوح بعوض أو بالمجان من مقرض إلى مقترض يعتبر مستهلكا.
إن أهمية هذا الموضوع تكمن بالأساس في الانتشار المهول للقروض الاستهلاكية ذات القدرة الشرائية الضعيفة، الأمر الذي قد يعرضها إلى عدة مخاطر نظرا للمركز الضعيف الذي يتواجد فيه المستهلك إذا ما قورن بمؤسسات الائتمان التي تمنح هذا النوع من القروض.
وبالتالي فإن اختيار هذا الموضوع يأتي كمحاولة لتسليط الضوء حول المستجدات التي جاء بها القانون الجديد لحماية مستهلك القروض الاستهلاكية، وكذا الصعوبات التي لازالت تعترض المستهلك المقترض.
فالموضوع إذن يحاول الإجابة عن إشكالية جوهرية تتمثل في قدرة الآليات الحمائية التي أقرها القانون رقم 31.08 لحماية المستهلك المقترض ودور القضاء في تنزيلها، وهو ما يستدعي تقسيم هذا الموضوع إلى مبحثين:
- المبحث الأول : الحماية القانونية للمستهلك في عقد القرض الاستهلاكي
- المبحث الثاني : الحماية القضائية للمستهلك في عقد القرض الاستهلاكي
المبحث الأول : الحماية القانونية للمستهلك في عقد القرض الاستهلاكي
منح المشرعالمغربي لمستهلك القرض الاستهلاكي حماية خاصة وذلك نظرا لأهمية القرض في حياة المستهلك، إضافة إلى قيمته المادية التي تذكر حق المقترض عند تنفيذ التزاماته بسبب ظروف اقتصادية غير متوقعة، مما جعل عجز المقترض عن تسديد مبلغ القرض وتبعاته عملية ذات خطورة خاصة.
إن إقرار المشرع المغربي للمستهلك بحقه في التفكير والتروي قبل الإقدام على إبرام العقد هي بلا شك حماية قبلية لرضا الطرف الضعيف في العلاقة التعاقدية، كما أنها حماية ذات طابع وقائي تتيح للمستهلك التفكير بجدية في موضوع العقد وما يتصل به، خصوصا وأن أغلب العقود في عصرنا الحاضر تتم بسرعة فائقة مما لا يترك متسعا من الوقت للمستهلك لتدبر الأمر والتفكير في آثار العقد قبل الإقدام على إبرامه.
وتدعيما لهذه الحماية القبلية الوقائية، منح المشرع للمستهلك فرصة أخرى لتدبر الأمر، وهي ما يسمى بحق التراجع عن العقد الذي أبرمه كآلية بعدية علاجية، وذلك حماية لإرادته في إبرام العقد والتي قد تكون متسرعة لاحتمال صدورها عن وعي وإدراكناقصين.
وعلى هذا الأساس سنحاول الحديث عن التدابير القانونية لحماية مستهلك القرض الاستهلاكي من خلال تقسيم هذا المبحث إلى مطلبين، سنتناول في الأول حماية المستهلك المقترض قبل إبرام العقد، على أن نتعرض في المطلب الثاني لحماية المستهلك المقترض بعد إبرام العقد.
المطلب الأول : حماية المستهلك المقترض قبل إبرام العقد
تعد حماية المستهلك من الواجبات الأساسية للدولة إذ هي التي يقع على عاتقها مسؤولية ضمان العدالة التعاقدية، خاصة في عقود القرض التي تشكل خطرا على رضا المستهلك (المقترض). ولهذا السبب تدخل المشرع المغربي بموجب القانون رقم 31.08 لفرض عدة التزامات على المقرض منها التزامه بالعرض المسبق(الفقرة الأولى)، كما منح المشرع للمستهلك أيضا مهلةللتفكير في العرض المسبق المقدم من المقترض وذلك من أجل ضمان حقوقه ومعرفة التزاماته (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: الالتزام بالعرض المسبق
تعد تقنية العرض المسبق الذي يلتزم به المقرض تجاه المستهلك (المقترض) من أهم التقنيات الحديثة التي أقرها المشرع لحماية إرادة مستهلك القرض الاستهلاكي من أي تضليل أوإبهام قد يوقعه فيه المقرض خاصة مع جهله بهذه الأمور وضعف معرفته ولهف حاجياته.فالاعتماد على مبدأ سلطان الإرادة في المغرب جعل الطرف القوي من الناحية الاقتصادية هو الذي يتحكم، خاصة بعد التطورات الكمية الهائلة التي أزاحت التركيز على الجانب النوعي، إذ أصبح روح التعاقد بالمفهوم الكلاسيكي غائبا[2].
ولهذا نلاحظ المشرع المغربي نظر إلى المستهلك بعين الطرف المستغل خاصة في القروض الاستهلاكية، وحسنا فعل المشرعحين نص في الفقرة الأولى من المادة 77 من القانون رقم 31.08 على أنه :
“يجب أن يسبق كل عملية قرض من منصوص عليها في المادة 74 عرض مسبق للقرض،يحرر بكيفية تمكن المقترض من تقييم طبيعته و مدى الالتزام المالي الذي يمكن أن يتعهد به وشروط تنفيذ العقد المذكور”.
ومن خلال قراءتنا لهذه الفقرة يبدو لنا أن المشرع جاء بصيغة الإلزامعبر قاعدة آمرة، وذلك لإجبار المقرض وحثه على ضرورة القيام بهذا العرض، من أجل تنوير بصيرة المقترض بالعملية التعاقدية وبمحل العقد الذي سيعقد عليه (عقد القرض)، وتقدير مدى ملاءمة هذا الإلزام مع قدرته.
وبالتالي يمكن القول بأنه لا يمكن الإقدام على منح قروض الاستهلاك خارج إطار العرض المسبق المنصوص عليه في المادة السالفة الذكر.
وما يؤكد هذا الإلزام المقتضيات الزجرية التي جاءت بها فيالفقرةالأولىمنالمادة 187 منالقانون رقم 31.08 التي تنص على أنه:
“يعاقب بغرامة من 6000 إلى 20000 درهم. المقرض الذي يغفل التقيد بالإجراءات المقررة في المواد من 77 إلى 83…”.
بالإضافة إلى هذا الجزاء، نجد المشرع المغربي رتب جزاء آخر في حالة عدم احترام المقرض أحد الشروط الخاصة بالعرض المسبق، حيث يفقد حقه في الفوائد ولا يلتزم المقترض إلا بإرجاع رأس المال وحده وفق جدول الاستحقاقات المقرر في هذا الشأن. أما المبالغ المحصلة برسم الفوائد فإن المقرض يلتزم بردها أو تخصم من رأس المال المتبقيى المستحق، كل ذلك طبقا لمقتضيات المادة 89 من القانون 31.08.
إذن فعدم احترام المقرض أحد الشروط المتعلقة بالعرض المسبق ينجم عنه سقوط حق مانح الائتمان في الفوائد سواء الاتفاقية منها أو القانونية. ولا يلتزم المستفيد حينئذ إلا برد الائتمان وفقا للجدول المتفق عليه، ورغم أن هذا الجزاء المدني المشار إليه يتبع بعقوبة الغرامة إلا أن القاضي المدني عادة ما يعمد إلى الحكم بسقوط الفوائد فقط[3].
الفقرة الثانية: الالتزام بمنح مهلة التفكير و التروي
تنبهت القوانين الحديثة إلى وجود ممارسات تعتمد أسلوب استدراج المستهلك لتحمل التزامات تعاقدية ما كان ليرتضيها لو توفرت لديه فرصة كافية للتفكير والتروي، فأقرت مجموعة من الأحكام ترمي في مجملها إلى مساعدة المستهلك وتخويله سبل التدبر والتمعن في الاتفاقات المزمع عقدها[4].
وتعتبر مهلة التفكير والتروي إحدى هذه الأحكام التي تم إقرارها باعتبارها ” المدة الإلزامية التي سعى من خلالها المشرع إلى تقوية حماية الطرف الذي وجه إليه العرض، وذلك بمنعه من التعاقد قبل حلول الفترة المحددة قانونا”[5] وبالتالي فإن علم المستهلك قد لا يكفي للوصول إلى رضاء حر وسليم من كل عيب، بل يحتاج إلى وقت للتذكير لكي يفهم معنى التزاماته، لهذا فقد سمح المشرع في بعض الالتزامات بالرجوع عنها ووضع حد للعقد المبرم مخولا بذلك للمستهلك مهلة أو مكنة للتفكير.
