حق الأفضلية في الملكية المشتركة للعقارات المبنية: محاولة لضبط أحكامه في ضوء مستجدات القانون رقم 106.12
عبد الللطيف ميموني إطار بالوكالة الوطنية للمحافظة العقارية و المسح العقاري و الخرائطية
مقدمـــة
بعد مرور عقد و نيف على دخول القانون رقم 18.00 المتعلق بنظام الملكية المشتركة للعقارات المبنية حيز التنفيذ، قام المشرع المغربي ـ بموجب القانون رقم 106.12[1] ـ بإدخال مجموعة من التعديلات عليه، ترمي في عمومها من جهة إلى سد النقص الذي أبان عنه تطبيق مقتضياته، ومن جهة أخرى إلى الملائمة بينه و بين بعض القوانين ذات الصلة و خصوصا مدونة الحقوق العينية[2].
هذه التعديلات شملت بالأساس التوسيع من نطاق التطبيق ليشمل مجموعات العقارات المبنية المؤلفة من عمارات أو فيلات أو محلات، متلاصقة أو منفصلة، و المقسمة إلى أجزاء مفرزة و أخرى مشتركة. أيضا إضافة مقتضيات جديدة تتعلق بإدارة و تسيير الملكية المشتركة تراعي هذا التوسيع.
و بالرغم مما قد يثار من ملاحظات بشأن المستجدات التي جاء بها القانون رقم 106.12 و مدى نجاعتها في ضمان تدبير أمثل و عقلاني للعقارات المشتركة الملكية[3]، فإن الذي يهمنا في هذه الدراسة هو المادة 39 التي جاء فيها أنه : ” يمكن للملاك المشتركين في العقارات المكونة من عشرين (20) رسما عقاريا مستقلا كحد أقصى أن ينشئوا، فيما بينهم، بأغلبية ثلاثة أرباع أصوات الملاك المشتركين الحاضرين أو من يمثلهم، حق الأفضلية في جميع التصرفات الناقلة للملكية بعوض.
لا يجوز ممارسة هذا الحق من قبل الملاك المشتركين بالنسبة للعقار الذي يكون موضوع ائتمان إيجاري أو أي إيجار مشابه بعد تفويته للمكتري المتملك.
كما لا يجوز ممارسة هذا الحق بشأن التفويتات بعوض الحاصلة بين أحد الملاك المشتركين و زوجه أو فروعه أو أصوله أو إخوته”.
و اهتمامنا بهذه المادة يجد تبريره في البحث عن مؤيدات الإبقاء على حق الأفضلية[4]، باعتباره مِكنة ممنوحة بمقتضى نظام الملكية المشتركة للملاك المشتركين، في استرداد الجزء المفرز و ما يرتبط به من أجزاء مشتركة الذي تم تفويته من طرف أحد الملاك لأجنبي عنهم، و ذلك مقابل أداء الثمن و مصروفات العقد الظاهرة. فالذي لا جدال فيه، أن إقرار هذا الحق عند وضع قانون 18.00 كان يتجاذبه موقفان؛ أحدهما يرى فيه أنه يرمي إلى الحفاظ على التفاهم و ظروف الانسجام السائدة بين الملاك المشتركين، و الآخر رافض له لكونه لا يتناغم و متطلبات التخفيف من أزمة السكن التي تقتضي تقرير حرية التداول[5]. مما يجعلنا نتساءل عن مدى نجاح التعديلات التي همت المادة 39 في التوفيق بين إكراه الحفاظ على انسجام الملاك المشتركين و متطلبات تحرير تداول العقار الخاضع لهذا النوع من الملكية ؟
هكذا، سنحاول تناول هذا الإشكال من خلال بحثه على مستوى أحكام حق الأفضلية من حيث نطاقه (المحور الأول) و من حيث ممارسته (المحور الثاني).
المحور الأول: نطاق حق الأفضلية
إن القراءة الأولية لنص المادة 39 من القانون 18.00 كما تم تغييره و تتميمه، تسمح بالقول أن المشرع سعى قدر الإمكان إلى التضييق من نطاق حق الأفضلية، فإذا كان قد احتفظ ـ من جهة ـ بأغلبية ثلاثة أرباع الملاك المشتركين الحاضرين أو من يمثلهم كنصاب مطلوب لتضمين هذا الحق بنظام الملكية المشتركة، ومن جهة أخرى بالتفويتات الناقلة للملكية بعوض كسبب لتفعيله، فإنه بالمقابل قيد موضوع التفويت (أولا) و قلص من لائحة الأشخاص المفوت لهم (ثانيا).
