كربوعة زكرياء : تــــــأمين المنشآت الرياضية و الالتزام بضمان مبدأ السلامة في التشريع الجزائري
- من إعداد : كربوعة زكرياء مستشار في التسيير و الإدارة الرياضية و باحث في العلوم القانونية و الإدارية بالجزائر.
ملخص البحث:
يعد تأمين المنشآت الرياضية أحد العناصر الأساسية في استمرار قيام المنشأة بالمهام الموكلة إليها، والمحافظة عليها باعتبارها تدخل ضمن الأملاك الوطنية العمومية للدولة، لذا وجب الوقوف على ماهية هذه المنشآت والأخطار التي قد تتعرض لها لمعرفة الإجراءات المناسبة والحلول الرئيسية لمجابهتها.
إن تأمين المنشآت الرياضية يعتمد على أسس وقواعد عديدة و متنوعة تقوم أساسا على نوع وخصائص المنشأة في حد ذاتها من جهة، و على الظروف العادية و الغير عادية التي تسود سير عملها من جهة أخرى دون إغفال الجانب البشري الذي يعتبر كفاعل ايجابي وفعال يدخل ضمن المكونات الأساسية لهذه المنشآت من حيث مراعاة و تطبيق الفعلي لالتزام مبدأ السلامة و الأمن.
يعد الالتزام بمبدأ ضمان السلامة و الأمن داخل المنشأة الرياضية ، التي فرضها المشرع الجزائري أولوية قصوى في نظر القانون لمجابهة الأخطار التي قد تصيب المنشأة الرياضية و مستغليها ، كما أن الالتزام بهذا المبدأ من شأنه حفظ الحقوق المترتبة على الأضرار التي قد تقع مستقبلا.
- تمهيد :
تعتبر المنشآت الرياضية العنصر الأساسي لكل سعي للتطور الرياضي، إذ أنها تعتبر القاعدة المادية التي بدونها لا يمكن القيام بأي سعي لتعميم و توسيع الممارسة الرياضية، لهذا عكفت الدولة الجزائرية على إعطاء الأولوية و الأهمية لهذه المنشآت الرياضية، و هذا سعيا منها نحو تطوير الممارسة الرياضية لدى مختلف الفئات العمرية في المجتمع بصورة عامة، و استغلال هذه المنشآت استغلالا مثمرا و فعالا بصورة خاصة، عن طريق بعث الممارسة التنافسية من خلال احتضان و تنظيم التظاهرات و المنافسات الرياضية بشتى أنواعها و توفير الأجهزة و الوسائل الرياضية و المستلزمات الأساسية و هذا طبعا حرصا منها على تقديم أفضل و أحسن خدمة ممكنة.
وباعتبار المنشآت الرياضية من ملاعب و مساحات للعب و مرافق رياضية من جهة، والأجهزة و الوسائل المادية من جهة أخرى هي العمود الفقري للنشاط الرياضي، وجب إحاطتها بالاهتمام و الرعاية من خلال المحافظة عليها من كل فعل أو عمل تخريبي يعرضها للتلف، وفي هذا الصدد لا يمكن إغفال أن هذه المنشآت الرياضية بصفة عامة تدخل ضمن الأملاك الوطنية و العمومية أي أن ملكيتها تعود إلى الدولة و الجماعات المحلية، فقد عمدت الدولة من خلال قوانين الجمهورية على التعريف بها و ذكر خصائصها الفنية و التقنية التي تتميز بها مع التركيز على حمايتها.
تتمثل هذه العناية في احترام القوانين الخاصة بالأمن و الوقاية، تجسيدا للالتزام القانوني المتمثل في مبدأ ضمان السلامة، فقد ألزم القانون مستغلي هذه الأملاك العمومية (العقارية و المنقولة) و المنشآت من دولة أو جماعات محلية باعتبارهم أصحاب الملكية ، و الخواص الخاضعين للقانون الخاص، أو أصحاب الامتياز باعتبارهم مستغليين ثانويين من اكتتاب تأمينات خاصة تغطي المخاطر و الأضرار التي قد تلحق بالملكية و الممارسين على حد سواء.
الكلمات المفتاح :
- المنشآت الرياضية
- نمط تسيير المنشآت الرياضية
- المخاطر و الأضرار المحدقة بالمنشآت الرياضية
- التـأمين و تأمين المنشآت الرياضية
- المسؤولية القانونية في مجال تأمين المنشآت الرياضية
أولا : المنشآت الرياضية
1-تعريف المنشآت الرياضية :
اصطلاحا : المنشآت الرياضية عبارة عن مؤسسات ينشئها المجتمع لخدمة القطاع الرياضي من كافة جوانبه، بحيث يكون لها هيكل تنظيمي يتفق مع حجم هذه المؤسسة و أهدافها، بما يعود بالنفع لخدمة ذلك المجتمع متماشيا مع أهدافه، بحيث يعتمد تسيير نشاطات الرياضية و تطويرها على هذه المؤسسات(المنشآت الرياضية) و الإمكانات المتوفرة بها ( نايت إبراهيم محمد، آليات تمويل المنشآت الرياضية و المتابعة المالية لها، مذكرة ماجستير تخصص إدارة و تسيير رياضي، سيدي عبد الله، ص 13، الجزائر،2011/2012 ).
قانــونا : باعتبار الدولة هي صاحبة الملكية العامة لمختلف المنشآت الرياضية و الهياكل و المرافق الخاصة بالرياضة، فقد أولت أهمية بالغة لها من خلال التعريف بها في مختلف القوانين وفي هذا الصدد نجد:
- الأمر رقم 95-24 الموافق 25 سبتمبر سنة1995المتعلق بحماية الأملاك العمومية و امن الأشخاص[1] فيها، حيث عرفت المادة 02 : المنشآت الرياضية على أنها أملاك عمومية في مفهوم هذا الأمر، المنشآت الأساسية و التركيبات و المنشآت الكبرى و الوسائل و الممتلكات العمومية المنقولة و العقارية التي تستغل في إطار الأنشطة الإدارية و الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و التربوية و الرياضية و البدنية.
المادة03 من نفس الأمر تنص على انه ووفقا ما جاءت على ذكره المادة 02 أعلاه، مهما كان النظام القانوني الذي يحكمها أي المنشآت الرياضية تعتبر وحدات وظيفية متجانسة، وتدعى في صلب النص’مؤسسة’ وعليه و باعتبار هذه المنشآت تخضع لقواعد القانون العام تنشأ و تسير عن طريق الدولة و الجماعات المحلية، بإضافة إلى أن من مميزاتها التجانس الوظيفي كما سنبينه لاحقا.
- المرسوم التنفيذي رقم91-416 الموافق2 نوفمبر سنة1991 المحدد لشروط إحداث المنشآت الرياضية و استغلالها[2]: المادة01:تعتبر منشأة رياضية بمفهوم هذا المرسوم كل منشأة مفتوحة للجمهور و معدة للممارسات البدنية و الرياضية.
- القرار المؤرخ في 26 يناير سنة 1997المحدد لدفتر الأعباء المتضمن الشروط العامة لإنشاء المنشآت الرياضية و استغلالها[3]، حيث ذكر في الملحق من خلال النص في الباب الأول، الأحكام عامة في مادته الثانية على :انه تعتبر منشآت رياضية بمفهوم المرسوم التنفيذي رقم91-416 السابق الذكر أعلاه : كل منشأة مفتوحة للجمهور و معدة خصيصا للممارسات البدنية و الرياضية و/أو الترفيهية.
- القرار وزاري مشترك مؤرخ في 6 أكتوبر سنة 1999 المحدد لنموذج دفتر الشروط الذي يحدد الشروط الخاصة باستغلال المنشآت الرياضية العمومية عن طريق الامتياز[4]، في مادته الثانية من خلال الملحق على انه تعرف المنشأة من خلال تحديد مشتملات و مكونات المنشأة الرياضية حيث أقرت مايلي: تشتمل عناصر المنشأة أو المنشآت الرياضية المستغلة عن طريق الامتياز على مايلي:
– التسمية.
