مجلة مغرب القانونالقانون العامرشيد معطية: الإجراءات المسطرية والضمانات القانونية لتأديب الموظف العمومي بالمغرب

رشيد معطية: الإجراءات المسطرية والضمانات القانونية لتأديب الموظف العمومي بالمغرب

رشيد معطية باحث في سلك الدكتوراه

مقدمة:

     باعتبار الموظف العمومي من أهم الآليات البشرية التي تشتغل بها الإدارة من أجل تنفيذ سياسة الدولة، وتلبية حاجيات الأفراد وضمان استمرارية المرافق العمومية، أحاطه المشرع المغربي بمجموعة من الضمانات القانونية بموجب ظهير 24 فبراير 1958 الذي ينظم الحياة الإدارية للموظفين العموميين منذ ولوجهم إلى الوظيفة العمومية لغاية انتهاء علاقتهم بها.

   وقد عرف المشرع المغربي الموظف العمومي من خلال الفصل الثاني من ظهير24 فبراير 1958 بكونه” يعد موظفا عموميا كل شخص يعين في وظيفة قارة ويرسم في إحدى رتب السلم الخاص بأسلاك الإدارات التابعة للدولة”، كما خول الظهير الشريف للموظف العمومي من مجموعة من الحقوق، وحمله مجموعة من الالتزامات، وأن إخلاله بهذه الأخيرة يتعرض لمجموعة من العقوبات المنصوص عليها في الفصل 66 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية.

    وفي هذا السياق، فالهدف من فرض العقوبات الـتأديبية هو ضمان استمرارية المرافق العمومية، وتلبية الحاجيات الضرورية للمواطنين، فإلى جانب الحماية القانونية التي يحظى بها  الموظف العمومي،  هناك حماية قضائية ، تتجلى في السلطات الواسعة التي يتمتع بها القضاء الإداري بالمغرب، وخاصة في المجال التأديبي حيث يتصدى القاضي الإداري لكل قرار تأديبي مشوب بعيب من عيوب المشروعية الواردة في المادة 20 من قانون 41.90 المنظم للمحاكم الإدارية، التي تنص على أن ” كل قرار إداري صدر من جهة غير مختصة أو لعيب في شكله أو لانحراف في السلطة أو لانعدام التعليل أو لمخالفة القانون يشكل تجاوزا في استعمال السلطة، يحق للمتضرر الطعن فيه أمام اللجنة القضائية الإدارية المختصة”. بحيث تعد دعوى الإلغاء وسيلة قانونية للحد من السلطات التقديرية للإدارة في اختيار العقوبة التأديبية ضد الموظف.

  وإذا كان مبدأ فعالية العقوبة التأديبية يتجه نحو تقوية سلطات الهيئة التأديبية تحقيقا لمصلحة الجهاز الإداري في الدولة، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون على حساب ضمانات الموظفين الذين يمارسون التأديب في مواجهتهم، حيث تشكل تلك الضمانات حقوقا للموظف تقابل سلطات الإدارة الواسعة، ومن تم يتعين على السلطة التأديبية أن توازن ما بين مبدأ الفعالية والضمان، دون انحياز أو تفريط فكلاهما جدير بالرعاية. فإذا كانت حاجة المواطنين في تسيير المرافق العامة تقتضي تقوية السلطة التأديبية، وزيادة سلطات الرئيس الإداري، فإن ذلك لا ينبغي أن يكون خصما من الضمانات التي يتعين توفيرها للموظفين في مواجهة ما قد يتعرضون له من جزاء، بلا ضوابط يفقدهم الطمأنينة والعمل في هدوء، الأمر الذي ينعكس سلبا على أدائهم الوظيفي وواقع الأمر أن الجزاء التأديبي يتعين أن تتوافر له ضوابط يؤدي الإنقاص منها إلى بطلانه، لما تمثله من ضمانات للخاضع للتأديب.

بناء عليه يمكن طرح الإشكالية التالية:

  ما هي الإجراءات المسطرية والضمانات القانونية التي خولها المشرع للموظف العمومي المتابع تأديبيا؟

     وعلى ضوء هذه الإشكالية الرئيسية ارتأينا طرح مجموعة من الأسئلة الفرعية ذات الصلة بالموضوع وهي كالتالي:

  • ما هي المسطرة المتبعة في توقيع العقوبة التأديبية؟
  • ما هي ضمانات الموظف العمومي في مجال التأديب؟

    وللإجابة على هذه الاشكالية تم تقسيم هذا الموضوع إلى فقرتين أساسيتين، تناولنا في الفقرة الأولى الإجراءات القانونية لممارسة سلطة تأديب الموظف العمومي، وفي الفقرة الثاني عالجنا فيها الضمانات القانونية للموظف العمومي في مجال التأديب

الفقرة الأولى: الإجراءات القانونية لممارسة سلطة تأديب الموظف العمومي  

    لضمان قانونية السلطة التأديبية من طرف الإدارة، فإنه لابد من الاحترام مجموعة من الإجراءات المسطرية، من حيث استدعاء المجلس التأديبي للاجتماع وإبداء رأيه في العقوبة التأديبية(أولا)، وقد عمل المشرع المغربي على تنظيم اختصاصات اللجنة الإدارية المتساوية الأعضاء التي تنظر في العقوبة التأديبية، وذلك لكي تكون الجلسة قانونية (ثانيا)

أولا: الإجراءات الخاصة بانعقاد المجلس التأديبي

   يجتمع المجلس التأديبي بكافة الأعضاء من ممثلي الإدارة وممثلي الموظفين باستدعاء كتابي من طرف الإدارة التي يرجع لها اختصاص تحديد تاريخ اجتماعه، وبذلك لا ينبغي حضور أي عضو يكون مرتبا في درجة أقل من درجة الموظف المعروض حالته على المجلس التأديبي، وفي حالة تغيب عن الحضور أي عضو رسمي بسبب مشروع يتم استدعاء العضو النائب سواء تعلق الأمر بممثلي الموظفين أو ممثلي الإدارة[1].

   وعند اجتماع المجلس التأديبي لأول مرة فإن مداولاته تصح بحضور ربع أعضائه، ويعتبر النصاب متوفرا، أما في حالة تعذر الاجتماع الأول لأعضاء المجلس التأديبي يتم استدعاء أعضاء المجلس المذكور في ظرف 8 أيام، ويكون اجتماعه صحيحا في حالة حضور النصف، وعند حدوث صعوبة في اجتماع لجنة من اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بسبب رفض أعضائها الحضور يتم حل اللجنة المذكورة من طرف رئيس الإدارة المعنية، بعد موافقة السلطة الحكومية المكلفة بالوظيفة العمومية، ويجب أن تتضمن الاستدعاءات الموجهة لأعضاء المجلس التأديبي، تاريخ وساعة ومكان الاجتماع ونسخ من الملف التأديبي في ظرف مختوم، ويتعين على أعضاء المجلس الالتزام بكتمان السر المهني فيما يتعلق بجميع المعطيات المتعلقة بهذا الملف.

