عصرنة القانون المدني الفرنسي La Modernisation du Code Civil Français

  • من إعداد : سكينة نصور طالبة باحثة في ماستر العلوم القانونية-تخصص قانون مدني-

إن أهم الصفات التي يتصف بها القانون المدني الفرنسي الذي عمر لمدة قرنين منذ سنة 1804 قبل هذا الإصلاح : مفاهيم قديمة ، كثرة الاجتهادات القضائية التي كانت تحاول أن تسد الفراغ التشريعي و النقص الذي يعتري النصوص القانونية في ظل القانون السالف الذكر.

مجموعة من التناقضات  كان يتسم بها القانون المدني الفرنسي ، لذلك كان من الضروري أن يكون هناك تدخل تشريعي لتعديل هذا القانون و ذلك لجعله أكثر وضوحا و أكثر دقة و أكثر مسايرة للتطور الراهن.

بفعل الثورة العلمية و التكنولوجية ، فضلا عن التطورات و السرعة التي يعرفها المجال الاقتصادي و ظهور عقود جديدة و منها كما نعرف العقد الالكتروني ، بات يستوجب و يفرض التفكير في مفاهيم جديدة و إحداث تغييرات عميقة تؤدي إلى خلخلة مقتضيات هذا القانون و بث فيه روح العصرنة التي يحتاج إليها هذا العصر.

هذا الاصلاح كان نتيجة جهد و عمل لسنوات مجموعة من الأساتذة و الفقهاء القانونيين أولا بيار كاتالا  و أيضا فرانسوا تيري ،كذلك عدد كبير من المهنيين القانونيين و ممثلي المجال الاقتصادي.

و هكذا في 10 فبراير 2016، اتخذت الحكومة الفرنسية عن طريق أمر مجموعة من التدابير من أجل تعديل القانون المدني الفرنسي و ذلك حسب ما هو منصوص عليه في ديباجة هذا القانون حرفيا.

أهداف هذا الإصلاح :

Afin de moderniser, de simplifier, d’améliorer la lisibilité, de renforcer l’accessibilité du droit commun des contrats, du régime des obligations et du droit de la preuve, de garantir la sécurité juridique et l’efficacité de la norme

من خلال ما تم ذكره من الأهداف الأساسية لهذا الإصلاح تتمثل في

مقال قد يهمك :   قانون حماية المستهلك..المستجدات والثغرات

أولا : أول هدف كما هو منصوص عليه في مقدمة هذا القانون و هو ما يصطلح عليه بالأمن القانونيLa sécurité juridique.

و يتجلى ذلك في استعمال عبارات واضحة و متداولة لإفساح المجال لفهم مقتضيات القانون، على سبيل المثال عبارة « Sous seing privé » devient « Sous signature privée »

بالإضافة إلى إعادة هيكلة التصميم في الباب الثالث المتعلق بتسلسل القانون انطلاقا من تكوين العقد إلى دراسة آثاره إلى مرحلة تفسيره ، التي تتيح فهما منطقيا و بيداغوجيا للقواعد المطبقة.

ثانيا : ثاني أهداف هذا الإصلاح كما هو منصوص عليه في التقرير الذي رفع إلى سيد رئيس الجمهورية الفرنسية،

“و ذلك من أجل سهولة تناول القانون الفرنسي سواء في الميدان السياسي، الثقافي و أيضا الاقتصادي”

هذا الهدف كان نتيجة معاينة أن القانون الفرنسي لا يستعمل كيفما ينبغي، إن التخلي عن ركن السبب في العقد في القانون المدني الجديد لسنة 2016 يعطي مثلا حيا عن ذلك ،

هذا الركن لا يستساغ فهمه من قبل الطلبة و كذلك من طرف مجموعة من محترفي الميدان القانوني و أيضا الممارسين الأجانب.

تجدر الاشارة إلى أن هذا الركن “السبب” غائب في أغلبية التشريعات الأجنبية ؛ إن حذف هذا الركن ، يمكن القانون الفرنسي من أن يتبوأ مركزا مرموقا عندما يتعلق الأمر بتحديد القانون الذي يجب تطبيقه على العقود الدولية.

كذلك من أهم و أبرز المستجدات : تنظيم محكم لمرحلة المفاوضات La période précontractuelle

و أخص بالذكر هنا مبدأ حسن النية الذي لم يعد مقتصرا على تنفيذ العقد كما كان ذلك قبل التعديل و هذا ما نجده من خلال نص الفصل 231 من ق ل ع المغربي  ” كل تعهد يجب تنفيذه بحسن نية” ، فهذا المبدأ أصبح واجبا حتى في مرحلة المفاوضة و التي تسبق إبرام العقد و جعله أيضا مسألة من مسائل النظام العام و هذا من شأنه أن يعزز الأمن القانوني و ضمان استقرار المعاملات ، و هذا المقتضى الجديد منصوص عليه في الفصول 1104 و 1112 ، هذا المقتضى المتمثل في إقرار مبدأ حسن النية في مرحلة المفاوضة تم بناءه على ما استقرت عليه محكمة النقض.

مقال قد يهمك :   فيديو : تقرير المجلس الوطني لحقوق الإنسان حول محاكمة متهمي أحداث إكديم إزيك

« La bonne foi est exigée de la part de ceux qui négocient»

من مظاهر العصرنة في هذا الاصلاح أيضا الفصل 1125 و ما بعده الذي نظم كيفية التعامل و معالجة العقد الالكتروني ( مستجدات الكتابات الإلكترونية ).

:  Les Solutions jurisprudentielles

و أخيرا يقترح هذا القانون بعض الحلول القانونية التي نتجت عن الممارسة  و الاجتهادات القضائية ، و ذلك بإدماجهم داخل القانون و نأخذ على سبيل المثال تفويت العقد.

:Le devoir d’information

أيضا من بين المستجدات التي أتى بها هذا القانون تتمثل في حماية الطرف الضعيف، و ذلك من خلال مستجد الحق في الإعلام

و ذلك لتحقيق ما يسمى بالتوازن العقدي Ce qu’on appelle  un équilibre contractuel.

و ما يجب التنويه له أيضا ، أن هذا القانون قد اتخذ موقفا حاسما يضع بذلك حدا للترددات المتمثلة في الاجتهادات القضائية المتضاربة فيما يتعلق الأمر بتاريخ انطلاق نشوء العقد.

سأختم مداخلتي  باقتراح ، فكما نعلم جميعا أن قانون الالتزامات و العقود المغربي مستوحى في غالبيته من القانون المدني الفرنسي ، و كما رأينا أن هذا الأخير وقع تعديله و تنقيحه ، و بالتالي فإن قانون الالتزامات و العقود  المغربي يجب أن يتطور و أن يتحرر هو الآخر من المفاهيم التقليدية القديمة و إدخال عليه كذلك روح العصرنة لمسايرة القوانين و التشريعات المقارنة.

المراجع المعتمدة : 

  • -Réforme du droit des obligations un supplément au code civil 2016 à jour de l’ordonnance n° 2016-131 du 10 février 2016
  •  JESUIS1382 OU LA RÉFORME DU DROIT DES OBLIGATIONS.  Par Bérengère Peyrat, Avocat./ http://www.village-justice.com/
  • Une réflexion sur Réforme du Code civil : la modernisation du droit des contrats
  • قانون الالتزامات و العقود  المغربي.
مقال قد يهمك :   ملف جنحي : استعمال المتهم حقن لإجهاض إمراة حامل في أسبوعها الثامن
error: يمنع نسخ محتوى الموقع شكرا :)