– العتاد والأشياء المنقولة المستخدمة في الاستغلال و في العمليات المتصلة بصفة مباشرة او غير مباشرة بالموضوع الرئيسي.
– حق الانتفاع من المحلات التي تستغل فيها المنشآت.
– المرسوم تنفيذي رقم 09-184 الموافق12 مايو سنة 2009 المحدد لإجراءات و المقاييس الخاصة بالمصادقة التقنية و الأمنية على المنشآت القاعدية الرياضية المفتوحة للجمهور و كذا كيفيات تطبيقها[5]، حيث عرفت المادة الثانية المنشأة القاعدية الرياضية بأنها: مجمل الفضاءات و الهياكل و الوحدات و الملاحق المكونة للمنشأة القاعدية الرياضية.
أما المادة 5 من نفس المرسوم فجاءت أكثر توضيحا حيث اعتبرت المنشأة القاعدية الرياضية و الموجهة لاحتضان التظاهرات و المنافسات الرياضية، هي المنشأة التي تكون مطابقة للترتيبات و المقاييس التقنية للبناء وتامين المخارج و المداخل.
واحترام مقاييس الأمن الضرورية بحكم تصميم المنشأة القاعدية و الاستعمال المخصص لها و الاختصاص أو الاختصاصات الممارسة و محيطها و دراسة الأثر عند الاقتضاء،طبقا للتشريع و التنظيم المعمول بهما.
– قانون رقم 13-05 مؤرخ في23 يوليو2013 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها[6]، وباستقراء نص المادة 151 فانه تعتبر منشأة رياضية إذا ما تم إنشائها وفقا للمواصفات التقنية.
2- أنواع المنشآت الرياضية :
تختلف المنشآت الرياضية عن بعضها البعض باختلاف أشكالها و مكوناتها و الغرض الذي أحدثت من اجله، بالإضافة إلى نوعية النشاطات الرياضية الممارسة إلى أنواع عدة أهمها:
- حسب المنشأ: أو المنجز أي الجهة التي قامت بانجاز هذه المنشأة وتصنف بدورها إلى: المنشآت الرياضية القطاعية، أي أن الجهة المنجزة و المنشأة لهذه الفئة من المنشآت هي الوزارة الوصية على قطاع الرياضة سواء كانت مركزية أو غير مركزية.
- حسب مستوى الممارسة: أي أن المنشأة تتواجد و تنجز بناءا على مستوى الممارسة الرياضية فنجد المنشأة الرياضية التنافسية أي انه يستوجب في هذا النوع من المنشآت تتوافر و تتطابق مع المتطلبات و معايير الوطنية و الدولية الخاصة التقنية منها و الأمنية و النظافة، المنشآت الرياضية المخصصة و الموجهة للتربية البدنية سواء المدرسية منها أو الجامعية، و أخيرا المنشآت الرياضية الجوارية والترفيهية
- حسب الاختصاص الممارس: ويمكن تصنيف هذا النوع من المنشآت بناءًا على نوعية الاختصاص و النشاط الرياضي الممارس.
وتعتبر هذه التقسيمات السالفة الذكر أعلاه تقسيمات عامة مأخوذ بها في غالبية الدول، لكن و بمراعاة السياسة الرياضية الوطنية للجزائر في قطاع الرياضة، فيما يخص مجال المنشآت الرياضية فان الدولة من خلال الوزارة الوصية على قطاع الرياضة قد قسمت هذه المنشآت الرياضية إلى أربعة أنواع أساسية و هي كتالي:
- المنشآت الرياضية المخصصة للأحداث الرياضية الكبرى
- المنشآت الرياضية الجماهرية
- المنشآت الرياضية الخاصة الطبيعية
- المنشآت الرياضية المساندة
3 – خصائص المنشأة العمومية :
تتميز هذه المنشآت العمومية بمجموعة من الخصائص أهمها:
- غير قابلة للتقادم.
- غير قابلة للحجز.
- غير قابلة للتنازل.
4 – المبادئ و الشروط الواجب مراعاتها في المنشآت الرياضية :
تتميز المنشآت الرياضية بوجوب مراعاة مجموعة من المبادئ و الشروط، تجعل منها تتميز عن باقي المنشآت و الهياكل الأخرى، و يمكن ذكرها على سبيل المثال لا الحصر و هي كالآتي:
– الموقع الجغرافي و حسن الاختيار.
– التجانس الوظيفي لمختلف المرافق و الوحدات.
– العزل عن العوامل غير مرغوب فيها.
– عوامل السلامة و الأمن و النظافة.
– الصحة العامة.
– سهولة الإشراف و الاتصال.
– الاستغلال الأمثل.
– الناحية الجمالية و الفنية.
– الناحية الاقتصادية.
– الصيانة.
– إمكانية التوسع المستقبلي و التوقع.
ثانيا: نمط تسيير المنشآت الرياضية
تهتم الدولة عن قرب بنشاط المنشآت العمومية و تسعى إلى وضع القواعد التي من شانها التوفيق بين ما يلزم من حرية لتمكين منشآتها من التصرف في شؤونها على الوجه الأفضل و ما يلزم من رقابة للحفاظ على الأموال العمومية و المصلحة العامة[7].
وباعتبار هذه المنشآت العمومية مرافق عمومية في الغالب فانه من الطبيعي أن تختلف تبعا لذلك طرق تسييرها، وتراعي الإدارة العمومية عندما تختار طريقة تسيير المرافق العمومية اعتبارات سياسية و اقتصادية و اجتماعية، فكل نوع من المرافق العمومية تناسبه طريقة تسيير ربما لا تناسب الأنواع الأخرى، ولهذه الأسباب و الاعتبارات تعددت طرق إدارة المنشآت العمومية، لاسيما من حيث درجة تدخل الدولة.
فمن الطرق ما يتطلب هيمنة كاملة للدولة في إدارتها، كما هو الحال في طريقة الاستغلال المباشر، ومنها ما تقل فيه درجة تدخل الدولة، فتعهد إدارتها إلى أشخاص خاصة و تكتفي الدولة برقابتها و إشرافها على تسييرها، وتسمى هذه الطريقة بأسلوب الامتياز، وهناك طرق أخرى تتفاوت فيها مدى رقابة الدولة مثل طريقة المؤسسة العمومية، ولكن فمهما كانت الطريقة المتبعة، فإنها لا تؤثر على طبيعة المرفق العمومي، كما أن رقابة الدولة تبقى دائما موجودة فقط إن مداها يختلف باختلاف طرق التسيير المتبعة.
ويمكن حصر الطرق المستعملة لتسيير المنشآت الرياضية العمومية في الجزائر، باعتبارها تمثل مرافق عمومية، من الاستقلال إلى يومنا هذا، إلى مايلي:
- طريقة الاستغلال المباشر la régie
- طريقة المؤسسة العمومية l’établissement public
- طريقة الامتياز la concession
- طريقة الإيجار l’affermage
1 – أسلوب الإدارة المباشرة la régie:
يقصد بهذا الأسلوب أن المجموعات العمومية الإقليمية أي الدولة و الجماعات الإقليمية، هي التي تتولى مباشرة إدارة المرفق العمومي الذي أنشأته.
و تجدر الإشارة أن الميزة الأساسية في أسلوب الإدارة المباشرة في مختلف أشكاله، أن المرفق العمومي ضمن هذا الأسلوب لا يتمتع بالشخصية المعنوية.
ويمكن أن يتخذ أسلوب الإدارة المباشر ثلاث أشكال:
أ / الاستغلال المباشر la régie directe :
وهو الشكل العادي لتسيير المرفق العمومي، فالإدارة نفسها التي تقوم بتشغيله بواسطة أعوانها و أموالها، وتخضع في هذا للقواعد المقررة في الميزانية العمومية و مستعملة في ذلك أساليب القانون العام لا سيما ما تعلق منها بامتيازات السلطة العمومية، وفي هذا الإطار، فان القانون الإداري يطبق بصفة كلية.
