رشيد فطوش: حماية حقوق الدائنين عند تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة -قراءة في القانون رقم 17.95-
ذ. رشيد فطوش باحث بكلية الحقوق بفاس.
حماية حقوق الدائنين عند تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة([1]).
( قراءة في القانون رقم 17.95 المتعلق بشركة المساهمة )
مقدمة:
إذا كان المشرع المغربي في شركات الأشخاص لم يشترط سقفا معينا من رأس المال لتأسيس هذه الشركات، إيمانا منه بنجاعة المسؤولية التضامنية والمطلقة للشركاء في تحقيق حماية الدائنين، فإنه في شركات الأموال ومنها المساهمة[2] قد اشترط سقفا معينا من رأس المال، لا يجوز النزول عنه، يكون بمثابة ضمانة لهؤلاء الدائنين، وذلك كمقابل لانتفاء المسؤولية التضامنية والمطلقة للمساهمين من جهة، وأيضا على اعتبار أن مسؤوليتهم تكون محدودة في حدود ما قدموه من حصص في رأسمال الشركة من جهة أخرى([3]).
ومخافة من أن تؤدي بعض القرارات التي يتخذها المساهمون في شركة المساهمة إلى زعزعة الحماية المقررة للدائنين، ولدرء ذلك، نجد المشرع المغربي قد خول لهؤلاء الدائنين وفي حالات معينة إمكانية التدخل في حياة الشركة عن طريق التعرض على بعض القرارات التي من شأنها المساس بضمانهم العام.
ويعد تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة من أخطر القرارات التي تتخذها شركة المساهمة وأكثرها مساسا بالضمان العام، ويكون مرده إلى وفرة وتراكم رأس المال بشكل يزيد عن حاجيات الشركة، لذلك نجد المشرع قد تفطن لذلك، وأعطى للدائنين الحق في التعرض على هذا القرار لدى رئيس المحكمة التجارية داخل أجل ثلاثين يوما، ابتداء من تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة غير العادية لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة([4]).
و يعرف رأس المال بأنه مجموع الأموال التي اتفق المساهمون على تقديمها كحصص في الشركة لغرض استعمالها و بهدف تحقيق الربح عن طريق القيام بالأغراض التي أسست من أجلها الشركة، وما يضاف إلى ذلك من أموال عن طريق زيادة رأس المال أو ما يقتطع من الأرباح بقصد إعادة الاستثمار أثناء حياة الشركة أو ما سيتبقى منه بعد حصول الخسائر أو بعد اتخاذ قرارات تخفيض رأس المال وتنفيذها([5]).
ويخضع رأسمال شركة المساهمة لمبدأ الثبات، إذ لا يجوز المساس به أو الانتقاص منه أو توزيعه على المساهمين، ويحدد مقداره في النظام الأساسي للشركة، ولا يمكن للشركة زيادته أو تخفيضه إلا باتباع إجراءات نص عليها القانون، وذلك حماية لحقوق الدائنين([6]).
ومن هذا المنطلق، أعطى المشرع للدائنين من حاملي سندات القرض والدائنين العاديين، حينما توافق الجمعية العامة غير العادية على مشروع تخفيض رأس المال غير المبرر بخسائر، الحق في أن يتعرضوا أمام رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات على هذا المشروع (المبحث الثاني).
ولما كان قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة يشكل مساسا كبيرا بالضمان العام المخصص للدائنين، ويؤدي إعماله إلى زعزعة مبدأ ثبات رأس المال، فإن المنطق يقتضي التعريف بهذا القرار الخطير، وذكر الأسباب التي تدفع المساهمين من خلال الجمعية العامة غير العادية إلى اللجوء إليه (المبحث الأول).
المبحث الأول : ماهية تخفيض رأس المال وأسبابه
لما كان تخفيض المال يمس بمصالح الدائنين، إذ يؤثر في ضمانهم العام المتمثل في رأسمال الشركة المكتتب به، ويعمل على تقليل مقدار هذا الضمان، ومن تم قد لا يتمكن الدائنون من استيفاء ديونهم بالكامل في الحالة التي تؤدي فيها عملية التخفيض إلى أن يصبح مقدار رأس المال أقل من قيمة هذه الديون، لذلك كله يتحتم البحث وراء الأسباب التي تدفع بالجمعية العامة غير العادية إلى اتخاذ قرار تخفيض رأس المال (المطلب الثاني)، معرفين في البداية بماهيته (المطلب الأول).
المطلب الأول : ماهية تخفيض رأس المال
على الرغم من التنظيم التشريعي الذي حضي به تخفيض رأسمال شركة المساهمة في المواد من 208 إلى 215، إلى جانب المواد 357 و 359 و 360 من القانون رقم 17.95، المتعلق بشركات المساهمة، لم يورد المشرع تعريفا دقيقا لتخفيض رأس المال، وإن تناوله بالوصف في مواضع متعددة.
ولعله من الطبيعي أن تناط مسألة التعريفات دوما بالفقهاء ورجال القانون، تكون عادة مسبوقة باجتهادات قضائية في الموضوع.
وهكذا عرف بعض الفقه([7]) تخفيض رأسمال الشركة بأنه تنزيل مقدار رأسمالها الإسمي سواء أكان مدفوعا بكامله أو لم يكن، وسواء أكان مصدرا بكامله أو لم يكن كذلك.
غير أن ما يعاب على هذا التعريف هو فصله في كون رأس المال مدفوعا أو غير مدفوع، مُصْدرا أو غير مصدر، وكان الأجدر ألا يتم الإفراط في التفصيل على اعتبار أن التخفيض عملية من العمليات الواردة على رأس المال، ناهيك على أن التعريف لم يشر إلى الجهة المؤهلة قانونا لاتخاذ قرار التخفيض.
ونادى رأي آخر([8])، بتعريف تخفيض رأس المال بكونه عبارة عن إنقاص مجموع المبالغ التي تمثل رأس المال الإسمي، إلا أن ما يعاب على هذا التعريف، أنه لم يحدد كذلك الجهة صاحبة الاختصاص في إصدار قرار التخفيض، إضافة إلى عمومية صياغة مجموع المبالغ، وكان الأحرى الاكتفاء فقط بعبارة رأسمال الشركة الإسمي.
وعرف بعض الفقه الفرنسي([9]) بدوره تخفيض رأس المال بأنه: عبارة عن تقليل مبلغ رأسمال الشركة بناء على مداولات جرت في الشركة، ويتم ذلك تنفيذا لهذه المداولات، ولا يمكن معارضته إلا من قبل الدائنين الذين يتم إعلامهم بذلك.
ولم يسلم هذا الرأي بدوره من سهام النقد لتعامله بنوع من العمومية والإطلاق مع مصطلح رأس المال، كما اشترط أن يتم التخفيض بناء على مداولات جرت في الشركة والحال أن قرار التخفيض يجب أن يصدر عن الجمعية العامة غير العادية لأنها وحدها المؤهلة قانونا لتعديل الأنظمة الأساسية.
تعريف آخر جاء به الفقه الفرنسي أيضا([10])، اعتبر فيه أن تخفيض رأس المال المقصود به إنقاص رأس المال، إلا أنه تعرض بدوره لانتقاد شديد على اعتبار أنه يوسع من مفهوم تخفيض رأس المال، إذ يضع في النهاية كل عملية تهدف إلى إنقاص رأس المال مهما كان سببها، ولم يشر هذا التعريف إلى إمكانية الاعتراض على مشروع قرار تخفيض رأس المال، هذا فضلا على أن قرار التخفيض يسبقه دائما اجتماع للجمعية العامة غير العادية.
وأخيرا عرف البعض الآخر([11])، تخفيض رأس المال بأنه تقليل مقداره أي التقليل من مقدرة الشركة على الوفاء بديونها، وتصغير ضمان عام دائنيها.
وعلى الرغم من الانتقادات التي وجهت إلى هذا التعريف، منها كونه غير دقيق، لأنه يركز فقط على آثار التخفيض، ومدى إلحاقه الضرر بالدائنين، فإنه يبقى حري بالتأييد لاعتبارين اثنين، أولهما، أن تخفيض رأس المال وكيفما كان الدافع إليه، يؤدي لا محالة إلى تقليل مقدار رأس المال، عكس الزيادة فيه، الشيء الذي يؤدي إلى إضعاف قاعدة الضمان العام التي عول عليها الدائنون عند منح ائتمانهم للشركة. وثانيهما أن قرار تخفيض رأس المال، وإن تمت فيه مراعاة الإجراءات القانونية، كصدور قرار التخفيض عن الجهة المختصة، وشهره، بالطرق القانونية، فإن ذلك، لا يجب أن يخفي وراءه المخاطر التي قد يتعرض لها هؤلاء الدائنين جراء عدم قدرة الشركة على الوفاء بديونها نتيجة لفقدانها رأس المال.
من مجموع هذه التعاريف، ومع مراعاة الانتقادات الموجهة لها، يمكن تعريف تخفيض رأس المال بأنه :” قرار تتخذه الجمعية العامة غير العادية للشركة، لأنها وحدها المؤهلة قانونا لاتخاذ القرارات التي من شأنها تعديل الأنظمة الأساسية، ولا يخرج قرار التخفيض عن هذا النطاق، يقضي بتخفيض الرأسمال الإسمي للشركة، وللدائنين حق الاعتراض على القرار المذكور بتوافر شروط معينة، وذلك بعد شهر هذا القرار بالطرق القانونية”.
المطلب الثاني : أسباب تخفيض رأس المال
إن عملية تخفيض رأس المال من الأمور التي يجب عدم اللجوء إليها إلا لوجود أسباب رئيسية ومقنعة، لأن هدف الشركة الرئيسي هو استثمار أموال المساهمين في نشاط الشركة من أجل تحقيق هدفها، ناهيك على طمأنة الغير على مصير ديونه من خلال المحافظة على الضمان العام، ومع ذلك فإن الشركة تكون أحيانا مضطرة إلى تخفيض رأسمالها إما لجبر خسارة حلت بها (الفقرة الأولى) أو لزيادته عن حاجاتها (الفقرة الثانية).
الفقرة الأولى : تخفيض رأس المال لجبر خسارة حلت بالشركة
يكون تخفيض رأسمال شركة المساهمة في غالب الأحيان ناجما عن خسائر ألمت بالشركة، وتعني الخسارة في بعدها الاقتصادي بأنها استنفاذ النفقة دون أن يقابلها عائد، وذلك بعكس النفقات التي يمكن استيعابها لتحمل على الإيراد، ومن تم يتسنى لنا التفريق بين الخسارة والمصروف([12]).