أولا: النطاق من حيث موضوع التفويت
يبدو من الملائم التذكير بأنه يشترط في التصرف الذي يثبت به حق الأفضلية أن يكون ناقلا لحق الملكية و ليس ناقلا لأحد الحقوق العينية كالانتفاع أو الكراء أو الرهن… و أن يكون بعوض كالبيع و المعاوضة[6] لا على سبيل التبرع كالصدقة و الهبة. و إذا كانت المسألة بهذا الوضوح، فإنها لا تكون كذلك في الحالة التي يكون فيها البيع جبريا عن طريق القضاء أو في الحالة التي يكون فيها الثمن سيتم تسديده بأحد صيغ التمويل البنكي إما الكلاسيكي أو البديل[7]. و أيا كان التأويل الذي يمكن أن يعطى للحالة الأولى، فإننا نعتقد أنه لا يمكن ممارسة حق الأفضلية في البيع الجبري للجزء المفرز حتى و لو توافق عليه الملاك المشتركين؛ ذلك أن هذا البيع يتم وفق مسطرة تقوم على الإشهار و بإمكان الكل التدخل للمشاركة فيها. و رب معترض يقول إن النص العام و المطلق يبقى كذلك إلى أن يخصص أو يقيد بشاهد، لكن هذا الاعتراض مردود لأن المادة 39 هي ـ في تقديرنا ـ نص استثنائي يجب فهمه فهما مضبوطا لا يتوسع فيه، فالأصل و المبدأ العام هو حرية التعاقد و القوة الملزمة للعقد، و هذا الفهم تؤيده المادة 302 من مدونة الحقوق العينية التي تمنع ممارسة حق الشفعة في حالة البيع الجبري للحق المشاع[8]. و منطق التضييق و الفهم المضبوط و المنضبط للمبدأ العام هو نفسه الذي يحكم الحل الذي نراه للحالة الثانية؛ حيث يجب إخراج البيع الذي يتم فيه تمويل الثمن بقرض أو بمرابحة أو إجارة كصيغتين للتمويل البديل[9]، من دائرة التصرفات التي تجيز الأخذ بحق الأفضلية.
لنترك جانبا أمر الخلاف بخصوص الحل الذي اقترحناه، و نلتفت إلى ما نحن بصدده من ضبط نطاق حق الأفضلية من حيث الموضوع؛ إذ يمكن القول أن الأمر لم يعد مثلما كان عليه في ظل المادة 39 قبل التعديل، فلا يمكن للملاك المشتركين الاتفاق على تضمين نظام الملكية المشتركة حق الأفضلية إلا بالنسبة للعقارات المبنية المكونة من عشرين 20 رسما عقاريا مستقلا كحد أقصى.
غير أن ما يجب التنبيه إليه، هو أن استعمال عبارة “رسما عقاريا ” في الفقرة الأولى من المادة المذكورة هو استعمال مجازي ليس إلا، و أن النية الحقيقية المقصودة تنصرف إلى معنى الجزء المفرز، لسبب بسيط يكمن في سريان مقتضيات القانون 18.00 حتى على العقار غير المحفظ و ليس فقط على العقار المحفظ.
إذا ثبت هذا التنبيه، جاز لنا القول بأن نطاق حق الأفضلية من حيث موضوع التفويت هو نفس نطاق تطبيق القانون 18.00[10]، على أساس كون هذا الحق تجوز ممارسته في جميع الأحوال التي يكون فيها العقار المبني خاضعا لنظام الملكية المشتركة سواء كان في إطار عمارة واحدة أو في إطار إقامة أو مجموعة عقارية تضم عدة عمارات ، و سواء كان البناء عموديا أو أفقيا، و سواء كان العقار محفظا أو في طور التحفيظ أو غير محفظ. الشرط فقط أن لا يتعدى عدد الأجزاء المفرزة المكوِّنة له عشرين جزءا، و أن يمارس في مواجهة غير الأشخاص الذين تم استثناؤهم منه.
ثانيا : النطاق من حيث الأشخاص المُفوَّتِ لهم
إذا كان بالإمكان ممارسة حق الأفضلية في مواجهة المشتري لشقة خاضعة لنظام الملكية المشتركة، فإن هذا ليس على إطلاقه، ذلك أن المادة 39 استثنت بعض الأشخاص من دائرة المشفوع منهم، ويتعلق الأمر بما يلي:
- المكتري المتملك سواء بمفهوم المادة 431 من مدونة التجارة أو بمفهوم المادة الثانية من القانون رقم 51.00 المتعلق بالإيجار المفضي إلى تملك العقار. و الراجح – في اعتقادنا- أن استثناء المكتري المتملك يجد تبريره في الطابع المركب لعقدي الإيجار الائتماني و الإيجار المفضي إلى تملك العقار؛ اذ كلاهما يبتدئ بعقد كراء يمكن أن ينتهي بتفويت.
- زوج أو فرع أو أصل أو أخ المفوت، مع الإشارة إلى أنه بالنسبة للأصل و الفرع كان يجب تحديد الدرجة أو الاقتصار على الدرجتين الأولى و الثانية. أما بالنسبة للزوجة فيمنع ممارسة حق الأفضلية في مواجهتها في حالة شرائها و في حالة تقديم الجزء المفرز كصداق لها.
لكن هل يستفيد الملاك المشتركون من حق الأفضلية في حالة تفويته لشريك منهم؟
بالرغم من أن نص المادة جاء مطلقا و لم يستثن التفويت لأحد الملاك المشتركين، غير أن النظر في الغاية التي شرع لأجلها هذا الحق و هي دفع ضرر الأجنبي و الحفاظ على الود و الانسجام الحاصل بين الملاك المشتركين، يمنع من ممارسته في مواجهة المشتري المالك المشترك.
المحور الثاني : ممارسة حق الأفضلية
حتى يثبت للمالك المشترك حقه في استرداد الشقة المفوتة لغيره، يجب عليه أن يمارس حقه داخل أجل محدد (أولا) و وفق إجراءات مضبوطة (ثانيا).