إن أسلوب الإدارة المباشرة يتبع عادة في إدارة المرافق العمومية التقليدية أي الإدارية، ويدخل في هذا التنظيم الإدارة المركزية للوزارات كالوزارة الوصية على قطاع الشباب و الرياضة مثلا، و الإدارات والجماعات المحلية و مصالحها كالمنشآت الرياضية القاعدية التابعة لقطاع الشباب و الرياضة كالمركبات الرياضية الجوارية، كما يطبق هذا على ما يسمى بالمصالح الخارجة الموجودة على المستوى الولائي كمديرية الشباب و الرياضة و المنشآت الرياضية العمومية التابعة لمصالحها.
ب / أسلوب الإدارة المباشر بتسيير مشخص la régie autonome ou régie indirecte:
يتمثل في تسيير مرفق عمومي، بحيث أن المجموعة الإقليمية الوطنية أو المحلية التي أنشأته هي التي تقوم بتعيين عون عمومي يقوم بتسيير هذا المرفق، دون أن تمنح له الاستقلالية المالية، ولكن تكون له محاسبة مشخصة حتى يتمكن من الاطلاع على محتوى المداخيل و المصاريف.
ج / مشاطرة الاستغلال المباشر la régie intéressée:
وهو أسلوب تقوم فيه الإدارة بتسيير المرفق العمومي ولكن بصفة غير مباشرة، بحيث يكلف شخص طبيعي أو معنوي لحساب الشخص العمومي بالسهر على هذا التسيير، وهذا الشخص القائم بالإدارة يشاطر السلطة العمومية التي أنشأت المرفق العمومي النتائج المالية المترتبة عن استغلال المرفق العمومي من خلال حصوله على رسم يحدد حسب نوعية التسيير للمرفق العمومي، وليس وفقا للأرباح التي تذهب إلى صاحب المرفق، على أن تتحمل الإدارة المخاطر المالية للنشاط.
تجدر الإشارة، أن هذا النوع من الاستغلال المباشر قليل الاستعمال في الجزائر خاصة في قطاع الشباب و الرياضة، والملاحظ انه يقترب نوعا ما من أسلوب الامتياز، فهو في مركز وسط بين الاستغلال المباشر و نظام الامتياز.
2 – المؤسسة العمومية l’établissement public :
المؤسسة العمومية هي شخص معنوي، الهدف من إنشائها هو التسيير المستقل لمرافق عمومية تابعة للدولة أو الجماعات المحلية.
فإلى جانب الدولة و الجماعات المحلية، فان تسيير المرافق العمومية قد يعهد إلى أشخاص عمومية أخرى و التي أطلق عليها اسم المؤسسة العمومية، فتقوم بنشاط متخصص تعتبر فيه كأداة للامركزية المرفقية، فأسلوب المؤسسة هو الذي يستعمل إذا ما تبين أن المرفق العمومي ما يكون تسييره أحسن إذا أصبح مشخص و منحت له استقلالية القانونية و الإدارية و المالية، بمعنى آخر إذا منحت له الشخصية المعنوية، تعتبر الخاصية المميزة لأسلوب المؤسسة العمومية مقارنة بالأساليب التقليدية أي أسلوب الاستغلال المباشر و أسلوب الامتياز، وهذا على الصعيد القانوني و المالي و الإداري.
- أنواع المؤسسات العمومية:
يتضح مما سبق ذكره، و وفقا لما جاء في قانون رقم 88-01 الموافق 12 يناير1988 المتضمن للقانون التوجيهي للمؤسسات العمومية الاقتصادية[8] في الباب الثالث، الفصل الأول الهيئات العمومية أن المؤسسات العمومية تنقسم إلى نوعين: المؤسسة العمومية الإدارية، والمؤسسة العمومية الصناعية و التجارية.
أ – المؤسسة العمومية الإدارية L’établissement public administratif(EPA):
المؤسسات العمومية الإدارية هي مؤسسات التي تمارس نشاطا ذا طبيعة إدارية محضة، و تتخذها الدولة و الجماعات المحلية كوسيلة لإدارة مرافقها العمومية الإدارية، وتتمتع المؤسسة العمومية بالشخصية المعنوية و تخضع في أنشطتها لأحكام القانون العام، و يخولها القانون جملة من الامتيازات و من أهمها امتيازات السلطة العمومية و منها اتخاذ القرارات الإدارية، كما تعتبر أموالا عمومية و عمالها موظفين عموميين، وهو ما نصت عليه المادة 43 من القانون سالف الذكر 88-01.
و هو الأمر المعمول به، في قطاع الرياضة من خلال قيام الوزارة الوصية باستحداث أجهزة و مصالح غير ممركزة في شكل مؤسسات وهيئات عمومية ذات طابع إداري، توكل لها مهام تنظيم و تسيير المنشآت العمومية الرياضية، حيث نص المرسوم تنفيذي رقم 05-492 الموافق22 ديسمبر2005 المتضمن القانون الأساسي لدواوين المركبات المتعددة الرياضات[9]، المادة 02 منه على: دواوين المركبات المتعددة الرياضات للولايات التي تدعى في صلب النص « دواوين » مؤسسات عمومية ذات طابع إداري تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي. وتضع تحت وصاية الوزير المكلف بالرياضة. المادة 03: يكون مركز كل ديوان في مقر الولاية.
أما قانون رقم 13-05 الموافق 23 يوليو 2013 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها، فنص في مادته 151 على انه تسهر الدولة و الجماعات المحلية على صيانة الممتلكات المنشآتية الرياضية العمومية و تثمينها وظيفيا و جعلها مطابقة للمواصفات التقنية عن طريق منح إعانات في شكل خدمة عمومية لفائدة المؤسسات المكلفة بتسيير هذه الممتلكات، وهي تلكم المؤسسات السالفة الذكر المتمثلة في الدواوين.
ب – المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية (l’établissement public industrie et commercial(EPIC
يمكن تعريف المؤسسة العمومية الصناعية و التجارية بأنها المرافق التي يكون موضوع نشاطها تجاريا و صناعيا مماثل للنشاط الذي تتولاه الأشخاص الخاصة و تتخذها الدولة و الجماعات المحلية كوسيلة لإدارة مرافقها ذات الطابع الصناعي و التجاري، وهي تخضع في هذا لأحكام القانون العام و القانون الخاص معا كل في نطاق محدد، وقد نصت المادة 44 من قانون88-01 المذكور أعلاه على هذا النوع، وهو ما يستشف من كيفية تسيير المركب الاولمبي محمد بوضياف، المذكور في مرسوم التنفيذي رقم 90-48 الموافق 30 يناير 1990 المتضمن إحداث مكتب المركب الاولمبي[10]، في نص مادته الثانية على أن المركب الاولمبي هو مؤسسة عمومية ذات طابع صناعي و تجاري تتمتع بالشخصية المعنوية و الاستقلال المالي.
3 – الإمتيـــاز :
الامتياز، هو عقد أو اتفاق تكلف الإدارة المانحة سواءاً كانت الدولة أو الجماعات المحلية بموجبه شخصا طبيعيا كان فرداً أو شخصا معنويا من القانون العام أو من القانون الخاص، يسمى صاحب الامتياز بتسيير و استغلال مرفق عمومي لمدة معينة و محددة، ويقوم صاحب الامتياز بإدارة المرفق مستخدما عماله و أمواله ومتحملا المسؤولية الناجمة عن ذلك، وفي مقابل القيام بهذه الخدمة أي تسيير المرفق العمومي، يتقاضى صاحب الامتياز مقابل مالي يحدد في العقد، يدفعه المنتفعين بخدمات المرفق.
