عبد الكبير الصوصي: قراءة في الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود المتعلق بالحوادث المدرسية
الدكتور عبد الكبير الصوصي العلوي
أستاذ جامعي
بالرجوع إلى الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود، نجده ينص على أنه:
” يسأل المعلمون وموظفو الشبيبة والرياضة عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم.”
والخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به عليهم، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد القانونية العامة.
وفي جميع الحالات التي تقوم فيها مسؤولية رجال التعليم العام وموظفي إدارة الشبيبة نتيجة ارتكاب فعل ضار أو بمناسبته إما من الأطفال أو من الشبان الذين عهد بهم إليهم بسبب وظائفهم وإما ضدهم في نفس الأحوال، تحل مسؤولية الدولة محل مسؤولية الموظفين السابقين، الذين لا تجوز مقاضاتهم أبدا أمام المحاكم المدنية من المتضرر أو من ممثله.
ويطبق هذا الحكم في كل حالة يعهد فيها بالأطفال أو الشبان إلى الموظفين السابق ذكرهم قصد التهذيب الخلقي أو الجسدي الذي لا يخالف الضوابط، ويوجدون بذلك تحت رقابتهم، دون اعتبار لما إذا وقع الفعل الضار في أوقات الدراسة أم خارجها.
ويجوز للدولة أن تباشر دعوى الاسترداد، إما على رجال التعليم وموظفي إدارة الشبيبة وإما على الغير، وفقا للقواعد العامة.
ولا يسوغ، في الدعوى الأصلية، أن تسمع شهادة الموظفين الذين يمكن أن تباشر الدولة ضدهم دعوى الاسترداد.
وترفع دعوى المسؤولية التي يقيمها المتضرر أو أقاربه أو خلفاؤه ضد الدولة باعتبارها مسؤولة عن الضرر وفقا لما تقدم، أمام المحكمة ” الابتدائية” أو محكمة “قاضي الصلح” الموجود في دائرتها المكان الذي وقع فيه الضرر.
ويتم التقادم، بالنسبة إلى تعويض الضرار المنصوص عليها في هذا الفصل بمضي ثلاث سنوات، تبدأ من يوم ارتكاب الفعل الضار.”
وهكذا، بقراءة بسيطة لهذا الفصل نجده يثير عدة ملاحظات أولية نوردها كما يلي:
– يتحدث “عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان” وكذلك عن الضرر “الحاصل ضدهم في نفس الأحوال”، سواء كان ذلك من طرف زملائهم الأطفال والشبان، أو من طرف الغير، وذلك خلال تواجدهم تحت عهدت رجال التعليم أو الشبيبة والرياضة.
– لذلك، لا مجال لبحث مسؤولية الدولة عن الحوادث المدرسية التي تقع للتلاميذ داخل المؤسسات التعليمية، والتي لا يكون مصدرها الشبان والأطفال أو الغير ( أجنبي عن موظفي الدولة) في إطار الفصل 85 مكرر من ق ل ع.
– ومن ثم فالفصل 85 مكرر من ق ل ع حصر حالات المسؤولية التي يجب بحثها في إطاره في تلك التي يكون مصدر الضرر فيها من الأطفال تجاه بعضهم البعض، أو من الغير تجاه أولائك الشبان أو الأطفال في الوقت الذي يكونون فيه في حراسة أطر التعليم أو الشبيبة والرياضة، بدليل أن نفس الفصل حفظ حق الدولة في الرجوع على هذا الغير.
– إنه لا أساس لما عليه العمل في المحاكم، حيث يتم بحث مسؤولية الدولة عن كل الحوادث المدرسية في إطار الفصل 85 مكرر دون سواه، وبالتالي تحميل الدولة للمسؤولية وبغض النظر عن مصدر الضرر هل هو من الشبان تجاه بعضهم أو من الغير تجاه هؤلاء الشبان (الفصل 85 مكرر من ق ل ع) أو أن مصدر الضر هو المرفق العام ( 79 من ق ل ع) مثلا سقوط التلميذ في حفرة تتواجد بالمؤسسة التعليمية وغير محروسة، أو تناول التلميذ لوجبة المطعم المدرسي وهي سامة… والتي يجب بحثها في إطار الفصل 79 من ق ل ع وليس في إطار 85 مكرر من نفس القانون.