كما عرف البعض الآخر الخسارة بأنها النفقات التي تؤدي إلى اقتضاء أصل أو نقصانه أو استنفاذ خدماته دون الحصول على عائد([13]).
وتتحقق الخسارة عندما تكون خصوم الشركة بعد انتهاء السنة المالية أكثر من الأصول، وقد ينصرف معنى الخسارة أيضا ليشمل الديون المعدومة التي يصعب تحصيلها([14]).
وتلحق الخسائر بالشركة إما نتيجة لعمليات التشغيل، أو نتيجة لمغالاة المؤسسين في تقييم الحصص العينية سواء في مرحلة التأسيس، أو عند تحويل الشكل القانوني للشركة، كما لو تم تحويل شركة تضامن إلى شركة ذات مسؤولية محدودة أو شركة مساهمة وبولغ في تقييم الحصص العينية لإعادة احتساب رأس المال في الشركة التي تحولت إليها، وقد تحدث المبالغة عند الإدماج بين شركتين لاحتساب رأسمال الشركة الدامجة أو الناجمة عن الدمج، أو عند زيادة رأس المال بموجب تقديم حصص عينية مبالغ في تقديرها، أو عند إعادة تقييم أصول الشركة([15]).
ولجبر هذه الخسائر، وبغية إعادة تحقيق التوازن المالي إلى الشركة؛ يتم عادة اللجوء إلى تقنية تخفيض رأس المال، لأنها الكفيلة بتسهيل العودة إلى توزيع الأرباح، إذ بدونها يتوقف توزيع أقساط الأرباح إلى تاريخ جبر الخسارة؛ علاوة على أن التخفيض ينزل رأس المال إلى القيمة الحقيقية أو الفعلية لأصول الشركة، ولقد جسدت هذه القاعدة المادة 330 ف 2 من القانون رقم 17.95 حيث جاء فيها :”… ما عدا في حالة تخفيض رأس المال، لا يمكن القيام بأي توزيع للأرباح على المساهمين حينما تكون الوضعية الصافية للشركة أو قد تصير نتيجة لتوزيع أقل من مبلغ رأس المال المرفوع بالاحتياطي الذي لا يسمح القانون أو النظام الأساسي بتوزيعه…” ([16]).
وفي هذا الصدد، ألزمت المادة 357 من ق.ش.م الشركة بأن تقوم بتخفيض رأسمالها بمبلغ يساوي حجم الخسائر المالية التي يمكن اقتطاعها عن الاحتياطي([17])، مما يفيد أن الخسائر التي لا يمكن للشركة أن تتحملها بواسطة احتياطاتها يتم تحملها من طرف المساهمين، لأن تخفيض رأس المال يتحقق إما عن طريق إلغاء بعض السندات أو تخفيض قيمتها الإسمية.
وما يفسر ذلك، هو أنه عندما تتعرض الشركة لخسائر مالية، فإنه يمكن اقتطاع هذه الخسائر من الاحتياطات التي تتوفر عليها([18])، وعند نفاذ هذه الأخيرة، تبدأ الخسائر في المساس برأس المال والاقتطاع منه مما يشكل مساسا بالضمان العام الذي يعول عليه الدائنون في اقتضاء حقوقهم، من هذه الزاوية يبرز دور الاحتياطات في توفير نوع من الحماية لرأس المال من كل ما من شأنه المساس به([19])، إلا أن هذه الحماية تبقى مؤقتة ومرتبطة بمدى قدرتها على تصفية جميع الخسائر التي عرفتها الشركة، بحيث أنها لا تمنع من المساس برأس المال إذا كانت غير كافية لذلك، فهي تشكل على حد تعبير بعض الفقه مجرد “خط الدفاع الأول عن رأس المال”([20]).
ومخافة من الآثار السلبية التي يمكن أن يرتبها تخفيض رأس المال على الدائنين، نجد المشرع المغربي قد ألزم الشركة في حالة تعرضها لخسائر جعلت وضعيتها الصافية أقل من ربع رأسمالها، أن تخفض رأسمالها بكيفية مساوية ومتناسبة مع حجم الخسائر المسجلة، مما يمكن أن يترتب عنه أن يقل رأسمالها عن الحد الأدنى المنصوص عليه قانونا.
وبهدف إعادة التوازن إلى مالية الشركة، نجد المشرع قد نص مرة أخرى في المادة 360 من ق.ش.م على أنه :”يجب أن يتبع تخفيض مبلغ رأس المال داخل أجل سنة بزيادة فيه حتى يصل إلى المبلغ المنصوص عليه في المادة 6، إلا إذا تم تحويل الشركة إلى شكل آخر داخل نفس الأجل، وفي حالة عدم التحويل يسوغ لكل ذي مصلحة أن يطلب حل الشركة أمام القضاء وذلك بعد شهرين من توجيه إنذار بتسوية الوضعية لممثلي الشركة…”.
والملاحظ أن عملية تخفيض رأس المال تكون موقوفة على التزام الشركة بالزيادة فيه ليبلغ الحد الأدنى القانوني على الأقل، أو بتحويل الشركة لنوع آخر، داخل أجل سنة، تحت طائلة طلب حلها من طرف كل ذي مصلحة كما مر معنا.
وفي ما مضى، كان قانون 24 يوليوز 1966 الفرنسي المتعلق بالشركات التجارية، ينص في مادته 71 على نفس مقتضيات المادة 360 من ق.ش.م؛ إلا أنه بمقتضى تعديل 30 دجنبر 1981، تم حذف أجل السنة المقرر لزيادة رأس المال، بحيث أصبحت هذه المادة تنص على أن تخفيض رأس المال لمبلغ أقل من الحد الأدنى القانوني، معلق على شرط واقف يتمثل في ضرورة الزيادة فيه بشكل يجعله مساويا على الأقل لهذا الحد الأدنى([21]).
وكان حريا بالمشرع المغربي، أن يعمد إلى حذف أجل السنة المخول للشركة لتسوية وضعيتها وزيادة رأسمالها لما لا يقل عن الحد الأدنى المنصوص عليه قانونا، لأنه يمكن هذه الشركات من الاستمرار في نشاطها بصفة قانونية برأسمال شبه منعدم، مما من شأنه أن يرتب آثارا سلبية سواء بالنسبة للدائنين أو الزبائن أو الموردين وعلى العموم بالنسبة لكافة الأغيار([22]).
الفقرة الثانية : تخفيض رأس المال لزيادته عن حاجة الشركة
تتعدد أسباب تخفيض رأسمال شركة المساهمة لزيادته عن حاجاتها([23])، ومن ذلك سوء تقدير المؤسسين، كما لو تم إنشاء مشروع بقيمة أقل من المبلغ المقدر لبنائه، فيزيد بذلك رأس المال عن حاجة الشركة([24])، أو قد يكون السبب هو كساد الأعمال، أو قلة الطلب على خدمات الشركة ومنتجاتها فتعمد الشركة إلى تخفيض رأس المال بمقدار الجزء الزائد عن حاجاتها بأن ترد القدر الفائض إلى المساهمين وتبقي على القدر الذي يكفي لممارسة نشاطها، أو قد تحدث زيادة مفاجئة في أسعار بعض موجودات الشركة كما لو كانت الشركة تمتلك بعض العقارات أو القيم المنقولة في شركات أخرى وتبيعها الشركة وتسدد جزءا من رأس المال غير المدفوع من الأسهم المصدرة وتكون بذلك قد عملت على تخفيض رأس المال([25]).
وتعزى أسباب تخفيض رأسمال الشركة للزيادة كذلك، إلى كون الشركة تحقق في سنواتها الأولى أرباحا، فيصبح رأس المال غير المدفوع زائدا عن حاجة الشركة، وتجتمع في الاحتياطي مبالغ كبيرة قد لا تستطيع الشركة إعادة استثمارها، فتبقى هذه الأموال في الغالب مجمدة في البنوك مقابل فوائد قليلة، الأمر الذي ترى بموجبه الشركة أن من المصلحة إعادتها إلى المساهمين لرفع نسبة الربح من رأس المال المستثمر، وقد يؤدي رفع نسبة الربح بهذه الصورة إلى الإقبال على شراء أسهم الشركة([26]).
وبغض النظر عن طبيعة هذه الأسباب وتنوعها، فإن المشرع المغربي قد رخص لشركة المساهمة بتخفيض رأسمالها دون أن تلحقها أية خسائر الشيء الذي يخدم ظاهريا مصالح المساهمين، حيث يصير بإمكانهم الحصول على الزائد من رأس المال لاستثماره واستخدامه في قضاء حاجاتهم الخاصة.
وإذا كان تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة يسعد المساهمين لاسترجاع جزء من قيم أسهمهم مع بقاء حقهم في الأرباح والأصوات قائما؛ فإنه على النقيض من ذلك يغضب الدائنين لكون تخفيض رأس المال يضعف الضمان العام الذي يعولون عليه لاستخلاص ديونهم في وقتها.
ولهذا الغرض، أخضع المشرع المغربي مشروع قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة لمسطرة وإجراءات خاصة محاولا في ذلك التوفيق بين مصالح المساهمين ورغبتهم في تخفيض رأس المال، وبين مصالح الدائنين المتمثلة في بقاء ضمانهم العام ثابتا.
وفي الشق المتعلق بحماية مصالح الدائنين، نجد المشرع قد نص في المادة 212 من ق.ش.م على أنه حينما توافق الجمعية العامة غير العادية على مشروع تخفيض رأس المال لا يكون معللا بوقوع خسائر، فإنه يحق لممثل كتلة حاملي سندات القرض، ولكل دائن يعود دينه إلى ما قبل تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة لدى كتابة الضبط أن يتعرضوا داخل أجل ثلاثين يوما، ابتداء من تاريخ إيداع المداولات أمام رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات.
ونؤيد موقف المشرع المغربي الذي لم تغب عنه فطنة ضمان الحماية الحقيقية لحقوق الدائنين، خاصة أن التخفيض غير المعلل بخسائر يصب في خانة مصلحة المساهمين ويضر بمصلحة الدائنين، لكونه يضعف الضمان العام المعول عليه من قبلهم قبل تقديم قروضهم إلى الشركات، لذلك جاء موقف المشرع صارما وموفقا، بحيث لا يمكن بدء عمليات التخفيض خلال أجل التعرض الذي هو ثلاثون يوما ابتداء من تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة غير العادية لدى كتابة الضبط، ولا قبل البت عند الاقتضاء في التعرض عند وقوعه، وهذا ما سنتطرق له بالتفصيل في حينه.