وباعتبار المنشآت العمومية الرياضية احد هذه المرافق العمومية، فانه نص قرار وزاري المشترك المؤرخ في 6 أكتوبر سنة 1999 المحدد لنموذج دفتر الشروط و المحدد للشروط الخاصة باستغلال المنشآت الرياضية العمومية عن طريق الامتياز[11]، حيث جاء في الملحق في مادته الأولى على المستفيد من موضوع الامتياز هو الهيئة و/أو المؤسسة المحدثة لهذا الغرض أي الامتياز، كل شخص معنوي خاضع للقانون العام أو الخاص.
4 – الإيــجار :
هو اتفاق يكلف بموجبه شخص عمومي، شخص أخر يسمى المستأجر استغلال مرفق عمومي لمدة معينة مع تقديم إليه المنشآت و الأجهزة، ويقوم المستأجر بتسيير و استغلال المرفق مستخدما عماله و أمواله، وفي مقابل تسيير المرفق العمومي يتقاضى المستأجر مقابل مالي يحدد في العقد يدفعه المنتفعين من المرفق في شكل إتاوة، على أن يدفع المستأجر مساهمة مالية للشخص لاسترجاع مصاريف المنشآت و الأجهزة وهو الأمر المعمول به في المنشآت العمومية الرياضية في بعض المناسبات الخاصة، حيث تخول الوزارة الوصية أشخاصا من القانون العام و الخاص باستغلال هذه المنشآت عن طريق الإيجار.
* التطرق لمسألة النمط الذي تنتهجه الدولة في تسيير مختلف المنشآت العمومية، يسمح بالدرجة الأولى بمعرفة الأسلوب المتبع في التسيير من جهة، و بدرجة أخرى معرفة مدى تدخل الدولة في فرض رقابتها على ملكيتها.
ونتيجة لذلك أصبحت وسائل الرقابة التي تعتمدها الدولة في علاقتها بالمنشآت العمومية تتخذ الوجهان التاليان:
- رقابة تمارس من داخل المنشأة بواسطة مراقب الدولة الذي يمثل المساهم العمومي بمجلس الإدارة و له أن يبدي رأيه و تحفظاته في كل المسائل المتصلة باحترام القوانين و الترتيبات وفي المسائل التي لها انعكاس على الوضع المالي للمؤسسة.
- ورقابة تمارس من الخارج بواسطة سلطة الإشراف ممثلة في شخص الوزير المشرف على القطاع الذي تعود له مهمة المصادقة على عقود البرامج و الميزانيات التقديرية و القوائم المالية و مداولات مجالس المراقبة.
ثالثا: المخاطر و الأضرار المحدقة بالمنشآت الرياضية
تعريف الخطر: يمكن تعريف الخطر بأنه التحقق المادي للفعل المنشئ للخطر، و الذي يترتب عليه حدوث خسارة سواء للشخص أو للشيء المعرض للخطر، و من المنظور المادي في مجال المنشآت العمومية الرياضية فالخطر يقصد به القوة الخارجية الغير عادية المسببة للخسارة.
أما الخسارة فهي قيمة العجز أو الهلاك أو التلف الذي يصيب الشيء المعرض للخطر.
- إن المنشآت العمومية الرياضية، ليست في منأى عن التعرض لمختلف المخاطر و الأضرار، لهذا وجب حصر هذه المخاطر في مسببات اثنين هما: العوامل الطبيعية، العوامل البشرية.
أولا: العوامل الطبيعية
يقصد بها تلكم العوامل التي تحدث بفعل الطبيعة، أي لا دخل لإرادة الإنسان فيها مثل الفيضانات، الحرائق، و العواصف و الزلازل، و الإنفجارات الناتجة عن العوامل الطبيعية غير عادية، لهذا وجب مجابهتها بوضع خطط مسبقة سلفا من خلال حسن اختيار المواقع الجغرافية، إضافة إلى حسن التوقع المستقبلي باتخاذ إجراءات احترازية عن طريق التامين الخاص لهذه المنشآت العمومية الرياضية
ثانيا: العوامل البشرية
و يقصد بها العوامل التي تكون لإرادة الفرد دخلا فيها، من خلال الإتيان بأفعال مادية أو معنوية تهدف للمساس بأمن و سلامة المنشآت العمومية الرياضية من شانها القضاء على هاته المنشآت من الناحية العملية و من أهم هاته العوامل مايلي:
- السرقة: وهي أفعال تعد و تصنف ضمن الأفعال المجرمة قانونا، بحصول الجاني على ممتلكات و أشياء مملوكة للغير(المنشأة).
- الحريق: هو فعل مادي، يأتي به الفاعل بغرض القضاء الفعلي على الممتلكات العقارية و المنقولة بإشعال فتيل النار، مما من شانه تخريب النهائي لهاته المنشآت في حالة عدم السيطرة عليه.
- النشاط الإرهابي: هي مجموع الأفعال المادية التي تصنف ضمن خانة الأفعال الإرهابية من شانها تهديد و تخريب الممتلكات المادية، باستخدام وسائل و أسلحة.
- التخريب: هو أي فعل يعرقل أو يمنع المنشأة من أداء مهامها على أكمل وجه، وهذا باستخدام وسائل مادية من شانها القضاء الفعلي على الممتلكات.
رابعا: التـأمين و تأمين المنشآت الرياضية
أولا: تعريف التأمين
فهو بحسب ما جاء في نص القانون المدني، المادة 619[12]، عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه أن يؤدي إلى المؤمن له أو إلى المستفيد الذي اشترط التامين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا أو أي عوض مالي أخر في حالة وقوع الحادث أو تحقق الخطر المبين بالعقد و ذلك مقابل قسط أو أية دفعة مالية أخرى يؤديها المؤمن له للمؤمن.
أما المادة الثانية من أمر رقم 95-07 الموافق 25 يناير 1995 المتعلق بالتأمينات[13] فتنص على أن التامين في مفهوم المادة 619 من القانون المدني، عقد يلتزم المؤمن بمقتضاه بان يؤدي إلى المؤمن له أو الغير المستفيد الذي اشترط التامين لصالحه مبلغا من المال أو إيرادا أو أي أداء مالي آخر في حالة تحقق الخطر المبين في العقد و ذلك مقابل أقساط أو أية دفوع مالية أخرى
ثانيا: عناصر التأمين
تتحدد عناصر التأمين أو أركانه في ثلاثة:
فهناك الخطر المؤمن منه، وهناك ثانيا القسط المتمثل في المبلغ المالي الذي يدفعه المؤمن له في شكل أقساط من اجل تغطية المخاطر و الأضرار المحدقة بملكيته، وثالثا العوض المالي ) عوض التامين (
من خلال التعاريف السابقة، وبنص المادة 07 من امر95-07 المتعلق بالتأمينات، نجد أن عقد التامين يدخل في خانة العقود القانونية التي تستوجب بالضرورة توافر مايلي:
- وجوب تحرير عقد التامين في شكل رسمي و بحروف واضحة و توقيع الطرفين وتوافر البيانات الإلزامية التالية: – اسم كل من الطرفين المتعاقدين و عنوانهم،
– الشيء أو الشخص المؤمن عليه،
– طبيعة المخاطر المضمونة،
– تاريخ الاكتتاب،
– تاريخ سريان العقد و مدته،
– مبلغ الضمان،
– مبلغ قسط اشتراك التامين.
ثالثا: تأمين المنشآت الرياضية
أولا الالتزام بضمان السلامة في المنشآت العمومية الرياضية :
لقد عرف الفقيه السنهوري الالتزام في كتابه الوسيط بأنه ” هو حالة قانونية يلتزم بمقتضاها شخص معين بنقل حق عيني أو القيام بعمل أو الامتناع “، أما المشرع الجزائري فلم يأتي بتعريف خاص للالتزام و إنما عرفه من خلال تطرقه للعقد، فنصت المادة 54 من القانون المدني الجزائري على أن ” العقد اتفاق يلتزم بموجبه شخص أو عدة أشخاص نحو شخص أو عدة أشخاص آخرين بمنح أو فعل أو عدم فعل شيء ما “.
