عادل منصوري: أدوار وزارة المالية بالمغرب في تنزيل السياسات العمومية بين تجسيد الحكامة المالية وواقع التدبير
عادل منصوري طالب باحث في سلك الدكتوراه
لقد أحدث القانون التنظيمي 130.13 لقانون المالية[1] تحولا بارزا في سيرورة تدبير المالية العمومية وتطورا هاما في الممارسة الميزانياتية للإدارة المغربية، إن على المستوى التشريعي أو على مستوى الممارسات والسلوكيات، فهو مدخل قانوني لتحديث التدبير المالي العمومي بالمغرب، فقد أحدث طفرة نوعية في كيفية تدبير مسلسل تنفيذ المالية العامة بالمغرب، بهدف إصلاح الإدارة، مستحضرا المقتضيات الدستورية التي جاء بها دستور [2]2011 الداعية إلى إرساء قواعد جديدة في التدبير العمومي وتقوية نجاعته، من خلال الالتزام بتحسين مؤشرات الديمقراطية والحكامة المالية وترشيد الإنفاق العمومي وشفافية الميزانية ومساءلة المدبرين العمومين وتحسين المقروئية الميزانياتية مع تعزيز دور البرلمان في المجال المالي؛ فتفعيلا لهذه المبادئ صدر القانون التنظيمي رقم 130.13 لقانون المالية ضمن سياق يتسم بإطلاق جملة من الإصلاحات البنيوية بغية تقوية دولة الحق والقانون وإرساء الدعائم الكفيلة بتحقيق حكامة مالية جيدة [3]بالمغرب؛
ومع توجه الدولة نحو اعتماد مقاربة جديدة في تدبير المالية العمومية، ترتكز على تحقيق الأثر، أسست لتوجه جديد في إعداد وتنفيذ المالية العامة يروم القطع مع الممارسات التدبيرية السابقة لما عرفته من قصور ومحدودية في تحقيق الأهداف التنموية المنشودة؛
واعتبارا للأهمية التي تميز الميزانية داخل مسلسل تنفيذ القرار السياسي للدولة، واعتبارها من بين الأدوات التي يتداول من خلالها مفهوم الحكامة المالية بشكل واسع، باعتبار أن العنصر المالي يحتل مكانة هامة في تنزيل السياسات العمومية، فهي مرآة رقمية للسياسة الحكومية، والأداة التي تمول بها كل النفقات العمومية وتنفذ بها البرامج والمشاريع المدرجة في قوانين مالية السنة، وتترجم بها الدولة تصوراتها إلى واقع ملموس، لتحقيق رقي الفرد والمجتمع، حيث يترجم القانون المالي السنوي من خلال حجم وطبيعة الاعتمادات المرصودة للاختيارات السياسية والأولويات الاقتصادية والاجتماعية لتحقيق الغايات والأهداف الكبرى للدولة، وهي بالتالي تشكل الأداة الرئيسية لتفعيل السياسات العمومية المعتمدة[4].
سنحاول معالجة هذا الموضوع من خلال بسط الإشكالية التالية: إلى أي حد يمكن اعتبار أدوار وزارة الاقتصاد والمالية، من خلال آلياتها التدبيرية، تجسيدا للحكامة المالية بالمغرب.؟
للإجابة على الإشكالية المطروحة، سنعالج الموضوع من خلال جزأين رئيسين، حيث سنتطرق إلى واقع الإعداد للقانون المالي السنوي وعلاقته بتنفيذ السياسات العمومية المعتمدة من طرف الحكومة من خلال المحور الأول، في حين سنعرج في المحور الثاني على دور وزارة الاقتصاد والمالية المغربية في مواكبة تنزيل السياسات العمومية.