    أما فيما يتعلق بسير جلسات المجلس التأديبي،  فإن رئيس لمجلس التأديبي يعمل في بداية الاجتماع على التأكد من توفر النصاب القانوني، و يعلن عن افتتاح الجلسة، ثم يعرض على أعضاء المجلس التأديبي جميع المعطيات المتعلقة بالملف التأديبي للموظف المتابع، ويتم استدعاء الموظف المتابع للحضور أمام المجلس حيث يتم تذكيره في البداية بالأفعال المنسوبة إليه واستفساره بشأن اطلاعه على ملفه التأديبي، وتمكينه من الإدلاء بملاحظاته حول الأفعال المنسوبة إليه، إذا كان مؤازرا بمحام يتم السماح له لحضور الجلسة، أو أي موظف من نفس الإدارة، ويتم السماح للموظف المتابع بدعوة الشهود حول الأفعال المنسوبة إليه.

   وعندما يُقدّم طلب التماس سواء من طرف الموظف المتابع أو دفاعه أو أحد أعضاء المجلس التأديبي لأجل تأجيل البحث في الملف التأديبي للإدلاء بوثائق تهم الملف أو لاستحضار شهود آخرين، فإنه يتعين على المجلس تحديد أجل للاجتماع المقبل، مع تحديد تاريخ وساعة ومكان الاجتماع دون تجاوز الآجال المحدد في 30 يوم من تاريخ الاجتماع الأول دون توجيه استدعاء جديد، ويضمن ذلك في محضر الجلسة، أما إذا كان الأمر يتعلق بإجراء بحث تكميلي فإن هذا الأجل يتمدد إلى غاية 3 أشهر من تاريخ الاجتماع الأول، ويجب أن يدلي المجلس التأديبي برأيه الاستشاري في أجل شهر واحد ابتداء من يوم رفع النازلة إليه، ويمتد هذا الأجل إلى غاية ثلاثة أشهر عند القيام ببحث وفي حالة المتابعة القضائية يمكن للمجلس التأديبي أن يؤجل الإدلاء برأيه إلى غاية صدور الحكم من المحكمة المختصة، شرط أن يكون نهائيا في أي مرحلة من مراحل التقاضي (أي في حالة صدور الحكم ابتدائيا ولم يتم استئنافه وأصبح نهائيا فإنه يعتدُّ به).

    أما عن مداولات المجلس التأديبي فيجب أن تكون سرية وليست عمومية ولا يمكن حضور أي شخص أجنبي، وتقتصر مداولات المجلس فقط عل الأعضاء الذين شاركوا في جميع مراحل مناقشة الملف التأديبي، ويمكن للإدارة استدعاء محامي للدفاع عنها أمام المجلس التأديبي، ويتخذ هذا الأخير اقتراحات سواء بالإجماع أو بأغلبية الأعضاء الحاضرين، وفي حالة تعادل الأصوات فإنه يرجح الجانب الذي يوجد به رئيس المجلس، ويكون التصويت برفع الأيدي وأن يشارك فيه كل أعضاء اللجنة الحاضرين، ويجب أن يكون مقرر اللجنة موظفا تعينه الإدارة لهذا الغرض، على أساس أن لا تكون له صلة بالملف التأديبي، كما أنه لا يسمح له الإدلاء برأيه أثناء سير جلسات المجلس إذا كان ليس عضو ليس عضوا به، ويمكن للمجلس التأديبي أن يطلب إجراء بحث إن لم يكتفي بالمعلومات المعطاة له عن الأعمال المآخذ عليها الموظف المعني أو عن الظروف التي ارتكبت فيها تلك الأفعال، وتبعا للملاحظات الكتابية التي تقدم له وتصريحات الموظف المتابع والشهود ونظرا لنتيجة التحقيق يعطي المجلس رأيه معللا بالأسباب في العقوبة يقترح اتخاذه إزاء الأعمال التي عوقب عليها المعني بالأمر، ويوجه هذا الرأي إلى السلطة الرئاسية[2].

ثانيا: اختصاصات المجلس التأديبي (اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء)

    تقوم اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بوظيفة المجالس التأديبية وتعرض عليها مخالفات الموظفين للأخذ برأيها قبل اتخاذ أي قرار تأديبي، وتعمل تحت نفوذ كل وزير في الإدارات أو المصالح التي تديرها ويكون لها الحق ضمن الحدود المقررة في القانون الأساسي وفي المصادر الصادرة لتطبيقه، وقد أعطى المشرع المغربي لهذه اللجان حق التدخل بصفة استشارية في جميع أنواع العقوبات المنصوص عليها في الفصل 66 من ظهير 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية ما عدا عقوبتي الإنذار والتوبيخ، وهي تنظر في القضية إلا بعد أن تحال إليه من طرف السلطة التي لها حق التأديب، وذلك بتقرير كتابي يتضمن بوضوح الأعمال التي يعاقب عليها الموظف وإن اقتضى الحال الظروف التي ارتكبت فيها[3].

   فالمجلس التأديبي ( اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء)، ينظر في القضايا المتعلقة بالتأديب والترقية، وفي  طلب سحب العقوبات التأديبية من ملف الموظفين، فدور اللجان المتساوية الأعضاء لا يقتصر في الاستشارة بل يمتد دورها إلى مجالات أخرى، كأن تنظر في قضية امتناع السلطة عن قبول الاستقالة والتي تحال إليها من طرف المعني بالأمر، ويكون من حقها إبداء رأي معلل بالأسباب وتوجيهه إلى السلطة[4]، ولها كذلك الحق في النظر في قضية امتناع الموظف الموقوف مؤقتا عن الرجوع إلى منصبه في الآجال المقررة، والتي يترتب عليها حذفه من أسلاك الوظيفة بطريق الامتناع[5].

    وصلاحيات المجلس التأديبي هو البث في القضايا المعروضة عليه ويقوم باقتراحات بشأنها داخل أجل شهر واحد، يحسب ابتداء من اليوم التي عرضت فيه القضية على الأنظار، غير أنه يجوز للمجلس تمديد هذا الأجل في حالة إجراء بحث تكميلي، في إطار التحقيق البعدي أو متابعته من طرف المحكمة إلى ثلاثة أشهر.

    وارتباطا بما سبق، فإن اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء أنشأت لا محال من أجل حماية المصلحة العامة، التي هي فوق كل اعتبار، كما أنها أحدثت لحماية الموظف العمومي كونه ارتكب مخالفة، وأصبح محل مساءلة من طرفها وكونها ستحميه من أي تعسف من طرف الجانب الثاني (الإدارة)، حتى وإن كانت آراء هذه المجالس ليست سوى استشارية.

