توفيق فاطمي: إصدار جديد يرصد دور الاجتهاد القضائي في تحقيق الأمن العقاري بالمغرب
صدر مؤخرا للدكتور توفيق فاطمي مستشار بمحكمة الاستئناف بوجدة، كتاب تحت عنوان:
” دور الاجتهاد القضائي في تحقيق الأمن العقاري”
وصدر المؤلف عن مطبعة الأمنية بالرباط، إذ يقع الكتاب في 391 صفحة. ويتكون من بابين، الباب الأول تحت عنوان: تجليات مساهمة التشريع والاجتهاد القضائي في تحقيق الأمن العقاري؛ عالج المؤلف في هذا الباب من خلال فصلين مختلف مظاهر تكريس الأمن العقاري في ظهير التحفيظ العقاري (الفصل الأول). مع رصد لمؤشرات الأمن العقاري في ضوء مدونة الحقوق العينية والقوانين العقارية الخاصة (الفصل الثاني). أما الباب الثاني فقد عمد فيه المؤلف إلى رصد مظاهر اختلال المنظومة التشريعية العقارية وآثارها على الأمن العقاري. مركزا في الفصل الأول على تشريح قصور المنظومة التشريعية ومحدودية الاجتهاد القضائي في علاقتهما بمفهوم الأمن العقاري. اما الفصل الثاني من هذا الباب فقد خصص للحديث بتركيز عن ظاهرة تعدد المنظومة القانونية المغربية وتأثيرها على مرتكزات الأمن العقاري.
وقد قدم للمؤلف عميد القانون العقاري في المغرب أستاذ التعليم العالي بكلية الحقوق بوجدة ومدير نشر مجلة فضاء المعرفة القانونية الدكتور إدريس الفاخوري حيث جاء في كلمته على ضوء هذا المؤلف ما نصه:
“إن الملكية العقارية تشكل مجالا خصبا للمنازعات بين الناس وهي منازعات تمس جميع أصناف العقار خاصة العقارات غير المحفظة، كما أن القضايا العقارية والاستثمار في المجال العقاري عرف تطورا كبيرا لم تعد الترسانة القانونية رغم تضخمها قادرة على مواكبة هذه التحولات والتطورات الشيء الذي خلق صعوبات ومشاكل على مستوى التطبيق القضائي وعلى مستوى الجدل الفقهي، ولذلك تعد المنازعات العقارية بحق من أصعب وأكثر المنازعات المعروضة على القضاء المغربي نظرا لارتباطها بثروة ذات قيمة مالية معتبرة، ومن ثم فالعمل القضائي هو السبيل لتحقيق النجاعة للمقتضيات التشريعية نظرا للدور الحيوي الذي يقوم به القضاء في تحقيق عدالة عقارية وإنصاف ذوي الحقوق.
إن العمل الذي أنجزه الباحث الأستاذ توفيق فاطمي يأتي انسجاما مع الرسالة الملكية الموجهة الى المشاركين في المناظرة الوطنية حول السياسة العقارية للدولة ودورها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية بالصخيرات يومي 8 و9 دجنبر 215 على أساس أن العقار يعتبر عامل انتاج استراتيجي ورافعة أساسية للتنمية المستدامة بمختلف أبعادها … والاكراهات والرهانات التي تواجهه تعد أمرا مشتركا بين مختلف الفاعلين والمهتمين به.
ولذلك تضيف الرسالة الملكية “… فإن معالجتها تقتضي اعتماد منظور شامل، يستحضر كافة الأبعاد القانونية والمؤسساتية والتنظيمية والإجرائية، ويراعي خصوصيات هذا القطاع، وطبيعة بنيته المركبة والمتشابكة الناتجة عن تداخل مجموعة من العوامل التاريخية والاجتماعية والاقتصادية “.
