مجلة مغرب القانونالقانون العاممصطفى بن شريف: سن الترشح لإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ومبدأ تراتبية القوانين

مصطفى بن شريف: سن الترشح لإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية ومبدأ تراتبية القوانين

الدكتور مصطفى بن شريف  محام بهيئة وجدة أستاذ زائر بكلية العلوم القانونية و الإقتصادية و الإجتماعية بوجدة.

” سن الترشح لإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية و مبدأ تراتبية القوانين ([1])


تقديم:

إن حق الترشح للإنتخاب و الشروط التي تحكمه، تندرج ضمن الحقوق و الحريات التي يحميها الدستور (الفصل 30)، و هو ما يستوجب على المشرع فيما يسنه من قواعد   و أحكام قانونية، أن يكون ذلك في حدود ما يريده الدستور، و لا يجوز مخالفة أحكامه، (الفصل 146)، فإذا خرج المشرع فيما يقرره من تشريعات على هذا الإطار الدستوري، كأن يقيد حرية أو حقا ورد في الدستور مطلقا، أو أنه أهدر أو انتقص من أيهما تحت ستار التنظيم الجائز دستوريا، وقع عمله التشريعي في دائرة عيب مخالفة الدستور ([2]).

أنه و من جهة ثانية، نتساءل ما إذا كانت مقتضيات الفصل 30 من الدستور هي الواجبة التطبيق التي تنص على شرط بلوغ سن الرشد القانونية للترشح للإنتخابات،علما أن الفصل 146 من الدستور ينص بأنه “تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة.

– شروط تدبير الجهات و الجماعات الترابية الأخرى لشؤونها بكيفية ديموقراطية، و عدد أعضاء مجالسها و القواعد المتعلقة بأهلية الترشيح (…)“.

و هكذا يتبين بأن الدستور فوض بموجب الفصل 146 إلى المشرع حق إصدار قانون تنظيمي يحدد القواعد المتعلقة بأهلية الترشيح و من أهمها سن الترشح، و في هذا الإطار صدر القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، و الذي جاء في الباب الثاني منه، و هو باب الترشيحات، و الفرع الأول منه و المتعلق بأهلية الترشيح وموانعه، و ورد في المادة 4 منه “يشترط في من يترشح للإنتخابات أن يكون ناخبا و متمتعا بحقوقه المدنية و السياسية“، علما أن الدستور متكامل في مبادئه و أهدافه ([3])، في حين  أن مدونة الإنتخابات تنص في المادة 41 بأن سن الترشح هو 21 سنة.

و هكذا، سنتطرق إلى موضوع “سن الترشح” لإنتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، أمام الجدل الذي أثاره و الإنقسام في الرأي، بين اتجاه مؤيد يعتبر سن الترشح  هو سن الرشد القانوني (أي 18 سنة)، و إتجاه معارض يرى عكس ذلك، معتبرا بأن سن الترشح لإنتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية هو 21 سنة استنادا إلى أحكام المادة 41 من القانون رقم: 97.9 المتعلق بمدونة الإنتخابات.

أنه و أمام تعارض الرأي المتعلق بسن الترشيح لإنتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، سواء تعلق الأمر بموقف القضاء أو الفقه، فإننا سنتولى دراسة الموضوع من خلال المحاور التالية:

  • أولا: من حيث إجبارية التقيد بمبدأ تراتبية القوانين.
  • ثانيا: من حيث تعارض أحكام المادة 41 من مدونة الإنتخابات مع الدستور (الفصلان 30 و146) و المادتان 4 و 131 من القانوني التنظيمي رقم: 59.11.
  • ثالثا: في تعارض مقتضيات المادة 41 من القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات مع أحكام المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.
  • رابعا:في عدم جواز الأخذ بما إنتهت إليه محكمة النقض بالنسبة لسن الترشيح إستنادا إلى أحكام المادة 41 من القانون رقم: 9.97 وإستبعادها لأحكام المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 والفصل 30 من الدستور.
  • خامسا: في حجية مقرارات المحكمة الدستورية أمام القضاء.

أولا: من حيث إجبارية التقيد بمبدأ تراتبية القوانين:

إن سن الترشيح للإنتخابات الجماعية بمقتضى المادة 41 من القانون رقم: 97.9 المتعلق بمدونة الإنتخابات، المعدل بالقانون رقم: 36.08، محددة في 21 سنة شمسية كاملة على الأقل في التاريخ المحدد للإقتراع.