I. الاعداد للقانون المالي السنوي بين تنزيل السياسات الحكومية وتطبيق النجاعة والحكامة الماليتين.
دأبت القطاعات الوزارية للدولة على مواكبة هذا التغيير الذي جاء به القانون التنظيمي لقانون المالية، من خلال إعداد مشاريع ميزانياتها القطاعية بمناسبة تهيئ مشروع القانون المالي السنوي، بعد عرض الوزير المكلف بالمالية على اللجنتين المكلفتين بالمالية بالبرلمان الإطار العام لإعداد مشروع قانون المالية[5]، وفق التأطير الذي يهدف تحقيق الحكامة المالية، وكذا احترام توجهاته الكبرى واستحضار السياقين الوطني والدولي الذي يزامن إعداده، حيث تتم هذه العملية بعد استصدار رئيس الحكومة المذكرة التوجيهية لإعداد مشروع قانون مالية السنة[6] التي عادة ما تعرض التوجهات العامة للحكومة، وأولويات مشروع قانون المالية السنوي، وتهدف الحفاظ على التوازنات المالية الكبرى بناء على التوقعات الماكرو-اقتصادية وتطور المؤشرات الاقتصادية الوطنية والدولية، حيث تشكل هذه المذكرة مرتكزا لبناء وتسطير سياسات عامة جديدة، وأجرأة للبرنامج الحكومي (الجديد)، كلما تزامن وضع قانون المالية وبداية الولاية الحكومية، أو استكمالا لتنزيل سياسات عمومية ترتبط بالتوجهات الكبرى للبلاد وبسياسات عامة سبق تسطريها والإعلان عنها، كما تدأب الرسالة التوجيهية لرئيس الحكومة على تسطير التدابير التي ينبغي التقيد بها خلال إعداد مقترحات الميزانيات الفرعية وحث مدبري المالية العمومية على اعتماد الحكامة المالية خلال برمجة النفقات، خاصة تلك المرتبطة بميزانية التسيير؛
حيث نظم القانون التنظيمي لقانون المالية 13-130مسلسل إعداد مشروع ميزانية القطاعات الحكومية، عبر تحديد الآجال التي يجب التقيد بها خلال تجميع مشاريع قوانين المالية القطاعية وتقديمها ومناقشتها أمام اللجان المختصة بغرفتي البرلمان [7]، حيث تعمل القطاعات الحكومية خلال هذه المناقشة على تقديم المجالات والمشاريع التي تم إدراجها بمشروع قانون المالية عبر عرض مشاريع السياسات العمومية والقطاعية المرتبطة به وسبل تنفيذها وفق مخصصات مالية يجب أن تعكسها بنية محكمة للميزانية.
كما أرسى المشرع المغربي من خلال هذا القانون الانتقال خلال تدبير الميزانية من منطق الوسائل(توفير الاعتمادات) إلى منطق النتائج (تحقيق الأهداف)، ومنه ترسيخ الارتقاء بمعنى الميزانيات المشكلة لمشروع قانون المالية من مجرد أرقام لها دلالة مالية إلى برامج مجالية تتوخى تحقيق أهداف تنموية محددة من خلال مشاريع قابلة للإنجاز، واختيار مؤشرات قابلة للقياس، ونتائج قابلة للتقييم، بل ترتقي فلسفة هذا القانون إلى توفير شروط تحقيق الفعالية والنجاعة والجودة وفق غايات ذات منفعة عامة[8]، وهو الأمر الذي أصبح يفرض إرفاق مشاريع قوانين مالية القطاعات الوزارية بمشاريع نجاعة الأداء.
