غالي خليل: تأثير مبدأ الفصل بين السلط في الممارسة السياسية والمؤسساتية-دراسة حالة المغرب – الجزائر – تونس.
غالي خليل باحث في القانون بسلك الدكتوراه جامعة محمد الأول بوجدة
تقديم عام:
لا يتأتى بناء دولة الحق والقانون، إلا إذا تم تنزيل الديمقراطية التنزيل الصحيح والسليم، لأن هذا المفهوم يحاول أن يضع قطيعة مع الاستبداد الذي يعيشه الإنسان منذ القدم، فقد أعاد هذا المفهوم السيادة للشعب – الأمة، بعدما احتكرتها السلطة الحاكمة، ومع مرور الوقت سار البحث في الديمقراطية أمر ضروريا، لما يثيره من إشكالات على مستوى معايير التمييز بين نظام الحكم الديمقراطي ونظام الحكم غير الديموقراطي / الديكتاتورية – الاستبدادية[1].
وتتعدد أشكال نظام الحكم في دول العالم، فكل دولة لها نظامها السياسي الخاص بها، ولكل نظام أسس وميزات تميزه عن غيره من الأنظمة، ومن المعروف أن النظام السياسي هو الطريقة التي يتم بها توزيع السلطة وتحديد العلاقة بين الهيئة التشريعية، التي تتمثل في البرلمان وتختص بسن القوانين، والهيئة التنفيذية التي تختص بتطبيق القوانين والتي تتمثل في كل من رئيس الدولة والحكومة. استنادا إلى هذا يصنف علماء السياسية النظم السياسية المعمول بها إلى ثلاث أنظمة، فإذا تم الفصل بين السلطتين التشريعية والتنفيذية فإن شكل النظام يكون رئاسيا، كما في الولايات المتحدة، أما إذا تم الدمج بين السلطتين التشريعية التنفيذية فإن النظام يكون برلمانيا كما في بريطانيا. وفي حالة الأخذ ببعض مميزات النظام الرئاسي وبعض مميزات النظام البرلماني فإن النظام الناتج يطلق عليه تسمية النظام شبه رئاسي، كما في فرنسا وسويسرا والبرتغال وكثير من الدول العالم.
ويرى المحللون السياسيون أن لكل نظام من هذه الأنظمة عيوب ومزايا خاصة به. إن نجاح كل نظام أو فشله يخضع لعناصر عديدة، منها طبيعة الشعب، أسلوب الانتخابات التشريعية والرئاسية، الخريطة السياسية للبلد، ثقافة الشعب، نوعية التحديات السياسية والاجتماعية والأمنية والاقتصادية أمام الدولة، وغيرها، بالتالي، ليس من الضرورة إن أحدهم هو الأفضل.
وعليه فإن دراسة النظام السياسي والسياسة العامة تتحدد من خلال معرفة ادوار المؤسسات والقوى المكونة للنظام السياسي الرسمية وغير الرسمية في صنع السياسات العامة. فالسياسات العامة من حيث الرسم والتنفيذ والتقييم هي نتاج أداء تلك المؤسسات، وترتبط بشكل مباشر وغير مباشر بدور تلك المؤسسات، وعلى ضوء ذلك الأداء تتوقف درجة نجاح السياسات العامة في تحقيق أهداف ومتطلبات المصلحة العامة.
وبالتالي فان النجاح في تحقيق تلك المتطلبات هو الذي يظهر تباين الأنظمة السياسية في كيفية ممارسه مؤسساتها عند صنع السياسة العامة. حيث ترتبط درجة تحقيقها للأهداف بشكل مباشر، بكفاءة وتوازن عمل تلك المؤسسات في صنع السياسات العامة، فاستقلالية السلطة التشريعية، كمؤسسه رسميه، في ممارسة دور رسم السياسة، إضافة لدور الرقابة والتقييم لعمل السلطة التنفيذية وأجهزتها الإدارية في تنفيذ السياسات العامة، يؤدي إلى أن تكون العملية السياسية داخل النظام السياسي أكثر ديمقراطية، وبالتالي نجاح السياسات العامة، وهذا الأمر ينطبق أيضا على دور المؤسسات غير الرسمية ومدى استقلاليتها وتأثيرها في مؤسسات النظام السياسي الرسمية وفق صيغ متفق عليها، حيث أن قدرة تلك المؤسسات في تمرير متطلبات المجتمع إلى المؤسسة التشريعية ومنها تصاغ في إطار قرارات وتشريعات السياسات العامة وتطبيقها من قبل المؤسسة التنفيذية بشكل يكفل تحقيق متطلبات المجتمع. وعليه فإن المقاربة السياسية لدراسة النظام السياسي تتطلب منا الوقوف على بعض التعريفات المعطى للنظام السياسي لمعرفة مدى توفرها وتطابقها على الحالة المدروسة في هذا الموضوع.
ينطلق التعريف التقليدي للنظام السياسي، على أنه يرتكز حول نظام الحكم، بمعنى السلطات الثلاث (تنفيذية، تشريعية، قضائية) وتكوينها والعلاقات فيما بينها، التي تحدد بدورها طبيعة ذلك النظام[2]، وهو تعريف يربط النظام السياسي بالدولة، ومستمد من التعريف التقليدي لعلم السياسية، باعتبار النظم السياسية أحد حقوله الرئيسية، لكن التطور الذي شهده علم السياسية مع تطور الحياة السياسية، وتشابك وتداخل العوامل المؤثرة فيها، وتجاوزها لحدود الدولة، أدى لانتقال علم السياسة، من علم لدراسة الدولة، إلى علم لدراسة السلطة وتفاعلاتها، وأصبح ينظر للنظام السياسي، كمفهوم تحليلي أكثر مما هو مؤسساتي كما توحي بها كلمة نظام[3]، وهو ما عكسته العديد من التعريفات والمقاربات النظرية لمفهوم النظام السياسي.
وقد عرف (روبرت دال)، النظام السياسي بأنه “نمط مستمر للعلاقات الإنسانية يتضمن التحكم، والنفوذ، والقوة، أو السلطة بدرجة عالية”. ويمتاز هذا التعريف ببعض العمومية كونه لم يحدد نوعية الأنظمة ولا يشير إلى النظام السياسي فقط، فالأنظمة الاجتماعية والدينية والاقتصادية أيضا تمتاز بسمات القوة والنفوذ والسلطة وهي تعمل في إطار التفاعلات والعلاقات الإنسانية.
أما “جبرائيل ألموند” يرى أن النظام السياسي لأي دولة يتكون من أربعة عناصر هامة وضرورية، تتمثل في:
- مواطنون ومجموعات اجتماعية، تبحث عن تحقيق رغباتها السياسية، وبخاصة الأمن والسلام والحرية.
- هيئات لصنع القرارات واتخاذها، ومجموعة قوانين تحكم هذه الهيئات.
- مجموعة تفاعلات ذات تأثير، تقوم بتوزيع المصادر الاقتصادية وتقنين القيم الاجتماعية والسياسية.
- مجموعة تفاعلات وأدوات وأدوار، موزعة بين المداخلات “INPUTS“، والمخرجات [4]
في المقابل، يجزم “هارولد لاسويل”، بأن صفة السياسي، يجب أن ينظر إليها في سياق القوة، لأن النظام السياسي ما هو إلا حصيلة علاقات النفوذ بين أصحاب النفوذ القائم على أساس ممارسة السلطة والقوة[5]، ويتبنى مثل هذه المقاربة للنظام السياسي المدرسة الديناميكية في السياسة والتحول الديمقراطي، حيث تذهب باتجاهافتراض أن النظام السياسي والتحول الديمقراطي فيه، يأتي ضمن رزمة كاملة ومتكاملة، تتبناها النخب السياسية، إذا تلاقت مع مصالحها وحافظت على أدوارها، ويتقدم أي مجتمع نحو نظام سياسي يمتاز بالتعددية والنضوج والدمقرطة، حتى وإن كان محافظا، إذا تبنت النخب السياسية الفاعلة، على مستوى الأجهزة الإدارية الحكومية المشروع الديمقراطي، الذي ينسجم مع مصالحها وامتيازاتها، واستطاعت على المدى القصير تشجيع رموز وقادة الأحزاب السياسية المعارضة، وتحفيزها على البقاء داخل حدود اللعبة السياسية[6]. فهذا الترتيب بين النخب يكفل للنظام السياسي فاعليته واستمراريته، سيما في مراحله الأولى، من خلال اتفاقيات ضمنية بين النخب الحاكمة والمعارضة الراشدة العقلانية، وهنا يظهر نموذج العامل العقلاني، الذي يمزج المصلحة الوطنية مع المصلحة الشخصية، ويكفل ذلك الملكية وتوزيع المصادر والموارد، ويساهم هذا النموذج في منع نشوب ثورات وقلاقل داخلية، كون الشعب قد أفرغ شحنته النفسية في تجربة انتخابية، وأصبح إما مناصرا للحكومة أو مساندا للمعارضة[7].
فحسب هذه المدرسة يتم تعزيز الديمقراطية في النظام السياسي، حينما تصبح السياسة روتينية ومملة، والمتطلب الوحيد لوجود نظام سياسي متكامل، هو وجود دولة وطنية معروفة الحدود السياسية والرقعة الجغرافية.
أما “ديفيد إيستون” فيعرف النظام السياسي، بأنه تلك المتغيرات المتعلقة بالحكم وتنظيماته، والجماعات السياسية والسلوك السياسي، لذلك حدد “إيستون”، ثلاثة عناصر لا بد من توافرها في أي نظام سياسي[8]، وهي:
- صنع السياسات (السلطة التشريعية)
- تنفيذ السياسات (السلطة التنفيذية)
- عملية إلزام المجتمع بهذه السياسيات وإعطائها التفسير الصحيح) السلطة القضائية[9].
وفي منطقتنا العربية أفضـت الانتفاضات والاحتجاجـات الشـعبية التـي انطلقـت مِن تونـس فـي كانـون الأول/ديســمبر 2010 وامتدت تداعياتها لتطال أقطار أخرى في المنطقــة العربيــة عــام 2011، إلى حركــة إصــلاح دســتوري شملت المغــرب والجزائــر وتونــس وليبيــا ومصــر وســوريا والأردن واليمــن، هذه الدول جميعهــا إمــا اســتبدلت دسـاتيرها أو عدلتهـا، وشـهد عـدد مـن البلـدان الأخرى مثـل لبنان والعـراق والبحرين، عـددا مـن أكبـر المظاهـرات فـي تاريخهـا، ممـا زاد مـن الضغـوط لإجـراء إصلاحـات شـاملة فـي بنيـة الدولـة والاقتصـاد والمجتمـع[10].
ولا شك أن الثورات العربية أو الانتفاضات الشعبية التي اجتاحت عددا من البلدان العربية خـلال السنوات القليلة الماضية، والتي اصطلح على تسميتها إعلاميا بـ «الربيع العربي» كانت بمثابة هزة عنيفة زعزعت اليقين باستقرار كيانات الأنظمة السياسية في المنطقة العربية، ولا شك أن الأزمات الهيكلية التي تعيشها الدول العربية كانت تمثل هـذا الضعف، إلا أن نتائج هـذا الـزلـزال وآثـاره لم تكتمل بعد رغم إسراع العديد من الدول العربية وفي مقدمتها المغرب وتونس الجزائر ( موضوع الدراسة[11]) إلى تعديل دساتيرها بما يكفل الترسيخ الفعلي لمبدأ الفصل بين السلطات وتحقيق التوازن بينها، وهـذا ما يثير جملة من التساؤلات عن مستقبل المنطقة في ظل تلك التعديلات والجديد الذي جاءت به هذه الدساتير لتجاوز الثغرات التي عرفتها الأنظمة الدستورية السابقة؟، وهو الأمر الذي يحتم على الدولة ضرورة ضم مجموعة من المقتضيات المرتبطة رأسا بتنظيم السلط وما يتفرع عنها، بحيث يكون أساس هذا التفرع هو فصل السلط، رغم أن هذا الفصل في البلدان العربية يبقى قابلا للتشكيك حول مدى نجاعته، لأن الديموقراطية الحقة تقتضي إعمال مبدأ فصل السلط وهذا الأخير رهين بالانطلاق من السلطة العامة كأساس لوجود الدولة، فمن المعلوم أن السلطة هي إحدى لبنات قيام الدولة، وهاته السلطة لا يمكن أن تتركز لدى مؤسسة واحدة ، لذلك ففصل السلط هو نتيجة حتمية للوصول إلى دولة ديمقراطية.