وهكذا عمد الباحث بجرأة علمية فائقة الى دراسة مختلف الأنظمة القانونية المؤطرة لموضوع بحثه طارحا إشكالية أساسية مفادها: إلى أي حد يساهم الاجتهاد القضائي في ضمان الأمن العقاري؟ وهل تساعد المنظومة القانونية العقارية الحالية في تجويد العمل القضائي والمساهمة في تحقيق الأمن القضائي؟ وهل استطاعت محكمة النقض توحيد العمل القضائي في المنازعات العقارية وبالتالي تحقيق الأمن العقاري؟ وهل الطعون القضائية تكرس الأمن العقاري؟ والى أي حد يمكن اعتبار المساطر القضائية معيقة للاستثمار …؟ هذه الاشكاليات وغيرها هي التي شكلت أهم محاور هذه الدراسة حيث اعتمد الباحث على الدراسات المنجزة في الموضوع سواء كانت ذات طابع أكاديمي من مستوى الأطروحات أو الرسائل الجامعية أو الأبحاث والدراسات الفقهية الوطنية منها والأجنبية، وتم توظيف عدة اجتهادات قضائية منشورة وغير منشورة صادرة عن محكمة النقض وعن مختلف محاكم المملكة، وخلص الباحث في النهاية إلى جملة من التوصيات والمقترحات.
ويسجل للباحث توفيق فاطمي تناوله لموضوع يكتسي أهمية بالغة ويمس قطاعا حيويا ويعد من أهم المرتكزات للتنمية الاقتصادية والاجتماعية باعتباره قطاعا ينصب على الثروة العقارية.
وقد احترم الباحث منهجية الكتابة في المواضيع القانونية وحافظ على الأمانة العلمية، كما أن أسلوب الباحث جيد ويتحكم في الصياغة، والهوامش المشار اليها تتفق ومنهجية البحث العلمي بالإضافة الى التحليل والتأصيل لمختلف الآراء والنظريات والأفكار المطروحة، ويتميز البحث المنجز أيضا بقوة شخصية الباحث من خلال إبداء الرأي الشخصي في العديد من المقتضيات المطروحة للنقاش، ومن مميزات هذا البحث أيضا غزارة المادة العلمية التي اعتمد عليها الباحث ووفرة المصادر والمراجع.
إن المؤلف الذي نضع له هذا التقديم “دور الاجتهاد القضائي في تحقيق الأمن العقاري” مرجع هام سيضاف للخزانة القانونية المغربية وهو مرجع لكل باحث ومهتم بقضايا العقار ببلادنا … فهنيئا للأستاذ توفيق فاطمي بهذا العمل المتميز مع متمنياتنا له بالتوفيق في رحاب العدالة وبالمزيد من التألق والعطاء والإشعاع العلمي.”
حري بالتنويه وكما جاء على لسان المؤلف الدكتور توفيق فاطمي أن:
“(… ) إن الترابط بين مفهومي الأمن العقاري والأمن القانوني، يدفعنا إلى التأكيد أن الأمن العقاري يشترط ضرورة تحقيق الأمن القانوني باعتباره جملة الآليات القانونية ضمن نظام قانوني تضمن للمتعامل مع العقار حقه في الاطمئنان على ملكه، وضمان استقرار معاملاته، ووضوح التزاماته في حالة النزاع.
وتحقيق الأمن العقاري معلق على دور القضاء في المجال العقاري، لأن آليات الأمن القانوني وحدها غير كافية لتحقيق الأمن العقاري ما لم تقترن بالأمن القضائي بوصفه الحارس للأمن القانوني والحامي لمبادئه وقواعده. بل إن دور القضاء يمتد إلى إشاعة الثقة بين الناس وطمأنتهم بفعالية القانون في حماية حقوقهم واستقرار معاملاتهم. لذلك؛ يعتبر الأمن القانوني والأمن القضائي وجهين لعملة واحدة، طالما أن الغاية من أحدهما متوقفة على الآخر، ولأن القانون الحي هو ما تصنعه المحاكم. ومن ثم؛ فإن فعالية الأمن القانوني مرهونة بالحرص على تطبيقه قضائيا. (…)”