قراءة في تجربة “الندوات/اللقاءات عن بعد”
ما إن أغلقت الحدود بين الدول، وعُلقت الدراسة الحضورية، ومُنعت التجمعات، ووُضعت الحواجز في الشوارع، حتى وجد الناس أنفسهم في عزلة غير مسبوقة، وغير منتظرة، لم يكنِ الإنسان قد استعدّ لها؛ فتسمّر المواطن أمام شاشات الإعلام، يطالع أخبار الإصابات، وخريطة توسّع الفيروس، وكيفية تعامل السلطة مع الأزمة، وما هي الممنوعات المُعلَن عنها، والحريات التي لا يجوز “اقترافها”.
ولأن الإنسان كائن اجتماعي وتواصلي وسياسي قبل كل شيء، فإنه ما كان ليقبل بهذا الوضع دون تصرّف، وإلا كانت حياته ستستحيل جحيما لا يطاق، وصمتا رهيبا لا تكسره إلا بلاغات السلطة التي تمنع هذا السلوك أو تغلق ذاك الشارع، وتحدد مواقيت الدخول والخروج؛ وهكذا عاد المواطن يفتش في مكتباتها عن كتب لم يطالعها، وأعمال سينمائية لم يشاهدها أو يتمنى لو نسي مضامينها حتى يستمتع بإعادة مشاهدتها، وأن يبحث عمّا يزجي به وقته حتى يُحوّل النقمة إلى نعمة، ومن ضمن ما لجأ إليه هذا الكائن التواصلي، اهتداءه للتواصل عن بعد مع أحبائه وأصدقائه صوتا وصورة، ومع ومحيطه في العمل والدراسة والمجتمع، وبرز التعليم عن بعد والعمل عن بعد، من خلال استغلال من أتاحته التكنولوجية الحديثة من مهارات.
ولئن كان المجتمع في حاجة أيضا إلى استمرار السجالات والنقاشات الفكرية والسياسية، التي تُحلل الأحداث وتتفاعل مع القرارات، وتساهم في التوعية والتنبيه وزرع الأمل، فإن التكنولوجيا الحديثة قد وفّرت تطبيقات جديدة تُمكّن المجتمع البحثي والسياسي والنقابي من إمكانيات لا بأس بها لتحقيق المراد، فظهرت تقنية المباشر(Live) بداية، التي تمثلت في أن يتدخل شخص بمفرده من خلال صفحة على الفيسبوك إما يمتلكها أو يضاف كمدير (أدمين) مؤقت لها، يخاطب متابعيها، ويتفاعل مع أسئلتهم التي تَرِد على شكل تعليقات أسفل “اللايف”. ونظرا لمحدودية هذه التقنية كونها لا تسمح إلا بمتدخلٍ واحد، يُسمِع المتابعين صوته ويُظهِر لهم صورته دون أن يراهم أو يسمعهم، وإنما فقط يقرأ تعليقاتهم، فإنه تم اللجوء إلى التطبيقات التي تتيح مشاركة أكثر من شخص في نفس اللحظة، ما ساعد على إقامة ندوات ولقاءات تحاكي الندوات التي كانت تقام حضوريا، لكنها ختلف عنها من حيث من حيث الإعداد اللوجستيكي، وطريقة الإعلان عنها والاستكتاب إليها.