المبحث الثاني : تعرض الدائنين على قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة.
حتى لا يتم العبث برأس المال، أعطى المشرع للدائنين الحق في التعرض على مشروع قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة، لما لهذا القرار من خطورة على الضمان العام المعول عليه من لدن الدائنين في استيفاء حقوقهم([27])، ويكون التعرض لدى رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات، داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة غير العادية لدى كتابة الضبط، الذي يأمر في حال جدية التعرض إما بأداء الديون التي للدائنين في ذمة الشركة التي تنوي تخفيض رأسمالها، وإما بتكوين ضمانات معادلة لحجم الدين، متى عرضتها الشركة وقدرت المحكمة كفايتها (المطلب الأول).
وعلى الرغم من أهمية الحق في التعرض المعطى للدائنين، ودوره في صون حقوقهم ضد القرارات التي تأتيها الشركة، والتي من شأنها المساس بالضمان العام، إلا أن عدم ممارسته داخل الآجال القانونية، أو مع ممارسته داخل الآجال ورفضه من طرف المحكمة يجعل قرار التخفيض ساريا في مواجهتهم.
ومع ذلك، تبقى أمام الدائن آلية أخرى لا يجب التقليل من أهميتها، وذلك في الفرضية التي ترتكب فيها أجهزة الإدارة أو التسيير غشا أو تدليسا إضرارا به، حيث يبقى لهذا الدائن الحق في إقامة الدعوى البوليانية لتعويضه عن الضرر الذي أصابه جراء هذا التخفيض المقرون بالغش أو التدليس (المطلب الثاني).
المطلب الأول : الطعن في قرار التخفيض
حتى يحاط الدائن علما بقرار الجمعية العامة غير العادية القاضي بتخفيض رأسمال الشركة، أوجب المشرع على أجهزة الإدارة والتسيير أن تودع القرار القاضي بخفض رأس المال غير المبرر بخسارة لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، وكذا نشر إعلان بذلك في صحيفتين يوميتين مخول لهما نشر الإعلانات القانونية (الفقرة الأولى)، وبمجرد تحقق العلم، يبادر هذا الدائن إلى تقديم تعرضه ضد قرار التخفيض داخل أجل ثلاثين يوما تحتسب من تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة لدى كتابة الضبط(الفقرة الثانية)، حيث يبقى وقتها لرئيس المحكمة التجارية المختصة بصفته قاضي المستعجلات في حال قبول التعرض، الأمر بوقف إجراءات تخفيض رأس المال إلى حين تكوين ضمانات كافة، أو حتى يتم إرجاع الديون إلى أصحابها (الفقرة الثالثة).
الفقرة الأولى: إعلام الدائن بقرار التخفيض
ونحن بصدد الحديث عن حق التعرض كضمانة معطاة للدائن ضد أي تخفيض لرأس المال غير المبرر بخسارة، لابد من القول بأن هناك شبه مفاضلة في إطار هذا الدائن نفسه تتعلق بالحق في الاطلاع والإعلام حسب فئات الدائنين.
وإذا كان يسهل على ممثلي حاملي سندات القرض الاطلاع على قرارات الجمعية العامة غير العادية، على اعتبار أن القانون أعطاهم حق المشاركة في الجموع العامة للمساهمين، وحق الاطلاع على الوثائق الموضوعة رهن إشارة المساهمين، حسب نفس الشروط التي يخضع لها هؤلاء([28])، وبالتالي فإنهم يكونون على علم بتاريخ اتخاذ الجمعية العامة غير العادية لقرار تخفيض رأس المال، وتاريخ إيداعه بكتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، ويكون بالتالي من حقهم تقديم تعرضهم في الأجل المناسب، فإن بقية الدائنين، و حتى أصحاب الديون الممتازة، قد لا يكون لهم علم بهذا القرار وبتاريخ إيداعه، نظرا لجهلهم بالسير اليومي للشركة المدينة لهم، اللهم إلا إذا وصل ذلك إلى علمهم بطرق خاصة([29]).
وكان بديهيا أن تأتي هذه الحماية التفضيلية التي يتمتع بها اليوم، حاملي سندات القرض، بعد سنوات طويلة من النضال، ألزموا من خلالها المشرع الفرنسي بإصدار أولى القوانين لصالحهم مع مطلع الثلاثينيات من القرن الماضي([30])، سمح فيه لهم بتأسيس كتلة خاصة بهم، حيث يحق لممثليها، وحتى تكون مشاركتهم واعية ومتنورة في القرارات التي تتخذ داخل الجمعية العامة للكتلة، الاطلاع المشابه لحق الاطلاع الذي يتمتع به المساهمون في شركة المساهمة.
وهكذا أصبح يحق لحاملي سندات القرض أن يطلعوا بصفة شخصية، أو بواسطة وكيل يحمل وكالة خاصة، خلال الخمسة عشر يوما السابقة لاجتماع الجمعية العامة على نسخة من القرارات المقترحة للمناقشة، أو التقارير التي ستقدم، وذلك في مقر المركز الاجتماعي للشركة المدينة أو في مركز الإدارة، وعند الاقتضاء في أي مكان تحدده دعوة عقد الجمع العام([31]).
ومن خلال تقييم المادة 212 من ق.ش.م السالفة الذكر، يبدو أنها تبقى في صيغتها الراهنة قاصرة على توفير الحماية اللازمة للدائنين غير فئة حاملي سندات القرض، وحتى يتمكن هؤلاء الدائنون من العلم بوجود قرار صادر عن الجمعية العامة غير العادية للشركة يقضي بتخفيض رأس المال غير المعلل بخسائر، وحتى يتمكنوا بالتالي من وضع تعرضاتهم في الآجال المنصوص عليها قانونا، على المشرع أن لايكتفي بالنص على إيداع القرار القاضي بخفض رأس المال لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، وكذا نشر إعلان بذلك في صحيفتين يوميتين مخول لهما نشر الإعلانات القانونية، متى كانت شركة المساهمة لا تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها وسنداتها، وبنشر الإعلان المتقدم زيادة على ذلك في الجريدة الرسمية، إذا كانت الشركة تدعو الجمهور إلى الاكتتاب في أسهمها وسنداتها، نظرا لقلة اهتمام الدائنين بهذه الصحف، ولقلة اطلاعهم أيضا على التغييرات التي تعرفها بنية الشركات المالية والسياسية([32])، لذلك يقترح البعض وجوب تبليغ الدائنين في عناوينهم الشخصية بطرق التبليغ المتعارف عليها في ق.م.م، أو على الأقل، إعلامهم برسائل مضمونة مع الإشعار بالتوصل على نفقة الشركة، بقرار الجمعية العامة غير العادية المتعلق بخفض رأس المال، لأن الاكتفاء بالإيداع والنشر، قد لا يكون كفيلا بإعلام جميع الدائنين بعملية التخفيض مما يؤدي بالنتيجة إلى الإضرار بحقوقهم إزاء الشركة المخفضة([33]).
ولعل وجهة النظر المتقدمة تجد أساسها في كون أن الديون المقدمة من طرف الدائنين، إنما منحت على أساس الضمان الذي يكفله رأس المال لمصالحهم بصفة غير مباشرة، وبالتالي يتعين إخبارهم وتبليغهم شخصيا بأي قرار من شأنه المس به، وذلك لاتخاذ موقف منه، خاصة إذا كان التخفيض غير معلل بخسائر.
مرة أخرى، يعمد المشرع المغربي إلى توفير حماية أفضل لحاملي سندات القرض، مقارنة مع تلك التي يكفلها لبقية الدائنين الآخرين، إذ بالرجوع إلى المادة 309 من ق.ش.م، ومقارنتها بالمادة 212 من ق.ش.م السالفة الذكر، نجدها تنص على أنه: ” يبقى من حق الجمعية العامة لحاملي سندات القرض أن ترفض كل قرار يمس حقوقها، ولا يمكن بالتالي للشركة أن تتجاوز هذا القرار إلا إذا عرضت إرجاع قيمة السندات إلى الحاملين، الذين لهم ثلاثة أشهر لطلب هذا الإرجاع تبتدئ من يوم حصول التغيير الذي يحدثه القرار المتخذ من طرف الشركة.
لذلك يكون من حق الجمعية العامة لحاملي سندات القرض أن تعترض على أي قرار يمكن أن يؤثر على حقوقهم وخاصة المالية، ولا يخرج قرار تخفيض رأس المال عن هذا الإطار، إذ أن له تأثير مباشر على هذه الحقوق، ولذا يتعين إخضاعه لموافقة الجمعية المذكورة قبل المصادقة عليه من طرف الجمعية العامة غير العادية للشركة وإيداعه بكتابة الضبط لدى المحكمة المختصة، ووجب على الشركة إرجاع قيمة السندات إلى الحاملين إذا ما رفضوا ذلك التخفيض([34]).
وفي مفاضلة بين المادتين المتقدمتين، يتضح أن المادة 309 من ق.ش.م، تكفل حماية أفضل لحاملي سندات القرض من تلك التي تكفلها المادة 212 من ق.ش.م، لأن الأولى تضمن لهم بشكل صريح إمكانية استرداد قيمة السندات، في حين أن الثانية، لا تضمن لهم إلا حق التعرض، ومع ذلك يبدو لنا أنه لا ينبغي الاستهانة بمضمونها خاصة أنها تبقى مفيدة لهؤلاء الدائنين، من حيث أنها تضمن لهم حقوقهم في حالة عدم إخضاع مشروع قرار تخفيض رأس المال لموافقة الجمعية العامة لحاملي السندات، قبل الموافقة عليه من الجمعية العامة غير العادية، إذ يبقى لممثل أو ممثلي هذه الجمعية الذين لهم وحدهم صفة تمثيل هذه الكتلة أمام القضاء([35])، حق التعرض على قرار التخفيض، وتوقيف مفعوله إلى حين بت رئيس المحكمة التجارية فيه بالقبول أو الرفض([36]).
وإذا كان حق التعرض المعطى للدائنين ضد القرارات التي تتخذها الجموع العامة غير العادية للمساهمين، والتي من شأنها المساس برأس المال، يعد ضمانة جاءت بها المادة 212 من ق.ش.م، فإن هذه الأخيرة مع ذلك يعوزها الكثير من الدقة والوضوح.
