تقرير عن فعاليات اللقاء الأول من سلسلة “تجارب قانونية” المنظم بدار الثقافة بالقصر الكبير
- إعداد : رضوان بنسليمان/منسق سلسلة “تجارب قانونية”.
استجابة لضرورة الإصلاح الشامل والعميق لمنظومة العدالة، وحتمية ملاءمة القوانين المتعلقة بالمنظومة القانونية والقضائية لروح العصر، وتعزيزا لأوراش التحديث المؤسسي والتنموي تحركت الآلة التشريعية بوثيرة سريعة في صيف سنة 2011 فجادت على البلاد بفيض من المتغيرات رشحت لها المنظومة القانونية والقضائية، وتوج عطاؤها بميلاد دستور جديد للمملكة، تم الاعتراف فيه بالضمانة الدستورية للحقوق والحريات.
ولما كان للحقوق والحريات هذه القدسية والمكانة، تحتم أن ينيط المشرع صلاحيات البت والفصل في المنازعات وتطبيق القانون لسلطة قضائية مستقلة مع ما يتطلبه ذلك من تحديد لأنواعها وأصنافها ودرجاتها ومراقبتها وتفتيشها، ولا ننسى ما يستتبع ذلك من بيان الأشخاص المناط بهم مهام الحكم وكذا الأجهزة والهيئات والهياكل الإدارية التي تساعدهم في مهامهم من كتاب للضبط ومفوضين قضائيين وباقي مساعدي العدالة من محامين وخبراء وتراجمة.
مما دفع المشرع إلى استصدار مخطط تشريعي، كان نصيب وزارة العدل منه 63 قانون بين قانونين تنظيميين هما القانون التنظيمي المتعلق بالمجلس الأعلى للسلطة القضائية والقانون التنظيمي المتعلق بالنظام الأساسي للقضاة وقوانين عادية ومراسيم يشكل أداة لتأطير عمل الحكومة على الصعيد التشريعي.
ففي هذا السياق جاء تنظيم فعاليات اللقاء الأول من سلسلة ” تجارب قانونية ” التي تولى السيد رضوان بنسليمان مهمة التنسيق من تأطير نادي قضاة المغرب ممثلا في رئيسه الأستاذ عبد اللطيف الشتنوف رفقة الرئيس السابق للنادي الدكتور ياسين مخلي عضو المرصد الوطني لاستقلال السلطة القضائية ومن تنظيم المركز المغربي للدراسات القانونية والسياسات العمومية بشراكة مع الكلية المتعددة التخصصات بالعرائش ممثلة بالسيد عبد اللطيف البغيل نائب العميد للكلية متعددة التخصصات بالعرائش، وتشريف لكل من مكونات جسم العدالة من السادة القضاة ولهيئة الدفاع وكتابة للضبط ولكافة أطر المهنية القضائية وجم غفير من الطلبة والطالبات الذين نكن لهم كل الشكر والامتنان بدار الثقافة لمدينة القصر الكبير يوم الجمعة 30 دجنبر 2017 في موضوع المستجدات القانونية والقضائية بالمغرب.
هذه البادرة تتوخى تعزيز المشاركة الفعالة في عملية بناء مجتمع جديد يستند إلى المبادرة والعمل على تعزيز وتبسيط المعلومة القانونية وتشجيع التفاعل بين الطلبة في إطار دينامية تداول المعلومة وتنظيم النقاش الفكري الهادف والبناء وتبادل الخبرات والتجارب في المجالات العلمية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية، وهي مناسبة تسعى من خلالها الجامعة الانفتاح على محيطها السوسيوثقافي وتحفيز المقاربة التشاركية بين الطلبة وتشجيع المبادرة كمنهج لممارسة الحرية ووسيلة لتطبيق العدالة الاجتماعية وتحقيق الشفافية واعتماد الحكامة، ونشر ثقافة السلم والسلام وبناء مجتمع التنمية والوحدة.
فعاليات الندوة:
استهل الكلمة رئيس المركز الذي رحب بالمحاضرين وشكر الحضور مركزا في كلمة مقتضبة على بيان أدوار المركز المغربي للدراسات القانونية والسياسات العمومية وسياق الاعلان عن تنظيم سلسلة ” تجارب قانونية ”
جاء بعده السيد عبد اللطيف البغيل نائب العميد بكلية المتعددة التخصصات بالعرائش الذي أعرب عن سعادته بالتواجد ضمن هذه الفعاليات القانونية المتميزة المنظمة من قبل طلبة وخريجي جامعة محمد السعدي وهي مناسبة للانفتاح السوسيوثقافي للجامعة مع محيطها وتثمين بناء الطالب باعتباره القوة المحركة في التغيير وتحقيق التنمية المستدامة في المجتمع بكلمة جامعة مانعة.
ثم أسندت مهمة تسيير الجلسة للدكتور ياسين مخلي الذي أنار هذه الندوة بالنقاش البناء وبمعرفته العميقة بدروب المستجدات القانونية التي تطرح نفسها في آفاق العدالة المغربية، محددا الإطار العام للندوة بالحث على عدم الخوض في ملفات رائجة أمام المحاكم وكذا الخوض في مسائل سياسية والاقتصار الحرفي على عنوان الندوة المستجدات القانونية والقضائية الثابت والمتغير فيها.