و حيث يستفاد من أحكام الدستور المنظمة لسن الترشح، أنها محددة في بلوغ المترشح سن الرشد القانونية، تطبيقا للفصل 30 منه الذي ينص على أنه “لكل مواطنة و مواطن، الحق في التصويت، و في الترشح للإنتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية، و التمتع بالحقوق المدنية  و السياسية، و ينص القانون على مقتضيات من شأنها تشجيع تكافؤ الفرص بين النساء و الرجال في ولوج الوظائف الإنتخابية، وهو ما يعني أن المقتضيات المذكورة تحيل بخصوص سن الرشد القانونية على أحكام مدونة الأسرة، حيث تنص المادة 209 منها على أن سن الرشد القانوني هو  18 سنة شمسية كاملة.

إن القوانين الإنتخابية بخصوص سن الترشح تختلف بحسب نوع الإنتخاب، فبالنسبة لإنتخاب أعضاء مجالس الغرف المهنية فإن المادة 41 من القانون رقم: 97/9، كما تم تعديلها و تغييرها بالقانون رقم: 36.8، حددت سن الترشح  في: 21 سنة شمسية كاملة على الأقل في التاريخ المحدد للإقتراع، أما بخصوص إنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، فإن السن القانوني للترشح حدد بموجب القانون التنظيمي رقم: 11-59، المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، الذي ينص في المادة 4 منه على أنه “يشترط في من يترشح للإنتخابات أن يكون ناخبا و متمتعا بحقوقه المدنية و السياسية“.

و عليه، فإن المادة 4 من القانون رقم: 59.11 ([4])، لم تحل على أي نص قانوني آخر بخصوص السن القانوني للترشح، و إكتفت مقتضياتها بإشتراط أن يكون المترشح للإنتخابات ناخبا، و متمتعا بحقوقه المدنية و السياسية، و بالتالي فإن الأهلية الإنتخابية (السن) محددة بموجب القانون رقم: 57.11 المتعلق باللوائح الإنتخابية العامة و عمليات الإستفتاء، في 18 سنة شمسية كاملة، كما هو ثابت من أحكام المادة 3 منه.

ما يعني أن المادة 41 من مدونة الإنتخابات غير عاملة في الموضوع، و ليس لها أي موجب للتطبيق بالنسبة لإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، بل أن المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11، هي الواجبة التنزيل إعمالا لمبدأ تراتبية القوانين المقررة كقاعدة دستورية تطبيقا لأحكام الفصل 6 من الدستور.

إنه و لما كانت مقتضيات القانون التنظيمي أعلى درجة من القانون العادي، فإن الأولوية في التطبيق تثبت للقانون التنظيمي (القانون رقم: 11-59)، بإعتباره نصا خاصا تضمن في مادته 162 نسخا لمقتضيات الجزء الرابع من القسم الثالث من القانون رقم: 97.7 المتعلق بمدونة الإنتخابات، و من ضمنها مقتضيات المادة 197 التي تحيل وجوبا على مقتضيات القسم الثالث المتضمن للمادة 41، و أن المادة 201 الواردة في الجزء الرابع من القسم الثالث من نفس القانون، كانت تؤكد بدورها على سن 21 سنة لأهلية الترشيح، تم نسخ مقتضياتها بالقانون التنظيمي رقم: 59.11 ([5]).

و تطبيقا لقاعدة تراتبية القوانين، و لقواعد النسخ من حيث الزمان، فإن الأولوية تكون لتطبيق مقتضيات القانون التنظيمي رقم: 59.11، بإعتباره نصا خاصا، و كونه القانون الوحيد الواجب التطبيق، تطبيقا للخاصية التي تتوفر عليها القوانين التنظيمية المتمثلة في كونها تخضع للرقابة الدستورية الإجبارية، أي أن العمل بأحكامها لا يتحقق، إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور، و بأن أية مخالفة من طرف القانون العادي للقانون التنظيمي هي مخالفة دستورية، و هو ما يتم في إطار الرقابة الوجوبية لحماية القانون التنظيمي من قانون لاحق أو سابق قد يخالف أحكامه طالما أن القوانين التنظيمية تدخل ضمن الكتلة الدستورية التي تضم الدستور إلى جانبها، فإن سن الترشح لإنتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية تبقى محددة في 18 سنة شمسية كاملة بتاريخ الإقتراع و ليس 21 سنة، و ذلك تطبيقا لمقتضيات الفصل 30 من الدستور و المادة 209 من مدونة الأسرة، و المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.