ولعل من أوجه قصور صياغة هذه المادة تغيييها لأي مقتضى متعلق بوجوب إبلاغ الشركة بوجود تعرضات على مشروع قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة المودع لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، ناهيك على عدم تحديدها شكلا معينا لهذا التعرض.
وبالرجوع إلى القانون رقم 5.96 المتعلق بالشركات التجارية في مادته 79 نجده ينص على أنه : “في حالة مصادقة الجمعية العامة على مشروع لتخفيض رأس المال غير معلل بحصول خسائر، جاز للدائنين الدين ترتب دينهم قبل تاريخ إيداع محضر المداولة بكتابة الضبط، أن يتعرضوا على التخفيض داخل أجل ثلاثين يوما من تاريخ الإيداع، ويبلغ التعرض إلى الشركة بإجراء غير قضائي ويرفع للمحكمة”.
لذلك يتعين سد هذا الفراغ التشريعي عن طريق تمديد هذه الأحكام التي جاء بها المشرع في باب الشركات ذات المسؤولية المحدودة على شركات المساهمة؛ وذلك بإلزام الدائنين كيفما كانت صفتهم، سواء كانوا دائنين عاديين أو أصحاب ديون ممتازة أو ممثلين عن كتلة حاملي سندات القرض، بتبليغ الشركة بوجود تعرض بواسطة إجراء غير قضائي كرسالة مضمونة مع إشعار بالتوصل أو برسالة عادية فقط. أو إعلامها مباشرة بذلك، وذلك حتى يتسنى للشركة أن تتخذ الإجراءات الضرورية على ضوئها، بحيث يمكن لها إقناع هؤلاء الدائنين بالعدول عن تعرضاتهم إذا ما تمت طمأنتهم على مصير ديونهم، ويمكن لها أيضا أن تسحب مشروع قرار التخفيض إذا ما تبين لها كثرة التعرضات المقدمة ضده، وما يمكن أن يرتبه إرجاع الديون لأصحابها من آثار سلبية عليها تتجاوز تلك التي دفعتها لتخفيض رأس المال، كما أن اطلاع الشركة على التعرضات قبل تقديمها للمحكمة يجعلها تفكر بجدية في تكوين ضمانات كافية لهذه الديون، يمكن أن تعرضها على المحكمة بشكل يتم معه رفض التعرضات المقدمة([37]).
الفقرة الثانية: تقديم التعرض ضد قرار التخفيض
رغبة منه في حماية مصالح الدائنين الذين تعاقدوا مع شركة المساهمة معولين على سعتها المالية وقت التعاقد، نجد المشرع قد أعطى لهؤلاء الأغيار حق التعرض على بعض القرارات التي تأتيها الشركة، والتي من شأنها المساس بالضمان العام.
ويعد تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة من أخطر القرارات التي تتخذها شركة المساهمة وأكثرها مساسا بالضمان العام، ويكون مرده إلى وفرة وتراكم رأسمال الشركة بشكل يزيد عن حاجياتها، إما نتيجة لقلة الطلب على المنتوج، أو للمنافسة القوية، أو لوفرة الاحتياطي المدخر، فيكون بالتالي من الأفضل للشركة أن تعيد الفائض إلى المساهمين لاستثماره، أو استخدامه في قضاء مآربهم بدلا من بقائه متراكما ومجمدا في حساباتها، وحتى تتجنب الشركة دفع أرباح على أموال غير مستثمرة من قبلها([38]).
وإذا كان تخفيض رأس المال على النحو المتقدم، يخدم ظاهريا مصالح المساهمين، فإنه بالمقابل يشكل مساسا بمبدأ ثبات رأس المال([39])، ويرتب آثارا سلبية على مصالح الغير من الدائنين، لأنه يقلص قيمة وحجم الأصول التي يجمدها رأس المال في موازنة الشركة، والتي تعد ضمانا مباشرا لديونهم، لأن المقدار الذي يتم تخصيصه يعد جزءا من رأسمال الشركة، الذي عولوا عليه عند منح ائتمانهم للشركة، وبالتالي يشكل مساسا بهامش السلامة الذي يقرره رأس المال لهم([40]).
وقد خصص المشرع المغربي لتخفيض رأس المال غير المعلل بخسائر المواد من 212 إلى 215 من ق.ش.م، تروم في مجملها إلى حماية حقوق الأغيار، فاتحة لهم باب التعرضات على قرار التخفيض وفقا لمسطرة وإجراءات حددت في المادة 212 السالفة الذكر حماية ودفاعا عن حقوقهم.
وهكذا نصت المادة 212 من ق.ش.م على أنه : “حينما توافق الجمعية([41]) على مشروع تخفيض رأس المال، لا يكون معللا بوقوع خسائر، فلممثل كتلة حاملي سندات القرض، ولكل دائن يعود دينه إلى ما قبل تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة في كتابة الضبط، أن يتعرضوا على التخفيض داخل ثلاثين يوما، ابتداء من التاريخ المذكور أمام رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات…”.
وقد كان هذا المقتضى هو المعمول به في التشريع الفرنسي، فيما يخص شركات المساهمة والشركات ذات المسؤولية المحدودة([42])، فمتى كان الدافع إلى التخفيض ليس هو الخسائر، فإنه يكون للدائنين الناشئة ديونهم قبل تاريخ إيداع المحضر الخاص بالتخفيض لدى كتابة ضبط المحكمة المختصة، الحق في الاعتراض على قرار التخفيض، وذلك خلال شهر من تاريخ هذا الإيداع، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 216 من قانون 24 يوليوز 1966، غير أن المشرع ما لبث أن خفض هذا الأجل إلى 20 يوما فقط بالنسبة لشركات المساهمة، وأبقى على مدة الشهر بالنسبة للشركات ذات المسؤولية المحدودة([43]).
إذن يحق للدائنين من حاملي سندات القرض والدائنين العاديين، حينما توافق الجمعية العامة غير العادية على مشروع تخفيض رأس المال غير المبرر بخسائر، أن يتعرضوا أمام رئيس المحكمة التجارية بصفته قاضي المستعجلات، داخل أجل 30 يوما ابتداء من تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة غير العادية لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، الشيء الذي من شأنه أن يسرع الإجراءات لمصلحة الدائنين.
ويعد حق التعرض المعطى للدائنين إجراءا وقائيا، يمكنهم عند إعماله من تفادي التأثير السلبي لتخفيض رأس المال على مصالحهم، حيث يمكن لأي دائن أن يلزم الشركة بالعدول على عملية التخفيض من خلال إلزامه لها بالمفاوضة على أداء دينه في مقابل تنازله عن تعرضه أو عدم تقدمه به([44]).
وقد سوى المشرع المغربي في إطار الدائنين بين حاملي سندات القرض والدائنين العاديين في أحقيتهم في التعرض على قرار تخفيض رأس المال غير المعلل بخسائر، وإن كان إيداع مطلب التعرض بالنسبة للدائنين العاديين مقيد بقيد زمني اشترط فيه المشرع أن تكون ديونهم ناشئة قبل تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة غير العادية، في حين أعفى ممثل كتلة حاملي السندات من هذا الإجراء.
وفي تفصيل لفئة الدائنين العاديين المشمولين بالحماية يتبين أنهم أولئك الذين تعاقدوا مع الشركة قبل المصادقة على قرار التخفيض وإيداعه لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، أما الدائنون اللاحقون فلا يملكون حق الاعتراض على هذا القرار، لأنهم تعاقدوا مع الشركة وهم على بينة مما وصل إليه رأس المال بعد تخفيضه، وليس لهم الاحتجاج على تقليل ضمانة لم يضعوها نصب أعينهم عند التعاقد([45]).
يتضح إذن أن العبرة في التعرض تكون بتاريخ الدين، فالدائنين الذين لهم حق التعرض، هم الذين نشأت ديونهم قبل المصادقة وإيداع قرار التخفيض من لدن الجمعية العامة غير العادية، وليس استنادا إلى الإعلان عن القرار في وسائل الشهر التي يوجبها القانون، فهذه الأخيرة لا تعدو أن تكون إلا دعوة للدائنين لتقديم تعرضاتهم.
وبالرجوع إلى القانون الفرنسي، نجده هو الآخر يحرم على الدائنين الذين نشأت ديونهم بعد اتخاذ قرار تخفيض رأس المال من لدن الجمعية العامة غير العادية، والذين قبلوا بالتعامل مع الشركة في حدود رأس المال المخفض أن يحتجوا على قرار التخفيض، اللهم إلا في حالة حدوث غش أو خداع من جانب الشركة.
وقد كان الاجتهاد القضائي الفرنسي في الفترة السابقة على صدور قانون 24 يوليوز 1966، يقضي بعدم جواز سريان آثار التخفيض في حق الدائنين الناشئة ديونهم قبل قرار التخفيض، يستوي في ذلك ما إذا كان الدافع إلى التخفيض حدوث خسائر ألمت بالشركة، أو كان التخفيض غير معلل بأية خسارة([46]).
غير أن هذا الوضع لم يعد معولا عليه، إذ سرعان ما تغير مع صدور قانون 24 يوليوز 1966، الذي حد من نطاق المعيار السائد في الفترة السابقة له عبر وضع إجراء جديد جاءت به المادة 216 من القانون السالف الذكر([47]).
ونفرق في إطار الإجراء الجديد في التشريع الفرنسي بين وضعين مختلفين([48]).
– الأول: إذا كان تخفيض رأس المال سببه خسائر لحقت بالشركة، فإنه يمنع على الدائنين، حتى أولئك الناشئة ديونهم قبل قرار التخفيض أن يحتجوا على الشركة عن طريق اعتراضهم على خفض رأس المال، لأن من شأن فتح باب التعرضات أمامهم أن يؤدي لا محال إلى عرقلة تصحيح الوضع المالي للشركة.
وبذلك يطفوا قرار الجمعية العامة غير العادية القاضي بخفض رأس المال المبرر بخسائر كواقع اقتصادي يحتم على الشركة خفض رأس المال، من أجل إعادة التوازن إلى مالية الشركة، الشيء الذي يبرر عدم أحقية الدائنين في الاعتراض عليه([49]).