أكيد أن لهذه التجرية إيجابيات في ظل الوضع الراهن، وأظن أنه من الصعب أن نقول أنه لها سلبيات، نظرا لحداثتها، وإنم يمكن القول أنها تحتاج إلى تطوير حتى تنتقل من الهواية إلى الإحتراف، وتحقق إفادة أكثر، وهذه أبرز الملاحظات وبعض المقترحات للتطوير:
ـ ساهمت تجربة اللقاءات التفاعلية عن بعد، في خلق فضاء تواصلي بين المواطنين بصرف النظر عن مستوياتهم المعرفية ومواقفهم الفكرية والسياسية، وفتحت نوافذ يطل منها المشاركون كل مساء على المُبحرين في مواقع التواصل الاجتماعي؛
ـ هي تجربة ديمقراطية إلى حد بعيد، لأنها من ناحية، هي متاحة للجميع إلا من أبى، ولا تحتاج إلى دعم لوجستكي، ولا لترخيص سلطة، ولا لمن يُحدد لها موضوعها، ولا يؤدي عنها من يتابعها ضريبة، باستثناء ما يؤديه لشركات الاتصال عادة، أما من ناحية ثانية فقد ساوت بين الناس في الظهور الإعلامي، ولم تعد هناك خطوطا حمراء على الأشخاص المسموح لهم في التواجد في هذا الفضاء، والممنوع عليهم الظهور في فضاء آخر؛
ـ هناك هامش حرية كبير في هذه اللقاءات التفاعلية، إذ لا أحد مجبر على متابعتها، وإنما الأمر متروك للمعني بالأمر فإن شاء ضغَط على زرّ المتابعة، وإن رفض يستمر في إبحاره من دون مبالاة بها، وأما إذا ساءه وجودها على صفحة استقباله، فيمكنه حظر (Bloquer) الحساب الفيسبوكي الذي ينشرها، ويهدم المعبد على أهله، بمعنى أنه لا يمكن لمواطن أن يجبَر على متابعتها إلا إذا هو رغب في ذلك، وقد وفرت له التكنولوجيا عديد مسلكيات تفيده في التخلص منها. إن الأمر إذن، مختلف تماما عن المؤسسات الإعلامية العمومية التي يدفع المواطن ثمن متابعتها، وتفرض عليه نفسها في بيته هذا من جهة. أما من جهة أخرى، فإن هناك حرية للفاعل نفسه، إذ لا أحد يمكنه التدخل في الموضوع الذي يريد مناقشته، أو يحدد له الطريقة التي عليه أن يناقش بها، والأفكار التي عليه ألاّ يعرضها، ما عدا مسألة التعليق والاختلاف المتاحة للعموم، والتي يمكن للجهة التي تعرض اللقاء أن تمنعها كليا أو فقط على “غير أصدقاء الصفحة” أو غيرها من التقنيات التي تتيحها مواقع التواصل الاجتماعي؛
ـ صحيح أننا كنا نصف مواقع التواصل الاجتماعي بالافتراضية، لكن الأزمة الوبائية الحالية أبانت على أنها واقعية بشكل كبير، فهي مؤثرة في الفكر والثقافة والسياسة والاجتماع الانساني، ومن شأنها خلق فضاء عمومي حقيقي يُؤثر في القرار بشتى أنواعه، نظير ذلك ما ساهمت به هذه المواقع في التأثير على “مشروع القانون الذي جاء ليُنظمها أو بالأحرى ليمنعها”. كما تتميز الحياة في مواقع التواصل الاجتماعي بنزوع كبير نحو الاستقلاية، ما دام يشعر الإنسان بحرية مطلقة لا تحدّها إلا حرية الآخرين في ألا يَتعرّض لهم بالشتم أو يُعرّض حياتهم الخاصة للامتهان أو ينشر أخبارا كاذبة وغيرها من الأمور الممنوعة بنص القانون، غير ذلك، فإنه حر في أن يفعل ما يشاء في مساحته “حائطه”، ينشر فيه أفكاره، يعرض فيه الموسيقى التي يشتهي، ينظم فيه اللقاءت التي يرغب فيها، يضع فيه الروابط التي تروقه، ويقبل بين لائحة أصدقائه الأشخاص الذين يمنحونه طاقة إيجابية ويرفض الذين يمنحونه طاقة سلبية، ما دامت تلك اللائحة تسمى “لائحة أصدقاء”، وهذا ما ينطبق أيضا على اللقاءات التفاعلية التي يعرفها العالم خلال جائحة كورونا؛