و يعد الالتزام ببذل عناية من أهم التقسيمات التي جاء بها القانون المدني الجزائري، وهو الالتزام الذي يتعهد فيه المدين ببذل جهد و عناية للوصول إلى غاية أو غرض معين، سواء تحقق هذا الهدف أو لم يتحقق، شريطة أن يتم بذل عناية و جهد الرجل العادي لتحقيق الهدف أو الغاية المنشودة و يكون محور الالتزام محصور في القيام بعمل معين دون سواه، و يصنف الالتزام بالسلامة ضمن هذا النوع من الالتزامات كون انه يرتب على الشخص الملقى على عاتقه أن يلتزم ببذل العناية أو بتوفير الوسيلة التي من شانها أن تحقق الأمان و السلامة للطرف الثاني، و للاجتهاد القضائي الفرنسي الفضل في ظهور هذا النوع من الالتزامات (الالتزام بالسلامة) في بداية القرن العشرين، كون انه يعتبر التزام تعاقدي فرعي ملحق و ضمني ملقى على عاتق أحد الطرفين، و بالنظر لظهور أنواع من العقود و تطور أهميتها في مجالات عديدة خاصة منها على الصعيد الرياضي و ازدياد تأثيرها على السلامة الجسدية للأطراف المتعاقدة و الغير على حد سواء استوجب الأمر إعادة النظر في استعمالات هذا الالتزام لإعادة التوازن العقدي لتوفير الحماية الكافية للأطراف المتعاقدة و الغير.
و قد تم التكريس القانوني لمبدأ ضمان السلامة بشكل صريح خاصة في عقود التامين العامة الخاصة بالمسؤولية القانونية على الأشخاص و الممتلكات العقارية و المنقولة في المجال الرياضي، وهذا من خلال قيام الدولة بفرض قواعد قانونية آمرة تفرض على ملاك المنشآت العمومية الرياضية منها و الخاصة على اكتتاب عقود و اتفاقيات تشمل التامين على مسؤوليتها المدنية، تكفل من خلالها احترام سلامة الآخرين مع توقع الأخطار المحتملة التي يمكن أن تقع لتجنبها آو على الأقل التقليل من تأثيرها.
ثانيا الطبيعة القانونية لالتزام بضمان السلامة في مجال المنشآت العمومية الرياضية:
يمكن اعتبار تأمين المنشآت الرياضية و الممتلكات المادية و المعنوية الوطنية و العمومية، احد الوسائل الأساسية و المهمة في الحفاظ و حماية الملك العام من جهة، و احد القواعد المهمة في ضمان فعالية هاته المنشآت من خلال الاستغلال الأمثل لها من جهة أخرى، بالإضافة إلى كون هذا الإجراء )تامين المنشآت العمومية الرياضية( ، هو تجسيد فعلي لالتزام قانوني المتمثل في ضمان الأمن و السلامة، وقد نصت القوانين الخاصة بقطاع الرياضة و غيرها من القانون العام و الخاص على أهمية هذا النوع من التأمينات و التي تم حصرها في تغطية الأخطار و الأضرار الناجمة عن المسؤولية المدنية. فنجد :
– المادة 164 من أمر 95- 07 المتعلق بالتأمينات تنص على انه: يجب على كل شخص طبيعي/أو معنوي يستغل محلا أو قاعة أو مكانا مخصصا لاستقبال الجمهور و/ أو يكون هذا الاستغلال خاصا بالنشاطات التجارية أو الثقافية أو الرياضية أن يكتتب تأمينا لتغطية مسؤوليته المدنية تجاه المستعملين و الغير.
– المادة173 من نفس الأمر المذكور سلفا، بخصوص تامين المسؤولية المدنية المشار إليه في المواد 163، إلى المادة 172 أعلاه، يجب أن لا ينص عقد التامين على سقوط أي حق يمكن أن يحتج به على الضحايا أو ذوي حقوقهم.
– المادة 230 من قانون 13- 05 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها، يتعرض للعقوبات المنصوص عليها في المادة 184 من أمر رقم 95-07 المتعلق بالتأمينات، كل مستغل لمنشأة رياضية تستقبل أنشطة بدنية و رياضية، لا يكتتب تأمينا خاصا لتغطية الأخطار الناجمة عن مسؤوليته المدنية.
– المادة 13 من مرسوم التنفيذي91- 416 المحدد لشروط إحداث المنشآت الرياضية و استغلالها، يجب على كل مستغل طبقا للتشريع و التنظيم الجاري بهما العمل أن يكتتب أي تامين يغطي أنشطته.
– المرسوم التنفيذي رقم 95 – 411 المتعلق بإلزامية تامين الأشخاص الطبيعية و المعنوية من مسؤوليتهم المدنية في استغلال المنشآت التي تستقبل الجمهور[14]، و عملا بنص المادة 164 السابقة الذكر من القانون 95- 07 المتعلق بالتأمينات، حيث تنص المادة 01، على إلزامية تامين الأشخاص الطبيعيين و المعنويين من مسؤوليتهم المدنية في استغلال المنشآت و القاعات أو الأماكن التي تستقبل الجمهور بعنوان الأنشطة التجارية و الثقافية و الرياضية. المادة02: يتعين على مستغلي المنشآت و القاعات أو الأماكن التي تستقبل الجمهور أن يكتتبوا التامين المذكور أعلاه، عندما يتجاوز عدد الأشخاص الممكن استقبالهم في وقت واحد 50 شخصا أو عندما يشمل الاستغلال مساحة تتجاوز مائة و خمسين150 مترا مربعاً. المادة 03: دون المساس بأحكام الخاصة المنصوص عليها في التنظيم المعمول به يجب أن تضمن تغطية التامين الآثار المالية الخاصة بمايلي:
– المسؤولية المدنية المنصوص عليها في المواد 124 و 138 من القانون المدني، فيما يخص الأضرار الجسمانية و المادية و المعنوية التي تلحق بالغير
– المسؤولية التعاقدية تجاه المستعملين.
– المرسوم التنفيذي رقم 02- 293 المعدل و المتمم للمرسوم تنفيذي 95-338 المتعلق بإعداد قائمة عمليات التامين و حصرها[15]، قد أدرج في تعداد هذه العمليات في نص المادة 02 تصنيف عمليات التامين في فروع و فروع ثانوية و ذكرت نص المادة في الفرع الثامن الحريق، الفرع التاسع أضرار لاحقة بالأملاك الأخرى، و الأضرار اللاحقة بالمنشآت، الفرع الثالث عشر المسؤولية المدنية العامة.
ثالثا التطبيق العملي لعملية تأمين المنشآت العمومية الرياضية:
في هذا الصدد يتحمل ملاك و شاغلوا المباني و المنشآت مسؤولية المحافظة على المنشآت الرياضية في حالة آمنة بحيث لا يتعرض الأشخاص الذين يرتادون المباني للإصابة، و على المؤسسات الرياضية أن تتأكد بمهارة لسلامة الأفراد الذين يحضرون بالقرب من المنشآت الرياضية بان لا يصابوا بأي شكل من الأشكال بأذى نتيجة لإهمال المالك أو المشترك، ويعتبر التامين ضد المسؤولية العامة احد أشكال التامين الهامة نظرا لأنه يحمي المتطوعين و العاملين و أعضاء المؤسسة، و يوفر هذا التامين التعويض للمؤسسة ضد مسؤوليتها القانونية بتسديد قيمة الأضرار الناجمة عن الإصابة العرضية، فالتامين على الممتلكات الخاصة بالمنشآت العمومية الرياضية تغطي المطالبات الناجمة عن إهمال المؤسسة أو احد موظفيها أو في حالة المباني، كما أن التأمين يوفر أيضا تسديد التكاليف القانونية المرتبطة بمثل هذه المطالبات، ويجب أن يتم إصدار البوليصة خصيصا للمؤسسة المطلوب حمايتها ضد الخسائر[16].