أولا : أجل ممارسة حق الأفضلية
ترك المشرع كامل الحرية لاتحاد الملاك في ضبط و تنظيم حق الأفضلية عند وضع نظام الملكية المشتركة، غير أن الاطلاع على بعض الأنظمة يسمح بالقول أن أغلبها، حتى لا نقول كلها، وضعت وفق نموذج واحد يتم الاقتصار فيه، في الباب المتعلق بحقوق الملاك و التزاماتهم، على إعادة ترديد و نقل عبارات المادة 39 من القانون 18.00 (في صيغتها القديمة)[11]. و أمام هذه الممارسة غير السوية، يبدو من المشروع التساؤل عن إمكانية تطبيق الآجال المتعلقة بالشفعة؟
لا خلاف في وجوب تطبيق النص العام عند سكوت النص الخاص، ولا خلاف أيضا في وجوب تطبيق القواعد المكملة عند سكوت الأطراف عما يخالفها، لذلك يمكن القول بأنه في الحالة التي يحجم فيها نظام الملكية المشتركة عن التنصيص على أجل ممارسة حق الأفضلية، فإنه يتعين الرجوع إلى مقتضيات المادة 304 م ح ع و ليس إلى مقتضيات الفصلين 974 و 976 ق ل ع؛ على اعتبار أن المدونة منذ دخولها حيز التنفيذ أصبحت تطبق بالأولوية فيما سكتت عنه القوانين الخاصة المتعلقة بالعقار.
و عليه، وحيث إن مسألة الأجل كانت محل دراسة و مناقشة[12]، لذلك لا نرى ما يستدعي الاستطراد بإعادة مناقشتها و يكفي أن نشير في هذا الصدد فقط إلى بعض الجوانب التي تقتضي مزيدا من التدقيق و الملائمة مع طبيعة حق الأفضلية.
أما الجانب الأول، فيتعلق بمدى إمكانية النص بنظام الملكية المشتركة على أجل يقل أو يفوق ذلك الذي تضمنته المادة 304 م ح ع؟
نظرا للطابع الاستثنائي لحق الأفضلية الذي يقيد مبدأ الحرية التعاقدية و يمس مبدأ استقرار المعاملات، و نظرا أيضا لكون شبهة الشياع لا تتوافر فيه بالوضوح الكافي كما هو الشأن بالنسبة للشفعة، فإن أحكام هذا الحق يجب فهمها فهما ضيقا و يمنع التوسع في تأويلها. و ينتج عن هذا أنه بإمكان اتحاد الملاك تضمين نظام الملكية المشتركة آجالا تقل عن ما هو مقرر بمقتضى المادة المذكورة صدره، غير أنه لا يمكن تقرير آجال تفوق تلك المدة القانونية.
أما الجانب الثاني فيتصل بكيفية احتساب الآجال؛ بمعنى متى يبدأ أجل الثلاثين يوما أو السنة أو الأربع سنوات و متى ينتهي؟
معلوم أن مناط انطلاق أجل ممارسة حق الأفضلية هو العلم بالتصرف الموجب له؛ فمتى علم المالك المشترك بوقوع التصرف و تيقن من وجوده عن طريق التبليغ الذي وصله من المشتري المقيد بالرسم العقاري أو صاحب الإيداع بمطلب التحفيظ ، فإنه يجب عليه أن يعلن رغبته في ممارسة حقه خلال ثلاثين يوما من تاريخ توصله بالتبليغ.
و جدير بالذكر أن العبرة بالتبليغ لا بعلم المالك المشترك، و على ذلك فإن أجل الثلاثين يوما لا يسري في مواجهته إلا من تاريخ تسليم التبليغ إليه شخصيا، و لا يستطيع البائع أو المشتري أن يحتج في مواجهته بعلمه بوقوع البيع. ففي مثل هذه الأحوال يؤخذ بالعلم القانوني لا بالعلم الواقعي[13].
و غني عن البيان، أن احتساب أجل الثلاثين يوما يتم وفقا لما تقضي به قواعد قانون المسطرة المدنية، لذلك فهو أجل كامل لا يحسب فيه اليوم الأول و الأخير و إذا صادف آخر الأجل يوم عطلة امتد إلى أول يوم عمل يليه، كما ينبغي أن تضاف إليه مدة المسافة عند الاقتضاء.
أما إذا لم يبلغ صاحب حق الأفضلية أو أن التبليغ إليه وقع باطلا، و تم تقييد العقد بالرسم العقاري أو إيداعه بمطلب التحفيظ، ففي هذه الحالة يجب عليه أن يعلن عن رغبته في ممارسة حقه خلال سنة من تاريخ التقييد أو الإيداع و إلا سقط حقه؛ فقرينة العلم بالبيع في جانبه قرينة قاطعة غير قابلة لإثبات العكس. أما إذا كان الجزء المفرز المبيع غير محفظ فإن أجل السنة يحتسب من تاريخ العلم بالبيع.