مقال قد يهمك :   "مهنة المفوض القضائي: بين القانون والواقع " موضوع الدورة العلمية الثانية للمفوض القضائي المتدرب

ثانيا: من حيث تعارض أحكام المادة 41 من مدونة الإنتخابات مع الدستور (الفصلان 30 و146) و المادتان 4 و 131 من القانوني التنظيمي رقم: 59.11:

يستفاد من مقتضيات الدستور التي لها الأولوية في التطبيق، و وجوب أن يكون القانون المنظم لمجال أو موضوع معين لا يتعارض مع القاعدة الدستورية، و هكذا يتبين من الفصل 30 من الدستور أنه لم يشترط سن 21 سنة من أجل الترشح للإنتخابات بل أكد على شرط بلوغ سن الرشد القانونية، و المقصود بسن الرشد القانونية هو 18 سنة و ليس 21 سنة، بمدلول المادة 209 من مدونة الأسرة.

و حيث أنه من المعلوم أن الدستور يتميز بطبيعة خاصة كونه يتسم بصيغة السيادة  و السمو، و بأن أحكامه تتبوأ الصدارة بين قواعد النظام العام بإعتبارها أسمى القواعد الآمرة التي يتعين على الدولة الإلتزام بها في تشريعها و في قضائها، و الدستور هو الذي له وحده الكلمة العليا، و لذلك لا يحق لمؤسسات الدولة النزول عن قواعد الدستور أو الإخلال بمبادئه، فإن هي خالفتها أو تجاوزتها اتسم عملها بعيب مخالفة الدستور.

و حيث إنه و إن كان للمشرع سلطة تقديرية في إختيار النظام الإنتخابي إلا أن سلطته في هذا الشأن تجد حدها في عدم الخروج عن القيود و الحدود و الضوابط و المبادئ التي نص عليها الدستور، و عدم المساس بالحقوق و الحريات التي كفلتها نصوصه ([6]).

و حيث أنه و من جهة ثانية، فإن ما يزكي بأن مقتضيات الفصل 30 من الدستور هي الواجبة التطبيق و إعتماد الشروط الواردة به و من أهمها شرط بلوغ سن الرشد القانونية للترشح للإنتخابات(و هو 18 سنة)، و ليس سن 21 سنة المنصوص عليه في المادة 41 من مدونة الإنتخابات، هو أن الفصل 146 من الدستور نص بأنه “تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة.

– شروط تدبير الجهات و الجماعات الترابية الأخرى لشؤونها بكيفية ديموقراطية، و عدد أعضاء مجالسها و القواعد المتعلقة بأهمية الترشيح (…)“.

و هكذا يتبين بأن الدستور فوض بموجب الفصل 146 إلى المشرع لإصدار قانون تنظيمي يحدد القواعد المتعلقة بأهلية الترشيح و من بينها سن الترشح، وفي هذا الإطار صدر القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، و الذي جاء في الباب الثاني، و هو باب الترشيحات و الفرع الأول منه و المتعلق بأهلية الترشيح و موانعه، و ورد في المادة 4 منه “يشترط في من يترشح للإنتخابات أن يكون ناخبا و متمتعا بحقوقه المدنية والسياسية“، علما أن الدستور متكامل في مبادئه و أهدافه ([7]).

و بناء على مقتضيات الفصلين 30 و 146 من الدستور، يتبين بأن سن الترشح لإنتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية هو 18 سنة.

ثالثا: في تعارض مقتضيات المادة 41 من القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات مع أحكام المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية:

إن القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية صدر بتاريخ: 21/11/2011، و الذي خضع للرقابة الدستورية الإجبارية ([8])، في حين أن القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات، هو قانون عادي أدنى مرتبة من القانون التنظيمي، و صدر بتاريخ: 02 أبريل 1997 في ظل دستور 1996، الذي لم يكن ينص                        على دسترة الترشيح.

إن القوانين التنظيمية تعد منبثقة عن الدستور، و مكملة له، و تغدو أحكامها بعد تصريح المحكمة الدستورية بمطابقتها للدستور إمتدادا له ([9]).