يمكن القول بكون العمليات المرتبطة بإعداد قوانين مالية السنة هو تجسيد لنية أجرأة السياسات القطاعات الوزارية أو بعبارة أخرى هو تسخير للإمكانيات المالية للدولة لتنفيذ برامج حكومية، التي هي في الواقع سياسات عمومية تحتم بناء تقاطعات أفقية تبنى عبر تكتل لسياسات قطاعات وزارية متنوعة حسب طبيعة مجال التدخل، تتوخى الاستجابة لمجموعة من الاحتياجات تعتبرها الدولة أولوية وطنية يرجى من خلالها تجاوز مشاكل مجتمعية، حيث تنفذ هذه السياسات القطاعية وفق مقاربة شمولية مجالية موحدة وتستحضر الإمكانات الآنية، هذه المشاكل التي قد يتطلب حلها تبني رؤية مستشرفة تتجاوز أبعادها الحيز الزمني السنوي لقانون المالية، وهو ما أصبح يعرف بالبرمجة الميزانية متعددة السنوات[9]، حيث تحتم هذه البرمجة تحيين، كل سنة، البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات التي أقرها القانون التنظيمي لقانون المالية، حيث أن معطيات السنة الأولى من هذه البرمجة تطابق معطيات مشروع قانون المالية السنة، بينما تكون معطيات السنتان الثانية و الثالثة ذات طابع إخباري، مع توخي الواقعية في اعتمادها،. ويروم التحيين السنوي للبرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات تبيان الفوارق المحتملة بالمقارنة مع التوقعات الأصلية، وتهم البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات كل من ميزانيات القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية الخاضعة لوصايتها والمستفيدة من موارد مرصدة أو إعانات من الدولة، وتدرج توقعات النفقات المنبثقة من البرمجة الميزانياتية لثلاث سنوات في مشاريع نجاعة الأداء، وذلك لضمان انسجامها مع أهداف نجاعة الأداء والحد من تعدد الوثائق الميزانياتية.[10]
وبالمقابل وسع المشرع من خلال هذا القانون التنظيمي لقانون المالية من خلال ترسيخ الديمقراطية التشاركية التي تتمثل في دور البرلمان في مجال تدبير المالية العمومية، عبر تقوية أدواره الرقابية بدء بسلطة التصويت (المصادقة) على مشاريع قوانين المالية قبل اعتمادها من طرف السلطة التنفيذية، مرورا بضرورة الإخبار مسبقا بأي قرار مرتبط بفتح اعتمادات إضافية بمرسوم أثناء السنة عند الضرورة، وكذا عند وقف تنفيذ بعض نفقات الاستثمار إذا استلزمت ذلك الظروف الاقتصادية والمالية، وصولا إلى إحالة نسخة من تقرير المجلس الأعلى للحسابات على البرلمان حول تنفيذ قانون المالية والتصريح العام، كما أقر القانون التنظيمي لقانون المالية كذلك بضرورة إيداع مشروع قانون التصفية المتعلق بتنفيذ قانون المالية سنويا بمكتب مجلس النواب[11] تطبيقا للفصل 76 من الدستور، بالإضافة لضرورة عرض وزير الاقتصاد والمالية لمشروع قانون المالية أمام البرلمان ودور لجان التقصي البرلمانية، وجلسة الأسئلة الشفهية الموجهة لأعضاء الحكومة، والجلسة الشهرية لرئيس الحكومة أمام البرلمان، وكذا المهمة الدستورية المتمثلة في تقييم السياسات العمومية.
II. دور وزارة الاقتصاد والمالية في تحقيق النجاعة المالية بالمغرب
إن نجاح أي مشروع تنموي مجتمعي مشروط بانخراط الدولة بجميع مكوناتها، في تحقيق النجاعة المالية، باعتبارها الضامن للاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بالبلاد، تشجيعا للاستثمارَيْن الداخلي والخارجي، واعتبارا لكون الدولة قوة استثمارية بالمغرب و مازالت تحتل الصدارة، حيث تمثل استثمارات الدولة ثلثي حجم الاستثمارات الوطنية[12]، ونظرا للعلاقة الجدلية بين الإداري والسياسي في حقل السياسات العمومية التي تعكس واقع ازدواجية سلطة الإدارة في تدبير السياسات العمومية[13] واحتكارها لسلطة تنزيل السياسات العمومية، باعتبار الجهاز الإداري هو الفاعل الرئيسي في صياغة هذه السياسات، فإن الأمر يستوجب طرح أكثر من تساؤل حول مدى تحقيق المردودية والفعالية المطلوبتين.