الفقرة الثانية: الضمانات القانونية للموظف العمومي في مجال التأديب

   لا يمكن الحديث عن تأديب الموظف العمومي دون التطرق للضمانات المخولة له، سواء الضمانات السابقة لإحالة الموظف على المجلس التأديبي(أولا) أو الضمانات المواكبة لتوقيع العقوبة التأديبية(ثانيا).

أولا: الضمانات السابقة لإحالة الموظف العمومي على المجلس التأديبي

   إذا كانت للإدارة كامل الحرية في تحريك مسطرة تأديب الموظف عند إخلاله بواجباته المهنية، أو ارتكابه لفعل أو تصرف اعتبرته حسب سلطتها التقديرية خطأ، فإنه ليس لها الحق في إحالة الموظف المتهم على المجلس التأديبي دون احترام مجموعة من المقتضيات، بمعنى أنه قبل إقدام الإدارة على إحالة الموظف على المجلس التأديبي، يقتضي عليها ضرورة حماية حقوق الدفاع (أ)، وكذلك التحقيق مع المتهم وأخذ استفساراته(ب).

مقال قد يهمك :   وضع الكراء التجاري والسكني والمهني في ظل جائحة كورونا

أ: حماية حقوق الدفاع

      من المسلم به أنه لا يوقع على الموظف عقوبة تأديبية إلا إذا أحيط تأديبه بضمان حقوقه في الدفاع، حيث يقتضي ضرورة إشعار الموظف بما هو منسوب إليه وتمكينه من الاطلاع على ملفه.

  • إشعار الموظف بالمخالفات المنسوبة إليه

    يعتبر حق إشعار الموظف العمومي بما نسب إليه من الضمانات الأساسية التي يتمتع بها والتي أصبحت لها قيمة دستورية[6]، حيث لا يمكن للسلطة التأديبية تجاهله أثناء اتخاذها قرارا معينا، ويجب أن يتضمن إشعار الموظف العمومي جميع تفاصيل التهم الموجهة إليه، وكافة الأدلة التي في حوزة الإدارة التي تبثث وقوع هذه المخالفات ونسبتها إليه وإلا اعتبر قرار الإدارة معيبا[7].

ويمكن أن يتخذ الإشعار صورتين:

  • أن يكون الإشعار على شكل إنذار للموظف لحثه على العودة إلى عمله في حالة ترك الوظيفة وذلك في أجل 7 ايام وفق ما جاءت به مقتضيات الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي للوظيفة العمومية؛
  • توجيه اتهام للموظف المعني بالأمر وإعطاءه الفرصة كاملة لرد الاتهام عن نفسه[8]؛

    وعموما فإن مسطرة ضمانة حق الدفاع في القانون المغربي، تقدم للموظف العمومي إيضاحات حول الخطأ الذي ارتكبه، وذلك قبل استكمال باقي الإجراءات المسطرية الأخرى كالمثول أمام المجلس التأديبي مثلا، إذ أن ما يمكن ملاحظته حول مبدأ تقديم الإيضاحات والاستفسارات هو أن تطبيقها يتطرق إلى كل الأخطاء سواء كانت بسيطة أو جسيمة أن عقوبة الإنذار والتوبيخ التي تختص بها السلطة الرئاسية لا يمكن توقيعها إلا بعد استفسار المعني بالأمر، لكن ما يجب التأكيد عليه بخصوص هاتين العقوبتين هو توقيعها المتزايد بالرغم من مسطرة الإيضاح هاته، وذلك لا لشيء سوى لعدم خضوعها لسلطة المجلس التأديبي من جهة، ولعدم قدرة أي موظف في متابعة الإدارة قضائيا بخصوص هاتين العقوبتين من جهة ثانية[9].

   وقد استقر القضاء الإداري منذ القدم على أن كل مخالفة لهذا الإجراء يترتب عنها عدم مشروعية الجزاء، حيث قضى مجلس الدولة الفرنسي[10]، بأنه على الجهة المختصة واجب إشعار المتهم بالمنسوب إليه وإغفال اي عنصر من عناصر الاتهام يجعل القرار التأديبي معيبا وقابلا للإبطال إلا إذا كان هذا العنصر غير جوهري وغير مؤثر”، وهذا ما ذهبت إليه المحكمة الإدارية بمكناس[11]، حيث أحاطت سلطة توقيع الجزاءات التأديبية بمجموعة من القيود من جملتها إشعار المعني بالأمر موضوع المساءلة التأديبية حول المنسوب إليه قبل توقيع الجزاء، وحيث أنه بمراجعة وثائق الملف يتبين أن الجهة المدعى عليها قامت بتوقيع عقوبة الإنذار على المدعي دون استفساره حول المنسوب إليه ودون الاستماع إليه والإدلاء ببياناته، لذلك تكون قد خرقت القانون وحرمت المدعي من إحدى الضمانات التأديبية الأساسية الأمر الذي يجعل القرار الذي قد صدر مخالفا للشكليات الإجرائية اللازم احترامها في مسطرة التأديب، وبالتالي يتعين الحكم بإلغائه وذلك دونما حاجة إلى مناقشة أسباب الطعن الأخرى.

     هذا، وإذا كان الأصل أن المشرع لم يشترط خضوع الإشعار لشكل معين وإنما يكتفي إشعار المعني بالأمر بأي وسيلة[12]، إلا أن القاضي الإداري استقر على أن إثبات الإشعار يبقى على عاتق الإدارة في محل إقامة المعني بالأمر وداخل أجل معقول، وكل مخالفة لهذه المقتضيات يترتب عنها الإلغاء، على أنه لا يمكن للإدارة أن تتذرع بتوجيه الإشعار إلى المعني بالأمر، ولكن يشترط أن تثبت بأن هذا الأخير قد استلم الإشعار فعلا، ولا يعفيها في ذلك أن تستند إلى صعوبة تنفيذ الإخطار إلا إذا كان عدم الاستلام راجعا إلى خطأ من جانب الموظف.

     وتجدر الإشارة إلى أنه من حق الإدارة اتخاذ قرار العزل في حق الموظف الذي ترك وظيفته دون إحالته إلى المجلس التأديبي، لكن شريطة أن توجه له إنذار من أجل الالتحاق بعمله خلال السبعة ايام الموالية لتبليغ الإنذار إليه، والذي يبقى بدون جدوى وذلك طبقا للفصل 75 مكرر من النظام الأساسي للوظيفة العمومية.

     لذا يمكن القول أن الإنذار، يعتبر من الشكليات الأساسية لاتخاذ قرار العزل في حالة ترك الوظيفة، والتي يؤدي الإخلال بها إلى جعل هذا القرار متسما بتجاوز السلطة لعيب مخالفة الشكل وموجبا بالتالي للتصريح بإلغائه، كما يعد إجراءا جوهريا على الإدارة مراعاته حيث يقع عليها عبء إثبات تبليغ هذا الإنذار، وإن أدلت بنسخة منه التي تفيد أنه وجّه إلى الطاعن بتاريخ كذا… تحت عدد كذا…إلا أن شهادة الاستلام لا تحمل توقيعه مما يجب معه إلغاء المقرر.

