كريمة شفيق: حماية الطفل اللاجئ ضحية الاتجار بالبشر
كريمة شفيق، باحثة بسلك الدكتوراه بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية
مقدمة
تعد عمليات الاتجار بالبشر بوجه عام ،والأطفال بوجه خاص ،من الجرائم البشعة التي باتت تؤرق الضمير العالمي، سيما مع امتداد مداها مما يجعل العديد من الدول تدق ناقوس الخطر، خاصة وأن هذه الجريمة أصبحت تعتبر بشكل من أشكالها عن الاسترقاق[1] في صورة عصرية، بعدما عرف القرن العشرين بزمن القضاء على الرق.
فالاتجار بالأطفال، بات يشكل اليوم ملاذا خصبا لعصابات الإجرام ،خاصة مع تزايد الطلب، وقد اهتم إعلان فيينا بشأن جريمة والعدالة لعام 2000 بمواجهة تحديات القرن العشرين، والذي اعتمده مؤتمر الأمم المتحدة العاشر لمنع الجريمة ومعاملة المجرمين وأعلنت الدول التزامها باستحداث أنجع الوسائل لتتعاون فيما بينهما، بغية استئصال بلاء الاتجار بالبشر، وبخاصة النساء والأطفال، فبعد أن كان دخول الإنسان قفص العبودية كرها أصبح انصياعه بمحض إرادته ،على أمل إيجاد حياة أفضل، في غير بلده ،نتيجة الفقر، وتدني مستوى المعيشة، القهر، الحروب…، ورغم تضييق فرص الهجرة ،ظهرت عصابات الإجرام المنظم، التي تستغل الاشخاص جنسيا، وتستأصل أعضائهم …
ولا تكاد تخلو دولة من الآفة ،خاصة مع تطور أنظمة الإنترنيت، التي باتت مروجة لمختلف الجرائم، وهو ما يفرض علينا البحث عن مفهوم هذه الجريمة، وعن أهم الأسباب التي ساعدت على انتشارها، وكذا الجهود التي بذلت في سبيل الحد منها.
لذلك فإنه لمواجهة هذه الجريمة فإن المغرب أصدر قانون 14/27 لحماية كل فئات المجتمع ،ومن بينهم الأطفال اللاجئين، وفي هذا الصدد سيتم الحديث عن الإطار القانون لهذه الجريمة لمعرفة المقتضيات الزجرية التي تحمي الطفل، من هذه الجريمة (المبحث الأول)، ثم بعد ذلك سيتم الحديث عن آليات مكافحة جريمة الاتجار بالبشر، حماية للطفل اللاجئ ولكافة أفراد المجتمع (المبحث الثاني)
المبحث الأول: الإطار القانوني لجريمة الاتجار بالبشر في ظل قانون 27.14
يعد الاتجار بالبشر، بكافة صوره وأبعاده من أخطر الجرائم التي تشكل انتهاكا وإهدارا للكرامة البشرية، باعتبارها شكلا من أشكال الرق والعبودية الحديثة، التي تضرب أمن وسلامة، واستقرار الأفراد ،والمجتمع والدولة على حد سواء.
وبالنظر لخطورة هذه الجريمة التي تتميز عن غيرها، بكونها تعتمد استغلال البشر، وسلب إرادتهم، وحرمانهم من حرية اختيار مصيرهم ما فتئت الصكوك، والآليات الدولية والإقليمية تؤكد على ضرورة وضع تشريعات وطنية لمكافحتها، ومعاقبة مرتكبها وحماية ومساعدة ضحاياه[2].
وبما أن المغرب لم يعد في منأى عن هذه الظاهرة، وتداعياتها وخطورتها، خاصة مع تزايد أفواج اللاجئين، وتفشي الوسطاء ووكالات الوساطة بالنسبة للاستغلال، خاصة للاتجار بالبشر، ولاسيما ما يتعلق بالخدمة في المنازل، والعمل القسري، وأعمال السخرة، وحيث إن المواطنين المغاربة بدورهم، قد يقعون بالخارج ضحايا للاتجار بالبشر، لهذا انخرط المغرب منذ سنوات، في دينامية المنتظم الدولي الهادفة إلى مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.
ووفاء بالتزامات المغرب الدولية، وتفعيلا لمقتضيات الوثيقة الدستورية، التي نصت على ضرورة التصدي لكافة انتهاكات حقوق الإنسان، خاصة في شقها المرتبط بمكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر، ثم إعداد قانون 14/27 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، الذي دخل حيز التنفيذ في شتنبر من عام 2016.
المطلب الأول: أركان جريمة الاتجار بالبشر
لقيام جريمة الاتجار بالبشر لابد لها من توافرها على أركانها العامة مثل باقي الجرائم الأخرى، بالإضافة إلى بعض الميزات التي تميز أركان جريمة الاتجار بالبشر، وهي تعدد صور الركن المادي أو السلوك الإجرامي، كما أن الركن المعنوي يتطلب قصدا جنائيا خاصا من غير القصد الجنائي العام، وسيتم التطرق لهذه الأركان كالتالي:
الفقرة الأولى: الركن المادي
طبقا لقاعدة لا عقاب دون ماديات الجريمة، بمعنى ضرورة أن يتوفر الركن المادي للجريمة ،فإذا انعدم فلا قيمة للركن المعنوي، فالركن المادي[3] يقصد به الواقعة الإجرامية ،أي نشاط الجاني الخارجي الذي ينص القانون على تجريمه، ويقوم الركن المادي لجريمة الاتجار بالبشر على ثلاثة عناصر هي: الفعل، النتيجة الإجرامية والعلاقة السببية.
فالفعل هو المحل، أو الامتناع الذي ينسب إلى الجاني في حين أن النتيجة الإجرامية هي الاعتداء على حق يحميه القانون الجنائي، أما العلاقة السببية فهي الرابطة بين الفعل والنتيجة الإجرامية.
فبخصوص الفعل فقد نص المشرع المغربي في الفقرة الأولى من الفصل 1-448[4] على تجريم أفعال تجنيد شخص ،أو استدراجه أو نقله أو تنقيله أو إيوائه أو استقباله أو الوساطة في ذلك، بواسطة تهديد بالقوة ،أو باستعمالها أو باستعمال مختلف أشكال القسر ،أو الاختطاف أو الاحتيال أو الخداع، أو إساءة استعمال السلطة، أو الوظيفة أو النفوذ أو استغلال حالة الضعف أو الحاجة ،أو بإعطاء أو بتلقي مبالغ مالية، أو منافع للحصول على موافقة شخص له سيطرة على شخص آخر، لغرض الاستغلال.
فالمشرع الفرنسي جرم أفعال التجنيد، أو النقل، أو الترحيل، أو الإيواء أو الاستقبال في مقابل أجر أو أي امتياز آخر أو وعد بإيجار أو امتياز.
وعليه، فالأفعال الإجرامية التي يمكن أن تمس بالطفل ، في جرائم الاتجار بالبشر ،محددة على سبيل الحصر في الآتي:
- تجنيد الطفل اللاجئ: ويقصد به تطويع المجني عليهم داخل الحدود الوطنية أو خارجها، سواء تم ذلك بواسطة وسائل قسرية، أو غير قسرية، بقصد الاتجار بهم.
كما يمكن أيضا تجنيد الأطفال اللاجئين من خلال تقديم الوعود بالزواج، حيث يقوم أحد الأشخاص بإغواء، أو تغرير إحدى الفتيات عن طريق الوعد بالزواج، وهو ما يدفعها إلى ترك أسرتها ،إذا كانت الطفلة اللاجئة مصحوبة بالعائلة. أما إذا كانت غير مصحوبة فيسهل إغواؤها والهروب مع المجرمين، وعند الوصول إلى بلد المقصد، تجد هؤلاء المشغلين يقومون بأخذ أوراق هويتها، وبحبسها والتعدي عليها وإجبارها على العمل في الدعارة، أما بخصوص نقل الأشخاص، فيقصد به نقل الأطفال اللاجئين وتحريكهم من مكان إلى آخر، سواء كانت هذه الحركة داخلية أو خارجية، بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة في نقلهم وأيا كانت الطريقة التي تتم بها هذه الحركة مشروعة أو غير مشروعة.
وعليه، فالشبكات الإجرامية العاملة في مجال الاتجار بالبشر تقوم بأنشطة واسعة النطاق لنقل الأطفال من دول المصدر، إلى دول المقصد باستخدام أساليب متنوعة.
فالأطفال اللاجئين قد يتم نقلهم بمختلف وسائل النقل البري، البحري، الجوي، وتجدر الإشارة، إلى أن نقل الأشخاص الخاضع للتجريم لا يتطلب عبورا للحدود، إذ تقوم الجريمة بنقل الطفل داخل الدولة، ويستوي لدى القانون أن يكون نقل برضا الضحية أو قسرا بإجبارها، على ذلك.
ولا يشترط لقيام جرائم الاتجار بالبشر، أو الاتجار بالأطفال العابرة للحدود أن يكون المجني عليه قد دخل للدولة بطريقة مشروعة وغير قانونية، بل تتوفر الجريمة، وإن كان دخول الدولة أو الإقامة فيها قد تم بصورة قانونية[5].
أما بخصوص تنقيل الأطفال، ويقصد به تحويل طفل أو أكثر من مكان إلى آخر قسرا داخل الحدود الوطنية أو غيرها، ليتم استغلاله في مكان وصوله دون رضاه[6].
أما استقبال الأطفال، ويقصد به تلقي، أو استلام المجني عليه الذي تم ترحيله أو نقله داخل الحدود الوطنية، أو غيرها عند وصوله، وقد يستتبع ذلك بنقله إلى مكان استقراره، أو بتوفير الإيواء له، وتجدر الإشارة إلى أن المشرع المغربي جرم واقعة الاستقبال كصورة من صور السلوك الإجرامي، شأنه في ذلك شأن المشرع الفرنسي.
فالأطفال اللاجئين الذين يتم استقبالهم في مراكز الإيواء، ونقاط العبور وصولا إلى دولة المقصد، حيث يتم ترتيب محال إقامة دائمة أو مؤقتة للأشخاص الذين يتم تسفيرهم، تمهيدا لإعدادهم لممارسة الأعمال، والأنشطة التي سيكلفون بالقيام بها من جانب الشبكات الدولية، أو من جانب الشركاء أو المتعهدين المحليين بهذه الدولة.