ـ يمكن تصنيف “اللقاءات التواصلية عن بعد” إلى عدة أصناف: الأول، يحاكي الندوات التي كانت تقام في الجامعات وتنظمها مراكز الأبحاث في الفنادق والأماكن العامة؛ شارك فيها أساتذة ومهتمون تناولوا مواضيع جلها، إن لم نقل كلها، لها علاقة بالأزمة الوبائية؛ الثاني، يحاكي اللقاءات التي تنظمها وسائل الإعلام، حيث يغلب عليها الطباع السجالي، والاهتمام بالشأن السياسي، ويحضر فيها “البوليميك” السياسي، وهذا أمر عادي ومطلوب بل وواجب؛ الثالث، سياسي حزبي أو نقابي هدفه الاستفادة من متاحات التكنولوجيا من أجل التواصل مع الجماهير وتأطيرها، وكسب المؤيدين والرد على المعترضين وأيضا هذا أمر جيد ومطلوب؛ أما الصنف الرابع فهو جديد نسبيا، لأن أصحابه استفادوا من هذه التطبيقات، حيث المجانية وقلة الجهد، من أجل إقامة لقاءات ليست بالضرورة سياسية أو ثقافية أو فكرية وإنما يغلب عليها الطابع الاجتماعي والمهني أو الرياضي أو التكويني، وهذا أيضا أمر محمود؛
ـ الجميل في هذه التجربة أيضا، أنها تعطي المجتمع فرصا كثيرة؛ فهي تمنح جميع المواطنين القادرين على ولوج مواقع التواصل الاجتماعي، الفرصة للوقوف على ما يقوله الأساتذة والباحثون والسياسيون والنقابيون والفنانون – وغيرهم – في المواضيع التي يتناولونها، من دون شرط السن أو شهادة لولوج الكلية، أو بطاقة عضوية لدخول مقر الحزب، ما يسمح للمواطن بأن يكوّن صورة سلبية أو إيجابية عن هؤلاء؛ تعطي التجربة أيضا فرصة للذين ليست لديهم سوابق في التواصل الجماهيري والاحتكاك بالإعلام بأن يتدربوا على ذلك، دون أن يكونوا مجبربن على فرض أنفسهم على الآخرين، ماداموا يقومون بذلك في فضائهم الخاص، الذي لن يلج إليه إلا من رغب في ذلك ومن هُم قبلوا دعوته؛ وتوفّر الفرصة السانحة لكل من لا يروقه ما يحدث داخل تلك اللقاءات حتى يُنظم أفضل منها، وبالمواضيع التي يشتهي والطريقة التي يفضل، من دون التذرع بعدم وجود دعم من مؤسسة ما، أو تضييق من جهات ما، أو عدم تلقي دعوة من هيئة معينة؛
ـ من إيجابيات التجربة أيضا، القدرة الهائلة على الانتشار، إذ أن هذه اللقاءات تعرف مشاهدات لابـأس بها مقارنة مع اللقاءات الحضورية، وهذا راجع لعدة أسباب من أهمها سهولة الولوج، وتقريب المسافات، إضافة إلى توقيت بثها وظروفه، حيث تواجد الناس في بيوتهم، فضلا عن توفر الوقت؛
ـ من شأن اللقاءات التفاعلية التي تتناول مواضيع تخصّصية من مثل القانون أو الفلسفة أو التاريخ أو علم الاجتماع أو الدين أو الطب أو الأدب إلخ، أن تعوض –ولو جزئيا – النقص الذي خلّفه توقيف التعليم الحضوري، سيما في ما يتّصل بالتعليم العالي. طبعا لا يمكن أن نعوّل عليها في تلقين المعرفة، لأن الأخيرة متوفرة في الكتب، ولكنها تسلط الضوء على بعض القضايا الإشكالية التي تحفّز على القراءة، وتُشجع على البحث العلمي. أما فيما يخص اللقاءات السياسية والنقابية، فهي تشكل محطة مهمة في التواصل بين الأحزاب السياسية والقيادات النقابية وبين المتعاطفين معها والمنخرطين في صفوفها، فضلا عن كسب أنصار جدد إن هي أجادت الخطاب وواكبته بممارسة سياسية شفّافة وذات فعالية، وقد تجر عليها الغضب إذا لم تُحسِن التعامل مع المتاح التكنولوجي.
اقتراحات للتطوير:
كما سبق ذكره، فإنه من الصعب جدا وضع تقييم سلبي لهذه اللقاءات، لأن الأمر جديد كليا، ولا يزال في طور التشكل، وقد لا يحتاج إلى ملاحظات ليطور ذاته، بما أن الحياة كلها تسير وفق منحنى تصاعدي، حيث البداية الصعبة التي يليها الاحتراف والمهنية، لذلك بدل التقييم السلبي لهذه التجربة الجميلة والمتفردة، فإنها تحتاج إلى اقتراحات تُجَوّدها، وممارسة تَمنحها القدوة، لأنها خطوة تحتاج الدعم، وهذه بعض الأفكار التي نرمي بها في هذا الخضم:
ـ من البديهي أن التسميات، ينبغي أن تعكس مسمياتها، لذلك من الأفضل تجنب وصف الأنشطة التي تقام بهذه الطريقة، بـ “الندوة”، طالما أن لهذه الأخيرة شروطها الفنية، ومضمونها الخاص: من إعلان مسبق عن استكتاب الندوة، وانتقاء أولي للمشاريع، وتحكيم الدراسات النهائية، ونشر أعمالها بعد إنهائها. أما في غياب هذه الشروط، فمن الأفضل وصف الأمر بكونه “لقاء تفاعليا” أو “مائدة مستديرة” أو “نقاشا فكريا أو سياسيا أو نقابيا…”، أو “سيمنار” وغيرها من التسميات التي تعكس مضمون اللقاء؛
ـ ينبغي التمييز بين الندوة ذات الطبيعة العلمية الأكاديمية، بالشروط السابقة، التي قد تستمر لمدة يوم كامل أو لأكثر من يوم، وتُقدّم فيها أوراقا مُعدّة سلفا وعُرضت على التحكيم، وبين لقاء تفاعليّ من الأفضل أن يكون متحررا من شكليات الندوات، يسيّره من يهتم بموضوعه، ويطرح الأسئلة على مشاركين يتم اختيارهم لاعتبارات متعددة تقدّرها الجهة المنظمة (وهذا تقريبا هو الشكل الذي جرت عليه جل اللقاءات التي شاهدتها خلال هذه المرحلة، وهذا أمر جيد وحيوي، لكن من الأفضل تجنب وصفه بالندوة)؛
ـ حتى تتميز الندوات بالجودة العالية، فإنه ينبغي التحضير لها تقنيا بشكل جيد (أحيانا يوجد من لديهم أطروحات جيدة لكن الصعوبات التقنية تحول إما دون مشاركتهم أو دون إيصال أفكارهم)، وبتدريب مسبق (على شكل بروفا)، وتحضير المشاركين لأوراقهم مسبقا كما هو حال الندوات الحضورية (علما أن بعض الندوات الحضورية، لا تتوفر فيها شروط الندوة)؛
ـ حتى تبقى لهذا النوع من اللقاءات و الندوات فعاليته وفاعليته، فإنه من الأفضل أن يتم التركيز على جودة الخطاب، وعلى احترام أخلاقيات البحث العلمي وأدبيات التواصل الجماهيري (رغم أني أكاد أجزم أن هذه الشروط توفرت في نسبة كبيرة من اللقاءات التي صادفتها خلال هذه المرحلة)؛
ـ من البديهي ألاّ نعول على النشر العلمي لهذه اللقاءات التفاعلية، وإلا فإن الأمر سيبدو وكأننا نطلب ممّن يشاركون في البرامج الإعلامية، نشر مداخلاتهم في المجلات المحكّمة، (رغم أنه من المفروض ألاّ يتحدث في اللقاء إلا من حضّر له جيدا، على أن يَعمد فيما بعد إلى تطوير ما أنجزه لكي يُنشر في صيغة مقال أو دراسة، وهذا ما يجعل التدخل في اللقاء التفاعلي أصعب من المشاركة في الندوة، لأن المشارِك في اللقاء ينْفصل عمّا حضّره، وقد تُطرح عليه أسئلة لم تكن في حسبانه، وما يواكب ذلك من ارتباك وقلق، بينما – غالبا – ما يقرأ المشارك في الندوة العلمية من الورقة التي جهزها سلفًا، ولا يمكن للأسئلة المطروحة عليه إلا أن تكون في ضوئها)، لكن هذا الأمر لا ينطبق على الندوات العلمية، فهي من الأفضل أن تُتَوّج بنشر أعمالها ولو في كتب إلكترونية، بالنظر إلى أزمة الكتب الورقية، لأن الذي يبقى فعلا هو ما دُوّن ووُثّق؛
ـ تحتاج هذه التجربة إلى التشجيع والتثمين، وهذا الأمر لن يتم إلا إذا احترم الذين يتابعون اللقاءات والندوات أدبيات التعليق والسؤال، لأن التعليقات المخلة بأدب النقاش، والتي تستغل الاختفاء وراء الشاشات، والأسماء المستعارة، قد تمنح طاقة سلبية للمشاركين وتحول دون مشاركاتهم مستقبلا (سيما الذين يتأثرون بالتعليقات)؛
ـ ولأن الواقع لا يَرتفع، فإنه كان من الصعب على لقاءات وندوات هذه المرحلة، أن تبتعد عن واقعها وأن تناقش مواضيع من خارجها، لذلك برزت أكثر المواضيع المرتبطة بالطب والقانون وحقوق الانسان والاقتصاد والسياسية والفلسفة والدين والتاريخ وعلم الاجتماع، بالنظر لعلاقتها الوطيدة بالأزمة إما من حيث الرغبة في فهم ما حدث سابقا، أو محاولة فهم ما يحدث حاليا، أو تحليل الوقائع والتفاعل مع القرارات السياسية والاقتصادية، أو البحث عن أجوبة تساعد على تجاوز الأزمة. لكن هذه القضايا لا ينبغي أن تسيطر على النقاش، حتى لا ترتبط هذه اللقاءات بلحظة الأزمة، وتُهجر بعدها.
ختاما، إن لكل تجربة جديدة ثغرات ينبغي تجاوزها، وهفوات ينبغي تداركها، ومناصرين سيهجرونها، ومتردّدين سيخوضون غمارها (وقد كنت واحدا منهم، حتى أني اعتذرت للعديد من الدعوات بمبرر عدم التوفر على آلة للحلاقة!)، لكن في جميع الأحوال، وحتى لا نكذب على الطبيعة أو نتهمها بأنها تخشى الفراغ، فإنه من الجيد أن المجتمعات تتحرك وتبتكر من أجل مجابهة الجوائح طبيا حتى لا تأكل منا حتى الشّبع، واقتصاديا حتى لا تكون الأفضلية للأغنياء، واجتماعيا حتى لا تتهدّم الأواصر، وتواصليا حتى لا ينعزل الناس عن بعضهم البعض، وتكنولوجيا حتى تكون التقنية في خدمة الإنسان. كما لا يسعنا إلا أن نتمنى التوفيق للمساعي الحميدة، وأن نتعلم من التاريخ شيئا إيجابيا بدل أن نتعلم منه –كما قال هيجل – أن لا نتعلم أي شيء.
هسبريس