لكن بالرغم من ذلك، واعتبارا لكون الدولة والإدارة التربوية بشكل خاص، يهمها أمن وسلامة التلاميذ أبناء اليوم ورجال ونساء المستقبل، فإنه يبدو أن الذين يؤمنون الدفاع عن الدولة في مثل هذه الحوادث لا يناقشون مثل تلك الجزئيات، طالما الدولة تؤمن- بمساهمة من التلاميذ- الحوادث المدرسية لدى إحدى شركات التأمين، وأن أي حكم سيصدر عن القضاء في هذه الحوادث يقضي بإحلال شركة التأمين بناء على طلب المتضرر-المدعي- أو الجهة التي تؤمن الدفاع عن الإدارة وهي غالبا الوكيل القضائي للمملكة.
فكيف يتم بحث الخطأ في مسؤولية الدولة عن الحوادث المدرسية (الفقرة الأولى)، وما هو أمد التقادم فيها (الفقرة الثانية)، وما هو حدود الضمان بالنسبة لشركة التأمين التي تؤمن هذه الحوادث (الفقرة الثالثة). ؟.
الفقرة الأولى: الخطأ في الحوادث المدرسية.
بداية تجب الإشارة أن هناك مسالة في غاية الأهمية لم تثار في موضوع الحوادث المدرسية وهي تلك المرتبطة بالجهة المختصة بنظر هذا النوع من المنازعات، هل جهة القضاء العادي أم جهة القضاء الإداري، حيث نجد أن كلا من الحاكم الإدارية والمحاكم العادية ينظر في مثل هذه الدعاوى، ولا أحد يثير الدفع بعدم الاختصاص النوعي لهذه الجهة أو تلك، بل إن المحاكم لا تثيره تلقائيا.
أما بشان مسؤولية الدولة في ميدان الحوادث المدرسية بمقتضى الفصل 85 مكرر من ق ل ع ، فالمشرع جعلها مقرونة بتوفر شروط معينة أهمها وجود خطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال من جانب المعلم المكلف بالحراسة والرقابة، والخطأ في هذه الحالة ليس مفترضا بل واجب الإثبات عملا بمبادئ المسؤولية الشخصية حسب منطوق الفصل 85 مكرر من ق ل ع الذي جاء فيه :
“… والخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به عليهم ( أي المعلمين) باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد القانونية العامة.”
ويترتب على ذلك أن قيام مسؤولية الدولة عن الحوادث المدرسية يقتضي بداهة أن يكون التلميذ في عهدة المشرفين على المؤسسة التعليمية وتحت رقابتهم، حتى يمكن مساءلتهم عن الأضرار اللاحقة به عند تقصيرهم في هذه المراقبة.
أما من جهة أخرى، فالمدعي ملزم بإثبات الخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به على المعلمين أو اطر الشبيبة والرياضة، باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، وفقا للقواعد القانونية العامة.
وفي هذا الصدد صدرت العديد من الأحكام والقرارات القضائية كلها تسير في وجوب إثبات الخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال وفقا للقواعد القانونية العامة، من تلك الأحكام والقرارات على سبيل المثال لا الحصر:
– القرار الصادر عن محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) الذي جاء فيه:
” لكن خلافا لما يراه الطالب فالقرار تناول مناقشة شهادة السيد المدير حسب التعليل أعلاه، ثم إن محكمة الاستئناف قضت وعن صواب بكون الفصل 85 مكرر من قانون العقود والالتزامات يشترط للقول بمسؤولية الدولة إثبات الخطأ وهو أمر لم يثبته المضرور مع العلم أن الاستفادة من ظهير 26/10/1942 هي استفادة تلقائية طبق الفصل 6 منه ولا تتوقف على إثبات الخطأ بل يكفي أن تقع الحادثة داخل المؤسسة إلا وأنه إذا لم تتم الاستفادة طبقا لمقتضى هذا الفصل فإنه لا يمنع المضرور من الالتجاء لدعوى المسؤولية المدنية وحينئذ تطبق مقتضيات الفصل 85 المذكور طبقا للفصل 8 من ظهير 1942 ومع العلم أن المحكمة أجابت على دفعي الطالب الواردين في مذكرتيه المؤرختين في 28/11/1986 و 3/7/1987 واللذين يهدفان إلى اعتبار الشهادة المدرسية كوسيلة إثبات وإلى اعتبار المؤسسة وبالتالي الدولة مسؤولة بمجرد الإدلاء بشهادة تثبت وقوع الحادثة مع أن الفصل 85 يشترط إثبات الخطأ والإهمال فالوسيلة في جزء منها خلاف الواقع فهي غير مقبولة وفي الجزء الآخر غير مرتكزة على أساس.”.