أنه و لما كان القانون التنظيمي رقم: 59.11 قد نظم أهلية الترشيح في المادة 4 التي ورد فيها بأنه “يشترط في من يترشح للإنتخابات أن يكون ناخبا ومتمتعا بحقوقه المدنية و السياسية“، و هو النص الذي يقدم في التطبيق على نص المادة 41 من القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات للإعتبارات التالية:

– أن القانون التنظيمي رقم: 59.11 أسمى و أعلى مرتبة من القانون العادي المتمثلفي القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة للإنتخابات،

– أن القانون التنظيمي رقم: 59.11 خضع للرقابة الإجبارية للمجلس الدستوري، كما هو ظاهر من القرار عدد: 821/2011، في حين أن القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات لم يكن موضوع رقابة المجلس الدستوري، لأن القوانين العادية لا تخضع للرقابة الوجوبية، بل تطبق بشأنها الرقابة الإختيارية، و هي التي لم تمارسها الجهات المقرر لها ذلك بموجب الدستور (الملك، رئيس الحكومة، رئيس مجلس النواب، رئيس مجلس المستشارين…إلخ).

– أن قرارات المحكمة الدستورية لا تقبل أي طريق من طرق الطعن، وتلزم كل السلطات العامة و جميع الهيئات الإدارية و القضائية([10]).

– ولما كانت المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 11-59 قد خضعت للرقابة الدستورية الإجبارية، وصرحت المحكمة الدستورية بأنها مطابقة للدستور، الأمر الذي تكون معه واجبة التطبيق، و ليس مقتضيات المادة 41 من مدونة الإنتخابات، التي هي في حالة تعارض معها، و في هذا الإطار تقدم المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11، على المادة 41 من مدونة الانتخابات، أي أن القانون التنظيمي أعلى من القانون العادي.

و لا يمكن لأي قاعدة قانونية أدنى أن تتوغل في مجال قاعدة قانونية أعلى، ما يعني بأن المادة 41 من القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات لا يمكنها أن تلغي المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.

و يجوز للقانون التنظيمي أن يتدخل في مجال القانون (القانون العادي)، وهو المبدأ الذي أقره المجلس الدستوري، لكن لا يحق للقانون العادي التدخل في مجال القانون التنظيمي([11]).

– أن قرار المجلس الدستوري رقم: 821/2011 الصادر بتاريخ: 19 نونبر 2011، الذي بموجبه صدر القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية هو قرار مكتسب لقوة الشيء المقضي به وملزم للجميع.

– أنه و بتفويض من الدستور (الفصل 146) صدر القانون التنظيمي رقم: 59.11، الذي نظم كيفية إنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، و بناء عليه أصبحت المقتضيات القانونية الواردة في القانون رقم: 9.97 المتعلق بالإنتخابات و التي تتعارض مع أحكام القانون التنظيمي رقم: 59.11 المذكور و التي لم يتم التنصيص على إلغائها، تعتبر في حكم المنسوخة ضمنياو ذلك إعمالا لمقتضيات الفصل 474 من ق.ل.ع، و لأن النص الأعلى يلغي النص الأدنى، كما أن النص اللاحق يلغي النص السابق، و القانون الخاص يقدم على القانون العام.

رابعا: في عدم جواز الأخذ بما إنتهت إليه محكمة النقض بالنسبة لسن الترشيح إستنادا إلى أحكام المادة 41 من القانون رقم: 9.97 و إستبعادها لأحكام المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 و الفصل 30 من الدستور:

 ينص الفصل 117 من الدستور بأنه “يتولى القاضي حماية حقوق الأشخاص و الجماعات و حرياتهم و أمنهم القضائي و تطبيق القانون“.

مقال قد يهمك :   ملائمة الغرامة اليومية للقانون المغربي-دراسة مقارنة-

وجاء في الفصل 110/الفقرة 1 من الدستور “لا تصدر أحكام القضاء إلا على أساس التطبيق العادل للقانون“.

و بناء عليه، فإن القرارات القضائية، و لو كانت صادرة عن محكمة النقض، هل يمكن القول بوجوب التقيد بها من طرف المحاكم الأدنى درجة؟ خاصة إذا ما كان يتراءى من تلك القرارات أنها استبعدت مقتضيات قانونية أسمى و أعلى (الدستور و القوانين التنظيمية)و طبقت القانون الأدنى، (قانون عادي)، و هذا توجه مخالف لمبادئ القانون و للعدالة و من أهمها مبدأ تراتبية القواعد القانونية المنصوص عليه في الفصل 6 من الدستور.