أما الإيواء، فهو قيام الجاني بتدبير مكان يأوي إليه المجني ،ويتخذ منه مبيتا يقضي فيه أوقاته، ويتحقق هذا الإيواء بإخفاء الطفل عن أنظار الناس والسلطات.
وعليه، فبقراءتنا للفصل 1-448 من قانون 27.14 المتعلق بمكافحة جريمة الاتجار بالبشر يتضح أن الوسائل المستخدمة في ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر، تنقسم إلى قسمين: صنف أول يتسم بالعنف والتهديد بالقوة، أو استخدامها أو استخدام أي شكل من أشكال القسر، أو الخطف. وتسمى لدى الفقه بالوسائل القسرية، في حين هناك صنف ثان، يتشكل من الخداع واستغلال السلطة وحالة الضعف ودفع الأموال لمن له السيطرة على الآخرين، بقصد استغلالهم بأي صورة من صور الاتجار بالبشر.
وبالتالي، فالقيام بهذه الأفعال الماسة بالطفل ،تتحقق نتيجة إجرامية. وسميت إجرامية لكونها أثرا يعاقب عليه القانون، وتجرم النتيجة لما يترتب عليها من ضرر، ومن ثم فإن هذا الضرر هو العلة التي على أساسها صارت الواقعة جريمة، وبسببه قرر المشرع عقوبة محددة ومعلومة، والنتيجة الإجرامية في جرائم الاتجار بالبشر هي الضرر المحقق ،أو المحتمل ،أو المفترض، الذي من شأن واقعة الاتجار أن تحدثه في المجني عليه أو غيره أو فيهما معا.
وغني عن البيان، فإن النتيجة الإجرامية في جرائم الاتجار بالبشر، تتحقق باستغلال الضحية في صورة من صور الاستغلال، كحد أدنى بأشغال دعارة الغير، أو وسائل أشكال الاستغلال الجنسي، أو السخرة، أو الاسترقاق… ولا يتطلب تحقق الاستغلال فعلا، لاكتمال الركن المادي، بل يكفي أن يكون الطفل الضحية محلا لفعل من أفعال الاتجار، وبوسيلة من الوسائل المحددة قانونا بهدف استغلاله سواء تحقق هذه الاستغلال أو لم يتحقق[7].
فبالإضافة إلى الفعل الإجرامي، والنتيجة الإجرامية، يجب أن تتحقق العلاقة السببية التي تعتبر أحد عناصر الركن المادي في الاتجار بالبشر، وكافة الجرائم الجنائية، فالعلاقة السببية، هي الرابطة التي تصل بين الفعل والنتيجة، وتثبت أن حدوث النتيجة يرجع إلى ارتكاب الفعل، أي أن السلوك هو السبب في إحداث النتيجة ،وبالتالي يتحمل الفاعل عبء النتيجة التي أفضى إليها فعله.
وتؤدي إلى إسناد الجريمة إلى مرتكبها، وتتحقق العلاقة السببية في جرائم الاتجار بالبشر، في حالة ثبوت ارتكاب الجاني إحدى الأفعال الإجرامية على الطفل (نقل، اختطاف، تسليم، تسلم، إيواء، ترحيل…)، مستخدما وسيلة من الوسائل القسرية، وأدى ذلك إلى النتيجة المعاقب عليها.
الفقرة الثانية: الركن المعنوي
لا يكون كافيا للمساءلة على نشاط يعتبر جريمة من الناحية القانونية، أن يأتي الفاعل ماديا هذا النشاط، بل لابد من توفر الركن المعنوي[8]، ويتخذ الركن المعنوي في جرائم الاتجار بالبشر صفة العمل، فيتعين أن يتوافر إلى الجاني القصد الجنائي، هذا الأخير يعرف بأنه القوة النفسية التي تقف وراء النشاط المجرم ،الذي استهدف به الفاعل إراديا، الاعتداء على مصلحة من المصالح المحمية من طرف المشرع الجنائي، ذلك أن الجريمة التي تحقق في الواقع، بسبب نشاط الفاعل ،ما هي إلا محصلة لما خالج نفسه قبل تنفيذه ماديا لها.
ويتمثل القصد الجنائي لجريمة الاتجار بالبشر في قيام الجاني بتجنيد المجني عليه ،أو نقله ،أو استقباله، أو إيوائه بمحض إرادته، وهو عالم بذلك، مدرك نشاطه، ولا يكفي توافر القصد الجنائي العام الذي يتجلى بمجرد العمل المادي، أو تجنيد المجني عليه بصورة غير نظامية ودون موافقة السلطات، بل ينبغي أن يقترن هذا القصد العام بالقصد الخاص وهو ارتكاب جريمة الاتجار بالبشر لغرض الاستغلال[9].
وعليه فإنه يتوفر عنصران في القصد الجنائي العام هما :العلم والإرادة فيتعين من ناحية أولى، أن يتحقق للفاعل العلم بماهية فعل الاتجار وبما يتكون من وقائع، وبخطورته ،وما سيترتب عليه من نتائج، وأن تتجه إرادة الفاعل إلى ارتكاب أي فعل من أفعال الاتجار، بنية إحداث النتيجة الإجرامية[10].
وانطلاقا مما سبق، فإن المشرع المغربي، وضع قاعدة قانونية تجرم الاتجار بالبشر وتعاقب عليه متى قامت مسؤولية الجاني عن الجريمة المرتكبة، تفرض العقوبة المنصوص عليها وفق قانون مكافحة الاتجار بالبشر 27.14 ،حيث تضمن نصوصا ميز فيها المشرع المغربي في العقاب ،بين ما إذا كان مرتكب الجريمة شخصا معنويا، أو طبيعيا، وطبقا للفصل 2-448 من قانون 27.14 نص على عقاب المشرع المغربي الشخص الطبيعي حيث جاء في المادة بأنه “دون الإخلال بالمقتضيات الجنائية الأشد، يعاقب بالسجن من خمس إلى عشر سنوات وبغرامة من 10.000 إلى 500.000 درهم كل من ارتكب جريمة الاتجار بالبشر.”
فالقانون الإماراتي نص على عقاب الاتجار بالبشر في المادة الثانية من القانون الإماراتي بأنه ” يعاقب كل من ارتكب أيا من جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في المادة 1 مكرر 1 من هذا القانون المؤقت الذي لا تقل مدته عن خمس سنوات بالغرامة لا تقل عن مائة ألف درهم”.
في حين أن المشرع الأردني نص في المادة 3 من قانون منع الاتجار بالبشر على أنه[11] يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن ألف دينار، ولا تزيد على خمسة آلاف دينار أو بكلتا هاتين العقوبتين من ارتكب جرائم الاتجار بالبشر المنصوص عليها في البند 1 من الفقرة أ من المادة 3 من هذا القانون[12].
الملاحظ أن التشريعين الإماراتي والأردني لمنع الاتجار بالبشر، قد نصا على عقوبات سالبة للحرية، وغرامات مالية ،إلى جانب المشرع المغربي، مع اختلاف في هذه العقوبة ومقدارها[13]، على اعتبار أن هذه المقتضيات تحمي الأطفال اللاجئين المقيمين في هذه الدول المصادقة على اتفاقيات حقوق الطفل عامة، واللاجئين خاصة.
أما بخصوص عقوبة الشخص الاعتبار فقد نص في الفصل 6-448 يعاقب بغرامة من 1.000.000 إلى 10.000.000 درهم الشخص الاعتباري إذا ارتكب جريمة الاتجار بالبشر، دون الإخلال بالعقوبات التي تطبق على الشخص الذاتي الذي يمثله أو يديره ،أو يعمل لحسابه، وبالتالي ،فالمشرع غلظ الغرامة المفروضة على الشخص الاعتباري مقارنة مع الشخص الطبيعي.
وتجدر الإشارة أن المشرع المغربي، شدد عقوبة الجاني الذي ارتكب الجريمة على الطفل بواسطة التهديد، بالقتل أو بالإيذاء أو التعذيب أو الاحتجاز أو التشهير، أو إذا كان مرتكب الجريمة حاملا لسلاح ظاهر أو مخبأ، بحيث تصل العقوبة إلى السجن من عشر إلى عشرين سنة، وغرامة من 100.000 إلى 1.000.000 درهم طبقا للفصل 3-448، كما تشدد العقوبة إذا أصيب الطفل اللاجئ ضحية الاتجار بالبشر بمرض عضوي أو نفسي، أو عقلي عضال[14]. وعليه، فإن هذا الظرف يتحقق بارتكاب الجاني إحدى جرائم الاتجار بالبشر وينتج عنه إصابة الطفل الضحية بعاهة مستديمة، أو بمرض لا يرجى الشفاء منه.
كما تشدد أيضا العقوبة بالسجن من عشرين إلى ثلاثين سنة وغرامة من 200.000 إلى 2.000.000 درهم إذا ارتكبت الجريمة ضد قاصر دون الثامنة عشر، أو إذا ارتكبت الجريمة ضد شخص يعاني من وضعية صعبة بسبب كبر سنه ،أو بسبب مرضه ،أو الإعاقة ،أو نقص بدني، أو نفسي ،أو ضد امرأة حامل، أو إذا كان مرتكب الجريمة زوجا للضحية ،أو أحد أصولها ،أو فروعها، أو وصيا ،عليها أو كافلا لها، أو مكلف برعايتها أو كانت له سلطة عليها، كما تشدد الجريمة أيضا إذا ارتكبت بواسطة عصابة إجرامية ،أو في إطار عابر للحدود الوطنية ،أو إذا نتج عن الجريمة وفاة الضحية حيث تصل العقوبة من عشرين إلى ثلاثين سنة، وغرامة من 1.000.000 إلى 6.000.000 درهم طبقا لمقتضيات الفصل 5-448.
وانطلاقا مما سبق، يلاحظ أن جريمة الاتجار بالبشر، تسلب من الإنسان بصفة عامة، والطفل اللاجئ خاصة ،كرامته وحريته وتجعله يؤدي أعمالا مخالفة للأعراف، والقوانين تحت وطأة التهديد، والتعذيب ،وقد تصل في أبشع صورها إلى فقد الإنسان حياته بسبب التعذيب، أو بغرض المتاجرة بأعضائه، هي أيضا صورة من صور خرق قانون الأسرة الدولي، لكونها تنطوي على تشويه للممارسات الأسرية المشروعة أو سوء استغلالها، هي تجارة غير قانونية، السلعة المتداولة فيها المرأة أو الطفل مما تسببه من أذى نفسي وجسدي بالغ الخطورة.