فنجد أن المرسوم التنفيذي رقم 05- 492 المتعلق بتعديل القانون الأساسي لدواوين المركبات المتعددة الرياضات في فقرته الثانية منه نص على أن هذا النوع من العمليات يتم تسجيله في باب النفقات الخاصة بميزانية تسيير المؤسسة، حيث جاءت الفقرة كمايلي: كل النفقات الأخرى الضرورية لتحقيق الأهداف المخولة للديوان.
المادة 04 من نفس المرسوم المتعلقة بمهام الديوان الفقرة الأولى: ضمان عمل مجموع المنشآت الرياضية و هياكل الاستقبال المكونة لممتلكات الديوان و تسييرها و صيانتها.
المادة 16 من نفس المرسوم، وباعتبار مدير الديوان هو الآمر بصرف الميزانية فانه يدخل ضمن مهامه كما نص في الفقرة الأولى منها على: يبرم جميع الصفقات و الاتفاقيات و العقود و الاتفاقات في إطار التنظيم المعمول به.
خامسا: المسؤولية القانونية في مجال تأمين المنشآت الرياضية
أولا التعريف بالمسؤولية المدنية :
من خلال تفعيلنا لنص المادة 124 من القانون المدني الجزائري نجد أنفسنا أمام موضوع المسؤولية باعتبار أن نص المادة ينص على تحمل الشخص الذي وقع منه الضرر لنتائج أفعاله، و عليه يمكن تعريف المسؤولية بوجه عام على أنها المؤاخذة عن الأخطاء التي تضر بالغير وذلك بإلزام المخطئ بأداء التعويض للطرف المضرور وفقا للطريقة و الحجم الذين يحددهما القانون.
و المقصود بالمسؤولية القانونية يكون فيها الخطأ موضع المؤاخذة هنا خطا قانوني يتمثل في الإخلال بالتزام قانوني، ويتعرض مرتكب هذا الخطأ لجزاء قانوني قد يكون عقوبة إذا كان هذا الإخلال يمس مصلحة المجتمع، وهذه هي المسؤولية الجزائية، وقد يكون مجرد تعويض يلزم به المسؤل إذا ما اقتصر هذا الإخلال على المساس بمصلحة فردية، وهذه هي المسؤولية المدنية.
– يعتبر تامين المنشآت العمومية الرياضية مجال خصب تطبق فيه قواعد المسؤولية القانونية بوجه عام باعتباره يقوم على أساس التزام قانوني هام ألا و هو ضمان السلامة، وهو التزام يؤاخذ فيه في حالة عدم تطبيقه و احترامه بالحكم على من اخل به قبل الغير أن يعوض الضرر الناجم عن الإخلال به و لا فرق بين أن يكون هذا الالتزام تعاقديا حيث يلزم المتعاقد أن ينفذه في الوقت المحدد و إلا فيعتبر مسؤولا و يحكم عليه بالتعويض، وبين أن يكون هذا الالتزام تقصيريا فيلتزم الفاعل بالتعويض نتيجة لإخلاله بالتزام قانوني مفروض على عاتقه بعدم الإضرار بالغير، و رغم ثبوت توقع الأخطار و الخطأ فيها و لو بشكل مفاجئ إلا انه يستوجب منها اخذ الحيطة و الحذر و ذلك من خلال اكتتاب عقود للتامين تجاه مسؤوليتها المدنية.
ثانيا شروط قيام المسؤولـــــية[17]:
لقيام المسؤولية المدنية بوجه عام لا بد من توافر جملة من الشروط أهمها: الخطــــأ، الضــرر، العلاقة السببية.
- الخطـــأ: استقر الفقه و القضاء على تعريف الخطأ على انه الانحراف على سلوك الرجل المعتاد، مع إدراك الشخص لذلك، و هو بذلك يشتمل على عنصرين هامين هما:العنصر المادي و المتمثل في التعدي و هو الانحراف على سلوك الرجل العادي، و هناك العنصر المعنوي و الذي يمثل الإدراك بالانحراف.
- الضرر: يعرف الضرر على انه الأذى الذي يصيب الشخص نتيجة المساس بمصلحة ما مشروعة أو بحق من حقوق الشخص.
- العلاقة السببية: وهي أن تتوافر بين الفعل الضار و الضرر علاقة السببية، أي ان يكون الضرر قد ترتب نتيجة لوقوع الفعل الضار بشكل مباشر.
ثالثا تطبيقات المسؤولية المدنية في مجال تأمين المنشآت الرياضية:
تنقسم المسؤولية المدنية[18] عموما إلى مسؤولية تقصيرية تترتب بحكم القانون، نتيجة الإخلال بالتزام قانوني مقتضاه ألا يضر الإنسان غيره بخطأ أو تقصير منه. أما المسؤولية العقدية فتترتب نتيجة للإخلال بالتزام ناشئ و مترتب عن عقد صحيح. و في هذا الصدد يعتبر الالتزام بضمان السلامة أحد أهم الالتزامات التي تقوم عليها المسؤولية القانونية في مجال تأمين المنشآت العمومية الرياضية كون هذا الالتزام هو التزام أصيل و مفترض الوجود من خلال احترام هذه المنشآت للالتزام بالسلامة الملقى على عاتقها، كما انه يعتبر في نفس الوقت التزام شخصي تلتزم به هذه الأخيرة تجاه الغير بتوفير السلامة و الأمن ، إضافة لاعتباره التزام عقدي من خلال اكتتاب هذه المنشآت الرياضية لعقود تأمينية تضمن من خلالها السلامة لمستعملي هذه المنشآت، و نظرا لهذه الاعتبارات و غيرها يمكن لنا الحديث على بعض من أوجه تطبيقات المسؤولية العقدية و الشخصية في مجال تأمين المنشآت الرياضية.
الأصل في المسؤولية بشكل عام و بناء على نص المادة 124 من القانون المدني الجزائري، أن المسؤولية تتحقق بمناسبة الأعمال الشخصية، أي تلك التي تترتب على عمل يصدر من المسئول نفسه، و أساس هذه المسؤولية هو الخطأ الواجب الإثبات، بمعنى انه لا يفترض الخطأ في جانب المسئول، بل يجب على المضرور إثبات هذا الخطأ، إلا انه في مجال تأمين المنشآت الرياضية قد تترتب المسؤولية بناءاً على التبعية أي على أساس خطأ الغير و بتالي تترتب مجموعة من المسؤوليات سنتطرق إليها كالآتي:
أولا المسؤولية عن فعل الغير[19]:
بالإضافة للمسؤولية التقصيرية عن الفعل الشخصي، فان المسؤولية قد تتقرر عن فعل الغير أيضا، وبالرغم من أن ذلك يعد نوعا من الخروج عن المبدأ العام الذي يقضي بضرورة تحمل كل شخص لنتائج أفعاله الشخصية دون غيره إذ لا تزر وازرة وزر أخرى، وباعتبار أن المسؤولية عن فعل الغير ما هي في الواقع إلا حالات استثنائية لذلك فانه يلزم أن يكون هناك سبب جدي و معقول لتحمل نتائج فعل هذا الغير.
- مسؤولية المتبوع عن تابعه:
نصت المادة 136 من القانون المدني الجزائري على هذه المسؤولية بقولها:” يكون المتبوع مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه تابعه بفعله الضار متى كان واقعا منه في حال تأدية وظيفته أو بمناسبتها.
“و تتحقق علاقة التبعية و لو لم يكن المتبوع حرا في اختيار تابعه متى كان هذا الأخير يعمل لحساب المتبوع”.
2- شروط مسؤولية المتبوع عن تابعه:
تتحقق هذه المسؤولية بتوافر شرطين أساسيين و هما:
الشرط الأول: أن يصيب التابع الغير بضرر فيجب لقيام مسؤولية المتبوع أن يرتكب تابعه فعلا ضارا يكون مسئولا عنه مسؤولية شخصية، ذلك أن مسؤولية المتبوع مسؤولية تبعية، والمسئول الأصلي هو التابع، وعلى ذلك فلابد من أن تتوافر في مسؤولية التابع أركان المسؤولية الشخصية، إن كانت المسؤولية شخصية، أي الخطأ و الضرر و علاقة السببية بينهما.
الشرط الثاني: أن يرتكب التابع الفعل الضار حال تأدية و وظيفته أو بمناسبتها
ثانيا المسؤولية عن فعل الأشياء غير الحية:
هي مسؤولية مستقلة تماما عن المسؤولية عن الأفعال الشخصية، بحيث لا تقوم على فكرة الخطأ، بل تفترض بمجرد إحداث شيء غير حي لضررا ما ، و تنص المادة 138 من القانون المدني الجزائري على انه “كل من تولى حراسة شيء و كانت له قدرة الاستعمال و التسيير، و الرقابة، يعتبر مسؤولا عن الضرر الذي يحدثه ذلك الشيء.
” و يعفى من هذه المسؤولية الحارس للشيء إذا ثبت أن ذلك الضرر حدث بسبب لم يكن يتوقعه مثل عمل الضحية أو عمل الغير، أو الحالة الطارئة، أو القوة القاهرة”.
من خلال هذا النص نستظهر أن عناصر هذه المسؤولية هي: شيء، في حراسة شخص، يحدث ضررا للغير.
- الشــيء: و المقصود في هذا النص هو كل شيء غير حي، فيما عدا البناء الذي يتهدم، إذن فيخرج من نطاق الشيء هنا، الشيء الحي، فالحيوان قد خصص لما يحدثه من ضرر نص المادة 139، و البناء الذي يتهدم خصص له نص المادة 140، و عليه ففيما عدا هذين الشيئين، يصدق اصطلاح الشيء هنا على كل شيء، عقارا كان أو منقول.
- حراسة الشيء: هو أن يكون الشيء الذي سبب الضرر في حراسة شخص، لان المسؤولية، كما تقول محكمة النقض الفرنسية في آخر مراحل تطورها، منوطة بحراسة الشيء، لا بالشيء نفسه. و الغالب ان يكون الحارس هو مالك الشيء.
- المراد بالاستعمال و التسيير و الرقابة: المراد بالاستعمال في نص المادة 138، هو استخدام الشيء باعتباره أداة لتحقيق غرض معين، و لا يتطلب الاستعمال أن يكون الشيء بين يدي الحارس ماديا، و لا أن يكون واضعا يده عليه، بل يكفي أن تكون له عليه سلطة استعماله و إن لم يمارسها فعلا.
أما المراد بالتسيير فهو التوجيه و سلطة إصدار الأمر، وعادة ما تكون مقرونة بسلطة الاستعمال.
أما المراد بالرقابة فهو تعهد الشيء و رعايته و فحصه و استبدال أجزائه التالفة.
- أن يحدث الشيء ضررا للغير: أي أن ينسب الفعل الضار إلى الشيء الواقع تحت الحراسة.
ثالثا المسؤولية عن فعل الحيوان[20]:
نصت المادة 139 على أن”حارس الحيوان، ولو لم يكن مالكا له، مسئول عما يحدثه الحيوان من ضرر، و لو ضل الحيوان أو تسرب، ما لم يثبت الحارس أن وقوع الحادث كان بسبب لا ينسب إليه”.
يراد بالحراسة هنا ما يراد بها في المسؤولية عن فعل الشيء، أي السيطرة الفعلية على الحيوان و رقابته و توجيهه، و يستوي أن تكون هذه السيطرة قانونية أو غير قانونية، و يفترض أن مالك الحيوان هو حارسه، فإذا ما احدث الحيوان ضررا بالغير، فان للمضرور أن يرجع على مالك هذا الحيوان، و لهذا المالك أن يثبت أن حراسة الحيوان قد انتقلت إلى غيره.
و المنتفع بالحيوان يكون هو حارسه ما دامت له السيطرة الفعلية عليه، فإذا لم تكن له هذه السيطرة، كما هي الحال في مستأجر حصان ليركبه على أن يتولى حارسه قيادته، فلا يكون مسئولا عما يحدثه من ضرر بل يسأل عنه الحارس.
و لا يعتبر راعي الحيوان و لا الخادم الذي يقوم بالعناية بالحيوان لحساب مخدومه، حارسين، و كذلك لا يعتبر الذي يدرب الحصان لحساب صاحبه حارسا، و لكن يعتبر حارسا للحصان الخيال الذي يمتطي ظهره ليتسابق به، لأنه هو متولي السيطرة الفعلية و التوجيه على الحصان أثناء السباق. أما التابع فلا يعتبر حارسا للحيوان المملوك لمتبوعه، بل الحارس هو المتبوع، إلا إذا استولى التابع على الحيوان دون علم المتبوع أو دون إذنه و استخدمه لتأدية حاجاته الشخصية، فانه يصبح هو حارسه الفعلي المسئول عنه.
- المراد بالحيوان: المراد بالحيوان في تطبيق المادة 139 من القانون المدني الجزائري، كل أنواع الحيوانات، سواء كبيرة منها أو الصغيرة. و المراد هنا في تطبيق هذا النوع من المسؤولية في تامين المنشآت الرياضية، هو الخيول و الكلاب، و كل أنواع الأخرى من الحيوانات التي تستعمل في السباقات.
- الضرر الذي يحدثه الحيوان: و هو كل ضرر يحدثه الحيوان بفعله يسأل عنه حارسه، و يشترط أن يكون تدخل الحيوان في إحداث الضرر تدخلا ايجابيا، كما لو قام بعض المضرور أو رفسه أو نطحه و لا يشترط في تدخله الايجابي هذا أن يكون قد تم بفعل احتكاك مادي بينه و بين المضرور، بل يكفي أن ينسب الضرر إلى فعل الحيوان.
رابعا المسؤولية عن تهدم البناء[21]:
هذا النوع من المسؤولية جاءت على ذكره نص المادة 140 قانون المدني الجزائري، و يقصد بالبناء هنا، كل مجموعة من المواد، سواء من الحجارة، أو من الطوب، أو من الخشب، أو من الحديد، أو من الطين، شيدتها يد الإنسان فوق الأرض أو في باطنها، و اتصلت بالأرض اتصالا قرار، و يستوي أن يكون البناء قد شيد بقصد سكنى الإنسان، أو بقصد إيواء الحيوان، أو حظيرة للخيل، كما يستوي أن يكون لغير هذا القصد، كما يصدق مفهوم البناء أيضا على أجزاء العقار التي تعتبر من ملحقاته، و ليس من الضروري أن يكون البناء قد شيد بقصد الدوام، بل يكفي أن يستقر على ظهر الأرض أو في باطنها.
التهدم يقصد به انهيار البناء و تفككه، سواء كان كليا أو جزئيا.
- مسؤولية مالك المبنى في هذا النوع من المسؤولية، مفترضة افتراضا لا يقبل إثبات العكس، و لا يقبل دحضها إلا إذا ما تم إثبات السبب الأجنبي.
خامسا المسؤولية عن الحريق[22]:
تخضع المسؤولية المترتبة على الحريق الذي ينشب في عقارات أو في المنقولات للقواعد العامة المنصوص عليها في المادة 124 قانون المدني الجزائري، و يخضع الخطأ فيها للإثبات، استثناء من أحكام المسؤولية عن فعل الشيء غير الحي، المنصوص عليه فالمادة 138، و المسئول عن أضرار الحريق طبقا للقانون المدني الجزائري هو الحائز لا المالك، فالحائز يعتبر هو الحارس للعقار أو للمنقول الذي شب فيه
الحريق سواء كانت حيازته تستند إلى حق مشروع أو لا تستند.
المراد بالحريق: هو اشتعال النار في عقار الحائز أو في منقوله، وعليه إذا نشب الحريق في عقار مستأجر فان الأضرار التي تنشأ عنه تنسب إلى خطأ المستأجر، ويفترض خطؤه افتراضا غير قابل لإثبات العكس، و المسؤولية فيه عقدية، و لا ستطيع المستأجر أن يتخلص منها إلا بإثبات السبب الأجنبي.
- آثار المسؤولية المدنية[23]:
لا يوجد مانع من أن يتفق المؤمن له و المضرور على تسوية ودية للمسؤولية الناجمة عن الحادث، فقد يقنع المؤمن له المضرور بان الحادث لم يقع بخطأ منه أو وقع بخطأ غيره، و بألا مسؤولية عليه في الحالتين، فإذا اقتنع المضرور بذلك، و نزل عن مطالبته للمؤمن له، استفاد المؤمن من هذا النزول، و لم يكن هناك محل لرجوع المؤمن له عليه بالضمان، و قد يقع العكس، و تكون ظروف الحادث واضحة و قاطعة في مسؤولية المؤمن له، فلا يسع هذا الأخير إلا أن يقر بمسؤوليته و أن يصطلح مع المضرور على خير وجه مستطاع وكل من الإقرار و الصلح و أي اتفاق أخر يصل إليه المؤمن له مع المضرور في خصوص المسؤولية يمكن الاحتياج به على المؤمن، و الرجوع عليه بالضمان بمقتضاه و مع ذلك يجوز للمؤمن، عند الرجوع بالضمان، أن يدفع مطالبة المؤمن له بجميع الدفوع التي يستطيع أن يتمسك بها.
و قد يغلب ألا تتم تسوية المسؤولية مع المضرور إلا عن طريق القضاء، و يرجع ذلك أولا إلى أن وثيقة التامين تحمل عادة شرط منع المؤمن له من الإقرار بالمسؤولية أو الصلح عليها إلا بموافقة المؤمن على النحو الذي أسلفنا فيه سابقا، فلا يقدم المؤمن له على تسوية المسؤولية مع المضرور تسوية ودية تجنبا للجزاء الذي يترتب على هذا الشرط، كما انه حتى لو أطلقت يد المؤمن له في التسوية الودية مع المضرور، فانه يخشى مع ذلك تعنت هذا الأخير و مبالغته في تقدير التعويض اعتمادا على وجود التامين و أن المؤمن هو الذي سيدفع التعويض في النهاية. و بذلك يترك المضرور يطالب بحقه أمام القضاء، فيواجه بذلك دعوى المسؤولية.
و عليه متى تبين لقاضي الموضوع قيام شروط المسؤولية المدنية، حكم بالتعويض، و لقاضي الموضوع سلطة مطلقة في تحديد الطريقة التي يتم بها التعويض من جهة و في تقديره من جهة أخرى.
وبناءا على ماجاء في نص المادة132 قانون المدني الجزائري فان القاضي يعين طريقة التعويض تبعا للظروف، و يصح أن يكون التعويض في ذلك مقسطا، كما يصح أن يكون إيرادا مرتبا، ويكون تقدير التعويض عادة بالنقد، على انه يجوز للقاضي وتبعا للظروف و بناءا على طلب المضرور أن يأمر بإعادة الحالة إلى ما كانت عليه ا وان يحكم ، وذلك على سبيل التعويض بأداء بعض الإعانات تتصل بالفعل غير المشروع.
الخاتمة :
نلمس من خلال موضوعنا هذا، أن تامين المنشآت العمومية الرياضية هو تجسيد لالتزام ضمان الأمن و السلامة، و أيضا حماية للممتلكات العقارية و المنقولة و البشرية و حتى المالية منها،
كما انه يعتبر آلية فعالة لمجابهة الأخطار و الأضرار التي من شانها المساس بهذه المنشآت، من خلال الحفاظ على حق هذه الأخيرة في جبر الأضرار و الخسائر و مواجهة الغير الذي يطالب بالتعويض من الأضرار التي قد يتعرض إليها.
وفي هذا السياق و في ختام موضوعنا هذا ارتأينا أن ندلي ببعض التوصيات التي نراها تناسب الموضوع و تساعد في تطوره.
التوصيـــــات :
- على المشرع الجزائري الاهتمام بمجال التأمين في المجال الرياضي بصفة عامة، ومراعاة التطور الحاصل في هذا المجال.
- إثراء المنظومة التشريعية في المجال الرياضي بالقوانين التنظيمية التي من شأنها مساعدة الفاعلين في هذا المجال من مجابهة ما يعترضهم من مشاكل.
- مضاعفة الجهود من خلال تشجيع المقالات و الأبحاث التي تتناول مواضيع التامين الرياضي و المسؤولية في المجال الرياضي.
- الاهتمام بمجال التسيير و الإدارة الرياضية و دورها الفعال في المجال الرياضي.
- التشجيع على عقد المؤتمرات و الملتقيات التي من شأنها بحث سبل تطوير التشريع الرياضي في الجزائر.
قــــــــائمة المراجع :
النصوص القانونية:
- قانون 13- 05 الموافق 23 يناير 2013 المتعلق بتنظيم الأنشطة البدنية و الرياضية و تطويرها.
- أمر 95-07 الموافق 25 يناير 1995 المتعلق بقانون التأمينات.
- امر95- 24 الموافق 25 سبتمبر 1995 المتعلق بحماية الأملاك العمومية و امن الأشخاص فيها.
- مرسوم تنفيذي 91 – 416 الموافق 2 نوفمبر1991 المحدد لشروط إحداث المنشآت الرياضية و استغلالها.
- مرسوم تنفيذي 95 -411 المتعلق بإلزامية تامين الأشخاص الطبيعية و المعنوية من مسؤوليتهم المدنية.
- مرسوم تنفيذي 02- 293 المتعلق بإعداد قائمة عمليات التامين و حصرها.
- مرسوم تنفيذي 05- 492 الموافق 22 ديسمبر 2005 المتضمن تعديل القانون الأساسي لدواوين المركبات المتعددة الرياضات.
المؤلفــــات:
- علي علي سليمان، دراسات في المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،1989.
- علي علي سليمان، النظرية العامة للالتزام، الطبعة الخامسة، ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر،2003.
- عزالدين الدناصوري، المسؤولية المدنية في ضوء الفقه و القضاء، بدون دار النشر، 1988.
- عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثاني، دار إحياء التراث العربي، بيروت، 1964.
الهوامش :
[1] الجريدة الرسمية رقم 55.
[2] الجريدة الرسمية رقم 54.
[3] الجريدة الرسمية رقم 70.
[4] الجريدة الرسمية رقم 83.
[5] الجريدة الرسمية رقم 32.
[6] الجريدة الرسمية رقم 39.
[7] محمد رضا جنيح، القانون الإداري، مركز النشر الجامعي، صفحة332، تونس، 2008.
[8] الجريدة الرسمية رقم 02.
[9] الجريدة الرسمية رقم 84.
[10] الجريدة الرسمية رقم 05.
[11] الجريدة الرسمية رقم 83.
[12] القانون المدني لسنة 2005.
[13] الجريدة الرسمية رقم 13.
[14] الجريدة الرسمية رقم 76.
[15] الجريدة الرسمية رقم 61.
[16] دليل الإدارة الرياضية، اللجنة الاولمبية الدولية، كندا، 2014.
[17] عزالدين الدناصوري، المسؤولية المدنية في ضوء الفقه و القضاء، بدون دار النشر، صفحة06، 1988.
[18] عبد القادر العرعاري، الكتاب الثاني، المسؤولية المدنية، الطبعة الثالثة، دار الامان، صفحة29، الرباط، 2011.
[19] علي علي سليمان، دراسات في المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 36 وما يليها،الجزائر،1989.
[20] علي علي سليمان، دراسات في المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 166 وما يليها،الجزائر،1989.
[21] علي علي سليمان، دراسات في المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 177وما يليها،الجزائر،1989.
[22] علي علي سليمان، دراسات في المسؤولية المدنية، الطبعة الثانية، ديوان المطبوعات الجامعية، صفحة 187وما يليها،الجزائر،1989.
[23] عبد الرزاق احمد السنهوري، الوسيط في شرح القانون المدني، المجلد الثاني، صفحة 1655، دار إحياء التراث العربي، بيروت،1974.