و من المعلوم أن الأحكام القضائية أنها كاشفة و ليست منشئة، بحيث أنها لا تستحدث جديدا و لا تنشئ مراكز أو أوضاعا لم تكن موجودة من قبل، بل هي ملزمة بإحترام الدستور، و التراتبية القانونية في المنازعات المطروحة على القضاء، و يفترض في محكمة النقض، أنها هي الحامية للقانون و إحترام تطبيقه بشكل سليم، لأن وظيفة المحاكم هي تطبيق القانون بمعناه الشامل (الدستور- القوانين التنظيمية- القوانين العادية)، و هي ملزمة بتطبيق القواعد القانونية و أن تأخذ بمبدأ ترجيح النص الأعلى في إطار قاعدة تدرج القوانين، و إذا تعارض نص القانون العادي مع نص القانون التنظيمي أو مع الدستور، فيجب ترجيح نص الدستورو نص القانون التنظيمي و ليس العكس، خلافا لما ذهبت إلى ذلك محكمة النقض في بعض قراراتها ([12])، المتعلقة بسن الترشح لإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.

و هكذا فعوض الأخذ بأحكام الفصل 30 من الدستور و المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات التراتبية، طبقت محكمة النقض مقتضيات القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات (المادة 41) علما أن هذا الأخير هو  قانون عاديلا يمكن تصور تفضيله على الدستور، و على القانون التنظيمي، بعلة أن المادة 41 المذكورة لم يتقرر إلغاؤها بموجب القانون التنظيمي رقم: 59.11.

لكن التعليل الذي إعتمدته محكمة النقض في قراراتها تخالف الدستور والقانون التنظيمي رقم: 59.11، و ذلك للأسباب التالية:

ü إن محكمة النقض مؤسسة قضائية، و هي أعلى محكمة أي المحكمة العليا في المملكة، وظيفتها مراقبة التطبيق و التفسير السليم لنصوص القانون، بكيفية يجب أن تؤدي إلى توحيد الإجتهادات القضائية على مستوى الدولة، و أن تكون مطابقة لمبدأ الأمن القضائي، (محكمة قانون).

ü إن قرارات محكمة النقض المحتج بها أخطأت في ترجيح القانون الواجب التطبيق، إضافة إلى سوء تفسيره و ذلك حينما طبقت نصوص القانون العادي، و إستبعدت النص الدستوري و نصوص القانون التنظيمي، و هذا فيه جانب كبير من الخطأ في تفسير القوانين  و المفاضلة فيما بينها، و هو ما نتج عنه خطأ واضح في تطبيق القانون، و لأن الخطأ في تفسير القانون ينتج عنه خطأ في تطبيق القانون.

و من المعلوم أن القضاء الإداري هو حامي المشروعية، و هذه المهمة تفرض عليه إعادة النظر في القواعد القانونية غير الملائمة لهذه المبدأ، و لما يعاين و يلاحظ قيام تعارض بين قاعدة دستورية و قاعدة قانونية أقل درجة، يتعين عليه وجوبا حماية القاعدة الدستورية، و هو المبدأ الذي طبقته محكمة النقض في العديد من قراراتها، من بينهما القرار الصادر بتاريخ: 05/03/2015، و جاء فيه “أن قرارات مجلس الوصاية قرارات إدارية بطبيعتها و هي قابلة للطعن أمام القضاء الإداري و ذلك طبقا للفصل 118 من الدستور الذي يمنع تحصين أي قرار إداري من الخضوع للرقابة القضائية إضافة إلى مقتضيات المادة 20 من قانون المحاكم الإدارية([13]).