وانطلاقا مما سبق ،لابد من الحديث عن الإجراءات المسطرية، والتدابير الوقائية التي جاء بها قانون 27.14 ،لحماية ضحايا الاتجار بالبشر في المادة الثانية منه، إلى غاية المادة السابعة، حيث نصت المادة الثانية، أن المواد التي تليها هي تتميم لقانون المسطرة الجنائية[15] رقم 22.01 ،لاسيما المواد المتعلقة بتقنيات البحث الخاصة، وحماية الضحايا والشهود والخبراء، وعليه، فالكشف عن جرائم الاتجار بالبشر يقتضي اتخاذ تدابير إجرائية حماية للطفل بصفة عامة[16]، لاسيما في مرحلة البحث والتحري، وكذا التحقيق، بهدف الإحاطة بالعصابات الإجرامية وإسعاف الضحايا.
فبالنسبة لإجراءات البحث والتحري، فهي تتمثل في الاعتراض على المراسلات والتنصت على المكالمات الهاتفية، وتسجيل الصور بعد الإذن من طرف الوكيل العام للملك بمحكمة الاستئناف، كما ألزم المشرع بإشعار الضحية المتضرر من الجريمة بحقه في الانتصاب كمطالب بالحق المدني، كما أضافت المادة الخامسة من القانون 27.14 بشأن هذه النقطة الأخيرة أن يعفى المطالب بالحق المدني من الرسوم القضائية المرتبطة بالدعوى المدنية، أما بخصوص التدابير الوقائية التي جاء بها قانون 27.14 فالمادة الرابعة أمرت بتكفل الدولة في حدود الوسائل بتوفير الحماية والرعاية الصحية والدعم النفسي والاجتماعي لفائدة ضحايا الاتجار بالبشر[17]، والعمل على توفير أماكن لإيوائهم بصفة مؤقتة، وتقديم المساعدة القانونية اللازمة لهم، وتيسير سبل اندماجهم في الحياة الاجتماعية ،أو تيسير عودتهم الطوعية إلى بلدهم الأًصلي.
المطلب الثاني: تحديات مواجهة جريمة الاتجار بالبشر والإشكاليات قانون 27.14
أمام انتشار جريمة الاتجار بالبشر ،واتساع رقعتها، وازدياد خطورتها ،تخرج ظاهرة الاتجار بالبشر بتجليات جديدة في المغرب من خانة الطابوهات، لتشكل موضوع اهتمام جدي من قبل السلطات الحكومية والمجتمع المدني، والمنظمات النشيطة في مجال حقوق الإنسان، لدا جاء إصدار قانون 27.14 ،ليتوج جهود وحرص المغرب الدائم لحماية وصيانة حقوق الإنسان، على الصعيد الداخلي، والحرص على ملاءمة المواثيق الدولية، مع التشريعات الداخلية، وجعلها أسمى من التشريعات الداخلية، غير أن هذا القانون رغم إصداره، إلا أن هذا القانون تشوبه عدة نواقص، وهذا ما سيتم الحديث عنه وفق ما يلي:
الفقرة الأولى: تحديات المغرب لمواجهة الاتجار بالبشر
تشكل جريمة الاتجار بالبشر موضوع اهتمام السلطات العمومية، والمجتمع المدني خصوصا، إذا تعلق الأمر بالاتجار بالطفل بصفة عامة مما يجعل تدخل المنظمات الوطنية، والدولية النشيطة في مجال حقوق الإنسان ،لغاية هذه الفئة، فأمام انتشار هذه الجريمة المنظمة، واتساع رقعتها وازدياد خطورتها، وأمام الدعوة العالمية لمكافحتها ، جاء إصدار قانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، ليتوج المجهود وحرص المغرب الدائم لحماية وصيانة حقوق الإنسان عامة، وحقوق الطفل خاصة على الصعيد الداخلي ،والحرص على ملاءمة المواثيق الدولية مع التشريع الوطني، غير أنه رغم إصدار القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، فإن التقرير الدولي الأخير جاء مثقلا بالانتقادات الموجهة للحكومة المغربية.
بحيث صنفت وزارة الخارجية الأمريكية يوم 2 يوليو 2021 ضمن “تقرير الاتجار بالبشر لسنة 2021” المغرب في الفئة الثانية، وأكد التقرير أن “الحكومة المغربية لا تفي بشكل كامل بالمعايير الدنيا للقضاء على الاتجار، ولكنها تبذل جهودا كبيرة لتحقيق ذلك” ،وأوضح التقرير أن الحكومة أظهرت جهودا متزايدة بشكل عام مقارنة بالفترة المشمولة بالتقارير السابقة، مع الأخذ في الاعتبار تأثير جائحة كوفيد 19 على قدرتها على مكافحة الاتجار بالبشر، لذلك ظل المغرب في الفئة الثانية.
وأوضح التقرير أن الحكومة تراجعت فيها التحقيقات والملاحقات القضائية، والإدانات في قضايا الاتجار، كما دعا التقرير أيضا المغرب إلى اعتماد إجراءات وتنفيذها بشكل منهجي، للتعرف بشكل استباقي على ضحايا الاتجار، وخاصة بين اللاجئين ، للحصول على خدمات الحماية المناسبة ،وكذا إنشاء وتنفيذ آلية وطنية لإحالة الضحايا ،وتدريب السلطات القضائية وسلطات إنفاذ القانون على تطبيقها والتحقيق مع المتاجرين ومقاضاتهم، وإدانتهم باستخدام قانون مكافحة الاتجار بالبشر، وإصدار أحكام بالسجن لفترات طويلة على المدانين.
وفي هذا الإطار، ذكر التقرير أن السعودية مثلا، رغم مصادقتها على اتفاقية اللاجئين واتفاقية حقوق الطفل وغيرها ،فهي أخفقت في القضاء على الاتجار بالبشر، والوفاء بالحد الأدنى من المعايير في العدد من المجالات، منها ترحيل الأجانب (كاللاجئين) لممارسة الدعارة، أو انتهاك قواعد الإقامة والهجرة، على الرغم من أن كثيرين منهم قد يكونون ضحايا الاتجار بالبشر، كذلك الشأن في الجزائر وسوريا والسودان، روسيا التي اعتبرها التقرير الفئة الأسوأ بالنسبة لقانون الاتجار بالبشر، بحيث لا تلتزم بمعايير القانون، ولا تبذل جهودا في هذا الإطار[18].
لذلك على الحكومات أن تبذل جهودا لحماية الطفل اللاجئ، ضحية الاتجار، والعمل على اعتماد إجراءات وتنفيذها على المجرمين ومقاضاتهم.
الفقرة الثانية: نقائص قانون 27.14
يعتبر قانون 27.14 ذا أهمية في المنظومة الزجرية ،وذلك انسجاما مع المعايير الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر وتماشيا مع ما نصت عليه الاتفاقيات الدولية، غير أن هذا القانون تشوبه عدة نقائص تتجلى فيما يلي:
- صعوبة في تحديد تعريف جريمة الاتجار بالبشر كجناية ، و تداخله بصور أخرى مع الجرائم التي تعتبر بعضها جنحا، فيما تعتبر البعض الآخر منها جنايات، بالإضافة إلى تداخل اختصاص المحكمة الابتدائية، مع اختصاص محكمة الاستئناف، أيضا صعوبات على مستوى تفعيل بعض إجراءات التكفل بالضحايا، كما أن هناك عدم استقلالية الهيأة أو اللجنة الوطنية التابعة لرئيس الحكومة، بحيث إنها مجرد لجنة استشارية غير مستقلة ،وقراراتها غير ملزمة، مما يجعلها دون محتوى، أو بالأحرى عدم الحاجة لإحداثها. كما أن من الإشكال أيضا عدم التزام الدولة بتعويض الضحية عن الأضرار التي حصلت له ،والاعتراف بمسؤوليتها على هذا المستوى[19].
كما أن قانون الاتجار بالبشر على مستوى العقاب، جاء خاليا من عقوبة الإعدام، بالرغم من أنها جريمة خطيرة، وانعكاساتها جد مقلقة، إذ أن أقصى عقوبة حددها في الحالة التي ينتج فيها عن الجريمة وفاة الضحية، أو إذا ارتكبت الجريمة بواسطة التعذيب ،أو أعمال وحشية، حيث حددت العقوبة في السجن المؤبد، ولعل هذا الموقف التشريعي يأتي استجابة للمطالب التي رفعها المجتمع المدني ،بهدف إلغاء عقوبة الإعدام ،تماشيا مع ما جاءت به المواثيق الدولية.
وانطلاقا مما سبق، فالطفل اللاجئ يحتاج لحماية، وجهود مبذولة، على اعتبار أن جريمة الاتجار بالبشر، تنمو بشكل مخيف حسب الإحصائيات، وتقارير المنظمات الدولية والحكومات، وكأن الجهود المبذولة لمكافحتها لا تحقق فعالية، أو عجزت عن القضاء عليها، فضعف الإجراءات وعدم الإمساك بزمام الأمور، يؤثر على الطفل كيفما كان بشكل سلبي.
انطلاقا مما سبق فجريمة الاتجار تخلف آثارا سلبية على الطفل اللاجئ كضحية وعلى المجتمع كمحتضن وتتمثل هذه الآثار فيما يلي:
- الآثار النفسية:
تتمثل الأعراض النفسية العامة التي تصيب الطفل الضحية في القلق والأرق والاكتئاب والإجهاد والاضطراب النفسي، كما تساهم ظروف المعيشة الصعبة، وغياب الرعاية الصحية، وسوء التغذية، وكذلك انتشار الأمراض السريرية (الجرب، والسل والإيدز وغيرها من الأمراض المعدية ومعاناة الأطفال من مشاكل النمو والوعي، مما يؤدي إلى نتائج نفسية وعصبية معقدة .