– الثاني: أما إذا لم تكن الخسائر هي التي دفعت بالشركة إلى خفض رأس المال أي أن خفض رأس المال غير معلل بخسائر، فإن لممثل أو ممثلي كتلة حاملي سندات الدين والدائنين الآخرين كيفما كانت طبيعة دينهم، شريطة أن يكون دينهم سابقا لإيداع محضر مداولات الجمعية العامة غير العادية لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، أن يتعرضوا على قرار التخفيض داخل أجل 20 يوما يبتدئ احتسابها من تاريخ الإيداع.
وفي التشريع الفرنسي كما في التشريع المغربي، يبقى الهدف من إعطاء الدائنين حق التعرض على قرار تخفيض رأس المال غير المعلل بخسارة، متجسدا في إرغام المساهمين على رد ما استوفوه من رأس المال نتيجة لقرار التخفيض الذي جرى بسبب زيادة رأسمال الشركة عن حاجاتها، أو لإرغامهم على دفع الأقساط المستحقة من رأس المال، والتي أعفوا منها نتيجة لقرار التخفيض([50])، لأن ذلك يتعارض مع مبدأ وجوب الاكتتاب بكامل رأس المال المعلى عنه عند التأسيس ليبقى الضمان الثابت لدائني الشركة([51]).
ومع أهميته، نجد بعض الفقه الفرنسي([52])، قد قلل من حق التعرض المعطى للدائنين، وأوصى بتقييد هذا الحق منطلقا من فكرة أن رأس المال لا يشكل الضمان الحقيقي للدائنين، ويبدو لنا أن هذا الرأي الضيق، يعد قاصرا على استيعاب الوظائف المتنوعة لرأس المال المحاسبي، وإغفالا غير مبرر لدوره الحقيقي، كضمان غير مباشر للدائنين، باعتباره يقوم بتجميد الأصول المقابلة لقيمته، والتي يمنع التصرف فيها من طرف المساهمين، وبالتالي فإن أي تخفيض لقيمة رأس المال سينقص من الأموال غير القابلة للتصرف، وبالتالي من الضمان المقرر للدائنين.
الفقرة الثالثة: الحكم في دعوى التعرض
الأحكام القضائية هي عنوان الحقيقة ومرآتها وقد تكون هي الحقيقة ذاتها وقد لا تكون، ولاستبعاد كل ما يمكن أن يشوب هذه الأحكام من نقائص أو أخطاء، أوجدت جل التشريعات ومنها المغربي، أنظمة للطعن في الأحكام ومراجعتها ضمانا لدقتها وحرصا على موافقتها للصواب([53]).
ولما كان مشروع قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسائر من شأنه أن يضعف الضمان العام الذي عول عليه الدائنون عند تقديم قروضهم للشخص المعنوي، نجد المشرع قد تفطن لمثل هذه الوضعيات، وضمانا منه لحقوق هؤلاء الدائنين، فإنه أوجب بأن لا يتم الشروع في عمليات التخفيض خلال أجل التعرض الذي هو ثلاثين يوما، يبتدئ احتسابها من تاريخ إيداع مداولات الجموع العامة غير العادية لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، ولا قبل البت عند الاقتضاء في التعرض عند وقوعه، وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 212 ف 1 و 3 من ق.ش.م.
وقد كان المشرع الفرنسي سباقا في إقرار هذه الضمانات للدائنين، حيث منع بدوره على الشركة ممثلة في أجهزتها القانونية، البدء في عمليات تخفيض رأس المال غير المعلل بخسارة طيلة مدة التعرض المحددة في عشرين يوما. تحتسب من تاريخ إيداع مداولات الجمعية العامة غير العادية لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، ولا قبل نظر محكمة الدرجة الأولى في دعوى التعرض في حال وجودها([54]).
وإذا كان أجل التعرض ومدة البت فيه يوقفان جميع إجراءات وعمليات تخفيض رأس المال، فإنه يطرح التساؤل عن طبيعة الأوامر التي يمكن لرئيس المحكمة التجارية اتخاذها بخصوص التعرضات المقدمة إليه؟
بالرجوع إلى مقتضيات المادة 212 من ق.ش.م، يتضح أنه يترتب على بت رئيس المحكمة في التعرض بصفته قاضي المستعجلات نتيجتان هامتان هما([55]):
– النتيجة الأولى: إذا قبل رئيس المحكمة التعرض، وقفت إجراءات تخفيض رأس المال فورا إلى حين تكوين ضمانات كافية، سواء كانت هذه الضمانات عينية أو شخصية، أو حتى يتم إرجاع الديون إلى أصحابها، وهذا ما نصت عليه المادة 212 من ق.ش.م.
وبذلك تكون الشركة بين اختيارين، إما تكوين الضمانات الكافية أو إرجاع الديون إلى الدائنين، وهي الأسباب التي قد تحث الشركة على تفويض إنجاز التخفيض إلى مجلس الإدارة، أو مجلس الإدارة الجماعية بحسب الأحوال، بعد اتخاذ قرار التخفيض، لأن هذين الجهازين أقدر من الجمعية العامة غير العادية على اختيار الحل الملائم ومواجهة مشاكله المحاسبية([56]).
ويترتب عن قبول التعرض وقف وشل أو تجميد جميع إجراءات تخفيض رأس المال فورا، وذلك حتى تقوم الشركة بتنفيذ الالتزامات التي يفرضها عليها رئيس المحكمة، والتي يمكن أن تتعلق بتكوين ضمانات كافية أو بإرجاع الديون.
والملاحظ أن المشرع حاول التوفيق بين حق الدائن في التعرض كضمانة، وبين حق الشركة في إنجاز التخفيض المطلوب، وذلك عندما جعل إجراءات التخفيض تتوقف فقط إلى حين تكوين ضمانات كافية أو إرجاع الديون إلى أصحابها، ولم يصرح قطعا بإلغائها، لأن ذلك يبقى من اختصاص المساهمين.
وهكذا يكون المشرع قد ترك الوقت الكافي للشركة لاتخاذ القرار الملائم لمصلحتها، إلا أن أيسر الحلول يبقى هو تكوين الضمانات الكافية التي يخضع تقديرها إلى المحكمة. أما إرجاع الديون فيثقل محاسبة الشركة وموازنتها، حيث تتحمل الشركة في هذه الحالة إرجاع الديون وتوزيع فائض التخفيض بين المساهمين.
وتعطي بعض التشريعات، كالتشريع العراقي([57])، للمحكمة في حالة قبول التعرض إذا لم يتم التوصل إلى تسوية التعرضات، أو لم تكن الضمانات التي قدمتها الشركة كافية، الحق في إلغاء التخفيض كليا أو جزئيا بما لا يضر حقوق المتعرضين.
ويفيد تدخل المحكمة في إلغاء قرار التخفيض كليا، رد القرار الصادر عن الجمعية العامة غير العادية للمساهمين، لاقتناع المحكمة بالضرر المؤكد الذي قد يحدثه قرار التخفيض في حال قبوله على حقوق الدائنين، أما الإلغاء الجزئي، فإنه يفهم معه أن للمحكمة سلطة تقديرية في تعديل قرار التخفيض الذي اتخذه المساهمون، بما لا يضر مصالح الدائنين، حيث لا يتم إلغاء قرار التخفيض واعتباره كأن لم يكن، بل يسمح به في حدود ما تملكه الشركة من أصول تخصص للوفاء بديون الغير.
ونكاد لا نعثر في التشريع المغربي على مقابل لهذا المقتضى المعمول به في التشريع العراقي، حيث لا يملك قاضي المستعجلات طبقا للمادة 212 من ق.ش.م؛ إلا سلطة قبول التعرض، وذلك متى اتضح له وجاهة وجدية التعرض المقدم من طرف الدائنين، وأن مصالح هؤلاء معرضة للخطر ومهددة بواسطة قرار التخفيض، أو إذا عرضت الشركة ضمانات اعتبرها رئيس المحكمة غير كافية أو سلطة رفض التعرض، حيث يمكن للشركة البدء وقتها في عمليات التخفيض.
وعلى الرغم من المناداة بعدم تدخل القاضي التجاري في عالم المال والأعمال، إلا في حدود ضيقة، ومن تطبيقات ذلك ضرورة ابتعاده عن التدخل لتعديل قرار تخفيض رأس المال، فإنه مع ذلك يبدو لنا أن تدخله يبقى ضروريا لتحقيق التوازنات المطلوبة مراعيا حقوق المساهمين والدائنين، فمن جهة لا يجب تجاهل إرادة المساهمين الرامية إلى خفض رأس المال، ربما لأسباب وجيهة تبررها، ومن جهة أخرى يتعين عليه الحرص على طمأنة الدائنين على مصير ديونهم، وذلك من خلال السماح بتخفيض رأس المال في حدود معينة، ومن تم نحث المشرع المغربي على الأخذ بما هو معمول به في التشريع العراقي في هذه النقطة بالذات، لما في ذلك من إرضاء وتوفيق بين المصالح المتعارضة في مجال الأعمال.
وفي حالة قبول التعرض، يثار تساؤل حول ما إذا كان يتعين على الشركة الرجوع أيضا إلى رئيس المحكمة المختصة للبت من جديد في التعرض على ضوء الضمانات التي تقدمها الشركة أو إذا قامت بإرجاع الديون إلى أصحابها؟
ليس هناك جوابا على هذا التساؤل ضمن مقتضيات ق.ش.م، ولذا نرى أنه يتعين على الشركة أن ترجع من جديد لرئيس المحكمة قصد البت من جديد في التعرض، لأنه يبقى الوحيد المختص قانونا للنظر في مدى كفاية الضمانات التي قدمتها الشركة وبالتثبت من واقعة إرجاع الديون للدائنين.
ويتعلق الأمر هنا بحالة عدم استئناف الشركة للأمر الصادر عن رئيس المحكمة بقبول التعرض، أما في حالة قيامها باستئناف هذا الأمر داخل الأجل القانوني([58])، فإن محكمة الاستئناف تبقى هي المختصة للنظر في الطلب الذي تتقدم به الشركة، والذي تعرض فيه ضمانات كافية جديدة أو بما يثبت أداء الديون، بحيث يمكن لها أن تقرر إلغاء الأمر المستأنف والحكم من جديد برفض التعرض، مما يعطي الحق للشركة في البدء في عمليات التخفيض.