بقي في الأخير أن نتساءل عن مدى إمكانية تطبيق حكم الفقرة الأخيرة من المادة 304 م ح ع في الحالة التي لا يتم فيها تقييد العقد بالرسم العقاري أو إيداعه بمطلب التحفيظ؟
شرعية التساؤل تجد سندها في ترتيب الفقرة بالمادة المذكورة، على أساس أنه تم الحديث في الفقرة التي تسبقها عن أجل السنة بالنسبة للعقار المحفظ و غير المحفظ في الحالة التي يتحقق فيها العلم اليقيني، و الفقرة الأخيرة أفردت للعلم الإفتراضي دون تحديد لطبيعة العقار حيث يكون أجل سقوط الشفعة أربع سنوات من تاريخ العقد.
الراجح في تقديرنا، أنه لا يمكن تطبيق حكم الفقرة المذكورة على العقار المحفظ، على اعتبار أن المشرع ربط ممارسة حق الأفضلية بضرورة تقييد العقد بالرسم العقاري؛ فقد جاء في المادة 295 م ح ع أنه “…..، إذا كان العقار محفظا يتعين عليه (أي طالب الشفعة) إثبات تقييد البيع بالرسم العقاري”. أما بالنسبة للعقار الذي في طور التحفيظ، فإحجام المشتري عن إيداع عقده بمطلب التحفيظ هو احتمال ضعيف، لأنه يبقى مهددا بخطر قاعدة التطهير مع العلم أن المفترض في عمر مسطرة التحفيظ ألا يتعدى عشرة أشهر. الأكثر من هذا و ذاك أن الفقرة الأخيرة تحدثت عن العلم الذي اشترط لممارسة الشفعة في العقار غير المحفظ، و ليس التقييد أو الإيداع.
و هناك إشكال آخر مرتبط بالعقار في طور التحفيظ؛ إذ يقع أن يتداخل أجل المسطرة مع الأجل المنصوص عليه بالمادة 305 م ح ع، خاصة أجل السنة، و مقتضى ذلك حالتين:
الحالة الأولى هي التي يعمد فيها المشتري إلى إيداع شرائه طبقا للفصل 84 من ظهير 12 غشت 1913 المتعلق بالتحفيظ العقاري كما تم تغييره و تتميمه، و الفرض لا يخرج عن ثلاثة أوضاع؛ الأول يتصل بالإيداع الذي يتم قبل بدء أجل انتهاء التعرضات، وهنا في اعتقادنا يطبق أقصر الأجالات ذلك أن العلم و بالتالي بدء احتساب الأجل وقع بمجرد إيداع العقد؛ فإذا وقع انقضاء السنة قبل أجل التعرضات و لم يمارس صاحب حق الأفضلية رخصته سقطت، أما اذا لم يمارس حقه إلا بعد انقضاء أجل التعرضات فلا يعتد بطلبه ولو كان أجل السنة لم يكتمل. أما الوضع الثاني فيتصل بالإيداع الذي يتم أثناء سريان أجل انتهاء التعرضات، و فيه يرى البعض[14] – عن حق – أن أجل التعرضات يجُبُّ أجل الشفعة و يجرده من قيمته… وعليه ينحصر أجل الشفعة إلى يومين في حالة إيداع العقد قبل يومين من انتهاء أجل التعرضات. هذا مع الإشارة إلى أنه بإمكان صاحب حق الأفضلية الذي باغته قِصَر الأجل، طلب فتح أجل استثنائي للتعرضات من المحافظ على الأملاك العقارية تطبيقا للفصل 29 من ظ ت ع. أما الوضع الثالث فهو الذي يعمد فيه المشتري إلى إيداع شرائه بعد انصرام أجل التعرضات، و هنا لا يمكن مواجهة صاحب حق الأفضلية بانتهاء أجل المسطرة، على اعتبار أن الأجل الواجب العمل به ليس هو أجل مسطرة التحفيظ بل هو أجل السنة الذي يبتدئ من تاريخ الإيداع[15].
و بخصوص الحالة الثانية التي يتنازع فيها أجل المسطرة مع أجل الشفعة، فتتمثل في سلوك المشتري – أثناء سريان المرحلة الإدارية للتحفيظ [16]– طريق الخلاصة الإصلاحية للإعلان عن شرائه بمطلب التحفيظ، حيث يصبح هو طالب التحفيظ إلى جانب باقي الملاكين المشتركين، على أنه إذا كان أجل التعرضات قد انتهى فيجب إعادة فتحه في حدود الحق المعلن عنه بنشر إعلان جديد عن انتهاء التحديد؛ فقد جاء في الفصل 83 ظ ت ع أنه “بغض النظر عن المسطرة المقررة في الفصل 84 من هذا القانون، يمكن لصاحب حق وقع إنشاؤه أو تغييره أو الإقرار به أثناء مسطرة التحفيظ أن يطلب نشره بالجريدة الرسمية بعد إيداع الوثائق المثبتة للحق بالمحافظة العقارية.
….”