نطاق تطبيق مبدأ الفصل بين السلطات في الأنظمة السياسية بكل من المغرب وتونس والجزائر يقتضي منا الحديث أولا عن تطور هذا الفصل عبر الدساتير السابقة للتجارب المدروسة (المبحث الأول)، ثم الحديث عن تجسيد هذا المبدأ في الدساتير الجديدة في كل من الأنظمة المدروسة في مرحلة ما بعد التغيير (المبحث الثاني).
المبحث الأول: تطور مبدأ الفصل بين السلط في كل من المغرب وتونس والجزائر
سنحاول في هذا المطلب رصد مظاهر هذا التطور من خلال التعرض لمبدأ الفصل بين السلط في النظام السياسي التونسي (المطلب الأول)، ثم الانتقال إلى إبراز تطور المبدأ في النظام المغربي العربي (المطلب الثاني) وكل هذا في مرحلة ما قبل الربيع العربي، لنعرج بعدها لتفصيل في مظاهر فصل السلط في النظام السياسي الجزائري (المطلب الثالث).
المطلب الاول: مبدأ فصل السلط في النظام السياسي التونسي في مرحلة ما قبل الربيع العربي
إذ دراسة مبدأ فصل السلط في النظام السياسي التونسي تقتضي الانطلاق من ملاحظتين أساسيّتين:
-الملاحظة الأولى هي أن المؤسّسات السياسيّة الحاليّة لم تكن وليدة تطوّر تاريخي متواصل، بل جاءت نتيجة تمخّضات كبيرة في الخمسينيات من القرن العشرين أعطت للنظام السياسي الحالي خصائصه المميّزة، وبل وجعلته في قطيعة مع كلّ الأنظمة التي عرفتها تونس عبر التاريخ[12].
-الملاحظة الثانية هي أن واضعي الدستور التونسي حاولوا التوفيق بين هدفين: تمثّل الأول في “إقامة ديمقراطيّة أساسها سيادة الشعب وقوامها نظام سياسي يرتكز على قاعدة تفريق السلط[13]“، أما الثاني فهو هدف تشترك فيه أغلب دساتير الدول الحديثة العهد بالاستقلال وهو الاضطلاع ببناء الدولة وتحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية[14].
وقد انعكست إرادة التوفيق هذه على الخيار الذي أقرّه المؤسّس في النصّ الأصلي لدستور 1 يونيو 1959، إذ وقع الأخذ بأهم مبادئ النظام الرئاسي مع تقوية لصلاحيّات رئيس الجمهوريّة، واستمرّ ت هذه الرؤية ومحاولة خلق التوازن مع التعديلات الخمسة عشر التي عرفها الدستور التونسي[15].
وسنتناول بإيجاز من خلال دراسة خصائص كلّ من السلطة التشريعيّة والسلطة التنفيذيّة أهمّ التوازنات التي يقوم عليها النظام السياسي التونسي.
أولاً: السلطة التنفيذيّة
تمثّل خيار المجلس القومي التأسيسي سنة 1959 في إقامة نظام سياسي يقوم على سلطة تنفيذية قويّة، وقد أدّى هذا الخيار إلى جعل السلطة التنفيذية السلطة الأهمّ في النظام السياسي التونسي رغم إدراجها ضمن الباب الثالث من الدستور بعد السلطة التشريعيّة، وقد كرّس النصّ الأصلي للدستور أحاديّة السلطة التنفيذيّة، أي وجود رئيس يرأس في نفس الوقت الدولة والحكومة، ويساعده مجموعة من كتاب الدولة، فلم يكن يوجد وزير أوّل أو حكومة بالمعنى الدقيق للكلمة، لكن سنة 1969 تمّ إحداث منصب الوزير الأوّل الذي يرأس الحكومة فأصبحت السلطة التنفيذيّة ثنائيّة bicéphale أي أنها تتكوّن من رئيس دولة من جهة، ومن حكومة يرأسها وزير أوّل من جهة ثانية، وقد جاء تعديل الدستور سنة 1988 ليراجع تنظيم السلطة التنفيذيّ وذلك على الشكل التالي[16]:
أ/ رئيس الجمهوريّة:
ينتخب رئيس الجمهوريّة في تونس انتخابا عاما حرّا مباشرا سرّيا لمدّة خمس سنوات، وهذا يعني أنه يتمتّع بالمشروعيّة الشعبيّة مما يجعله مستقلا إزاء البرلمان، وصاحب سلطة فعليّة لا كما هو الحال في النظام البرلماني حيث تكون صلاحيات الرئيس شرفيّ، ويمارس الرئيس عددا من الصلاحيات يمكن تقسيمها إلى ثلاث:
- في المجال التنفيذي: نصّ الفصل 38 من الدستور على أن الرئيس “يمارس السلطة التنفيذيّة” وهو الذي يوجّه السياسة العّامة للدولة ويضبط اختياراتها الأساسيّة، وهو القائد العام للقوات المسلّحة، وهو الذي يعتمد الممثلين الدبلوماسيين للدولة في الخارج ويقبل اعتماد ممثلي الدول الأجنبيّة لديه، وهو الذي يبرم المعاهدات ويشهر الحرب ويبرم السلم بموافقة مجلس النواب، وله حقّ العفو الخاص، وهو الذي يعيّن الوزير الأوّل وبقيّة أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأوّل، كما يسند باقتراح من الحكومة سامي الوظائف المدنيّة والعسكريّة ويعيّن رئيس وبعض أعضاء المجلس الدستوري، ويسهر على تنفيذ القوانين ويمارس السلطة الترتيبيّة العامّة، كما أنه يرأس مجلس الوزراء[17].
- فيالمجال التشريعي: خوّل الدستور التونسي لرئيس الجمهوريّة التدخّل في المجال التشريعي، فله حقّ تقديم مشاريع القوانين للبرلمان ولمشاريعه أولويّة النظر، كما أنه يختم القوانين ويسهر على نشرها وله أن يرفض ختمها ويرجعها إلى البرلمان لتلاوة ثانية بأغلبيّة البرلمان.
كما للرئيس أن يتّخذ مراسيم في حالة العطلة البرلمانيّة أو في حالة تفويض من البرلمان أو في حالة حلّ مجلس النواب، ويمكن للرئيس دعوة البرلمان للانعقاد في دورة استثنائيّة.[18]
ويتولّى رئيس الجمهوريّة وفق الفصل 19 من الدستور تعيين ثلث أعضاء مجلس المستشارين من بين الشخصيّات والكفاءات الوطنيّة[19].
أخيرا خوّل الفصل 63 من الدستور لرئيس الجمهوريّة حلّ مجلس النواب، ونلاحظ أن صلاحيات رئيس الدولة في هذا المجال هامة جدّا إذ تمّكنه من توجيه العمل التشريعي.
3.صلاحيات الرئيس في الحالات الاستثنائية: نصّ الفصل 46 على أنه لرئيس الجمهوريّة في حالة خطر داهم مهدّد لكيان الجمهوريّة وأمن البلاد واستقلالها بحيث يتعذّر السير العادي لدواليب الدولة، اتخاذ ما تحتّمه الظروف من تدابير استثنائيّة بعد استشارة الوزير الأوّل ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين.
وقد استقرّ الفقه الفرنسي على أن صلاحيات الرئيس في هذه الحالة تكون واسعة جدّا إذ تسمح بتعطيل أحكام الدستور إلى أن تزول أسباب التدابير.
ب/ الحكومة:
لا تحتل الحكومة في النظام السياسي التونسي نفس المكانة التي يحتلّها في النظام البرلماني، إذ كما نصّ الفصل 37 من الدستور تتمثّل وظيفة الحكومة في مساعدة رئيس الجمهوريّة في ممارسة السلطة التنفيذيّة، وبيّن الفصل 58 أنها تسهر على تنفيذ السياسة العامّة للدولة طبق التوجيهات والاختيارات التي يضبطها رئيس الجمهوريّة. ويتم تعيين رئيس الحكومة بكامل الحريّة من طرف رئيس الدولة، فيما يعيّن أعضاء الحكومة باقتراح من الوزير الأوّل، ولرئيس الجمهوريّة أن ينهي مهام الحكومة أو عضو منها تلقائيا أو باقتراح من الوزير الأوّل، فالحكومة مسؤولة عن تصّرفها لدى رئيس الدولة كما أنها مسؤولة عن تنفيذها لسياسة الدولة أمام مجلس النواب الذي يستطيع أن يصوّت على لائحة صوت ضدّها فيجبرها على الاستقالة.
ثانياً: السلطة التشريعيّة
نصّ الفصل 18 من الدستور التونسي على أن “يمارس الشعب السلطة التشريعيّة بواسطة مجلس النواب ومجلس المستشارين أو عن طريق الاستفتاء”. وبما أن اللجوء إلى الاستفتاء في تونس يبقى استثنائيا فسنركز اهتمامنا على البرلمان كهيكل أساسي يضطلع بالسلطة التشريعيّة، وسوف نشرع بإبراز خصائصه الهيكليّة (أ) لندرس إثر ذلك الجوانب الوظيفيّة لهذه السلطة (ب).
أ/ الخصائص الهيكليّة للبرلمان التونسي:
اختار المجلس القومي التأسيسي سنة 1959 تكريس برلمان ذو مجال واحد، فكان مجلس النواب في تونس هو البرلمان، وظلّ الأمر كذلك إلى أن جاء تعديل يونيو 2002 وأصبح بمقتضاه البرلمان التونسي برلمانا ذو مجلسين bicaméral إذ أصبح يتكوّن إضافة إلى مجلس النواب الذي يقع انتخابه بالاقتراع العام المباشر والحر والسرّي من طرف الشعب، من مجلس مستشارين وبهذا دخل النظام التونسي في دائرة البرلمانات ذوات المجلسين.
وقد وقع تبرير هذا الانتقال في تركيبة المجلس بكونه “جاء لتوسيع مجال تمثيل الشعب في المجالس النيابية.. “بحيث يحصل التمثيل العام المباشر لكلّ المواطنين في الغرفة الأولى، ويحصل تمثيل غير مباشر لهم من خلال مختلف مكونات المجتمع في الغرفة الثانية” ويبقى مجلس النواب[20] صاحب الاختصاص التشريعي العام في حين يكون مجلس المستشارين ذا اختصاص مسند.
ب/ الخصائص الوظيفيّة للبرلمان التونسي:
عهد الدستور التونسي إلى البرلمان عدّة وظائف نذكر منها وظيفة سنّ القوانين بأنواعها (العاديّة والأساسية والدستوريّة)، وصلاحيّة مراقبة الحكومة، وصلاحّية الموافقة على مخططات التنمية وصلاحيات متعلّقة بالمحكمة العليا، ولابدّ أن نشير إلى أن صلاحّيات مجلس النواب تبقى أوسع وأهّم من صلاحّيات مجلس المستشارين خاصّة في مجال رقابة العمل الحكومي وتعديل الدستور.