ويجبر الطفل ضحية الاتجار جروحا غائرة في انفعالاته ومشاعره وروحه وخصوصا الإصابة بما يسمى بـ “العصاب الجنسي” وهو حالة مرضية وما ينشأ عنه صدمة جنسية الطابع، أو نتيجة الصراع كما يصاب الضحية بالقلق الإرشادي، أو اضطرابات الشخصية الموقفية، وحدوث الانشطار الاجتماعي بين الفرد والمجتمع أو بينه وبين أسرته ،وبيته لكونه تورط في نشاط جنسي، أو لكونه مصابا بالأمراض السرية ،يتضح هكذا تأثير تلك العملية العدمية ،في تطور اضطراب ضغوط ما بعد الصدمة استجابتهم المضطربة إزاء حدث أو موقف الوقوع كضحية للاتجار.
ففي إحساسه باختلال إزاء تلك الخبرة الصدمية، يشعر الطفل بانخلاعه ،بعيدا عن فرديته وإنسانيته أو باغترابه عن ذاته ،وانتفاض إنسانيته وانتهاكها، ويتحول إحساسه بذاته إلى إحساسي بالشيء. أي أنه ليس أكثر من مجرد شيء غير حصين وعرضة للسقوط والانجراح أمام بطش قوة قاهرة تفوق ما لديه من إمكانات طبيعية أو مكتسبة وحيث لا يشعر بأنه إنسان له قيمة.
وقد يتعرض الأطفال والضحايا للاستغلال أكثر من مرة، إذ يباعون ويعاد بيعهم مما يؤدي إلى تعرضهم لطائفة من الإساءات الجنسية[20] والذهنية، وتأثير هذه الإساءة على إعادة تأهيلهم جسمانيا ونفسيا، ومن تم تمهيد وتعقيد إعادة دمجهم في المجتمع ،وهذا هو الأمر الخطير الذي تعمل كل الآليات على وقفه. وهذه الآثار النفسية الناتجة عن الاستغلال للنساء والأطفال، من المسائل التي يصعب قيامها وتحديدها حيث إن أكثر ما يشعر به هؤلاء النساء والأطفال، هو الخجل و الشعور بالذنب ،بل إن بعضهم يعتقد أنه لا يستحق العيش والإنقاذ.
أما الآثار الاجتماعية، فيؤدي الاتجار بالبشر، إلى ما يسمى بالتفكك الاجتماعي ،خصوصا إذا كان الطفل اللاجئ مع أسرته، فالدعم العائلي والاجتماعي هو العامل الأساسي في نجاح حياة أي إنسان أو فشلها، ومن أبرز أساليب هذا التفكك منع الاطفال من النمو الطبيعي والأخلاقي، تدمير البنى الاجتماعية، وكذلك كثرة ظاهرة الانتحار بين ضحايا الاتجار بالبشر بسبب الاستياء الشديد مما يتعرضون له من إهانة وذلة تفقدهم الرغبة في مواصلة مسيرة حياتهم هروبا من الواقع المرير أو بسبب عدم تقبل المجتمعات لهم بعد انتهاء فترة استغلالهم، بواسطة مجرمي تجارة البشر. من أهم الآثار الاجتماعية التي تنشأ عن هذه الظاهرة:
- اختلال القيم الاجتماعية نتيجة لإهدار المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان.
- زيادة معدلات الولادة غير الشرعية.
- استدراج المرأة والطفل كسلعة، وتحول مفهوم النظام السياحي في المجتمع إلى نظام يقوم على تشييء الإنسان و سلعنته، وعلى بيعه وشرائه بما يخالف القيم والكرامة الإنسانية.
أما بخصوص الآثار الاقتصادية ،فيكون لجريمة الاتجار بالأطفال، وحتى الاتجار بالأعضاء البشرية تأثير في البنية الاقتصادية خصوصا على المستوى الوطني، فيما يتعلق للدولة المصدرة، والمستوردة على حد سواء، باعتبار أن الاتجار هو عملية اقتصادية متكاملة يكون محلها الإنسان الذي يتم الاتجار فيه كسلعة تخضع لقوانين العرض والطلب ،وأنظمة السوق، للاتجار في الأشخاص تأثير مدمر على أسواق العمل، فهي تساهم في فقدان الطاقة البشرية، بدرجة يتعذر استردادها وتشمل بعض تأثيرات الاتجار بالأشخاص الأجور المتدنية، والإنتاجية المتناقصة للقوى العاملة، وخسارة التحاويل النقدية، ونشوء جيل غير متعلم. وللاتجار بالبشر تأثير سلبي على اقتصاد الدولة، حيث تجتنب الأرباح بعيدا عن الاقتصاد الشرعي، كما يعيق وجود الجريمة المنظمة نمو بيئة اقتصادية سليمة ،يتمكن فيها الأفراد والمؤسسات من تطوير إمكانياتهم بشكل كامل[21].
ويؤثر كذلك الاتجار بالبشر سلبيا على أسواق العمل ،وخصوصا إجبار الأطفال على العمل من 10 إلى 18 ساعة يوميا يؤدي إلى حرمانهم من التعليم ويعزز دائرة الفقر والأمية، الأمر الذي يعرقل التنمية الوطنية[22].
- استحداث دور أو مظهر جديد لتكتلات، وجماعات الجريمة المنظمة كان له أثره على دقة الاقتصاد والسياسة على المستوى الإقليمي والعالمي.
- تغلغل المحترفين في عصابات وتكتلات الجريمة المنظمة في المواقع الأكثر تأثيرا في قوة الدولة الاقتصادية بما يحقق أهدافهم.
- تشجيع الأطفال على الهجرة والإيحاء، أو العقود الوهمية بما يترتب على ذلك من ازدهار تجارة الرقيق، وانتعاش الخطيئة فتضيع حياتهم، ويتبدد مستقبلهم ويدفعون ثمن ذلك باهضا.
أما بخصوص الآثار السياسية فهذه الجريمة لا تقتصر فقط على الجوانب الاجتماعية والاقتصادية، وإنما تمتد آثارها السلبية إلى الجوانب السياسية متمثلة بصورة أساسية في الإنتهاك والمساس بحقوق الإنسان، وإفساد وتآكل سلطة الحكومة[23]، فهي أصبحت مظهرا عالميا من مظاهر الاعتداء على الأمن العام، وعلى سيادة القانون، كما أصبحت تشكل تهديدا لسير المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية.
تتجلى الآثار السياسية في انتهاك حقوق الإنسان عامة و حقوق الطفل والطفل اللاجئ خاصة، تتعدد الآثار الناجمة عن ممارسة عمليات الاتجار بالأشخاص فالاتجار بالبشر في جوهره، يخرق حق الطفل الشامل في الحياة والحرية والتحرر من العبودية بجميع أشكالها، وانتهاك الاتجار بالأطفال حق الطفل في النمو، في بيئة تحميه وحقه في أن يكون متحررا من كافة أشكال سوء المعاملة والاستغلال، التي تشجع الانهيار الاجتماعي مما ينتج عن ذلك نشوء فئة من البشر تعاني[24] من الاضطهاد والعبودية، وهذا الأمر، يؤثر بطريقة أو بأخرى على نمو البشرية بشكل سليم.
المبحث الثاني: آليات حماية الطفل اللاجئ ضحية جريمة الاتجار بالبشر
لما أضحى البشر سلعة يتاجر بها الجناة الراجع لهذه الجريمة اللاإنسانية التي تطال الأطفال ،فإن المهمة ازدادت تعقيدا في ظل التطور التكنولوجي العالمي، مما يستوجب على الدول التأهب بكل ما لديها من إمكانيات، لمحاربة هذه الجريمة الخطيرة[25]، ويظهر اهتمام المجتمع الدولي بهذه الجريمة في مجمل الاتفاقيات التي تضمنتها، وأهمها اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الجريمة المنظمة ،وبروتوكول منع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، خاصة الأطفال، والنساء، هذا البرتوكول الذي أكد على ضرورة التعاون الدولي لمكافحتها، لذلك كان لابد من مكافحة هذه الجريمة والقضاء عليها ،للحفاظ على إنسانية الأطفال، وحقوقهم التي كفلتها لهم الاتفاقيات الدولية وكافة القوانين الوطنية.
فبناء على ما سبق، فهذه الاتفاقيات تلزم الدول الموقعة عليها بتبني قوانين وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، لذلك نجد أن كافة الدول[26] تقريبا أصدرت قوانين لمكافحة ومنع الاتجار بالبشر، لذلك انضم المغرب إلى لائحة البلدان التي أصدرت تشريعات لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر، وذلك تماشيا مع ما ورد في الاتفاقيات الدولية ،فهناك منظمات تعمل من خلال أجهزتها واختصاصاتها على مكافحة هذه الجريمة من أجل حماية الأطفال، وكافة أفراد المجتمع (المطلب الأول). وذلك قصد إعداد الحلول الهادفة إلى استئصال الأسباب الكامنة وراء تطور حالات الاتجار بالأطفال عموما فلكي يتم تتبع هذه الإجراءات ،إعتمد المغرب أيضا آليات مؤسساتية ذات الصلة بموضوع الاتجار بالبشر، لتنفيذ السياسة الجنائية (المطلب التاني) وهو ما سيتم الإشارة إليه.