و الأجل المعتبر في نظرنا، و الذي يتعين خلاله على صاحب حق الأفضلية ممارسة حقه هو شهرين و ليس سنة، على اعتبار أن المنازعة في الحق الذي وقع إشهاره بهذه الطريقة يَلزمُ أن تحتكم حصرا لما تفرضه مسطرة التعرض، لاسيما أن العلم بالبيع متحقق في جانب الملاك المشتركين و هو مفترض في هذا الفرض. و لعل ما نقترحه من حل، فضلا عن كونه يوازن بين مصلحة كل من صاحب حق الأفضلية و المشتري من حيث تحقق العلم في جانب الأول و عدم تجميد حقوق الثاني لفترة طويلة، فإن من شأنه وضع حد للخلاف بخصوص تاريخ انطلاق الأجل، هل هو تاريخ قبول الطلب أم تاريخ إشهاره بالجريدة الرسمية[17]، فتكون العبرة بهذا الأخير. هذا و ينبغي التنبيه إلى أنه في الحالة التي يتم فيها نشر الخلاصة الإصلاحية طبقا للفصل المذكور قبل بدئ أجل التعرضات فيجب الأخذ بالأجل الأقصر.
ثانيا: إجراءات ممارسة حق الأفضلية
إن حق الشفعة، كما يقول أستاذنا محمد شيلح، لا ينشأ و يتكون بمجرد بيع الشريك حصة شائعة لأحد من الأغيار و إنما يتكون تدريجيا بتنفيذ شروطه الواجب توافرها لممارسة الشفعة، إذ أن هذه الشروط تشكل في الحقيقة أركانا “للحق” تدخل في تكوينه و لا تتم الشفعة إلا بها[18].
و الحقيقة، أن حق الأفضلية، باعتباره ضربا من الشفعة إن لم يكن هو ذاتها من حيث النتيجة التي تنتهي إليها، لا يشذ عن القول أعلاه و يتعين بالنتيجة عل العازم على استرداد الشقة أو المحل موضوع التفويت أن يجسد عزمه هذا في أداء أو إيداع ثمن البيع بكامله و كذا جميع المصروفات الظاهرة للعقد.
و إذا كان لا بد من إعادة ما قيل في شأن إيداع الثمن و المصاريف[19]، فحسبنا أن نقتصر على مناقشة الوقت الذي يجب فيه إيداع الثمن و المصروفات الظاهرة للعقد ؟
مادام أن المادة موضوع دراستنا جاءت خالية من أية إشارة إلى الأجل المضروب للشريك العازم على استرداد الشقة من أجل إيداع الثمن و المصروفات الظاهرة للعقد ، و مادام أن جل-إن لم نقل كل- أنظمة الملكية المشتركة المعمول بها تقتصر فقط على نسخ عبارات المادة 39 لا أقل و لا أكثر، فإنه لا مناص من الرجوع إلى الأحكام العامة للشفعة. و هكذا فقد جاء في المادة 306 م ح ع أنه “يجب من يرغب في الأخذ بالشفعة أن يقدم طلبا لرئيس المحكمة الابتدائية المختصة يعبر فيه عن رغبته في الأخذ بالشفعة، ويطلب فيه الإذن له بعرض الثمن و المصروفات الظاهرة للعقد عرضا حقيقيا ثم بإيداعهما في صندوق المحكمة عند رفض المشفوع منه للعرض العيني الحقيقي، و أن يقوم بكل ذلك داخل الأجل القانوني و إلا سقط حقه في الشفعة“.
الملاحظ من خلال قراءة هذه المادة أن الشفيع ملزم بالقيام بمجموعة من الإجراءات بما فيها عرض أو ايداع الثمن و المصروفات الظاهرة للعقد داخل أجل قانوني لم يتم تحديده، فهل المقصود به الأجل المتحدث عنه في المادة 304 م ح ع، و هذا معناه أن الشفيع يمكن أن يعبر عن رغبته في الشفعة بمجرد بداية أجل السنة غير أنه غير ملزم بالإيداع أو العرض إلا إذا طلب منه ذلك[20].
رفعا لأي لبس، و تطبيقا للفقرة الثانية من المادة الأولى من م ح ع التي تجعل من قانون الالتزامات و العقود مصدرا احتياطيا في كل ما سكتت عنه المدونة، يمكن القول أنه يتعين على الشفيع (صاحب حق الأفضلية)، بمجرد استصداره للحكم الاستعجالي الآذن له بإيداع عروض الشفعة، أن يقوم داخل أجل ثلاثة أيام بإيداع الثمن و مصروفات العقد الظاهرة بصندوق المحكمة، دون الالتفات إلى المدة المتبقية من الأجل الوارد بالمادة 304 م ح ع. و الكل عملا بمقتضيات الفصل 974 ق ل ع الذي تم تكريسه في غير ما مرة قضاءا[21].
