مصطفى بنحمزة : إلغاء عقوبة الإعدام نقاش نظري و القصاص قمة المساواة.
السؤال الأول : يرى حقوقيون أن عقوبة الإعدام يجب القطع معها لأنها تعود لحقب تجاوزتها البشرية، ما رأيك؟
الجواب: الحديث عن عقوبات حديثة أو قديمة، ليس معيارا يعتد به، لأن الكثير من الأشياء القديمة جيدة في الوقت الراهن، ومنها مثلا الحرية واحترام الحياة، وهما مصطلحان ضاربان في القدم، لهذا لا يجب أن نغير كل ما هو قديم بحجة أن التاريخ تجاوزه، فوصف الأشياء أنها قديمة أو حديثة ليس معيارا للحكم عليها.
ثانيا، حديث الحقوقيين عن ضرورة إلغاء عقوبة الإعدام، كأننا بنا نتحدث عن مشكلة قائمة نبحث عن حل لها، في حين أن المشكل الحقيقي، الذي يعرفه المغرب، هو غياب الأمن والهجوم على حياة أفراده، فنحن أمام “جيش” مستعد للقتل، يعتدون على الناس لأتفه الأسباب، وهم من نطلق عليهم “المشرملين”، الذين أصبحوا قوة مخيفة في المجتمع، أصابته بالشلل، إذ لم يعد يملك المواطن الجرأة للخروج وحيدا ليلا، وحتى لو تعلق الأمر بالسفر، فبالأحرى أن يكون مصحوبا بزوجته وأفراد عائلته. هذه هي المشاكل هي التي يجب وضع حد لها.
أما إلغاء عقوبة الإعدام من عدمه، فهو نقاش نظري، والدليل أن المغرب لم ينفذ هذه العقوبة منذ إعدام الكومسير ثابت في بداية التسعينات، لهذا أستغرب لموقف بعض الحقوقيين، الذين يطالبوننا بحل مشكلة لا وجود لها، بل حتى خلال النطق بالإعدام، يستهزئ المتهم من هذه العقوبة، لأنه يعلم أنها لن تطبق في حقه.
السؤال الثاني: مناهضو الإعدام يتشبثون بأن تطبيقه يتعارض مع الحق في الحياة؟
الجواب: الواقع الذي أغفل عنه هؤلاء، أن الناس يعدمون بلا قانون وبلا أحكام، من قبل عصابات عاثت فسادا، ومع ذلك نجد من يسالم أفرادها ويدافع عنهم.
حسب اعتقادي أن المطالبة بإلغاء الحكم بالإعدام تتماشى مع مبدأ الحق في الحياة، إذ كيف يعقل أن يتورط شخص في قتل الناس، ومع ذلك يطالب بألا يقتل، في نظرك هل هذا منطقي؟ كما أستغرب حديث الحقوقيين عن المساواة للدفاع عن المحكومين بالإعدام، في حين أن جوهرها، موجود في القصاص، فعندما نقول “النفس بالنفس والسن بالسن…”، فهذه قمة المساواة، ورسالة واضحة أن الفرد يستحق الحياة ما دام لم يعتد على حياة الآخرين.
الإعدام، هو ما يقع حاليا من قصف الناس بأسلحة الدمار الشامل والجرثومية والكيماوية، بل حتى الدول التي تتمسك بإلغاء الإعدام وبالحق في الحياة، تصنع تلك الأسلحة لقتل الشعوب.
السؤال الثالث: إذن هل تطبيق الإعدام هو تحقيق للعدالة؟
الجواب: هناك ملاحظة، أن بعض الحقوقيين والناس الداعين إلى إلغاء العقوبة، يحلون محل ذوي الضحايا، رغم أن هؤلاء الأقارب أو الآباء هم وحدهم من لهم الحق في إقرار العقوبة من عدمها، لأنهم فجعوا بموت أبنائهم، مثلا عندما يفقد إنسان ابنا وحيدا، نرى حقوقيا يطالب بإسقاط العقوبة عن المتهم، وهذا أعتبره خللا في التفكير، نحن نريد أن نرى العدل في هذا المجتمع، فهؤلاء يتحججون بأشياء بعيدة عن الواقع، ويحلون عنوة محل أناس ذاقوا مرارة فقدان أقاربهم في جرائم القتل، للتقرير في مصير المتهمين، كما الأمر في ملف “سفاح تارودانت”، الذي اغتصب أطفالا وقتلهم، واليوم يقوم البعض بالدفاع عنه، وعدم تنفيذ حكم الإعدام في حقه، في نظركم، هل الضحايا حشرات لا قيمة لهم على وجه الأرض، حتى يقتلوا مرة ثانية بعدم القصاص من قاتلهم.