    والواقع أن الإدارات العمومية غالبا ما تجد صعوبات كثيرة في التعامل مع نص الفصل 75 مكرر من النظام الأساسي للوظيفة العمومية خصوصا في مجال إثبات واقعة تبليغ الموظف بالإنذار الموجه إليه، ومن بين هذه الصعوبات أن الموظف المعني بالإنذار غالبا ما يعرف مضمونه، ويفضل عدم سحبه من البريد أو أن هذا الموظف لا يترك عنوانه صحيحا لإدارته أو أنه ينتقل إلى عنوان جديد دون إشعار إدارته بذلك، أو أن يدلي بعنوانه الشخصي الذي قد يغادره في اتجاه العنوان الذي تقيم به أسرته غير المعروف من طرف الإدارة، فكل هذه الصعوبات تؤدي إلى عدم توصل المعني بالأمر بالإنذار وفي حالة اتخاذ عقوبة العزل في حقه فإن القضاء يتصدى لهذا القرار الإداري بالإلغاء لكون الإدارة لم تستطع إثبات حصول تبليغ الموظف بالإنذار، وجدير بالذكر أن الفصل السالف ذكره لم ينص صراحة على طريقة خاصة لتبليغ الإنذار، هل بالبريد المضمون أو البريد العادي أو بطريقة أخرى[13].

     إلا أن المجلس الأعلى في قراره الصادر بتاريخ 26 يوليوز 1984 تحت عدد 468 اشترط أن يتم التبليغ وفق القواعد المنصوص عليه في قانون المسطرة المدنية، فقد جاء في هذا القرار بالحرف” يكون مشوبا بالتجاوز في استعمال السلطة القرار الإداري الذي فصل الموظف بدعوى عدم الالتحاق بالعمل دون أن يوجه إليه إنذار مسبق بذلك ويبلغ به وفق القواعد المنصوص عليها في قانون المسطرة المدنية، ويعد سحب الإنذار بمثابة رفض له”[14].

  • حق الموظف في الاطلاع على ملفه

    يعتبر هذا الحق من الضمانات الأساسية التي يتمتع بها الموظف العمومي المغربي، لتوقيع عقوبة تأديبية، وهو يهدف إلى حماية الموظف عن طريق إعطاءه فرصة للاستفادة من ملفه الإداري لتحضير دفاعه، وقد كرس هذا الحق في النظام الأساسي للوظيفة العمومية حيث ينص الفصل 67 على ما يلي ” للموظف المتهم الحق في أن يطلع على ملفه الشخصي بتمامه وعلى جميع الوثائق الملحقة به، وذلك بمجرد ما تقام عليه الدعوى التأديبية…”.

   وبذلك استقر كل من الفقه والقانون والقضاء على اعتبار حقوق الدفاع، وخاصة تمكين الموظف من الاطلاع على ملفه التأديبي من المبادئ العامة للقانون، إذ أن الإخلال به يؤدي إلى اتسام القرار الإداري بعدم المشروعية الموجبة للإلغاء، ويعتبر الشكل الكتابي في تقديم وسائل الدفاع وإطلاع الموظف على ملفه الشخصي هو أكثر تناسبا مع حسن سير العمل الإداري، لأنه يشكل حجية استيفاء هذا الحق من طرف الموظف، إضافة إلى أنه يشكل إثبات في حالة التنازع على الأمر في وقت لاحق، ويتمثل المبدأ الأصلي هنا في مسؤولية الإدارة في تسهيل كافة الصعوبات التي تعترض سبيل الموظف في الإحاطة بمضمون الوثائق الإدارية.

     والعمل بهذا الالتزام من طرف الإدارة يكتنفه العديد من المصاعب خاصة فيما يتعلق بالنسبة السليمة للإدارة في تسهيل الولوج للملف الشخصي، ومدى توفير بيانات صحيحة أو مشوبة بالخطأ، وهو الشيء الذي من شأنه أن يؤثر سلبا أو إيجابا على الموظف محل التأديب، اضف إلى ذلك ان تمة حدود وقيود لازم مراعاتها بشأن توفير الإدارة التيسير والمساعدة بشأن الاطلاع، والعلم بتلك الوثائق حرصا على العديد من الاعتبارات المتصلة بسرية وثائق الإدارة وسلامتها، الأمر الذي قد يحد إلى درجة كبيرة من التمتع بحق الاطلاع على الملف أو الوثائق الإدارية، ذلك الحق الذي أصبح في الوقت الحالي من بين اهم مفردات الحريات العامة للأفراد تطبيقا لمبدأ “دمقرطة الإدارة” بشقيه الأساسيين المتمثلين في المشاركة الإيجابية في قواعد الإجراء المهددة لإصدار القرارات الإدارية من ناحية، ومن جهة أخرى في كفالة تمتع الأفراد بالدفاع عن حقوقهم بالوسيلة الأكثر ملاءمة لهم في ضوء ما أحيطوا به علما من معلومات[15].

   كما أن منشور الوزير الأول المتعلق بتمثيل المحامين للموظفين أمام المجالس التأديبية[16] شدد على ذات المبدأ وأوصى صراحة بوجوب تيسير عملية إطلاع الموظف على ملفه: “…بالإضافة إلى ذلك فإن حق الموظف المتهم في الدفاع عن نفسه ترتب عنه ضمانات تأديبية أخرى تمثل أساسا في وجوب اطلاعه على ملفه الشخصي بتمامه وعلى جميع الوثائق الملحقة به قبل اجتماع المجلس التأديبي، وعليه أطلب منكم تقديم التسهيلات الضرورية”.

     وعليه فحق الاطلاع على الملف يعتبر ضمانة جوهرية في المساءلة التأديبية لكونه، يفسح المجال أمام الموظف المتهم للاستفادة من ملفه في تحضير وسائل دفاعه قصد دفع التهم المنسوبة إليه، وكل إخلال بهذا الإجراء يجعل القرار التأديبي معرضا للإلغاء، وفي ذلك قضت الغرفة الإدارية في قضية مولاي اليزيد العلوي[17] بأنه: “يستفاد من البحث أن الإدارة أثناء المسطرة التأديبية امتنعت عن تمكين الطاعن من الاطلاع على ملفه الإداري بدعوى أنه سر، الأمر الذي أدى بالسلطة التأديبية استناد إلى رأي المجلس التأديبي إلى أن تصدر في حق المعني بالأمر قرار العزل من الوظيفة دون أن يتمكن هذا الأخير من الدفاع عن نفسه معززا في هذا الشأن بمساعدة المحامي الذي اختاره لهذه المهمة، مما يشكل إخلالا جوهريا بحقوق الدفاع.