– النتيجة الثانية: وهي رفض التعرض من قبل رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات، وذلك متى تبين له عدم وجاهة التعرض، وعدم تأثير قرار التخفيض على مصالح وحقوق الدائنين، ويتم ذلك عن طريق مقارنة مبلغ الدين مع رأس المال المتبقى، أو مع الملاءة الحقيقية للشركة([59])، أو إذا عرضت الشركة على الدائنين إرجاع ديونهم أو قدمت ضمانات اعتبرها رئيس المحكمة بمقتضى سلطته التقديرية كافية لضمان حقوقهم.
وكما يحق للشركة استئناف أمر رئيس المحكمة بصفته قاضي المستعجلات الذي جاء في غير صالحها، يمكن كذلك للدائنين أن يستأنفوا الأمر الصادر عن رئيس المحكمة متى قضى برفض تعرضهم، لكن ما هو الأثر المترتب على الاستئناف في كلتا الحالتين؟
مرة أخرى يكاد يخلو ق.ش.م من أية إشارة إلى الأثر المترتب عن استئناف الأمر الصادر عن رئيس المحكمة سواء بقبول التعرض أو رفضه، وذلك خلافا للمشرع الفرنسي الذي قرر بمقتضى القانون الصادر في 30 دجنبر 1981، المعدل للمادة 216 من قانون 24 يوليوز 1966، أنه ليس لاستئناف الأمر الصادر عن رئيس المحكمة برفض التعرض أي أثر موقف.
وعلى الرغم من دعم بعض الفقه الفرنسي([60]) لهذا التوجه التشريعي، حيث نادى بدوره بعدم ترتيب أي أثر واقف على استئناف أمر رئيس المحكمة المقدم من طرف دائني الشركة عن رفض التعرض المقدم من طرفهم ضد مشروع قرار التخفيض، بذريعة منع هؤلاء من استعمال طرق الطعن من أجل المماطلة والتسويف، فإن اتجاها آخر([61]) ، يرى أن حماية مصالح الدائنين تستوجب ترتيب الأثر الواقف على استئناف الأمر الصادر برفض التعرض وذلك حفاظا على مصالح الطرفين معا.
ولعل من حسنات ترتيب الأثر الواقف على استئناف أمر رئيس المحكمة، تجنب صدور قرار عن محكمة الدرجة الثانية يقضي بإلغاء الأمر المتقدم، والحكم من جديد بقبول التعرض مع ما يرتبه ذلك من صعوبات، وكذا تكريس احترام مبدأ المساواة بين حقوق الشركة من جهة وحقوق الدائنين من جهة أخرى، لأن الأمر الصادر بقبول التعرض، وإن كان يوقف إجراءات تخفيض رأس المال، فإنه لا يلزم الشركة بالمقابل بتكوين ضمانات كافية أو إرجاع الديون في الحال، بل يمكن لها أن تنتظر إلى حين صدور قرار من محكمة الاستئناف يقضي إما بتأييد الأمر الصادر عن رئيس المحكمة التجارية بقبول التعرض، وفي هذه الحالة تكون ملزمة بتقديم الضمانات الكافية أو إرجاع الديون إذا ما رغبت في الاستمرار في إجراءات التخفيض، وإما بإلغاء هذا الأمر والحكم من جديد برفض التعرض، وفي هذه الحالة تبدأ في عمليات التخفيض دون تقديم أية ضمانات أو إرجاع الديون، اللهم إلا إذا كان قد سبق لها أن عرضت عدة ضمانات في المرحلة الابتدائية اعتبرها رئيس المحكمة غير كافية، وتم إلغاء الأمر من طرف محكمة الاستئناف بعلة أنها تعد كافية، وفي هذه الحالة أيضا لا تكون الشركة ملزمة بعرض نفس الضمانات التي سبق لها أن قدمتها دون أية ضمانات جديدة.
وحتى يتم ضمان حماية أفضل لدائني شركة المساهمة المعنيون بقرار التخفيض، فإن الأمر يستوجب تعديل المادة 212 من ق.ش.م، بشكل يعطي الحق لأطراف النزاع صراحة في استئناف الأوامر الصادرة عن رئيس المحكمة التجارية، ويجعل الاستئناف المقدم من طرف الدائنين، موقفا لإجراءات عمليات التخفيض، وذلك إلى حين بت محكمة الاستئناف فيه.
لذلك يبقى حديث الفقه الفرنسي المتقدم من مماطلة وتسويف دائني الشركة وتعسفهم في استعمال آلية التعرض، حديثا معزولا، لأن قرار التخفيض وإجراءاته تبقى محكومة بالقانون، كما أن القضاء التجاري يتسم بالسرعة سواء فيما يخص أجل الاستئناف، أو المدة التي تستغرقها محكمة الاستئناف التجارية للبت في الأمر المستأنف، ناهيك على أن إيقاف عمليات التخفيض خلال أجل الاستئناف وإلى حين البت فيه، يعد في صالح جميع الأطراف لأنهم يجنبهم صعوبات إرجاع الحالة إلى ما كانت عليه إذا صدر قرار يقضي بإلغاء أمر رفض التعرض والحكم من جديد بقبوله.
وتتميما لآلية التعرض كضمانة جعلها المشرع بين أيدي الدائنين للذود عن حقوقهم كلما أتت الشركة قرارا استشعروا خطورته على الضمان العام المقرر لهم، نجد المشرع قد أوجب على الشركة تعديل النظام الأساسي بشكل يجعله يتضمن رأس المال المعدل، والقيام بجميع طرق الشهر القانونية من إيداع ونشر حتى يعلم به الدائنون، وذلك داخل أجل 30 يوما من تاريخ التعديل وهذا ما نصت عليه صراحة المادة 37 من ق.ش.م.
ومن المؤكد أن نظام الشهر بالكيفية المتقدمة يعد مفيدا أيضا في إعلام الأغيار اللاحقين، أي الذين يودون التعامل مستقبلا مع الشركة المخفضة، حيث يكون بإمكانهم الوقوف على رأس المال الجديد بعد الانتهاء من إجراءات تخفيضه.
وإضافة إلى طرق الشهر المتعارف عليها، تلتزم الشركة كذلك بتضمين القيمة الجديدة لرأس المال في جميع المحررات والوثائق الصادرة عنها والموجهة للغير وخاصة منها الرسائل و الفاتورات ومختلف الإعلانات والمنشورات.
وهذا ما يعكس الوظيفة الإعلامية لرأس المال، لأنه يعطي استعلاما أو استدلالا عن كتلة الأموال القابلة للحجز من طرف الدائنين، والمضمونة بمبدأ عدم المساس بهذا الرأسمال([62])، وبالتالي يتعين تعديل المبلغ الوارد بالنظام الأساسي والمضمن بوثائق الشركة كلما طرأ عليه أي تغيير سواء بالزيادة أو النقصان، وذلك لكي يكون متوافقا مع المهمة الإعلامية التي يقوم بها، والتي يعتمد عليها المتعاملون مع الشركة([63]).
المطلب الثاني: ممارسة الدعوى البوليانية
يعد حق التعرض من أهم الآليات المباشرة التي جعلها المشرع بين أيدي الدائنين لحماية حقوقهم ضد القرارات التي تأتيها شركة المساهمة والتي من شأنها تقليل أو إعدام الضمان العام الذي على أساسه منحوا ائتمانهم لهذه الشركة.
غير أن عدم ممارسة حق التعرض داخل الآجال القانونية أو مع ممارسته داخل الأجل المقرر له ورفضه من لدن رئيس المحكمة التجارية المختصة، يجعل قرار تخفيض رأس المال ساريا في مواجهة هؤلاء الدائنين، الذين لا يمكنهم الاحتجاج ضد قرار التخفيض مهما كانت أساليب إجرائه.
ومع ذلك، تبقى أمام الدائن فرصة أخرى لا يجب التقليل من أهميتها، وذلك في الفرضية التي يرتكب فيها أعضاء أجهزة الإدارة أو التسيير في الشركات المنخفضة غشا أو تدليسا، أو اتجهت إرادتهم إلى الإضرار بحقوق الأغيار، حيث يكون أمام الأغيار المتضررين والحالة هاته الحق في إقامة الدعوى البوليانية لتعويضهم عن الضرر الذي أصابهم جراء هذا التخفيض([64]).
وتعرف الدعوى البوليانية بأنها الدعوى التي يقيمها الدائن لحماية نفسه ضد غش المدين وخداعه، إذ يعمل هذا الأخير على إنقاص ذمته المالية وتعويض بعض عناصرها الإيجابية بأخرى، وذلك بشكل يسهل عليه الهروب من متابعات دائنيه([65]).
كما عرف المشرع اللبناني الدعوى البوليانية، بأنها الدعوى المعطى الحق بإقامتها لشخص الدائن ضد المدين غايتها إبطال عمل صدر عن المدين، كان من مفعوله إحداث عجز المدين أو الزيادة في عجزه وبصورة خاصة، إبطال بيع مال المدين وإعادته على ملكيته كي يتمكن الدائن من ممارسة حقه بالتأمين العام المعترف له به قانونا على أموال مدينه([66]).
تعريف آخر، أعطاه هذه المرة الاجتهاد القضائي، وذلك عندما أصدرت محكمة النقض المصرية قرارا لها بهذا الخصوص مع مطلع الثمانينات رأت فيه بأن الدعوى البوليانية ليست في حقيقتها وعلى ما جرى به اجتهاد هذه المحكمة، إلا دعوى بعدم نفاذ التصرف الصادر من المدين إضرارا بدائنه؛ ولا يمس الحكم الصادر فيها صحة العقد الصادر من المدين، بل يظل هذا العقد صحيحا وقائما بين عاقديه منتجا كافة آثاره القانونية بينهما([67]).
ومن تطبيقات الدعوى البوليانية في مجال حماية الدائنين ضد القرارات التي تأتيها شركة المساهمة والتي من شأنها المساس بحقوق هؤلاء الدائنين؛ نورد ذلك الصادر عن محكمة النقض الفرنسية، والذي اعتبرت فيه أن جميع شروط هذه الدعوى مجتمعة في النازلة المعروضة أمامها، على اعتبار أن مساهمي إحدى الشركات عمدوا إلى تخفيض رأسمالها بتخصيص مجموعة من أصولها لشركة أخرى يعتبرون مساهمين فيها، وذلك رغم علمهم بالوضعية الحرجة للشركة؛ وبالأضرار التي يمكن أن يسببها ذلك لدائني الشركة الأولى([68]).