صحيح أن الأهمية التي يحظى بها مجال تدبير المالية العامة للدولة، يدفع هذه الأخيرة إلى اعتبار هذا المجال مركز اهتمامها، فبالمغرب تشرف وزارة الاقتصاد والمالية بالإضافة إلى مجموعة من المهام المرتبطة بالجانب المالي، على مسلسل إعداد وتنفيذ قوانين مالية السنة، حيث يزكى هذا الطرح إحداث وزارة منتدبة لدى وزارة الاقتصاد والمالية مكلفة بالميزانية، خلال الولاية الحكومية الحالية، الشيء الذي يدعم انشغال الدولة بتركيز اهتمامها على الجانب المالي والاقتصادي، فتتولى هذه الوزارة من خلال مديرية الميزانية سلطة الضبط الإداري والمالي لهيئات ومؤسسات الدولة والجماعات الترابية، عبر إشرافها على إعداد مشاريع قوانين المالية وتتبع تنفيذها، وكذا مشروع قانون التصفية، ووضع الحساب العام للمملكة، ومراقبة مالية الجماعات الترابية وهيئاتها وميزانية المؤسسات العامة وممارسة الوصاية المخولة لوزارة الاقتصاد والمالية على مالية الجماعات المحلية وهيئاتها، أيضا من خلال الدراسة والمصادقة على ميزانياتي التسيير والتجهيز للمؤسسات العامة وكذا لمصالح الدولة المسيرة بصورة مستقلة وللغرف الاستشارية، وتمثيل وزارة الاقتصاد والمالية في لجان الصفقات العمومية، وتحديد كيفيات تمويل المشاريع أو البرامج المدرجة في ميزانية الدولة، والبحث والتفاوض وتعبئة المساهمات المالية الخارجية اللازمة لإنجاز المشاريع والبرامج، وتدبير وتتبع الحسابات الخصوصية للخزينة، بالإضافة إلى سلطة الضبط السياسي من خلال مساهمتها في الاشراف على إعداد السياسات المالية الخاصة بالمواد المدعمة ومخططات التنمية الاقتصادية والاجتماعية والاستراتيجية الخاصة بالتمويل الخارجي، واشرافها كذلك على تحضير النصوص القانونية والتنظيمية المتعلقة بالميزانية والمحاسبة العامة والموارد غير الناتجة عن الضرائب وأملاك الدولة، والأنظمة الأساسية والأجور الخاصة بموظفي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العامة وبأنظمة تقاعدهم وتسهر على تنفيذها، كما أنها تشرف على إعداد بروتوكولات التعاون الثقافي والعلمي والتقني[14]؛
كل ذلك يعكس جسامة المسؤولية، ودور مديرية الميزانية المحوري في تدبير المالية العمومية للدولة ومؤسساتها والجماعات الترابية وهيئاتها، ويجعل من مهامها تجسيدا لسلطة الدولة في رسم معالم السياسة المالية للبلاد وتنفيذها، وهو الأمر الذي يجعلها مسؤولة على إنجاح تنزيل السياسات العمومية، باعتبار الكلفة هي جوهر بناء وتنفيذ السياسات العمومية؛
إن تعدد المسؤوليات الموكولة لهذه المديرية وخصوصيتها المالية يجعل منها مركز اهتمام النقاد والمهتمين بالمالية العمومية، فطبيعة الاختصاصات الموكولة إليها تحتم التنسيق الأفقي والعمودي الدائمين، فرغم أن المشرع من خلال اعتماد القانون التنظيمي لقانون المالية توخى تمكين المدبرين العموميين مجموعة من الآليات التي تساعد على تحقيق النجاعة والحكامـة الماليتين المطلوبتين لتحقيق الفعالية، إلا أن تنزيل مغزى تلك المقتضيات القانونية عرف نوعا من المحدودية والقصور، من الجانبين الكمي والكيفي، يتمثل جزء مهم منه في الاقتصار على الشكل، أي التركيز على ما يتطلبه احترام الجانب الشكلي المرتبط بهيكل وبنية الميزانية والالتزام بمواعيد إعدادها ومناقشتها واعتمادها، بالمقابل يعرف الجانب النوعي نوعا من المحدودية، خاصة وأن هذا الجانب يتطلب الإمعان في تحديد المجالات والمشاريع لما تتضمنه من حمولة تنموية في جميع الاتجاهات، وهو ما يفرغ مشروع القانون المالي من مضمونه، ويضع مصداقية قوانين المالية السنوية موضع تساؤل، ويعرقل مسألة استدامة التمويل المالي للمشاريع، ويطرح أكثر من سؤال حول حدود مسؤولية الفاعلين في مجال المالية العمومية، على اعتبار محدودية تمكنهم من القرار المالي، فبناء توقعات مالية تعكس فعليا توفير مستلزمات تنزيل السياسات العمومية القطاعية يجب أن ينبي على دراسات واقعية ويحترم الضوابط والمعايير المعمول بها وطنيا ودوليا ويبنى بأرقام مالية ذات دلالة وقابلة للإنجاز.