   إجمالا فقد عمل القاضي الإداري جاهدا وفي حالات عديدة من أجل ضبط الموازنة بين كل من المصلحتين الإدارية والفردية، بصدد تحقيق قاعدة التمكين من الاطلاع على الوثائق الإدارية مقررا عدم منح هذا الحق إلا للفرد الذي يعنيه القرار الإداري المزمع إصداره، فضلا عن ذلك إلزام الإدارة في هذه الحالة بتمكين المعني بالأمر من المعرفة والاطلاع الكاملين وبصورة شاملة على الوثائق الإدارية، إضافة إلى إلزام الإدارة بتسهيل عملية مراجعة الملف التأديبي في محل الإدارة، وذلك لتيسير الأمر على العاملين وإحاطتهم بكافة الظروف والملابسات التي على ضوئها ستصدر الإدارة قرارها التأديبي[18].

ب: التحقيق مع المتهم وأخذ تصريحاته

   يعتبر التحقيق مع المتهم من بين أهم الضمانات التي خولها المشرع للموظف العمومي، ويبدأ بجمع الأدلة المثبتة بوقوع المخالفة أو عدم وقوعها، فالمشرع المغربي لم يحدد الجهة المختصة بتحقيق الإداري ولا بكيفية القيام به، وعليه فإن الجهة التي لها الحق القيام بهذه المهمة هي السلطة التي تملك حق التأديب، بمساعدة المجلس التأديبي بناء على تقرير كتابي من طرف السلطة التأديبية، حيث يجب أن يتضمن هذا الأخير بوضوح الأعمال التي سوف يعاقب عليها الموظف وعند الاقتضاء الظروف التي ارتكبت فيها تلك الأعمال، وفي حالة قصور المعلومات المقدمة للمجلس التأديبي يمكن أن يأمر هذا الأخير بالقيام ببحث حول الأفعال موضوع المتابعة حول الظروف المحيطة به[19].

مقال قد يهمك :   مدى إلزامية توصية مؤسسة وسيط المملكة

  ويجب أن يصدر المجلس التأديبي قرارا معللا استنادا إلى التقرير المقدم إليه بالإضافة إلى شهادة الشهود والتصريحات المعني بالأمر، وكذا نتائج التحقيق وذلك في أجل شهر واحد ابتداء من يوم النازلة على أن يمتد هذا الأجل إلى ثلاث أشهر عند القيام ببحث، أما في حالة المتابعة من طرف المحكمة الزجرية فإنه يمكن للجنة الإدارية المتساوية الأعضاء أن تؤجل الإدلاء برأيها إلى غاية صدور الحكم من تلك المحكمة[20].

   هذا وتجدر الإشارة إلى أن قانون الوظيفة العمومية لم يتضمن أي إشارة إلى وقت إجراء تحقيق ولا الجهة المختصة بإجرائه[21] حيث يمكن أن نستنج من خلال قراءتنا الباب المتعلق بالتأديب أن التحقيق يكون سابقا على إحالة القضية على المجلس التأديبي، باعتبار أنه ينظر في القضية بناء على نتائج التحقيق المجرى مع الموظف.

   ونظرا لما للتأديب من انعكاسات سلبية على الحياة الإدارية للموظف، فينبغي التأكد من ضرورة الحرص على تطبيق مسطرة التحقيق بكل دقة، والتأكد من صحة التقارير التأديبية الواردة على الرؤساء الإداريين، وإن أمكن إيفاء لجنة للتقصي تقوم بالاستماع إلى أقوال الرئيس المباشر حول الأفعال المنسوبة إلى المتهم، وبتفتيش دقيق للوثائق والمستندات، وفي هذا الإطار ينبغي التركيز على الجوانب الغامضة والظروف المحيطة بالحادث والتعامل معها قدر الإمكان بنوع من الحذر والحيطة بهدف التأكد والوصول إلى الحقيقة من خلال ربط الوقائع ببعضها البعض[22]، وإذا كانت الحقيقة هي الهدف الأخير الذي يرجو المحقق بلوغه، فقد بات من المؤكد تسلحه بالإيمان والموضوعية والصدق في التحقيق من جهة، واعتماد منهج الشك الموصل إلى اليقين وسيلة لبلوغ الحقيقة التي يرجى من لجنة التحقيق بلوغها مع استحضار الآثار التي سوف تترتب على التحقيق.

   هذا وتختلف تزكية الجهة المختصة بالتحقيق حسب السلم الإداري، وغالبا ما تستند إلى أحد الموظفين في المصلحة أو القسم يشتغل به المتهم إلا أنه في بعض الحالات فالمفتشية العامة للوزارة هي التي تسهر على ذلك، ويعتبر النظام التأديبي في الوظيفة العمومية محركا نشيطا داخل الجهاز الإداري، لأنه يضمن تنظيما محكما في مجتمع الوظيفة التي تهدف إلى تحقيق الصالح العام بالأساس[23].

   كما أن الأخذ بتصريحات الموظف المخل بالتزاماته المهنية من الضمانات الأساسية التي منحها المشرع للموظف للدفاع عن حقوقه، حيث ينص الفصل 67 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية بأنه” يمكن للموظف المتهم أن يقدم إلى المجلس التأديبي ملاحظات كتابية أو شفاهية…”، لهذا فإن السلطة المختصة بالتأديب لا يحق أن تتخذ أي إجراء تأديبي في حق مرتكب المخالفة إلا بعد إبداء الموظف العمومي ملاحظاته حول الأفعال المنسوبة إليه[24].

   هكذا يمكن القول إن عدم الأخذ بتصريحات المتهم يمثل خروجا عن مبدأ حق الدفاع من منطق العدالة بصفة عامة، لأن هذا المبدأ وجد أصلا لحماية الموظف من كل التعسفات الإدارية، وحفاظا على هذا المبدأ ألزم المشرع القضاء والإدارة بضرورة استشارة هيئات استشارية قبل توقيع أي قرار تأديبي باستثناء عقوبتي والتوبيخ اللتان اشترط فيه أن يكون معللا، وإلا اعتبر القرار المتخذ بشأنهما ملغى بسبب التجاوز في استعمال السلطة[25].