المطلب الأول: دور المنظمات الدولية لمكافحة الاتجار بالبشر في حماية الطفل اللاجئ
يعد المغرب عنصرا فعالا في منظمة الأمم المتحدة ،حيث يسعى من خلال ذلك إلى التوافق مع المجتمع الدولي في اهتماماته الكبرى، لأن موضوع مكافحة الاتجار بالبشر يعد من أهم الاهتمامات التي تحظى بتنسيق خاص في هذا المجال، وحيث إن المغرب يعد من الدول التي صادقت على الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحظر الاتجار بالبشر، والاتفاقية الدولية المتعلقة بحقوق الطفل، واتفاقية شؤون اللاجئين، مما يضعه في مصاف الدول التي تتوفر على ترسانة قانونية تستجيب للالتزامات الدولية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، ونظرا لما تكتسبه من خطورة،[27] فقد جعله ملتزما بضرورة العمل مع المنظمات الدولية المتخصصة في الاتجار بالبشر، لذلك سيتم الاقتصار في هذه الفترة على البعض منها لمعرفة الأدوار التي تقوم بها في سبيل حماية الطفل اللاجئ من جريمة الاتجار بالبشر في البلد المستقبل ومن أهمها ما يلي:
الفقرة الأولى: دور منظمة الأمم المتحدة والمجلس الاقتصادي والاجتماعي في مكافحة الاتجار بالبشر – الطفل اللاجئ _
تعتبر منظمة الأمم المتحدة إحدى أكبر المنظمات الدولية- على الصعيد الدولي -التي تتطلع من خلال أجهزتها واختصاصاتها إلى تحقيق مناخ حقوق الإنسان والحماية الدولية لحقوق الإنسان، ومكافحة الجريمة المنظمة، لذلك فقد حذرت من تنامي ظاهرة الاتجار بالأشخاص، وخصوصا النساء والأطفال عامة، وقد أفاد ممثل الأمم المتحدة ،أن غالبية ضحايا الاتجار بالأشخاص يأتون من بعض دول إفريقيا، وجنوب وشرق أوروبا[28]…
لذا، فمنظمة الأمم المتحدة تنطوي تحت لوائها مجموعة من الهيئات التي تمتلك عدة آليات، كالجمعية العامة التي تهتم بمكافحة الاتجار بالبشر حيث طالبت في قرارها رقم (137/58) ،المؤرخ في 2003/12/22 الدول الأعضاء بالمنظمة بتيسير ودعم التعاون الدولي ،ومنع ومكافحة الاتجار بالبشر وانصاف ضحاياه، ومن ناحية ثانية أولت الجمعية العامة للأمم المتحدة اهتماما لموضوع الاتجار بالبشر، وخصوصا موضوع الإتجار بالأعضاء البشرية ،من خلال تبني القرار رقم (59/156) بشأن منع ومكافحة الاتجار بالأعضاء البشرية والمعاقبة عليها والذي تم اعتماده في 20 دجنبر 2004، حيث تضمن قرار الجمعية العامة حث الدول الأعضاء على اتخاذ التدابير اللازمة لمنع ومكافحة ومعاقبة استئصال الأعضاء البشرية والاتجار بها، وذلك لحماية الأشخاص، وباتخاذ التدابير اللازمة و من هنا فإن للأمم المتحدة مكتب بفيينا، يقوم بعدة مهام ،كإرشاد الدول لصياغة سياسات العدالة الجنائية ومنع الجريمة فضلا عن تشجيع الدول الأعضاء على تبادل الخبرات والمعلومات، في مجال منع ومكافحة ومعاقبة استئصال الأعضاء البشرية.
ومن أبرز صور الاهتمام ،والجهود المبذولة في سبيل مكافحة الاتجار بالبشر تم تعيين مقرر خاص للاتجار في النساء والأطفال. فالأمين العام للأمم المتحدة قدم تقريرا عن مدى استفحال ظاهرة الاتجار بالبشر، وبأعضائهم إلى لجنة منع الجريمة، والعدالة الجنائية في دورتها الخامسة عشر عملا بالطلب الوارد في قرار الجمعية العامة (56/156) المؤرخ في 20 دجنبر 2004، وأفاد التقرير أن الأشخاص يستدرجون بعقود عمل وهمية، ووعود كاذبة، ليتم الاتجار بهم وبأعضائهم، وأشار التقرير أن تجارالأعضاء كانوا يدفعون ثمنا أعلى بكثير يستفيد منه الوسطاء والجراجون ومديرو المستشفيات الذين تم الإبلاغ عن ضلوعهم في الشبكة الإجرامية المنظمة، كما ألقى التقرير الضوء على العلاقة التي تربط بين الأسباب التي تكون الدافع للاتجار بالأشخاص والأطفال بالخصوص ،وهي العلاقة بين البطالة والفقر والافتقار إلى فرص تعليمية، وأشار أخيرا إلى عدم وجود أدلة قاطعة بشأن الاتجار بالأطفال لغرض نزع أعضائهم للاتجار فيها ، إلا أنه قد عثر على الكثيرين من الأطفال مخطوفين أو مفقودين من الموتى.
فإلى جانب جهود الجمعية العامة لحماية الأشخاص من الاتجار فيهم وفي أعضائهم فهناك المجلس الاقتصادي والاجتماعي المغربي الذي يلعب دورا هاما في حماية الإنسان عامة من الاتجار، بحيث تبنى المجلس في دورته العادية سنة 2002، موضوع مكافحة الاتجار بالبشر ،من خلال الإقرار بالعديد من المبادئ التوجيهية الموصى بها فيما يتعلق بحقوق الإنسان والاتجار بالأشخاص، وتتضمن هذه المبادئ ما يلي:
- تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها
- تعريف الأشخاص المتاجر بهم، والأشخاص المتاجرين
- البحث والتحليل والتقييم والتوزيع
- ضمان وجود إطار عمل قانوني مناسب
- كفالة استجابة جهات إنفاذ القانون بشكل مناسب
- حماية ودعم الأشخاص المتاجر بهم
- منع الاتجار
- تدابير خاصة لحماية ودعم الأطفال المتاجر بهم
- الاستفادة من وسائل الإنصاف
- التعاون والتنسيق فيما بين الدول.
ومن جهة أخرى، فالمجلس حث في قراره رقم 1994/99 الدول الأعضاء على مواصلة وتطوير التدابير الرامية لمنع ،ومكافحة الاتجار، خصوصا أن هذه التجارة ظاهرة خطيرة، وهي جريمة مربحة تدر ما يعادل 150 مليون دولار سنويا كعائد من الجريمة[29].
وانطلاقا مما سبق ،لا يمكن أن لا نتحدث عن دور المكتب المعني بمكافحة المخدرات والجريمة المنضمة في حماية الأشخاص من جريمة الاتجار، فهذا المكتب أنشأ عام 1997 يشرف على برنامج الأمم المتحدة الدولي لمراقبة المخدرات، ومركز الأمم المتحدة المعني بمنع الإجرام الدولي، وفرع منع الإرهاب، ومن ضمن جهود مكتب الأمم المتحدة هي قيامه بإطلاق مبادرة في مارس 2007 بالتعاون مع المنظمة الدولية للهجرة، ومنظمة العمل الدولية، ومنظمة الأمم المتحدة للأطفال والمنظمة العليا لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا، التي نوقش فيها تحديد أركان الجريمة وأسباب انتشارها ووضع أطر لكيفية التعامل مع هذه الجريمة، كما يقوم المكتب بتنظيم ورش العمل، لنشر الوعي بخطورة الظاهرة، ووضع قانون نموذجي لمكافحة الاتجار بالبشر، والذي يمكن للدول الاسترشاد به حيث عمد إلى وضع تشريعاتها الوطنية لمواجهة هذه الظاهرة، بغية تقديم المساعدة للدول في تنفيذ الأحكام[30].
لذلك فمن أهداف المكتب أيضا زيادة الوعي تجاه ما يتعرض له حوالي 3.5 مليون شخص في العالم للاتجار سنويا 80 في المائة منهم النساء والأطفال، إضافة الى تيسير التعاون وإقامة الشراكات بين مختلف الأطراف المتخصصة الداعية في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، زد على ذلك إعطاء اهتمام خاص لبروتوكول الأمم المتحدة المتعلق بمنع وقمع ومعاقبة مرتكبي هذه الجريمة التي باتت تؤرق الضمير العالمي، كما أن من أهداف هذا المكتب مناقشة عدة محاور رئيسية تتناول المعاملة القسرية، والاستغلال الجنسي، والوقاية المسبقة ،وتقليل المخاطر وتوفير الحماية، وتعميق التعاون الدولي في مكافحة الاتجار بالبشر، ورسم سياسة عالمية واضحة المعالم لتحجيم هذه الجريمة، الخ… ومن الأهداف كذلك وهي كثيرة تسعى إلى تعزيز التعاون والتنسيق، وخلق آليات وتدابير فعالة لمكافحة جريمة الاتجار بالبشر.
وقد حاول مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة ،أن يحدد أولا أنماط الاتجار بالبشر في أبريل 2006 ،ويخطو هذا التقرير الثاني 377 خطوة إضافية عن طريق فهرسة وتحليل المواجهة العالمية ،استنادا إلى بيانات العدالة الجنائية، ومساعدة الضحايا الذين وردت شكاياتهم من 155 بلدا، ووضع بعض الآليات والإحصائيات لمعرفة حقيقة الاتجار بالبشر وتبرز هنا بعض الملاحظات بدل الاستنتاجات وهي:
خلال السنوات القليلة الماضية تنضاف أعداد البلدان التي اتخذت خطوات تنفيذ أهم اتفاق دولي في هذا المجال، بروتوكول الأمم المتحدة لمكافحة الاتجار بالأشخاص بيد أن هناك بلدانا عديدة، ولاسيما في إفريقيا، لا تزال تفتقر إلى الصكوك القانونية الضرورية، إذ يتورط عدد غير متناسب من النساء في الاتجار بالبشر ليس كضحايا فحسب بل بصفتهن متاجرات ،مجرمات تمارسن تجارة الرق و تقمن بدور أبرز من دورهن في معظم أشكال الجريمة الأخرى، ولابد من التصدي لهذا الواقع، ولاسيما في الحالات التي يصبح فيها الضحايا السابقون متجرون، فمعظم الاتجار وطني أو الإقليمي يقوم به أشخاص يحملون نفس جنسية ضحاياهم، وهناك حالات ملحوظة من الاتجار من مسافات بعيدة وتمثل أوروبا وجهة للضحايا من أوسع مجموعة من بلدان المصدر بينما يتجر بالضحايا من آسيا في أوسع مجموعة من بلدان المقصد.
وتجدر الإشارة أن مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة قد وضع في دراسة له لسنة 2021 الأثر المدمر لكوفيد 19 على الضحايا والناجين من الاتجار بالبشر، وسلط الضوء على زيادة استهداف الأطفال، واستغلالهم خلال فترة جائحة كورونا، كما أن الدراسة قيمت كيفية استجابة المنظمات التي تعمل في الخطوط الأمامية للتحديات المطروحة في تقديم الخدمات الأساسية، على الرغم من القيود المشددة على الحدود الوطنية ،وداخلها .كما صرحت الدراسة أن المتاجرين استغلوا الأزمة العالمية، مستفيدين من خسارة الناس للدخل، وزيادة الوقت الذي يقضيه كل من البالغين والأطفال على الإنترنيت، بحيث إن الجائحة أدت إلى زيادة نقاط الضعف أمام الاتجار بالأشخاص، بينما زادت من صعوبة اكتشاف الاتجار بالبشر، وجعلت الضحايا يكافحون من أجل الحصول على المساعدة والوصول إلى العدالة، فهذه الدراسة تدرس الاستراتيجيات الناجحة للتحقيق في الاتجار بالبشر ومقاضاته في أوقات الأزمات[31].