وسنرّكز في هذا العنصر على الوظيفتين الأساسيّتين وهما وظيفة التشريع (1) ووظيفة مراقبة الحكومة (2)
- وظيفة التشريع
تعتبر هذه الوظيفة أهمّ وظائف البرلمان، إذ أنها تبقى ركيزة النشاط البرلماني. ومن الضروري إبداء ملاحظات ثلاث:
أوّلها أنه بمقتضى تعديل 27 أكتوبر 1997 أصبح مجال التشريع مجالا محدّدا، أي لا يحقّ للبرلمان أن يشرّع خارج المجال الذي ضبطه الفصلان 28 و34، فكلّ ما خرج عن التعداد يعتبر مجال السلطة الترتيبيّة التي يمارسها رئيس الدولة عبر الأوامر.
ثانيها أن المصادقة على مشاريع القوانين أصبحت اختصاصا مشتركا بين مجلس النواب ومجلس المستشارين، باستثناء القوانين الدستوريّة التي لا يتدخّل مجلس المستشارين في سنّها، لكن لا يحقّ لأعضاء مجلس المستشارين المبادرة بمشاريع القوانين، فحقّ المبادرة يبقى حقا محصورا في يد رئيس الجمهوريّة وأعضاء مجلس النواب.
الملاحظة الثالثة هي أن رئيس الجمهوريّة يشارك بشكل فعال في ممارسة وظيفة التشريع، هذا علاوة على أن أغلب مشاريع القوانين في تونس تكون من إعداد السلطة التنفيذيّة. وقد ساهمت المطلب الثالثة من الفصل 28 في تدعيم هذه النزعة إذ نصّت على أن مشاريع القوانين المقدّمة من قبل أعضاء مجلس النواب مقبولة إذا كان إقرارها يؤدي إلى تخفيض في الموارد العامّة أو إلى إضافة أعباء أو مصاريف جديدة. وهذا الشرط يقيّد بشكل كبير إمكانيّة النواب في المبادرة بمشاريع القوانين. 2. وظيفة مراقبة الحكومة: عرفت هذه الوظيفة تطوّرا كبيرا مع تعديل الدستور في 8 أبريل 1976، إذ تمّ إدخال تقنيات ترتبط أكثر بالأنظمة البرلمانيّة منها الأسئلة الكتابيّة والشفاهيّة[21] ولائحة اللوم[22]، هذا بالإضافة إلى لجان البحث التي نجدها سواء في الأنظمة البرلمانية أو في النظام الرئاسي[23].
وقد تواصل تطوير هذه الوسائل مع تعديل الدستور في 1988 و2002. لكن تبقى هذه الوسائل من صلاحيات مجلس النواب وليس مجلس المستشارين.
من خلال هذا العرض الموجز للنظام السياسي التونسي، تبرز سمة أساسيّة تمثّلت في الأخذ ببعض خصائص النظام الرئاسي إضافة إلى تكريسه لبعض آليات النظام البرلماني، لكن تبقى مؤسّسة رئاسة الجمهوريّة المؤسّسة الأهمّ وزنا ضمن البناء الدستوري التونسي لدساتير ما قبل الربيع العربي.
المطلب الثاني: تطور الفصل بين السلط في المغرب قبل دستور 2011
سنحاول بداية التركيز على تطور التوازن بين كل من السلطة التشريعية والتنفيذية، ثم الانتقال إلى إبراز مظاهر الفصل بين السلط في الدساتير المغربية السابقة عبر محاولتنا التمييز بين مرحلتين أساسيتين هما مرحلة غياب التوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية من جهة ومرحلة التدرج نحو التوازن بين السلط من جهة ثانية.
أولا: مرحلة غياب التوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية:
يتجلى هذا الغياب للتوازن بين كل من البرلمان والحكومة من خلال مدة العمل بالدساتير الثلاثة الأولى (1962، 1970، 1972)، ويفسر هذا أن البرلمان لم يكن خلال سريان مقتضيات الدساتير المذكورة سيدا للتشريع، كما أن دوره في مجال الرقابة على الحكومة كان جد معقلن من خلال تقنين شروط وضع ملتمس الرقابة وشروط التصويت على مسألة الثقة أو على تصريح حول نص معين، بالإضافة إلى عدم وجود لجان برلمانية لتقصي الحقائق.
وطبقا لفترة هذه الدساتير رغم تـــفوق الحكــومة عن البرلمان في التحكم عن المسطرة التشريعية، فإن ضــعف هــذه الأخــيرة كان حاضرا، وذلك من خلال العناصر التالية:
- عدم انبثاق الحكومة عن البرلمان في تشكيلها
- غياب دور البرلمان في تنصيب الحكومة
- عدم تدخل الوزير الأول في تعيين أعضاء الحكومة ولا في إعفائهم
- عدم ممارسة الحكومة سلط تنفيذية فعلية[24].
وبالإضافة إلى محدودية المؤسسة الحكومية، تعددت صلاحيات المؤسسة الملكية في المجـــال التــنفيذي كــترأسها للمـــجلس الــوزاري، وتـــعيين الحــكــومـــة وإقـــالــتــها، مع عدم خضوع مجمـــوعة من الظــهائر الصـــادر عنها للتوقيع بالعطف، بل تدخلت المؤسســـة الملكية كذلك في مجال التشريع سواء عند حــضور المـــؤسسة البرلمانية أو عند غيابها، مما ميز النظام السياسي المغربي على المستوى العملي بأحادية السلطة التنفيذية[25].
ثانيا: مرحلة التدرج نحو التوازن بين السلط
تميزت فترة العمل بدستوري سنة 1992 و1996 بمجموعة من الإصلاحات التي أدت إلى تحقيق خطوات نحو إقرار التوازن بين المؤسستين التنفيذية والتشريعية مع اعتبار القضاء جهاز مستقل عن الحكومة والبرلمان، وهذا ما وصفه الأستاذ الراحل عبد الرحمن القادري تحولا تدريجيا إلى ملكية برلمانية[26].
فبغض النظر عن تخويل دستور 1992 إلى الملك صلاحية تشكيل لجان برلمانية لتقصي الحقائق مثله في ذلك مثل مجلس النواب مع تخويله كذلك صلاحية إحالة القوانين على المجلس الدستوري للنظر في دستوريتها، فإنه قوى مؤسسة البرلمان حيث خول لهذه المؤسسة صلاحيات كثيرة عززت من مكانتها مثل:
- التنصيص على تنصيب البرلمان للحكومة؛
- الإعلان عن حالة الاستثناء لا تؤدي حتما إلى حل البرلمان
- تحـديد أجل 30 يوما لإعطاء الأمر بتنفيذ القانون، كما لم تحدده الدساتير السابقة
- التنصيص على أجل 20 يوما لتــدلــي الحكومة بجوابها على أسئلة البرلمانييـــن
- تخويل ربع أعضاء مجلس النواب صلاحية إحالة القوانين على المجلس الدستوري قصد البث في دستوريتها خلال مدة شهرين.
وفي مقابل تقوية اختصاصات البرلمان، عزّز دستور 1992 من مؤسسة الوزير الأول ومن استقلال الحكومة كبنية منهجية سياسيا[27].
وهكذا أصبح الملك يعين الوزير الأول وهذا الأخير صار يقترح تعيين الوزراء على الملك، وكما أصبحت مسئولية تنفيذ الحكومة للقوانين تقع على عاتقه.
وفي إطــار نفــس المرحلة احتفظ الدستــور الــمــغــربــي الخـــامـــس دســتــور 13 شتنبر 1996 بجميع مكتسبات دستور 1992، مع إقـــراره لـــمستـــجد أســـاســـي يـــتــمثل في إحداث نظام الغرفتين، وكما ساهم في تحقيق قدر من المساواة بين المجلسين[28].
وعلـــيه، وإن كـــان الـــتوازن بـــيــن الســـلط، هــو مـــا ســعــى مــونتسكيو لإقـــراره مـــن خـــلال قاعدتـه المـــأسســة لمــــبدأ الفـــصل بـــين الســـلط، فـــإن هــــذا الـــتوازن فـــي النـــظــام المـــغـــربي اتـــســـم بـــنـــوع مـــن التـــقـــدم مـــن مرحـــلــة إلـــى أخــــرى فــــي إطـــار ســـنوات الـــعـــمل بـــمـــقتـــضيـــات الـــدســـاتير الســـابـــقـــة، حيـــث غــــاب في ظل الدساتيـــر الثلاثة الأولى وتجلت مظاهره خلال دستور 1992 و 1996، فكيـــف يمكـــن أن يتجلـــــى الفصـــل بيــن السلــط وتوازنهــــا من خــــلال مضاميــــن دساتير ما بعد الربيع العربي ؟
المطلب الثالث: تطور نظام الفصل بين السلط في النظام السياسي الجزائري
لم يكن هناك من أهمية في القديم من ذكر توزيع السلطات او الاخذ بفكرة الفصل بين السلطات طالما ان المجتمع السياسي كان صغيرا وحاجته محدودة، بحيث رئيس العشيرة يستطيع ان يحل ويفصل في كل لكن مع توسع المجتمع السياسي عددا وتعقد الحياة الاجتماعية أدت الأمور المتعلقة بشؤون رعيته. بطبيعة الأمور ان تتولى عدة هيئات ممارسة واجبات ووظائف المتعلقة بالمجتمع السياسي.
لكن رغم قدم مبدا الفصل بين السلطات، فانه لم يعرف تطبيقه في الجزائر الا في وقت قريب، كون أن النظام السياسي منذ الاستقلال، قائم على النهج الاشتراكي تبنيه الجزب الوحيد، وبالتالي استبعد هذا المبدأ في دستوري 1963 و 1976، وأخذ به في كل من دستور 1989 و 1996 وإن لم يتم التنصيص عليه صراحة، أما التعديل الدستوري لسنة 2016 نص عليه و بصريح العبارة في الديباجة “يكفل الدستور الفصل بين السلطات و استقلال العدالة” ، وفي المادة (15) تقوم الدولة على مبادئ التنظيم الديمقراطي و الفصل بين السلطات و العدالة الاجتماعية.
أولا: مرجعيات فصل السلط في النظام الجزائري
أجرى المشرع الدستوري الجزائري وبمبادرة من رئيس الجمهورية تعديلا دستوريا دون المرور عبر الاستفتاء الشعبي، وهو قرار اتخذه هذا الاخير، بعد رأي المجلس الدستوري بأن مقترح التعديل لا يمس البتة وبأي كيفية المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس أيضا التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. ومن بين التعديلات المهمة التي أوردها المشرع الدستوري، نجد الإدراج الصريح لمبدأ الفصل بين السلطات في ديباجة النص الدستوري. بل واعتبره من خلال نص المادة 15 من المبادئ التي تقوم عليها الدولة. [29]
وبم أن هذا المبدأ تم تجاهله خلال خاصة في فترة الحزب الواحد الذي تبنى الإيديولوجية الاشتراكية بدل الليبرالية، التي تعتبر حاضنة هذا المبدأ، بل وحتى دستور 1989وإن تضمن المبدأ في روحه، إلا أن تجسيده لم يتم نظرا لما مرت به الدولة، استدعى دستورا لمواجهة الازمة سنة 1999، ورغم تعديلي 2002، 2008، 1989 إلا ان تجسيد مبدأ الفصل بين السلطات لم يكن من بين الأولويات، إلا أن جاء تعديل 2016ليضع الأمور في نصابها، ويعلن التبني الصريح للمبدأ، وعلى ضوئه لابد مسايرة باقي مواد الدستور المعلقة بالسلطات العامة في الدولة والعلاقات بينها لهذا المستجد، وعلى اعتبار أنو لا يكفي ذكره في الدستور صراحة، وإنما الحاجة إلى تجسيده فعليا تبدوا أكثر أهمية، وعلى كل المستويات العضوية والوظيفية، فهل كرس التعديل الدستوري في مضمونو مبدأ الفصل بين السلطات بكل أبعاده، لتحقيق أكبر قدر ممكن من الاستقرار والفعالية في عمل الهيئات التي تشكل النظام الدستوري الجزائري ؟. [30]
فإذا سلمنا بأن على مستوى الفصل العضوي قد فصل فيها على أنو لا يجوز الجمع بتُ عضوية البرلمان وأي منصب قصد ضمان التفرغ التام، فإن الإشكال السابق يطرح بشدة على مستوى آليات،) من التعديل الدستوري 116 آخر (الدادة العمل، والعلاقات بتُ السلطات خاصة التنفيذية والتشريعية، مع الأخذ بعتُ الاعتبار أن السلطة القضائية يجب أن تكون مستقلة مهما كانت طبيعة النظام الدستوري المتبع. [31]
ثانيا: مظاهر تأثير بين السلط في النظام الجزائري
تحدث دستور 1963 عن السلطات الثلاث بصورة منفصلة عن بعضها، كما منح لكل سلطة صلاحيات، مما يظهر وكأن الفصل قائم بينها، غير أن حداثة عهد الدولة بالاستقلال والبناء المؤسساتي، السياسية منها والاجتماعية والاقتصادية، جعلت من تكريس المبدأ ليس أولوية، وانصب المجهود حول بناء الدولة عبر قاعدة الشعب صاحب السيادة، وتبني أفكار الحزب الواحد، مع تبتني الاشتراكية كأيديولوجية تتعارض مع المبادئ الليبرالية، التي تعتمد مبدأ الفصل بين السلطات.
وعلى اعتبار أن التعديلين 2002 و2008 لم يأتيا بالجديد بخصوص مسألة الفصل بين السلطات، كان الدور على التعديل الدستوري لسنة 2016 ومن خلال المادة 15، والدور الآن لتكييف باقي مواد الدستور حسب هذا المستجد، خاصة المتعلقة بالسلطات العامة، وعملها وعلاقاتها المتبادلة.
المبحث الثاني: تقييم الفصل بين السلط في مرحلة ما بعد الدساتير الجديدة
سنتعرض بداية لتقييم الفصل بين السلط في الدستور التونسي في مرحلة ما بعد الربيع العربي (المطلب الاول)، لننتقل بعدها تقييم الفصل بين السلط من خلال الدستور المغربي (المطلب الثاني) وفي الأخير سنتطرق للتقييم التجربة الجزائرية في تكريس هذا المبدأ (المطلب الثالث).
المطلب الأول: تقييم الفصل بين السلط بتونس في مرحلة ما بعد الربيع العربي
يصنّف الفقهاء الأنظمة السّياسيّة إلى رئاسيّة، وهي التي تعتمد فصلا مطلقا للسّلط، وأخرى برلمانيّة، تقوم على فصل مرن بينها، وأنظمة مجلسيه تعود فيها السّلطة الأصلية داخل الدّولة إلى هيكل جماعي، في شكل مجلس، يكون مصدرا لكلّ السّلط في الدّولة.
وقد تطوّرت الأنظمة الدّستوريّة في هذا المجال، لتتولّد عنها أنظمة مختلطة تمزج بين آليّات النّظام الرّئاسي وآليّات النّظام البرلماني تسمّى أنظمة شبه رئاسيّة أو شبه برلمانيّة بحسب درجات استلهامها من هذا النّظام أو من ذاك. وكثيرا ما تكون هذه الأنظمة شبه البرلمانيّة أو شبه الرّئاسيّة نتيجة لتطوّرات وتحويرات أُدخلت على التّنظيم الدّستوري التأسيسي الأوّل، مثلما هو الحال بالنّسبة إلى دستور أوّل جوان 1959، الذي كرّس في البداية نظاما رئاسيّا صرفا، ثمّ تحوّل بعد ذلك إلى نظام شبه رئاسي، بعد أن تبنّت السّلطة التّأسيسيّة المطلبيّة بعض الآليّات المعتمدّة في الأنظمة البرلمانيّة. وقد نجحت عديد الدّول في التّوفيق بين مقتضيات كلّ نظام وتحقيق توازن بين السّلط مكّن فعلا من توفير استقرار سياسيّ لهذه الدّول. وفي المقابل، فشلت عديد الدّول الأخرى في التّوفيق بين آليّات النّظام الرّئاسي وآليّات النّظام البرلماني فأنتجت نظاما مشوّها، بل اتّجه بعضها إلى تكريس أنظمة مستبدّة، من خلال تمشّ تدريجي لتركيز السّلطة في يد جهة معيّنة كلّما توفّرت الظروف الملائمة لتمرير تعديلات دستوريّة تعزّز مركزها ونفوذها.
ورغم الإرادة الحرّة المنسوبة للمؤسّسين في اختيار النظام السّياسي الذي يرونه مناسبا، وهي الحرّية التي تعبّر عنها تلك المقولة المتداولة «المجلس سيّد نفسه»، فإنّ الوظيفة التأسيسية ليست محصّنة مع ذلك من الضغوطات أو خارجة عن التّأثيرات والمرجعيات المختلفة التي تنعكس على الاختيارات النهائيّة. ولا هي بمنأى كذلك عن الملابسات والظروف السياسية القائمة أثناء فترة التأسيس. ومن ذلك أنّ الشّكل البرلماني للتّنظيم الدّستوري يكون أكثر إغراء للمؤسّسين وتجاوبا مع الرّأي العام خاصّة بعد ثورة أو انتفاضة شعبيّة ضد حكم فردي متسلّط.
فالأنظمة البرلمانيّة، بحكم اعتمادها فصلا مرنا للسّلط، تتيح صيغا للتعاون بين السّلطتين التّنفيذيّة والتّشريعيّة وآليّات للرّقابة المتبادلة، من بينها أنّ السّلطة التنفيذيّة في النّظام البرلماني، لها حقّ اقتراح مشاريع القوانين، وحق ردّ المشاريع المصادق عليها من قبل البرلمان لتلاوة ثانية، وحقّ مخاطبة البرلمان، وحق طلب عقد جلسات استثنائيّة، وإمكانيّة الجمع بين عضويّة الحكومة وعضويّة البرلمان، وحقّ حلّه، وهي آليّة حاسمة متاحة للسّلطة التنفيذيّة و لكنّها مقيّدة بشروط وإجراءات فيها حماية للبرلمان ضد التعسّف في استعمالها. وتمتلك السّلطة التّشريعيّة بالمقابل وسائل فاعلة في مواجهة السلطة التّنفيذيّة كاستفسار الحكومة واستجوابها، والتّحقيق في أعمالها، وتوجيه لائحة لوم ضدّها، وسحب الثّقة منها أو من أحد أعضائها. ورغم تقييد ذلك بشروط وإجراءات محدّدة، فإنّ تلبيتها يظلّ دائما بيد السّلطة التّشريعيّة ذاتها. وهو ما يعطي تفوّقا لهذه السّلطة قد يتحوّل إلى تعسّف لا تقدر الحكومة، باعتبارها مسؤولة أمام البرلمان، على مواجهته. وهكذا تتحوّل السّلطة المقابلة إلى سلطة مطواعة ومنصاعة لكسب رضاء البرلمان عليها. وما رضاء اللّه إلّا برضاء الوالدين.
لقد أثبتت العديد من التجارب، تغوّل البرلمان على حساب السّلطة التّنفيذيّة وظهرت تبعا لذلك عبارة تختزل مآل هذه العلاقة فيما يسمّى بالدّكتاتوريّة البرلمانيّة. فالدّكتاتوريّة مثلما تكون فرديّة يمارسها شخص متسلّط لا يجد حدودا لسلطانه، فهي تكون كذلك ممارسة جماعيّة، في شكل مجلس أو هيئة او مجموعة داخل سلطة أو غيرها من التّنظيمات الدّستوريّة في الدّولة، عندما تكون متحرّرة من كلّ القيود، وفي مأمن من كلّ مواجهة متكافئة.
وقد أخذت معالجة هذه المسألة أشكالا متعدّدة بحسب الظّروف وموازين القوى، فبرز مفهوم عقلنة العمل البرلماني الذي تجسّم في استنباط آليات للحدّ من هيمنة البرلمان كدعم الدور التّحكيمي والاعتراضي لرئيس الجمهوريّة في مجالات محدّدة، أو إحداث غرفة ثانية بصلاحيّات معيّنة او مراجعة صلاحياتها، إن وجدت، لتفعيل دورها في التّقليص من تغوّل الغرفة الأولى، وما إلى ذلك من تقنيّات للصدّ والرّقابة المتبادلة.
كما أثبتت بعض التجارب المقارنة أن أجهزة الرّقابة الدّستوريّة لعبت أحيانا دورا تعديليّا، من خلال بتّها في نزاعات الاختصاص بين السّلط الدّستوريّة، إلّا أنّها تبقى إمكانيّة محدودة جدّا، ذلك أنّ هذه الرّقابة لا يمكن لها مراجعة التّوزيع والتّوازنات القائمة، طالما عبّرت عنها السّلطة التأسيسية بشكل واضح وصريح بالدّستور، وفي صيغة لا تحتمل أيّ تأويل[32].
إنّ الفصل الوظيفي للسلطة يبقى هشّا كلّما كان متاحا للسّلطة المتفوّقة دستوريّا، أن تتدخّل في أعمال السّلطة الأخرى بأشكال وضغوطات شتّى، حتّى تضحى مهيمنة عليها تماما، ثمّ توظّفها للسّيطرة على السّلطة الثّالثة، وهكذا يصبح الفصل بين السّلط قاعدة يكرّسها الدّستور، وتفنّدها ممارسات لا تجد لها أثرا مكتوبا ولا تطالها رقابة دستوريّة.
وموضوع التّوازن بمفهومه التّقليدي، لا يطرح عادة داخل كلّ سلطة في حدّ ذاتها، إلّا أنّ المزج بين آليات النّظام الرّئاسي والنّظام البرلماني كوسيلة للحدّ من سلبيّات هذا النّظام أو ذاك، من شأنه أن يثير في هذه الحالة مسألة التّوازن، سواء كان ذلك بين رأسي السّلطة التنفيذيّة أو بين غرفتي البرلمان، بحسب ما يتمّ إقراره من تنظيم للسّلط الدّستوريّة وتوزيع للاختصاص بينها. فالتّنصيص مثلا على حكومة تحظى وجوبا بثقة البرلمان وتكون مسؤولة أمامه من جهة، والأخذ بمبدأي الانتخاب العام والمباشر لرئيس الجمهوريّة من جهة أخرى، يفترض أن تراعى في ضبط صلاحيات رئيس الجمهوريّة درجة التّمثيليّة الممنوحة له، باعتباره منتخبا على المستوى الوطني، وإيجاد المعادلة الصّحيحة بين الشّرعيّة البرلمانيّة والشّرعيّة الرّئاسيّة، دون الإخلال بمبدأ وحدة الدّولة، أو تغليب سلطة أو جهة على أخرى، بما من شأنه أن يُكرّس هيمنتها.
المطلب الثاني: تقييم الفصل بين السلط بالمغرب في التجربة الدستورية لسنة 2011
أولي فقهاء القانون الدستوري بالمغرب لتعديل الوثيقة الدستورية اهتمامًا بارزًا، لأنه معطى محدد في ديمقراطية الوثيقة، لذلك كان التنازع على أشده حول شكل الإصلاح الدستوري في المغرب، أي حول الطريقة الديمقراطية لوضع الوثيقة الدستورية أو لمراجعتها، والتوجه الأول هو مطلب الجمعية التأسيسية، والتوجه الثاني هو مطلب التوافق مع الملَكية[33]، لكن من خلال القراءة التركيبية لفصول الدستور، نسجل مجموعة من الملاحظات:
- دسترة جميع حقوق الإنسان كما هو متعارَف عليها عالميًا[34].
- الحفاظ على نظام المجلسين مع أفضلية لمجلس النواب
- تعزيز سلطات البرلمان وتوسيع نطاق القانون
- مكانة جديدة للمعارضة
- حل مشكلة الفصل التاسع عشر من الدساتير الخمس السابقة الذي أثير بصدده الكثير من الجدل، عبر استبدال الفصل المذكور بفصلين، أحدهما يتناول الصلاحيات الدينية الحصرية للملك، والآخر يتناول الملك كرئيس للدولة.
- الانبثاق الديمقراطي للسلطة التنفيذية بقيادة رئيس الحكومة، الذي يتم اختياره من الحزب الذي يتصدّر الانتخابات.
- تراكم الرئاسات لدى الملك واستمرار تحكمه في توجيه مسار السلطة التنفيذية ومضمون قراراتها، فالملك هو رئيس مجلس الوزراء، ورئيس المجلس الأعلى للسلطة القضائية، ورئيس المجلس العلمي الأعلى، ورئيس المجلس الأعلى للأمن.
- إثقال النص بمجموعة من القوانين التنظيمية (أكثر من 20 قانونًا تنظيميًا)، وبالهيئات والمؤسسات الاستشارية الخاصة
- الطابع التوافقي الرضائي، كما ينص على ذلك الباب الأول الخاص بالأحكام العامة[35].
ومن خلال تقييمنا دائما لهذه الوثيقة الدستورية، وبمقتضى المنهجية المتّبعة في صياغتها والدعائم المرصودة لعملها، يمكن اعتبارها منحازة إلى الدولة، لأنها تشكل إجابة جزئية عن بعض المطالب الفئوية من دون أن تكرس بشكل واضح سيادة الشعب، إذ نلاحظ غياب مفهوم السيادة الشعبية، وحضور كلمة شعب في التصدير مرة واحدة، وبشكل عَرَضي.
هذا وتنحو أطراف السجال حول تقييم المقتضيات الدستورية الجديدة إلى نوع من المقايسة بين روافع التغيير والتحديث، وعناصر المحافظة والتقليد في المتن الدستوري الجديد… وهكذا، فإن المقاربة التعبيرية للنص الدستوري باتت تتمفصل حول قراءتين متعارضتين له، وتتأرجح بين أطروحتين متقابلتين حول أبعاد ودلالات توجهاته.
أولا: قراءة سياسية – حزبية
القراءة الأولى للنص الدستوري المغربي الجديد بالمغرب فيما يخص الفصل بين السلطات هي قراءة سياسية – حزبية (Politico–partisane)، ذات منحى راديكالي في مقاربة إشكاليات الشأن العمومي، وفي صدارتها المسألة الدستورية… وتنصب هذه القراءة السياسية -الحزبية على عدد من المقتضيات الدستورية التي تندرج بكل تأكيد في مسلسل التحول الديمقراطي الذي يشكل الإصلاح الدستوري الجديد إحدى محطاته الحاسمة، وإحدى حلقاته التراكمية.
ويقوم التقييم السلبي لهذه المقتضيات على كون البنيان الدستوري الجديد قد أرسى هيمنة المؤسسة الملكية على غيرها من المؤسسات الدستورية، وذلـك اعتباراً للصلاحيات المخولة لها في المجال التأسيسي والقانوني والمؤسساتي، كما في الحقل الديني[36]، كما حاصر الانخراط في الشمولية العالمية لحقوق الإنسان بمبدأ التلاؤم مع المنظومة القانونية الوطنية[37] ، وقيد مبادرة التعديل الدستوري عبر احتكار السلطة التأسيسية المطلبية، وهو الاحتكار الذي يفتح المجال لصلاحية التصرف في نصوص الدستور[38].
وتتقاطع خـلاصـات هـذه الـقـراءة السياسية – النقدية لنص الدستور الجديد، حـول إصـدار أحكام قطعية، تبلور أطروحة تبخيسية حول الإصـلاح الدستوري، مفادها أن النص الدستوري الجديد:
- لا يوفر الحد الأدنى لـ “إحـداث القطيعة مع نظام السلطة الدستورية الذي يسود فيه الملك ويحك”[39].
- لا يؤسس لنظام دستوري يرسي دعائم “الملكية البرلمانية”[40].
- لا يستجيب لمعايير الـديـمـقـراطـيـة ودولــة الـحـق والـقـانـون، فـهـو دسـتـور «يـؤطـر مختلف المؤسسات من أجل ضمان وخدمة الملكية الحاكمة[41].
وتشي هذه الأطروحة الافتراضية بأن نهج ومضمون الإصلاح الدستوري لم يتحررا من منطق الاستمرارية التحكمية»، ولم يغادرا، بعد، مربع ثوابتها السلطوية.
ثانياً: قـراءة سياسية – سياقية
القراءة الثانية للنص الدستوري المغربي الجديد بالمغرب فيما يخص الفصل بين السلطات ، هي قـراءة سياسية – سياقية ترصد المقتضيات الدستورية الجديدة في سياق الشروط التاريخية، والظروف السياسية التي تؤطر دينامية الانتقال الديمقراطي، وتستوعب هذه الدينامية عبر سيرورتها التطورية، التدرجية وفي هذا المضمار، فإن الإصلاح الدستوري لم يتأسس على رؤية سياسية أحادية، بل هو نتيجة توليفة، منبثقة من مصادر أساسية أربعة : أولها الدعائم السبع التي تضمنها الخطاب الملكي ليوم 9 مـارس 2011، وثانيها توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة، وثالثها مضامين الإطار المرجعي للجنة الاستشارية للجهوية ورابعها مذكرات الأحزاب السياسية والهيئات النقابية، ومنظمات المجتمع المدني، وهي المذكرات التي وفرت أرضا خصبة في مجال التأصيل الدستوري[42].
ومن جهة أخرى، فإن روحية المضامين الدستورية التي تبناها الإصلاح الدستوري الجديد تبدو مندرجة في منطق التأسيس لـ “ملكية برلمانية”، طالما أن نظام الحكم الذي كرسه الدستور، وهو “نظام ملكية دستورية، ديمقراطية، برلمانية واجتماعية”، محكوم بدينامية تطورية نحو “نظام الملكية البرلمانية”[43]، في إطـار من التفاعل والتناغم مع مميزات وخصوصيات الكيان الدولتي بالمغرب. وما لا ريب فيه أن إقحام مفهوم “برلمانية “يعيد تقوية الطابع البرلماني للملكية الدستورية، التي ظل يغلب عليها الطابع الرئاسي، لكن دون أن يصل الأمـر إلـى تكريس ملكية برلمانية[44].
ومـن مقومات النظام البرلماني في النص الدستوري الجديد: «إقــرار نـوع من الـتـوازن بين مختلف المؤسسات الدستورية: كمنح مجلس النواب سلطة إقالة الحكومة بواسطة ملتمس الرقابة، وفي الوقت نفسه إعطاء رئيس الحكومة حق حل البرلمان.
ولقد تضمن دستور 2011 العديد من المستجدات في موضوع السلطة القضائية حيث خصص له الباب السابع ما مجموعه 22 فصلا، الفصول من 107 إلى 128 همت ثلاثة محاور أساسية وهي:
. استقلال القضاء: الفصول (من107 إلى 112).
. المجلس الأعلى للسلطة القضائية: الفصول (من113 إلى 116).
. حقوق المتقاضين وقواعد سير العدالة: الفصول (من 117إلى 128).
فبينما لم يكن القضاء في المغرب يرتقي بموجب دستور1966 إلى سلطة، كما أن تركيبة واختصاصات المجلس الأعلى للقضاء ظلت محل العديد من الانتقادات[45] و في ظل هذا الفراغ الدستوري نلاحظ منذ اعتلاء صاحب الجلالة الملك محمد السادس العرش وفي خطاباته الملكية السامية تبنت مفهوم السلطة القضائية وأكدت على أن جلالة الملك هو الضامن لاستقلال القضاء، و من هذه الخطب هناك الخطاب السامي بمناسبة عيد العرش المجيد بتاريخ 30 يوليوز 2008 الذي قال فيه ” مؤكدين بصفتنا ضامنا لاستقلال القضاء حرصنا على التفعيل الأمثل لهذا المخطط” وبالتالي من خلال هذه الخطب وغيرها وضعت السلطة القضائية بالمغرب بالمكان الجدير بها وهكذا تم التأكيد على مفهوم السلطة القضائية في الخطاب التاريخي لصاحب الجلالة الملك محمد السادس ليوم 9 مارس 2011 الذي أعلن فيه جلالته عن الارتقاء بالقضاء إلى سلطة مستقلة و هذا ما جاء في الفصل 107 من الدستور” السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية و عن السلطة التنفيذية وأن الملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية ” و يتجلى استقلال السلطة القضائية في الدستور المغربي من خلال منع كل تدخل في القضايا المعروضة على القضاء من خلال أوامر أو تعليمات أو ضغوط، و قد أوكل الدستور للقضاء مهمة إحالة كل أمر يتعلق بتهديد استقلالية القضاء إلى المجلس الأعلى للسلطة القضائية.
المطلب الثالث: تقييم مبدأ فصل السلط في النظام الجزائري ما بعد دستور 2016
أجرى المشرع الدستوري الجزائري وبمبادرة من رئيس الجمهورية تعديلا دستوريا دون المرور عبر الاستفتاء الشعبي، وهو قرار اتخذه هذا الأخير، بعد رأي المجلس الدستوري بأن مقترح التعديل لا يمس البتة وبأي كيفية المبادئ العامة التي تحكم المجتمع الجزائري، وحقوق الإنسان والمواطن وحرياتهما، ولا يمس أيضا التوازنات الأساسية للسلطات والمؤسسات الدستورية. ومن بين التعديلات المهمة التي أوردها المشرع الدستوري، نجد الإدراج الصريح لمبدأ الفصل بين السلطات في ديباجة النص الدستوري، بل واعتبره من خلال نص المادة 15 من المبادئ التي تقوم عليها الدولة.
وبناءعلى ما سبق سنحاول في هذا الموضوع القيام بتقييم للعملية فصل السلط في مقتضيات الدستور الجديد لسنة 2016، بالحديث عن مظاهر التعاون والتوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية في النظام الجزائري (أولا)، ثم التطرق السلطة القضائية وعلاقتها بالسلطة التنفيذية والتشريعية (ثانيا).
أولا: مظاهر التعاون والتوازن بين السلطة التشريعية والتنفيذية
الأكيد أن رئيس الجمهورية يجسد السلطة التنفيذية من خلال ما يملكه من سلطات وصلاحيات، تجعل من أعضاء الحكومة والوزير الأول بمثابة الساهرين على تنفيذ برنامجه، من خلال مخطط عمل الحكومة، وفي هذا تشبه صريح بالنظام الرئاسي على وحدوية السلطة التنفيذية، ولكن باستقراء نصوص القانون رقم 16-01 المتضمن التعديل الدستوري، لا نجد صعوبة في اكتشاف عوامل يمكن أن تصنف كوسائل ذات بعد تعاوني وتلك ذات بعد رقابي، لكن في النهاية تجسد أبعاد قدرة تأثير السلطة التنفيذية على عمل السلطة التشريعية، ويمكن تلخيصها في المتفق عليه أن البرلمان هو صاحب الاختصاص الأصيل لعملية التشريع ولو السيادة في إعداد القوانين والتصويت عليها (نص المادة 112 من التعديل الدستوري) إلا أنه ولاعتبارات متعددة أضحت هذه المهمة ليست حكرا على البرلمان لوحده دون باقي السلطات خاصة السلطة التنفيذية. [46]
وبالرجوع لنص الدستور بعد التعديل الأختَ لصد أن المشرع الدستوري قد حصر مجال اختصاص البرلمان في مجال التشريع من خلال متن المواد 140-، 141ل والملاحظ على أغلبها أن البرلمان يشرع في إطار القواعد العامة فقط، فإضافة إلى حصر مجالات التشريع وقصره – في معظمه- على القواعد العامة يقابله نص المادة 143، الذي يفتح المجال للسلطة التنظيمية لرئيس الجمهورية دون حدود في المجالات غير المخصصة للقانون، بل أكثر من ذلك يصبح الرئيس مشرعا من خلال نص المادة 142، والتي تنص على إمكانية أن يشرع رئيس الجمهورية في مسائل عاجلة، في حالة شغور المجلس الشعبي الوطني، أو خلال العطل البرلمانية، بعد رأي مجلس الدولة الاستشاري وفي الحالة الاستثنائية (نص المادة 107 من التعديل الدستوري).
والأوامر الرئاسية بعد مصادقة البرلمان عليها تصبح لها قوة القانون، وعليه يتولى رئيس الجمهورية عرض نصوص الأوامر التي اتخذها وفقا للدستور على غرفتي البرلمان في أول دور لتوافق عليها، وهنا أعضاء البرلمان مقيدون أثناء التصويت، فهم مطالبون بالموافقة على الأمر برمته، أو رفضه برمته، وفي هذه الحالة الأخيرة يصبح الأمر لاغيا.
ثانياً: السلطة القضائية وعلاقتها بالسلطة التنفيذية والتشريعية
رغم اعتبار السلطة القضائية يجب أن تكون مستقلة مهما كانت طبيعة النظام الدستوري المتبع، أو فلسفة الحكم السائدة، ويجب أن تحرج من كونها طرفا في تجاذبات السيطرة، والاستفراد بالهيمنة بين السلطات، ويجب أن تكون على مسافة واحدة من جميع السلطات، حتى تؤدي دورها كصمام أمان لتحقيق دولة الحق والقانون.
ورغم ذلك ومن خلال ما ورد في التعديل الدستوري لصد أن السلطة التنفيذية خاصة رئيس الجمهورية يمتلك عدة منافذ، يمكن أن تلعب دورا في التأثير على عمل السلطة القضائية نذكر منها: [47]
- سلطة رئيس الجمهورية في التعيين في المناصب القضائية؛
- رئاسة المجلس الأعلى للقضاء؛
- يمارس رئيس الجمهورية حق العفو أو تخفيض العقوبات واستبدلها؛
- عدم مسؤولية رئيس الجمهورية مدنيا ولا جزائيا؛
- حدود القضاء أمام مسألة أعمال السيادة وعدم جواز توجيه أوامر للإدارة.
طبقا لمبدأ الفصل بتُ السلطات لا يستطيع القضاة إصدار قرارات تتضمن نصوصا تشريعية، أو وقف تنفيذ قانون أو أكثر، وبالمقابل لم يرد أي نص يمنع المشرع من التدخل في أعمال القضاء، ولم ينشئ أي جهاز يمكنه إلزام السلطة التشريعية على الالتزام بعدم التدخل في أعمال القضاء ورغم الاستقلال الوظيفي والعضوي بين السلطتين إلا أنه يمكن للسلطة التشريعية أن تؤثر بطريق مباشر، أو غير مباشر على السلطة القضائية، يمكن إيجازها في عدة نقاط نذكر منها: عند التصويت على القانون الأساسي للقضاء، والنصوص المتعلقة بتنظيمه، سواء بالتعديل أو الإثراء أو الاقتراح. [48]
- تؤثر السلطة التشريعية على سير القضايا أمام القضاء بإصدار قوانين تطبق عليها
- تصويت البرلمان على ملتمس الرقابة بما يعني استقالة الحكومة، ومعها وزير العدل، المرتبط بالمجلس الأعلى للقضاء، وبجهاز النيابة العامة.
- استجواب الحكومة لوزير العدل ينطوي على اتهام له ولسياسته في تسييره الأمور المتعلقة بوزارته حرمان القضاء من رقابة دستورية القوانين، بحيث استقر المشرع الدستوري الجزائري على اعتماد المجلس الدستوري كضمان لرقابة دستورية القوانين بدلا عن المحكمة الدستورية، التي اعتمدت لدى الكثير من الدول، بنص المواد 182،191 من التعديل الدستوري الجديد، تحت عنوان الرقابة.
وختاما لقد جاء التعديل الدستوري الأخير بالعديد من الأفكار التي تبرز ملامح الإصرار على التوجه أكثر نحو تجسيد لإيديولوجية الليبرالية من خلال أحد أهم مبادئ الثلاثة وهو مبدأ الفصل بين السلطات، ولعل النص الصريح على المبدأ تؤكد هذا التوجه في موضعين هما الديباجة، وفي المادة 15، إضافة الى ما يفيد هذا المعنى، خاصة المادة 112 التي تؤكد أن السلطة التشريعية تمارس مهام التشريع بكل سيادة، وكذلك المادة 156 باعتبار السلطة القضائية مستقلة. [49]
إن ورود مبدأ الفصل بين السلطات في ديباجة الدستور يجعل منه إحدى الأفكار التي ساهمت في صياغة باقي بنود الدستور بما يتوافق وإرادة الامة، ويحفظ مصالحها وتوجهها الإيديولوجي ومراعاة للتناغم والترابط بين نصوص الدستور لا بد من صياغة مواده بالشكل الذي يكفل تجسيدا المبدأ، إن صراحة أو ضمنا. [50]
الملاحظ أن المشرع الدستوري على مستوى الفصل العضوي أخذ بالفصل الجامد طريقا، متوخيا للفعالية المطلوبة في أداء كل سلطة لمهامها الدستورية، أما على المستوى الوظيفي فقد جنح نحو تحقيق فصل مرن بين السلطات، من النص على الرقابة المتبادلة، لكن بما لا يفيد التضاد، إلى التعاون المتبادل بما لا يؤدي إلى استيلاء سلطة على صلاحيات الأخرى أفضلية واضحة لرئيس الجمهورية، الذي يجسد السلطة التنفيذية من حيث النصوص، ويرتقي إلى مرتبة الحكم بين السلطات أحيانا، ويجمع في يده كل السلطات في الأوضاع الاستثنائية وتلك ضرورة مرحلية. [51]
خاتمة:
لا يكفي، في السياق المغاربي، أن نتوفّر على وثيقة دستورية مكتوبة متقدمة عن سابقتها حتى نطمئن على المسار الديمقراطي لبلادنا، ذلك أن الممارسة العملية تكشف وجود تصرفات تتجاوز روح الدستور ومنطوقه بشكل مباشر، وهو ما يعني أن هناك معوقات بنيوية تعوق تطبيق الدستور على نحو سليم.
فرغم أننا اليوم أمام دساتير جديدة، الا أن الثقافة السياسية التي تصاحبها لا تزال تنهل من معين قديم، وهو ما يستلزم ضرورة التنبيه إلى أن تفعيل أي دستور الجديد يستلزم تنشئة سياسية مواكبة ومتشبعة بمبادئ الممارسة الديمقراطية الحديثة، وعلى رأسها سمو مبادئ الوثيقة الدستورية كمبدأ الفصل بين السّلطات، وربط المسؤولية بالمراقبة والمحاسبة
-إن الزمــن الــذي مــر بيــن موجتــي الحركــة الدســتورية يؤكــد علــى تنامــي الديمقراطيــة بشــكل متزايــد مــن خــلال التأكيــد علــى القيــم الدسـتورية التـي باتـت مشـتركة أكثـر مـن أي وقـت مضـى حتـى فيمـا يتعلـق باحتـرام هويـة كل بلــد.
لكن وجب التنبيه الى أن إن إنشــاء محاكــم دســتورية عربيــة أو تفعيــل دور واختصاصــات المحاكــم الموجــودة أصــلا، يشـكل سـيفا ذا حديـن فـي مرحلـة الإصلاحـات السياسـية فـي الـدول العربيـة، خاصة مع اعتبار الدور المفصلي لها في حماية تطبيق مبدأ الفصل بين السلط، وتتمثـل إحـدى الاهــداف الرئيســية لإنشاء المحاكــم الدســتورية فــي وقــف الاعتــداءات علــى الدســتور، باعتبـاره الوثيقـة الاسـمى لحمايـة الحقـوق والحريـات فـي الدولـة، ومـن المعـروف أن الجهـة التـي تقـوم بذلـك فـي الـدول العربيـة هـي الحكومـات، وبالتالـي فـإن سـحب صلاحيـات كافـة القضـاة فـي البـت فـي دسـتورية القوانيـن والانظمـة وحصـر ذلـك فـي هيئـة واحـدة سيكـون للحكومــات معها دور كبيــر وأساســي فــي بعــض البلــدان ومطلــق فــي بلــدان أخــرى فــي تعييــن أعضائهـا، مما قـد لا يحقـق المصلحـة والغايـة مـن إنشـاء تلـك المحاكـم، ولا سـيما فـي المراحـل الانتقاليـة للتطـور نحـو الديمقراطيـة وسـيادة القانـون فـي تلـك الـدول.
ختاما يمكن القول إن مبدأ فصل السلط أخذت به دساتير دول كثيرة لكن اختلفت في تطبيق هذا المبدأ على أرض الواقع، مما أدى عمليا إلى بعض التجاوزات لقواعده غالبا ما تمثلت إما في ترجيح كفة السلطة التشريعية أو العكس، ومن خلال تقوية اختصاصات الجهاز التنفيذي.
هكذا نجد أن الدستور المغربي هيمنت فيه السلطة التنفيذية على السلطة التشريعية (البرلمان) من خلال إمكانية حل البرلمان بمجلسيه أو أحدهما من قبل رئيس الدولة (الملك)وليس مجلس النواب فقط دون أية قيود حقيقية، فقط استشارة كل من رئيس المحكمة الدستورية وإخبار رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين، وتوجيه خطاب الى الامة، وهي كلها أمور شكلية.
أما على مستوى الدستور التونسي، فإن المشرع الدستوري قد حدد أولويات المجلس الأعلى للقضاء في مهمة السهر على توفير الضمانات الأساسية للقضاة، من تعيينات في الوظائف والنقل والترقيات على أساس معايير الاستقلالية والنزاهة والحياد، وإبراز صورة السلطة القضائية كمؤسسة مستقلة تضمن عملية الانتقال الديمقراطي في تونس”.
ومن الاختيارات الغامضة والسلبية التي يمكن أن تصعب مهمة تحديد النظام السياسي في تونس هي التنصيص في بعض الفصول على حل بعض المسائل “بالتشاور بين رئيس الحكومة ورئيس الدولة”، وعدم التنصيص على كيفية حل الإشكال إذا لم ينجح التشاور بين الطرفين، وهذا الأمر سيكون له، إذا حصل تعارض بين الرئاستين، أثر سلبي على مؤسسات الدولة خصوصا عند اقتراب المواعيد الانتخابية. ومن النقاط السلبية والتي تطرح إشكالا هو فصل السياسة الخارجية والدفاع التي تم تضمينها في صلاحيات رئيس الجمهورية عن السياسات العامة للدولة التي ستكون بيد رئيس الحكومة والأهم هو كيف سيتم تقريب وجهات النظر بين الطرفين في تطبيق هذه السياسات المرتبطة ببعضها؟
أما بخصوص مبدأ مونتسكيو في الجارة الجزائر، فهذا مبدأ يعد أحد أهم الأسلحة الفعالة التي ساهمت في الحد من الحكم المطلق وبناء الأنظمة الديمقراطية التي تهدف إلى ضمان حقوق الإنسان وحرياته الأساسية، وقد تطور هذا المبدأ إلى أن أصبح عبارة عن جهاز قياس مدى ديمقراطية نظام الحكم في أي دولة من الدول، ورغم أهمية هذا المبدأ إلا أنه لم يكن معروفاً في التشريعات القديمة ذلك لأن السلطة كانت عبارة عن حق شخصي للحاكم تتجمع في يده جميع السلطات. ومن هذا المنطلق فإن غياب مبدأ الفصل بين السلطات سيؤدي لا محالة إلى تركيز السلطة في يد واحدة وهو ما يقود إلى الاستبداد والطغيان، وغياب الديمقراطية ودولة الحق والقانون، ولتحقيق الديمقراطية وصيانة الحريات سعى المؤسس الدستوري الجزائري من خلال التعديل الدستوري الأخير إلى محاولة تحقيق التوازن بين السلطتين التنفيذية والتشريعية.
لائحة المراجع:
الكتب
سعيدة العثماني، الأنظمة السياسية في البلدان النامية، واقع الأجهزة وأزمة المشروعية، المطابع المغربية والدولية، طنجة، الطبعة الأولى 2008.
تشارلز تيللي، الديمقراطيّة، ترجمة محمد فاضل طباخ، المنظّمة العربيّة للترجمة، بيروت، الطبعة الأولى، 2010.
زين الدين محمد: “الدستور ونظام الحكم في المغرب”، مطبعة النجاح، 2015.
زيـــد العلـــي، محمـــود حمد، يوســـف عوف: “الكتاب السنوي 2015/2016″، المنظمة العربية للقانون الدستوري، تونس، 2017.
علي الدين هلال ونيفين مسعد، النظم السياسية العربية: قضايا الاستمرار والتغيير، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى أبريل 2000.
عادل ثابث، النظم السياسية: دراسة للنظم الرئيسية المعاصرة ونظم الحكم في بعض البلدان العربية، دار الجامعة الجديدة للنشر-الإسكندرية، طبعة 1999.
عبد الله بوقفة، آليات تنظيم السلطة السياسية في النظام السياسي الجزائري- دراسة مقارنة، دار هومة، عين مليلة، 2002.
عمر بندورو: “العلاقات بين السلط فصل أم خلط في السلط؟ “مجلة وجهة نظر عدد 24 الطبعة الأولى 2011.
– محمد شفيق صرصار:” القانون الدستوري والمؤسّسات السياسيّة، تونس 2007.
الرسائل
مكناش نريمان، “السلطة التنفيذية في دساتير بعض الدول المغاربية: الجزائر، المغرب، تونس، مذكرة لنيل شهادة الماجستير العام في القانون كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سعيد حمدي، 2015، الجزائر
مجلات
أمينة السعودي:” التوازن بين السلط في الدساتير المغربية الستة، (1962 – 2011)”، منشورات الجمعية المغربية للقانون الدستوري.
أيمن طلال يوسف، النظام السياسي الفلسطيني 1996-2006: من الأحادية إلى الاستقطاب الثنائي، مجلة شؤون عربية السنة التاسعة والعشرون، العدد 334/ ديسمبر 2006.
المغاري عبد العزيز: “خمسون سنة من الحياة الدستورية المغربية أية حصيلة؟، منشورات الجمعية المغربية للقانون الدستوري، الرباط، مطبعة المعارف الجديدة 2013.
عبد الرحمان علال، “دستور 2011 تأملات وإشكالات” مجلة مسالك الفكر والسياسة والاقتصاد عدد مزدوج 19-20/ 2012.
محمد مدني: ” الدستور الجديد تركيز السلطة وضعف الضمانات”، مجلة دفاتر وجهة نظر العدد 24 مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 2011.
شبل بدر الدين، “العلاقة الوظيفية الرقابية على ضوء مبدأ الشرعية الدستورية والممارسة”، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد الرابع 2008.
رقية مصدق: “وهم التغيير في مشروع الدستور الجديد”، مجلة وجهة نظر العدد 24 مطبعة النجاح المطبعة الأولى.
رسائل جامعية
وثائق
الدستور المغربي لسنة 2011
الدستور التونسي لسنة 2014
الدستور التونسي لسنة 1988.
جمعية عدالة: استقلال السلطة القضائية بالمغرب، سنة 2013
المراجع الاجنبية
Gregory S.Mahler, comprative polities : an instituitional and cross-national approa-ch (upper saddle river.New jeresy : Prentice Hall.2000(, p 6-16
R-sunny, p. Schmitter and Javier Santiso, political transitions in the arab world, theoretical considération and inter-regional prarallel (birzeit : graduate institute of international studies, 2001), p 61-104.
Gregorio Peces Barba : « droit et pouvoir : le pouvoir et ses limites », revue de droit public, n°5, 1999, page 1273.
Mokhtar Bou Abdellah, «la séparation des pouvoirs en droit algérien et sa répercussion sur la notion de justice administrative », revue de la jurisprudence, volume 2, numéro 3, pages 03-25.
Pierre Pactet, institutions politiques : droit constitutionnel, Masson, Paris, 4eme edi,1978, P105.
الهوامش:
(*) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية
[1] – تشارلز تللي:” الديمقراطية”، ترجمة: محمد فاضل طباخ، المنظمة العربية لترجمة، بيروت، الطبعة الأولى، ص: 12 ومايليها.
[2]– أنظر، سعيدة العثماني، الأنظمة السياسية في البلدان النامية، واقع الأجهزة وأزمة المشروعية، المطابع المغربية والدولية، طنجة، الطبعة الأولى 2008، ص: 8-9.
[3]– راجع، على الدين هلال ونيفين مسعد، النظم السياسية العربية: قضايا الاستمرار والتغيير، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، الطبعة الأولى أبريل 2000، ص: 9-10.
[4]– Gregory S.Mahler, comprative polities : An instituitional and cross-national approa-ch (Upper Saddle River.new Jeresy : Prentice Hall.2000(, p 6-16
[5] – Gregory S. Mahler, p.2
[6]– لمزيد من الإيضاح، أنظر، عادل ثابث، النظم السياسية: دراسة للنظم الرئيسية المعاصرة ونظم الحكم في بعض البلدان العربية، دار الجامعة الجديدة للنشر-الإسكندرية، طبعة 1999، ص: 187 وما بعدها.
[7]– أنظر، أيمن طلال يوسف، النظام السياسي الفلسطيني 1996-2006: من الأحادية إلى الاستقطاب الثنائي، مجلة شؤون عربية السنة التاسعة والعشرون، العدد 334/ ديسمبر 2006، ص: 41.
[8] – R-sunny, p. Schmitter and Javier Santiso, political Transitions in the Arab World, theoretical considération and inter-Regional prarallel (Birzeit : Graduate Institute of international studies, 2001), p 61-104.
[9]– Gregory S. Mahler.1-2.
[10]– زيـــد العلـــي، محمـــود حمد، يوســـف عوف: «الكتاب السنوي 2015/2016″، المنظمة العربية للقانون الدستوري، تونس، 2017، ص 9.
[11] – الدستور التونسي لسنة 2014 حاول ما أمكن الـتأكيد على استقلالية المؤِسسات وضمان فصل السلط على سبيل المثال:
*الفصل 102 – القضاء سلطة مستقلة تضمن إقامة العدل، وعلوية الدستور، وسيادة القانون، وحماية الحقوق والحريات. القاضي مستقل لا سلطان عليه في قضائه لغير القانون.
*الفصل 52 – يتمتع مجلس نواب الشعب بالاستقلالية الإدارية والمالية في إطار ميزانية الدولة. يضبط مجلس نواب الشعب نظامه الداخلي ويصادق عليه بالأغلبية المطلقة لأعضائه.
-والدستور المغربي بدوره يضمن فصل السلط الفصل107 ” السلطة القضائية مستقلة عن السلطة التشريعية وعن السلطة التنفيذية، والملك هو الضامن لاستقلال السلطة القضائية “.
[12] – فلقد أصدر الباي يوم 21 شتنبر 1955 أمرا عاليا يتعلّق بالتنظيم المؤقّت للسلطة العموميّة، وكان هذا الأمر استجابة للوضع الجديد المتمثّل في الاستقلال الداخلي للبلاد التونسيّة بمقتضى اتفاقيات 3 يونيو 1955. وفي نفس هذا السياق جاء الأمر العالي المؤرّخ في 29 ديسمبر 1955 والمتعلّق بإحداث مجلس قومي تأسيسي، ولهذا النصّ أهميّة كبيرة في تأسيس النظام السياسي التونسي إذ على أساسه وقعت لأول مرّة في التاريخ التونسي دعوة الشعب لانتخاب نوابه في المجلس عن طريق الاقتراع العام الحرّ والمباشر. وقد كان لهذه المشروعيّة الشعبيّة التي حضي بها المجلس أهمّية محدّدة في قيامه باسم الشعب بإلغاء النظام الملكي وإعلان الجمهوريّة في 25 يوليوز 1957، ومن هذا الإعلان اتخذ التنظيم السياسي في تونس منعرجا جديدا تكلّل بدخول الدستور التونسي حيز التنفيذ يوم 8 نوفمبر 1959.
[13] – أي أنها ديمقراطيّة على النمط الليبرالي.
[14] – والصعوبة هنا هي أن الهدفين ينطلقان من فلسفتين مختلفتين: فلسفة ذات مرجعيّة ليبراليّة، وفلسفة تعطي للدولة الريادة في كلّ المجالات، لهذا أكد المجلس القومي التأسيسي على ضرورة إقامة سلطة تنفيذيّة قويّة.
[15] – وسنقتصر على ذكر أهمّ التعديلات الدستورية بتونس:
– تعديل 31 ديسمبر 1969 والذي كرس صلب الدستور مؤسّسة الوزير الأولّ، وهي كما رأينا سابقا مؤسّسة من مؤسّسات النظام البرلماني.
– تعديل 19 مارس 1975 والذي أقرّ الرئاسة مدى الحياة لفائدة الرئيس الحبيب برقيبة.
– تعديل 8 أبريل 1976 والذي شمل قرابة ثلثي فصول الدستور، والذي أدخل جملة من التقنيات التي ترتبط عادة بالنظام البرلماني مثل لوم الحكومة وحلّ البرلمان من قبل الرئيس. هذا بالإضافة إلى تكريس تقنيّة الاستفتاء.
– تعديل 25 جويلية 1988 والذي أعاد تنظيم السلطة التنفيذيّة وراجع علاقتها مع السلطة التشريعيّة.
– تعديل 27 أكتوبر 1997 والذي شمل عديد الفصول لكن لن نركز في هذا الإطار إلا على تعديله لوظيفة تشريع القوانين.
– نذكر أخيرا تعديل يونيو 2002 والذي غيّر تركيبة البرلمان ليصبح برلمانا ذو مجلسين وذلك بإنشاء مجلس المستشارين إضافة إلى مجلس النواب.
– محمد شفيق صرصار:” القانون الدستوري والمؤسّسات السياسيّة”، تونس، شتنبر 2007، ص 47.
[16] – محمد شفيق صرصار:” القانون الدستوري والمؤسّسات السياسيّة”، المرجع نفسه، ص 48.
[17] – الفصل 38 من الدستور التونسي لسنة 1988.
[18] – وفي حالة عدم المصادقة على مشروع الميزانيّة من قبل البرلمان قبل أجل 31 ديسمبر يمكن لرئيس الجمهوريّة إدخال أحكام مشاريع قوانين الميزانيّة حيز التنفيذ بأقساط ذات ثلاثة أشهر قابلة للتجديد وذلك بمقتضى أمر.
[19] – الفصل 19 من الدستور التونسي لسنة 1988.
[20] – ويظمّ مجلس النواب على إثر الانتخابات التشريعيّة لسنة 2004 ،189 نائبا، من ضمنهم 37 نائبا من أحزاب المعارضة، في حين ضبط الأمر عدد 836 لسنة 2005 مؤرّخ في 24 مارس 2005 العدد الاجمالي لأعضاء مجلس المستشارين ب 126 مستشارا 43 منهم يمثلون الولايات بحساب عضو أو اثنين عن كلّ ولاية حسب عدد السكان، و42 ينتخبون على المستوى الوطني من بين الأعراف والفلاحين والأجراء، وذلك بترشيح من المنظمات المهنيّة المعنيّة ضمن قائمات لا يقلّ عدد الأسماء بها عن ضعف عدد المقاعد الراجعة إلى كلّ صنف، ثم أخيرا 41 مستشارا يعيّنهم رئيس الجمهوريّة من بين الشخصيات والكفاءات الوطنيّة.
[21] – الأسئلة الكتابيّة والشفاهيّة: الأسئلة الكتابيّة والشفاهيّة هي وسيلة لرقابة البرلمان على الحكومة برزت في ظلّ الأنظمة البرلمانيّة، والغرض من هذه الأسئلة استيضاح أمر من الأمور أو مسألة تتعلّق بالسياسة العامّة أو بالمستجدّات من الأحداث، وقد ظهر هذا الأسلوب لأوّل مرّة في بريطانيا العظمى سنة 1721. وقد نصّ الفصل 61 من الدستور التونسي” لكلّ عضو بمجلس النواب أن يتقدّم إلى الحكومة بأسئلة كتابيّة أو شفاهيّة”. وأضافت الفقرة الثالثة من نفس الفصل ” تخصّص جلسة دوريّة للأسئلة الشفاهيّة لأعضاء مجلس النواب وأجوبة الحكومة. ويمكن أن تخصّص الجلسة الدوريّة لحوار بين مجلس النواب والحكومة حول السياسة القطاعيّة. كما يمكن تخصيص حصّة من الجلسة العامّة للإجابة عن الأسئلة الشفاهيّة بشأن مواضيع الساعة”.
[22] – لائحة الوم: هي وسيلة تمّ تكريسها لأوّل مرّة صلب الدستور التونسي بمقتضى تعديل 1976. وهي تقنية مرتبطة أشّد الارتباط بالنظام البرلماني، وتتمثّل في مشروع عريضة يتقدّم به مجموعة من النواب يعبرون فيه عن معارضتهم لمواصلة الحكومة ممارسة مهامها، ويؤدّي التصويت عليها بالأغلبيّة المطلوبة إلى استقالة الحكومة.
وقد حدّد الدستور التونسي مجموعة شروط لإصدار لائحة اللوم: الشرط الأول هو شرط موضوعي يتمثّل في مبرّر توجيه لائحة اللوم وقد بيّنت الفقرة 1 من الفصل 62 هذا بالقول ” يمكن لمجلس النواب أن يعارض الحكومة في مواصلة تحمّل مسؤولياتها إن تبيّن له أنها تخالف السياسة العامّة للدولة والاختيارات الأساسيّة المنصوص عليها بالفصلين 49 و58 ويكون ذلك بالاقتراع على لائحة لوم”.
أما الشروط الإجرائيّة فجاءت بها الفقرة 2 من الفصل 62 وهي أن تكون لائحة اللوم معلّلة وممضاة من قبل ثلث أعضاء مجلس النواب على الأقلّ ولا يقع الاقتراع عليها إلا بعد مضيّ ثمان وأربعين ساعة على تقديمها” ويجب المصادقة عليها بأغلبيّة ثلثي مجلس النواب.
أما نتائج التصويت على لائحة اللوم، فهي استقالة الحكومة عند تقديم لائحة اللوم
الأولى.
أما إذا صادق البرلمان على لائحة لوم ثانية أثناء نفس المدّة النيابيّة إما أن يقبل رئيس الجمهوريّة استقالة الحكومة أو يحلّ مجلس النواب.
[23] – لجان التحقيق والمراقبة: هي لجان يكوّنها البرلمان من بين أعضائه لإجراء
تحقيقات لكشف مسألة من المسائل أو أزمة معيّنة أو فضيحة ما، وتتمتّع لجان البحث سواء في الأنظمة البرلمانيّة أو الرئاسيّة بعدّة صلاحيات كسماع شهادة الشهود وطلب تقارير الخبراء ودعوة كلّ شخص يمكن أن يساعدها على استقصاء الحقائق.
وتعدّ الجنة المكلّفة بالتحقيق في ختام عملها تقريرا مشفوعا بجملة من التوصيات.
ولم يتعرّض الدستور التونسي إلى هذه اللجان، كما لم يشر النظام الداخلي لمجلس النواب صراحة إلى هذه الإمكانيّة وذلك إلى غاية تعديله في 22 يوليوز 1999 حيث أدرجت ضمن فصله 36 إشارة محتشمة إلى إمكانيّة إحداث “لجان أخرى غير قارّة لدرس شؤون خاصّة كتنقيح الدستور أو النظام الداخلي”.
وعلى مستوى الممارسة أحدث مجلس النواب بعض لجان التحقيق أهّمها اللجنة التي تمّ بعثها بدفع من الحكومة واهتمّت بالتحقيق في تصرّفات كاتب الدولة للاقتصاد والتخطيط والماليّة السيد أحمد بن صالح وذلك سنة 1969، واللجنة التي تمّ إحداثها في ظروف متقاربة سنة 1984 للتحقيق في تصرّف وزير الداخليّة الأسبق السيد إدريس قيقة خلال أحداث الخبز. وبرزت بعد هذا بعض لجان التحقيق للتعرّف على أوضاع المنشئات والمؤسّسات العموميّة.
– محمد شفيق صرصار:” القانون الدستوري والمؤسّسات السياسيّة” مرجع سابق، ص 52/53.
[24] – أمينة السعودي:” التوازن بين السلط في الدساتير المغربية الستة، (1962 – 2011)”، منشورات الجمعية المغربية للقانون الدستوري، كتاب بعنوان خمسون سنة من الحياة الدستورية المغربية أية حصيلة؟، 2013، طباعة المعارف الجديدة، ص 14 – 15.
[25] – أمينة السعودي:” التوازن بين السلط في الدساتير المغربية الستة، (1962 – 2011)”، مرجع سابق، ص 15.
[26] – أمينة السعودي:” التوازن بين السلط في الدساتير المغربية الستة، (1962 – 2011)”، المرجع نفسه، ص 16.
[27] – فتح الله الغازي:” القانون الدستوري والمؤسسات السياسية”، مرجع سابق، ص 140، 141.
[28] – فتح الله الغازي:” القانون الدستوري والمؤسسات السياسية”، نفس المرجع، ص 143.
[29] -عبد الله بوقفة، آليات تنظيم السلطة السياسية في النظام السياسي الجزائري- دراسة مقارنة، دار هومة، عين مليلة، 2002، ص205.
[30] – انظر المادة 119 من التعديل الدستوري لسنة 2016.
[31] –
[32] – par Gregorio Peces Barba : « droit et pouvoir : le pouvoir et ses limites », revue de droit public, n°5, 1999, page 1273.
[33] – عبد الرحمان علال، “دستور 2011 تأملات وإشكالات” مجلة مسالك الفكر والسياسة والاقتصاد عدد مزدوج 19-20/ 2012، ص 36 وما بعدها.
[34] – فقد نص الدستور المغربي “الجديد” على مجمل حقوق الإنسان الواردة في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى تكريس سمو الاتفاقات الدولية كما صادق عليها المغرب، وعلى التشريعات الوطنية، والتنصيص على العمل على ملاءمة هذه التشريعات مع مقتضياتها.
[35] – “نظام الحكم بالمغرب نظام ملَكية دستورية ديمقراطية برلمانية اجتماعية”.
[36] – لتوصيف هذه «الهيمنة ُشار عادة إلى مقتضيات الفصلين 41-42، في الدستور الجديد: فالفصل 41 ينص على الصلاحيات الدينية الحصرية للملك كأمير للمؤمنين، ورئيس للمجلس العلمي الأعلى، والفصل 42: ينص على مكانة الملك بصفته رئيسا للدولة، ويمارس، بهذه الصفة، مهامه السيادية والضمانية والتحكيمية، ويـرى البعض في الجمع بين الصلاحيات والوظائف المخولة للملك في ظل هذين الفصلين، عنوانا لهذه الهيمنة. انظر: عبد الرحيم العلام:” الملكية وما يحيط بها في الدستور المغربي المعدل”، دفاتر وجهة نظر؛ 33 الرباط: مطبعة النجاح الجديدة، 2015، ص 15 – 32.
[37] – تستند هـذه المؤاخذة إلـى كـون الدستور المغربي لا يأخذ بمبدأ «سمو المواثيق الدولية»، طالما أن تصدير الدستور ينص على أن هذا «السمو» يمارس في «نطاق القوانين الداخلية». انظر: الساسي، «قـراءة في العلاقة بين نص الخطاب الملكي لـ 17 يونيو 2011 ونص الدستور الجديد،» ص 44-45.
[38] – يتعلق الأمـر، بصدد هذا المأخذ، بمسطرة عرض الملك على البرلمان، بعد «استشارة رئيس المحكمة الدستورية، مشروع مراجعة بعض مقتضيات الدستور، ومصادقة البرلمان، المنعقد بدعوة من الملك، على مشروع المراجعة، بأغلبية ثلثي الأعضاء الذين يتألف منهم». انظر رقية مصدق: «وهم التغيير في مشروع الدستور الجديد”، مجلة وجهة نظر العدد 24 مطبعة النجاح المطبعة الأولى، ص 84-59.
[39] – عمر بندورو: “العلاقات بين السلط فصل أم خلط في السلط؟ “مجلة وجهة نظر عدد 24 الطبعة الأولى 2011، ص 107.
[40] – محمد مدني «الدستور الجديد تركيز السلطة وضعف الضمانات”، مجلة دفاتر وجهة نظر العدد 24 مطبعة النجاح الجديدة الطبعة الأولى 2011 ص 85 وما بعدها85.
[41] – عمر بندورو:” العلاقات بين السلط، فصل أم خلط في السلط،” في: الدستور الجديد ووهم التغيير مرجع سابق، ص 107.
[42]– زين الدين محمد: «الدستور ونظام الحكم في المغرب”، مطبعة النجاح، 2015، ص 170.
[43]. – يـنـص الفصل الأول من الدستور على أن «نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية، برلمانية واجتماعية». يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
[44] – زين الدين محمد: «الدستور ونظام الحكم في المغرب «مرجع سابق، ص 188.
[45] – استقلال السلطة القضائية بالمغرب جمعية عدالة- جميلة السيوري لسنة 2013 ص 20.
[46] – Mokhtar Bou Abdellah, « la séparation des pouvoirs en droit algérien et sa répercussion sur la notion de justice administrative », revue de la jurisprudence, Volume 2, Numéro 3, Pages 03-25.
[47] – _شبل بدر الدين، “العلاقة الوظيفية الرقابية على ضوء مبدأ الشرعية الدستورية والممارسة”، مجلة الاجتهاد القضائي، العدد الرابع 2008، ص. ص 290_278،
[48] – مكناش نريمان، “السلطة التنفيذية في دساتير بعض الدول المغاربية: الجزائر، المغرب، تونس، مذكرة لنيل شهادة الماجستير العام في القانون كلية الحقوق والعلوم السياسية جامعة سعيد حمدي، 2015، الجزائر، ص 44
[49] -Pierre Pactet, institutions politiques : droit constitutionnel, masson, Paris, 4eme edi,1978, p105.
[50] – مكناش نريمان، “السلطة التنفيذية في دساتير بعض الدول المغاربية: الجزائر، المغرب، تونس، مرجع سابق، ص49.
[51] – شبل بدر الدين، “العلاقة الوظيفية الرقابية على ضوء مبدأ الشرعية الدستورية والممارسة”، مرجع سابق، ص32.