إذا كان هذا هكذا، قلنا أنه إذا تعلق حق الأفضلية بملكية مشتركة في طور التحفيظ فإن المالك المشترك مطالب، بالإضافة إلى ما سبق ذكره، بتجسيد عزمه بتقديم تعرض ضد مطلب التحفيظ أو ضد الإيداع[22]. غير أن اختيار المشرع لمسطرة التعرض يطرح مجموعة من الصعوبات على مستوى تنزيله؛ إذ يقع – كما سبق توضيحه – أن يتم إيداع عقد التفويت طبقا للفص 84 ظ ت ع بعد انصرام أجل التعرضات، و الأدهى أن يتم الإيداع بعد إحالة ملف مطلب التحفيظ على المحكمة، فما العمل؟ و قد يقع أن يكون ملف مطلب التحفيظ انتهى أجل التعرض بشأنه و غير مثقل إلا بالتعرض المجسد للمطالبة بحق الأفضلية، فهل هذا يشكل مانعا للمحافظ من اتخاذ قرار التحفيظ و مسوغا لإحالة كامل الملف للمحكمة؟
يرى ذ حسن فتوخ أن ” التعرض على الإيداع لا يعتبر تعرضا عاديا و لا تعرضا استثنائيا، و إنما هو تعرض من نوع خاص غير مقيد بأي أجل، و يمكن ممارسته من طرف الشفيع داخل أجل السنة من تاريخ إيداع المشفوع منه لعقد شرائه، و قبل اتخاذ المحافظ لقرار التحفيظ، لأن أهم أثر يترتب عن هذا القرار هو تطهير الملك المحفظ من جميع المنازعات و الحقوق غير المضمنة به أثناء سريان مسطرة تحفيظه رغم أن أجل السنة لممارسة الشفعة من طرف الشفيع لازال لم ينصرم بعد”[23]. و يذهب الأستاذ أبعد من هذا في القول بأنه ليست هناك أية جهة إدارية أو قضائية مختصة لقبول التعرض في المرحلة القضائية للتحفيظ[24] .
الواقع، أن هذا الرأي إن حصل و صادفه الصواب من حيث كون قبول التعرض على الإيداع غير مقيد بانصرام أجل التعرضات، فإن فيه ضرر كبير بمصلحة الشفيع بحرمانه من أجل المسطرة و أيضا من أجل الشفعة، بل و يفتح الباب أمام سيئي النية للتحايل عن طريق الاحتفاظ بعقودهم و عدم إيداعها إلى غاية الأيام القليلة التي تسبق قرار التحفيظ.
و نعتقد أن إلزام المشرع للشفيع بالتعرض للمطالبة بحق الأفضلية لا يجب حمله على المفهوم الوارد بظهير التحفيظ العقاري على الأقل فيما عدا حالة الإيداع طبقا للفصل 83 ، نظرا لأن الشفعة في حقيقتها لا تنطوي على منازعة في الملك أو حدوده أو نطاقه و إنما تنطوي على استرداد المبيع، و إلا فالفصل 23 ظ ت ع يكفي دون حاجة للمادة 305 م ح ع. و حتى على مستوى نظر المحكمة في الدعوى فيغلب عليه الجانب الشكلي إذ يقتصر على بحث توافر شروطها للنطق باستحقاقها. و في هذا الصدد يؤكد البعض أن التعرض من أجْل الشفعة ما هو إلا شرط من شروط صحة تقديم الدعوى لا إخراجا لها من قانونها الخاص و الملائم و إدخالها في قانون عام كقانون التحفيظ العقاري[25].
تأسيسا على ما سبق، يمكن القول أن هذا النقاش و الإشكالات المرتبطة به، كان يمكن تجاوزه لو أن العزم على ممارسة حق الأفضلية (حق الشفعة) تم تجسيده في صورة إيداع طبقا للفصل 84 من ظ ت ع، كما هو الحال بالنسبة لمشروع نزع الملكية للمنفعة العامة[26]. و هو توجه من شأنه حل مشكل تنازع أجال حق الأفضلية (الشفعة) مع أجل مسطرة التحفيظ، و فتح إمكانية اتخاذ قرار التحفيظ عند استكمال جميع الإجراءات و خلو مطلب التحفيظ من أي تعرض.
خاتمـــة
يمكن القول عموما، إن الطبيعة الاستثنائية لحق الأفضلية باعتباره خروجا عن المألوف في العقود من حرية التعاقد و في المعاملات من ضرورة استقرارها، هي التي أملت علينا الجنوح في أغلب الأحيان إلى تقييد أحكامه و عدم إخضاعها بشكل آلي لما هو متداول بالنسبة لأحكام الشفعة. غير أنه إذا كان لا ضرر في استمرار تبني المشرع لهذه المؤسسة رغم قلة- حتى لا نقول عدم- اللجوء إليها من طرف الملاك المشتركين، ربما لقناعته بوجود بعض الملكيات المشتركة ذات الطابع العائلي أو الطابع التكافلي التعاوني عند بناءها و توزيع الشقق في إطارها، فإن الأمر الذي يستعصي على الفهم، أن الفقه و القضاء مجمع على أن أحكام الشفعة تتعلق بالنظام العام، في حين أن الفصل 39 يجعل تنظيم حق الأفضلية بيد الملاك المشتركين يدبرونه كيفما اتّفِق. و قد كان الأولى أن تتم الإحالة على مدونة الحقوق العينية أو تضمين تلك الأحكام بالنظام النموذجي .
الهوامش :
[1] الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.16.49 بتاريخ 19 رجب 1437(27 أبريل 2016)، الجريدة الرسمية عدد 6465 المؤرخة في 9 شعبان 1437 (16 ماي 2016).
[2] سعى المشرع الى خلق نوع من الانسجام بين مقتضيات المادة 12 من القانون رقم 18.00 و مقتضيات المادة 4 من القانون رقم 39.08 المتعلق بمدونة الحقوق العينية على الأقل في فقرتهما الأخيرتين، فقد جاء في المادة الأولى (أي المادة 12) في صيغتها الجديدة أنه ” تصحح إمضاءات الأطراف من لدن السلطات المختصة، و يتم التعريف بإمضاء المحامي المحرر للعقد من لدن رئيس كتابة الضبط بالمحكمة الابتدائية التي يمارس بدائرتها في سجل خاص يحدد بمقتضى قرار لوزير العدل”.