ويرى بعض الفقه الفرنسي في معرض تعليقه على هذا القرار أنه ” لا يمكن في جميع الأحوال معاقبة الدائن الذي لم يتقدم بتعرضه داخل الأجل المقرر لذلك، أو لم يؤسس تعرضه بكيفية تقنع المحكمة بقبوله، إذ يحق له أن يتقدم بدعوى الغش أو الدعوى البوليانية لضمان حقوقه، كما أن ممارسته لحقه في التعرض، لا يحرمه من التقدم بالدعوى البوليانية لاحقا”([69]).
ولا يكفي أن يكون التصرف الذي قام به المدين مفقرا يؤدي إلى إعساره أو يزيد في إعساره؛ بل يجب أن يكون قد صدر منه غشا للإضرار بدائن له حق ثابت قبل هذا التصرف([70])، لأن هذا الغش يشكل العنصر المعنوي أو النفسي في الدعوى البوليانية، ويكون له الأثر الأكبر في نفاذ التصرف في حق الدائن أو عدم نفاذه، ولابد من إثبات وجوده لدى متصرفي الشركة لقبول الدعوى([71])، بل يمكن حتى لأصحاب الديون اللاحقة على إشهار قرار التخفيض، أن يطالبوا بتقديم ضمانة لديونهم، متى استطاعوا إثبات أن الغش الذي نشأ قبل إجراء تخفيض رأسمال الشركة، أدى إلى إضعاف الضمان العام لديونهم، وذلك استنادا إلى قاعدة “أن الغش يفسد كل شيء”([72]).
وتدق التفرقة في هذا الصدد بين الدعوى البوليانية ودعوى الصورية، فإذا كان يشترط لنجاح الدعوى الأولى إثبات سبق دين الدائن على التصرف، وأنه مستحق الأداء، وإثبات توفر نية الغش عند المتعاقدين وقصدهما إلحاق الضرر بالدائن وإثبات عسر المدين الناشئ عن التصرف، فإن في دعوى الصورية لاشيء من ذلك ولا شرط من هذه الشروط يلزم توفره، بل يكفي إثبات الصورية وحدها مجردة عن كل شيء ممن له مصلحة في ذلك سواء كان دينه سابقا أم لاحقا، مؤجل أو تحت شرط موقف؛ بل يكفي أن يكون الدين خاليا من النزاع([73]).
وتبقى محكمة الموضوع الجهة المؤهلة قانونا لإجلاء الفرق بين الدعويين؛ ففي الدعوى البوليانية يبقى من صلاحيات هذه المحكمة تقدير وجود نية الغش أو الإضرار لدى مرتكبيه([74])، وذلك بناء على وقائع القضية والظروف المحيطة بعملية التخفيض، والقرائن التي يمكن استنتاجها من ذلك، كما أن لها صلاحية تقدير التعويض المناسب للدائنين من جراء الغش المرتكب، ولها أن تأمر الشركة مرتكبة الغش، بإرجاع الديون أو تقديم ضمانات جديدة تكون كافية للحفاظ على حقوق الدائنين، وتقيهم الآثار السلبية التي رتبها التخفيض على مصالحهم.
وعلى ذلك، يبقى بإمكان الدائن الذي لم يتقدم بتعرضه داخل الآجال القانونية، خاصة وأن الدائنين العاديين كما مر معنا يتعذر عليهم العلم بالقرارات التي تأتيها الشركة والتي من شأنها المساس بالضمان العام من قبيل تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة، وحتى مع علمهم بمشروع قرار التخفيض وتقديم التعرض داخل الآجال المقررة له، مع رفضه من قبل المحكمة التجارية المختصة، يبقى أمام هذا الغير الدائن مع ذلك فرصة أخرى تتمثل في ممارسة الدعوى البوليانية، وذلك رغم أن الغش المرتكب لم يتم اكتشافه إلا بعد مرور مدة معينة، فهو يتمتع على حد تعبير بعض الفقه الفرنسي “بدورة استدراكية حقيقية لضمان حقوقه([75])Une véritable session de rattrapage .
وإذا كان مرور أجل التعرض المحدد في ثلاثين يوما يكسب مشروع قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة مناعة لفائدة شركة المساهمة ويفوت على الدائنين فرصتهم في استيفاء حقوقهم أو منحهم ضمانات كافية تؤمن لهم الحصول على ديونهم، فإن الأجل المعطى لهم لممارسة الدعوى البوليانية والمحدد في ثلاثين سنة يعطيهم أملا جديدا وكافيا للتعويض عن ما فاتهم، وبالتالي يفتح أمامهم إمكانية استيفاء حقوقهم من خلال ممارستهم الدعوى البوليصية للمحافظة على ما تبقى من الضمان العام.
وحتى لا يتم التصريح من لدن المحكمة المختصة بعدم قبول الدعوى شكلا، على الدائن أن يتقدم بتعرضه داخل أجل ثلاثين يوما يبدئ احتسابها من تاريخ إيداع مشروع قرار تخفيض رأس المال لدى كتابة ضبط المحكمة التجارية المختصة، كما يقع عليه أيضا عبء إثبات الغش من جانب المدين الذي هو الشركة، إضرارا بهم وذلك خلافا لما سبق وجاءت به المادة 212 من القانون رقم 17.95 المتقدمة، التي لم تلزم الدائن أو ممثل سندات القرض أن يثبت أنه تعاقد على أساس مبلغ رأس المال الأصلي، وأنه تضرر من قرار تخفيض رأسمال شركة المساهمة.
الهوامش:
([1]) ذ. رشيد فطوش باحث بكلية الحقوق بفاس.
([2])ويتعلق الامر بالظهير الشريف رقم 1.96.124، الصادر في 14 ربيع الثاني 1417(30غشت 1996)، القاضي بتنفيذ القانون رقم 17.95 المتعلق بشركة المساهمة، والمنشور بالجريدة الرسمية عدد 4422 بتاريخ 17 اكتوبر 1996، كما وقع تعديله و تتميمه.
([3]) Ahmed OMRANE : « Le droit Tunisien des sociétés entre l’archaisme et la modernité », Rev.Etudes juridiques (Revue publiée par la faculté de droit de sfax), N° 10, 2003, p : 135
« …Portant du fait que la responsabilité des associés de la S.A est limitée à leurs apports, le code des sociétés commerciales attache une grande importance ou capital social croyant que c’est la mesure la plus efficace pour protéger les créanciers sociaux… ».
([4]) إذا كان المشرع قد نص صراحة على أحقية الدائنين في التعرض على قرار تخفيض رأس المال غير المبرر بخسارة، نظرا لمساسه بالضمان العام، فإن موقفه لم يكن كذلك، بل لزم الصمت فيما يخص قرار المساهمين تحويل الشكل القانوني للشركة.
([5]) ذ.نغم حنا رؤوف ننيس : “النظام القانوني لزيادة رأس مال الشركة المساهمة، دراسة مقارنة”، الطبعة الأولى 2002، الناشر، الدار العلمية الدولية ودار الثقافة للنشر والتوزيع، عمان الأردن، ص : 16.
([6]) د.محمد حسين إسماعيل : “الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات الأموال السعودية” دراسة مقارنة”، 2002 مركز البحوث للطباعة و النشر. ، ص: 174.
([7]) خالد الشاوي : “شرح قانون الشركات التجارية العراقي، دراسة مقارنة”، الطبعة الأولى، مطبعة الشعب، بغداد 1968، ص: 363.
([8]) د.محمد كامل أمين ملش :”الشركات”، مطابع دار الكتاب العربي، مصر 1957، بند 366، ص: 354.
([9]) Gerard CORNU : « Vocabulaire juridique », 8ème Ed, PUF, 2000, p : 730.
([10]) Marie Laure COQUELET : « Réduction du capital social », jurisclasseur, société VolV. 2003, p : 3.
([11]) د.محمد حسين إسماعيل : “الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات الأموال السعودية”، م.س، ص : 182.
([12]) د.عمر حسنين : “تطور الفكر المحاسبي” دار الجامعات المصرية، 1976، ص : 193 وما بعدها.
([13]) سنان زهير محمد جميل :”مشاكل معالجة النفقات الإيرادية المؤجلة في شركات مختارة في العراق” رسالة ماجستير، كلية الإدارة والاقتصاد، جامعة الموصل، السنة 2000، ص : 42.
([14]) د.عدنان أحمد ولي العزاوي : “أحكام تأسيس الشركات في القانون العراقي”، مجلة العلوم القانونية والسياسية، تصدرها كلية القانون والسياسة، جامعة بغداد، المجلد الرابع، العدد الأول والثاني 1985 ص : 232.
([15]) د.محمد حسين إسماعيل: “الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات الأموال السعودية، دراسة مقارنة”، م.س، ص : 188.
([16]) وحتى قبل ركونه إلى تطبيق القانون الفرنسي لعام 1867 بمقتضى ظهير غشت 1922، نجد المشرع المغربي قد نظم هذه القاعدة في صلب ق.ل.ع، حيث نص الفصل 1038 منه على ما يلي :”… وإذا نقص رأس مال الشركة وجب إعادة تكوينه من الأرباح التالية لحد مبلغ الخسائر. ويتوقف كل توزيع للأرباح بين الشركاء إلى أن يتم إعادة رأس المال كاملا، وذلك ما لم يقرر هؤلاء إنقاص رأسمال الشركة إلى رأس المال الفعلي”.
([17]) وذلك ما لم تتم خلال الأجل المحدد إعادة تكوين رؤوس الأموال الذاتية إلى ما لا يقل عن ربع رأسمال الشركة، وإن كان هذا التكوين يكون صعبا في حالة ما إذا كانت الشركة تمر بظروف صعبة.
([18]) لم تتضمن المادة 357 من ق.ش.م أية إشارة لأنواع الاحتياطات التي يمكن استخدامها لتصفية الخسائر التي عرفتها الشركة، وجاءت عبارة : “الاحتياطي” عامة دون تخصيص، وهو ما يفيد أن جميع الاحتياطات يمكن أن تقوم بدور مهم في جبر الخسائر بما فيها الاحتياطي القانوني، على أن يتم بعد ذلك اقتطاع النسبة اللازمة لتكوينه من الأرباح الصافية، وذلك إلى حين وصول مبلغه لعشر رأس المال، وذلك تطبيقا للمادة 329 من ق.ش.م “.
([19]) G.L.Pierre. François : “A propos de l’actif net devenu du fait de pertes, inférieur ou quart du capital social », J.C.P. Ed C.I 1975, 2, études et commentaires, études pratiques, 11831, N° 17, p : 425.