ü أنه و وفقا للدستور و للقواعد التشريعية تحتكر المحكمة الدستورية مبدأ الرقابةعلى دستورية للقوانين، و هو ما يعني بأن القضاء و من بينه محكمة النقض فهي غير مختصة للبت في دستورية نص قانوني من عدمه، لكنها ملزمة بإحترام تطبيق القانون على الوجه الصحيح و السليم، و هو ما يعني بأن القضاء من سلطته التثبت من عدم مخالفة القانون الذي يطبق على الطعون المعروضة عليه من عدم مخالفته للدستور، بحيث يجب عليه أن يمتنع عن تطبيق القانون المخالف للدستور؛

و يجب على محكمة النقض ترجيح النص الأعلى (الدستور أو القانون التنظيمي) على النص الأدنى (القانون أو المرسوم)، بحيث أنه إذا تعارض نص القانون مع الدستور فيجب ترجيح نص الدستور و إهمال نص القانون، و إذا تعارض نص قانون عادي مع نص قانون تنظيمي، وجب تفضيل نص القانون التنظيمي على القانون العادي، و هو المبدأ الذي لم تتقيد به قرارات محكمة النقض في باب سن الترشيح، و إنتصرت للقانون العادي، مستبعدة الدستور والقانون التنظيمي، و هذا فيه تجاوز صريح في تطبيق القانون ([14]).

خامسا: في حجية مقرارات المحكمة الدستورية أمام القضاء:

ينص الفصل 134 الفقرة 2 من الدستور بأنه “لا تقبل قرارات المحكمة الدستورية  أي طريق من طرق الطعن و تلزم كل السلطات العامة و جميع الجهات الإدارية و القضائية“.

و جاء في الفصل 146 من الدستور/الفقرة 1، “تحدد بقانون تنظيمي بصفة خاصة:

– شروط تدبير الجهات و الجماعات الترابية الأخرى لشؤونها بكيفية ديموقراطية، و عدد أعضاء مجالسها، و القواعد المتعلقة بأهمية الترشيح(…)“.

و ورد في الفصل 30 من الدستور أيضا “لكل مواطن و مواطنة، الحق في التصويت و في الترشح للإنتخابات، شرط بلوغ سن الرشد القانونية و التمتع بالحقوق المدنية و السياسية (…)“.

و حيث من المقرر في أحكام المحكمة الدستورية (المجلس الدستوري سابقا) أن الدستور متكامل في مبادئه و أهدافه ([15]).

أنه و تأسيسا على أحكام الفصل 146 من الدستور صدر القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، و ذلك بعد أن خضع لمسطرة الرقابة الإجبارية للمجلس الدستوري ([16]).

إن قرار المجلس الدستوري المذكور أعلاه، صرح بأن أحكام القانون التنظيمي رقم: 59.11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية مطابقة للدستور، وجاء في المادة 4 منه المتعلقة بأهلية الترشيح يشترط في من يترشح للإنتخابات أن يكون ناخبا و متمتعا بحقوقه المدنية و السياسية.

و يكون بذلك هو النص الذي يؤطر الترشيح لإنتخابات أعضاء مجالس الجماعات الترابية، و ليس أحكام المادة 41 من القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات، و ذلك بالنظر إلى كون قرارات المحكمة الدستورية ملزمة لكل السلطات العامة، و لجميع الجهات الإدارية و القضائية، كما ينص على ذلك الفصل 134 من الدستور.

و إن تنصيص الدستور على إجبارية الإلتزام بقرارات المحكمة الدستورية من طرف السلطات الإدارية و من طرف المحاكم، الأمر الذي تكون معه قرارات محكمة النقض التي إعتبرت بأن سن الترشيح هو 21 سنة عوض سن الرشد القانونية (أي 18 سنة)، قد خالفت قاعدة دستورية أسمى، و تبعا لذلك لا يمكن إدراجها ضمن مفهوم الإجتهاد القضائي الملزم للمحاكم الأدنى درجة، و يجب على هذه الأخيرة عدم الأخذ بها و الإنتصار للشرعية الدستورية و المشروعية القانونية، و هو التوجه الذي انتصرت له محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط في قرارين صادرين عنها بتاريخ: 05/11/2021، و جاء فيهما “(…) بأن مقتضيات المادة 197 من مدونة الإنتخابات تم نسخها صراحة بمقتضى المادة 162 من القانون التنظيمي رقم: 11.59، فإنه بالنتيجة يترتب على ذلك أن جميع المقتضيات التي كانت تحيل عليها الواردة في القسم الثاني من المدونة لم تعد واجبة التطبيق فيما يتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات و المقاطعات،                و بالتالي تكون المقتضيات الواجبة التطبيق هي نص المادة 126 من القانون المذكور الواردة في الجزء الثالث من القسم الثاني مع مراعاة أحكام هذا الجزء.