كما أضافت الدراسة أيضا أن المتاجرين بالبشر يستهدفون الأطفال ،سواء أجانبا كاللاجئين ،أو مواطنين أصلين بحيث هذه الفئة يستخدمون بشكل متزايد وسائل التواصل الاجتماعي ،وغيرها من المنصات عبر الإنترنيت، لاستغلالهم جنسيا وجعلهم وسيلة للتسول والإجرام القسري، لذلك في بعض البلدان تمت إعادة تكليف ضباط الشرطة العاملين في وحدات مكافحة الاتجار المتخصصة، من واجباتهم العادية إلى جهود السيطرة الوطنية للحد من انتشار كوفيد، مما أتاح للمتاجرين فرصة العمل بمخاطر أقل من الكشف عنهم[32].
وانطلاقا مما سبق، فهذه الدراسة تفيد في حماية الأطفال اللاجئين من مخاطر الوقوع في فخ المتاجرين بالبشر ،خصوصا في الواقع الراهن.
الفقرةالثانية: المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (الأنتربول)
عرف العالم تحولا نوعيا في العلاقات الدولية، وارتفعت نسبة الوعي بضرورة التكتل لمواجهة التحديات التي أضحت مهددات عالمية، تؤرق المسؤولين وتفقد الشعوب حقها المشروع في الأمن، والسلام ومع تطور الإجرام وتخطيه للحدود الوطنية (الاتجار بالبشر)، جعل الحديث عن المخاطر الإجرامية حديثا يستوجب خططا عملية وإستراتيجية مفتوحة تقوم على خلق منظمات دولية تستعين بكافة الأجهزة المتخصصة في إنفاذ القوانين[33].
ففي عام 1923 تم تأسيس منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الأنتربول) ،وأصبح مقرها بمدينة “ليون” بفرنسا عوض فيينا، ويبلغ عدد أعضائها 190،و تعتبر أكبر منظمة شرطية في العالم، تسعى إلى تعزيز التعاون الدولي في مكافحة الجريمة على المستوى الدولي[34]، ومع بروز الوجه المخيف للإجرام المنظم العابر للحدود الوطنية بدأت أهمية المنظمة الدولية للشرطة الجنائية تتضح أكثر، واستفادت المنظمة من مقعد عضو ملاحظ لدى الأمم المتحدة[35].
وانطلاقا مما سبق، فهذه المنظمة مسندة لها عدة مهام ،لحماية حقوق الإنسان عامة والطفل خاصة .ومن أبرز هذه المهام، تأكيد وتطوير المساعدة المتبادلة وعلى أوسع نطاق ،بين سلطات الشرطة الجنائية، في إطار القوانين المعمول بها في مختلف الدول، طبقا لما جاء في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ذلك إنشاء وتطوير كافة النظم الفعالة للوقاية من الجرائم والعقاب عليها، كما تهدف المنظمة إلى رفع مستوى التعاون بين أجهزة تنفيذ القوانين المختلفة، من تبادل المعلومات، والتحري والمتابعة القانونية وتوحيد الإرادة السياسية للدول الأعضاء، بشأن التصدي لهذه الجريمة، وتشجيعها على تطوير التشريعات، بما يكفل مكافحة الجريمة المنظمة.
فهذه المنظمة تتابع وتلاحق مرتكبي الجرائم، مما يفسر التعاون الكبير للجهات الرسمية بالمغرب ،مع هذه المنظمة ،بهدف العمل على التأسيس لمكافحة هادفة تواكب اهتمامات المغرب في حماية ضحايا الاتجار بالبشر بصفة عامة، والتعاون في مجال ملاحقة مرتكبي هذه الجريمة.
فالتنسيق المغربي مع هذه المنظمة، يتمثل فيما هو وقائي عبر مواكبة الآليات التقنية والإجرائية ،والتعاون في مجال رصد كل الاختلالات، عبر الحدود أو في إطار البحث عن الشبكات الإجرامية بالإضافة إلى التكوينات التي تقوم بها المنظمة للأجهزة الأمنية، وكذا القضائية في سبيل مواكبة تطورات الجريمة، وتتبعها وذلك حماية لأفراد المجتمع كافة[36].
المطلب الثاني: دور المؤسسات الرسمية ذات الصلة بمكافحة الاتجار بالبشر في حماية الطفل اللاجئ
مما لاشك فيه أن تفعيل بنود السياسة الجنائية لحماية الطفل اللاجئ من جريمة الاتجار تجعل الدولة مسؤولة في توفير هذه الحماية لضحايا الجريمة، وذلك من خلال تقصي الحلول لاستئصال الأسباب الكامنة وراء تطور حالات الاتجار ،خصوصا في صفوف هذه الفئة الهشة، فلا يكفي سن تشريعات ،وإصدار قوانين، والمصادقة على اتفاقيات وبروتوكولات لحماية الضحايا دون الاعتماد على آليات تقوم بدور التتبع، وترصد وتنفذ السياسة الجنائية ،ومن أهم هذه الآليات:
الفقرة الاولى: اللجنة الوطنية المكلفة بمكافحة الاتجار بالبشر
لقد نصت المادة السادسة من قانون 27.14 وينظم عملها مرسوم صادر في 2018[37]. على إحداث لجنة وطنية لتنسيق إجراءات مكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه .
وقد تم تنصيب اللجنة الوطنية من طرف رئيس الحكومة يوم 23 ماي 2019، ويعد هذا تتويجا لجهود المملكة الشريفة، من أجل التصدي لظاهرة الاتجار بالبشر، وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان.
هذا، وتتلخص أهم الاختصاصات المنوطة باللجنة المذكورة فيما ذهبت إليه المادة السادسة من القانون 27.14 وهي كالآتي[38]:
- تقديم كل مقترح تراه مفيدا إلى الحكومة، من أجل وضع سياسة عمومية، وخطط عمل وطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، ورصد مستجداته، والوقاية منه وحماية ضحاياه وتتبع وتقدم تنفيذها، وذلك بإشراك الجهات المعنية.
- اقتراح مختلف أشكال التنسيق والتعاون بين السلطات المختصة والمنظمات الدولية، والمنظمات غير الحكومية الوطنية ،والدولية المعنية بمكافحة الاتجار بالبشر والوقاية منه.
- اقتراح كل التدابير اللازمة، لدعم مشاريع جمعيات المجتمع المدني، ومساعدة ضحايا الاتجار بالبشر والوقاية منه.
- إعداد قاعدة بيانات، أو المساهمة في إعدادها ،لتجميع المعطيات والمعلومات المتعلقة بمنع مكافحة الاتجار بالبشر.
- اعتماد برامج التربية والتكوين المستمر، وبرامج التحسيس والتواصل في مجال مكافحة الاتجار بالبشر لفائدة جميع القطاعات والهيئات والجمعيات المعنية.
- اقتراح القيام بدراسات وأبحاث في مجال مكافحة الاتجار بالبشر ،ورفعها إلى السلطات والهيئات المعنية.
- اقتراح إعداد دلائل إرشادية ،في مجال مكافحة الاتجار بالبشر.
- إعداد تقرير وطني سنوي حول المجهودات المبذولة، في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، والوقاية منه والعوائق والإكراهات المتعلقة بهذا المجال.
- رصد المظاهر الجديدة للاتجار بالبشر.
كما أنه يمكن استشارة اللجنة بمناسبة إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بمكافحة الاتجار بالبشر.
ففي فرنسا، فإن للجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر (Miprof) دورا هاما في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، حيث أنشأت خطة عمل أولى لمكافحة الاتجار بالبشر، وذلك بالشراكة مع عدة قطاعات حكومية متداخلة، وذلك بتاريخ 30 نونبر 2012 مع إشراك جمعيات المجتمع المدني في ذلك، بهدف وضع الآليات الكفيلة بمكافحة الاتجار بالبشر، وحماية ضحايا هذه الجريمة[39].
أما بخصوص التشريع المصري ،فاللجنة تم تأسيسها وفقا لقرار مجلس الوزراء رقم (15) في العام 2007، وذلك بغرض العمل على تطوير الأطر اللازمة لتطبيق قانون مكافحة الاتجار بالبشر في كافة مناطق الدولة، وتضم اللجنة 18 ممثلا من مختلف المؤسسات الاتحادية والمحلي.
فاللجنة تقوم بتوفير الموارد اللازمة ،لنشر الوعي بالجوانب المتعلقة بالاتجار بالبشر، وتطوير برامج التدريب، والتأهيل والهيئات والعناصر المعنية بالتعامل مع ضحايا هذه الجرائم، كما تقوم اللجنة رسميا بتحفيز العمل على تطبيق القوانين السارية حاليا، وعليه ووفقا للمادة 13 من القانون الاتحادي[40]، فإن اللجنة تختص فيما يلي:
- دراسة تحديث التشريعات ،والنظم المتعلقة بمسائل الاتجار بالبشر، لما يحقق الحماية المطلوبة للضحايا ،والشهود وفقا للمقتضيات الدولية.
- وضع إستراتيجية وطنية شاملة لمكافحة الاتجار بالبشر وإعداد الخطط والبرامج والآليات المنفذة لها بالتنسيق مع الجهات المعنية بالدولة.
- دراسة التقارير الدولية والإقليمية والمحلية ،المتعلقة بمنع الاتجار بالبشر، واتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة بشأنها.
- التنسيق مع السلطات المختصة، والجهات المعنية لتأمين الحماية والدعم للمتضررين بالاتجار بالبشر، بما في ذلك برنامج الرعاية والتأهيل، لمساعدة الضحايا على الاندماج المجتمعي.
- وضع الآليات المناسبة للتعرف على الضحايا في قضايا الاتجار بالبشر.