– القرار الصادر عن محكمة النقض الذي جاء فيه:
” لكن حيث إن الفصل 85 مكرر الذي استندت عليه المحكمة والذي يحدد أساس المسؤولية في النازلة ينص على أن الخطأ أو الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به عليهم أي المعلمين باعتباره السبب في حصول الحادث، يلزم المدعي إثباته وفقا للقواعد العامة حسب نص الفصل المذكور وبالتالي فإن المدعي المطلوب في النقض كان هو الملزم بإثبات صدور إهمال أو عدم حيطة من المعلم الذي كان التلميذ المصاب في عهدته أو خطا في التسيير الإداري أدى إلى حصول الحادث وأن المحكمة عندما اعتمدت على مقال الدعوى والوثائق المرفقة به وهي لا تشير إلى أكثر من أن التلميذ المعني بالأمر أصيب عند ممارسته للتمارين الرياضية أثناء حصة التربية البدنية و لا وجود لما يبرز خطا الدولة يكون تعليلها ناقصا وعديم الأساس القانوني.”.
– ثم القرار الصادر عن نفس محكمة النقض والذي جاء فيه:
” حقا لقد ثبت صحة ما عابه الطاعنون على القرار، ذلك أن الخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي يحتج به على المعلمين عن الضرر الحاصل من الأطفال والشبان، وعليهم خلال الوقت الذي يوجدون فيه تحت رقابتهم باعتباره السبب في حصول الفعل الضار، يلزم المدعي إثباته وفق القواعد القانونية العامة طبقا لمقتضيات الفصل 85 مكرر من ق ل ع، والمحكمة لما أوردت في تعليلها بأنه لا داعي للبحث في الفصل الواجب التطبيق الفصل 88 أو 85 من ق ل ع، مادام أن الضحية أصيب داخل المؤسسة في فترة الاستراحة، واعتبرت ذلك إهمالا في مراقبة التلاميذ وحملت الدولة مسؤولية الحادثة دون أن يثبت المدعي الخطأ الواقع في المؤسسة تكون قد ركزت قضاءها على غير أساس وخرقت مقتضيات الفصل المحتج به وعرضت بذلك قرارها للنقض”.
– الحكم الصادر عن المحكمة الإدارية بالدار البيضاء الذي جاء فيه:
” حيث إن الطلب يرمي إلى الحكم لفائدة المدعي نيابة عن ابنه القاصر بتعويض مسبق لا يقل عن 5000 درهم في مواجهة وزارة التربية الوطنية باعتبارها تحل محل موظفيها في المسؤولية عن الحوادث المدرسية…
وحيث إن هذه المسؤولية الإدارية غير مفترضة بل يتوجب على المدعي في إطارها أن يثبت في جانب الموظفين المشرفين الخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال الذي كان سببا في وقوع الضرر للقول بقيامها.
وحيث إنه وبعد الإطلاع على وثائق الملف تبين للمحكمة كون الطفل (أمين) أصيب أثناء ممارسته لألعاب الهواء الطلق وإثر اصطدامه بأحد زملائه، وبالتالي فإن الخطأ أو عدم الحيطة أو الإهمال غير ثابت في حق موظفي وزارة التربية الوطنية المشرفين على تلك الألعاب، خاصة وأنها محفوفة بمخاطر الاحتكاك البدني بين المشاركين والمفترض فيهم كونهم قبلوا مخاطرها.
وحيث يتعين تبعا لذلك الحكم برفض الطلب.”
– ثم القرار الصادر عن محكمة الاستئناف بمراكش في الملف المدني عدد 87/1140 الذي جاء فيه :
” حيث تبين للمحكمة من خلال اطلاعها على وثائق الملف صحة ما عابه المستأنف على الحكم ذلك أن شروط الفصل 85 من ق ل ع غير متوفرة في النازلة .
وحيث أنه لتوفر مسؤولية الدولة يتعين أن يقع إثبات أن هناك خطأ من جانب موظفيها أو إهمالهم خاصة وأنه لا يفترض و لا يمكن استفاده من وقائع الملف .
وحيث بناء عليه يكون الحكم المستأنف قد جانب الصواب، لذا وجب إلغاؤه والحكم من جديد برفض الطلب. “.