[3] يرى البعض أنه لم تكن هناك حاجة إلى الفقرة المضافة إلى المادة الأولى، على اعتبار أن عموم صياغة الفقرة الثانية تدل دلالة واضحة على سريان أحكام القانون رقم 18.00 على المجموعات العقارية بمختلف مظانها عمارات ، فيلات… امبارك السباغي: قراءة في قانون الملكية المشتركة للعقارات المبنية، جريدة الصباح assabah.ma/64731
من جهة أخرى، فقد اعترى بعض مواد هذا القانون عدم الدقة إن لم نقل التناقض أنظر مثلا المادة 13 التي حددت تاريخ نشوء اتحاد الملاك ابتداء من تاريخ تقييد أول تفويت للملك الخاضع للملكية المشتركة، في حين نصت المادة 53 على أنه : ” يقيد تلقائيا الرسم العقاري الأصلي إذا صار لا يخص إلا الأجزاء المشتركة في اسم اتحاد الملاك مباشرة بعد تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة”، فكيف يمكن تصور نقل ملكية الرسم العقاري الأصلي لإتحاد الملاك الذي لم يولد بعد نظرا لعدم تقييد أي تفويت لجزء مفرز، بمجرد تأسيس الرسوم العقارية الخاصة بالأجزاء المفرزة ، اللهم في حالة اقتران عملية التأسيس بعملية التفويت.
كذلك، إن النص الجديد قد أغفل بعض القرارات التي يمكن أن تكون حاسمة في تدبير الملكية المشتركة كالقرار المتعلق مثلا بتحفيظ العقار حالة كون الملكية المشتركة مطبقة على عقار غير محفظ.
[4] نص المشرع التونسي في الفصل 101 من مجلة الحقوق العينية أنه ” لا شفعة في ملكية الطبقات”.
[5] المتتبع للمسار التشريعي يلاحظ أن النية متوجهة نحو إلغاء حق الأفضلية و لكن بشكل تدريجي، ذلك أنه في ظل الفصل 27 من قانون 16 نوفمبر 1946 كان هذا الحق يقوم بحكم القانون، في حين صار بموجب المادة 39 من قانون 18.00 قبل التعديل اتفاقيا يجب أن يتم التنصيص عليه بنظام الملكية المشتركة، ليتم في الأخير ـ بمقتضى التعديل الذي لحق المادة المذكورة بالقانون 106.12ـ تقييد حرية الملاك المشتركين في التنصيص على حق الأفضلية بمجموعة من القيود التي تهدف التضييق من نطاقه، كما سيتم بيانه في حينه.
[6] ما يجب التنبيه إليه في هذا المقام أن المادة 39 أجازت حق الأفضلية و لو كان التصرف بالمعاوضة عكس ما جاء في المقتضيات المنظمة للشفعة بمدونة الحقوق العينية التي نجدها تؤكد على البيع فقط كتصرف يبح ممارستها.
[7] راجع بخصوص هذه الصيغ القانون رقم 103.12 المتعلق بمؤسسات الائتمان و الهيئات المعتبرة في حكمها، الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.14.193 المؤرخ في فاتح ربيع الأول 1436 ( 24 ديسمبر 2014)، الجريدة الرسمية عدد 6328 بتاريخ فاتح ربيع الآخر 1436 (22 يناير 2015).
[8] تنص هذه المادة على أنه “إذا بيعت الحصة المشاعة في المزاد العلني وفق الاجراءات المنصوص عليها في هذا القانون فلا يجوز أخذها بالشفعة”.
[9] عرفت المادة 58 من القانون رقم 103.12، المرابحة بأنها ” كل عقد يبع بموجبه بنك تشاركي، منقولا أو عقارا محددا و في ملكيته، لعميله بتكلفة اقتنائه مضاف إليها هامش من ربح متفق عليهما مسبقا.
…….”
كما حدَّت نفس المادة الإجارة بأنها ” كل عقد يضع بموجبه بنك تشاركي، عن طريق الإيجار، منقولا أو عقارا محددا و في ملكية البنك تحت تصرف العميل قصد استعمال مسموح به قانونا.
تكتسي الإجارة أحد الشكلين التاليين:
ـ إجارة تشغيلية عندما يتعلق الأمر بإيجار بسيط
ـ إجارة منتهية بالتمليك عندما تنتهي الإجارة بتحويل ملكية المنقول او العقار المستأجر للعميل تبعا للكيفيات المتفق عليها بين الطرفين”
[10] جاء في المادة الأولى كما تم تغييرها بالقانون 106.12 ما يلي ” تسري أحكام هذا القانون على العقارات المبنية المقسمة إلى شقق أو طبقات أو محلات و المشتركة ملكيتها بين عدة أشخاص و المقسمة إلى أجزاء يضم كل منها جزءا مفرزا و حصة في الأجزاء المشتركة.
كما تسري هذه الأحكام على المجموعات العقارية المبنية المؤلفة من عمارات أو فيلات أو محلات، متلاصقة أو منفصلة، و المقسمة إلى أجزاء مفرزة و أجزاء مشترك مملوكة على الشياع لمجموع الملاك.