 ويتجلى دور المجلس التأديبي المعروض عليه قضية الموظف المتابع تأديبيا أن يستدعيه من أجل سماع أقواله وأن يستحضر معه بعض الشهود مدافعا باختياره[26]، حيث تعد الاستعانة بمحام من أهم ضمانات التحقيق، والمحاكمة العادلة وذلك للعديد من الأسباب:

  • أن حضور المحامي مع موكله أثناء التحقيق أو المحاكمة فيه ضمان لسلامة الإجراءات ولعدم استعمال الوسائل غير الجائز استعمالها ضده، فضلا أنه يهدأ المتهم ويساعده على الاتزان والهدوء في إجابته؛
  • للمحامي دوره في المساعدة للوصول إلى الحقيقة بصدد الأفعال المنسوبة إلى الموظف، ومن تم فهو لا يخدم المتهم وحده بل ويخدم سلطة العقاب كذلك، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى حفظ التحقيق أو إقناع سلطة التحقيق بتوقيع عقوبة خفيفة، ومن تم لا يحال الموظف على مجلس التأديب او المحاكمة التأديبية، وهذا ما يحد من طول إجراءات التأديب ويختصر المدة التي يظل فيها الموظف رهن التحقيق والمحاكمة، مما يحقق مصلحة المرفق والموظف معا[27]، كما أنه ونظرا لأهمية شهادة الشهود فإن غالبية التشريعات تنص على أنها من مقتضيات حق الدفاع ومظاهره الأساسية أن يسمح للموظف بإحضار الشهود، والقضاء الإداري المغربي يحرص على ممارسة الموظف المتهم حق إحضار الشهود في إطار قاعدة حق الدفاع، وأن أي إغفال أو حرمان من الحق يعد تجاوزا في استعمال السلطة وإخلالا جوهريا بمبدأ حق الدفاع نظرا لما لشهادة الشهود من دور كبير في إثبات التهم المنسوبة للموظف أو نفيها[28]؛

ثانيا: الضمانات المواكبة لتوقيع العقوبات التأديبية

  يمكن تلخيص الضمانات المواكبة لتوقيع العقوبة التأديبية في ضمانات الحيدة أو الحياد (أ) وكذا تعليل القرارات الإدارية التأديبية (ب).

أ: الحيدة أو الحياد

  تعتبر الحيدة من أهم الضمانات في مجال التأديب، حيث يفترض وجودها في كل من يتولى سلطة أو يمارس اختصاصا في كل ما يصدر عنه من أعمال، والحيدة تتحقق في التأديب بصفة عامة بتنظيم قواعد الاختصاص بشكل يمنع الجمع بين أعمال التحقيق والاتهام وسلطة توقيع الجزاء وتقرير عدم الصلاحية بالنسبة لمن تحيط به اعتبارات شخصية أو وظيفية أو موضوعية تشكك في حياده، ومن تم يجب الطعن في القرار بعد صدوره للانحراف في استعمال السلطة بالنسبة للرئيس الإداري.

   ويمكن إجمال مبادئ الحيدة في إجراءات التحقيق، حيث يجب على المحقق أن لا يؤثر أثناء أجوبة الموظف المتهم لقول ما لا يريد قوله، بل لابد أن يترك للمتهم الحرية الواسعة في الجواب وأن لا يمارس عليه أي أشكل من أشكال الضغط، كما يجب على هذا المحقق أن لا يشترك في عضوية المجلس التأديبي، وبعيدا عن المحقق فإن العضو المؤهل للمشاركة في الاستشارة التأديبية أن لا يكون في درجة أدنى من الموظف المتهم، أن يكون عضو المجلس التأديبي قد اتهم في قضية مشابهة لتلك التي دعي لإبداء الرأي فيها[29].

 وقد نص القانون الوظيفي على مجموعة من الشروط التي ينبغي توفرها في المجالس التأديبية، والتي تتعلق بالأساس بطريقة عمل هذه المجالس وفي التركيبة البشرية المكونة لها، وهي شروط تتوخى ضمان نزاهة المجالس التأديبية وإضفاء الطابع الديمقراطي على تسيير شؤونها بدليل وجود منتخبين يمثلون الموظفين ويحضون بتمثيلية متساوية لتمثيلية الإدارة، كما أن المجلس الأعلى حرص على التزام الإدارة بعرض كل الحالات الواردة في الفصل 66 من النظام الأساسي للوظيفة العمومية ورتب على عدم احترام الإدارة لهذه التشكيلة بطلان قراراتها التأديبية، وهذا ما جاء في قرار المجلس الأعلى حيث صرح”…وحيث لا يوجد بالملف ما يثبت مراعاة الإدارة للضمانات التأديبية المتمثلة في استشارة المجلس ألتأديبي[30] وقضى بإلغاء القرار المطعون فيه.

ب: تعليل القرارات التأديبية

   يعتبر تعليل القرارات الإدارية التأديبية من الضمانات الأساسية للموظف العمومي، إذ أنه يبين للمعني بالأمر ما إذا كانت الأخطاء التي وقع العقاب على أساسها قد تمت مواجهته بها، ومدى أخذ السلطة التأديبية بما قدمه من دفاع ومدى التزام هاته السلطة بالاعتبارات القانونية في توقيع العقاب[31].

  ويعد التعليل شرط شكلي في القرار الإداري من خلال الوظيفة التي يؤديها سواء بالنسبة للأفراد، لأن يساهم في اقتناعهم أو تفهمهم للقرارات مما يمكنهم من ممارسة حقهم في التظلم الإداري، أو القضائي في ظل إحاطة شاملة بأسباب القرارات، أو بالنسبة للقاضي الذي سوف يتضح له أن مهمته في الرقابة على مشروعية القرار أصبحت تتم بسهولة ويسر، بالإضافة إلى ذلك كله يقوم التعليل بدور هام في حماية مبدأ المشروعية[32].

   ولقد استقرت أحكام القضاء الإداري على قاعدة مفادها أنه لا وجوب للتعليل إلا بنص قانوني صريح أو حتى إذا لم يتدخل المشرع المغربي، ويلزم بالتعليل يتعين الرجوع إلى المبدأ العام الذي يقتضي بأن لا إلزام بالتعليل وأن الإدارة مطالبة بالإفصاح عن على القرار في مذكراتها الجوابية، وحتى إذا تقاعست عن ذلك رغم إنذارها تكون الموافقة على وقائع الطلب تعرض قرارها للإلغاء، وهذا ما ذهب إليه المجلس الأعلى وهو يقضي برفض الطعن المقدم ضد المقرر الصادر عن قائد مركز الفقيه بن صالح القاضي بإيقاف الطاعن عن عمله كسائق لأنه لم يكن يوجد أي نص قانوني يوجب على الإدارة تعليل قرارها، وأن الإدارة بينت أسباب قراراها في مذكراتها الجوابية، وعززت ذلك بوثائق تثبت ما نسب إلى الطاعن من إخلال بواجباته المهنية.

    لذلك واستنادا للمبررات السالفة الذكر فقد استقر القضاء الإداري المغربي، سواء قبل دخول قانون المحاكم الإداري.90-41 حيز التنفيذ أم بعده وأيضا قبل صدور قانون 01-03 على قاعدة مفادها لا وجب للتعليل بدون نص صريح ، وإذا كانت الإدارة لم تكن ملزمة سابقا تعليل قراراتها الإدارية، فإن بعد صدور قانون 01-03 أصبح تعليل قراراتها ضرورة ملحة في الوقت الراهن، وذلك لتعزيز المؤسسات القانونية القائمة على صيانة حقوق الموظفين وحرياتهم، إن شاءوا يمارسوا حقهم في التظلم الإداري أو القضائي في ظل إحاطة شاملة بأسباب القرارات، أو بالنسبة للإدارة لأنه سيفرض عليها دراسة كل حالة بما يستحق من الاهتمام اللازم، أو سواء بالنسبة للقاضي الإداري الذي سوف يرى أن مهمته في الرقابة على مشروعية القرار أصبحت تتم بسهول ويسر.