إن اعتماد نَسْخٍ للبرامج ومن خلالها المشاريع والأسطر المالية المتضمَنة بالميزانية من سنة مالية لأخرى، وتدني نسب ومعدلات الإنجاز المرتبطة بصرف الاعتمادات المالية السنوية، خاصة ميزانية الاستثمار، وتركيز فترة صرفها في الربع الأخير من السنة المالية، واعتماد مقاربة زجرية في حق مدبري المالية العمومية مقابل اجتهادات تدبيرية(خاطئة) أو نتيجة أخطاء تتعلق بتقصير في سلاسل القرار الإداري، يصدرها في حقهم الهيئات الموكول إليها مراقبة المالية العامة، خاصة تلك التابعة لوزارة الاقتصاد والمالية، وكذا اعتماد سلطة ضبطية صارمة من طرف وزارة المالية من خلال اعتبارها طرف مهم يساهم في بناء السياسات القطاعية وتنفيذ الميزانية، ومسؤوليتها خلال استعمال سلطة التأشير القبلية والمُواكِبة والبَعدية في تنفيذ النفقات واستخلاص المداخيل، قد يُخرج هذه المواكبة من مغزاها الحقيقي.
كما أن مجال تدبير المالية العمومية الآن يحتاج إلى اهتمام أكثر، قبل أي وقت آخر، بتجويد التدبير العمومي، واعتماد مقاربات جديدة في التدبير قوامها الشفافية والنجاعة، هذان المبدئان الدستوريان لن يستويا إلا عبر خلق مناخ سليم ومحفز للعمل يخلُق جاذبية لمهام المدبرين العموميين ويتيح لهم مزيدا من الآليات والوسائل التي تساعدهم في تنفيذ المهام الموكولة إليهم، بالإضافة إلى خلق سلاسل إنتاج إدارية فعالة تعمل بتمعن واحترافية في توصيف الطلبيات العمومية، وصقل السبل التي تمكن من رصد الحاجيات الفعلية وترجمتها إلى تدابير وإجراءات تتماشى والسياسات العمومية المجالية التي تستحضر إلتقائية السياسات العمومية القطاعية، كل ذلك عبر مواكبة وتتبع دائمين من الوزارة المسؤولة على المالية العامة، تنفذها عبر خلق آليات جديدة تنفتح على التجارب المقارنة التي أبانت عن نجاعتها في تدبير المالية العامة.
كما تبقى الضرورة ملحة لتبني مقاربة شاملة لتحسين التدبير المالي العمومي سواء على المستوى المالية العامة، أو المالية الترابية، اعتبارا لمكانتها المهمة في تحقيق مستلزمات التنمية، وأيضا لكون الميزانية تراهن عليها الدولة في إبراز معالم سياساتها التنموية، ومن هذا المنطلق يجب الانخراط في مقاربات جديدة في التدبير، ولكي يكون نظام الرقابة فعالا، يجب أن يبني استراتيجياته على ترسيخ مفهوم المصاحبة والتأطير الدائمين، الأمر الذي سيؤدي لا محال إلى تحقيق الجودة في أداء هذه الأجهزة من جهة، ومن جهة أخرى خلق منظومة إدارية فعالة وناجعة وذات مصداقية في علاقتها بالمواطن[15]، وهو الأمر الذي يستدعي تبني سياسة رقابية منفتحة تتحرى عن الملائمة في اختيارات المدبرين، تستمد منطلقها من التجارب المقارنة المتميزة في المجال، للوصول إلى تنزيل محكم وفعال لسياسيات عمومية متجانسة، تنبع من الواقع المعيشي داخل المجتمع، وتتفاعل مع المستجدات والتجارب الرائدة في مجال التدبير المالي العمومي، فالتقنية والخبرة والتقييم والمعرفة تحتاج بيئة مواتية لتحقيق رهان تحديث التدبير المالي العمومي. بما يمكّن من تمويل العملية التنموية الشاملة.