وتجدر الإشارة أن جمهورية مصر أطلقت من خلال اللجنة الوطنية التنسيقية لمكافحة الاتجار بالبشر خطة عمل وطنية الثالثة لفترة (2021-2023)، فهذه الخطة توفر رؤية شاملة خاصة في ضوء تبعات انتشار كورونا كما تهدف إلى حماية الضحايا و تضع المرأة والطفل والشباب على قائمة أولوياتها في انسجام مع أجندة مصر 2030[41] ،وذلك لتعزيز منظومة العدالة، وحقوق الإنسان الخاصة بالناجين من الاتجار بالبشر.
وانطلاقا مما سبق، فعمل اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر، يحمي جميع المواطنين والأجانب، خصوصا الفئات الأكثر ضعفا كالأطفال اللاجئين من استغلال المجرمين، لذلك كان من الضروري إنشاء هذه الهيئة لمكافحة هذه الظاهرة غير الإنسانية.
الفقرةالثانية: مديرية الهجرة ومراقبة الحدود والتعاون الدولي بوزارة الداخلية
أ – بخصوص مديرية الهجرة ومراقبة الحدود بوزارة الداخلية:
فهذا الجهاز يلعب دورا أيضا في مكافحة الاتجار بالبشر، بحيث تناط بمديرية الهجرة ومراقبة الحدود، مهمة التطبيق العملي للإستراتيجية الوطنية في ميدان محاربة شبكات تهريب الأشخاص والحدود.
وعليه فالمديرية تتكون من:
- قسم الأبحاث والتحريات
- قسم توفير الوسائل اللوجستيكية العملية
يشتمل قسم الأبحاث والتحريات على:
- مصلحة التحريات
- مصلحة الدراسات والتوثيق
يشمل قسم الوسائل اللوجستيكية العملية على:
- مصلحة توفير الوسائل اللوجستيكية
- مصلحة العمليات[42].
ب – مديرية التعاون الدولي بوزارة الداخلية
فهذه المديرية تناط بها مهمة تطبيق مشاريع التعاون الدولي الخاص بوزارة الداخلية، وذلك بتعاون مع مختلف هياكل وزارة الداخلية وتشتمل على:
- قسم التعاون
- قسم التعاون في مجال مكافحة المخدرات
- قسم تدبير تدفق المهاجرين
ويشمل قسم التعاون على:
- مصلحة التعاون الثنائي
- مصلحة التعاون المتعدد الأطراف
كما يشمل قسم التعاون في مجال مكافحة المخدرات على:
- مصلحة التنسيق والتعاون
- مصلحة التجميع والاستغلال
كما يشمل قسم تدبير تدفق المهاجرين على:
- مصلحة الدراسات
- مصلحة المغاربة المقيمين بالخارج
- مصلحة الأجانب[43].
فاختصاصات هذه المديرية هامة في مكافحة الاتجار بالبشر، والتنسيق في مجال الهجرة واللجوء وتداعياتها حماية لجميع أفراد المجتمع.
الفقرة الثالثة: الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة واللاجئين
تقوم الوزارة المكلفة بالمغاربة المقيمين بالخارج وشؤون الهجرة، بمهمة إعداد وتنفيذ السياسة الحكومية المتعلقة بكل المغاربة المقيمين بالخارج والمهاجرين بالمغرب بالتنسيق مع القطاعات الوزارية والمؤسسات المعنية داخل المغرب وخارجه[44].
فمهام الوزارة المكلفة بشؤون الهجرة واللاجئين بالمهام التالية[45]:
- القيام بدراسة وإنجاز مشاريع البحث بحيث تتناول مختلف القضايا ذات الصلة بالهجرة والاندماج واللجوء.
- المساهمة في كل عمل يرمي إلى إعداد سياسات وتدابير تتعلق بالحماية الاجتماعية والمساعدة الطبية للمهاجرين واللاجئين وأفراد أسرهم.
- الإشراف على تقوية التعاون الدولي الثنائي والمتعدد الأطراف في المجالات ذات الصلة بشؤون الهجرة، وذلك بتنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية.
- المشاركة في الملتقيات الدولية.
- الإشراف على كل عمل يرمي إلى إعداد سياسات وتدابير تتعلق بتسيير الاندماج الاجتماعي والتربوي والثقافي للمهاجرين واللاجئين وأفراد أسرهم وذلك بالتنسيق مع مختلف القطاعات، والهيئات الحكومية المعنية.
- المساهمة في إعداد مشاريع النصوص التشريعية والتنظيمية.
- المساهمة في كل عمل، يرمي إلى ضمان احترام حقوق وواجبات المهاجرين واللاجئين وأفراد أسرهم.
فالمغرب ووعيا منه بحقوق الإنسان، وتبعا لتوجيهات صاحب الجلالة محمد السادس يقوم بعدة تدابير، استجابة لحاجيات ومتطلبات اللاجئين وأسرهم، وذلك لتأمين حقوقهم وحرياتهم، وتجدر الإشارة إلى أن هذه الوزارة كانت مكلفة بإعداد قانون اللجوء 27.14 ،وذلك لأنه يشكل مجال اهتمامها ،من ارتباط وثيق بجريمة الاتجار بالبشر، خاصة للأوضاع المتعلقة باللجوء التي شهدها المغرب.
إن الوزارة المكلفة بالهجرة وشؤون اللاجئين ،عليها عبء كبير في مجال مكافحة الاتجار بالبشر، من خلال التحسيس والتوعية بمخاطر الجريمة ومحاولة التعريف بآليات الرصد الموجودة، والتشجيع على التبليغ عن الجريمة، وضحاياها ،كما لها دور كبير في التنسيق مع السفارات المغربية بالخارج، بالإضافة إلى التعاون الدولي مع المنظمات الدولية الرائدة، في مجال المكافحة، وكذا مع البلدان الأخرى التي يتقاسم معها المغرب مخاطر الجريمة كأوروبا وأفريقيا ،وكل هذه المجهودات في سبيل حماية الأطفال اللاجئين وأسرهم وأيضا حماية كافة المواطنين.
خاتمة :
يلاحظ مما سبق ، أن مسؤولية حماية الطفل الضحية بصفة عامة هي مسؤولية تشريعية، فمتى وجدت منظومة قانونية متكاملة كافية لحماية الطفل، إلا وفسح المجال لبقية المستويات للتدخل لوضع هذه القوانين موضع التطبيق وتنزيلها إلى أرض الوقع لتحقيق حماية الطفل من الخطر الذي يهدده.
وهذه الحماية تتطلب جملة من الضمانات القانونية، والمؤسسات الكفيلة بحماية الطفل، خصوصا في ظل التغيرات السريعة التي يعيشها مجتمعنا اليوم ،سواء من الناحية الاجتماعية أو الاقتصادية أو التكنولوجية في العالم، حيث حدثت تطورات موازية للخطر الإجرامي، الذي يتربص بالطفل، وأي خطر أكثر من تهديد الطفل، في سلامته الجسدية والأخلاقية.
لذا حاول المشرع المغربي التنصيص على مجموعة من العقوبات في القانون الجنائي إلا أن هذه النصوص لا زالت تحتاج إلى العديد من التعديلات حتى تلائم التطور الكمي والنوعي لهذه الجرائم من جانب آخر.
لائحة المراجع :
الكتب بالعربية
- عبد الهادي هشام محمد: الاتجار بالبشر بين الفقه والقانون الوضعي، دار الفكر الجامعي، دون ذكر طبعة، 2014، القاهرة – مصر
- محمد شناوي، إستراتيجية مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى – القاهرة، 2014
- عبد الواحد العلمي، شرح في القانون الجنائي المغربي – القسم العام ، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية مغرب، 2009
- – دهام أكرم عمر، جريمة الاتجار بالبشر – دارسة مقارنة، مطابع الشتات، دون ذكر الطبعة، 2011، مصر
- علي رسن الدراجي، نظرية الظروف المشددة في الجريمة دراسة مقارنة، مكتبة زين المتوقية والأدبية، الطبعة الأولى، لبنان، 2017
- إيهاب عبد المطلب وسمير الصبحي، الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح القانون الجنائي المغربي في ضوء الفقه وأحكام المجلس الأعلى المغربي ومحكمة النقض المصرية، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب صوماديل، الطبعة الأولى، المجلد الثالث، 2009 -2010
- هاني عيسوي السبكي، الاتجار بالبشر – دارسة وفق الشريعة الإسلامية وبعض القواعد القانونية الدولية والوطنية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014
- هيذر مونتجمري، الاتجار بالنساء والأطفال، مكافحة تجارة الجنس غير المشروعة، مركز دراسات اللاجئين، دون ذكر الطبعة، 2005
- – إيناس محمد البهجي، جرائم الاتجار بالبشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، القاهرة، سنة 2013
- – جهاد محمد البريزات، الجريمة المنظمة – دراسة تحليلية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان، 2008،
- عبد القادر الشيخلي، جرائم الاتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية وعقوبتها في الشريعة والقوانين العربية والقانون الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية، 2009، لبنان
- حامد سيد محمد حامد، الاتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين الأسباب، التداعيات، الرؤى الإستراتيجية، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، القاهرة 2016
- محمد منصور الصاوي، أحكام القانون الدولي في مجال الجرائم الدولية للمخدرات، دار المطبوعات الجامعية، دون طبعة، مصر، دون سنة
- عادل عكروم، المنظمات الدولية للشرطة الجنائية والجريمة المنظمة كآلية لمكافحة الجريمة المنظمة، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، دون طبعة، الإسكندرية، مصر
- محمد الحسني، دور الشرطة القضائية في تفعيل السياسة الجنائية، مطبعة الأمنية، 2018، الرباط،
المقالات و الندوات
- – فتيحة محمد قوراري، المواجهة الجنائية لجرائم الاتجار بالبشر، دراسة مقارنة في القانون الإماراتي المقارن، مجلة الشريعة والقانون، العدد 44، سنة 2009
- محمد أحمد النونة المخلافي، الأحكام الجنائية لجرائم الاتجار بالبشر، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 12، المجلة 15، سنة 2018
- رامي متولي القاضي، جريمة الاتجار بالبشر في القانون الإماراتي، مجلة جامعة الشارقة، العدد 1، المجلد 12، سنة 2015
- – محمد بوزوبع، شرح قانون المسطرة الجنائية – الجزء الثالث، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية الشروح والدلائل، المملكة المغربية وزارة العدل، العدد 8، يونيو 2007
- أنس سعدون، تجربة خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمغرب – الحصيلة والآفاق -، المجلة المغربية لنادي قضاة المغرب، العدد الخامس، الدار البيضاء، 2017
- زكية عومري، حماية ضحايا الاتجار بالبشر على ضوء القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، العدد 4 و5، دجنبر 2017
- عدنان العوني، مظاهر التعاون الجنائي الدولي، المنازعات الجنائية على ضوء المستجدات التشريعية والاجتهادات القضائية، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء الجنائي، مطبعة الأمنية، العدد الأول، الرباط، 2015
- زهرة الهياض، مكافحة الاتجار بالأعضاء والأنسجة البشرية على ضوء القانون الدولي، ندوة وطنية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس في موضوع الجرائم المنظمة العابرة للحدود التحديات وآليات المواجهة، يوم 27 أبريل 2017.