   وإذا كان التعليل هو إفصاح كتابة في صلب القرار الإداري عن الاعتبارات الواقعية والقانونية التي كانت وراء إصدار القرار الإداري، فإنه بهذا المعنى يختلف عن السبب في القرار الإداري الذي يظل ركنا من أركانه وقائم بذاته، سواء ألزم القانون بتعليله أم لا، كما يختلف عن مسطرة الإفصاح عن الأسباب وعن مسطرة الطعن القضائي، وعلى الرغم من صدور القانو01 -03 المتعلق بإلزامية التعليل قد ظل المبدأ القائم في التشريع والاجتهاد القضائي وهو لا لزوم للتعليل إلا بنص خاص، وتعليل القرار الإداري بنص صريح ليس بجديد في التشريع المغربي، فقد كان قائما في مجالات مختلفة خصوصا منها في مجال التأديب والمجالات التي تتعلق باللامركزية والتنظيم الجماعي وقانون الجهة وبعض المجالات المرتبطة بالحقوق والحريات، كقانون الصحافة[33].

مقال قد يهمك :   بلاغ صحفي عن انعقاد مجلس الحكومة ليوم 17 يناير 2019

   لهذا فالتعليل يعتبر وسيلة فعالة تجعل الموظف يتأكد ويتحقق من مدى صحة القرار ومدى مطابقتها للواقع، وهذا ما نص عليه القانون 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها[34] لما لهذا القانون من إيجابيات والتي تتمثل في احترام حقوق الموظفين وإلزام السلطات الإدارية للتقيد بأحكام المشروعية[35].

خاتمة:

   وهكذا يمكن القول أن أهم حماية قانونية أفردها المشرع المغربي للموظف العمومي المتعرض للتأديب هي ضرورة احترام الإدارة لمجموعة من الإجراءات المسطرية لضمان قانونية التأديب، من حيث انعقاد اللجنة متساوية الأعضاء، وضرورة تبليغ قرار التأديب للموظف، من أجل بدء سريان العقوبة التأديبية،  ويمكن إجمال الضمانات الضرورية لحماية الموظف العمومي المتعرض لتأديب في الضمانات السابقة للعقوبة التأديبية، والتي تبرز في حماية حقوق الدفاع و حق الموظف في الاطلاع على ملفه،  والتحقيق مع المتهم وأخذ تصريحاته، ثم ضمانات مواكبة لاتخاذ العقوبة التأديبية، تتجلى في  ضمانات حياد اللجنة متساوية الأعضاء أثناء نظرها في العقوبة التأديبية،  وكذا تعليل القرار الإداري التأديبي صادر ضد الموظف، لكون مبدأ التعليل يعد وسيلة فعالة تجعل الموظف يتأكد ويتحقق من مدى صحة أسباب القرار، ومدى مطابقتها للواقع.

وبالتالي فإن هذه الضمانات تعد تقيدا لسلطات الواسعة للإدارة في المجال التأديبي، وتجعل القاضي الاداري يبسط رقابته على القرار التأديبي، من خلال مراقبته على مشروعية القرار التأديبي، ثم يتأكد من وجود الضمانات التي سطرها المشرع المغربي لفائدة الموظف العمومي وهل تم احترامها أم لا .


 قائمة المراجع

  • أماني زين بدر فراج، “النظام القانوني لتأديب الموظف العام في بعض الدول العربية والأوربية – دراسة مقارنة”، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، الطبعة 2010،
  • الحاج شكرة، ” الوظيفة العمومية والموظف في القانون الإداري المغربي“، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، الطبعة الثانية، سنة 2007،
  • سليمان محمود إبراهيم حسان، “الموظف العمومي وتأديبه في القانون المغربي، دراسة مقارنة“، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس الرباط السنة الجامعية 1984-1985
  • شايب أناس عبد الإله، “الضمانات الممنوحة للموظف العمومي عند تعرضه للتأديب-مساهمة تحليلية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، مارس-أبريل، 2012، العدد 103، ص79.
  • عمروشي محمد، “السلطة التأديبية في الوظيفة العمومية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط، 2005-2006،
  • فدوى صبحي، النظام التأديبي للموظف العمومي في المغرب”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، شعبة القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2005-2006 ،
  • محمد الأعرج، “إيجابيات قانون رقم 01-03 المتعلق بإلزام إدارات الدولة والجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التابعة لها التي عهد إليها تسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية”، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد مزدوج 3-4، السنة الثانية أكتوبر 2003
  • محمد الأعرج، “قاضي المحاكم الإدارية وحماية حقوق الموظف من خلال الرقابة على مسطرة حق الدفاع”، منشورات المجلة المغربية للإدارة والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 47، 2004
  • محمد قصري، “تعليل القرارات الإدارية – ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة، مجلة القضاء الإداري المغربي”، العدد 5، سنة 2014
  • محمد والضحى، “اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بين النص التنظيمي والممارسة”، مطبعة وراقة تمارة، سنة 2009
  • المصطفى التراب، “المختصر العملي في القضاء والقانون”، مطبعة الأمنية، الرباط، سنة 2013،
  • الظهير الشريف 24 فبراير1954 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية رقم 1500، المنشور بالجريدة الرسمية، عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958
  • ظهير شريف رقم 202-02-1  صادر في 12 من جمادى الأولى 1423 (23 يوليو 2002) بتنفيذ القانون رقم 01-03 بشأن إلزام الإدارات العمومية والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية بتعليل قراراتها الإدارية.
  • ظهيـر شريف رقم 1.91.225 صادر في 22 من ربيع الأول 1414 (10 سبتمبر 1993) بتنفيذ القانون رقم 41.90 المحدث بموجبه محاكم إدارية

الهوامش:

(=) تم تحكيم هذا المقال من طرف اللجنة العلمية لمركز مغرب القانون للدراسات والأبحاث القانونية.

[1] – محمد والضحى، “اللجان الإدارية المتساوية الأعضاء بين النص التنظيمي والممارسة”، مطبعة وراقة تمارة، سنة 2009، ص 97.

[2]  – محمد والضحى، مرجع سابق، ص 98-99

[3]  -الفصل 66 من الظهير الشريف 24 فبراير1954 بمثابة النظام الأساسي للوظيفة العمومية رقم 1500 ، المنشور بالجريدة الرسمية، عدد 2372 بتاريخ 11 أبريل 1958 ، الصفحة 631.

[4]  -الفصل 78 من نفس الظهير الشريف .

[5]  -الفصل 62 من نفس الظهير الشريف.