و تسري هذه الأحكام على العقارات سواء أكانت محفظة أو في طور التحفيظ أو غير محفظة.”
[11] ما يثير الانتباه في هذا المقام أن النظام النموذجي للملكية المشتركة جاء خلوا من أي إشارة تتعلق بحق الأفضلية. صدر بتحديده المرسوم رقم 2.17.354 بتاريخ 03 صفر 1439 (23 أكتوبر 2017)، الجريدة الرسمية عدد 6635 بتاريخ 01 يناير 2018.
[12] أنظر مثلا سمير مستمير: إشكالية آجال الشفعة في التشريع المغربي، رسالة لنيل دبلوم الدراسات العليا المعمقة، نوقشت بكلية العلوم القانونية والاقتصادية و الاجتماعية بالدار البيضاء، السنة الجامعية 1998-1999.
امبارك بوطلحة: أحكام الشفعة في التشريع المغربي، مقال منشور بالمجلة الالكترونية “مغرب القانون”، (maroclow.com) تاريخ 10 أكتوبر 2018.
[13] عبد العزيز توفيق، حق الأفضلية في الملكية المشتركة للشقق، مقال منشور بمجلة المحاكم المغربية، عدد 86، ص 35
[14] يوسف مختري: حماية الحقوق الواردة على العقار في طور التحفيظ، مجلة القضاء المدني –سلسلة أعمال جامعية-،الطبعة الأولى، ص 151.
[15] قد يعترض البعض بالقول أن ممارسة حق الشفعة بالنسبة للعقار في طور التحفيظ ربطه المشرع بايداع التعرض، و في الوضع الذي نحن بصدده هذه الإمكانية غير متاحة خصوصا في حالة اتخاذ قرار التحفيظ. ان كلمة “التعرض” الواردة في المادة 305 م ح ع هي، من وجهة نظر خاصة سيتم تبريرها في حينه، في غير موضعها و لا يمكن حملها بمعناها الحقيقي. انظر النقطة الثانية من هذا المحور.
[16] إذ من المسلم به قانونا أن إحالة ملف مطلب التحفيظ على أنظار القضاء للبت في التعرضات المثارة في شأنه، يغل يد المشتري في اختيار مسطرة الفصل 83 من ظهير 12 غشت 1913 للإعلان عن شرائه.
[17] راجع في شأن هذا الاختلاف يوسف مختري، م س، ص150
محمد خيري، الشفعة و آجالها بين العقار المحفظ و العقار غير المحفظ و العقار في طور التحفيظ، مقال منشور بمجلة محاكمة، عدد 3، سنة 2007، ص 31
[18] محمد شيلح، مق.س، ص 124
[19] للتوسع أكثر أنظر محمد بن معجوز: أحكام الشفعة في الفقه الإسلامي و التقنين المغربي المقارن أطروحة، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، 1985، ص 463 و ما يليها.
محمد شيلح، مق.س، ص 124
[20] صدر لمحكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) القرار عدد 131 بتاريخ 29 يناير 1985 جاء فيه ما نصه: ” لا محل لتطبيق مقتضيات الفصل 974 من قانون الالتزامات و العقود، لأن أحدا من الطرفين لم يقل أن المتنازع في شأنه محفظ و إذن فالفقه الإسلامي الصرف هو الواجب التطبيق، و عليه فإن الشفيع لا يلزم بإيداع الثمن إلا عندما يطلب منه ذلك، كأن يعرض عليه المشتري الأخذ بالشفعة، و يؤجله القاضي ليضع الثمن”. المجموعة الكاملة لمجلة قضاء المجلس الأعلى، العدد 37/38 – 1986
[21] انظر على سبيل المثال قرار محكمة النقض (المجلس الأعلى سابقا) عدد 44 بتاريخ 28 يناير 1978، أورده محمد شيلح، مق.س، ص122.
[22] المادة 305 م ح ع.
كما تنص الفقرة ” 3 من الفصل 23 من ظ ت ع ” …..3- في حالة المنازعة في حق وقع الإعلان عنه طبقا للفصل 84 من هذا القانون”
[23] حسن فتوخ : شفعة العقارفي طور التحفيظ عن طريق التعرض في ضوء قانون 14.07 و مدونة الحقوق العينية، مقال منشور بالمجلة الإلكترونية مغرب القانون (maroclow.com) بتاريخ 27 أكتوبر 2017.
[24] المقال نفسه.
[25] امبارك السباغي:قراءة في الفصل 305 من مدونة الحقوق العينية، جريدة الصباح، الموقع الإلكتروني assabah.ma/64731
[26] ينص الفصل 12 من القانون 7.81 المتعلق بنزع الملكية للمنفعة العامة و بالاحتلال المؤقت على أنه : “يودع كذلك مشروع مقرر التخلي لدى المحافظة على الأملاك العقارية التابع لها موقع العقارات.
و بناءا على هذا الإيداع يتعين على المحافظ على الأملاك العقارية تسليم نازع الملكية شهادة تثبت أن مشروع المقرر المذكور قد قيد ( و نضيف أو أودع):
……
– و إما إذا كان الأمر يتعلق بعقارات في طور التحفيظ، في سجل التعرضات عملا بالفصل 84 من الظهير الشريف المذكور،…..”