المراجع:
- سعيد العزوزي، “الأجهزة العليا للرقابة المالية ومتطلبات الحكامة”، منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 43 1؛
- حسن طارق، جامعة الحسن الأول –المغرب، السياسات العمومية: بين السياسة والإدارة، ملاحظات حول الحالة المغربية؛
- مبادئ ومقاربات في تقييم السياسات العمومية، تقييم السياسات العمومية من خلال قانون مالية، ذ عثمان كاير، الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان، أبريل 2014؛
- الدستور المغربي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم11111 72 صادر في 27 من 1432(29يوليو2011)؛
- القانون التنظيمي لقانون المالية الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم: 1.15.62 بتاريخ 14 شعبان 1436 (02 يونيو2015)؛
- المرسوم رقم15.426 المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية كما تم تغييره وتتميمه؛
- النظام الداخلي لمجلس النواب كما أقره مجلس النواب في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 16ذوالقعدة 1438 الموافق ل 8 غشت2017 وكما أقرته المحكمة الدستورية في قرارها عدد 17/37 الصادر في يوم الاثنين من 20 ذي الحجة 1438 الموافق لـ 11 شتنبر2017؛
- الموقع الالكتروني لوزارة الاقتصاد والمالية https://www.finances.gov.ma/.
الهوامش:
[1] القانون التنظيمي لقانون المالية الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم: 1.15.62 بتاريخ 14 شعبان 1436 (02 يونيو2015).
[2] الدستور المغربي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11111 72 صادر في 27 من 1432(29يوليو2011)؛
[3] عسو منصور، قانون الميزانية العامة ورهان الحكامة المالية الجيدة، مطبعة المعارف الجديدة، الرباط، الطبعة الأولى أكتوبر 2017، ص:8-9.
[4] مبادئ ومقاربات في تقييم السياسات العمومية، تقييم السياسات العمومية من خلال قانون مالية، ذ عثمان كاير، الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الانسان، أبريل 2014، ص58؛
[5] المادة 47 من القانون التنظيمي لقانون المالية الصدر بتنفيذه الظهير الشريف رقم: 1.15.62 بتاريخ 14 شعبان 1436 (02 يونيو2015).
[6] المادتين 2 و2 مكرر من المرسوم رقم 2.15.426 المتعلق بإعداد وتنفيذ قوانين المالية كما تم تغييره وتتميمه.
[7] المادة 771 من النظام الداخلي لمجلس النواب كما أقره مجلس النواب في جلسته المنعقدة يوم الثلاثاء 16ذوالقعدة 1438 الموافق ل 8 غشت2017 وكما أقرته المحكمة الدستورية في قرارها عدد 17/37 الصادر في يوم الاثنين من 20 ذي الحجة 1438 الموافق لـ 11 شتنبر2017؛
[8] المادة 39 من القانون التنظيمي لقانون المالية الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم: 1.15.62 بتاريخ 14 شعبان 1436 (02 يونيو2015).
[9] المواد 3،5، 47، 48 من القانون التنظيمي لقانون المالية، م س.
[10]الموقع الالكتروني لوزارة الاقتصاد والمالية المغربي https://www.finances.gov.ma/، بتاريخ 7/11/2022.
[11] الفصل 76 من الدستور المغربي الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.11111 72 صادر في 27 من شعبان. 1432(29يوليو2011).
[12] تصريح الوزير المنتدب المكلف بالاستثمار والالتقائية وتقييم السياسات العمومية أمام البرلمان يناير 2022.
[13] د. حسن طارق، جامعة الحسن الأول –المغرب، السياسات العمومية: بين السياسة والإدارة، ملاحظات حول الحالة المغربية، ص28.
[14] موقع وزارة الاقتصاد والمالية المغربي https://www.finances.gov.ma/، بتاريخ 7/11/2022.ة
[15] سعيد العزوزي، “الأجهزة العليا للرقابة المالية ومتطلبات الحكامة”، منشور في مجلة جيل الأبحاث القانونية المعمقة العدد 43 1
الصفحة 93