مقال قد يهمك :   يوسف الغدواني: إشكالية الاعتداء المادي على الأملاك الوقفية العامة وسؤال الحماية في ضوء مدونة الأوقاف والعمل القضائي المغربي

 (…) مما مؤداة أن المشرع الإنتخابي عند إقراره لهذه المقتضيات الخاصة الناظمة لأهلية الترشيح لم يشترط سنا معينة في من يريد الترشح لإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات و المقاطعات، و بالتالي يبقى الإحتكام للقواعد العامة المحددة لسن الرشد القانوني المكتسب لأهلية ممارسة الحقوق المدنية و السياسية و الذي يتحدد إستنادا إلى مقتضيات المادة 209 من مدونة الأسرة  في 18 سنة شمسية كاملة، و هو ما ينسجم مع مقتضيات الفصل 30 من دستور المملكة (…).

و حيث إنه لما كانت المستأنفة (…) مزدادة بتاريخ (…) حسب الثابت من وثائق الملف، فإنه بتاريخ إجراء الإنتخابات الجماعية ليوم 08 شتنبر 2021 تكون قد استوفت سن 18 سنة التي يؤهلها من الناحية القانونية للترشح لشغل المقعد الملحق المخصص للنساء بالدائرة الإنتخابية رقم: (…) مكتب التصويت رقم: (…) جماعة (…)، خلافا لما خلص إليه قضاء الحكم المستأنف الحري و الحالة هذه بالإلغاء و بعد التصدي التصريح برفض الطلب لعدم إرتكازه على أساس قانوني سليم([17]).

إن قرارات محكمة النقض التي غلبت القانون العادي (مدونة الإنتخابات)، على القانون التنظيمي رقم: 11-59 (المادة 4)، و على الدستور (الفصول 30 و 134 و 146)، لا يمكن أن تكون مرجعا اجتهاديا، لكونها مخالفة لروح الدستور و لروح التشريع، خاصة و أنها لم تصدر عن جميع غرف محكمة النقض أو على الأقل عن غرفتين، الأمر الذي يجرد تلك القرارات الصادرة عن محكمة النقض التي أهملت القانون الأسمى وطبقت القانون الأدنى، من طابعها الإلزامي للمحاكم الأدنى درجة.

 وعدم مسايرة المحاكم الإدارية فيما ذهبت إليه محكمة النقض في هذا الباب، لا يمكن أن يعتبر بمثابة خرق للإجتهاد القضائي، بالنظر إلى كون تلك القرارات الصادرة عن محكمة النقض مخالفة للدستور و للقانون التنظيمي رقم: 11-59، و يجب على محكمة النقض أن تتراجع عن رأيها و أن تسهر على اعتماد منهجية تقوم على التأويل السليم و الصحيح الموحد للقانون، خاصة و ان الدستور نص بشكل صريح على أن أهلية الترشيح ينظمها قانون تنظيمي و ليس قانون عادي و ذلك تطبيقا لأحكام الفصل 146 من الدستور.

 كما أن القانون التنظيمي 59.11 الذي صدر تطبيقا للفصل 146 من الدستور، و بتفويض منه، لم يتضمن أي نص يقضي بالإحالة على القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات، و من ثم لا يجوز لمحكمة النقض أو لغيرها من المحاكم إهمال القانون الأسمى و تطبيق القانون الأدنى.

و ترتيبا على ما ذكر، و استنادا إلى مقتضيات الفصول 30 و 134 و 146 من الدستور، و المادة 4 من القانون التنظيمي رقم: 11-59 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، القول بأن الترشيح دون 21 سنة ليس فيه ما يخالف القانون، و بأن مقتضيات المادة 41 من القانون رقم: 9.97 المتعلق بمدونة الإنتخابات غير قابلة للتطبيق على إنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، لكون مدونة الإنتخابات هي نص قانوني بمقتضيات مخالفة الدستور كما وصفها جانب من الفقه ([18]).


[1]-راجع الفصل 6 من الدستور.

[2]-راجع قرار المجلس الدستوري عدد: 819/2011 بتاريخ 16 نونبر2011، و القرار عدد: 937 بتاريخ 29 مايو 2014، و القرار عدد: 854 بتاريخ 03 يونيو 2012.

[3]-راجع قرار المجلس الدستوري عدد: 817/2011 صادر بتاريخ 13 أكتوبر2011، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 5987 بتاريخ 17 أكتوبر 2011، الصفحة 5084، راجع أيضا المجلس الدستوري، الجامع لمبادئ و قواعد القضاء الدستوري المغربي، من خلال قرارات الغرفة الدستورية (1963 – 1994) و المجلس الدستور (1994-2015)، مطبعة الأمنية الرباط، 2015، ص: 16.