وهو القرار الذي أيده المجلس الأعلى بمقتضى قراره عدد 92 الصادر بتاريخ 21/6/1990 في الملف الإداري عدد 10219/89 الذي جاء فيه أيضا أنه :
” لكن حيث ورد في تنصيصات القرار المطعون فيه أن شروط الفصل 85 من ق ل ع غير متوفرة في النازلة وأن لتوفر مسؤولية الدولة يتعين أن يقع إثبات أن هناك خطأ من جانب موظفيها أو إهمالهم خاصة وانه لا يفترض و لا يمكن استنتاجه من وقائع الملف .
وحيث لذلك يكون القرار المطعون فيه قد أسس عن صواب على مقتضيات الفصل 85 مكرر من ق ل ع وأن مقتضيات هذا الفصل تقيم المسؤولية على أساس خطأ واجب الإثبات من جهة ومن جهة أخرى التأكد من قيام الخطأ أو عدم قيامه مسألة واقع وأن ما ينسبه الطاعن للمعلمين المكلفين بالحراسة من إقرار بمسؤوليتهما في الرسالة الموجهة من طرفهما إلى رئيس قسم الحوادث المدرسية مخالف للواقع وحيث لذلك تكون الوسيلتان غير مؤسستين وطلب النقض حليف بالرفض “.
الفقرة الثانية: التقادم في الحوادث المدرسية.
ينص الفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود في فقرته الأخيرة على أنه:
” … ويتم التقادم بالنسبة إلى تعويض الأضرار المنصوص عليها في هذا الفصل بمضي ثلاث سنوات تبدأ من يوم ارتكاب الفعل الضار.”
وبذلك يكون التقادم بالنسبة للحوادث المدرسية هو ثلاث سنوات ابتداء من تاريخ وقوع الفعل الضار.
هذا، والملاحظ على المستوى العملي أن الآباء يجهلون هذا المقتضى القانوني، ولا يتقدمون بمقال الدعوى إلا بعد مضي أكثر من ثلاث سنوات عن الحادثة المدرسية.
وحيث يفصل بين تاريخ الحادثة وتاريخ تقديم الدعوى ما يفوق 3 سنوات، لذلك يكون طلب المدعي قد طاله التقادم لأنه قدم بعد مرور أمد التقادم الثلاثي المنصوص عليه في الفصل المذكور، وبالتالي تلتمس الإدارة رفض الطلب لتقادمه، وتحكم المحكمة وفق الملتمس، ويضيع المتضرر من هذه الناحية.
وفي هذا الصدد صدر قرار عن محكمة الاستئناف بالدار البيضاء جاء فيه:
” حيث إن من بين أسباب استئناف الوكيل القضائي الدفع بتقادم الدعوى عملا بمقتضيات الفصل 85 مكرر من ق ل ع.
وحيث إن هذا الفصل قد حدد للدعوى المرفوعة في ظله مدة ثلاث سنوات كأمد للتقادم.
وحيث إن تاريخ بداية التقادم هو تاريخ الحادثة 15/11/1980 والمدعي لم يرفع دعواه إلا بتاريخ 12/11/1985 وبذلك تكون الدعوى قد تقادمت عملا بالفصل المذكور.”
ويسري التقادم المذكور في مواجهة القاصر والراشد سيان في ذلك، على عكس ذلك، صدر حكم عن المحكمة الإدارية بأكادير اعتبر أن التقادم المذكور لا يسري في مواجهة القاصر، وهكذا عللت الحكم الصادر عنها بأنه:
” في التقادم: حيث يتمسك الوكيل القضائي للمملكة بتقادم الطلب طبقا للفصل 85 مكرر من قانون الالتزامات والعقود.
لكن حيث إنه فضلا عن كون التقادم المتمسك به من طرف الوكيل القضائي للمملكة لا يمكن أن يسري في مواجهة القاصرين إلا ابتداء من بلوغ سن الرشد القانوني كما هو الحال في نازلة الحال، فإن التقادم المنصوص عليه في الفصل 85 مكرر المتمسك به يتعلق بالأفعال الايجابية التي ترتكبها الدولة وذلك أن بداية احتساب أجل التقادم يبتدئ من يوم ارتكاب الفعل الضار والحال أن المسؤولية في نازلة الحال غير مؤسسة على فعل إيجابي للإدارة وإنما على فعل سلبي يتمثل في الإهمال والتقصير مما يكون معه الدفع المتمسك به غير مؤسس قانونا ويتعين رده”
وهذا التوجه في نظرنا غير صائب على اعتبار أن المشرع قد خص الحوادث المدرسية بالتقادم المذكور ويسري من وقت وقوع الفعل الضار دون تمييز بين الفعل الإيجابي أو السلبي، ودون تمييز أيضا بين القاصر والراشد.