[6] -الفصل 71 من الدستور المغربي 2011

[7] -المجلس الأعلى، قرار الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى رقم 3.99.33، بتاريخ 8 أبريل 1999

[8] -فدوى صبحي، “النظام التأديبي للموظف العمومي في المغرب”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، شعبة القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة، السنة الجامعية 2005-2006 ، ص 127

[9] -الحاج شكرة، ” الوظيفة العمومية والموظف في القانون الإداري المغربي”، دار القلم للطباعة والنشر والتوزيع الرباط، الطبعة الثانية، سنة 2007، ص 197

[10] -حكم مجلس الدولة الفرنسي الصادر بتاريخ 28 مارس 1958 أورده عمر وفؤاد وأحمد بركات، السلطة التأديبية دراسة مقارنة، مكتبة النهضة العربية، القاهرة، 1979، ص 254

[11] -المحكمة الإدارية بمكناس، حكم رقم 12 ، بتاريخ 25 أبريل 1996، عبد الحق نورالدين ضد الوكالة المستقلة لتوزيع الماء والكهرباء بمكناس، المجلة المغربية للإدارة والتنمية، عدد 17 أكتوبر – دجنبر، 1997، ص 160.

[12] – محمد الأعرج، “قاضي المحاكم الإدارية وحماية حقوق الموظف من خلال الرقابة على مسطرة حق الدفاع”، منشورات المجلة المغربية للإدارة والتنمية، سلسلة مواضيع الساعة، العدد 47، 2004، ص 106

[13] -المصطفى التراب، “المختصر العملي في القضاء والقانون”، مطبعة الأمنية، الرباط، سنة 2013، ص 183 – 184.

[14] -أورده مصطفي التراب في” المنازعات الإدارية في مجال الوظيفة العمومية على ضوء اجتهادات المجلس الأعلى”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية-40 سنة من القضاء الإداري المغربي، مواضيع الساعة، عدد 14، ص 39

[15]  -شايب أناس عبد الإله، “الضمانات الممنوحة للموظف العمومي عند تعرضه للتأديب-مساهمة تحليلية”، المجلة المغربية للإدارة المحلية و التنمية، مارس-أبريل، 2012، العدد 103، ص79.

[16]  -منشور الوزير الأول (رئيس الحكومة حاليا) رقم 1.96 بتاريخ فاتح فبراير 1996 حول تمثيل المحامين للموظفين المتابعين أمام المجلس التأديبي، المنشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة نصوص ووثائق، عدد183، سنة 2007، ص 324

[17] – الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى، قرار رقم 545 بتاريخ 11 مارس 1966 أورده فؤاد قيشوح، “دور القاضي الإداري في تكريس حق الموظف العمومي في الدفاع خلال سير الدعوى التأديبية”، تعليق على حكم المحكمة الإدارية بالرباط، رقم 666 المؤرخ في 23 فبراير 2012، ص 268

[18]-شايب أناس عبد الإله، “الضمانات الممنوحة للموظف العمومي عند تعرضه للتأديب-مساهمة تحليلية”، م.س، ص81

[19] – فدوى الصبحي، “النظام التأديبي للموظف العمومي في المغرب”، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، القانون العام، جامعة عبد الملك السعدي، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، طنجة السنة الجامعية 2005-2006، ص 128

[20] – الفصل 70 من الظهير الشريف 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية.

[21]  -سليمان محمود إبراهيم حسان، “الموظف العمومي وتأديبه في القانون المغربي، دراسة مقارنة” “، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية جامعة محمد الخامس الرباط السنة الجامعية 1984-1985، ص 102

[22]  -مذكرة وزارة التربية الوطنية رقم 103 بتاريخ 21 جمادي الأولى 1399(19 أبريل 1979)

[23] -عمروشي محمد، “السلطة التأديبية في الوظيفة العمومية”، أطروحة لنيل الدكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية، أكدال، الرباط، 2005-2006، ص، 193.

[24] -فدوى الصبحي، “النظام التأديبي للموظف العمومي في المغرب”، مرجع سابق، ص 130.

[25] -حكم المحكمة الإدارية بمكناس، عدد 3.16.12 الصادر بتاريخ 25 أبريل 1996، منشور بالمجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، عدد 7-8، سنة 1994.

[26] -انظر الفصل 67 من الظهير الشريف 24 فبراير 1958 المتعلق بالنظام الأساسي للوظيفة العمومية.

[27] -أماني زين بدر فراج، “النظام القانوني لتأديب الموظف العام في بعض الدول العربية والأوربية – دراسة مقارنة”، دار الفكر والقانون للنشر والتوزيع، الطبعة 2010، ص 253.

[28]-محمد الأعرج، “المساطر الإدارية غير القضائية “دراسة قانونية لفاعلية قواعد الإجراء والشكل في القرارات الإدارية”، منشورات المجلة المغربية للإدارة المحلية والتنمية، سلسلة مؤلفات واعمال جامعية عدد 47، 2003، ص 69

[29] -الحاج شكرة، “الوظيفة والموظف في القانون الإداري المغربي”، مرجع سابق، ص 199.

[30] – الغرفة الإدارية بالمجلس الأعلى قرار رقم 18 الصادر بتاريخ 17 يوليوز 1969 منشور بقرارات المجلس الأعلى في المادة الإدارية 1958 – 1997.

[31] -الحاج شكرة، “الوظيفة والموظف في القانون الإداري المغربي”، مرجع سابق، ص 200.

[32] -محمد الأعرج، “المساطر الإدارية غير القضائية “دراسة قانونية لفاعلية قواعد الإجراء والشكل في القرارات الإدارية”، مرجع سابق، ص 51.

[33] -محمد قصري، “تعليل القرارات الإدارية – ضمانة للحقوق والحريات ورقابة قضائية فعالة، مجلة القضاء الإداري المغربي“، العدد 5، سنة 2014، ص 13.

[34] -المادة الأولى من قانون01-03 جاء فيها “تلزم إدارات الدولة والجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التابعة لها التي عهد إليها تسيير مرفق عام تعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية الصادرة لغير فائدة المعني المشار إليها في المادة الثانية بعده، تحت طائلة عدم الشرعية، وذلك بالإفصاح كتابة في صلب هذه القرارات عن الأسباب القانونية والواقعية الداعية إلى اتخاذها”.

[35] -محمد الأعرج، “إيجابيات قانون رقم 01-03 المتعلق بإلزام إدارات الدولة والجماعات الترابية وهيئاتها والمؤسسات العمومية والمصالح التابعة لها التي عهد إليها تسيير مرفق عام بتعليل قراراتها الإدارية الفردية السلبية”، المجلة المغربية للأنظمة القانونية والسياسية، عدد مزدوج 3-4، السنة الثانية أكتوبر 2003، ص 25.

error: عذرا, لا يمكن حاليا نسخ او طباعة محتوى الموقع للمزيد من المعلومات المرجوا التواصل مع فريق الموقع عبر البريد الالكتروني : [email protected]