وبما أن المسافة بين الإغراء والخداع في مجال الاستهلاك هي مسافة جد ضيقة، و المحترف المهني قد لا يعدم وسيلة للإيقاع بمستهلك مشدوه إما ببريق العرض، أو بلهفة الحاجة، فيكون قبوله التعاقد إراديا ظاهريا، مذعنا أو مغررا به حقيقة، فإن القانون قد تحوط لحالات التسرع في توقيع العقود الاستهلاكية عموما وعقد القرض بصفة خاصة[6]. ومن ثم فقد اعتمد المشرع المغربي مقتضيات يضمن من خلالها صحة رضا المستهلك كطرف ضعيف تجاه المورد، تتمثل أساسا في إجراءات ذات طابع وقائي (أولا) وأخرى ذات طابع علاجي (ثانيا).
أولا : إجراءات ذات طابع وقائي
تتمثل أساسا في تلك المهلة التي يخولها القانون للمستهلك من أجل التروي والتفكير والتدبر في الإيجاب الموجه إليه قبل إعلانه القبول، خلافا للأصل العام في نظرية العقد الذي يقتضي سقوط الإيجاب قانونا إذا لم يرتبط به قبول فور صدوره وقبل انفضاض مجلس العقد[7].
وبالرجوع إلى الفقرة الأخيرة من المادة 77 من قانون رقم 31.08 المتعلق بتدابير حماية المستهلك نجدها تنص على أنه ” يلزم المقرض عند تسليم العرض المسبق بالإبقاء على الشروط الواردة فيه خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام من تاريخ تسليمه للمقترض”.
ثانيا: إجراءات ذات طابع علاجي
منح المشرع المغربي للمستهلك مكنة خارجة عن إطار النظرية العامة للعقد وقوته الملزمة القاضية بأن العقد شريعة المتعاقدين، حيث أباح للمستهلك إمكانيةالعدول عن قبوله بعد تمام اقترانه بالإيجاب خلال أجل معين يعبر عنه بمهلة “التدارك” أو “الاستدراك”.
ويتضح ذلك من خلال ما نص عليه المشرع في المادة 85 من القانون رقم 31.08 من كون:
“إذا لم ينص المقرض في العرض المسبق على أنه يحتفظ لنفسه بإمكانية قبول طلب القرض المقدم من المقترض، أصبح العقد تاما فور قبول هذا الأخير للعرض المسبق.
غير أن للمقترض أن يتراجع عن التزامه داخل أجل سبعة أيام ابتداء من تاريخ قبوله للعرض. ولممارسة الحق في التراجع، يرفق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع…”.
المطلب الثاني: حماية المستهلك المقترض بعد إبرام العقد
علاوة على الحماية التي أقرها المشرع المغربي لمستهلك القرض الاستهلاكي قبل إبرام العقد، والتي سبق بيانها، يتمتع المقترض بحماية أخرى بعد إبرام العقد.
إذ أنه و مراعاة من المشرع المغربي لمركز المستهلك المقترض كطرف ضعيف في العلاقة التعاقدية خول له -على خلاف ما تقضي به القواعد العامة- إمكانية التراجع عن العقد حتى بعد إبرامه (الفقرة الأولى)، كما ألزم المقرض -في حال عدم التراجع- بضرورة التسليم حتى يتمكن المستهلك من الحصول على الائتمان ابتداء من أجل الاستهلاك (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: منح مهلة التراجع
أمام ضعف خبرة المستهلك المقترض، والتي تقابلها قوة خبرة المقرض واستعماله لكل وسائل الضغط والإغراء لإقناع المقترض، فإن ذلك دفع المشرع إلى إقرار حق المستهلك في الرجوع عن العقد الذي أبرمه رغم أن رضاه صحيح سليم.
ويقصد بمهلة التراجع أو حق العدول، حق المقترض المستهلك في التراجع عن العقد بعد قبوله والتوقيع عليه خلال أجل محدد، فهو حق مقرر قانونا للمقترض للتخلص من نتائج عقد أبرمه بدون تروي أو تبصر أو نتيجة لسوء تقدير من جانبه[8].
ويجد حق التراجع سنده القانوني في المادة 85 من القانون رقم 31.08 التي جاء فيها: “… غير أن للمقترض أن يتراجع عن التزامه داخل أجل سبعة أيام من تاريخ قبول العرض، ولممارسة الحق في التراجع يرفق العرض المسبق باستمارة قابلة للاقتطاع.
لا يترتب على ممارسة حق التراجع المذكور أي تقييد في سجل معين،
يلزم المقترض في حال التراجع بإيداع الاستمارة مقابل وصل يحمل طابع وتوقيع المقرض”.
إذن يتضح من خلال هذه المادة أن المقترض يستطيع الانسحاب والتراجع عن التزامه رغم إبرام العقد، لكن يتعين عليه أن يمارس حقه داخل الأجل المحدد وهو 7 أيام من تاريخ قبول العرض.
ويعتبر حق التراجع من النظام العام، وبالتالي يترتب عن ذلك أنه لا يحق للمقترض أن يتنازل عنه قبل قبول العرض، ولا يمكن للمقرض أن يشترط التخلي عنه[9]، كما أن حق التراجع حق شخصي مقرر للمستهلك (المقترض) ويخضع لمطلق تقديره، ويمارسه وفقا لما يراه محققا لمصالحه، فهو ليس ملزما بإيداع أسباب معينة لهذا العدول[10].
ولهذا فإن المستهلك المقترض لا يلزم بأن يعرض على البائع الأسباب والدوافع التي دفعته إلى التراجع عن التعاقد، كما لا يستطيع البائع إلزامه بذلك[11].
ويترتب عن ممارسة المقترض لحقه في التراجع أثار هامة تتمثل أساسا في عودة الأمور إلى ما كانت عليه سابقا قبل التعاقددون أي جزاءات أو تعويض، كما يترتب عن عدم ممارسته سيرورة العقد نهائيا ومكتملا و منتجا لكل آثاره القانونية وملزما لطرفيه.
والجدير بالذكر أن تنفيذ العقد يكون ممنوعا قبل انقضاء مهلة الرجوع، ولا يمكن القول بأن العقد أصبح إلزاميا إلا ابتداء من الوقت الذي يمكن أن يكون فيه قابلا للتنفيذ[12]، أي بعد مرور السبعة أيام المخولة للمقترض لممارسة حقه في التراجع.
وعليه فإنه يمكن القول بأن حق التراجع يمثل ضمانة مهمة لحماية رضا المستهلك وتنويرها، كما أن هذا الحق الذي أقره المشرع لصالح المستهلك المقترض يحميه أيضا من التأثير السلبي لوسائل الإشهار والتسويق.
الفقرة الثانية: الالتزام بالتسليم
من أجل تحقيق الهدف المتوخى من العقد، وتمكين المقترض من الحصول على الائتمان من أجل الاستهلاك وذلك بحيازة محل العقد والانتفاع به، يتعين على المقرض أن يفي بالتزامه المتمثل أساسا في التسليم الذي يعد التزاما جوهريا يقع على عاتق المقرض[13].
وقبل أن يعمد المقرض إلى تسليم المنتوج أو السلعة أو الخدمة محل العقد (القرض)، فإنه ملزم-بصريح المادة 77 من القانون رقم: 31.08- عند تسليم العرض المسبق، بضرورة الإبقاء على الشروط الواردة فيه خلال مدة لا تقل عن 7 أيام من تاريخ تسليمه للمقترض[14]، وهذا العرض المسبق أحاطه المشرع بمجموعة من الشروط والضمانات[15].
وفي حالة تغير شروط الحصول على القرض وخاصة تلك المتعلقة بمبلغه أو سعره فإنه يتعين تسليم عرض مسبق جديد إلى المقترض، ولا يستثنى من ذلك إلا الحالة الخاصة بالقروض الممنوحة بسعر فائدة متغير، وذلك عندما تسلم إلى المقترض مع العرض المسبق مذكرة تتضمن شروط وكيفيات تغير السعر[16].
وطالما أن عقد القرض الاستهلاكي يفرض على المقرض ضرورة التسليم إلى المقترض فإن ذلك يدفعنا إلى التساؤل حول الأجل الذي يتعين على المقرض أن يقوم فيه بالتسليم، وبعبارة أخرى متى يبتدئ التزام المقرض بالتسليم؟
بالرجوع إلى القانون 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك نجد أنه لا ينص على أي أجل يلزم المقرض بضرورة التسليم داخله، وبالتالي فإن الأمر يقتضي منا الرجوع إلى القواعد العامة.
وهكذا نجد الفصل 861 من ق ل ع[17] ينص على أنه “ينقل القرض إلى المقترض ملكية الأشياء أو القيم المقترضة ابتداء من الوقت الذي يتم فيه العقد بتراضي الطرفين ولو قبل تسليم الأشياء المقترضة”.
ويستفاد من هذا النص أن الوقت الذي يتعين على المقرض أن يعمد فيه إلى التسليم يبتدأ بمجرد إبرام العقد ويبقى مفتوحا إلى أجل غير مسمى.
غير أن الأمر ليس على إطلاقه بحيث يستثنى منه وجود شرط يقضي بخلاف ذلك (شرط اتفاقي)، كما يستثنى من ذلك أيضا حالة تدهور وضعية المقترض منذ العقد بحيث يتوقع المقرض ضياع مال القرض بأجمعه أو جزء منه إذ يمكنه في هذه الحالة أن يحبس بين يديه الشيء المقترض، كما يقضي بذلك الفصل 863 من ق ل ع[18].
والجدير بالذكر هنا أن المشرع الفرنسي استوجب ضرورة تحديد آجال التسليم إذا كانت القيمة المالية للعقد تتجاوز 500 أورو[19]وذلك تحت طائلة الفسخ[20].
وللإشارة فإن التسليم -في حالات معينة-لا يكون مباشرة للمستهلك المقترض وإنما يتم بطريقة أخرى، كما هو الشأن بالنسبة لعقود القرض المخصصة، حيث نكون إزاء عملية مركبة تضم كل من البائع (المقرض) والمشتري (المقترض) إلى جانب مؤسسة التمويل، فهذه الأخيرة هي التي تقوم بأداء مبلغ القرض إلى المقرض (البائع) الذي يقوم بالوفاء بالتزاماته تجاه المقترض (المشتري) بعد التوصل بالثمن[21].
وخلاصة القول فإن الالتزام بالتسليم يشكل ضمانة مهمة عنها خاصة في مجال القرض الاستهلاكي، إذ أنه يجسد الغاية من إبرام هذا العقد ألا وهي الحصول على الائتمان من أجل الوفاء.
ومما لا شك فيه أن المقتضيات الجديدة لقانون الاستهلاك توفر حماية خاصة للمقترض المستهلك، وتؤمن له كل فرص اتخاذ قرار الاقتراض بروية وتبصر كاملين، فهي حماية قبلية سابقة على التعاقد، وحماية بعدية لاحقة لاتخاذ قرار الاقتراض[22].
المبحث الثاني: الحماية القضائية للمستهلك في عقد القرض الاستهلاكي
قبل صدور القانون رقم 31.08 القاضيبتحديد تدابير لحماية المستهلك كان القضاءيستند في حالات عديدة إلى القواعد العامة ليمنح نوعا من الحماية للمستهلك المقترض وذلك انطلاقا من العقد نفسه،اعتمادا على قواعد التفسير ورجوعا إلى الظروف التي أنشأ فيها العقد وهو ما كان يعني خروجا ضمنيا عن مبدأ سلطان الإدارة.
سنحاول في إطار هذا المبحث إبراز دور القضاء في ميدان القروض الاستهلاكية من خلال التطرق إلى الحماية القضائية في عقد القرض الاستهلاكي على مستوى عنصر الإثبات وعند عجز المقترض عن الأداء (المطلب الأول) وكذا دور القضاء في حماية مستهلك القروض الاستهلاكية من الشروط التعسفية ( المطلب الثاني ).
المطلب الأول: الحماية القضائية لمستهلك القرض من حيث الإثبات وعند العجز عن الأداء.
إن التزام المقترض بأداء أقساط القرض يعد أحد الالتزامات الرئيسية في عقد القرض الاستهلاكي، فأداء المقترض لكل قسط في أجله يؤكد على التزامه وحرصه على تنفيذ واجباته، غير أن المقترض قد يعجز على تنفيذ الالتزام ليصبح بالتالي العقد مهددا بالزوال آنذاك وبالتالي قيام النزاع بين المتعاقدين على مستوى الإثبات ( الفقرة الأولى) مما يستدعي حماية المقترض حسن النية الذي توقف عن تنفيذ التزامه عن طريق منحه مهلة أخرى للتنفيذ (الفقرة الثانية ).
الفقرة الأولى: دور القضاء في حماية المستهلك على مستوى الإثبات
يقوم الإثبات في العقود المختلطة (عقد القرض الاستهلاكي) على مبدأ حرية الإثبات[23]، ويعد الكشف الحسابي الوسيلة التي غالبا ما يعتمد عليها لإثبات المنازعة حيث أن العلاقة التي تربط المقرض بالمقترض هي علاقة مديونية يتم خلالها قيام الطرف المدين بأداء أقساط القرض الدورية التي حددها المقرض في جدول الادعاءات أثناء منحه أقساط مقابل ضمانات معينة، حيث أن هذا الأداء الدوري يسجل في الدفاتر التي تمسكها المؤسسة البنكية والذي تعد من بين وسائل الإثبات التي منحها المشرع للطرف التاجر للاستدلال على العمليات التي يقوم بها، إذ يقوم البنك – المقرض- بجمع كل الأقساط داخل جدول كبير الذي هو كشف الحساب، ويشكل كشف الحساب وسيلة إثبات استثنائية[24]، كما أن المشرع المغربي قد أقر حجيته بموجب نصوص قانونية خاصة في مدونة التجارة[25].
ولا بد من الإشارة إلى أن اعتماد كشف الحساب من طرف القضاء كحجة للإثبات يفرض توافر هذا الكشف على شروط عدة منها ضرورة إعداد كشف الحساب من طرف مؤسسات الائتمان، حيث يستفاد من هذا أن الكشوفات التي تعدها المؤسسات البنكية هي وحدها التي تستفيد من الحجية الثبوتية في المادة التجارية دون غيرها، إضافة إلى ضرورة إعداد هذا الكشف وفق الشروط المحددة ووفق دورية والي بنك المغرب الصادرة بتاريخ 3 مارس 1998[26].
ومن خلال هذه الشروط التي يجب توفرها في كشف الحساب لاعتماده كوسيلة للإثبات تظهر حماية القضاء للمقترض على مستوى الإثبات إذا في حالة عدم توفرها يرفض القضاء اعتبار كشف الحساب كوسيلة للإثبات بحيث سبق للمحكمة التجارية بمراكش أن رفضت طلب المدعي للاعتداد بالحجية الثبوتية لكشف الحساب على اعتبار أن كل كشف وبيان صادر عن البنك يخالف دورية والي بنك المغرب لا يعتد به وقد جاء في هذا القرار: “حيث التمس المدعي الحكم له وفق ما سطر بمقاله وحيث عزز ببيان دائنية لا يشير إلا أن حساب المدعى عليه سجل بتاريخ 21 يناير 1998 دائنيه بمبلغ 70.066.71 درهم.
وحيث أن بيان الدائنية المذكور لا يرقى إلى درجة كشف الحساب، وسيلة الإثبات المقبولة ببين البنوك وزبائنها من التجار طبق للمادة 106 من ظهير6 يوليوز 1993 التي علقت حجية كشف الحساب في الإثبات البنكي على صدور قرار من والي بنك المغرب يحدد شكليات إنجاز كشوف الحساب وهو ما تم بموجب دورية والي بنك المغرب عدد 4/98 بتاريخ 5 مارس 1998 التي التزمت أن يبين كشف الحساب بشكل ظاهر سعر الفوائد والعمولات ومبلغها وكيفية احتسابها وتواريخها طبقا للفصل 2 من الدورية وحيث أن كل كشف وبيان صادر عن البنك بمخالفة الدورية والمحال عليها بموجب المادة 106 من القانون البنكي يجعله عديم الأثر في الإثبات القضائي وحيث أنذرت المحكمة المدعي للإدلاء بكشف نظامي ما يفيد المعاملة بين الطرفين دون أن يتقدم بذلك رغم إعلامه في الشكل بعدم قبول الطلب”[27].
وللإشارة فإن المادة 106 المشار إليها في الحكم القضائي أعلاه تقابلها حاليا المادة 156 من القانون البنكي الجديد رقم103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيآت المعتبرة في حكمها[28] حيث تنص على أنه: “يعتد بكشوف الحسابات التي تعدها مؤسسات الائتمان وفق الكيفيات المحددة بمنشور يصدره والي بنك المغرب…”.
كما يتوجب للأخذ بكشف الحساب كدليل للإثبات أن لا تكون هناك منازعة جدية من طرف المدعى عليه بخصوص الكشف المعتمد للإثبات، إذ أن إثبات عكس ما هو وارد فيه يسقط عنه الحجية، حيث جاء في أحد القرارات القضائية:
“حيث يلتمس الطرف المستأنف إلغاء الحكم المستأنف لكونه أدى قسطا مهما من الدين ومن حقه أن يطالب بإجراء خبرة حسابية،لكن حيث أن ما زعمه المستأنف من أنه أدى قسطا من الدين لم يثبت لحد الآن كما أنه لم يوجه أي طعن جدي للكشف الحسابي المدلى به مما يكون معه والحالة هاته الحكم المستأنف مصادف للصواب تأييده.”[29].
إذن وانطلاقا من القرارات السابقة يتضح أن القضاء المغربي يولي اهتماما كبيرا لعنصر الإثبات في الجانب المتعلق بالقروض وذلك من خلال السهر على احترام المقتضيات القانونية المنظمة لكشوف الحساب التي يسلمها المقرض للمقترض لكي يمكن اعتبارها وسيلة لإثبات النزاع وبالتالي حماية الطرف الضعيف الذي يكون عادة هو المستهلك المقترض.
الفقرة الثانية: الإمهال القضائي.
يعتبر الإمهال القضائي تدبير وضعه المشرع بقصد حماية المقترض حسن النية الذي عجز عن تنفيذ التزامه، وذلك بإعطائه مهلة أخرى للتنفيذ، وعليه سنقسم هذه الفقرة إلى مفهوم الإمهال القضائي وشروطه (أولا) ثم نتطرق لدورهذا الإمهال في حماية المستهلك المقترض ( ثانيا ).
أولا: مفهوم الإمهال القضائي وشروطه.
يعرف الفقه الإمهال القضائي[30] بأنه: “الأجل الممنوح من القضاء للمدين الذي استحق دينه، وأصبح خاضعا لملاحقة دائنه”[31].كما عرفه أيضا أحد الفقهاء[32] بأن: ” نظرة الميسرة ذات طابع أخلاقي وديني، يتمثل كقاعدة في الوقوف إلى جانب المدين سيء الحظ، يمنحه أجلا إضافيا ومعقولا لتنفيذ التزامه”.
وقد تم أصل المشرع المغربي لنظرة الميسرة في الفصل 243 من ق. ل. ع الذي يعد الأساس القانوني لهذا المفهوم، حيث جاء في الفقرة الثانية:
” ومع ذلك يسوغ للقضاة مراعاة منهم لمركز المدين، ومع استعمال هذه السلطة في نطاق ضيق، أن يمنحوه آجال معتدلة للوفاء، وأن يوقفوا إجراءات المطالبة، مع إبقاء الأشياء على حالها “.
وانطلاقا من هذه الفقرة يتضح أن للمحكمة سلطة تقديرية في منح المقترض مهلة زمنية إضافية ليتمكن من أداء دينه، فالمشرع المغربي جعل منح مهلة الميسرة رخصة بيد القضاء، تخضع لتقديره حسب الظروف المحيطة بكل نازله[33]. ووضع لها مجموعة من الشروط، وهي:
1- أن يكون المستهلك المقترض حسن النية، وغير ميؤوس من قدرته على الاستدراك، كأن يكون له عقارات ويحتاج إلى وقت ليبيعها قصد الوفاء[34].
2- ضرورة منح مهلة الميسرة في نطاق ضيق ومراعاة مركز المدين، ويقصد بذلك أن المحكمة لا يمكنها أن تمنح مهلة للمدين إلا إذا كانت ظروفه أو مركزه الاقتصادي يستدعي ذلك، كحالة فصله من العمل أو تدهور ظروفه التجارية بسبب ظروف غير متوقعة، ويصف بعض الفقه هذه الظروف بتعثر حظ المدين[35].
إن المشرع المغربي لم يحدد هذه الظروف بنص قانوني وإنما ترك الأمر للقاضي لإعمال سلطته التقديرية في نطاق ضيق، لكن هذا الأمر تجاوزه المشرع المغربي في القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك الذي حدد هذه الظروف على سبيل المثال لا الحصر وتتمثل في حالة الفصل عن العمل، أو حالة اجتماعية غير متوقعة[36]، إذ جاءت المادة 149 من القانون رقم 31.08 تنص على ما يلي:
“بالرغم من أحكام الفقرة الثانية من الفصل 243 من الظهير الشريف الصادر في 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، يمكن ولاسيما في حالة الفصل عن العمل أو حالة اجتماعية غير متوقعة، أن يوقف تنفيذ التزامات المدين بأمر من رئيس المحكمة المختصة.ويمكن أن يقرر في الأمر على أن المبالغ المستحقة لا تترتب عليها فائدة طيلة مدة المهلة القضائية.
يجوز للقاضي، علاوة على ذلك، أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ، دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين، غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد المذكورة إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ”.
3- أن لا يكون هناك مانع قانوني، حيث أنه اعتبارا لما تقوم به بعض سندات الدين من دور في الحياة الاقتصادية والتجارية وحفاظا على مصداقيتها لتحقيق السرعة المتوخاة، ارتأى المشرع إحاطتها بضمانات خاصة، منها عدم إعطاء أي نظرة ميسرة عند حلول أجل استحقاقها ويتعلق الأمر بالأوراق التجارية[37].
4- أن يكون الأجل الممنوح معقولا، فالمشرع المغربي لم يمنح أجلا يتقيد به القاضي في إمهال المقترض، وبذلك ترك المجال مفتوحا للاجتهاد القضائي لمنح مهلة الميسرة وذلك بمعالجة كل حالة على حدة، تبعا لاختلاف ظروف وملابسات كل قضية[38].
ورغبة في توفير مزيد من الحقوق لصالح المقترض حدد المشرع المغربي في القانون رقم 31.08 المدة القصوى للإمهال القضائي في سنتين[39]، لأن ما تتضمنه الشروط الأخرى، وعلى رأسها النطاق الضيق الذي يجب أن تمنح فيه نظرة الميسرة يؤدي إلى تقليص القضاء للآجال الممنوحة للمستهلك المقترض حتى يفي بالتزامه.
ثانيا: دور الإمهال القضائي في حماية المستهلك
يتضح دور الإمهال القضائي في حماية المستهلك المقترض في كونه يوقف تنفيذ التزامات المدين إلى حين انتهاء الأجل المحدد، فالدائن لا يستطيع أن يطالب بالتعويض. ويمكن للقاضي أن يحكم بأن المبالغ المستحقة لا تنتج أي فوائد خلال الأجل القضائي. على أن هذه تبقى مستحقة الأداء وإن كان بإمكان القاضي أن يحدد كيفية الوفاء بالمبالغ المستحقة[40].
وعليه فإنه يتبين أن الإمهال القضائي له دور كبير من حيث تمكن المستهلك المقترض من ربح عنصر الزمن لتدبير مديونيته، ولا تخفى أهمية هذا العنصر في تمكين المدين من الوفاء بما عليه من ديون متخلدة في ذمته.لكن رغم هذه الأهمية فإن فعالية الإمهال القضائي تبقى محدودة بدرجة كبيرة نظرا للشروط التي فرضها المشرع على القاضي لمنح هذه المهلة للمدين، إضافة إلى أن هذا الأجل الاسترحامي لا يعدوا أن يكون مجرد معالجة جزئية وفردية لا تتسم بنوع من الشمولية ولا تضفي أية خصوصية على المدينين المستهلكين باعتبارهم الأكثر تضررا في هذا السياق[41]، وإن كان القانون رقم 31.08 قد جعل المستهلك المقترض يظفر بنوع من الحماية القانونية الخاصة باعتباره عنصرا فعالا في الدورة الاقتصادية أكثر من غيره.
المطلب الثاني: الحماية القضائية للمقترض من الشروط التعسفية
لقد أدى التطور الحاصل على مستوى المعاملات إلى بروز نوع جديد من الصيغ في المجال التعاقدي، حيث يستفرد أحد الأطراف بصياغة بنود العقد لفرضها على الطرف الآخر بهدف تحقيق مصالحه الشخصية. إذ شكل هذا الوضع الجديد أحد الأسباب الرئيسية التي دفعت في اتجاه إصدار القانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك والذي جاء لتوفير نوع من الحماية لصالح المستهلك باعتباره الطرف الضعيف.
ولكن رغم توفر هذا القانون (ق.ر:31.08) على مقتضيات حمائية لفائدة المستهلك فإنها تبقى عديمة الأثر ما لم يتم تفعيلها من طرف القضاء خاصة من خلال تدخله لمواجهة الشروط التعسفية عن طريق آلية تفسير العقد (الفقرة الأولى) وكذا التخفيف من حدة الشرط التعسفي (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى: دور القاضي في تفسير بنود عقد القرض الاستهلاكي
مما يجب الإشارة إليه أن القضاء المغربي قبل صدور القانون رقم 31.08 إلى حيز الوجود كان يستند إلى القواعد العامة في الكثير من الأحيان لحماية المستهلك ومنحه العناية اللازمة.
وفي هذا الصدد تثير إشكالية مدى فعالية دور القضاء في تفسير بنود العقد عدة تساؤلات حول نطاق هذا التفسير الذي يمكن أن يكون في حدود ضيقة (أولا) وقد يصل في أحيان أخرى إلى حد التفسير الواسع لعبارات العقد (ثانيا).
أولا: التفسير الضيق لعقد القرض الاستهلاكي
يقصد بالتفسير الضيق للعقد:”ذلك التفسير الذي يقتضي إجراء تصحيح لتعبيرات المتعاقدين لتخصيصها أو تقليص معناها لتأتي متطابقة مع الأفكار الحقيقية التي أراد المتعاقدين التعبير عنها (نظرية الإرادة الباطنة) وتفسير العقد تفسيرا ضيقا يعني تطبيق شروطه حرفيا دون أن يؤخذ بمبادئ العدالة وحسن النية في الحسبان”[42].
وبالرجوع إلى الفصل 461 من ق ل ع، نجده ينص على أنه:
“إذا كانت ألفاظ العقد صريحة امتنع البحث عن قصد صاحبها ” وهذا ما سارت عليه محكمة النقض في إحدى قراراتها “… بناء على الفصول 230 و462 و462 من ق ل ع م، حيث إن العقد شريعة المتعاقدين، وأنه لا يكون هناك محل للتفسير عندما تكون ألفاظ العقد صريحة، وبما أن التفسير لا يكون له موجب إلا في الحالات التي تكون فيها العبارات غير واضحة بذاتها ولا تتلاءم مع الغرض الواضح من العقد أو عندما ينشأ الغموض من مقارنة بنود العقد بحيث تثير الشك حول مدلولها فإن قاضي الموضوع اعتقد بأنه لا محل للتفسير…”[43].
وبذلك يكون دور القضاء المغربي سلبيا في تفسير العقود إن كانت عبارات العقد واضحة. على أساس أن مهمته تتجلى في تطبيقه كما هو ظاهر بمعنى آخر أنه لا يفسر بل ينفذ رغم أن المقترض قد يكون تحت تأثير الضغط للحاجة.
غير أن ذلك لا يعني إعدام دور القاضي نهائيا بل يمكنه أن يعمل بشكل إيجابي في مجال التفسير الذي يمكن أن يتخذه وسيلة لمواجهة الاختلال الواقع بين الطرفين المتعاقدين بطريقة غير مباشرة حيث يسترجع دوره كلما تبين له أن بنود العقد واضحة لكنها لا تتماشى والهدف الظاهر، وبالتالي إذا كانت عبارات العقد واضحة فإنه لامجال للتدخل القضائي في تفسير العقد بل عليه أن يتماشى مع إرادة الأطراف، أما إذا كانت النية المشتركة للأطراف تخالف مدلول العقد فإن القاضي يأخذ بما يراه أقرب إلى قصد المتعاقدين حيث يتدخل بطريقة غير مباشرة في مضمون العقد،مع تبيانها للأسباب التي دعته لتغيير مضمون العقد الظاهر[44].
وعليه إذا كانت عبارات العقد واضحة ظاهريا، ولكنها متعارضة في الواقع مع الإرادة الحقيقية المشتركة للمتعاقدين، فإن وضوحها لا يقف دون التفسير، بل يتعين طرحها والبحث عن الإرادة الحقيقية فوضوح الألفاظ لا يعني بالقطع وضوح الإرادة، ولكن ليس للقاضي أن يبادر بتفسير الواضح إلا إذا ظهرت أمامه دلالات قوية تفيد وجود نية مغايرة واضحة.
إذا كان الأصل أنه في حالة وضوح العبارة في العقد يكون دور القاضي سلبيا حيث يتدخل بطريقة غير مباشرة وذلك عندما تكون عبارات العقد لا توافق الإرادة الباطنية المشتركة للأطراف التعاقدية، فإنه في مقابل ذلك نجد أن القاضي يتمتع بدور إيجابي حين يكون إزاء عبارات العقد الغامضة حيث يتمتع حينها بسلطة واسعة في تفسير بنود العقد[45].
ثانيا: التفسير الواسع لعقد القرض الاستهلاكي
إذا كان الأصل أن القاضي لا يملك سلطة على مضمون العقد إلا أن تدخله قد يصير ممكنا عندما يتبين له أن عبارات العقد غامضة أو عندما تكون إرادة أحد الأطراف اتجهت نحو استعمال صياغة عامة لإخفاء الشروط الحقيقية للعقد، فهذه الحالة تعتبر المجال الأوسع لاستخدام سلطته بهدف تحقيق نوع من التوازن بين المتعاقدين عن طريق تعديل بنود العقد التي تفتقد للتوازن وهذا ما يستفاد من الفصل 462 من ق.ل.ع[46].
ولهذا، فإن سرد هذه الحالات (حالات الفصل 462) غير وارد على سبيل الحصر، حيث أن الغموض يكون كلما كانت عبارات العقد سببا في حجب النية المشتركة لإرادة المتعاقدين في جميع الحالات ولذلك فإن وضع المشرع لهذه القواعد جاءت كآلية يستهدي بها القاضي المدني.[47]
وهذا ما يفيد ترك مجال واسع للقضاء أثناء استعماله تقنية التفسير في البحث عن الإرادة الحقيقية للمتعاقدين، إذ بهذه التقنية يمكن للقاضي خلق توازن حقيقي بين الأطراف والوقوف إلى جانب الطرف الضعيف أيضا والذي هو المستهلك.
وفي هذا الصدد ذهبت محكمة النقض في قرار لها على أنه:
“… وإن كانت لمحكمة الموضوع السلطة في تفسير العقود المعروضة عليها وفق مقصود المتعاقدين فإن ذلك مشروط أن تبرر في قرارها العناصر التي تدل على أساسها عدلت عن مدلول العقد الظاهر…”[48].
ومما سبق يمكن القول بأنه رغم أهمية التفسير الممنوحة للمؤسسة القضائية من أجل حماية الطرف الضعيف- المستهلك المقترض في هذه الحالة- من الشروط التعسفية. فإن القواعد الموضوعة لهذه المهمة تبقى محدودة الفعالية لحماية المستهلك خصوصا حين تم تقييدها بإرادة المتعاقدين دون مراعاة مبادئ العدالة[49].
وحري بالتنويه أن هذه المقتضيات كان ينتظر تجاوزها في إطار القانون رقم 31.08 من أجل توسيع مهمة القضاء بشكل أكثر، إلا أن المشرع المغربي فاجأ المهتمين حين كرسها من جديد في القانون المتعلق بحماية المستهلك من خلال المادة 16 منه والتي تنص:
” دون الإخلال بقواعد التأويل المنصوص عليها في الفصول من 461 إلى 473 من الظهير الشريف الصادر في 09 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913) بمثابة قانون الالتزامات والعقود، يقدر الطابع التعسفي لشرط من الشروط بالرجوع وقت إبرام العقد إلى جميع الظروف المحيطة بإبرامه وإلى جميع الشروط الأخرى الواردة في العقد، ويقدر كذلك بالنظر إلى الشروط الواردة في عقد آخر عندما يكون إبرام أو تنفيذ العقدين المذكورين مرتبطين بعضهما ببعض من الوجهة القانونية”.
الفقرة الثانية : دور القضاء في التخفيف من حدة الشروط التعسفية.
من المعلوم أن الأصل في تقدير التعويض هو من اختصاص قاضي الموضوع إلا أن استثناء يمكن للمتعاقدين الاتفاق على تقدير التعويض مسبقا في حالة قيام أحدهما بتنفيذ التزامه أو التأخر في تنفيذها، وهذا ما يسمى بالشرط الجزائي laclausepénale[50]أو التعويض الاتفاقي.
والشرط الجزائي من الناحية القانونية مشروع مادام لا يؤدي إلى اختلال التوازن العقدي، ومادام مبلغ التعويض المتفق عليه لا يتجاوز الضرر الفعلي الحاصل للدائن.
إلا أن الواقع العملي قد يشهد استغلال أحد أطراف العقد لمركزه القوي بحكم خبرته القانونية أو الفنية – كما هو الشأن بالنسبة للمهنيين والحرفيين- ليفرض شروطا جزائية، الهدف منها الحصول على مزايا وأرباح إضافية على حساب الطرف الآخر الضعيف، وبالتالي تتحول الوظيفة الأصلية للشرط الجزائي، من وظيفة تعويضية هدفها تأمين تنفيذ الالتزامات التعاقدية، إلى وظيفة تهديدية هدفها استغلال الطرف الضعيف، والإثراء بلا سبب على حساب التوازن العقدي واستقرار المعاملات، الأمر الذي يؤدي إلى اعتبار مثل هذه الشروط شروطا تعسفية.
من هذا المنطلق يطرح التساؤل فيما إذا كان من الممكن بالنسبة للقاضي التدخل في هذه الحالة، لمواجهة الشرط الجزائي من خلال مراجعته، أو إلغائه إن اقتضى الحال.
أولا: سلطة القضاء في مراجعة (تعديل) الشرط الجزائي.
تكون مراجعة الشرط الجزائي من طرف القضاء، حسب مقتضيات الفصل 264 من ق.ل.ع.[51]، إما بالتخفيض (أ) أو الزيادة في مبلغ التعويض(ب).
أ- مراجعة الشرط الجزائي بالتخفيض.
بالرجوع إلى مقتضيات الفصل 264 من ق.ل.ع. يمكن القول أن المشرع المغربي منح للقضاء سلطة تخفيض الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه، أو في حالة التنفيذ الجزئي، وعليه فإن إعمال القضاء لسلطته في تخفيض الشرط مقيدة بحالتين:
- حالة المبالغة في التعويض؛ وهذا ما أكده قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، والذي جاء فيه:
“يمكن للمحكمة تخفيض التعويض عن الأضرار التي قد تلحق من جراء عدم الوفاء بالالتزام، حتى ولو اتفق الأطراف على تحديده وذلك متى كان مبالغا فيه، ومن شأنه أن يثقل كاهل المدين”[52].
ويبقى للقضاء في هذا الإطار سلطة تقدير درجة المبالغة بدون أن يبالغ هو ذاته في هذا التقدير، ويضرب عرض الحائط الوظيفة الأساسية للشرط الجزائي[53]، لذلك فإن القدر الزائد على مقدار الضرر المحقق فعلا، لا يوصف بالمبالغ فيه إلا إذا بلغ حدا لا يقبله العقل، ويأباه الحس السليم.
وعلى القضاء المغربي أن يؤسس لأحكامه بخصوص تعديل الشرط الجزائي عند المبالغة في تقديره، بالنظر إلى ظروف التعاقد، والوضعية الشخصية للمتعاقدين، وموقفهما في من التنفيذ الكلي أو التنفيذ في أجله، وإلى حسن أو سوء نية المدين لدى الجمع بين المعيارين الشخصي والموضوعي[54].
- حالة التنفيذ الجزئي للالتزام: وفي هذه الحالة يجب على القضاء مراعاة الشروط المقررة ضمنيا في الفقرة 3 من الفصل 264 من ق.ل.ع[55]، وإلا سقط حقه في التدخل في هذا الإطار وتتمثل هذه الشروط في :
+ يجب أن لا يكون المتعاقدين قد قررا تعويضا اتفاقيا لعدم التنفيذ الجزئي.
+ يجب أن يكون الالتزام الأصلي قابلا للانقسام.
+ يجب أن يقبل الدائن هذا التنفيذ الجزئي.
+ يجب أن يكون التخفيض في حدود النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي.
وبخصوص هذا الشرط الأخير، فإن القضاء يلجأ إلى إجراء مقارنة بين ما كان سيعود على الدائن من نفع عند التنفيذ الكامل، وما عاد عليه فعلا من التنفيذ الجزئي، فإذا قدر أن التنفيذ الجزئي عاد على الدائن بالنفع في حدود ثلث الالتزام، كان عليه أن يخفض مبلغ التعويض المتفق عليه بمقدار الثلث، وتقدير هذه المنفعة يعود لقاضي الموضوع، وذلك بالنظر لظروف كل قضية على حدة، وأهمية التنفيذ الكلي بالنسبة للدائن، ومقدار الضرر المنظور إليه من جهة الدائن، بحيث أن المنفعة يجب أن تقرر على ضوء الاضطراب المادي والنفسي الذي من شأن عدم التنفيذ الكلي أن يخلفه لدى الدائن[56].
ب- مراجعة الشرط الجزائي بالزيادة
لم يمنح المشرع المغربي بمقتضى الفصل 264 في فقرته الثالثة للقضاء سلطة التخفيض من قدر التعويض كشرط جزائي فقط بل منحه سلطة الزيادة فيه أيضا، إذا بدا له أنه كان زهيدا.
وعليه، فإن القضاء يعمل في اتجاهين معا، إما في اتجاه التخفيض إذا توافرت شروطه، أو في اتجاه الزيادة، بشرط أن يكون الشرط الجزائي زهيدا.
ثانيا: سلطة القضاء في إلغاء الشرط الجزائي التعسفي.
أعطى القانون رقم 31.08 صراحة للقاضي حق إلغاء الشرط الجزائي المبالغ فيه (البند 6 من المادة 18) وذلك ترجمة منه لإرادة المشرع لإضفاء المرونة على نظرية العقد القائمة على مبدأ القوة الملزمة للعقد، نظرا لما يمكن أن يؤدي إليه ذلك من فسح المجال أمام الطرف القوي تقنيا واقتصاديا لاستغلال الطرف الضعيف والتحكم فيه، وعليه كان من الضروري إعطاء حيز أكبر للعدالة التعاقدية عن طريق الحرص على توفير حد أدنى من التوازن الموضوعي في العقد الاستهلاكي، وهو ما لا يمكن الوصول إليه إلا عن طريق تقييد مبدأ حرية التعاقد وذلك بإقرار سلطة القضاء في بسط رقابته على العقد، لتتبع الحالات المجحفة، وإعادة الأوضاع إلى صورتها العادية والعادلة، حتى يؤدي العقد وظيفته الاجتماعية في إنشاء علاقات إنسانية واقتصادية متوازنة وسليمة[57].
وهكذا يمكن أن نستخلص أن منح المشرع للقضاء إمكانية إلغاء الشرط الجزائي المبالغ فيه، يشكل حماية فعالة للمستهلك المغربي من تعسف المهنيين في حقه، وهذه الحماية تجد مكانها حتى في الحالة التي لا يستطيع فيها المستهلك مناقشة شروط العقد، إما جهلا بالقانون أو لكون طبيعة العقد لا تسمح بذلك[58]، وكذا حالة عدم قدرته على إبداء رأيه حول المبلغ الذي وضعه محرره كتعويض عن عدم تنفيذ الالتزام أو التأخير في تنفيذه، إذ المتضرر في كل هذه الحالات يتوفر على أداة قانونية فعالة ومجدية تتمثل في اللجوء إلى القضاء طالبا إلغاء الشرط الجزائي إذا كان مبالغا فيه وكان من شأنه أن يؤدي إلى اختلال كبير في التوازن بين حقوق والتزامات أطراف العقد الاستهلاكي.
وطبقا للمادة 19 من قانون 31.08 فإن كل شرط من شأنه أن يؤدي إلى اختلال كبير بين أطراف العقد الاستهلاكي، فإنه يعتبره شرطا تعسفيا، وبالتالي شرطا باطلا ولاغيا[59].
وعليه، فإن المشرع المغربي بمقتضى القانون رقم 31.08 وسع من نطاق سلطة القاضي في إلغاء الشرط الجزائي التعسفي المبالغ فيه، لكن مع ضرورة مراعاة القاضي الظروف التي بموجبها يمكن القول بأن الشرط يعتبر تعسفيا[60] وبالتالي يجب حذفه، وذلك مراعاة لمصلحة الطرفين معا وليس فقط المستهلك، علما أن وضعية هذا الأخير تتطلب حماية أكثر، لكن ليس إلى درجة التضحية بمصالح المهني كليا لأنه في نهاية المطاف يجب أن تتحقق العدالة في الاتجاهين معا.
خاتمة :
انطلاقا مما سبق، يمكن القول بأن المشرع المغربي بإصداره للقانون رقم 31.08 المتعلق بتحديد تدابير لحماية المستهلك قد استطاع تجاوز الكثير من الثغرات التي كانت تنطوي عليها القواعد العامة، وبالتالي استطاع مواكبة منطق العصر الذي صار الاستهلاك إحدى سماته الرئيسية، إذ أن استحداثه لآليات جديدة من أجل حماية المستهلك المقترض إن على مستوى الإعلام أو على مستوى العرض المسبق ساهم في تكريس حماية خاصة للمستهلك باعتباره الطرف الضعيف.
كما أن الترسانة القانونية الجديدة المنظمة للقروض الاستهلاكية ساعدت القضاء أكثر من أي وقت مضى في الوصول إلى روح العدالة التعاقدية التي عادة ما كانت تغيب عند تنزيل القواعد العامة نظرا لتغير الظروف والأحوال عن تلك التي استحدثت فيها.
إن الإيجابيات التي جاء بها المشرع في القانون رقم 31.08 لا تمنع من الاعتراف بأن المستهلك المقترض لازال يعتبر طرفا ضعيفا في عقد القرض الاستهلاكي إذا ما قورن مع الأحكام المقررة له في بعض التشريعات المقارنة، وهو أمر نرجو أن يتم تجاوزه في القريب العاجل من خلال السهر على تحيين القواعد القانونية بأخرى ملائمة كلما دعت الضرورة إلى ذلك، وهو الأمر الذي لا يتأتى إلا بإشراك المهتمين والباحثين في ميدان الاستهلاك عموما والقروض الاستهلاكية بوجه خاص، وكذا تنزيل التوصيات الصادرة عنهم، والتي نقترح منها بالأساس:
- ضرورة العمل على الإسراع في إصدار النصوص التنظيمية المتعلقة بالقروض الاستهلاكية.
- ضرورة العمل على فرض رقابة إدارية على مؤسسات الائتمان لضمان حماية حقيقية للمستهلك المقترض من الشروط التعسفية.
- العمل على إنجاز وتنظيم حملات تحسيسية توعوية من طرف الأجهزة الرسمية ذات الصلة بقطاع الاستهلاك من أجل ترسيخ وعي المستهلك بحقوقه والتزاماته.
- إشراك المجتمع المدني (خاصة جمعيات حماية المستهلك) بشكل فعلي في عملية التوعية والتبصير بحقوق المستهلك.
لائحة المراجع :
المراجع العامة والخاصة :
- الحسين بلحساني، الموجز في العقود الخاصة، دون ذكر المطبعة، طبعة 2015
- خالد ممدوح، حماية المستهلك في العقد الإلكتروني، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، الطبعة الأولى، سنة 2008.
- سامي بديع منصور، عنصر الإثبات وعامل التغير في العقد المدني، دار الفكر اللبنانية، الطبعة الأولى 1987.
- سعد نبيل إبراهيم، ملامح حماية المستهلك في مجال الائتمان، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية، سنة 2008.
- عبد الرحمان الشرقاوي، دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الكتاب الأول: مصادر الالتزام، الجزء الأول، التصرف القانوني، مطبعة المعارف الجديدة،الطبعةالثانية: سنة 2014 .
- عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثالث، منشورات الحلبي، بيروت، طبعة 1998.
- عبد السلام أحمد فيغو، الوجيز في أحكام نظرية الالتزام في قانون الالتزامات والعقود المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الثانية 2014.
- عبد العزيز حضري، “العقود الاستهلاكية”، طبعة 2011-2012، دون ذكر المطبعة.
- عبد اللطيف التيجاني، الأمر بالأداء في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة 2000.
- محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000.
- محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية- دراسة مقارنة- أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني، الدار البيضاء، 1985 /1986.
الأطاريــح :
- عبد الرحيم المودن، “النظام القانوني لعقد الحساب الجاري البنكي” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون الأعمال كلية للعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس أكدال- الرباط- السنة الجامعية 2003-2004.
- عمرو قريوح، الحماية القانونية للمستهلك-القرض الاستهلاكي نموذجا- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2006-2007.
الرسائل :
- رشيد أحنكور، “حماية المستهلك في ضوء القانون رقم 31.08: عقد البيع الاستهلاكي نموذجا”، رسالة لنيل دبلوم الماستر، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2012-2013.
- رشيد لمسياح، حماية المستهلك وفق قانون رقم 31.08 – القرض العقاري نموذجا-،رسالة لنيل دبلوم الماستر قانون العقود والعقار،وحدة التكوين والبحث في قانون العقود و العقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2012-2013.
- سمية كريم، مظاهر حماية المستهلك في القروض السكنية،رسالة لنيل دبلوم ماستر قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2011-2012.
- محمد أمين بنعصمات، حماية المستهلك من مخاطر القروض الاستهلاكية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود و العقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، سنة 2011-2010.
المجلات و المقالات :
- أبو بكر مهم، قراءة في المقتضيات المتعلقة بالبيع عن بعد، مقال منشور بمجلة الدفاع،العدد 6، سنة 2011.
- زهير بنخودة: “تفسير عقد الإذعان في القضاء المغربي والمقارن”، مقال منشور بمجلة محاكم، مراكش العدد الأول، سنة 2007.
- عبد الكريم عباه، حماية المستهلك في عقد التجارة الإلكترونية، مقال منشور بمجلة المنارة، العدد 11.
- المجلة المغربية للقانون، قرار محكمة النقض، صادر بتاريخ 10 يوليوز 1962، عدد 15 ، أبريل 1963.
- مجلة قرارات المجلس الأعلى، عدد 66، سنة 2009.
- نهاد الطاهري، الحماية القانونية للمستهلك المتعاقد الكترونيا، مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد سنة 2013.
الهوامش :
(*) تم إعداد هذا العرض من طرف الطلبة و الطالبات الآتية أسماؤهم : – ياسين ابن مسعود – مهجة خراب – حمزة بنيعيش – أسمهان الدامي – فؤاد الخضيري -زليخة كركين – حسام الظافر – أميمة العروسي – عبد الحكيم زرزة – منعم العربي في السنة الجامعية : 2016-2017 تحت إشراف الدكتور محمد شيهيب بجامعة محمد الأول كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجدة.
[1]– ظهير شريف رقم 03-11-1 صادر في 14 من ربيع الأول 1432 الموافق ل 18 فبراير 2011، بتنفيذ القانون رقم 31.08 القاضي بتحديد تدابير لحماية المستهلك، منشور بالجريدة الرسمية عدد 5932 في 03 جمادى الأولى 1432 الموافق ل7 أبريل 2011، ص.1072
[2]– رشيد أحنكور، “حماية المستهلك في ضوء القانون رقم 31.08 :عقد البيع الاستهلاكي نموذجا”، رسالة لنيل دبلوم الماستر، وحدة التكوين والبحث في قانون العقود والعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2012-2013، ص 27.
[3]– محمد أمين بنعصمات، حماية المستهلك من مخاطر القروض الاستهلاكية، رسالة لنيل دبلوم الماستر في قانون العقود والعقار، وحدة التكوين والبحث في قانون العقودوالعقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، سنة 2011-2010، ص 69.
[4]– أستاذنا الحسين بلحساني، الموجز في العقود الخاصة، دون ذكر المطبعة، طبعة 2015، ص 21.
[5]– رشيد لمسياح، حماية المستهلك وفق قانون رقم 31.08 -القرض العقاري نموذجا-،رسالة لنيل دبلوم الماستر قانون العقود والعقار،وحدة التكوين و البحث في قانون العقود و العقار، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2012-2013، ص 35.
[6]– أستاذنا الحسين بلحساني، مرجع سابق، ص 26.
[7]– أستاذنا الحسين بلحساني، نفس المرجع، ص 26.
[8]– أستاذنا عبد العزيز حضري، “العقود الاستهلاكية”، طبعة 2011-2012، دون ذكر المطبعة، ص 91.
[9]– نهاد الطاهري، الحماية القانونية للمستهلك المتعاقد الكترونيا، مقال منشور بمجلة المنارة للدراسات القانونية والإدارية، عدد سنة 2013، ص 237.
[10]– خالد ممدوح، حماية المستهلك في العقد الإلكتروني، دار الفكر الجامعي الاسكندرية، الطبعة الأولى، سنة 2008، ص 225-226.
[11]– أبو بكر مهم، قراءة في المقتضيات المتعلقة بالبيع عن بعد، مقال منشور بمجلة الدفاع،العدد 6، سنة 2011، ص 83.
[12]– عبد الكريم عباه، حماية المستهلك في عقد التجارة الإلكترونية، مقال منشور بمجلة المنارة، العدد 11، ص 106.
[13]– عمرو قريوح، الحماية القانونية للمستهلك-القرض الاستهلاكي نموذجا- أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة التكوين والبحث قانون الأعمال، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الأول، وجدة، السنة الجامعية 2006-2007، ص 263.
[14]– تنص الفقرة الأخيرة من المادة 77 على أنه “يلزم المقترض عند تسليم العرض المسبق الإبقاء على الشروط الواردة فيه خلال مدة لا تقل عن سبعة أيام من تاريخ تسليمه للمقترض”.
[15]– أوردت المادة 78 من القانون 31.08 هذه الشروط ومنها أن يقدم العرض المسبق بصورة واضحة ومقروءة، مع الإشارة إلى هوية الأطراف.
[16]– أنظر المادة 118 من القانون رقم 31.08.
[17]– قانون الالتزامات و العقود الصادر بظهير 9 رمضان 1331 (12 أغسطس 1913).
[18]– ينص الفصل 863 من ق ل ع على أنه “..غير أن للمقترض الحق في أن يحبس بين يديه الشيء المقترض إذا كانت أحوال المقترض قد ساءت منذ العقد بحيث يتوقع ضياع مال القرض كله أو بعضه…”.
[19]– ما يعادل 5300 درهم.
[20]– نهاد الطاهري، م س، ص 236.
[21]– عمرو قريوح، م س، ص 263-264.
[22]– أستاذنا عبد العزيز حضري، م س، ص 92.
[23]– تنص المادة الرابعة من مدونة التجارة على أنه:
” إذا كان العمل تجاريا بالنسبة لأحد المتعاقدين ومدنيا بالنسبة للمتعاقد الأخر، طبقت قواعد القانون التجاري في مواجهة الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه تجاريا، ولا يمكن أن يواجه بها الطرف الذي كان العمل بالنسبة إليه مدنيا، ما لم ينص مقتضى خاص على خلاف ذلك”.
[24]– يعتبر وسيلة إثبات استثنائية لكونه يخالف القواعد العامة في الإثبات فهو وثيقة عرفية والمعلوم أنه لقيام الوثيقة العرفية كوسيلة إثبات يجب أن تحمل توقيع الملتزم، وهذا الشرط غير متوفر في الكشف الحسابي ومع ذلك أقره المشرع المغربي كحجة للإثبات رغم مخالفته للقواعد العامة، ورغم أنه يخالف القاعدة التي تقر بأنه “لا يجوز لشخص أن يصنع دليلا لنفسه”.
[25]– انظر المواد: 19، 334 و492 من مدونة التجارة.
[26]– عبد الرحيم المودن، “النظام القانوني لعقد الحساب الجاري البنكي” أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون الخاص، وحدة البحث والتكوين في قانون الأعمال كلية للعلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة محمد الخامس أكدال- الرباط- السنة الجامعية 2003-2004، ص: 260.
[27]– قرار لمحكمة الاستئناف التجارية بفاس صادر بتاريخ 2006/12/28 رقم 1264 رقم الملف 2006/853،أورده رشيدالمسياح،م.س،ص.105.
[28]– القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان والهيآت المعتبرة في حكمها الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.193 صادر في فاتح ربيع الأول 1436 (24 ديسمبر 2014)، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ 22 يناير 2015، ص462.
[29]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بفاس سنة 2003-04-22 رقم 406، رقم للملف 2003/124، أورده رشيد المسياح، م.س. ص. 109.
[30]-يستعمل أيضا بدل الإمهال القضائي مصطلح الأجل الاسترحامي أو نظرة الميسرة.
[31]– سامي بديع منصور، عنصر الإثبات وعامل التغير في العقد المدني، دار الفكر اللبنانية، الطبعة الأولى 1987 ص 371.
[32]– محمد الكشبور، الخبرة القضائية في قانون المسطرة المدنية، الطبعة الأولى، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 2000، ص 172.
[33]– عمرو قريوح،م.س، ص 470.
[34]– رشيد لمسياح،م.س ، ص 112.
[35]– عبد الرزاق أحمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني الجديد، الجزء الثالث، منشورات الحلبي، بيروت، طبعة 1998، ص 781.
[36]– رشيد لمسياح، مرجع سابق، ص 112.
[37]– عبد اللطيف التيجاني، الأمر بالأداء في القانون المغربي، مطبعة النجاح الجديدة 2000، ص 210.
[38]– رشيد لمسياح، مرجع سابق، ص 115.
[39]– تنص الفقرة الثانية من المادة 149 من القانون 31.08 على أنه:
“يجوز للقاضي، علاوة على ذلك، أن يحدد في الأمر الصادر عنه كيفيات أداء المبالغ المستحقة عند انتهاء أجل وقف التنفيذ دون أن تتجاوز الدفعة الأخيرة الأجل الأصلي المقرر لتسديد القرض بأكثر من سنتين، غير أن له أن يؤجل البت في كيفيات التسديد المذكورة إلى حين انتهاء أجل وقف التنفيذ”.
[40]– سعد نبيل إبراهيم، ملامح حماية المستهلك في مجال الائتمان، دار الجامعة الجديدة للنشر الإسكندرية، سنة 2008، ص 39 أورده رشيد لمسياح، حماية المستهلك وفق القانون 31.08، القرض العقاري نموذجا، مرجع سابق، ص 163.
[41]– عمرو قريوح، مرجع سابق، ص 482.
[42]– زهير بنخودة: “تفسير عقد الإذعان في القضاء المغربي والمقارن”، مقال منشور بمجلة محاكم، مراكش العدد الأول، سنة 2007، ص 90-91.
[43]– المجلة المغربية للقانون، قرار محكمة النقض،صادر بتاريخ 10 يوليوز 1962، عدد 15، أبريل 1963، ص:169.
[44]– عبد الرحمان الشرقاوي، دراسة حديثة للنظرية العامة للالتزام على ضوء تأثرها بالمفاهيم الجديدة للقانون الاقتصادي، الكتاب الأول:مصادر الالتزام، الجزء الأول، التصرف القانوني، مطبعة المعارف الجديدة،الطبعةالثانية: سنة 2014 ، ص:235.
[45]– عبد الرحمان الشرقاوي،نفس المرجع، ص 237 وما يليها.
[46]– انظر الفصل 462 من ظهير قانون الالتزامات والعقود
[47]– محمد الكشبور، رقابة المجلس الأعلى على محاكم الموضوع في المواد المدنية-دراسة مقارنة-أطروحة لنيل دكتوراه الدولة في القانون الخاص،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، جامعة الحسن الثاني،الدار البيضاء،1985/1986،ص.159
[48]– قرار صادر عن محكمة النقض بتاريخ 24 أكتوبر 2007،منشور بمجلة قرارات المجلس الأعلى،عدد 66،سنة 2009، ص.64
[49]– سمية كريم، مظاهر حماية المستهلك في القروض السكنية،رسالة لنيل دبلوم ماستر قانون العقود والعقار،كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ،جامعة محمد الأول وجدة، سنة 2011-2012، ص:46.
[50]– عبد السلام أحمد فيغو، الوجيز في أحكام نظرية الالتزام في قانون الالتزامات والعقود المغربي، مطبعة المعارف الجديدة، الطبعة الثانية 2014،ص.57.
[51] انظر الفصل 264 من ق.ل.ع.
[52]– قرار صادر عن محكمة الاستئناف التجارية بالدار البيضاء، رقم 2004/516 بتاريخ 17/2/2004 أورده عبد الكريم عباد، م.س، ص:107
[53]– أي أنها وظيفة تعويضية وتأمينية لتنفيذ الالتزام.
[54]– عبد الكريم عباد،مرجع سابق، ص:109
[55]– تنص هذه الفقرة على أنه : “يمكن للمحكمة تخفيض التعويض المتفق عليه إذا كان مبالغا فيه أو الرفع من قيمته إذا كان زهيدا، و لها أيضا أن تخفض من التعويض المتفق عليه بنسبة النفع الذي عاد على الدائن من جراء التنفيذ الجزئي”. وتجدر الإشارة هنا إلى أنه أضيفت مقتضيات هذه الفقرة و ما يليها، إلى الفصل 264 بمقتضى القانون رقم 27.95 الصادر بتنفيذه ظهير شريف رقم 1.95.157 بتاريخ 13 من ربيع الأول 1416 (11 أغسطس 1995 ). الجريدة الرسمية عدد 4323 بتاريخ 10 ربيعالآخر 1416 (6 سبتمبر 1995)،ص 2443.
[56]– عبد الكريم عباد، نفس المرجع، ص:110
[57]– عبد الكريم عباد، نفس المرجع، ص:111
[58]– كما هو الشأن مثلا بالنسبة لعقود الإذعان والعقود النموذجية.
[59]– تنص المادة 19 من القانون رقم 31.08 على انه :
“يعتبر باطلا ولاغيا الشرط التعسفي الوارد في العقد المبرم بين المورد والمستهلك.
تطبق باقي مقتضيات العقد الأخرى إذا أمكن أن يبقى العقد قائما بدون الشرط التعسفي المذكور”
[60]– تتمثل هذه الشروط مثلا في :
+الغلو والمبالغة.
+أن يكون التعسف في مرحلة إبرام العقد الاستهلاكي.
+الرجوع إلى جميع الظروف المحيطة بإبرامه وإلى جميع الشروط الأخرى الواردة في العقد.
مهتمة