لذا، نقترح الرفع من أمد التقادم وجعله خاضعا للتقادم الخماسي، طالما أساس المسؤولية في الفصل 85 مكرر هو المسؤولية التقصيرية، وطالما أن طلب التعويض عن المسؤولية التقصيرية يتقادم وفق الفصل 106 من ق ل ع بمضي 5 سنوات.
الفقرة الثالثة: الضمان: حدود إحلال شركة التأمين في الأداء.
بالرجوع إلى الدعاوى التي ترفع ضد الدولة في نطاق الحوادث المدرسية، غالبا ما يلاحظ أن المدعي يدخل شركة التأمين التي تؤمن الحوادث المدرسية للدولة في دعواه.
وما دام أن الدولة تؤمن الحوادث المدرسية لدى شركة التأمين المذكورة، فإنه غالبا ما يتم الحكم بإحلال شركة التأمين (س. س) في الأداء، في حالة الحكم بالتعويض لفائدة المدعي، في حدود الضمان، الذي تحدده الاتفاقية الموقعة لهذا الغرض بين الدولة والشركة المذكورة.
وهذا الضمان محدد في سقف أقصى لا يمكن أن يتجاوز مبلغ 30.000 درهم، ومن ثم تحل شركة التأمين في حدود المبلغ المذكور، وما زاد عن ذلك تتحمله الدولة المغربية، وهذا ما أكدته أيضا محكمة النقض في العديد من القرارات الصادرة عنها في هذا المجال منها:
– القرار عدد 3300 الصادر بتاريخ 17/10/2007 في الملف المدني عدد 1043/1/3/2006 الذي جاء فيه:
” حقا، فقد صح ما عابه الفرعان من الوسيلتين على القرار، ذلك أن بند اتفاقية الضمان الرابع عشر، نص على تحديد سقف أقصى للتأمين، حدد في مبلغ 30.000 درهم ونص بروتوكوله التطبيقي في الجزء الثاني حرف ب المتعلق بالتزامات المؤمن بأن التعويض يؤدى على أساس مبلغ سقف الضمان المنصوص عليه في اتفاقية الضمان ونسبة العجز الجزئي الدائم بالضحية المحددة من طرف اللجنة الطبية الإقليمية، والمحكمة لما شملت بالضمان جميع مبلغ التعويض المحكوم به دون أن تعتد بما ورد في اتفاقية التأمين وبروتوكولها التطبيقي لم تركز قضاءها بخصوص الضمان على أساس، مما يعرض القرار بخصوصه للنقض.”
– ثم القرار عدد 2806 الصادر بتاريخ 15/06/2010 في الملف المدني عدد 1230/1/2/2009 الذي أكد أيضا على أنه:
” حيث تنعي الطاعنة على القرار خرق الفصل 230 من ق ل ع والبند 13 من اتفاقية الضمان المدرسي، فالطاعنة أثارت بكون الحد الأقصى للتعويض هو 30.000 درهم حينما تكون نسبة العجز الدائم 100 0/0 وأنه كان يتعين حصر التعويض في 3000 درهم باعتبار نسبة العجز 10 0/0 وعلى أساس 300 درهم للنقطة الواحدة. وأن الفصل الثاني من البروتوكول التطبيقي حدد التعويض على أساس نسبة العجز ومحكمة الاستئناف خالفت البند 14 من الاتفاقية وكذا البروتوكول التطبيقي.
لكن حيث إن البند 14 من الاتفاقية يحدد سقف الضمان يعني انه يحدد نطاق حلول شركة التأمين الطاعنة محل المؤمن له المسؤول عن الضرر، وأنه لا علاقة له بنسبة العجز الذي قد يصاب به الضحية.
وحيث إن سقف الضمان ألاتفاقي بين الطاعنة والدولة المغربية هو 30 ألف درهم، وهذا يعني أن نطاق حلول شركة التأمين محل المؤمن له لا يتعدى 30.000 درهم، والمحكمة لم تقض بما يتجاوز السقف ألاتفاقي ولم تخالف العقد، وما تمسكت به الطاعنة في برتوكول الاتفاقية لا يواجه به الضحية، كما أن ما تثيره الوسيلة اعتمادا على البروتوكول التطبيقي يلزم طرفيه ولا يلزم الغير (الضحية) ولا يواجه به والوسيلة على غير أساس.”