مطالب بإخراج نصوص قانونية جديدة تؤطر الهجرة واللجوء بالمغرب
كما اهتم اللقاء باستمرار عدم صدور القانون المتعلق باللجوء وشروط منحه، ولو أن الحكومة قد سبق لها إعداد مشروع له، رقمه 17-66.
المحجوب الهيبة، الأمين العام للمجلس الاستشاري لحقوق الإنسان (سابقا) المندوب الوزاري السابق، قال إن موضوع الهجرة واللجوء والاتجار بالبشر يسائل المجموعة البشرية برمتها، وهو “في قلب نقاشات ومفاوضات صعبة جدا، ويستغل في سياساتٍ وانتخابات، مثل فرنسا مؤخرا، وحتى في بعض الدول الاسكندنافية يكون مطية لتبرير مجموعة من الانتهاكات والانطواءات التي تفسَّر أحيانا بالاقتصاد والشعبوية، وتسير في تناقض مع مبادئ وقيم حقوق الإنسان”.
ووصف الهيبة الإطار التشريعي المنظم للهجرة بالبلاد بـ”المتجاوز”، في سياق استعراضه لمحطات النقاش والتدبير الحقوقي الرسمي للهجرة واللجوء.
واعتبر الهيبة أن الإشكال ليس هو “فعلية القوانين” بل “الإشكال الدائم بين القانون والواقع”؛ فـ”تفعيل القوانين مهم، لكن لا بد من إعادة تأهيل الإطار القانوني، مع مراعاة الالتزامات الدولية للمغرب، والاجتهاد القضائي، والمعاهدات، والتوصيات الصادرة عن مختلف لجان الأمم المتحدة حول الموضوع”.
وقال: “يوجد وعي، لكن التشريع دائما بطيء، والهجرة ودينامية تدفق المهاجرات والمهاجرين صارت أسرع بكثير من المنظومة القانونية والإطار المؤسساتي، مما يتطلب التدخل العاجل؛ لأن المملكة صارت عضوا نشطا جدا في المحافل الدولية، وانخرطت في كل الاتفاقيات الدولية التي تشكل النواة الصلبة للقانون الدولي لحقوق الإنسان”.
ووصف المتدخل اعتبار “المغرب فضاء إقامة” بكونه قد كان في مقام “الطابو”، لكنه “كُسِّر” ولم يعد المغرب يُعتَبَر “بلد عبور” فقط.
كما ذكّر المسؤول الحقوقي بأن فتح المكتب الشرفي للمفوضية السامية للاجئين بالمغرب في خمسينات القرن الماضي، قد جاء “لحماية إخواننا في الجزائر”، في وقت لم تكن قد استقلت فيه الجزائر بعد.
سارة سوجار، فاعلة مدنية مكلفة بحقوق المهاجرين في جمعية “غاديم”، تحدثت من جهتها عن “الحاجة إلى إطار تشريعي جديد متجدد يستجيب للتحديات الجديدة في قضية الهجرة”.
وقالت: “من خلال مرافقتنا للمهاجرين والأجانب بالمغرب، نقول إن القانون 02.03 لم يعد قادرا على الإجابة على تحديات الإقامة وسنداتها، بعد الخطوة المهمة لكن الاستثنائية بتسوية وضعية المهاجرين، كما أن روح سياسة الهجرة التي جاءت في تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان والديناميات المدنية آنذاك، روح تبحث عن الاندماج والولوج للحقوق الأساسية لهذه الشريحة دون شرط أو قيد مثل المغاربة، بما في ذلك الوضعية القانونية والإدارية”.
كما ينبغي، وفق سوجار، إعادة النظر في القانون المنظم للهجرة نظرا لـ”رهانات المغرب في قضية الهجرة إفريقيا وأوروبيا”، علما أن الهجرة ترتبط بـ”مقاربات متعددة، من بينها مقاربة حقوق الإنسان”.
وتطرقت سوجار إلى “إشكاليات النص والممارسة”، حيث توجد حالات “لا نجدها لا في النص القانوني ولا في المسطرة”، ثم استرسلت شارحة: “لا يمكن بسبب غياب سند الإقامة المس بالولوج للحقوق الأساسية، ومع الأسف توجد حقوق لا ولوج إليها، مثل الصحة والأكل والتعليم، باستثناء التعليم الابتدائي”.
هذا الوضع “يطرح علامات استفهام”، وفق المتدخلة؛ لأن هناك “أناسا يعيشون معنا ولا حق لهم، لعدم وجود وثيقة قانونية لديهم، علما أنها مجرد وضعية إدارية لا يمكن أن تعيق الولوج إلى الحقوق الأساسية”.
وتحدثت سوجار عن “تعقيدات الوثائق”، موردة أنه بعدما قدمت العمليات الإيجابية للتسوية بتسهيلات إجابة جد متقدمة، “عادت نفس الإشكالات، حتى لمن حاولوا تجديد الإقامة، وكأن الخطوات المتقدمة التي اتُّخذت لَم تُخْطَ، وعدنا إلى مرحلة 2003”.
ووقفت الفاعلة المدنية أيضا عند المفارقة بين “سياسة عمومية جد متقدمة في مجال الهجرة، وذكرها في الدستور والاتفاقيات المصادق عليها، التي هي أمور تتقدم”، وبين استمرار النص القانوني في تجريم الوضعية غير النظامية للأجانب، “وهو ما يطرح سؤال: ما الذي يريده المغرب من تدبيره لهذه المسألة؟”.
وختمت سوجار مداخلتها بالقول: “نحتاج نصا تشريعيا يواكب التحولات، فقد ظهرت حالات خلال فترة كورونا عرت عجز السياسات العمومية والمحلية في تدبير عدد من القضايا”.
بدورها، ذكرت سلمى أغناو، المكلفة القانونية بقضايا اللاجئين في المفوضية السامية للاجئين-المغرب، أن “الاستراتيجية الوطنية للجوء والهجرة مميزة، وحققت بعض أهدافها، ولها إنجازات مثل تدريس أطفال المهاجرين وطالبي اللجوء، والحق في التطعيم، والمجانية”، ثم استدركت بأنه “بعد 9 سنوات من الاستراتيجية، توجد أمور لم نستطع الوصول إليها بعد”.
وزادت: “تأخذ المنظمات والجمعيات مكانا أكبر في مساعدة اللاجئين للتمدرس، مع مشاكل عدة تواجهها هذه الفئة، من بينها بطائق الإقامة، والجمعيات تعطي مساعدات، في حين إن الدولة هي التي من المفترض أن توفر حقوقا مثل التمدرس والتطبيب والتغطية الاجتماعية والعمل”.
وسجلت المتدخلة أن “الاستراتيجية جيدة، لكن تبقى أمور تحول دون تحقيق الحقوق التي ينبغي أن تستمد من قانون الدولة، وفي حال غياب الأمم المتحدة والجمعيات التي توفر التمدرس ومثل هذه الأمور، لن يجد اللاجئون هذه الحقوق دائمة ومسلمة”.
وضمت أغناو صوتها إلى صوت المطالبين بإخراج القانون الذي “يحمي اللاجئين وطالبي اللجوء”، ويحدد تفاصيل من بينها تعريف اللاجئ وحقوقه وواجباته والكيفية التي يطلب بها اللجوء في المعابر الحدودية، على سبيل المثال لا الحصر.
هسبريس