وتقدم ضيف اللقاء الأستاذ عبد اللطيف الشنتوف الذي استهل حديثه عن محطات فارقة من دفاع القضاة عن استقلالهم ونصبوا هدف ارجاع السمو والهيبة لمهنتهم واختاروا عدم الخنوع وعدم الرضوخ لعقلية الضيعة والقطيع والترهيب والترغيب والتأموا في جمعية مهنية تطبيقا للفصل 111 من الدستور أطلق عليها ” نادي قضاة المغرب ” من أجل أهداف سامية كفيلة بتحقيق المستقبل القضائي الزاهر في ظل جمعية قوية وفعالة ومسموعة الكلمة ومهيبة المواقف، قد تمثل مظاهر شطط الوزارة في نقط محصورة نذكر منها:
أولا: التضييق على حق القضاة في التعبير
استعرض المحاضران أن المشرع نص على حق القضاة في التعبير بما يتلاءم مع واجب التحفظ والأخلاقيات القضائية، وذلك اعمالا للمادة 111 من الدستور، ويلاحظ أن القانون الجديد وضع قيودا اضافية على حق القضاة في التعبير من قبيل ضرورة الحفاظ على سمعة القضاء وهيبته، وهو مصطلح فضفاض قد يؤدي إلى اجتثاث حق القضاة في التعبير من جذوره طالما يمكن تأويل أي انتقاد لبعض الاختلالات الموجودة في الجسم القضائي على أنه مس بسمعة القضاء وهيبته.
ثانيا: التضييق على حق القضاة في العمل الجمعوي
وأعرب المحاضران أن الدستور نص على حق القضاة في العمل الجمعوي بالانضمام إلى الجمعيات الموجودة أو تأسيس جمعيات مهنية جديدة، فإن القانون لجأ إلى تقييد عمل الجمعيات المهنية بضرورة مراعاة واجب التحفظ أيضا وهو ما يعتبر توسعا غير مبرر في القيود الدستورية الموجودة لا سيما وأن المادة 111 من الدستور لم تقيد حق القضاة في العمل الجمعوي سوى بمراعاة واجب التجرد واستقلال القضاء، ولا شك أن تقييد العمل الجمعوي للقضاة بواجب التحفظ طبقا للمشروع الجديد من شأنه أن يحول الجمعيات المهنية القضائية إلى جمعيات صامتة.
و قد ركز المحاضران في معرض حديثهما عن المستجدات القانونية والقضائية على نقاط كثيرة نحاول اجمالها كما يلي:
- استقلال النيابة العامة عن وزارة العدل؛
- الحديث عن مرفق الإدارة القضائية؛
- الحكامة القضائية واشكالية المحكمة الالكترونية.
1.استقلال النيابة العامة عن الوزارة المكلفة بالعدل:
فبخصوص النقطة الأولى المتمثلة في استقلال النيابة عن الوزارة المكلفة بالعدل، فقد أشار الدستور إلى كون النيابة هي جزء لا يتجزأ من الجسم القضائي مما يستتبع ذلك إلحاقهم بقضاة الحكم وإسناد رئاسة النيابة العامة إلى الوكيل العام للملك بمحكمة النقض، وتحويل الاختصاص له من طرف وزير العدل، مما أثار جملة اشكالات تتعلق بمدى سلطة الوكيل العام للملك لمحكمة النقض في ممارسة هذه السلطة على الوكلاء العامين للملك بمحاكم الاستئناف ووكلاء الملك بالمحاكم الابتدائية.
2.الحديث عن مرفق الإدارة القضائية:
تتشعب الاشكالات المرتبطة بمرفق الإدارة القضائية على أساس كثرة المتدخلين في عملية انتاج الأحكام والقرارات، وهذا في خضم مناقشة قانون التنظيم القضائي باعتباره القانون الذي ينظم الخريطة القضائية التي تعنى بالتوزيع الجغرافي للمحاكم وكذا تحديد توجهات الجهوية واللاتمركز، مما أصبح معه ضرورة إعادة ضبط التنظيم الترابي للمحاكم وكذا اختصاصها المحلي مع مراعاة الحقائق الجغرافية والديمغرافية والاقتصادية ومتطلبات فعاليات الإدارة القضائية وتسهيل الولوج إلى العدالة.
3.الحكامة القضائية واشكالية المحكمة الالكترونية:
تناول المحاضران في معرض حديثهما عن على الإدارة القضائية تحسين خدماتها الالكترونية والعمل على الاستجابة لحاجيات التواصل الالكتروني مع المهن القضائية، فقد أصبح استعمال التكنولوجيا الحديثة السمة الأساسية لمعظم مجالات الإدارة والتسيير، وذلك بالنظر لما تقدمه تقنيات الإعلام والاتصال من امكانات لرفع فعالية الإدارة القضائية واقتصاد الوقت والجهد، وهذا يعد من أهم مميزات الإدارة القضائية الجديدة ورافعة أساسية لعمل المهن القضائية.
ليفتتح باب النقاش والذي ساهم فيه حقوقيون وطلبة و مجتمع مدني، واختتم اللقاء يومه الجمعة 29 دجنبر 2017 على الساعة 8.30 مساءا بدار الثقافة بمدينة القصر الكبير.
صور من الندوة: