مجلة مغرب القانونالقانون العامعمر علوي هشماني: الصحراء المغربية بين منظور النظام الجهوي وإطار الحكم الذاتي

عمر علوي هشماني: الصحراء المغربية بين منظور النظام الجهوي وإطار الحكم الذاتي

ذ. عمر علوي هشماني دكتور في القانون العام

تمهيد:

يعد نزاع الصحراء المغربية من أقدم النزاعات الدولية وأعقدها، إذ يهوي بثقله على منطقة الشمال الإفريقي برمتها ويعيق مطلب التكامل المفروض بين بلدانها، ويؤثر سلبا على العلاقات القائمة بينها حاضرا ومستقبلا رغم سياسة اليد الممدودة التي ما فتئ المغرب يبسطها لتصفية هذا النزاع المفتعل وفق أسس سلمية، وكان آخرها المقترح الذي تقدم به المغرب للتفاوض حول الحكم الذاتي والذي حرك المياه الراكدة من خلال ردود الأفعال الدولية المعبر عنها اتجاهه، وكذلك من خلال الوصف الذي أطلقته عليه قرارات مجلس الأمن منذ قرار 1754 من أنه مقترح جدي وذي مصداقية، فمن خلال هذه المبادرة انتقل المغرب من موقع الدفاع إلى موقع الهجوم، عملا بمبدأ حين تضيع الخيارات فلابد من اتخاذ قرارات كانت تبدو في لحظات سابقة جارحة وقاسية.[1]

وعلى هذا الأساس، سنخصص الحديث في هذا المقال عن ظروف وسياق نشأة مشروع الحكم الذاتي، كما سنعرض المرتكزات الرئيسية لهذا المقترح الجاد، وخاصة ما يتعلق باختصاصات وهيئات جهة الحكم الذاتي.

أولا: سياقات نشأة مشروع مقترح الحكم الذاتي المغربي

تسارعت الاقتراحات والمبادرات المتواترة على طول مدة زمنية تجاوزت عقدها الثالث قصد إنهاء الصراع المفتعل في الصحراء المغربية، غير أن الواقع الملموس قد بين فشل تلك المحاولات لسبب بسيط غير أنه وجيه من الناحية السياسية، هو أن الأفق السياسي والتطور الإستراتيجي الذي تحكم في تلك المبادرات لم يأخذ بعين الاعتبار قضية الصحراء في شموليتها وفي أبعادها السياسية والإنسانية.[2]

ولتجاوز هذه العراقيل المفتعلة، طفت على السطح اقتراحات ومبادرات أممية عدة باءت بالفشل منذ عهد “كورتفالدهايم”إلى عهد “كوفي عنان” دون أن تصدق نبوءة أي منهم، فقد كانوا جميعا يلتقون عند تبسيط النزاع في ما يشبه بساطة الحياة في الصحراء، قبل أن يخفقوا في إدراك الفارق بين الحلول التي يمكن أن تخرج من المكاتب وتلك التي تنفذ على أرض الواقع،[3] وأمام هذا الركود الذي عرفه ملف الصحراء على المستوى الدولي، والذي ينذر بالاستمرار إلى ما لا نهاية على حساب وحدة واستقرار شعوب المنطقة وتقدمها مع تفاقم تكلفته الباهظة إنسانيا واقتصاديا وسياسيا دوليا ووطنيا، ظهرت الحاجة إلى فعل ما، مبادرةما، سيكون لصاحبها السبق في التعبير عن حسن نيته واستعداده للعملعلى تخليص المجتمع الدولي من مشكل عمر أكثر من اللازم، وبالتالي سيربح مقدما مجموعة من النقاط لصالحه،[4] وهو ما أقدم عليه المغرب في مبادرته من أجل التفاوض بشأن الحكم الذاتي لجهة الصحراء.

هكذا قام المغرب بتجديد مفهوم الحكم الذاتي، لأنه ليس هناك مشروع سياسي بديل منذ الاستعمار الإسباني للأقاليم الصحراوية، إلا مشروع الحكم الذاتي، أما الاستفتاء فما هو إلا فكرة منبثقة عن توجه حزبي آنذاك تم نسف معالمها بصفة نهائية مع المبعوث الأممي “فان فالسوم”، حين اعتبر الاستقلال حلا غير واقعي. فالحكم الذاتي ليس فكرة جديدة، بل فكرة إسبانية في الأصل وجهت إلى حزب البونس وإلى رئيسه ولد الرشيد الذي يرأس حاليا المجلس الاستشاري للشؤون الصحراوية”الكوركاس”، وهومشروع الملك الراحل الحسن الثاني في الثمانينات عندما أنشأ وزارة خاصة بالشؤون الصحراوية.

وقد انبثق مشروع الحكم الذاتي المستجد سنة 2005 عن ظرفية دولية اتسمت بالفوضوية التي زادت الوضع المغاربي في المنطقة تأزما، نتيجة الإرهاب المستفحل في المنطقة، في مقابل العجز الذي نخر صلابة الإرادة السياسية المغاربية في النهوض بتكتل مغاربي طالت فترة سباته. كما عانت المنطقة المغاربية من الاضطراب الأمني نتيجة ما يسمى بالجماعات الإسلامية في منطقة المغرب العربي، ناهيك عن الزحف المستمر لشبكات الهجرة الدولية، وكذلك شبكات ترويج المخدرات على المنطقة.[5]

هذا، وقد جاء مقترح الحكم الذاتي تتويجا لعدة تنازلات تاريخية مهمة جدا، فبعدما كان المغرب في عهد الملك محمد الخامس يطالب بحدود تمتد إلى نهر السنيغال بضم موريتانيا، تنازل عن هذه الأخيرة مغرب الحسن الثاني، مقتسما معها الأقاليم الجنوبية التي كانت في يد المستعمر الإسباني، وقبوله إجراء الاستفتاء في سنة 1981 ثم بعد ذلك قبل بوقف إطلاق النار سنة 1991 في مرحلة تفوق عسكري يمكنه من تصفية الجبهة، أضف إلى ذلك السماح بدخول المينورسو (قوات حفظ السلم ومراقبة احترام إيقاف إطلاق النار)إلى هذه الأقاليم.

فمشروع الحكم الذاتي جاء كاستجابة للمتطلبات الدولية والحاجيات الداخلية والرهانات الإقليمية بتحقيقه معادلة “لا غالب ولا مغلوب، وأن المنتصر لا يحوز كل شيء والخاسر لا يفقد كل شيء”. وهذا المشروع هو الحل الذي يصون الحقوق الثابتة ويحفظ الخصوصيات ويفتح آفاقا رحبة للبناء الاقتصادي والتقدم الاجتماعي والتعايش في إطار التضامن الوطني.

كما جاء مشروع الحكم الذاتي لامتصاص الضغوط الخارجية التي كانت تدفع المغرب إلى القبول بالنتائج الأولية لتحديد الهوية، فهي مبادرة استباقية للمقاولات الرامية إلى ضرب الموقف المغربي الداعي فيما سبق إلى مشاركة جميع الصحراويين في الاستفتاء. كما يرمي إلى كسب تأييد القوى الكبرى، كفرنسا التي كانت الداعم لحل توافقي بصيغة “لاغالب ولا مغلوب”، وكذلك الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث أن الوزيرة السابقة للخارجية “مادلين أولبرايت” كانت أول من طرح على المغرب طرح صيغة توافقية تجمع بين الشرعية التاريخية والشرعية الدولية لإيجاد مخرج للنزاع.[6]

مقال قد يهمك :   الحكم القضائي الصادر عن إدارية مراكش في قضية شمهروش (تحميل)

فمشروع الحكم الذاتي إذن جاء في سياق المغرب الحداثي والديمقراطي الذي تعمل المملكةعلى مواصلة العمل به، وبانسجام مع النهج السلمي للمسيرة الخضراء المجيدة، وتمثلا لثورة الملك والشعب،[7] وكإمكانية واقعية جادة لتفويض اختصاصات هامة لكل سكان المنطقة في الإطار الضروري للسيادة والوحدة الترابية للمغرب، وهذا ما سنعرض إليه في الفقرة الموالية من هذه الورقة.

ثانيا: المرتكزات الرئيسية لمقترح الحكم الذاتي المغربي

حاول المغرب استثمار مختلف التجارب الدولية والمتطلبات الداخلية قصد بلورة نظام خاص بمنطقة الصحراء والمتمثل في مقترح الحكم الذاتي “بخصائص مغربية” كاستثناء على المجال الترابي الوطني، كما هو الحال بالنسبة لإسبانيا. وتتكون المبادرة المغربية من 35 مادة أو بند، وجاءت بأسلوب مكثف يمزج بين اللغة القانونية واللغة السياسية، وقد خصت هذه المبادرة جهة الحكم الذاتي باختصاصات واسعة تمارسها هيئات الحكم الذاتي، كما حددت طبيعة العلاقة بين جهة الحكم الذاتي والدولة.

1/ الاختصاصات التي جاءت بها المبادرة المغربية:

لقد خصت مبادرة الحكم الذاتي الذي تقدم به المغرب جهة الحكم الذاتي باختصاصات جد واسعة تمارسها داخل حدودها الترابية،[8] في حين أبقى على أخرى حصرية للدولة،[9] أما التي لم يتم التنصيص على تحويلها صراحة فإنها تمارس باتفاق بين الطرفين، وذلكعملا بمبدأ التفريع.[10]

أ/ الاختصاصات المقترحة لجهة الحكم الذاتي:[11]

تمارس جهة الحكم الذاتي اختصاصات واسعة ومهمة تشمل المجالات التالية:

  • المجال الاقتصادي والمالي: خولت المبادرة لجهة الحكم الذاتي الحق في القيام بكلما يدخل في إطار التنمية الاقتصادية والتخطيط الجهوي، وتشجيع الاستثمارات وإنعاش قطاعات التجارة والصناعة والسياحة والفلاحة، كما أعطتها الحق فيالإشراف على ميزانية الجهة ونظامها الجبائي.
  • المجال الاجتماعي: بمقتضى هذه المبادرة أصبحت جهة الحكم الذاتي مسؤولة علىقطاعات السكن والتربية والصحة والتشغيل والرياضة والضمان الاجتماعيوالرعاية الاجتماعية.
  • المجال الثقافي: منحت هذه المبادرة جهة الحكم الذاتي مهمة تحقيق تنمية ثقافية بمافيها النهوض بالتراث الثقافي الحساني.
  • مجال تدعيم البنى التحتية: وفق هذه المبادرة فجهة الحكم الذاتي مسؤولة عن هيكلةالبنى التحتية عن طريق منشآت مائية، وتزويد الجهة بالمياه والكهرباء والقيامبالأشغال العمومية، والإشراف على قطاع النقل.

فالملاحظ أن هذه الاختصاصات الممنوحة لجهة الصحراء، تتماشى مع ما هو متضمن في التجارب المتقدمة في تطبيق الحكم الذاتي (إسبانيا وإيطاليا)، كما تحترم الضوابط والمعايير المتعارف عليها عالميا في هذا الشأن، بل هناك من ذهب إلى حد اعتبار أن ما جاء في المشروع المغربي متفوق في كثير من مقتضياته على توصيات لجنة “لاندLund”.[12]

ولتمكين جهة الصحراء من ممارسة اختصاصاتها، حددت المبادرة المغربية الموارد المالية الضرورية التي ستساعدها في ذلك، وهي على الشكل التالي:

  • العائدات المتأتية من استغلال الموارد الطبيعية المرصودة للجهة.
  • الموارد الضرورية المخصصة في إطار التضامن الوطني.
  • الضرائب والرسوم والمساهمات المحلية المقررة من لدن الهيئات المختصةللجهة.
  • عائدات ممتلكات الجهة.[13]

ب/ الاختصاصات الحصرية للدولة:[14]

إلى جانب الاختصاصات المخولة لجهة الحكم الذاتي في الصحراء، نجد أنالدولة احتفظت لنفسها باختصاصات حصرتها الفقرة 14 من المبادرة المغربيةوتهم المجالات التالية:

  • المجال المتعلق بالسيادة ولا سيما العلم والنشيد الوطني والعملة.
  • المجال المتعلق بالاختصاصات الدستورية والدينية والحريات الفردية والجماعية.
  • فيما يخص الأمن الوطني والدفاع الخارجي والوحدة الترابية.
  • العلاقات الخارجية؛ غير أنه يمكن إشراك جهة الحكم الذاتي في القضايا ذات الصلةالمباشرة باختصاصات هذه الجهة.
  • النظام القضائي للمملكة.

وتباشر هذه الاختصاصات من طرف مندوبالحكومة في جهة الحكم الذاتي للصحراء.[15]

إن استعراضنا لمجمل الاختصاصات التي تضمنتها المبادرة المغربية، الغرض منه الوقوف على مدى جدية المغرب في طي ملف الصحراء، من خلال هذه المبادرة الجريئة، والتي لا نجدها إلا استثناء في بعض الأنظمة المتقدمة، كالمجموعات المستقلة في إسبانيا مثلا.

2/ هيئات جهة الحكم الذاتي للصحراء:

يقتضي منح جهة ما داخل الدولة حكما ذاتيا، أن تتوفر لها أجهزة وهيئات مستقلة عن السلطة المركزية للدولة، وقادرة على ممارسة مختلف الاختصاصات المسندة إليها في إطار الحكم الذاتي، وبالرجوع إلى المبادرة المغربية نجدها قد خصصت فقرات من 19 إلى 26 للحديث عن هذه الهيئات وسنوردها تباعا في النقط الموالية:

أ/ البرلمان الجهوي:

نصت المبادرة المغربية في فقرتها 19 على إنشاء برلمان الحكم الذاتي للصحراء، ويتكون من أعضاء منتخبين من طرف مختلف القبائل الصحراوية، وكذا من أعضاء منتخبين بالاقتراع العام المباشر من طرف مجموع سكان الجهة، مما يتعين أن تتضمن تشكيلة برلمان جهة الحكم الذاتي للصحراء نسبة ملائمة من النساء.

ويمارس برلمان جهة الحكم الذاتي الاختصاصات المرتبطة بالوظيفة التشريعية، شريطة مطابقة جميع القوانين الصادرة عنه لنظام الحكم الذاتي في الجهة ودستور المملكة.[16]

إن ما يمكن ملاحظته بالنسبة لانتخاب برلمان الحكم الذاتي، هو أن المبادرة سعت إلى ضمان تمثيلية مختلف أطياف المجتمع القبلي الصحراوي عن طريق أعضاء منتخبين من مختلف القبائل الصحراوية، وإن كان ذلك يتعارض مع النهج الديمقراطي في العملية الانتخابية، إلا أننانرى بأن الغاية التي توختها المبادرة هو إشراك جميع القبائل الصحراوية في الجهاز التشريعي دون إقصاء لبعض الأقليات الصحراوية التي قد لا تمنحها الانتخابات المباشرة تمثيلية في البرلمان. وفي نفس السياق، فقد حرصت هذه المبادرة على تخصيص نسبة ملائمة من مقاعد البرلمان الجهوي للنساء، وفي اعتقادنا فالمبادرة اقتدت بالقانون التنظيمي رقم 97-31 المتعلق بمجلس النواب والذي خصص “کوطا” تنتخب على الصعيد الوطني وقد توافقت الأحزاب السياسية على تخصيصها للنساء وهي في حدود 30 مقعدا.

مقال قد يهمك :   كربوعة زكرياء : تــــــأمين المنشآت الرياضية و الالتزام بضمان مبدأ السلامة في التشريع الجزائري

ب/ الجهاز التنفيذي:

يمارس السلطة التنفيذية في جهة الحكم الذاتي للصحراء رئيس حكومة ينتخبه البرلمان الجهوي وينصبه الملك، فهو من يمثل الدولة في الجهة،[17] كما يتولى تشكيل حكومة الجهة ويعين الموظفين الإداريين الضروريين لمزاولة الاختصاصات الموكولة إليه، بموجب نظام الحكم الذاتي، وهو مسؤول أمام برلمان الجهة.[18]

إن ما نلاحظه بخصوص انتخاب رئيس السلطة التنفيذية في جهة الحكم الذاتي أنه يتم عن طريق البرلمان الجهوي وليس انتخابا مباشرا من ساكنة المنطقة، ويرجع ذلك في منظورناإلى إعمال آلية التوافق بين أعضاء البرلمان بدل الانتخاب المباشر، والذي قد يؤدي إلى صراعات ونزاعات قبلية بين مختلف أطياف المجتمع الصحراوي، كما أن التنصيص على تنصيبه من طرف الملك يدخل في إطار الشكليات، ويفهم منه التذكير بالوحدة الترابية للدولة المغربية. وجدير بالذكر أنه قد تم التنصيص في المبادرة على مندوب حكومة يمارس اختصاصات الدولة في جهة الحكم الذاتي، غير أنه لم يتم توضيح طبيعة العلاقة بينه وبين رئيس السلطة التنفيذية، وكذلك ما إذا كان ممثلا للدولة أم أن تلك التمثيلية يمارسها رئيس حكومة جهة الحكم الذاتي.

ج/ الجهاز القضائي:

لقد أجازت المبادرة المغربية للبرلمان الجهوي أن يحدث محاكم تتولى البت في المنازعات الناشئة عن تطبيق الضوابط التي تضعها الهيئات المختصة لجهة الحكم الذاتي للصحراء، وتصدر أحكامها بكامل الاستقلالية وباسم الملك،[19] وفي اعتقادنا يفهم من ذلك ضمنيا أن هذا الجهاز يبقى في دائرة النظام القضائي للمملكة، وما يزكي هذا الاعتقاد ما ذهبت إليه الفقرتين 23 و24 من المبادرة.

بالنسبة للفقرة 23 نجدها تتحدث على المحكمة العليا الجهوية باعتبارها أعلى هيئة قضائية بجهة الحكم الذاتي للصحراء تتولى النظر في تأويل قوانين الجهة دون الإخلال باختصاصات المجلس الأعلى والمجلس الدستوري للمملكة.

وبخصوص الفقرة 24 فقد أكدت أنه إلى جانب القوانين والمراسيم التنظيمية، يجب على الأحكام القضائية الصادرة عن هيئة الحكم الذاتي للصحراء أن تكون مطابقة، بالإضافة إلى نظام الحكم الذاتي للجهة إلى دستور المملكة، وهذا الأمر مفهوم لأن نهج غير ذلك سيؤدي إلى المس بوحدة القضاء المعمول بها في المملكة.

د/ المجلس الاقتصادي والاجتماعي:

بالإضافة إلى الأجهزة السالفة الذكر فقد نصت المبادرة المغربية في فقرتها 26 على ضرورة توفر جهة الحكم الذاتي للصحراء على مجلس اقتصادي واجتماعي يتشكل من ممثلي القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والمهنية والجمعوية ومن شخصيات ذات كفاءات عالية. وحسنا فعلت المبادرة بتنصيصها على إحداث هذا المجلس نظرا للدور الهام الذي سيضطلع به، وذلك من خلال إبداء الرأي والدراسات في القضايا التي تهم جهة الحكم الذاتي للصحراء.

كما أن المبادرة المغربية تضمنت في فقراتها الأخيرة مسار الموافقة عليها وكيفية تفعيلها، حيث سيكون الحكم الذاتي للجهة موضوع التفاوض ويطرح على السكان المعنيين بموجب استفتاء ديمقراطي، وهو ما يعد في حد ذاته ممارسة حرة من لدنهم لحق تقرير مصيرهم،[20] كما أدرجت الآليات لتفعيله بعد موافقة سكان الصحراء عليه، بحيث يتم تعديل الدستور المغربي بإدراج الحكم الذاتي فيه، وذلك لضمان استقرار هذا النظام وإحلاله المكانة الخاصة اللائقة به داخل المنظومة القانونية للمملكة،[21] كما سيتم إدماج الأشخاص العائدين إلى الوطن إدماجا تاما في حظيرته بالشكل الذي يحفظ كرامتهم وسلامتهم ويحمي ممتلكاتهم،[22] فالوطن غفور رحيم.

ولهذه الغاية ستصدر المملكة عفوا شاملا يستبعد أي متابعة أو توقيف أو اعتقال أو حبس أو أي شكل من أشكال الترهيب.[23]

إن مبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب لجهة الصحراء بما تضمنته من اختصاصات واسعة وهيئات مستقلة لجهة الحكم الذاتي، هي حل وسط من شأنها أن تنهي الصراع المفتعل في الصحراء المغربية، بما يضمن حقوق المواطنين المغاربة في الصحراء، وكذلك المحتجزين في مخيمات تندوف، دون المساس بالسيادة المغربية على أراضيه.

خلاصة:

تعد الجهوية المتقدمة خيارا أساسيا من أجل تجاوز مجموعة من المشاكل والمعيقات، فهي بمثابة قنطرة للعبور نحو تحقيق الديمقراطية المحلية والتنمية المندمجة، وكذلك تعتبر مدخلامهما لحل النزاع المفتعل في الصحراء المغربية في انتظار التوافق حول مبادرة الحكم الذاتي.

ويعتمد تنزيل ورش الجهوية المتقدمة بالأساس على قلب معادلة التدبير الترابي للمملكة، عبر منح الهيئات اللامركزية الصلاحيات الأساسية لتدبير التنمية المحلية، بمقابل توفير الشروط الملائمة لإفراز مجالس تمثل حقيقة الساكنة مجاليا وتفرز مجلسا للمستشارين يكون بالفعل مجلسا للجهات وللجماعات الترابية، ويهتم أساسا بمجالات عملها وتنميتها.

ويتوقف أجرأة الجهوية المتقدمة على مجموعة من التدابير والإجراءات منها إعداد الحكومة لميثاق وطني لعدم التمركز، يتوخى إقامة نظام فعال لإدارة لاممركزة يعتمد مقاربة ترابية، ويقوم على نقل صلاحيات مركزية للمصالح الخارجية، والتعجيل بإحداث صندوق التأهيل الاجتماعي وصندوق التضامن بين الجهات، تعزيزا لبرامج النموذج التنموي الجديد قيد التنزيل.

مقال قد يهمك :   اجتهاد قضائي:امكانية الجمع بين مسطرة تحقيق الرهن ومسطرة تطبيق الإكراه البدني


الهوامش

1  علي الورطي، خيار الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، فاس، موسم 2008 – 2009، ص 71.

  2محمد بوبوش، المقاربة الملكية الجديدة في تدبير ملف الصحراء المغربية، منشور على الرابط التالي:

www.boubouche.maktoobblog.com

 3حكيم التوزاني، الحكم الذاتي المغربي بين الفعالية والمحدودية، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد27، صيف 2010، ص 43.

 4رياض فخري، قضية الصحراء بين خيار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، العدد 6، الطبعة الأولى 2010، ص 209.

  5حكيم التوزاني، الحكم الذاتي المغربي بين الفعالية والمحدودية، مرجع سابق، ص 44.

   6 خير الله خير الله، المغرب في عهد محمد السادس ماذا تغير؟ دار السقي،بيروت،الطبعة الأولى، 2007، ص 192.

 7حكيم التوزاني، الحكم الذاتي المغربي بين الفعالية والمحدودية، مرجع سابق، ص 74.

   8المادة 12 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

 9المادة 14 من المبادرة المغربية.

 10المادة 17 من المبادرة المغربية.

 11المادة 12 من المبادرة المغربية.

 12توصيات لجنة لاند أوصت على وجوب أن تمس اختصاصات الجهة قطاعات: التربية، الثقافة، استعمال لغة الأقليات، البيئة، اعداد التراب المحلي، الثروات الطبيعية، التنمية المحلية، حفظ النظام المحلي، السكن، الصحة والخدمات الاجتماعية، في حين استثنت مجالات مهمة جاءت في المبادرة المغربية مثل العدل، الجباية، السياحة، النقل، حيث جعلتها لجنة لاند اختصاصات مشتركة بين الجهات والسلطات المركزية.

 13المادة 13 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

 14المادة 14 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

 15الفترة 16 من المبادرة المغربية.

 16الفترة 24 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

 17الفترة 20 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

 18النقرة 21 من المبادرة المغربية.

 19الفترة 22 من المبادرة المغربية.

 20الفقرة 27 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

 21الفقرة 29 من المبادرة المغربيةللحكم الذاتي.

 22الفقرة 30 من المبادرة المغربية.

 23الفقرة 31 من المبادرة المغربية.


الهوامش:

(=) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللحنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.

[1] علي الورطي، خيار الحكم الذاتي في الصحراء المغربية، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، جامعة سيدي محمد بن عبدالله، فاس، موسم 2008 – 2009، ص 71.

[2] محمد بوبوش، المقاربة الملكية الجديدة في تدبير ملف الصحراء المغربية، منشور على الرابط التالي:

www.boubouche.maktoobblog.com

[3] حكيم التوزاني، الحكم الذاتي المغربي بين الفعالية والمحدودية، المجلة العربية للعلوم السياسية، العدد27، صيف 2010، ص 43.

[4] رياض فخري، قضية الصحراء بين خيار الجهوية الموسعة والحكم الذاتي، سلسلة اللامركزية والإدارة المحلية، العدد 6، الطبعة الأولى 2010، ص 209.

[5] حكيم التوزاني، الحكم الذاتي المغربي بين الفعالية والمحدودية، مرجع سابق، ص 44.

[6] خير الله خير الله، المغرب في عهد محمد السادس ماذا تغير؟ دار السقي،بيروت،الطبعة الأولى، 2007، ص 192.

[7]حكيم التوزاني، الحكم الذاتي المغربي بين الفعالية والمحدودية، مرجع سابق، ص 74.

[8] المادة 12 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

[9] المادة 14 من المبادرة المغربية.

[10] المادة 17 من المبادرة المغربية.

[11] المادة 12 من المبادرة المغربية.

[12] توصيات لجنة لاند أوصت على وجوب أن تمس اختصاصات الجهة قطاعات: التربية، الثقافة، استعمال لغة الأقليات، البيئة، اعداد التراب المحلي، الثروات الطبيعية، التنمية المحلية، حفظ النظام المحلي، السكن، الصحة والخدمات الاجتماعية، في حين استثنت مجالات مهمة جاءت في المبادرة المغربية مثل العدل، الجباية، السياحة، النقل، حيث جعلتها لجنة لاند اختصاصات مشتركة بين الجهات والسلطات المركزية.

[13] المادة 13 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

[14] المادة 14 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

[15] الفترة 16 من المبادرة المغربية.

[16] الفترة 24 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

[17] الفترة 20 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

[18] النقرة 21 من المبادرة المغربية.

[19] الفترة 22 من المبادرة المغربية.

[20] الفقرة 27 من المبادرة المغربية للحكم الذاتي.

[21] الفقرة 29 من المبادرة المغربيةللحكم الذاتي.

[22] الفقرة 30 من المبادرة المغربية.

[23] الفقرة 31 من المبادرة المغربية.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]