([20]) د.محمد حسين إسماعيل: “الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات الأموال السعودية، “دراسة مقارنة”، م.س، ص : 191.
([21]) A.Sayag ; A.Palmade, art précit, N° 34.
([22]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، الطبعة الأولى 2008، مطبعة طوب بريس، الرباط، ص : 361.
([23]) عن أسباب تخفيض رأسمال شركة المساهمة لزيادته عن حاجاتها انظر: د.معن عبد الرحيم عبد العزيز جويحان: “النظام القانوني لتخفيض رأس مال شركات الأموال الخاصة”، م.س، ص : 134.
([24]) د.طالب حسن موسى: “رأسمال الشركة المساهمة”، مجلة القضاء الصادرة عن نقابة هيئة المحامين بالعراق، ع 3 و 4 1988، ص : 186.
([25]) د.رزق الله أنطاكي، د.نهاد السباعي: “موسوعة الحقوق التجارية، الشركات التجارية”، مطبعة الجامعة السورية 1952، ص: 325.
([26]) د.خالد الشاوي: ” شرح قانون الشركات التجارية العراقي”، م.س، ص : 364.
([27]) Amel MAMLOUK : « L’Apport du code des sociétés commerciales à la protection des crénciers par le capital social », Rev.Juris.Leg, N° 9 Année 43, Novembre 2001, Tunis, p : 9 « …le capital social est par son rôle… et sa fonction protectrice… cette fonction lui à valu la qualification de « gage exclusif des créanciers sociaux… »
([28]) راجع مقتضيات المادة 304 من ق.ش.م، وكذا المادة 311 منه، التي تعطي الحق لحاملي سندات القرض، مطالبة الشركة بإمدادهم وباستمرار بالمعلومات التي يحتاجون إليها بصفتهم حاملي سندات قرض، وكذا المادة 309 منه، التي تلزم الشركة بإخضاع كل قرار يمس حقوق حاملي سندات القرض لموافقة الجمعية العامة لحاملي هذه السندات.
([29]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م.س، ص : 403.
([30]) يتعلق الأمر بالقانون الصادر في 30 أكتوبر 1935 الذي أعطى الحق لحاملي سندات القرض بتأسيس كتلة خاصة بهم، وحول الوسائل المعطاة عموما لحاملي السندات للدفاع عن مصالحهم في هذه الفترة، انظر :
-Dubuis : « Des moyens donnés aux obligataires pour assurer leur protection contre les Actes des sociétés anonymes » Thèse, Paris 1934.
([31]) انظر المادة 318 من قانون 24 يوليوز 1966 الفرنسي، المتعلق بالشركات التجارية والمتمم بقرار 23 مارس 1967 في مواده 231 و 232، وكذا المادة 228، 69 من م.ت الفرنسية
([32]) A.Dalsage : « A propos des articles de M.Masclet sur la fixité du capital », Revue Sociétés 1963, p :138.
([33]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م.س، ص : 404.
([34]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م.س، ص : 405.
([35]) نصت المادة 303 من ق.ش.م على أنه : “لممثلي الكتلة المرخص لهم بصورة صحيحة من طرف الجمعية العامة لحاملي سندات القرض، الصلاحية للتقاضي وحدهم باسم مجموع حاملي سندات القرض…”.
([36]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م.س، ص : 406.
([37]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م.س، ص : 407.
([38]) د.أحمد شكري السباعي: “الوسيط في الشركات والمجموعات ذات النفع الاقتصادي، الجزء الرابع، شركات المساهمة”، م.س، ص: 375.
([39]) د.محمد حسين إسماعيل: الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات الأموال السعودية (دراسة مقارنة)” ، م.س، ص : 184.
([40]) André Plas : « Le capital social, et, l’érasion monétaire » Gaz.Pal. 1977 (2ème sem) Doc.p : 357.
([41]) والمقصود هنا الجمعية العامة غير العادية لأنها وحدها المختصة قانونا لاتخاذ قرار تعديل رأس المال، وذلك بعد اطلاع مراقب أو مراقبي الحسابات على مشروع التعديل، وذلك تحت طائلة المساءلة الجنائية، غير أن العقوبة المقررة في هذه الحالة تبقى قليلة مقارنة مع الفعل المرتكب، خاصة إذا تم ارتكابه عن قصد من طرف المتصرفين، انظر بخصوص ذلك:
-Rachid LAZRAK : « Le nouveau droit pénal des sociétés au Maroc », Ed. la porte Casablanca 1997, p : 78 et 79.
([42]) Joseph HAMEL. et Autres, op.cit, p : 546.
([43]) انظر المادة السادسة(6) من المرسوم رقم 99.257 الفرنسي الصادر في 01 ابريل 1999.
([44]) E.Cafritz, D.Caramalli : « Le mythe du capital social bien fondé d’une réforme », p : 13.
([45]) د.أحمد إبراهيم البسام : “الشركات التجارية في القانون العراقي”، الطبعة الثانية، مطبعة العاني، بغداد 1967، ص : 254.
([46]) Cass.Civil 27 Juin 1889. Dalloz.S.225.1.1902.
([47]) أصبحت المادة 216 من قانون 24 يوليوز 1966، بعد التبويب الذي عرفته مدونة التجارة، تحمل رقم 225.
([48]) G.Ripert, et, R.Roblot, op.cit, p : 869.
([49]) PRIETO (C) : « La société contractante » Thèse, Université d’Aix Marseille III, 1994, p : 342 : « …Lorsque la réduction est motivée par des pertes, le procédé bien que doulareux tend à renouer avec la réalité… »
([50]) د. فوزي عطوي : ” القانون التجاري” الطبعة الأولى، دار العلوم العربية للطباعة والنشر، بيروت لبنان 1986، ص : 363.
([51]) د.عدنان خير : “القانون التجاري اللبناني” المؤسسة الحديثة للكتاب، طرابلس، لبنان 1997، ص : 401.
([52]) A.Viandier : « Le rachat d’actions après la loi N°98.546 du 02 Juillet 1998 », (Article 41), Revue Juridique du droit des affaires, N°7. 1998, N°60, p : 598.
([53]) د.بلال العشيري : ” حوادث الشغل والأمراض المهنية، دراسة نظرية وتطبيقية”، الطبعة الأولى 2009، دار أبي رقراق للطباعة والنشر الرباط، ص: 89.
([54]) G.Ripert, et, R.Roblot, op.cit. AL : N° 1968, p : 870.
([55]) Daniel BASTIAN : « La réforme du droit des sociétés commerciales, sociétés par action » J.C.P. Ed « G » 1968 Doc 2183, N°640.
([56]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م. س ص : 410.
([57]) د.معن عبد الرحيم عبد العزيز جويحان : “النظام القانوني لتخفيض رأسمال شركات الأموال الخاصة، دراسة مقارنة”، م.س، ص: 285.
([58]) هذا الأجل القانوني هو 15 يوما من تاريخ التبليغ، وذلك وفقا للمادة 18 من القانون رقم 53.95 القاضي بإحداث المحاكم التجارية.
([59]) J.HEMARD et Autres, op.cit, N° 694, p : 566.
([60]) Sabine DANA-.DEMARET : « Le capital social », Ed.LITEC, Paris, 1989, N° 270, p : 298 ; « …En revanche, en cas de rejet, la réduction peut être immédiatement réalisée, et l’appel de la décision de rejet n’est pas suspensif, ceci pour éviter que les créanciers « tiers ou contrat de société, [n’aient] la possibilité de priver d’effet une décision de A.G en utilisant les voies de recours à des fins dilatoires ».
([61]) د.علال فالي: “مفهوم رأس المال في شركات المساهمة، م.س، ص: 408 .
([62]) D.Demaret, op.cit, N°86, p : 96.
([63]) د.علال فالي :”مفهوم رأس المال في شركة المساهمة”، م.س، ص : 410.
([64]) ترجع أصول الدعوى البولبيانية أو الدعوى البوليسية إلى القانون الروماني Droit Romain، حيث أطلق هذا النوع من الدعاوى القاضي الروماني بولوس Pulus أيام حكم شيشرونCicéron .
وكان يوجد في القانون الروماني دعويين بوليانيين، الأولى دعوى بوليانية عينية، والثانية دعوى بوليانية شخصية.
ذ.نزيه نعيم شلالا : “الدعوى البوليانية : دراسة مقارنة من خلال الفقه والاجتهاد والنصوص القانونية”، منشورات الحلبي الحقوقية 2000، بيروت لبنان، ص: 19 وما بعدها.
([65]) « …L’action poulienne est donnée ou créancier pour le protéger contre la fronde d’un débiteur qui diminue son patrimoine ou remplace des biens aisément saisissable par faciles à faire échapper aux poursuites ».
MAZAUD : « Le son de droit civil », Tome III 1978, p : 1021.
([66]) انظر المادة 278 من قانون الموجبات والعقود اللبناني.
([67]) قرار محكمة النقض المصرية، صادر بتاريخ 12 يونيو 1982، مذكور بمؤلفه ذ.نزيه نعيم شلالا “الدعوى البوليانية”، م.س، ص: 64.
([68]) Cass.Com 11 Février 1986, J.C.P, Ed, « N » 1987, Etudes pratiques. Chro. Juridique et Fiscale, p :116, note de E.le Dally ; J.RICHARD.
([69]) R.Montier, op.cit, N° 124, p : 108.
([70]) قررت محكمة النقض الفرنسية في قرار لها صادر بتاريخ 17 يناير 1984، أنه ليس ضروريا أن يكون دين الدائن محققا ومستحق الأداء، بل يكفي أن يكون سابقا على تصرف المدين فقط.
– Cass.Civ. 17 Janvier 1984 (1er ch) D.S, 1984, Jurisprudence, p 437.
([71]) Philippe Delebecque, note sous cass.civ 6 mars 2001, Dalloz, 2001, n° 40, Jurisprudence, Soum. Commentés, p : 3244.
([72]) د.محمد حسين إسماعيل: “الحماية القانونية لثبات رأس المال في شركات الأموال السعودية”، م.س، ص : 188.
([73]) د.أحمد نشأت “رسالة الإثبات”، دار الفكر العربي للطباعة والنشر، القاهرة، الجزء الأول، ص : 386.
([74]) Cass.Req 24 Septembre 1941. GAZ.PAL (2ème sem), 1941-2. Journal du 15 Novembre 1941, p : 414.
كل الاحترام لكاتب المقال الموضوع جميل جدا ومفيد