المراجع باللغة الأجنبية
- Traité des femmes et des enfants en Maroc, Ministère de la justice et des libertés – ON femme, 2015
- Ahmed Fathi SOUROUR, Discours inaugural, Revue international de droit pénal, n° 7, 1998
- Alain Rodier, Le trafic d’être humains, centre Français de recherche sur le renseignement note d’actualité, n° 275, 212
- Plan d’action lutte contre la traite des êtres humains 2014-2016 en France, Ministère droits des femmes de ville et de la jeunesse et des sports, 2013
- Khachani Mohamed, les marocaines d’ailleurs : la question migratoire à l’épreuve partenariat Euro-marocaine, imprimerie El karama 2004
القوانين و المراسيم:
- القانون الجنائي المغربي
- القانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر الصادر في 25 أغسطس 2016
- القانون الاتحادي المصري رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، المعدل بالقانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2015
المواقع الالكترونية:
- https://dw.com
- https://news.un.org
- – https://docstore.ohchr.org
- https://www.d.shop.com
- – https://www.cg.gov.ma
- https://didh.gov.ma
- https://nccpimandtip.gov.eg
- https://marocainsdumonde.gov.ma
الهوامش:
(=) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.
[1] – هاني فتحي جورحي: بحث عن جريمة الاتجار بالبشر والجهود المصرية لمكافحتها والقضاء عليها، ندور إقليمية يتضمنها برنامج الأمم المتحدة الإنمائي حول الجرائم المنظمة والعابرة للحدود، القاهرة، 28 – 29 مارس 2017، ص 6.
[2] – Traité des femmes et des enfants en Maroc, Ministère de la justice et des libertés – ON femme, 2015, P 11.
[3] – عبد الهادي هشام محمد: الاتجار بالبشر بين الفقه والقانون الوضعي، دار الفكر الجامعي، دون ذكر طبعة، 2014، القاهرة – مصر، ص 46.
[4] – الفصل 1-448 من قانون 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر الصادر في 25 أغسطس 2016.
[5] – فتيحة محمد قوراري، المواجهة الجنائية لجرائم الاتجار بالبشر، دراسة مقارنة في القانون الإماراتي المقارن، مجلة الشريعة والقانون، العدد 44، سنة 2009، ص 193.
[6] – محمد شناوي، إستراتيجية مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى – القاهرة، 2014، ص 74.
[7] – محمد أحمد النونة المخلافي، الأحكام الجنائية لجرائم الاتجار بالبشر، مجلة الأندلس للعلوم الإنسانية والاجتماعية، العدد 12، المجلة 15، سنة 2018، ص 107.
[8] – عبد الواحد العلمي، شرح في القانون الجنائي المغربي – القسم العام ، مطبعة النجاح الجديدة، الطبعة الثانية مغرب، 2009، ص 201.
[9] – دهام أكرم عمر، جريمة الاتجار بالبشر – دارسة مقارنة، مطابع الشتات، دون ذكر الطبعة، 2011، مصر، ص 115.
[10] – رامي متولي القاضي، جريمة الاتجار بالبشر في القانون الإماراتي، مجلة جامعة الشارقة، العدد 1، المجلد 12، سنة 2015، ص 32.
[11] – المادة 2 من القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر.
[12] – المادة 3 من قانون منع الاتجار بالبشر الأردني رقم 9 لسنة 2009.
[13] – علي رسن الدراجي، نظرية الظروف المشددة في الجريمة دراسة مقارنة، مكتبة زين المتوقية والأدبية، الطبعة الأولى، لبنان، 2017، ص 19.
[14] – الفقرة الرابعة من الفصل 448.3 من قانون مكافحة الاتجار بالبشر 27.14.
[15] – محمد بوزوبع، شرح قانون المسطرة الجنائية – الجزء الثالث، منشورات جمعية نشر المعلومة القانونية والقضائية الشروح والدلائل، المملكة المغربية وزارة العدل، العدد 8، يونيو 2007، ص 131.
[16] – إيهاب عبد المطلب وسمير الصبحي، الموسوعة الجنائية الحديثة في شرح القانون الجنائي المغربي في ضوء الفقه وأحكام المجلس الأعلى المغربي ومحكمة النقض المصرية، الشركة المغربية لتوزيع الكتاب صوماديل، الطبعة الأولى، المجلد الثالث، 2009 -2010، ص 657 – 658.
[17] – أنس سعدون، تجربة خلايا التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف بالمغرب – الحصيلة والآفاق -، المجلة المغربية لنادي قضاة المغرب، العدد الخامس، الدار البيضاء، 2017، ص 115.
[18] – https://dw.com تاريخ الاطلاع 23/01/2022
[19] – زكية عومري، حماية ضحايا الاتجار بالبشر على ضوء القانون رقم 27.14 المتعلق بمكافحة الاتجار بالبشر، المجلة المغربية للقانون الجنائي والعلوم الجنائية، العدد 4 و5، دجنبر 2017، ص 30.
[20] – هاني عيسوي السبكي، الاتجار بالبشر – دارسة وفق الشريعة الإسلامية وبعض القواعد القانونية الدولية والوطنية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، القاهرة، 2014، ص 109.
[21] – هيذر مونتجمري، الاتجار بالنساء والأطفال، مكافحة تجارة الجنس غير المشروعة، مركز دراسات اللاجئين، دون ذكر الطبعة، 2005، ص 34.
[22] – إيناس محمد البهجي، جرائم الاتجار بالبشر، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، القاهرة، سنة 2013، ص 81.
[23] – Ahmed Fathi SOUROUR, Discours inaugural, Revue international de droit pénal, n° 7, 1998, P 12.
[24] – هاني عيسوي السبكي، مرجع سابق، ص 107.
[25]– Alain Rodier, Le trafic d’être humains, centre Français de recherche sur le renseignement note d’actualité, n° 275, 212, P 2.
[26] – عدنان العوني، مظاهر التعاون الجنائي الدولي، المنازعات الجنائية على ضوء المستجدات التشريعية والاجتهادات القضائية، منشورات مجلة العلوم القانونية، سلسلة فقه القضاء الجنائي، مطبعة الأمنية، العدد الأول، الرباط، 2015، ص 103.
[27] – جهاد محمد البريزات، الجريمة المنظمة – دراسة تحليلية، دار الثقافة للنشر والتوزيع، الطبعة الأولى، عمان، 2008، ص 80.
[28] – عبد القادر الشيخلي، جرائم الاتجار بالأشخاص والأعضاء البشرية وعقوبتها في الشريعة والقوانين العربية والقانون الدولي، منشورات الحلبي الحقوقية، 2009، لبنان، ص 39.
[29] – زهرة الهياض، مكافحة الاتجار بالأعضاء والأنسجة البشرية على ضوء القانون الدولي، ندوة وطنية بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية مكناس في موضوع الجرائم المنظمة العابرة للحدود التحديات وآليات المواجهة، يوم 27 أبريل 2017.
[30] – حامد سيد محمد حامد، الاتجار في البشر كجريمة منظمة عابرة للحدود بين الأسباب، التداعيات، الرؤى الإستراتيجية، المركز القومي للإصدارات القانونية، الطبعة الأولى، القاهرة 2016، ص 87.
[31] – https://news.un.org تاريخ الاطلاع 2022/01/23
[32] – https://docstore.ohchr.org تاريخ الاطلاع 2022/01/23
[33] – محمد منصور الصاوي، أحكام القانون الدولي في مجال الجرائم الدولية للمخدرات، دار المطبوعات الجامعية، دون طبعة، مصر، دون سنة، ص 647.
[34] – علاء الدين شحاتة، التعاون الدولي في مكافحة الجريمة، إتراك للنشر والتوزيع، دون طبعة، القاهرة 2002، ص 175.
[35] – عادل عكروم، المنظمات الدولية للشرطة الجنائية والجريمة المنظمة كآلية لمكافحة الجريمة المنظمة، دراسة مقارنة، دار الجامعة الجديدة، دون طبعة، الإسكندرية، مصر، 2013، ص 138.
[36] – https://www.d.shop.com تاريخ الاطلاع 23/01/2022
[37] – https://www.cg.gov.ma تاريخ الاطلاع 23/01/2022
[38] – https://didh.gov.ma تاريخ الاطلاع 23/01/2022
[39] – Plan d’action lutte contre la traite des êtres humains 2014-2016 en France, Ministère droits des femmes de ville et de la jeunesse et des sports, 2013, P 3.
[40] – القانون الاتحادي المصري رقم 51 لسنة 2006 في شأن مكافحة جرائم الاتجار بالبشر، المعدل بالقانون الاتحادي رقم (1) لسنة 2015.
[41] – https://nccpimandtip.gov.eg تاريخ الاطلاع 23/01/2022
[42] – المادة 14 من مرسوم رقم 2.97.176 صادر في 14 من شعبان 1418/ 15 ديسمبر 1997.
[43] – محمد الحسني، دور الشرطة القضائية في تفعيل السياسة الجنائية، مطبعة الأمنية، 2018، الرباط، ص 154.
[44] – Khachani Mohamed, les marocaines d’ailleurs : la question migratoire à l’épreuve partenariat Euro-marocaine, imprimerie El karama 2004, P 115.
[45] – https://marocainsdumonde.gov.ma تاريخ الاطلاع 23/01/2022