[4]-المادة 4 من القانون رقم: 11.59، المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية.

[5]-راجع الحكم عدد: 3815، الصادر عن المحكمة الإدارية بالرباط بتاريخ: 30/09/2021، ملف إداري                                      عدد: 515/7107/2021، و جاء فيه “تطبيقا لقاعدة تراتبية القوانين المقررة بنص الدستور، و قواعد النسخ في الزمان، فإن الأولوية تكون لتطبيق مقتضيات القانون التنظيمي رقم: 59-11 المتعلق بإنتخاب أعضاء مجالس الجماعات الترابية، بإعتباره النص الخاص و القانون الوحيد الواجب التطبيق، و تكون شروط الترشيح محددة بإستيفاء شرط الأهلية للإنتخاب أي ببلوغ سن 18 سنة شمسية كاملة بتاريخ الإقتراع“.

[6]-حكم المحكمة الدستورية العليا في مصر، بتاريخ: 19/05/1990، طعن رقم: 37 سنة 9 قضائية دستورية عليا، أورده مجدي محمود معب حافظ، موسوعة أحكام المحكمة الدستورية العليا، من عام 1971 إلى عام 2008، الجزء الخامس، دار محمود للنشر و التوزيع، القاهرة، ص من 2902 إلى 2922.

[7]– قرار المجلس الدستوري عدد: 817/2011 صادر بتاريخ 13 أكتوبر2011، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 5987 بتاريخ 17 أكتوبر 2011، الصفحة 5084.

[8]– قرار المجلس الدستوري رقم: 11/821 بتاريخ: 19 نونبر2011.

[9]– قرار المجلس الدستوري رقم: 786/2010 صادر بتاريخ: 02 مارس 2010، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 5820 بتاريخ: 11 مارس 2010، الصفحة 967).

[10]-راجع الفصل 134/الفقرة 2 من الدستور.

[11]-راجع يحي حلوي، “دستورية القواعد القانونية و تراتبيتها“، مؤلف جماعي، تطور القضاء الدستوري بالمغرب، البنية   و الوظائف، منشورات مجلة الحقوق، سلسلة “المعارف القانونية و القضائية“، إشراف عثمان الزياني، دار نشر المعرفة 2017، ص: 109-122.

[12]-قرار محكمة النقض عدد: 338/1 بتاريخ: 25/02/2016، ملف عدد: 15/4/1/2016، راجع عبد المجيد الشفيق، أنوار شقروني، و حسن الولودي، انتخابات مجالس الجماعات الترابية، بين النص القانوني و الإجتهاد القضائي، الجزء الأول، مطبعة الكرامة، الطبعة الأولى، 2021، ص: 230.

[13]-محكمة النقض، الغرفة الإدارية، القرار رقم: 384/1 المؤرخ في: 05/03/2015 ملف رقم: 1932/4/1/2012.

[14]-راجع حلمي محمد الحجار، أسباب الطعن بطريق النقض، دراسة مقارنة، الجزء الأول، مخالفة القانون، المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان 2004، ص: 292 وما بعدها.

[15]-راجع قرار المجلس الدستوري رقم: 817/2011، المؤرخ في: 13 أكتوبر 2011، الجريدة الرسمية عدد: 5987 بتاريخ: 17 أكتوبر2011، الصفحة5084.

[16]-(المحكمة الدستورية حاليا)، كما هو ثابت من القرارعدد: 821/2011 الصادر بتاريخ 19 نونبر 2011، منشور بالجريدة الرسمية عدد: 5997 مكرر بتاريخ 22 نونبر2011، الصفحة 5566.

[17]-راجع قرار محكمة الإستئناف الإدارية بالرباط عدد: 5087 بتاريخ: 05/11/2021 في الملف عدد: 239/7212/2021، والقرار عدد: 5088 بتاريخ: 05/11/2021 ملف عدد: 240/7212/2021.

[18]– بن يونس المرزوقي، مدونة الإنتخابات، نص قانوني بمقتضيات مخالفة الدستور، (سن الترشح للجماعات الترابية نموذجا)، اريفينو.نت، بتاريخ: 26/09/2021.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]